- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠1موضوعات مختلفة في التربية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزنا اتبعاه، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة المؤمنون:
حديث اليوم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
((لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه بالحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ))
وفي رواية للشيخين:
لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها.
أيها الأخوة الكرام:
كلمة الحسد وردت في القرآن الكريم:
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)﴾
فالحسد ثابت في القرآن الكريم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
إن العين لتضع الجمل في القدر، والرجل في القبر .
أي عين الحسود، بعض علماء القلوب يقولون: إن الحسد حينما تسري هذه العين الحاسدة يسري شعاعها إلى إنسان محسود غافل عن الله عز وجل، فالغافل إذا حسد أصابته عين الحسود، أما إذا كان معتصماً بالله وكان مستعيذاً به، ملتجئاً إليه، قولك أعوذ بالله ينتهي كل شيء يعنينا من هذا الكلام أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا حسد، الحسد في التعريف الدقيق أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك، كي تنصرف إليك أو إلى غيرك، على كلٍ أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك هذا حسد لا شك فيه، هذا حسد، وهناك حسد من نوع مثقل وهو أن تسعى عن طريق الوشاية، أو عن طريق المكر، أو عن طريق الإيقاع في أن تزيل هذه النعمة عن أخيك، إذاً الحسد في أصله تمني زوال النعمة، وفي فعله أن تسعى جاهداً كي تزيل هذه النعمة عن أخيك لتنصرف إليك أو إلى غيرك هذا هو الحسد.
وحينما قال عليه الصلاة والسلام: لا حسد، هذه إلا نافيه للجنس كي أن تقول لا إله إلا الله.
يعني من أشد أنواع النفي أن تستخدم لا النافية للجنس، يعني أيام إنسان يطرق بابه جاره يقول له هل من رغيف خبزٍ، باللغة الدارجة من شدة رغبتك أن تلبي جارك وليس عندك خبز إطلاقاً، تقول جنس الخبز لا أملكه، ما معنى جنس الخبر لا أملكه يعني لا الخبز ولا الكعك ولا خبز يابس ولا أي شيء من هذا القبيل.
فحينما نستخدم لا النافية للجنس هذا نفي مشدد، نفي مغلظ، وأعلى أنواع النفي أن تقول لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله، اللا النافية للجنس تنفي الجنس وفي لا تنفي المفرد، تقول لا طالب في الصف بل طالبةٌ، نفيت جنس الذكور، أما إذا قلت لا طالب في الصف بل طالبات في عندنا لا باللغة اسمها حجازية تنفي المفرد، بينما لا النافية للجنس تنفي الجنس.
فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما قال لا حسد، يعني جنس الحسد لا يمكن أن يكون عند المؤمن، مستحيل، لماذا ؟ لأنه مؤمن، لأنه مؤمن أن الله بيده كل شيء، وأن الله هو الغني، وأن الله هو الرزاق، وأن الله عادل فيما يعطي، لذلك ربنا عز وجل في القرآن قال:
﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾
كل إنسان له بنية خاصة، له شكل خاص، له أجهزة خاصة قد تكون أجهزته قوية، قد تكون ضعيفة، قد يكون له شكل وسيم، وقد يكون له شكل دميم، قد يكون له بشرة معينة، قد يكون له طول معين، قد يكون له بيت من نوع معين، بمساحة معينة، له عمل معين، بدخل معين فحينما يحسد الآخرين يعلن لهم أنني لا أعرف الله عز وجل، لأن الحسد أساسه جهل لله عز وجل، جهل بعدالته، جهل بحكمته، جهل بأن الدنيا فانية لا قيمة لها، الله سبحانه وتعالى وزع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء وسوف توزع هذه الحظوظ في الآخرة توزيع جزاء، فمادامت القضية مؤقتة، ما قيمة المال إذا كان موقتاً، ما قيمة السلطان، والقوة إذا كانت مؤقتة، ما قيمة الوجاهة إذا كانت مؤقتة، ما قيمة الوسامة والصحة، ما دام كل شيء إلى زوال، إذاً أنا ممتحن في هذه الدنيا، فالإنسان حينما يحسد لا يعرف الله عز وجل، ما عرف الله، ولا عرف طبيعة الحياة الدنيا، ولا عرف مهمته فيها، لأنه إذا عرف مهمته فيها أعرض عن الدنيا والتفت إلى الآخرة، وأخذ من الدنيا ما يكفيه، أخذ من الدنيا ما يعينه على أداء مهمته.
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا حسد، فلذلك الذي كان يطوف حول الكعبة، وكان يقول يا رب هل أنت راضٍ عني، قال له الإمام الشافعي وكان وراءه، قال: يا هذا هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك، قال وكيف أرضى عن الله ! قال إن كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله، هذا امتحان دقيق أيها الأخوة مقياس دقيق، لك وضع، لك جسم، لك مكان، لك بيت، لك زوجة، لك أولاد، راضي عن الله أنت فيما أعطاك ؟ هل ترى أن الهدى أثمن عطاء هل ترى معرفة الله لا يعدلها شيء.
من أوتي القرآن فظن أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقر ما عظمه الله تعالى.
من ندم على شيء فاته من الدنيا ما عرف الله عز وجل.
فالحسد دليل الجهل، مؤشر، إذا كان للحسد مؤشر هذا المؤشر يتناسب مع الجهل، الحسود لا يعرف الله، لا يعرف طبيعة الحياة الدنيا لا يعرف طبيعة الآخرة، لا يعرف مهمة الإنسان في الدنيا، لا يعرف سر التكليف، لا يعرف ما الأمانة، لا يعرف ما قيمة العمل الصالح، هذا الحسود، فالنبي عليه الصلاة والسلام، طبعاً الأقوال كثيرة جداً في الحسد.
قل لي من بات لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فــعله إذا لم ترض بما وهبـــــــــك
لكن بالمقابل ليس مشكوراً، ولا مستحسناً، ولا مقبولاً، وليس من علامات الحكمة والعقل والذكاء والأدب مع الله عز وجل أن تزهوا على الناس بما عندك، ليس من العقل والحكمة أن تعرض ما عندك للناس، أن تفتخر بما عندك، هذا الوضع يستجلب الحسد، لهذا قالوا: كثرت الظهور تقسم الظهور، ماذا فعل قارون، قال:
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾
الإنسان أحياناً في عنده رغبة يظهر ما عنده، من مال، من أثاث من بيت، هدفه يظهر، يستعلي بما عنده، وهذا ما قاله الإمام علي كرم الله وجهه، قال:
في آخر الزمان قيمة المرء متاعه.
يستمد مكانته من بيته، من مساحة بيته، من موقع بيته، من تزينات بيته، من أثاث بيته، من مركبته، من متجره، من دخله، من شكله فقط، من أناقته، من ثيابه، ما دام الإنسان يستمد مكانته من هذه الأشياء الخارجية المؤقتة، العارضة، الزائلة، فهذه المكانة مزوره.
دخل على أحد الخلفاء أعرابي يرتدي عباءة ليست جيدة، يبدو أن الخليفة إزور عنه، فقال له: أعلم العباءة لا تكلمك، ولكن يكلمك من في العباءة.
سيدنا يوسف كيف ارتفع إلى هذه المكانة العلية، فلما جاءه وكلمه الإنسان مخبوء بين ثوبيه.
المرء تحت طي لسانه لا تحت طي لسانه، تحت طي لسانه تحت علمه، الرجل جماله فصاحته، جماله علمه، جماله حكمته، جماله ما حصل من معرفة الله عز وجل، جماله أخلاقه، جماله عمله، جماله إتقان عمله، جماله إنجازاته، ماذا فعلت أنت في الدنيا، فعلت كذا وكذا يا ربي، إذاً حينما يظهر الإنسان ما عنده مفتخراً فهذا ضعف في عقله وضعف في حكمته، وضعف في استقامته، قارون خرج على ومه في زينته.
﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾
النبي عليه الصلاة والسلام كما تعلمون، ما ذم طعاماً قط، ولا مدحه، مدح أطايب الطعام، والحديث عن الطعام، وعن المتع، وعن النساء، كلكم يعلم أنه مما يجرح عدالة الإنسان الحديث عن النساء التنزه في الطرقات، صحبة الأراذل، هذا كله يجرح عدالة الإنسان، الإسلام ليس بمعلومات محشوة في عقلك، ولكنه تصرفات حكيمة، مواقف نبيلة أخلاق رضية، نفس طاهرة، عفيفة كما قال عليه الصلاة والسلام:
((الإيمان عفيف عن المحارم، عفيف عن المطامع ))
((إذاً الحسد دليل الجهل بالله، الحسد دليل الجهل بحقيقة الحياة الدنيا الحسد دليل الجهل بمهمة الإنسان في الدنيا، لا تعرف ربك، ولا طبيعة الحياة الدنيا، دار ابتلاء وانقطاع وعمل، والآخرة دار جزاء وخلود وتكريم، لا تعرف أن الله يعطي بحكمة، ويأخذ بحكمة.
وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو بسطت له لأفسده ذلك.))
قال عليه الصلاة والسلام:
لا حسد.
يعني أصل الحسد غير موجود في حياة المؤمن، فإذا وجد فليس بمؤمن، هذا يسمونه باللغة في علم الأصول المفهوم المخالف، ربنا عز وجل مثلاً قال:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
خالق الكون الإله العظيم الذي بيده كل شيء، يقول:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا﴾
المعنى واضح.
﴿يَعْبُدُونَنِي﴾
ماذا يأخذ من المعنى المخالف، معنى المخالفة أنك إذا رأيت إنساناً يدعي أنه مؤمن ولم ينل ما وعده الله به فهذه دلالة على أن في إيمانه ضعف، أو عبادته ليست صحيحة، هذا المعنى المخالف، فإذا إنسان حسد معنى ذلك أنه بعيد عن أخلاق المؤمنين، بعيد عن عقيدته الصحيحة بعيد عن فهمه الدقيق، لا حسد.
لكن علماء الدين قالوا: يمكن أن تغبط أخاك، الغبطة شيء والحسد شيءٌ آخر، الغبطة أن ترى نعمة على أخيك تتمنى أن يكون لك مثلها، هنئه الله، وأكرمه الله، وبارك الله له بهذه النعمة، ويا ليتني عندي مثل ما عنده، هذه الغبطة، فلما النبي عليه الصلاة والسلام قال:
لا حسد إلا في اثنتين.
حمل هذا الحديث على الاستثناء المنقطع، ما هو المنقطع ؟ مثلاً.
﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ﴾
إبليس ملك ؟ لا، الدليل
((" فسجد الملائكة كلهم أجمعون" ))
إذاً إبليس ليس ملك، هذا الاستثناء اسمه استثناء منقطع، دخل الطلاب جميعاً إلا المعلم، المعلم ليس طالباً، لا حسد، النبي عليه الصلاة والسلام ينفي عن المؤمن أن يكون حسوداً، لو أنه حسود لما كان مؤمناً، لو أنه حسود معنى هذا أنه لا يعرف الله، لا يعرف أسمائه الحسنة، وصفاته الفضلة، لا يعرف عدالته، ولا حكمته، ولا تقديره، ولا عطائه بحكمة بالغة، ولا يعرف حقيقة الدنيا، ولا ما ينتظره بعد الدنيا من عقاب أو من ثواب، هذا إذا حسد، طيب كيف يقول النبي يستثني، لا حسد إلا في اثنتين، قال هذا استثناء منقطع، الاثنتين ليستا حسداً ولكنهما غبطة، الاثنتان ليستا حسداً لكنهما غبطة، هذه المقدمة لا بد منها، معنى الحسد ومعنى الغبطة الحسد أن تتمنى من أعماقك أن تزول هذه النعمة عن أخيك، وأن تنصرف إليك، الأخطر من هذا أن تسعى كي تزيلها عنه، إما بوشاية، أو بمشكلة أو بإيقاع، أو بأشياء من هذا القبيل، أما الغبطة أن ترى لك أخ لك مؤمناً أكرمه الله بشيء، تقول يا ليتني أوتيت مثلما أوتيت فلان، يا ليتني أوتيت علماً مثل علمه، يا ليتني أوتيت فقهاً كفقهه، يا ليتني أوتيت حكمة كحكمته يا ليت الله قدر على يدي عمل صالحاً كهذا العمل الذي قدره على يديه هذه الغبطة، هل في القرآن ما يؤكدها ؟
﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ﴾
لما رأى السيدة مريم قال:
﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ﴾
﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)﴾
﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾
معنى في شيء يجب أن تفرح به، في شيء يجب أن تتنافس فيه في شيء يجب أن تسعى عليه تسعى إليه متنافساً، ومقبلاً، لذلك:
((إن الله تعالى يباهي ملائكته بالشاب العابد فيقول أيها الشاب التارك شهوته لأجلي المبذل شبابه لي أنت عندي كبعض ملائكتي.))
انظر صباحاً الساعة الثامنة، قف في مكان مزدحم وانظر إلى الناس واتلوا قوله تعالى
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)﴾
كل واحد له هدف في رأسه، هذا لعمله، هذا ليعمل مشكلة، هذا بدو يقيم دعوى، هذا ليفتري على إنسان، هذا ليؤذي إنسان، هذا ليأخذ مال إنسان، هذا ليقضي شهوة من شهواته، كل واحد في باله شيء، أما المؤمن إذا رأيته يسعى لمرضاة الله، إذا رأيته يسعى لحضور مجلس علم إذا رأيته يسعى لعمل صالح، إذا رأيته يسعى للمسجد، إذا رأيته يسعى فلطلب العلم، إذا رأيته يسعى فلخدمة الخلق، إذا رأيته يسعى فلبر الوالدين أقول لكم شيء إذا الإنسان ما أحس بالغيرة في قلبه من مؤمن حالته تعبانة كثير، إذا شاف مؤمن متفوق عليه، بعلمه أو بحكمته وبعمله الصالح وبإدراكه الدقيق، وما تعلمه من قرآن، ما شعرت برغبة تكون مثله، ما شعرت بالغيرة هي، هذه غيرة محمودة يا أخوان، أن تغار من أخيك المؤمن، وأن تغبطه على ما هو فيه، وأن تتمنى أن تكون مثله، وأن تسعى إلا أن تكون في مرتبته، هذا شيء محمود، هذا شيء مرغوب لازم تغار، لازم تشعر بالغبطة، تسعى، سمعت عن أحد العارفين بالله مر أمام مقام لعارف بالله جليل، قرأ له الفاتحة، ناقش نفسه، قال هو إنسان وأنت إنسان، أنت شو ناقصك يعني ما تكون عارف بالله، الباب مفتوح، ما سقف يا أخون سقف ما في، كلنا عباد الله، أبواب الخير مفتوحة دائماً، أبواب العمل الصالحة مفتوحة دائماً، أبواب طلب العلم مفتوحة دائماً، ولما الإنسان يرغب يخدم الناس، الله يمكنه، يقدر على يديه هداية الناس، يقدر على يديه ما لم يعطيه لهم، القضية بالطلب يعني كأن الله عز وجل لخص كل العلاقة بينه وبين خلقه بكلمتين، قال:
﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾
يعني يا عبادي كلمتان بيني وبينكم، منكم الصدق ومني العدل تفضل نقي.
﴿كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20)﴾
فضل الله عز وجل مبذول للخلق، تفضل صلي، أقر قرآن أحفظ قرآن، روينا لكم قصة مشهورة كثير، رويتها أكثر من مرة، قصة ثابتة مشهورة، رجل في الخامسة والخمسين، من ريف مصر يعني تاقت نفسه أن يكون عالماً، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، ركب دابته وتوجه بها إلى القاهرة، فسأل بعض الباعة أين الأزعر ؟ قصده جامع الأزهر، أين الأزعر ؟ فسخروا منه، شو أزعر، إلى أن التقى برجل طيب صالح قال له فتح الله عليك فتوح العارفين، اسمه الأزهر يا أخي، مو أزعر اسمه، طريقه كيت وكيت دله عليه، القصة طويلة جداً، وصاحب هذه القصة اسمه الشيخ زكريا الأنصاري توفي في السادسة والتسعين وما توفاه الله عز وجل إلا وهو شيخ الأزهر، تعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن كله في الخامسة والخمسين، وطلب العلم حتى وصل إلى هذه المرتبة وكان من الصالحين.
إذا واحد مر أمام شخص، أو التقى بشخص يعني أعلم منه في الإيمان ليش ما بغار منه، ما في سقف الباب مفتوح إلى الله، كرامة الله عز وجل لا لمن سبق ولكن لمن صدق، فالغيرة محمودة، أن تغار من أخيك المؤمن إذا أكرمه الله بعلمٍ، أو بعملٍ، شيء مطلوب، وأساساً إذا لم تغر ففي الإيمان ثلمه، إن لم تغر ففي الإيمان ضعف، إن لم تغر فليس لك هذا المطلب لك مطلب آخر، فلما قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا حسد نفى الحسد الذي نهى الله عنه، نعم
(("ومن شر حاسد إذا حسد))
" إلا في اثنتين، صار في استثناء منقطع، يعني المستثنى منه من طبيعة أخرى كقول الله عز وجل:
﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ﴾
إبليس ليس ملكاً، كأن نقول دخل الطلاب جميعاً إلى الصف إلا المعلم، لا حسد إلا في اثنتين، هاتان الاثنتين ليستا حسداً، إنما هما غبطة إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يريكم أن الشيء العظيم في الحياة، أن الشيء الذي يمكن أن تغبط أخاك عليه، أن الشيء الذي يمكن أن تسعى إليه هو هذا الشيء، أو هذان الشيئان، أيعقل أن يكون لك مقاييس أنت أخرى، هذه نقطة مهمة جداً، أنت عندك مقاييس تقيس بها الأمور، ما الضلال ؟ أن تكون مقاييسك للأمور خلاف مقاييس رسول الله، مثلاً: إذا كنت تتوهم أن الفوز بأن يكون لك مال وفير، وربنا عز وجل يقول:
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾
فإذا أنت الفوز بنظرك أن تكون غنياً، والفوز في القرآن أن تكون مطيعاً، معنى في ضلال الإنسان، إذا كان في نظرك الفلاح أن يكون لك بيت كبير جداً، فيه كل شيء، وفي القرآن الكريم:
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)﴾
((الفلاح بالإيمان، فإن لم تر أن الفلاح في الإيمان، لكن الفلاح بالمتاع، إن لم تر أن الفوز بالطاعة ولكن الفوز بالمال، هذا هو الضلال أن تكون لك مقاييس خاصة، لذلك:
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه متبعا لما جئت به.))
تطابق، إذاً: لا حسد إلا في اثنتين، في هاتين الاثنتين يجب أن تغبط أخاك عليهما
قال رجل علمه الله القرآن، الحقيقة أنه أي كتاب آخر في صواب وفي خطأ، أما القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وفضل كلام الله على كلام خلقه، إذا عددنا كل كتاب كتب في الأرض من كلام الخلق، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، هذا كلام خالق الأكوان، هذا كلام مخلوق، فأنت إذا يعني انكببت على القرآن وأقبلت عليه تلاوةً وحفظاً وفهماً وتطبيقاً ليس في حياتك مغامرة إطلاقاً ولا مخاطرة، لا مغامرة ولا مخاطرة، لأنك واثق ثقة مطلقة أن هذا الذي تقرأه كلام الله، وكلام الله حقاً يقين، حقٌ صرف، في طمأنينة، كلام خالق الكون، تعليمات صانع هذه الآلة المعقدة، الآن أنت في آلة معقدة كمبيوتر مثلاً حاسوب إلكتروني، سمعت في أجهزة، استخدموا جهاز الفحص سمعت ثمنه مائة مليون، هذا الجهاز بحاجة لكتيب المعلومات للإستفادة منه.
وكذلك لفهم القرآن حلاله وحرامه وحدوده ووعده ووعيده فأنت تحب نفسك تنصح لها، تسعى لسلامتها، تسعى لتفوقها، تسعى لسعادتها. رجل علمه الله القرآن. لذلك يعني الإنسان يصيبه أيام أزمة، في الأزمات الخاصة والعامة الذي يقرأ القرآن معافى من أمراض كثيرة تصيب عامة الناس الذي يقرأ القرآن، والذي يتمثل معانيه معافى من أمراض كثيرة تصيب عامة الناس، قارئ القرآن يشعر أن يد الله فوق أيدي الناس، هذا شعور مريح جداً.
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾
((قارئ القرآن يرى أن كل شيءٍ وقع أراده الله، وأن كل شيءٍ أراده الله وقع، وأن إرادته متعلقة بالحكمة، وحكمته متعلقة بالخير المطلق قارئ القرآن يرى أن الله مع كل مخلوق، وما من حدث يقع إلا والله سبحانه وتعالى عليم به وله فيه حكمة بالغة، فلذلك كما قال عليه الصلاة والسلام:
لا يخرف قارئ القرآن.))
لا يحزن لأنه معه تعليمات الصانع.
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
فإذا كان رأيت إنسان مؤمن مستقيم، يحي حياة طيبة صحيح هكذا قال الله عز وجل، ومرة قلت لكم في درس سابق، إنه لما الله عز وجل كيف يشهد لك أيها المؤمن أن هذا القرآن كلامه، قال لك في القرآن
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة
(( الحياة الطيبة التي هي من قدر الله لك والتي قدرها الله لك، تحقيقاً لوعده هي شهادة الله لك بأن هذا القرآن كلامه، وهاهو قد تطابق كلامه مع فعله، إذاً هذا دليل قطعي على أن القرآن كلامه، كذلك.
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾
لو التقيت مع إنسان قال لك أنا أشقى الناس، متضايق، بحالة ضياع، شاعر بالقهر، شاعر بالملل، صح كلامه، هكذا قال الله عز وجل:
(( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ))
وإذا لقيت مرابي الله يدمر له ماله، تستغرب لا، بالعكس هكذا قال الله عز وجل كأنك إذا تلوت القرآن وفهمته فهماً عميقاً رأيت كل شيء يقع في الحياة له عندك تفسير، مو تفسير اختراع من عندك، تفسير من خالق الكون نشرة إيضاحية.
إذاً: لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل. سنقف عند يتلوه وقفة.
معنى تلو: التِّلْوُ ؛ الفطيم أو الرضيع الذي يتبع أمه قبل الفطام نسميه تِّلْوٌ.
التِّلْوُ، من معاني هذه الكلمة أو تَلاَ الفعل التباع، لذلك غاب عن الناس أن تلاوة القرآن لا كما يفهما عامة الناس قراءته لا، يا ليت، تلاوة القرآن أن تتبع ما جاء فيه، لأن تَلاَ تبع، والتِّلْوُ الرضيع الذي يتبع أمه أينما ذهبت، فتلا القرآن بادر إلى تطبيق ما قرأه فيه، لذلك، لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار، يعني ليس منا من لم يتغنى بالقرآن، القرآن ربيع القلوب، لا غناً بعده، ولا فقراً دونه، القرآن الكريم يعني يؤنس الإنسان في وحشته، يسليه في غربته يهديه في حيرته، القرآن حبل الله المتين، القرآن الكريم معنى يتلوه أناء الليل وأناء النهار يعني يتبع ما جاءه به، السعيد هو الذي يقرأ ليطبق مثلاً، الله عز وجل قال:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
ما معنى تلاوة هذه الآية أن تعاشر أهلك بالمعروف، الله عز وجل قال:
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾
ما معنى تلاوة هذه الآية ؟ أن تقول للناس حسناً، ما معنى تلاوة قوله تعالى:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
أن تغض بصرك عن محارم الله، ما معنى قوله تعالى:
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾
أن تمتنع عن أكل المال بالباطل هي معنى التلاوة، ألا يذهب بنا الظن إلى أنك إذا قرأت القرآن فقد تلوته، لا والله يا أخي، تلاوته شيءٌ آخر غير قراءته، لذلك: لا حسد إلا في اثنتين، رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان أما أهل الدنيا ماذا قالوا لما شافوا قارون بموكبه، بعظمته، بثيابه الأنيقة بجماله، فتنهدوا من أعماقهم وقالوا:
﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾
يقول لك أيام واحد والله شفت سيارة اشتهيت تدهسني، من حمقه أساساً، أيام إذا الإنسان شاف شيء جميل بتلاقي ذابت نفسه ذوبان، هذه علامة أهل الدنيا، بيت فخم، يذوب ذوبان، بقلك شيء بزحل العقل شيء بعقد، فلما رأوا قارون وموكبه قالوا: " يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون ". أما المؤمن إذا شاف مؤمن أتقى منه تفوق عليه في حفظ القرآن وفي تلاوته، تفوق عليه في العلم، تفوق عليه في العمل، تذوب نفسه متمنياً أن يكون مثله، هذه علامة الإيمان، ما الذي تشتهيه ؟ قال طاقت نفسي للإمارة سيدنا عمر بن عبد العزيز، فلما بلغتها، طاقت نفسي إلى لخلافة، يبدو أن هذا الطوقان شريف، فلما بلغتها، طاقت نفسي إلى الجنة واستخدمها كوسيلة للجنة، كل إنسان مهنته، إن كان بالتعليم، إن كان بالطب، بالهندسة، بالتجارة، بالصناعة، بأي حرفة، ممكن أن يستخدم حرفته كطريق إلى الجنة، في خدمة المسلمين، فكانوا السلف الصالح، إذا فتحوا محلاتهم يقولون اللهم نويت خدمة المسلمين، إنسان فتح محله التجاري، هؤلاء الناس مسلمون، إخوانك، أعطهم بضاعة جيدة بسعر معتدل، وكن لطيف معهم، بالصناعة قدم لهم صناعة متقنة، بكل شيء قدم شيء متقن بسعر معتدل فأنت قد خدمت المسلمين بهذا العمل.
إذاً: لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار، فسمعه رجل له فقال ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان. لذلك من لم يكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، كثير سهل أن تكون بشابك متنعم، الشباب مثل السيارة بأول ما بتشتريها مكنة، تتحمل، أما البطولة بخريف العمر، كيف أمضيت هذا الشباب، في طاعة الله ؟ لك خريف عمر مشرق، كيف أمضيت هذا الشباب في طلب العلم ؟ لك خريف عمر مشرق، يعني الحقيقة الإنسان في ببدايته يبذل جهد كبير والمردود قليل كلما ارتقى إلى الله عز وجل، لو بذل جهد يسيراً جنى محصول كبيراً كيف ما تحرك المؤمن الذي أمضى حياته كلها في طاعة الله، وخدمة الخلق، ومعرفة الله بتلاقي حركاته كلها بأسعار باهظة جداً الكلام الدارج ضربة معلم بألف، يعني إذا كان الله عز وجل أكرمه خيره كبير، خيره جزيل، الآن الرجل الثاني الذي بقي معنا هو:
رجل أتاه الله مالاً، المال قوة، كأن في الحياة قوتان، قوة العلم وقوة المال، فإما أن تكون عالماً فتعلم الناس، وإما أن تكون غنياً فتنفق عليهم، على كلٍ هذا المال اجعله مطية لك إلى الجنة، قال:
ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، برعاية الأيتام، برعاية الأرامل، بجبر الخواطر، بتأليف القلوب، بإكرام الناس، بإطعامهم بإدخال السرور على قلوبهم، يعني إذا أدخل على قلب ابنه السرور هذا دخل فيه، على قلب أهل بيته، على قلب جيرانه، على قلب إخوانه على قلب من يلوذ به.
ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل.
فيا أيها الأخوة الأكارم: يعني الإنسان إذا الله عز وجل أتاه مال المال شيء ثمين جداً، يمكن أن يبلغ به أعلى درجات الجنة، لكن غير مكلف أن يلقيه جزافة، كيفما اتفق، يجب أن يجتهد في إعطائه لمن يستحق، وللمؤمن بالذات، لكن ممكن تنقذ أسرة، ممكن تعين شاب في بدايته كان يائس، فلما أعنته على زواجه، وعلى تأمين عمل له، فأنت بهذا ماذا فعلت ؟ بززت في قلبه الأمل، وشعر على مجتمعه غالي، لذلك لما ربنا عز وجل قال:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾
معنى تطهرهم ؛ يعني المال طهر من تعلق حق الغير به، والفقير طهر من الحقد، والغني طهر من الشح، ثلاث تطهيرات، الغني طهر من الشح، والفقير طهر من الحقد، والمال طهر من تعلق حق الأخريين به
(("وتزكيهم ))
"المال ينمو بقانون طبيعي أنك إذا أعطيت الفقير ملك قوة شرائية اشترى منك، فأنت المبيعات ازدادت، هذا نماء طبيعي، وفي نماء بعناية الله الخاصة، الله عز وجل يلهمك عمل فيه ربح، فهذا المال يزكو، أي ينمو، إما ينمو بحسب القوانين التي سنها الله عز وجل أو ينمو بحسب عناية إلهية خاصة، والفقير نفسه تنمو، كيف تنمو ؟ يشعر الفقير أنه له مكانة في مجتمعه، مجتمعه حريص عليه، هو مجتمعه ولا سيما الأغنياء حريصون على مصلحته، هذا شعور بالأهمية، في نماء، والغني يشعر أنه قدم عملاً عظيماً، بقلك الله أكرمني فعلت كذا، أكرمني بنيت جامع أكرمني مثلاً عاونت إنسان، أكرمني زوجت خمس شباب.
إذاً هؤلاء الذين أتاهم الله المال مؤهلون كي يصلوا به إلى أعلى درجات الجنة، شوف أيام التاجر الذكي لا ينفق ماله استهلاكاً، ينفقه استثماراً، بقلك كل ما صار معي قرشين أخذت دكانه، ولحشتها عملت مطمورة، شوف الذكاء تبعه، صار معي قرشين أخذت بيت، شفت هذه البضاعة رخيصة وهي سوف تغلى، أخذتهم، دائماً التاجر تفكيره استثماري، مو استهلاكي، إذا كان تاجر حقيقة مع الله، تجعل مالك إنفاقه استثماري للجنة، لا استهلاكي في الدنيا، كل ما تنفقه من مال من أجل المتع والرفاه، وأن تبالغ فيما استمتاعك بمباهج الدنيا، هذا اسمه إنفاق استهلاكي، هذا في معه ضيق أفق، في معه قصر في العقل، أما الإنفاق الاستثماري أن تنفقه في طاعة الله عز وجل حتى يبقى أثره ممتد إلى الآخرة، هذا الحديث أعيده على أسماعكم مرة ثانية:
((عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا حسد إلا في اثنتين، رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثلما يعمل ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل.))
تعليق على درس سابق:
الدرس الماضي جزاه الله عني كل خير أحد أخوانا الأكارم أنا قلت في الدرس الماضي أولاً النبي وحده عليه الصلاة والسلام معصوم، وما سوى النبي غير معصوم، قلت في الدرس الماضي يعني هذا الذي يقول إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب، هذا كلام هو كلام النبي عليه الصلاة والسلام ولكن فرق كبير بين أن تفهم كلام النبي على أنه أسلوب بالتعامل مع الآخرين، وبين أن تفهمه من علامات قيام الساعة، أنا حينما قلت هذا كلام أقصد به، هذا الذي يقول إن لم تكن ذئباً أكلت الذئاب، يعني كن ذئباً وكل مالهم لئلا يأكلوك هذا ما فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ينبغي أن يفهم، هذا الحديث يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى علامات قيام الساعة، ألم يقل مثلاً:
إذا أوسد الأمر إلى غير أهله فانتظر السعة، إذا رأيت شحاً مطاعاً وهواً متبعاً، وإعجاباً كل ذي رأيٍ برأيه، هل معنى ذلك أن يكون لك هواً مطاع وأن تعجب برأيك، لا، هذه إشارات إلى أن الزمن الذي فيه يكون الإنسان ذئباً كي يمحو هذه من علامات آخر الزمان، فلا ينبغي أن نفهم الحديث على أن نفعل ما قاله النبي، النبي أشار إلى علامات آخر الزمان يعني تنقطع الرحمة، هكذا قال النبي من علامات قيام الساعة أن يذهب الحياء من وجوه النساء، ما في حياء إطلاقاً، تحد النظر إليك هي، أنت مستحي وتغض بصرك وهي تنظر إليك، تحد النظر إليك، يذهب الحياء من وجوه النساء، وترتفع النخوة من رؤوس الرجال، يفتخر بزوجته يفتخر بجمالها، تسير معه بأبها زينة، لأنه عرفان ينقي، هكذا، ما فيه نخوة، ولا في حياء عندها.
ومن علامات آخر الزمان أن تنتزع الرحمة من قلوب الأمراء، ما في رحمة، لا في رحمة عند الأمراء، ولا في حياء عند النساء، ولا في نخوة عند الرجال.
قال عليه الصلاة والسلام قال: إذا كان أغنياءكم سمحاءكم وأمراءكم رحماءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراءكم شراركم، وأغنياءكم بخلاءكم، وأمركم إلى نساءكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها.
هذه من علامات قيام الساعة، هل يعقل أن نقول يجب أن يكون الغني شرير هيك النبي قال ؟ لا، هذه علامات قيام الساعة، أنا حينما ذكرت هذا الكلام ورفضته لا على أنه كلام رسول الله، لا، رفضت أن يتخذ الآن هذا الكلام مقياس للتعامل، هذا الذي ذكرته، على كلٍ الذي ذكرني بهذا الكلام جزاه الله عني كل خير.
بقي علينا حديثٌ قصيرٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلق بالنساء، طبعاً الحديث موجه إلى من يقدم على الزواج، يقول عليه الصلاة والسلام عن أنس رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم:
((من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءةً، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه.))
يعني إذا كان الهدف من الزواج مصالح دنيوية فهذا الزواج غير مبارك، أما إذا ابتغيت بهذه الزوجة مرضاة الله عز وجل.
وحديث آخر ذكره النبي عليه الصلاة والسلام قال:
((تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك))
((يعني إن لم تفعل هكذا ما قال النبي ما نلت إلا التراب، ما نلت شيئاً، تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.))
آخر حديث: وعن أنس قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأة قالت أو اثنتان فقال أو اثنتان، فقالت ليتني قلت واحدة))
من احتسب ثلاثة من صلبه، يعني ثلاث بنات جاءته من صلبه بناته يعني، احتسبهن لله عز وجل، يعني رباهم تربية صالحة اعتنى بأخلاقهم، بدينهم، بصلاتهم، بقرآنهم، بعلمهن، بفقههم، اعتنى بعاداتهم بمعرفة حق الزوج من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأة فالت عندها ابنتان فقط، أو اثنتان فقال أو اثنتان، فقالت ليتني قلت واحدة، لو عنده بنت واحدة دخل بالموقف فقالت ليتني قلت واحدة.
من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأة فالت أو اثنتان فقال أو اثنتان، فقالت ليتني قلت واحدة.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارضى عنا، وأقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا مولانا رب العالمين، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعناً مباركاً مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ومعنا شقياً ولا محروماً، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.