- ندوات إذاعية
- /
- ٠02 برنامج من نور الإيمان - إذاعة دمشق
مقدمة :
المذيع :
أيها الأخوة والأخوات ؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، نحييكم أطيب تحية من خلال برنامج : "من نور الإيمان" ، و يسعدنا بداية أن نستضيف سماحة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ مادة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
الدكتور راتب :
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أستاذ جمال .
المذيع :
دكتور نتحدث دائماً عن تكوين الإنسان ، نتحدث عن آيات الله عز وجل في هذا الإنسان المعجزة في كل شيء ، يدخل في حيثيات هذا الإنسان أشياء عن خلق الله عز وجل في هذا الإنسان .
آيات الله عز وجل في النفس :
1 ـ الغشاء العاقل :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
المذيع :
عليه الصلاة والسلام .
الدكتور راتب :
أستاذ جمال ، جزاك الله خيراً ، الأصل في هذا الموضوع قوله تعالى :
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾
ْ
تحدثنا في حلقة سابقة عن آيات الله في الآفاق ، وكما رغبت ننتقل اليوم إلى آيات الله في النفس .
من أبرز هذه الآيات أن المرأة حينما تلد ينزل مع الجنين قرص لحمي ، يسميه العامة خلاصاً ، ويسميه الأطباء مشيمة ، المشيمة قرص لحمي تجتمع فيه دورة دم الأم ودورة دم الجنين ، ومعروف في علم الطب أن كل دم له زمرة ، نحن فرضاً لو أن امرأة أعطيناها دماً من زمرة غير زمرتها تموت فوراً بانحلال الدم ، ففي هذا القرص اللحمي تجتمع دورة دم الأم مع دورة دم الجنين ، وكل دورة من زمرة ، و لا يختلطان ، كيف لا يختلطان ؟ بينهما غشاء ، هذا الغشاء يقوم بمهمات يعجز عنها أطباء الأرض مجتمعين .
المذيع :
الله أكبر .
الدكتور راتب :
هذا الذي حمل الأطباء على تسميته بالغشاء العاقل .
من بعض وظائف هذا الغشاء أنه يأخذ الأوكسجين من دم الأم ، ويطرحه في دم الجنين ، الأوكسجين من أجل إحراق السكر ، إذاً هذا الغشاء يقوم بمهمة جهاز التنفس في الجنين، لكن السكر كما تعلمون لا يحترق إلا في درجة مئة في الأوضاع العادية فكيف يحترق في جسم الجنين بدرجة سبع وثلاثين ؟ لابد له من أنسولين ، الغشاء العاقل يأخذ الأنسولين من دم الأم ويطرحه في دم الجنين . .
المذيع :
الله .
الدكتور راتب :
ومن خصائص هذا الغشاء أنه يمنع وصول المادة السامة والمؤذية من دم الأم إلى دم الجنين ، فكل ما في دمها من مواد سامة لا يمكن أن تنتقل عبر هذا الغشاء إلى دم الجنين .
شيء آخر ؛ هذا الغشاء يأخذ عوامل المناعة التي اكتسبتها الأم في كل حياتها - كما تحدثنا عن هذا في حلقة سابقة - أي الأم إذا أصيبت بأمراض تكتسب بعد هذه الأمراض مناعة ضد هذه الأمراض ، وإذا أخذت لقاحات تكتسب مناعة أخرى ، فكل عوامل مناعتها يأخذها الغشاء العاقل من دم الأم و يطرحها في دم الجنين .
شيء آخر ؛ وهو أخطر وظائفه ، أن هذا الغشاء العاقل كأنه يعلم حاجة الجنين من كل عناصر دم الأم ، من البروتينات ، من الدهون ، من السكريات ، من الفيتامينات ، من المعادن ، من أشباه المعادن ، يعلم حاجته ، ثم ينفذ هذه الحاجة فيلتقطها من دم الأم ويطرحها في دم الجنين وكأنه غشاء عاقل ، وهذا يعجز عنه أطباء الأرض مجتمعين ، هل يعلم الطبيب أن هذا الجنين بحاجة إلى كذا بوتاس ، وكذا فيتامين "ب" وكذا ؟ مستحيل ، لكن الشيء المدهش أن هذه النسب التي يلتقطها الغشاء العاقل من دم الأم تتبدل كل ساعة بحسب حاجة الجنين ، وهذا شيء معجز في هذا الغشاء .
هذا الغشاء العاقل ماذا يفعل أيضاً ؟ يأخذ من دم الجنين ثاني أكسيد الكربون الذي نتج عن احتراق السكر ويطرحه في دم الأم ، كي يطرح في تنفسها ، ثم يأخذ من دم الجنين حمض البول الذي نتج عن هضم المواد الدسمة ويطرحه في دم الأم كي تطرحه في الكليتين ، هذا الغشاء العاقل يقوم بمهمات لا تستطيع خبرات الأطباء في الأرض مجتمعين أن تقوم بهذه المهمات ، هذا صنع الله :
﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾
2 ـ حاسة الشم :
أستاذ جمال ، آيات الله في النفس لا تعد ولا تحصى ، من هذه الآيات مثلاً أن عصب الشم مؤلف من عشرين مليون عصب ، وكل عصب ينتهي بسبعة أهداب ، والأهداب مغمسة بمادة تتفاعل مع الرائحة ، وينشأ من هذا التفاعل شكل هندسي ، هو رمز لهذه المادة ، هذا الشكل يشحن إلى الدماغ إلى الذاكرة الشمية حيث هناك عشرة آلاف بند ، ويعرض عليها واحدة واحدة ، فإذا توافق الرمزان عرفت أنت أن هذه رائحة الياسمين ، هذا خلق الله أيضاً ، وهذا من دقة خلق الله عز وجل .
المذيع :
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾
3 ـ الدماغ والغدة النخامية :
الدكتور راتب :
نعم ، و :
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾
أستاذ جمال ، جزاك الله خيراً هناك حالة تعتري الإنسان حينما يرى خطراً ، أنا أضرب مثلاً : لو أنك تمشي في بستان ، ورأيت في البستان أفعى ، صورة الأفعى تنطبع على شبكية العين إحساساً ، لكنها حينما تنقل إلى الدماغ فالدماغ يملك مفهومات عن الأفعى إما من دراسة ، أو من قراءة ، أو من تجارب ، أو من مشاهدات ، فمجموع هذه المفاهيم ينبئ صاحب الدماغ أن هذه الأفعى لدغتها قاتلة ، فما الذي يحصل ؟ الدماغ يرسل إشارة إلى ملكة الغدد ، نحن في جسم الإنسان عندنا نظامان : نظام عصبي على رأسه الدماغ ، ونظام هرموني على رأسه الغدة النخامية ، فملك النظام العصبي وهو الدماغ بعد أن علم أن هناك خطراً من هذه الأفعى يبلغ ملكة الجهاز الهرموني الغدة النخامية ، والغدة النخامية لا يزيد وزنها عن نصف غرام، وتفرز عدداً من الهرمونات ، لو أن كل هرمون تعطل إفرازه ، أو زاد إفرازه لأصبحت حياة الإنسان جحيماً لا تطاق ، من هذه الهرمونات هرمون النمو فإذا زاد عن حده صار الإنسان عملاقاً ، و إذا قصر عن حده صار الإنسان قزماً .
هرمون الجنس ، هرمون توازن السوائل ، موضوع طويل ، إلا أن الغدة النخامية تستطيع أن تعطي أمراً إلى غدتين فوق الكليتين اسمهما الكظر ، الكظر موكل بمواجهة هذا الخطر ، الكظر يعطي أول أمر إلى القلب فيرتفع نبضه ، والذي تراه خائفاً ، لو قست نبضه لرأيته يزيد عن مئة وستين نبضة ، ذلك لأن القلب حينما يرفع نبضه يسرع مرور الدم في الأوعية، وحينما يسرع مرور الدم في الأوعية أي الدم يلبي الحاجة الاستثنائية بلا جهد ، فالخائف يرتفع نبضه لأن الكظر أرسل أمراً هرمونياً إلى القلب برفع النبض ، ثم إن الخائف يصفر لونه ، لماذا ؟ لأن الأوعية المحيطية في الإنسان التي مهمتها أن تعطي جلد الإنسان لوناً زهرياً جميلاً ، الإنسان بحاجة الآن إلى دم وفير لا بحاجة إلى لون وردي ، لذلك الكظر يعطي أمراً للأوعية المحيطية بتضييق اللمعة ، فتجد الخائف يصفر لونه ، وحينما ارتفع خفقان القلب لابد أن يرتفع معه وجيب الرئتين ، وهناك أمر ثالث يذهب إلى الرئتين لرفع وجيب الرئتين ، فالخائف يرتفع نبضه ، ويلهث بسبب سرعة التنفس ، ثم يصفر لونه ، وهناك أمر آخر ينتقل من الكظر إلى الكبد ؛ بصرف مادة إضافية سكرية إضافية ذلك لأن السكر وقود العضلات ، فلو فحصنا دم خائف لوجدنا كمية السكر أعلى من نسبتها في الأحوال الاعتيادية .
بقي شيء آخر؛ هو أن الخائف ربما أصيب بطعنة ، أو بحادث فينزف دمه كله ، فلابد من هرمون التجلط ترتفع نسبته في الدم حتى يمنع نزيف الدم ، هذا يتم في ثانية واحدة ، خائف رأى ثعباناً ، أو رأى أفعى يرتفع نبض قلبه ، يزداد وجيب رئتيه ، يصفر لونه ، يزداد السكر في دمه ، يزداد هرمون التجلط في دمه ، هذا يتم في ثوان معدودة ، وهذا من صيانة حياة الإنسان .
أستاذ جمال ، آيات الله في النفس لا تعد ولا تحصى .
4 ـ الشعر :
يوجد نقطة دقيقة جداً هو أن الشعر الذي على رأس الإنسان من منا يصدق أن في رأسه ثلاثمئة ألف شعرة ، لكل شعرة وريد ، وشريان ، وعضلة ، وعصب ، وغدة دهنية ، وغدة صبغية ، ومن حكمة الله الكبرى أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل في الشعرة عصباً حسياً ، بل جعل فيها عصباً محركاً ، فلو كان في الشعرة عصب حسي لاضطر الإنسان إلى أن يذهب إلى المستشفى ، ويخدر تخديراً كاملاً كي يحلق شعره ، دقق . .
المذيع :
نعم ، نعم .
الدكتور راتب :
لا في الشعر أعصاب حس ، ولا في الأظافر ، لكن قد نجد عصب الحس في نقي العظام ، وليس له مهمة إطلاقاً هنا ، شيء يحير العلماء ، ثم ثبت أن الإنسان حينما تكسر رجله مثلاً لولا هذا العصب الحسي في نقي العظام لتابع السير ، وتفاقمت الحالة ، فمن شدة الألم الذي ينتابه من كسر رجله يبقيها على حالها ، وإبقاؤها على حالها أربعة أخماس العلاج :
﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾
خاتمة وتوديع :
المذيع :
لنا متابعة إن شاء الله فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي أستاذ مادة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، في كليات الشريعة وأصول الدين ، نشكركم على هذه المعلومات القيّمة فعلاً في إعجاز الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ، نشكركم فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي على هذه المعلومات القيمة العلمية الدقيقة التي إن دلت على شيء فتدل على عظمة الله سبحانه و تعالى ، نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
الدكتور راتب :
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته .