- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الحكمة من تدبر الآية التالية ومثيلاتها من الآيات المشابهة لها:
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الرابع والستين من دروس سورة التوبة، ومع الآية الثانية عشرة بعد المئة وهي قوله تعالى:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(112) ﴾
أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يبين لنا في هذه الآية بعضاً من صفات المؤمنين، والحقيقة حينما يبين الله -عز وجل- في هذه الآية وفي غيرها من هذه الآيات الكثيرة صفات المؤمنين، فلعل الهدف من ذلك أن هذا المؤمن إذا قرأ القرآن، وقرأ صفات المؤمنين، ينبغي أن يتدبر هذه الآية، هذه الصفات هل تنطبق عليه؟ إن انطبقت عليه فهو في نعمة كبيرة، إن لم تنطبق عليه فهو في محنة كبيرة، إن انطبق بعضها ولم ينطبق عليه بعضها الآخر فهو في وضع وسطي، فلابد من أن يتأمل المؤمن هذه الآيات، ولا بد من أن يراجع نفسه مراجعة دقيقة، بل لا بد من أن يقف عندها كلمةً كلمة، ويرى هل هو من التائبين؟ هل هو من العابدين؟ من الحامدين؟ من السائحين؟ من الراكعين؟ من الساجدين؟ هذه صفات المؤمنين، وما أراد الله من هذه الآية، ومن مثيلاتها إلا أن تكون مقياساً لنا، أو هدفاً لنا، إما أنها مقياس نقيس بها إيماننا، أو إنها هدف يمكن أن نسعى إليه.
إذاً هناك حكمة بالغة من تدبر هذه الآية ومثيلاتها من الآيات المشابهة لها.
التوبة تجبُّ ما قبلها و التائب من الذنب كمن لا ذنب له :
أيها الإخوة:
(( التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كمَن لا ذَنْبَ له ))
إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله. وأن الله -عز وجل- حينما قال:
(( مَن جَاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَن جَاءَ بالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ))
الله عز وجل خلق الإنسان ليرحمه :
أنت حينما تقرأ آيات التوبة، آيات كثيرة:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ
كلمة يحب من الله -عز وجل- شيء يفوق حدّ الخيال، الله يحب التائب، أي يا عبدي لو كنت منحرفاً، لو كنت مسرفاً على نفسك، أنا أقبلك، والذي يقنت من رحمة الله ليس مؤمناً، لذلك فتح الله باب التوبة، هذا الباب يسع جميع العباد، إن:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ
جميعاً أي يغفر كل الذنوب، وأكبر الذنوب، وحينما يأتي اسم الله بصيغة المبالغة:
﴿
هناك غافر، غافر اسم فاعل، أما غفار فصيغة مبالغة لاسم الفاعل، معنى صيغة المبالغة لاسم الفاعل أن الله -عز وجل- يغفر الذنوب مهما كثرت، ومعنى غفار بمعنى أنه يغفر أكبر ذنب، إما نوعاً أو كمّاً، فالله -عز وجل- يدعونا إلى التوبة، والإنسان حينما يتوب - ومن ذاق عرف- يشعر عند التوبة أن هموماً كالجبال كانت جاثمة على صدره، فانزاحت عنه، التائب يحس بخفة، كأنه يطير في الهواء، هذا الجبل الذي يكاد أن يسحقه أزيح عنه، لأن الله -عز وجل- خلقنا ليرحمنا، وما فتح باب التوبة إلا للمذنبين، بل إنه ما أمرنا أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا، وما أمرنا أن نعبده إلا ليرحمنا.
باب التوبة مفتوح في كل زمان و مكان :
إذاً:
فالتائب يحبه الله -عز وجل- لأنه سار في طريق سعادته، لأن الله -عز وجل- خلقنا للسعادة. فإذا كان ابناً طموح أبيه منه أن يكون مثقفاً ثقافة عالية، أو أن يكون طبيباً مثلاً، فحينما يتحرك هذا الطفل لتحقيق هذا الهدف يسعد والده، لأن والده يتمنى عليه أن يكون كذلك، الله -عز وجل- حينما خلقنا أرادنا أن نعبده، وأن نطيعه، كي يسعدنا بعبادته في الدنيا والآخرة، فالله -عز وجل- يفرح بإيمان عباده المؤمنين، يفرح بتوبتهم:
(( لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد ))
بطولة الإنسان إذا وقع في ذنب وتاب منه أن تكون توبته توبة نصوحة :
وهناك أحاديث كثيرة تؤكد فرح الله -عز وجل- بعباده المؤمنين، فكأن الله -عز وجل- يدفعنا إلى التوبة، كأن الله يقول: يا عبادي مهما كثرت الذنوب، مهما عظمت العيوب، مهما كان الذنب كبيراً فباب التوبة مفتوح على مصاريعه، ويؤكد هذا قوله تعالى:
لكن الواقع أنك إذا وقعت في ذنب فالتوبة الأولى أهون توبة عليك، لمجرد أن تنعقد التوبة كأنك تشعر أن الله قبلك، وقبِل هذه التوبة، لكن حينما تعيد الذنب مرة ثانية، أقول لك الواقع يشعر هذا المذنب للمرة الثانية أن التوبة الآن لم تكن سهلة كالأولى، صار هناك نكول، كأنه استهزاء برحمة الله، فيجد صعوبة في التوبة الثانية، والصعوبة أشد في الثالثة، فالبطولة أنك إذا وقعت في ذنب وتبت منه أن تكون التوبة توبة نصوحة.
من أعاد ذنبه عليه أن يضيف إلى توبته عملاً صالحاً :
المؤمن تواب، أي كثير التوبة، والله -عز وجل- قال:
والحقيقة لا يعرف الشوق إلا من يكابده، لا يعرف مشاعر الإنسان المذنب حينما يتوب توبة نصوحة إلا من ذاق هذه المشاعر.
أقول لكم مرة ثانية: كأن جبالاً كانت جاثمة على صدره، فلما تاب توبة نصوحة أزيحت هذه الجبال عن كاهله، وشعر بخفة وراحة نفسية لا تعدلها راحة.
التوبة حدّ فاصل بين زمن وزمن وبين حال وحال :
إذاً من صفات المؤمنين أنهم تائبون، لكن أقول لكم وهذه الحقيقة المرة: إن التوبة الأولى سهلة جداً، أما الثانية فأصعب، والثالثة أصعب وأصعب، كأنك لم تفِ بوعدك، ولم تكن عند عهدك، لكن ليس هناك إلا التوبة نجاة لنا من كل شيء.
(( مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ. ))
العطاء علة وجود الإنسان في الدنيا :
مرة قرأت كتاباً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا بالمؤلف يقدم هذا الكتاب للنبي الكريم، قال في الصفحة الأولى من هذا الكتاب:
الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، وفرق كبير بين النبي والقوي، وفرق كبير بين أتباع النبي وأتباع القوي، لذلك كن من أتباع الأنبياء، لأنك إن فعلت هذا استحققت الجنة وما فيها من نعيم مقيم.
العبادات الشعائرية لا نقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية :
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))
معنى ذلك تفاصيل هذا المنهج تفاصيل أخلاقية، هناك عبادات شعائرية كالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، لكن هناك عبادات تعاملية كالصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، والرحمة، وما إلى ذلك.
وأقول لكم هذه الحقيقة وقد تكون مؤلمة: العبادات الشعائرية كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة لا تُقطَف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية.
التائب من لوازم توبته وعلامة قبول توبته أن يكون عبداً لله بعد التوبة :
إذاً :
إذاً:
من لوازم التوبة أن يعبد الإنسان الله حق العبادة :
الآن: تائب وعابد، ما الرد الإلهي على توبته وعبادته؟ تائب وعابد، تاب توبة نصوحة، وعبد الله حق العبادة، ألا يوجد شيء من الله يشجعه ويثبته ويطمئنه ويحفزه؟ طبعاً.
الآن:
(( استقيموا ولن تُحْصُوا ))
الخيرات، صدق واعتقد يقيناً أنه لمجرد أن تفكر أن تتقرب إلى الله بطاعة، بعبادة، بإنفاق مال، بقيام ليل، بقراءة قرآن، فالله -عز وجل- معك وسيكافئك، وسيتقرب إليك أيضاً.
(( إن تَقَرَّبَ إِليَّ شِبْرا تَقَرَّبتُ إِليه ذِراعاً، وإن تقرَّب إِليَّ ذِرَاعاً اقْتَرَبتُ إِليه باعاً، وإِن أَتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلَة))
الله -عز وجل- ينتظرك، ينتظر هذه اللحظة التي تبحث عنها، لذلك الترتيب دقيق من لوازم التوبة أن تعبده حق العبادة، قال: وما حق العبادة؟ قال:
(( أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى، والْبَطْنَ ومَا حَوى، وتذْكْرَ المَوتَ والبلى ))
حق العبادة الطاعة، حق العبادة الخضوع لمنهج الله، حق العبادة أن تؤدي شعائر الله -عز وجل-.
عطاء الله عز وجل لا نهائي :
الآن بعد أن عبد الله، واستقام على أمره، وتقرب إليه، جاءت الخيرات، وشيء يحير يا ترى خيرات مادية؟ مادية، ومعنوية، ونفسية، وروحية.
الإنسان خُلق ليعرف الله عز وجل :
اللفتة الدقيقة جداً أن هذا الإنسان حينما خُلق ليعرف الله، قالوا: إن الأرض للنبات، والنبات للحيوان، والحيوان للإنسان، والإنسان لمن؟ لله عز وجل.
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي(41) ﴾
أنت لله، فأنت حينما تتعرف إلى الله، وحينما تقترب منه، وحينما تعمل صالحاً من أجله، الآن حققت الهدف من وجودك، والله -عز وجل- يفرح بك، لأنك تحركت وفق منهجه.
أقول لكم هذا الكلام: لحكمة بالغة بالغةٍ في اللحظة التي ينعقد في نفس الشاب المؤمن التوبة إلى الله، تجد حياته انقلبت رأساً على عقب، يجد سعادة، واستقراراً، وأمناً، ومكانة، وتوفيقاً، وتفوقاً، في بيته محترم إلى أعلى درجة، بين أصدقائه، في مدرسته، في الطريق، محشوم، عفيف، يغض بصره، صفات المؤمن صفات راقية جداً.
للتقريب: فلان دكتور، أو تكتب جانب اسمه د. أي معه ابتدائية، وإعدادية، وثانوية، ولسانس أو بكالوريوس، و دبلوم عامة، دبلوم خاصة، وماجستير، دكتوراه، ثلاث عشرة شهادة من كلمة د. وإذا قلت: مؤمن أي عرف الله -عز وجل-، يعني مستقيم، يعني أخلاقي.
الإيمان مرتبة أخلاقية وعلمية وجمالية :
بالمناسبة: الإيمان مرتبة أخلاقية، ومرتبة علمية، ومرتبة جمالية، المؤمن أسعد إنسان، أقسم لكم بالله أيها الإخوة المشاهدون: تمتع المؤمن في الدنيا التي أُبِيحت له في الجانب الحلال منها فقط، أي اشتهى المرأة تزوج، اشتهى المال عمل عملاً طيباً، مستقيماً، نزيهاً، جمع المال، تمتُّع المؤمن في الدنيا تفوق متعة غير المؤمن بالدنيا بآلاف المرات، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(46) ﴾
له جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة.
المؤمن طبيعته شاكر وغير المؤمن طبيعته كفور :
الآية الدقيقة:
﴿
قد تقول: في الآخرة، لا، في الدنيا قبل الآخرة
إذاً:
أيّهذا المتشكي وليس بك داء كيف تـغدو إذا غدوت عليلاً
أي عنده دنيا عريضة وهو يشتكي فكيف إذا غابت عنه هذه الدنيا؟
السياحة الفكرية :
الآن:
فهناك عشرات ألوف النباتات ضمن البيوت تعيش كي تستمتع بها، أنت مُكرَّم، الفواكه كم نوع؟ النباتات كم نوع؟ المظاهر الجمالية في الكون رائعة جداً، كلها من أجلك، ألا ترى أن الله -عز وجل- سخرها لك؟.
﴿
سائح يفكر، يفكر في هذا النجم، هذا نجم القطب يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، وهناك مجرة تبعد عنا أربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية، وأقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، لو كان هناك طريقاً لهذا النجم لاحتاج إلى خمسين مليون عام لتصل إليه:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75) ﴾
هذا الكون لمن؟ لك، هذه النباتات لمن؟ لك، أنواع النباتات بالمليارات، أشكال أوراق النباتات لا تعد ولا تحصى، أنواع الفواكه، أنواع الحيوانات، أنواع النباتات، أنواع الصخور، كون بأعلى درجة من الكمال.
من عرف الخالق عرف كل شيء :
إذاً:
﴿
مرة قالوا: إن الثقافة الغربية سخروا الطبيعة لشهوات الإنسان، ثقافة تسخير، في الحقيقة كان أعلى أنواع التسخير، أما ثقافة المسلمين فثقافة معرفة الصانع، الخالق، فأنت إذا عرفت الخالق عرفت كل شيء.
الحكمة من أخذ الله عز وجل الركوع والسجود من الصلاة :
الآن:
(( لكل سورة حظها من الركوع والسجود ))
أنت إذا قرأت قوله تعالى بعد الفاتحة في الصلاة:
﴿
أمر إلهي، أنت ما قلت له:
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ(7) ﴾
الله أكبر، ركعت، معنى الركوع يا ربي سمعاً وطاعةً لهذا الأمر،
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5) ﴾
الركوع نعبدُ والسجود نستعين
﴿
في الركوع يا رب سأنفق، في السجود يا رب ارزقني حتى أنفق، فكأن كل آية تقرؤها بالصلاة لها علاقة بالركوع والسجود،
علة خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الآن:
﴿
علة هذه الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال النبي الكريم:
(( كيف بكمْ أيُّها النَّاسُ إذا طَغى نِساؤُكم، وفسَقَ فِتيانُكم؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا تَركتُمُ الأمْرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا رأيتُمُ المُنكَرَ مَعروفًا والمعروفَ مُنكَرًا؟ ))
أنا أذكر دائماً هذا البيت من الشعر عده النقاد في الأدب العربي القديم أهجا بيت قالته العرب:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
هذا شعار كل إنسان اليوم، لا علاقة لنا، لا دخل لنا:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
* * *
هذا عصر تبدل القيم، أصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، هناك أشياء لا يحتملها الإنسان، الآن بديهية، مألوفة جداً.
أحد أسباب سعادة الإنسان تطابق خصائص نفسه مع منهج الله عز وجل :
﴿
فالمعروف عندك فطرة هو ما يطابق الشرع، لذلك أحد أسباب سعادة الإنسان إذا أطاع الله تطابقت خصائص نفسه مع منهج الله -عز وجل-.
إنسان جائع جداً، وأمه مثله جائعة، أحضر طعاماً و أكله وحده، بكل الشرائع، بكل النظم، بكل الثقافات، هذا عمل غير مقبول، تنكره الفطر السليمة.
على الإنسان أن يترك مسافة أمان بينه و بين حدود الله :
إذاً:
﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ
دع بينك وبينها مسافة أمان، كيف أن التيار الكهربائي - ثمانية آلاف فولت- يجب أن تبتعد عنه ثمانية أمتار وإلا يجذبك، كذلك المعاصي فيها قوة جذب، فإذا أبقيت بينك وبين المعصية هامش أمان فأنت في سلام.
لذلك:
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين