وضع داكن
18-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 078 - التوبة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام: لازلنا مع أبي حامد الغزالي في موضوعات دقيقةٍ تتعلق بسير الإنسان إلى الله عز وجل، لأن الإنسان كما قال عليه الصلاة والسلام:

(( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ))

 لا أقول نوع الخطأ الذي يخطئه الإنسان ولكن الإنسان من شأنه أن يخطئ، الخطأ الذي يقع به الإنسان علاجه عند الله التوبة، لذلك من أقرب الموضوعات إلى النفس الإنسانية وإلى المؤمنين التوبة، وكلما ارتقى إيمان المؤمن يصبح كثير التوبة، يتوب من أدق الذنوب، ويتوب في كل وقت وحين، ويتوب في اليوم مائة مرة، فالتوبة من شأن المؤمن، لأن المؤمن يقبل وتكثر علاقته بالله أحياناً، يصيب وقد يخطئ، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ))

 أيها الأخوة قبل أن نخوض في موضوع التوبة، وقبل أن نذكر الآيات والأحاديث الشريفة الصحيحة المتعلقة بهذا الباب لابد من وقفةٍ قصيرة نحو أن المؤمن يراقب قلبه، هو يعلم علم اليقين ما إذا كان موصولاً أو مقطوعاً، فإذا كان موصولاً بالله، قال تعالى:

 

 

﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)﴾

 

( سورة القيامة )

 يعلم علم اليقين ما إذا كان موصولاً أو مقطوعاً وللصلة قواعد وأسباب، فالاستقامة أحد أسباب الصلة، وإذا ضم إلى الاستقامة العمل الصالح تزداد هذه الصلة، قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)﴾

 

( سورة الكهف )

 يعني آية واضحة كالشمس، لأن الإنسان يقبل ويفتر، يصيب ويخطئ، من شأن الإنسان أن يخطئ لذلك الذي يغطي خطأه دائماً هو التوبة إلى الله عز وجل، أنا لا أقول أنَ المؤمنَ يخطئ خطأً مقصوداً ولا خطأً كبيراً، يغلب على الظن أن خطأ المؤمن ليس مقصوداً، وأن خطأ المؤمن ليس كبيراً، لكن ومع ذلك فقد يتكلم كلمة تسبب جرحاً لأخيه المؤمن، قد ينظر نظرة الأولى أن لا يتابع النظر، فهذه الأخطاء الذي يقع بها المؤمن علاجها السريع والحاسم واليومي التوبة إلى الله عز وجل، لذلك قال الله تعالى:

 

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾

 

( سورة النور )

 فالله سبحانه وتعالى ربط الفلاح بالتوبة، والفلاح شيء لا يتصور، قال تعالى:

 

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)﴾

 

(سورة المؤمنون 9)

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)﴾

( سورة الأعلى )

 في الحديث الصحيح:

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ هُدِيَ إِلَى الإسْلامِ وَرُزِقَ الْكَفَافَ وَقَنَعَ بِهِ ))

فالله سبحانه وتعالى ربط الفلاح بالتوبة، قال:

 

 

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾

 

( سورة النور )

 لكن في هذه الآية نقطة دقيقة جداً قد تغيب عن البال، ماذا تفيد كلمة جميعاً ؟ لأن توبوا فاعلها واو الجماعة، واو الجماعة تدل على جماعة الفاعلين، وكلمة توبوا تعني أيها الناس جميعاً، أيها المؤمنون جميعاً، ماذا تفيد كلمة جميعاً ؟ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، العلماء يقولون لا تشعر بقيمة المجتمع المسلم إلا إذا كان كل أفراده منضبطين، يعني لو فرضنا مثل بسيط أنت عندك هاتف ولك خمسين صديق لا يوجد عندهم هواتف، ما قيمة هاتفك ؟ لا شيء، متى يكون لهذا الجهاز قيمةٌ كبيرة ؟ إذا كان منتشراً عند كل أصدقائك، لما المؤمنون جميعاً يتوبون، جميعاً يصدقون، جميعاً يؤتمنون، جميعاً يكسبون المال الحلال، جميعاً لا يغشون فالحياة في هذا المجتمع من متع الحياة، لذلك أحد أسباب راحة المؤمن في المسجد أن حوله أخوان مؤمنين يشعر بطمأنينة، يشعر أنه لا يقنص، ولا يغش، ولا يغدر، ولا يهان، ولا يوضع في موضع مهان لذلك المجتمع المؤمن مسعد، والله عز وجل قال:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾

 

( سورة التوبة )

 يعني اختر مجتمعاً مؤمناً تسعد به، أقل ما في هذا المجتمع الطمأنينة، أقل ما في هذا المجتمع الصدق والأمانة، يوجد إنسان يعمل عمل لا يرضي الله عز وجل وله أصدقاء زملاء تابوا فتاب الله عليهم، مرةً زارهم فرأى في مجتمعهم الصدق، والمحبة، الإخلاص، والأمانة، التعاون، الموءاثرة، وازن بين هذا المجتمع المسلم الصغير الطاهر النقي وبين مجتمع فيه الغدر، والخيانة، والرياء، فانضم إلى هؤلاء لأنه رأى الفرق شاسعاً وكبيراً بين مجتمع المؤمنين ومجتمع أهل الدنيا، المؤمنون إذا ذهبوا إلى نزهةً يعودون منها وقد ازدادت محبتهم إلى بعضهم بعض أهل الدنيا يعودون متخاصمين، لأن الدنيا تفرق والله يجمع، لذلك جاءت الآية الكريمة:

 

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾

 

( سورة النور )

 وإذا المؤمن تاب وحده مقبول عند الله ويسعد بتوبته، لكن تزداد سعادته آلاف الأضعاف حينما يعيش في مجتمع مؤمن كلهم تائب إلى الله عز وجل، يوجد نقطة تغيب عن الأذهان أن الله عز وجل نهاك عن أن تسرق، هل تعلم أنك واحد وأن ألف مليون إنسان منهي عن السرقة من أجلك، كما أن الله نهاك عن أن تسرق نهى كل من حولك عن أن يسرقوا منك، هذا الأمر لصالح من ؟ لصالح الفرد والمجتمع، أمرك أن تغض البصر لكن أمره عام، وأمر الآخرين أن يغضوا البصر عن نسائك، فأنت لما تطبق الأمر الإلهي تقطف أضعاف مضاعفة من الخيرات، أنت حينما تصدق أمر الآخرين أن يصدقوا معك، أنت حينما تؤتمن أَمَر الآخرين أن يؤتمنوا معك، أنت حينما تنصح أَمَر الآخرين أن ينصحوك، الله سبحانه وتعالى يريدنا أن نكون في مجتمع صالح طيب، يد الله مع الجماعة، ويد الله على الجماعة، وأنا أقول لكم كلمة الإسلام لا تتسع دوائره ولا ترفرف راياته إلا إذا انطلق من مجتمع مسلم، مجتمع يطبق تعاليمه تطبيقاً صحيحاً، الإسلام لا يصدر بالأفكار يصدر بالنماذج الحية، يعني النموذج الحي أقوى في التأثير من آلاف الأقوال المجردة.
إذاً موضوع الدرس اليوم قوله تعالى:

 

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾

 

( سورة النور )

 الوقفة كانت عند كلمة جميعاً، يعني إذا تبتم جميعاً سعدتم سعادة عظمى أما إذا تاب إنسان وحده يعني هو إذا تاب وحده وحجب امرأته وخرج إلى الطريق ورأى النساء كاسياتٍ عاريات شعر بضيق شديد، أما إذا كانوا النساء جميعاً كما أمر الله ورسوله يسعد في بيته ويسعد إذا خرج من بيته، الآية الثانية في هذا الباب قوله تعالى:

 

﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68)﴾

 

( سورة الفرقان )

 أحياناً قيمة الشيء لا تبدو إلا إذا ألغيته، يعني مثلاً قوله تعالى:

 

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)﴾

 

( سورة الملك )

 قيمة هذا المفصل لا تبدو لك جليةً إلا إذا ألغيته، ثبت هذه اليد وانظر كيف تعمل بها أحد أسباب معرفة حجم الشيء الحقيقي وقدره الحقيقي إلغائه، لو ألغينا التوبة، لو أن الله سبحانه وتعالى لم يشرع لنا التوبة ماذا نعمل، إنسان زلت قدمه ويعلم أن الله لا يتوب عليه، ما الذي يحصل ؟ تتفاقم المعاصي، تزداد، يفجر، ينتقل من حال إلى أسوء، من بعد إلى أبعد فالله سبحانه وتعالى جعل علاج الذنوب بالتوبة لأن الإنسان إذا أخطأ يعلم أن له رباً تواباً رحيماً بل إن الأحاديث التي تذكر موضوع التوبة تلفت النظر.

 

(( يعني لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد ))

 دققوا في هذا الحديث، إنسان ضيع سند بنصف مليون وقال له ليس لك عندي شيء، ائتي به وخذ المبلغ، وجده بعد بحثٍ طويل كم هي فرحته بهذا السند، لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم، العقيم الوالد، يعني الإنسان إذا كان عقيماً ثم أكرمه الله بمولود يكاد يطير فرحاً، والظمآن الذي أشرف على الهلاك، لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد.
وأنا دائماً ألح على هذه القضية أن الله سبحانه وتعالى جعل نظام الأبوة والبنوة نظاماً يشير إليه من طرف خفي، يعني هذا الأب ماذا يسعده ؟ الأب المكتفي المستغني عن أولاده ماذا يسعده ؟ أن يسعدوا، ماذا يسعده؟ أن ينجحوا، ماذا يسعده ؟ أن يوفقوا، ماذا يسعده ؟ أن يكرموا فهذا الأب وفي قلبه هذه الرحمة، وبالمناسبة لما الله عز وجل خاطب النبي عليه الصلاة والسلام قال:

 

 

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

 

( سورة آل عمران )

 رحمةٍ نكرة، والشيء الثابت أن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم رحمةٍ بالخلق، يعني أرحم الخلق بالخلق هو النبي عليه الصلاة والسلام، لكن بقية المؤمنون يتراحمون على قدر إيمانهم، بالمناسبة القلب القاسي بعيد عن الله عز وجل،، إن أبعد القلوب عن الله القلب القاسي بل إن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)﴾

 

( سورة الزمر )

 ويبدو أن الرحمة تتسرب إلى قلب المؤمن بقدر اتصاله بالله عز وجل والآية الكريمة:

 

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

 

( سورة آل عمران )

 وأخوانا الكرام هذا مقياس للإيمان دقيق جداً امتحن قلبك، هل يرحم الخلق ؟ هل يضطرب إن رأى شقاءً ؟ هل يضطرب إن رأى فقراً ؟ هل يضطرب إن رأى مرضاً ؟ هل يضطرب لدمعةً تسيل على خد إنسان أمامه ؟ فالراحمون يرحمهم الله، وإذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، وأبعد القلوب عن الله القلب القاسي والقلب الرحيم مؤشر على عظم الإيمان في قلب الإنسان، فلذلك فبما رحمة من الله، أرحم الخلق بالخلق النبي عليه الصلاة والسلام، ماذا قال الله عن ذاته ؟ قال الله عن ذاته:

 

﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58)﴾

 

( سورة الكهف )

 هل تجد فرقاً بين فبما رحمة وبين وربك الغفور ذو الرحمة ؟ طبعاً الفرق كبير هذا التنكير تصغير فبما رحمة، يعني في قلبك يا محمد رحمةٌ إذا قيست برحمة الله ليست بشيء، ومع ذلك قال لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً.
 أنا أقول لكم أحدنا إن رأى شخصاً شارداً عن الله بعيد، فاسق، فاجر، لا يوجد به خير، لا يتألم لألمه، يعني الأدق من ذلك كنت أضرب هذا المثل أنت أب وجدت ثلاثة أطفال في الطريق يتكلمون كلاماً بذيئاً أحدهم ابنك والثاني ابن أخيك، والثالث لا تعرفه، الغضب الشديد ينصب على من في الدرجة الأولى ؟ على ابنك لشدة قربك منه وشدة قربه منك، وحبك له وحبه لك، ولرحمتك له، والغضب الأقل على ابن أخيك، أما الشاب الثالث تقول له انصرف إلى البيت، قد لا تؤنبه لأنك لا تشعر باتجاهه بأي عاطفة.
 إن النبي عليه الصلاة والسلام ما جعله الله سيد الخلق ودققوا الآن إلا لأن قلبه اتسع لكل الخلق، هل لك قلب يتسع لكل الخلق ؟ هل تتألم لشقاء إنسان وإن كان بعيداً عنك ؟ أكثر الناس يرحمون أقرباءهم، يرحمون من يلوذ بهم، يرحمون أهلهم، يرحمون أولادهم، لكن الرحمة الخاصة فيما أعتقد وفيما أظن لا تؤجر عليها كما تؤجر على الرحمة العامة، لأن الرحمة الخاصة فطرية، بينما الرحمة العامة كسبية، وانتبهوا لما أقول، الرحمة الخاصة الله عز وجل أودع في قلب الأب والأم رحمةً من أجل أن تستمر الحياة، وكل شيء طبع عليه الإنسان لن يكلف به، الإنسان مطبوع على أن يأكل، لا يوجد أمر في القرآن والسنة على أن تأكل لأنك تأكل من دون أمر، الأمر الذي طبع عليه الإنسان لا يكلف به، ولكن بماذا يكلف ؟ بما لا يطبع عليه، لذلك النبي قال حينما تكلم عن الرحمة قال: ولكنها رحمة عامة، الذي يميز رحمة المؤمن عن رحمة غير المؤمن، أن رحمة المؤمن عامة، يعني قلب المؤمن ينبغي أن يتسع للقريب وللبعيد، لكن الأنبياء رحمتهم لكل أقوامهم، أما النبي عليه الصلاة والسلام فرحمته للخلق كافة، رحم الخلق كافةً، فالواحد منا أخوانا الكرام يمتحن قلبه إذا فيه رحمة يضطرب للشقاء، يضطرب للحرمان، يضطرب للفقر، يضطرب للمرض، يضطرب لتعذيب إنسان، هذه علامة طيبة جداً أن في قلبه رحمة، لأنه قريب من الله عز وجل، يعني هذا الكون قام على الحب وقام على الرحمة، فإذا رأيت قسوةً وحقداً وبعداً فاقرأ على هؤلاء السلام، لا يحبنا الله إلا إذا تراحمنا، الراحمون يرحمهم الله، إن أردتم رحمتي فارحموا خلقي، يعني موقف رحيم أفضل من عشر ساعات تمضيها بالذكر، لأن الذكر من أجل أن ترحم فإن لم ترحم فما قيمة هذا الذكر، الموقف الرحيم هو من ثمار الصلاة فإن صليت ولم ترحم فما قيمة هذه الصلاة ؟ يا أخوان أتمنى أن أذكر لكم دائماً أن الإسلام بني على خمس، الإسلام بناء أخلاقي، الإسلام قيم، الإسلام رحمة، هذه الرحمة إن لم تكن ما قيمة هذه الرحمة ؟ لا قيمة لها إطلاقاً لذلك لما قال الله عز وجل:

﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70 ﴾

(سورة الفرقان )

 المعنى المتبادر لهذه الآية أن الإنسان إذا تاب توبةً نصوحة وأقبل على الله عز وجل وأشرق في قلبه نور الهداية، يبدل الله سيئاته حسنات يعني كان غضوباً فصار حليماً، كان بخيلاً فصار كريماً، كان حقوداً فصار سموحاً، كان جباناً فصار شجاعاً، كان مختلاً فصار حكيماً، كل سيئاته وكل أخطائه تنقلب إلى حسنات.
 أيها الأخوة الكرام: الأحاديث التي تتعلق بالتوبة كثيرةً جداً، قد يقول أحدكم هذا الباب طرق سابقاً، باب التوبة ينبغي أن يطرق دائماً لأنه أقرب موضوع للنفس البشرية، أقرب موضوع للمؤمن أن يكثر من التوبة، والله إني لأستغفر الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة في اليوم.

 

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ))

 يعني في النهار توبة وفي الليل توبة، والله عز وجل ينتظرنا أن نتوب إليه، ماذا نعمل ؟ لذلك الله عز وجل قال:

 

 

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾

 

( سورة البقرة )

 قد يقول قائل لما لم يقل لها ما كسبت وعليها ما كسبت، أو لما لم يقل لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت، يعني العمل الصالح يسجل فوراً أما العمل السيئ كأن الله عز وجل ينتظر من عبده أن يتوب منه أو أن يندم عليه أو أن يقلع عليه حتى لا يسجله، لا يسجل إلا إذا اكتسب، اكتسب على وزن افتعل، فيه إصرار، فيه ثبات، فيه مداومة، فيه افتخار، في عدم ندم.

 

(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ))

 وطلوع الشمس من مغربها من علامات قيام الساعة، على كلٍ أنت عندما تشعر أن الله عز وجل ينتظر منك أن تتوب وأنه ما أمرك بالتوبة إلا ليتوب عليك، وأنه مهما كان ذنبك عظيماً يغفره الله عز وجل فماذا تنتظر ؟ قال تعالى:

 

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

( سورة الزمر )

 والله ما من كلمة أحب من الله من أن يرى عبده في الليل يصلي ويقول يا رب تب علي، يا رب اقبل توبتي، يا رب استر عورتي، يا رب اغفر زلتي، هذه المناجاة، هذا الاتصال بالله عز وجل هو الذي يرقى بالإنسان هذا الحديث يجب أن نحفظه.
 لكن يوجد في أحياناً أشخاص سبحان الله تقول له ما تتوب ؟ يقول: حتى الله يتوب علينا يستهزئ، الله عز وجل فتح لك باب التوبة، وينتظر منك أن تتوب فماذا تنتظر أنت ؟ أنا الذي أرجوه في هذا الدرس نقطة واحدة فقط، أيام الإنسان يرتكب ذنب يتوانى في التوبة ويرتكب أكبر، يتوانى أكبر، بعد ذلك يتدهور، ثم يقف موقفاً لا يستطيع أن يتوب لأن الحجاب بينه وبين الله صار ثخيناً، أيام العوام يقول لك لاحق قضيتك أولها سهل، قال لي شخص يجب أن تعمل فحص كل ستة أشهر، والسبب أنه أي مرض في بدايته سهل معالجته، وأيضاً لما الإنسان يتوب سريعاً ذنبه صغير والتوبة سهلة، أما إذا تراكم ذنب فوق ذنب تضعف ثقته بنفسه، كلما تراكمت الذنوب صار الحجاب كثيفاً وصار هتكه عسيراً، يوجد إنسان يتوهم وهم أنه في أي لحظة يتوب، لا، الباب مفتوح لكن أنت بالذات لا تستطيع أن تتوب في أي لحظة، النقطة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى، حينما يصل الإنسان إلى مشارف الموت يغلق باب التوبة، قال تعالى:

 

﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)﴾

 

( سورة الأنعام )

 نحن الآن في نعمة كبيرة كثيراً أن باب التوبة مفتوح أمامنا وأن بإمكان أي منا أن يتوب مادام القلب ينبض، ومادام الإنسان لم يغرغر فباب التوبة مفتوح، روى ابن ماجة بسند جيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمُ السَّمَاءَ ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ عَلَيْكُمْ ))

 أنا لا أرضى من إنسان يتوقع أنه يوجد ذنب لا يمكن أن يتوب منه الإنسان، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم أتيتني تائباً غفرتها لك ولا أبالي، أنا أشجعكم على أن يتوب الإنسان من كل كلمة قالها، يا رب تبت إليك، من كل نظرة، من كل حركة، من كل سكنة والتوبة كما تعلمون جميعاً علم، وحال، وسلوك، وكنت أقول لكم دائماً أنت متى تعالج الضغط المرتفع ؟ في حالة واحدة بعد أن تعلم أن ضغطك مرتفع أما إن لم تعلم، أنا اخترت الضغط لماذا ؟ لأن الضغط قد يرتفع إلى أعلى درجة دون أن تشعر، والضغط أحياناً قد يرتفع دون أي أعراض يشعر بتمام الصحة والعافية والنشاط وضغطه ثمانية عشر، اثني عشر فمتى يتحرك الإنسان لمعالجة الضغط المرتفع ؟ بعد أن يعلم أن ضغطه مرتفع، ولا يوجد توبة بلا علم، لماذا تحضر أنت مجالس العلم ؟ كي تقيس سلوكك بالشرع، إذا كان في مخالفة تتوب، متى تتوب إذا كشفت الخطأ، إذا كشفت الذنب متى تتوب ؟ إذا شعرت بالتقصير، إذا إنسان لا يحضر مجلس علم ويعيش في مجتمع متفلت، هكذا المجتمع، هكذا نشأنا، هكذا أنشأنا والدنا، هكذا تربينا، ماذا نفعل ؟ ماذا نعمل ويكون متلبس بألف غلطة وألف ذنب، ويقول لك ماذا فعلت هذا علاجه مجلس علم، يعرف الحلال والحرام، الخير والشر ما ينبغي وما لا ينبغي ما يجوز وما لا يجوز، تلاحظون معي لا يوجد حركة إلى الله إلا أساسها العلم، التوبة بلا علم لا تتوب، ألا ترى أناساً يرتكبون الكبائر، يقولون ماذا نفعل هل هذه حرام ؟ لا يعرف والله قصة ممكن أن لا تصدقونها أخ حدثني ذهب إلى بلد إسلامي في أوربا الشرقية قال لي خطبت وثلاثة آلاف إنسان بالخطبة وأكثرهم يشرب أثناء الخطبة، هل الخمر حرام ؟ كيف يتوب إن لم يعلم أن الخمر حرام.
 أنت أول مرحلة يجب أن تطلب العلم والعلم لماذا ؟ من أجل أن تعرف من أنت، مستقيم أم منحرف، محسن أم مسيء، دخلك حلال أم حرام العلم أولاً قبل كل شيء يجب أن تعلم لذلك طلب العلم حتم واجب على كل مسلم، طلب العلم فريضة على كل مسلم، أنا أحضرت مثل الضغط، لن تتحرك لمعالجة الضغط المرتفع إلا إذا علمت أن ضغطك مرتفع، إذاً تحتاج إلى أن تقيس ضغطك، بعدئذٍ فالتوبة علم، إذا قال لك الطبيب أعوذ بالله ثمانية عشر اثني عشر وأنت تعيش إلى الآن، يقول له ممكن أن يكون سكر، خثرة بالدماغ، اضطراب وخلل الشبكية مضاعفات خطيرة جداً للضغط المرتفع، خَوَفك، أول شيء علمت، ثاني شيء خفت، ومن ثم شمرت وأوقفت الملح، عالجت الضغط بأدوية، ورياضة وما شاكل ذلك وحمية معينة.
 لاحظ علمت، فخفت، فتحركت، التوبة علم وحال وعمل، لن يكون الحال إلا بعد العلم، ولن يكون العمل إلا بعد الحال، هذه سنة الله في خلقه لذلك:

 

 

(( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ))

 روى الشيخان يعني البخاري ومسلم:

 

 

((عن عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ))

أيام يسألني أخ ويقول لي: أنا أذنبت، فأقول له: تب إلى الله، فيقول لي: أنا تبت سابقاً ثم عدت ما هو الحل، هل يوجد عندنا باب غير التوبة، طبعاً إذا كان الذنب الثاني غير الأول التوبة الثانية سهلة، قال تعالى:

 

 

﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)﴾

 

( سورة الأنعام )

 دائماً الذنب الثاني إذا كان كالأول التوبة أصعب، أما من نوع ثاني أسهل أذنبت في هذا الحقل، تبت منه ويوجد مجال آخر تبت، فالمؤمن ديدنه التوبة، والتوبة القلبية، والتوبة القلبية لا تصلح إلا بثلاث أشياء العلم قلته لكم قبل قليل، احضر مجلس العلم من أجل أن تعرف من أنت وما حجم إيمانك وما نوع ذنبك وما نوع تقصيرك ؟ والحال هو الندم، أما العمل ينصب على ثلاثة أشياء، إقلاع في الحال وندم عن الماضي وعزم على المستقبل، يوجد فيه إقلاع فوراً وفيه ألم وفيه عزم على أن لا يعود إليه في المستقبل، هذه هي التوبة، والحديث المعروف عندكم:

 

((عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ ))

 

(( ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ))

 مؤدى هذا الحديث ليس لنا إلا الله، لكن أنصح لكم أنه كلما تاب الإنسان ثم عاد لما فعل يصعب عليه أن يتوب مرةً ثانية إلا أن باب التوبة مفتوح، إلا أنه يوجد حالة تُعين، قال النبي الكريم:

 

(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ))

والله عز وجل يقول:

 

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)﴾

 

( سورة هود )

 يوجد أخ مثلاً يتبرع ويتصدق إذا وقع في غلط، يوجد أخ يصوم لا يملك، يوجد أخ يصلي، يوجد أخ يتهجد، يوجد أخ يخدم الناس، قال تعالى: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، لكن عود نفسك أن تعمل ترميم كلما صار في غلط تعمل عمل صالح والعمل الصالح يطمئن الإنسان، أنا أشعر أنه ممكن إذا رجل غلط ودفع صدقة من دخله الحلال ومبلغها معقول يشعر أن الله قد رضي عنه، إن الحسنات يذهبن السيئات، يعني هذا باب إلى الله عز وجل، الباب أن تتبع السيئة الحسنة تمحوها بعمل صالح بخدمة مسجد أحياناً، بصلاة، بصيام، بنشر حق، بقيام ليل العمل، الصالح يمحو السيئة.

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ فَإِنْ زَادَ زَادَتْ فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))

 يعني أذنب ذنب نكتة سوداء في قلبه، ذنب آخر نكتة ثانية، إلى أن تستولي هذه الذنوب على قلبه فيختم، أما إذا أذنب ذنباً وكان هذا الذنب نكتةً سوداء في قلبه فإن فاض ونزع واستغفر صقل منها، الملخص تابع ذنوبك ذنباً ذنباً، عالج نفسك، كن حكيماً، تعهد قلبك، لا يتراكموا، وكل شيء إذا لم يتراكم إزالته سهلة.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا
يعني غصن رفيع كسره سهل، لكن إذا اجتمعت هذه الأغصان وصارت حزمةً ثخينةً كسرها صعب ومستحيل، فالذنوب إذا كثرت ربما يصعب أن تتوب منها، والإمام الترمذي يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً حَسَنه:

 

 

(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ))

 يعني إذا بلغت روحه الحلقوم عندئذٍ ليس هناك توبة، الطبراني روى بسند حسن، والبيهقي بسند فيه مجهول، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ميلاً ثم قال: يا معاذ أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ورحمة اليتيم، وحفظ الجوار، وكظم الغيظ ولين الكلام، وبذل السلام ولزوم الإمام، والتفقه في القرآن وحب الآخرة، والجزع من الحساب، وقصر الأمل، وحسن العمل، وأنهاك أن تشتم مسلماً أو أن تصدق كاذباً أو أن تكذب صادقاً، أو أن تعصي إماماً عادلاً، أو أن تفسد في الأرض، يا معاذ اذكر الله عند كل شجر وحجر، وأحدث لكل ذنب توبةً السر بالسر والعلانية بالعلانية
المؤمن يكثر من ذكر الله في جلساته، في نزهاته، في سفره، في إقامته، في بيته، في عمله، مع أصدقائه مع زملائه، مع أخوانه، مع جيرانه، هذا ديدنه وهذا محبوبه، الأصفهاني يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

 

(( أنه إذا تاب العبد من ذنوبه ـ دققوا ـ أنسى الله حفظته ذنوبه، وأنسى بذلك جوارحه، ومعالمه من الأرض حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب ))

 هذا مفتوح لنا جميعاً أيها الأخوان، افتح مع الله صفحة جديدة كاملة، عاهد الله عز وجل على التوبة النصوح، والله أيها الأخوة شعور التائب لا يقدر بثمن، يشعر نفسه خفيف عندما يشعر أنه تاب إلى الله والله قبل توبته، بالمناسبة كيف قال النبي إن روح القدس نفثت في روعي، أيام الإنسان يشعر، تسميه شعور، تسميه الله عز وجل أشعرك في هذا، ألقى في قلبك هذا، نفث في روعك، لا أعرف سمه ما شئت لكن الإنسان حينما يتوب يشعر أن الله قبله، والإنسان ينبغي أن يتوب توبةً نصوحة، والتوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى الذنب.

 

 

(( أنه إذا تاب العبد توبةً نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكةوبقاع الأرض وأنسى بذلك جوارحه، ومعالمه من الأرض حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب ))

 وروى أيضاً: " أن النادم ينتظر من الله الرحمة، من رحمة الله بنا أيها الأخوة أن العبد لمجرد أن يندم على ذنبه فإن الندم عند الله توبة، وهذه رحمة كبرى، لمجرد أن تندم ليتني لم أفعل، أيام ترى المؤمن لما يقع بذنب ينكسر بالتعبير العامي ـ يكن ـ يقال له مالك يا فلان ؟ كأنه يتيم، كأنه مقهور، هذا شعور طيب إذا الإنسان وقع بالذنب وشعر حاله مكسور فهذا الندم يعد عند الله توبة، لذلك: النادم ينتظر من الله الرحمة والمعجب ـ يعني بذنبه ـ ينتظر من الله المقت "
يعني لا يوجد إنسان أحقر من رجل عمل ذنب وهو يفتخر به، لا يبالي يتحدث به للناس، هذا اسمه عند الله فاجر، والفاجر لا غيبة له، اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس، أجمل شيء بالمذنب أن يندم، وأقبح شيء بالمذنب أن لا يتأثر بذنبه، لذلك ورد في الحديث الصحيح:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ))

 يعني إن لم تشعروا بذنوبكم أنتم هلكى إذاً لجاء بقوم إذا أذنبوا شعروا فتابوا هذا المعنى، يعني إذا إنسان أصيب بحادث سير وفيه حياة يصرخ يوجد تنفس، الدم يخرج، أما يوجد إنسان آخر ميت لا يوجد حركة هذا ميت، فالحركة دليل الحياة، إذا الإنسان وقع بذنب وما تأثر إطلاقاً وقال لك ماذا فعلت ؟ هذه المصيبة، يعني أكبر مصيبة أن يرتكب الإنسان المعاصي دون أن يفكر بالتوبة إطلاقاً.
روى الإمام الطبراني بسند صحيح قال:

 

 

(( عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ))

 إذا الإنسان تاب توبة نصوحة هذا الذنب محي نهائياً، وروى البيهقي من طريق آخر وزاد:

 

 

(( والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه ))

 ومن أحاديث النبي الجامعة المانعة قوله صلى الله عليه وسلم:

 

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: كَانَ أَبِي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَسَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: النَّدَمُ تَوْبَةٌ ))

 العلماء قالوا هذا الندم حال لابد من علم أوجبه ولابد من عمل يتبعه، كيف ربنا عز وجل قال:

 

 

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

( سورة الذاريات )

 العبادة هي الطاعة، وهذه الطاعة لابد لها من علم سببها، ولابد لها من عمل نتج عنها، مركزية، جوهرها الطاعة والطاعة تحتاج إلى علم، والطاعة تفضي إلى سعادة، الندم توبة، الندم سببه علم، والندم من نتائجه السلوك، وفي حديث آخر:

 

(( ما علم الله من عبد ندامةً على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفر منه ))

 معنى ذلك أن الندم معرفة، أنت حينما تندم تعلم أنك مذنب، وحينما تندم ترجو الله أن يغفر لك، وحينما تندم ينتظر أن لا تعود إلى هذا الذنب، فالندم تقريباً توبة كاملة.
هذه القصة المشهورة الذي قتل تسعةً وتسعين رجلاً ثم أتى كاهناً فسأله هل لي من توبة، قال: لا فكمل به المائة، لكنه حينما سأل أهل العلم المتحققين قالوا: هناك توبة، والقصة قد تكون رمزية لكنها ورددت في الصحاح، إلا أن المفاد منها أنه ما من ذنب أكبر من أنه لا يغفر، هذه النقطة، ما من ذنب أكبر من أن يغفر، وسعت رحمتي كل شيء وأنت شيء، وأنت بكل ذنوبك شيء، وأنت برحمة الله، والآية الكريمة:

 

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

( سورة الزمر )

 أخوانا الكرام: مرةً ثانية تعقيباً على ما ذكرته في الدرسين السابقين، الإنسان حينما يبدأ يومه بذكر لله عز وجل، بتلاوة لكتاب الله، بتسبيح بحمد، بتكبير، باستغفارٍ، بذكر، بتفكر، بتلاوة، بصلاة، لابد من جلسة مع الله صباحاً، ولا بد من هذه الجلسة أن تعطيك في أثناء النهار رؤية صحيحة، تعطيك حكمة، تعطيك حصن، أنت محصن من أن تذنب، فالإنسان كلما غفل عن الله وقع في ذنب، وكلما كان مع الله حصنه الله من الذنب، فالحياة قال تعالى:

 

﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً (7)﴾

 

( سورة المزمل )

 في النهار يوجد حديث وسؤال وجواب وبيع وشراء واختلاط في الطرقات، فالإنسان كلما كان محصناً، كلما كان مقبلاً، كلما كان معصوماً من قبل الله عز وجل هذا بسبب الذكر الصباحي، وأنا أنصح أخوتنا الكرام بعد صلاة الفجر، لو تلا بعض صفحات كتاب الله، لو استغفر الله مائة مرة، لو ذكر اسم الله مائة مرة، لو قال لا إله إلا الله وهو أفضل الذكر مائة مرة، لو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ولو مائة مرة، لو قال حسبي الله ونعم الوكيل مائة مرة، لو قال لا حول ولا قوة إلّا بالله مائة مرة، لو قال سبحان الله العظيم وبحمده سبحان الله العظيم، هذه كلها أذكار وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، فمثل هذه الأذكار ومثل هذه التلاوات تحصنك من أن تذنب، الإنسان كلما ذكر الله أكثر صار في الأعماق وصار عنده مقاومة كبيرة جداً، وكلما قل ذكره صار على الحواف، على حافة المعصية فالذكر يجعلك في الأعماق، والدين علم وذكر وسلوك، أحد كليات الدين الكبيرة أن تذكر الله عز وجل فالذكر له أثر كبير جداً، يمكن أن تذكر الله صباحاً أو بين المغرب والعشاء أو قبل أن تنام، والذكر الذي ورد في الصحاح أن تستغفر الله مائة مرة وأن توحده لا إله إلا الله مائة مرة، وأن تصلي على النبي مائة مرة ثم اذكر ما شئت من حسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسبحان الله وبحمده، ولك أن تذكر بالاسم المفرد، لقوله تعالى اذكر اسم ربك، ولك أن تقرأ بعد القرآن، ولك أن تفكر بخلق السماوات والأرض، يعني جلسة مع الله غار حراء مجزأ، كل يوم ربع ساعة، هذا الإقبال على الله، وهذا اللقاء مع الله يعطيك قوة دفع وحصانة في النهار عجيبة، هذا أجدى وأنت أسعد بها من أن تقع بالذنب ثم تتوب منه، درهم وقاية خير من قنطار علاج، الوقاية أن تتحصن بالله عز وجل.
 أيها الأخوة الكرام: موضوع التوبة موضوع كبير، موضوع مستمر، وموضوع دائم، المؤمن مذنب تواب، يعني كثير التوبة، أنا أهمس في آذانكم أنا لا أقصد أن المؤمن يرتكب الكبائر، هذا عن الصغائر، المؤمن الكامل لا يرتكب ذنب كبير ولا يرتكب ذنب وهو يقصد أن يقع بالذنب، لكن قد يقع بالصغائر دون أن يقصد، وهذه باب التوبة مفتوح على مصراعيه، لكن لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.

إخفاء الصور