- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠1موضوعات مختلفة في التربية
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة المؤمنون:
الحديث اليوم في موضوع الصبر وقد يسأل سائل لماذا ذكر الله الصبر في القرآن الكريم عشرات المرات بل مئات المرات ألا يمكن والله على كل شيء قدير أن يؤتي الناس أجمعين سؤلهم، فإذا أتى الناس أجمعين سؤلهم فلا حاجة عندئذ للصبر، سؤال دقيق مادام الله على كل شيءٍ قدير، مادام الله عز وجل يقول في الحديث القدسي:
(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ))
يعني مخيط إبرة اغمسها في ماء البحر وارفعها هذا المخيط بما يرجع ؟ وماذا نقص من ماء البحر، قال الله عز وجل: ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام
((... فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا ))
مادام الله على كل شيء قدير وهو الغني، لو أن الناس جميعاً آتاهم سؤلهم ما نقص ذلك في ملكه، لماذا الدنيا محفوفة بالمكاره ؟ لماذا المصائب، لماذا المآسي، لماذا الحرمان ؟ هذه كلها أسئلة تتعلق بالعقيدة، فإذا صحت عقيدة الإنسان صبر وإن لم تصح عقيدته لج وكفر.
أيها الأخوة الأكارم:
نحن في الدنيا وهذه الدنيا مدرسة وليست مقراً دائماً إنها ممر وليست مقر فإذا فهمناها على أنها مقر شقينا بها وشقيت بنا وأسعدنا وسعدنا، وسألنا وتساءلنا، أما إذا عرفنا حقيقة الدنيا وصحت عقيدتنا قبلنا ما يسوقه الله لنا من مصائب، الشيء الذي أتمناه عليكم أنه خلقت في الدنيا كي ترقى في الآخرة ولا ترقى في الآخرة إلا إذا عاكست هوى نفسك، يعني أنت مفطور على فطرة والتكليف يخالف ما أنت عليه مطبوع، مطبوع على الراحة هذا الجسد يميل إلى الراحة فأنت قد تضطر إلى أن تبذل جهداً تحتاج إلى صبر الشيء الذي يلفت النظر أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن الإسلام وسئل عن الإيمان فأجاب بكلمة واحدة قال الصبر والسماح، الصبر تلقي الشدائد، تلقي التكاليف، الصبر على الطاعة، الصبر عن المعصية، الصبر على قضاء الله والسماحة البذل، أنت بين حالتين بين حالة بذل وحالة صبر، هذا هو الدين كله وهذا هو الإيمان كله، أما الإنسان بالآخرة هناك الراحة، هناك الاسترخاء، هناك التمتع، هناك اللذائذ، هناك السعادة فحينما يظن الإنسان أنه خلق في الدنيا كي يسعد بها فقد أخطأ خطاً كبيراً لأن هذه الحياة الدنيا ركبت على الابتلاء، الله عز وجل يقول:
﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)﴾
الإمام الشافعي سئل أنسأل الله التميكن أم الابتلاء، فقال: لن تمكنوا قبل أن تبتلوا، لابد من الابتلاء، قال تعالى:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)﴾
فهذه الفكرة أتمنى عليكم من كل قلبي أن تكون واضحةٌ عندكم، لا يمكن أن يمر المؤمن في طريق الإيمان من دون امتحان فإذا كان للصبر مؤشر وللإيمان مؤشر فاعلم علم اليقين أن مؤشر الإيمان يتحرك مع مؤشر الصبر، فكلما زاد إيمانك زاد صبرك، قد يسأل سائل أنا لا أصبر على شيء صحتي جيدة وقوتي جيدة ودخلي يكفيني وعندي زوجة وأولاد وبيتي أملكه ولي عمل أين الصبر ؟ أيها الأخ الكريم الصبر له معنى واسع جداً بل إن الغني الصحيح لأشد حاجةً إلى الصبر من الفقير المريض لماذا ؟ هذا الموضوع إنشاء الله سوف نعالجه في دروس عديدة، كلما ضاقت الخيارات ضاق مجال الصبر وكلما اتسعت الخيارات اتسع مجال الصبر، يعني أنت حينما تكون قادراً على أن تفعل كذا وكذا وكذا وكلها معاصي ولزمت أمر الله عز وجل ولزمت ما هم عليه المؤمنون الطيبون هذا صبر، فلذلك ربنا عز وجل ذكر الصبر في أكثر من خمسة عشر موضوعاً، آيات الصبر كثيرة جداً أما موضوعات الصبر في القرآن تزيد عن خمسة عشر موضوعاً.
الأمر الأول قال الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)﴾
واستعينوا بالصبر والصلاة آية ثانية، وقوله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127﴾
والأمر في القرآن يقتضي الوجوب أنت إذاً مأمور أن تصبر، مادمت قد آمنت بالله عز وجل وأنت مؤمن فهذا القرآن يخاطبك يقول لك واصبر وما صبرك إلا بالله، خالق الكون العظيم الغني يقول لك اصبر أفلا تصبر، يعني أحياناً حينما يستجب الإنسان لأمر الله عز وجل يشعر ببردٍ وسكينةٍ وسرورٍ لا يعلمه إلا الله، وقوله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)﴾
لو أن حكم الله عز وجل واضحٌ وضوحاً جلياً لما أمرك أن تصبر لماذا أنت وعلى كرسي الطبيب الأسنان لماذا إذا أعطاك حقنة كمخدر لماذا تمسك بأطراف الكرسي وتكتم ألمك ؟ لأنك قانع قناعةً تامة أن هذا الألم سيتبعه راحة وأن هذا الألم لابد منه، إذاً تصبر ولا داعي أن يقال لك يا أخي اصبر، الأمر واضح جداً لو أن الأمر واضحٌ وضوحاً تاماً لما كان هناك معنىً للصبر ولكن الله عز وجل يأمرك أن تصبر، قد لا يبدو لك حكم الله واضحاً، قد لا تبدو لك حكمة الله واضحة.
والآن أنتقل إلى موضوع دقيق جداً وأعلق عليه أهمية كبرى، إذا كانت أوامر الله كلها واضحة وحكم الأوامر كلها واضحة والأمور وحكم الأوامر كلها واضحة والأمور مجلوة فما قيمة إيمانك، لو رأى الكافر بالله أن هذا في مصلحته وهذا في مصلحته... لاتبع أوامر الله كلها من دون أن يعبده، لكن أنت مؤمن آمن بالله، آمنت بالخالق العظيم، برب حكيم، آمنت بمنهج قويم هذا المنهج يأمرك أن تصبر إذاً حينما تطبق أمر الله عز وجل فهمت حكمتها أو لم تفهمها، عرفت المراد أو لم تعرف، أدركت المغزى أو لم تدرك أنت مؤمن يكفيك قناعةً أن الله أمرك بهذا، والله خالق الكون، يعني أقوى دليل على طاعة الإنسان لله أن هذا أمر الله، أنت يوجد عندك مشكلة أو حركة يجب أن تتحرك من خلالها فقط هل هذا الأمر أمر الله ؟ نعم انتهى الأمر إذاً أطيعه، إنك تبحث عن أمر الله تبحث عن حكم الله، تبحث عما يرضي الله، لك أن تسأل هذا الحديث صحيح، هذه الآية هكذا تفسيرها، هكذا يريد الله عز وجل مني، هذا كل ما في الأمر لكن إذا ثبت أن هذا أمر الله عز وجل وأن هذا حكمه وأن هذا نهيه وأن هذا توجيهه وأن هذا يرضيه ماذا تنتظر مادمت قد آمنت بالله عز وجل إيمانك بالله عز وجل هو علة مبادرتك إلى تنفيذ أمر الله، إيمانك بالله عز وجل هو العلة الوحيدة على مبادرتك إلى تنفيذ أمر الله، إذاً أولاً الله عز وجل أمرنا أن نصبر ونحن عبيد وليس من شأن العبد أن يسأل ولا أن يستفهم ولا أن يعلق ولا أن يقرر.
كان رجل كما تروي بعض القصص غارق في ملذاته، مسرف على نفسه في كل المعاصي اسمه بشر، كان يعاقر الخمرة بين القيان ومع المغنين طرق الباب فذهب خادمه ليرى من الطارق، الطارق رجل قال له: قل لسيدك إن كان حراً فليفعل ما يشاء وإن كان عبداً فما هكذا تصنع العبيد، هذا الغلام عاد إلى سيده وقال له طرق الباب رجل وقال لي كيت وكيت، يقال هذا بشر نهض من شرابه واتجه نحو الباب فلم يجد أحداً بحث عنه حافي القدمين إلى أن عثر عليه وتاب على يديه وصار من كبار الأولياء واسمه بشر الحافي.
السؤال أنت عبد ولست حراً، أنت عبد لله وليس من شأن العبد أن يطيع أو لا يطيع، ليس من شأن العبد أنا لا أطيع يا رب حتى أفهم الحكمة، أنت لست عبداً إذاً، إذاً أنت ند لا يسأل عن الحكمة إلا المساوي، إذا كنت في مستوى الخالق اسأله لماذا أمرتني بهذا إن لم تبين لي لن أطيعك وهذا ليس من شأن العبد ولكن شأن الله عز وجل وشأنك أن تطيعه، فأنت أول شيء مأمور بالصبر والصبر أنواع كثيرة جداً، الصبر على الطاعات وأنت صحيح معافى، قوي، غني عتيد، أنت مأمور أن تطيع الله عز وجل الصلوات الخمس، والصيام، والحج، والزكاة، وغض البصر، وكظم الغيظ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك الغيبة والنميمة، أنت عندك أوامر كثيرة جداً أكثرها تعاملي وبعضها شعائري وكل أوامر الله عز وجل تكاليف معنى تكاليف أي تقتضي جهداً تقتضي صراعاً مع شهوتك، تقتضي أخذاً و رداً مع نفسك، تقتضي أن تفعل شيئاً نفسك تأمرك بخلافه، تقتضي أن تبذل شيئاً نفسك تأمرك أن تحتفظ به، تقتضي أن تنصرف عن هذا الشيء نفسك تميل إليه، هذا الصبر، الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والله عز وجل لحكمةٍ أرادها يوجد أشياء كثيرة في الحياة مغرية جداً، يوجد مال يغري، ونساء تغري، مناصب، بيوت، رحلات، ولذائذ، ومناظر الله عز وجل جعل الدنيا خضرة نضرة ليمتحننا بها، هل تؤثر هذه الدنيا العاجلة على الآخرة الآجلة، هل تؤثر سنوات عديدة تقضيها بالملذات على حياة أبدية تقضيها في الجنان، إذاً أنت مأمور أن تصبر على الطاعات وأن تصبر عن المعاصي هذا هو أمر الله التكليفي أمر ونهي افعل ولا تفعل، لكن الله عز وجل له أمر تكويني قد يسوق لك شدةً ضائقةً، موقفاً حرجاً، قد يحرمك من رزق، قد تعيش أياماً في قلق شديد أنت مأمور أن تصبر على أمره وعلى نهيه وعلى قضائه وقدره، لأنك عبد له.
الشيء الثاني في موضوع الصبر أن الله عز وجل نهانا عن ضد الصبر، نهانا عن ضده، قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)﴾
الاستعجال دليل ماذا ؟ دليل نفاذ الصبر، قال تعالى ولا تولوهم الأدبار، التولية يوم الزحف دليل نفاذ الصبر، لا تبطلوا أعمالكم النكوص عدم متابعة المسير، أنت عاهدت الله عز وجل، أنت عاهدت إنساناً ؟ أنت عاهدت خالق الأكوان على أن تمشي في طريق الإيمان فالبطولة أن تسير في هذا الطريق في السراء والضراء في إقبال الدنيا وإدبارها، قبل الزواج وبعد الزواج، قبل العمل وبعد العمل، في فراغك وفي شغلك، صيفاً وشتاءً، ربيعاً وخريفاً، صباحاً ومساءً، قوياً وضعيفاً، غنياً وفقيراً هكذا عاهدت خالق الكون لما الإنسان ملاحظ أنه يوجد أخوان كثيرون لهم بداية جميلة جداً يتألقون تألق وبعد فترة هذا التألق يخبو يعني مليت، هل مللت من الله عز وجل ؟ هل سئمت من الله عز وجل ؟ هل ألفت كلام الله عز وجل ؟ هل انتهت معاني كلام الله عز وجل ؟ لذلك موضوع السأم والضجر في طريق الإيمان بادرة ليست مريحة وليست رضية كلما زاد صدقك زاد إقبالك، كلما زاد تعلقك بالله عز وجل زاد بذلك وعطاؤك لذلك أنا أؤكد لكم وأنا واثق من قولي المؤمن شـاب حتى الموت، ما الشباب ؟ الحيوية والتدفق والنشاط الزائد والاندفاع الشديد والتفجر، يقول لك فلان يتفجر حيويةٍ، إذا كانت أهدافك ماديةً وحققتها تصاب بالسأم والضجر، أما إذا كانت أهدافك كبيرة جداً، أهدافك لا نهائية إذاً أنت في شباب دائم لذلك لو التقيت بمؤمن في التسعين، في الثمانين، في السبعين تعجب لأمره في كامل تدفقه وحيويته، ونشاطه حيوية نفسه أعني الجسد له قوانين ثابتة، لكن ليس هناك سأم أو ضجر أو ملل أو ضياع أو تشتت أو هوان إطلاقاً، لذلك حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا بالكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
البطولة أن تعمل لخريف العمر، اليوم في الطريق وجدت شخص يعني في مقتبل حياته كان يحتل أعلى منصب علمي في الجامعة وضع، مشية، تهاون، خمول، ضياع، قلت سبحان الله كان في شبابه متألقاً جداً يحمل شهادات عليا ويحتل منصب علمي رفيع جداً رأيته في خريف العمر في وضع لا يرضي لماذا ؟ من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت، المؤمن لا يشيخ ولا يشيب بمعنى أن لا تضعف نفسه، هو يشيب، يعني علائم الشيخوخة لا يتأثر بها كغيره من الناس، إذاً النهي عن ضده.
الشيء الثالث أن الله سبحانه وتعالى أثنى على الصابرين قال تعالى:
﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)﴾
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)﴾
هذا كله من ثناء الله عليهم يعني ألا تحب أن تكون مع الله عز وجل، ألا تحب أن تكون في موضع ثناء من الله عز وجل كل شيء يفنى ما قيمة ثناء الناس جميعاً ؟ أما إذا أثنى الله عليك ثمن هذا الثناء أن تكون صابراً ومعنى أن تكون صابراً يعني أنك تعرف الله عز وجل وترضى بحكمه.
قلت لكم مرةً إنسان يطوف حول الكعبة يقول يا رب هل أنت راضٍ عني قال له رجل: هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى الله عنك، قال: من أنت يرحمك الله، قال: أنا محمد بن إدريس ـ الإمام الشافعي ـ قال: كيف أرضى عنه وأنا أتمنى رضاه ؟ قال: يا هذا ـ دققوا ـ إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
هل أنت راض عن الله ؟ سؤال دقيق، هل رضيت عنه فيما أعطاك في جسمك، في شكلك، طولك، وضعك الصحي، أجهزتك أعضاءك راض عنه فيها، هل أنت راض عن زوجتك هذه اختارها الله لك، قد لا ترضى عنها ولكن ترضى عن الله الذي اختارها لك، أحد الصالحين عنده زوجة سيئة جداً قالوا له طلقها يا أخي، قال: والله لا أطلقها فينغش فيها المسلمين لها خمسين عيباً أعرفهم، يجب أن ترضى عن أعضائك وعن أجهزتك وعن زوجتك، يعني أن ترى حكمة الله عز وجل، أن ترى أن الله يعطي بحكمةٍ بالغة، سر السعادة أن ترضى عن الله.
الآن هل تعلم أن الله يحب الصابرين بنص القرآن الكريم:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾
أمرك بالصبر، ونهاك عن ضده، وأثنى عن الصابرين، وأحبهم أما الشيء الخامس يوجب معية الله لك، كلكم يعلم أن معية الله على نوعين، معية عامة ومعية خاصة، المعية العامة مستنبطة من قوله تعالى:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)﴾
مع المؤمن، ومع الكافر، ومع الملحد، ومع المنحرف، ومع العاصي، ومع الحيوان، ومع المخلوق، ومع الشجر، ومع كل شيء، وهو معكم أينما كنتم، لكن الله عز وجل قال:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾
لعلماء التفسير فهم دقيق جداً، هذه المعية غير هذه المعية، هذه معية خاصة وتلك معية عامة، المعية العامة لكل مخلوق أما المعية الخاصة أي أن الله عز وجل معك بالرعاية، معك بالتوفيق، معك بالإرشاد، معك بالحفظ، معك يدافع عنك يعني بيت الشعر يقول:
وإذا العناية لاحظتك جفونها نم فالمخاوف كلهن أمان
يوجد كلمات أنا أرددها كثيراً اعذروني بها لأنني أحبها، أقول دائماً إذا كان الله معك فمن عليك، من يستطيع أن يقترب منك، من أقوى قوى الأرض وإذا كان الله عليك فمن معك، يتلقى الإنسان أحياناً من أقرب الأقربين له، يتقدم بالسن لا يلحق نفسه فيأكل نعرة من زوجته وتقول له الآن نظفتك، وهي من أقرب الناس له، إذا رضي الله عنك سخر لك أعداءك وإذا غضب عليك أهانك أقرب بالناس إليك.
أيها الأخوة الأكارم:
كما قلت لكم كما تدين تدان، البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت اعمل ما شئت كما تدين تدان، لي قريب كان يجمع أن يسافر إلى بلدة إلى شمال سوريا إلى حلب، قال لي ذهبت إلى مكتب سيارات والقصة قديمة، ويوجد ازدحام شديد، قال لي: أحدهم وضع يده على كتفي وقال لي أتحب أن تسافر إلى حلب، فقلت له: نعم، فقال: تعال معي، قال لي: السيارة فخمة جداً وصاحبها مهندس يريد أن يسافر إلى حلب فجاء ونظر في المسافرين واختار منهم هذا الرجل، قال لي: في الطريق حدثني قصته، قصته عجيبة إنسان أخذ شهادة هندسة وعصامي وناشئ اشتغل في التعهدات فنظر في الجريدة كان يوجد تعهد فذهب إلى المكان الذي يجب أن يقدم الأوراق وإذا يوجد ورقة ناقصة فقالوا له قابل المدير العام فدخل فقابله، والمدير العام قام من مكتبه وعانقه وصار يبكي وهو لا يعرفه ما القصة ؟ قال: القصة هذا المدير العام كان يركب سيارة فوقع معه حادث وكان جريح وهذا المهندس كان في هذا الطريق نفسه رآه في هذه الحالة فوضعه في سيارته وأسعفه حتى نجا هو لم ينتبه إلى شكل وجهه أسعف مصاب ووضعه في المستشفى، أما هذا المدير العام بقيت صورة المهندس الذي أنقذه في مخيلته، يعني ساعده مساعدة إلى أن وقف على قدميه وأصبح في وضع مقبول وجيد، هذه القصة تذكرني بقول النبي عليه الصلاة والسلام:
((البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان))
معية الله خير لك من كل شيء، خير لك من الذهب والفضة، خير لك من الدنيا وما فيها، أن يكون الله معك بالتوفيق والحفظ والرعاية والتأييد والتثبيت، الآن ربنا عز وجل أخبرنا أن الصبر خير لأصحابه، لما الخبير يقول لك هذا خير، أنت أمام بائع عادي تقول له انصحني، يقول لك هذه، بائع لك ثقة به ومؤمن ويوجد قرابة وما يغشك، سألته ماذا أشتري أي قطعة أشتري، ماذا أفعل، أنت تنساق إلى نصيحة هذا الناصح وتشكره على ذلك، الآن ربنا عز وجل ينصحك:
﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)﴾
نصيحة الله لك أن تصبر لا أن تلج، الصابر ربنا عز وجل قال:
﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)﴾
الإنسان له أعمال كثيرة أحسن أعماله يجزيه الله بها، العمل النموذجي، بينما أهل الشرك الله عز وجل يجزيهم بأسوأ أعمالهم أحياناً كمثل مقرب يكون الإنسان معلم أحد الأيام تحضيره وسط أو ليس محضر في هذا اليوم العصيب يأتيه المفتش كأن الله جازاه بأسوأ أعماله، أحياناً الإنسان بأجمل أحواله وأفضل أوضاعه يأتيه الذي سيحاسبه، فربنا عز وجل يحاسب المؤمن بأحسن أعماله، وربنا عز وجل قال:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)﴾
إذاً الله عز وجل أمرنا بالصبر لأن طبيعة الحياة الدنيا تقتضي الابتلاء ولأن سعة الحياة الدنيا تقتضي أن نفعل أشياء على خلاف طباعنا، وتكاليف الله كلها تتناقض مع طبائع الإنسان، طبيعته تميل إلى الراحة وإلى أخذ المال، وإلى إطلاق البصر وإطلاق اللسان والأوامر الإلهية تأمرك أن تغض بصرك وأن تمسك لسانك وأن تعطي وأن تفعل ما أمرك الله به.
الآن عندنا شيء يعين على الصبر أن تذكر أيام الله، لا أعتقد مؤمن إلا وله مع الله تاريخ، يعني في اليوم الفلاني فعل كذا فعامله الله كذا وكذا، آثر رضوان الله عز وجل فأكرمه الله بكذا وكذا، وقف عند حدود الله فوهبه الله كذا وكذا، وقف موقفاً مشرفاً فدافع الله عنه، وقف موقفاً مع الحق ولا يبالي بالنتائج فأرسل الله له من يكرمه ويدافع عنه، هذه سماها الله عز وجل أيام الله، أليس لك مع الله خبرة، أليس لك مع الله تجربة، أليس لك مع الله معاناة، أليس لك مع الله تاريخ ؟ كل واحد منا له مع الله تاريخ فعل كذا ففعل الله كذا، يعني زلت قدمه فعاقبه الله، وقف على قدميه شاكراً فأكرمه الله، هذه أيام الله دائماً تذكر منها ما يلي: الله عودك الجميل فقس على ما قد مضى، لذلك ربنا عز وجل قال لسيدنا موسى:
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)﴾
الآن يوجد عندنا في الصبر حالتان أن تصبر على قضاء الله وأن تصبر على المقضي، ما الفرق بين القضاء والمقضي ؟ القضاء أن يأتيك الشيء من الله مباشرةً من دون تدخل بشري، أما المقضي أن يأتيك هذا الشيء على يد إنسان، إذا جاءك قضاء الله على يد إنسان سماه علماء العقيدة المقضي وإذا جاءك من الله مباشرةً سماه علماء العقيدة القضاء والقدر، الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن، يبدو أن الإنسان مع الله القضية سهلة، ولكن متى ينشأ الحقد ؟ إذا ساق الله له قضاءً على يد إنسان فالموحد يرى هذه المصيبة عصىً بيد الله عز وجل فهو لا يأبه لهذا الذي ساق الله على يديه هذه المصيبة بل يحاسب نفسه لماذا سمح الله لزيد أو عبيد أن يناله، لأنه تعلمون جميعاً أن الله عز وجل يقول:
﴿مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55)﴾
فكل من على الأرض من مخلوقات الله عز وجل أخذ بناصيتها، أو كأن لها أزمة بيد الله فإذا أرخى العنان لبعضها وصلت إليك وإذا شد العنان أبعدها عنك، علاقتك مع الله وليس مع هذه المخلوقات، قال تعالى:
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)﴾
فربنا عز وجل يقول:
﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)﴾
صبر على قضاء الله وغفر لهذه اليد التي سحرها الله لتكون وسيلةً لقضاء الله، المؤمن دائماً بعيداً عن الحقد لماذا ؟ لماذا المؤمن لا يحقد ؟ لأنه موحد والموحد لا يحقد، لأن الأمر أمر الله عز وجل ومادام الأمر قد وقع فإن الله سمح به ببساطة ومادام الله قد سمح به إذاً أراده، وما دام الله أراده إرادته متعلقةٌ بالحكمة وما دامت إرادته تعلقت بالحكمة، حكمته متعلقة بالخير المطلق، والله الذي لا إله إلا هو هذه القاعدة وحدها تبث في قلب المؤمن إيماناً وطمأنينةً وثقةً وتسليماً وتوكلاً لا يعلمه إلا من ذاقه، إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي.
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)﴾
هذه الباء للمعاوضة، يعني هذا النعيم المقيم بسبب صبركم، ثمنه صبركم، هذا الكلام يفيد أنك وأنت في الدنيا لا تشتهي أن تكون فوق الناس أو في رفاه شديد أو في بحبوحة كبيرة، هذه لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء، كفاك نصراً على عدوك أنه في معصية الله، سيدنا عمر كان إذا أصابته مصيبة قال: الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، شيء عظيم جداً أن ينجو دينك من الخلل والتلف، الحمد لله الذي لم تكن أكبر منها، الحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها.
يعني أنا قبل أن آتي إليكم اليوم كنت مدعواً إلى احتفال في عيد المولد في دار العجزة ـ دار الكرامة ـ من كان أمامي ؟ كراسي كلها أكثرهم مشلولين أو مقطعة أيديهم أو أرجلهم، إنسان على هذا الكرسي طوال حياته في هذا البناء، نعمة الحركة أن تقوم وتمشي وتخرج من بيتك، يعني الذي يحبه الله من عبده أن يكون شاكراً، إذا كنت متمتعاً بقوتك هذه نعمة كبيرة جداً، إذا كنت متمتعاً بأعضائك لا تنسى أن طبيباً قلت مرةً في درس من الدروس، قلت لو أن الله عز وجل أوكل إلينا موضوع التنفس أو ضربات القلب ما الذي يحدث ؟ يحدث أن الإنسان لا يستطيع أن ينام أبداً، إذا نام مات بالإضافة إلى ذلك لا يستطيع أن يعمل يجب أن تستهلك كل الوقت في إحكام ضربات قلبك أو وجيب رئتيك، هكذا خطر في بالي خاطر خرجت من المسجد زرت أحد الأخوة الأكارم وله ابن طبيب قلت لهذا الطبيب هكذا قلت اليوم قال: هذا كلام حق أستاذ ذاك مرض نادر هذا المرض يصيب مركز التنفس الآلي في الإنسان فإذا أصيب هذا المركز بعطب الإنسان لا يستطيع إلا أن يتنفس إلا عن طريق عضلات الرئتين والصدر يعني شهيق وزفير إرادي، الإنسان وهو مرتاح يتنفس عن طريق الوجيب الآلي أما أحياناً يعمل شهيق ويعمل زفير هذا تنفس إرادي، حدثني طيار قال لي: أخطر شيء في الهبوط أن تنزل العجلات فإذا لم تنزل الكارثة محققة إذاً هناك جهاز هدروليكي يحرك هذه العجلات فإذا تعطل هناك جهاز آخر فإذا تعطل لولب في أرض الطائرة يحرك العجلات باليد ـ مانويل ـ قلت سبحان الله لأن القضية خطيرة جداً أولاً يوجد جهاز أول إذا تعطل جهاز ثاني إذا تعطل الجهازان الحركة يدوية، الإنسان لو أن مركز التنفس النوبي تعطل، يستطيع أن يتنفس عن طريق الشهيق والزفير هذا في النهار وأما في الليل يموت، هذا الطبيب الأخ الكريم قال لي: يوجد طبيب في الشام وذكر لي اسمه أصيب بهذا المرض قال لي بعد البحث والدراسة وجد أن هناك دواء حديث جداً جاء به بالطائرة هذا الدواء من أجل أن يبقى التنفس لا إرادي نوبي يجب أن تأخذ كل ساعة حبة وإذا نسي أن يأخذ الحبة يموت، اشترى أربع منبهات أحب أن ينام الساعة العاشرة الأربع منبهات الساعة الحادي عشر يستيقظ ويأخذ حبة الساعة الثانية عشر يأخذ حبة وينام، الساعة الثانية عشر يأخذ حبة وينام، الساعة الثانية،.... كل ساعة وهذا أحدث دواء صنع لتلافي تعطل مركز التنفس النوبي، فقال لي هذا الطبيب: أن هذا الطبيب له ابن في دولة أجنبية كان مسافر وحضر وقت حضوره من فرحهم به طبعاً سهروا معه، الساعة الواحدة ما استيقظ الأب فاستيقظوا فوجدوه ميتاً أربع منبهات وما استيقظ.
نحن نتنفس ونأخذ راحتنا يقول لك ـ رحت يا داوي ـ هذه يا داوي قليلة هذه من نعم الله الكبرى أن تنام والتنفس يعمل، تنام والقلب يعمل والأمعاء تعمل، الهضم، والبنكرياس، والكبد، والصفراء، والكظر، والرئتين، والأوردة، والشرايين، يوجد شيء دقيق جداً نحن أثناء النهار كل دقيقة دقيقتين يبلع الإنسان لعابه، بلع هذا اللعاب يعني عملية تتم في أدق الأجهزة، هذا لسان المزمار شبهوه بشرطي سير يعمل عمله ليلاً نهاراً من دون كلل أو ملل ثمانين سنة، موضوع وله وضع فوق القصبة لكن أيام يكون معمل غسالات يقول لك هذه مانعة ما معنى مانعة ؟ يجب أن يكون محور في قعر الغسالة حتى يدور الفراش، يجب أن نحفر قعر الغسالة يخرج المحور، وفيها ماء الغسالة والماء شديد النفوذ إذاً نحتاج إلى شيء مطاطي يمنع الماء ويحرك المحور، هذه قضية معقدة جداً اسمها مانعة، أنت عندما تبلع اللعاب يأتي لسان المزمار يغلق الرئة بإحكام مائة بالمائة والدليل لو دخل نقطة ماء أو أقل من نقطة تسعل مائة سعلة أنت الآن تشرب أو تبلغ ريقك لسان المزمان بحركة آلية سكر القصبة الهوائية الآن تريد أن تتنفس لسام المزمار أغلق المري، يعمل ليلاً نهاراً، في النهار أنت واعي أما الشيء الذي لا يصدق وأنت نائم، أحياناً عند طبيب الأسنان يضطر الطبيب أن يفتح الفم لفترة طويلة ويضع لك شراقة حتى لا تبلع ريقك، فلذلك بالليل وأنت نائم وأنت لا تدري كلما تجمع الريق يأتي أمر من الدماغ أنه كثروا هؤلاء الريقات ماذا نفعل ؟ يعطي أمر للسان المزمار أن يفتح المري ويغلق القصبة وأنت نائم، يوجد عندنا آية مشابهة لهذه الآية، الإنسان لما ينام له جهاز عظمي وله عضلات تكون تحت الجهاز العظمي نائم عليهم وعضلات فوق الجهاز العظمي وضعوا ثقلهم على الجهاز العظمي، يعني يوجد عندك لحم وعظم ولحم أليس كذلك، عضلات وفي المنتصف العظام وفوق العظام يوجد عضلات فما الذي يحصل ؟ أن عضلات الإنسان التي فوق هيكله العظمي تضغط على العضلات التي تحت الهيكل العظمي والشرايين والأوردة عبارة عن أنابيب مطاطية مرنة تنضغط ولما تنضغط التروية تضعف ـ تنمل القدمين ـ إذا جالس على ركبته لفترة طويلة يقول لك نملوا قدمي، ما معنى نملوا؟ أي ضعفت التروية، نقص تروية وأنت نائم الله عز وجل أودع في الإنسان مجموعة كبيرة جداً من نهايات عصبية متخصصة في الإحساس بالضغط هذه تنبه الدماغ، الدماغ يعطي أمر للعضلات وأنت نائم تقلب قلبة، ولكن الأمر عجيب أمر يميني وأمر يساري باستمرار لقوله تعالى:
﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18)﴾
حتى لا تقع من على السرير وأنت لا تدري وهذه من آيات الله الدالة على عظمته وأنت نائم هذا الوزن العضلات مع العظم ضغطوا على العضلات السفلة والأوعية انضغطت واللمعة ضاقت والتروية ضعفت العضلات نملت أجهزة نهايات العصبية المتعلقة بالإحساس بالضغط أخبرت الدماغ، الدماغ أعطى أمر وأنت نائم لهذه العضلات بالتقلص، تصور إنسان نائم يتقلب في الليلة الواحدة ثماني وثلاثين لأربعين مرة، وهذه الآية أساساً من إعجاز القرآن الكريم وربنا قال
(( نقلبهم ذات اليمين وذات الشمال))
لولا تقليبهم لتفسخت عضلاتهم بعد سنوات، قال لي طبيب أول أمر لمريض مصاب بالثبات التقليب، فواحد منا وهو نائم يتقلب وريقه ينزل والبنكرياس يفرز، والصفراء تفرز، والكبد خمسة آلاف وظيفة يعمل، والهضم يتم، والكظر، والقلب يعمل بانتظام، والرئتين، الله عز وجل أراحك من آلاف الأعمال وقال لك أنت تفرغ لعبادتي، إنسان يأكل ويذهب وينام، لو كان هو الذي يهضم الطعام يقول لصديقه أعذرني عندي ثلاث ساعات هضم الطعام وأنا لا يوجد لدي وقت فارغ، والبنكرياس فرغناه أم لم نفرغه، أنت لا يوجد عندك علم ماذا يحدث كل الطعام وامشي، الصفراء تعمل، كلور المار اشتغل، يوجد عامل له اسم معين أفرز أنت لا تدري، خمسة وثلاثين مليون عصارة هاضمة في المعدة بمعدة كل سنتمتر مربع ثمان مائة عصارة هاضمة، والمعدة تفرز ما يعادل لتر ونصف من حمض كلور الماء بعد الطعام يعني قنينة بقين بكاملها تخرج من جدار المعدة.
مرة أحضروا لحم ووضعوه بكرة وثقبوا الكرة، أطعموها لحيوان بعد ما خرجت هذه الكرة فارغة من اللحم، معنى هذا أن الهضم ليس مكيانيكياً يوجد هضم كيميائي، العصارات دخلت من الثقوب وأذابت اللهم، الله عز وجل زود الإنسان بهضم ميكانيكي وبهضم آلي، تصور أنت أيام تأكل ـ آبوات ـ أليس كذلك هذه أساساً لحم ومعدتك لحم، أكبر سؤال كيف لا تهضم المعدة نفسها ؟ هذا السؤال حتى الآن محير، كيف الله زودها بسوائل ذات فعالية كبيرة جداً لهضم الطعام وهي من لحم، ممكن الآن أنت مثلاً أن يكون جهاز الطحن لين، إذا عندك مطحنة كبة يكون الجهاز قوامه من قوام اللحم لا يعمل معك.
الله عز وجل جهز الجسم بأشياء تأخذ بالألباب.
قلنا لكم يوم الجمعة بالخطبة أن علم الجنين تقدم تقدماً كبيراً جداً فصار من الممكن أن نصور الجنين في رحم الأم يوجد صور التقطت بالجنين بالأسبوع الرابع، الخامس، بأول السادس الصورة كما يلي مخلوق رأسه ملتصق بجذعه، وأطرافه نتوءات صغيرة جداً كزعانف السمك، وعيناه مع أنفه وفمه متصلة، بعد سبعة أيام تنفصل العينان عن الأنف عن الفم ويبتعد الرأس عن الجذع وتظهر للأطراف نتوءات الأصابع هذه في آخر الأسبوع السادس، الأسبوع كم يوم سبعة أيام ستة في سبعة، كيف ورد في الحديث الشريف الصحيح الذي رواه الإمام مسلم، والإمام أحمد، وخرجه معظم المحدثين كيف ورد أنه:
(( عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولا: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَأَتَى رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ أَجَلُهُ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ رِزْقُهُ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِه فلا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلا يَنْقُصُ ))
قلت سبحان الله أكان متاح في عهد النبي الكريم آلات تصوير للرحم أكان تصوير طبقي، مادة ظليلة، مُنظر، غرفة عمليات ويشاهد الجنين
فكيف عرف النبي ذلك هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)﴾
الآن لن تكون إماماً إلا إذا صبرت على أمر الله والدليل قوله تعالى:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)﴾
يعني الله عز وجل يسمح لك أن تدعو إليه ولست صابراً، لن تصل إلى مرتبة الإمامة بالدين إلا إذا كنت صابراً، وتعرف الله عز وجل وتعرف حكمته من أفعاله، الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.
سيدنا عمر يقول: خير عيش أدركناه بالصبر، لما الإنسان يكون بمصيبة، مر معي حديث معروف عندكم:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي))
النقطة الدقيقة وهي لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يعني هذا الذي ابتليته بهذا المرض أنا قريب منه أنا معه، لذلك الصابر دائماً قريب من الله عز وجل، بل إن المرض نافذة إلى السماء، آخر حديث:
(( عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ))
الآية الأخيرة قال تعالى:
﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53)﴾
إن انتصرنا فهذه حسنة وإن صبرنا فهذه حسنة.