- الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
- /
- ٠4البيع
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
بيان النبي هو التشريع الكامل :
أيها الأخوة الكرام، بادئ ذي بدء أبين لكم أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما بيّن لأصحابه ولأمته من بعده ما نزل عليه من قرآن كريم، هذا البيان هو التشريع الكامل، وهذا التشريع الكامل يجسد قول الله عز وجل:
﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
لو أن هناك حالات في الحياة الاقتصادية أو الاجتماعية ليس لها حكم شرعي فهذا نقص في الدين، أما حينما نوقن أن الكتاب والسنة يغطيان تشريعياً كل حاجات الناس إلى يوم القيامة فعندئذ نبحث فيما قاله النبي، وفيما جاء به من أقوال وأفعال وإقرار عن حالات مشابهة للتي قالها صلى الله عليه وسلم.
البيوع التي نهى عنها النبي :
في هذا الدرس موضوع الدرس العام موضوع البيوع التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام، ولا أدري لما قفز إلى ذهني أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال:
(( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا : ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ))
هي في البيت عدد المزالق قليل جداً، أما الرجل الذي يكسب المال فهناك بضع مئات من الأحاديث الشريفة تبين ما ينبغي وما لا ينبغي في كسب المال، وفي البيع والشراء، ومن أحاديث تزيد عن تسعمئة حديث اخترت لكم بعض الأحاديث التي تبين أن هذا النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى.
البيوع التي نهى عنها النبي كثيرة جداً، وما أكثر ما يقع بها بعض الناس، اليوم إنسان سألني سؤالاً، قال لي: أنا أشتري حاجة وأدفع ثمنها ويرجوني البائع ألا أبيعها لشهر وبعد شهر يأتيني بالثمن الذي أخذه ويعطيني ربحاً ويسترد هذه الحاجة، هل في هذا خطأ؟ قلت له: فيه كل الخطأ، هذا هو الربا بعينه، بالحقيقة أنت ما بعته حينما تبيعه هذه الحاجة أو حينما تشتري منه هذه الحاجة وتعطيه ثمنها ويشرط عليك ألا تبيعها لا يجتمع بالفقه الإسلامي بيع وشرط، حينما تبيع أطلقت يد الشاري في المبيع فيما اشتراه، له أن يبيعه، له أن يستعمله، له أن يؤجره، له أن يرهنه، أما إذا بعته شيئاً واشترطت عليه ألا يبيعه فاجتمع بيع وشرط، هذا الشرط يفسد البيع، قلت له: أنت في الحقيقة لم تشتر منه شيئاً إنما أقرضته مبلغاً من المال لشهر وأخذت الساعة رهينةً لهذا القرض، وحينما أدى لك هذا المال أعطاك ربحاً وهو الفائدة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
القرض الربوي :
أيها الأخوة، أرأيتم إلى هذا السؤال؟ عملية قرض ربوي محض، أنا اشتريت حاجة من إنسان شراء شرعياً لكن رجاني ألا أبيعها وبعد شهر جاءني بثمنها، وأعطاني ربحاً عليها، مع أن الشكل بيع وشراء وربح، الحقيقة قرض ربوي ورهينة هذه هي الحقيقة، الإنسان حينما يكون دخله مشبوهاً يأكل مالاً حراماً، وهذا المال الحرام إذا اشترى به حاجةً هذه تسمم حياته كلها، يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، من هذا السؤال الذي طرح علي اليوم استوحيت موضوع هذا الدرس، كم هناك من بيوع حرمها النبي عليه الصلاة والسلام والناس لا يعرفونها.
من الشيء الشائع بين الناس أن كل إنسان معه مبلغ من المال يعطيه لإنسان يعمل في التجارة ويأخذ على الألف مبلغاً ثابتاً هذا هو الربا بعينه، الاستثمار والمضاربة يجب أن تعطيه الربح الحقيقي، لابد من حساب متاجرة، لابد من جرد، تعطيه الربح الحقيقي، تعطيه نسبةً من الربح الحقيقي هذا مشروع، أما أن تعطيه على الألف مبلغاً معين دون أن تجري حساباً فهذا قرض ربوي.
للشيطان منفذان المال و المرأة :
وجدت أن هناك مزالق كثيرة جداً يقع فيها الناس، والحقيقة لو أن التشريع الإسلامي فرزته لوجدت أن تسعين بالمئة من أحكام التشريع متعلقة بكسب المال وعلاقتك بالنساء، فإذا ضمنت ألا تأكل مالاً حراماً، وألا تنظر عينك إلى ما حرم الله فقد أغلقت على الشيطان منافذه، الشيطان له منفذان منفذ المال ومنفذ المرأة، إن صحّ التعبير في الرجل نقطتا ضعف المرأة والمال، فإذا أحكم إغلاقهما لن يستطيع أحد أن يذله، الذين يسقطون كيف يسقطون؟ إما بأكل مال حرام، أو اعتداء على عرض حرام، هذا سبب السقوط والضعف، والإنسان هذان الشيئان ينهيانه، فلذلك من دخل السوق ولم يتفقه أكل الربا شاء أم أبى، أنت حينما تبيع وتشتري حينما تكون لك حرفة، تجارة، أحكام الفقه معرفتها فرض عين على كل من يعمل بالتجارة، لماذا؟ لأنه قد يأكل الربا وهو يظن أنه يأكل حلالاً.
من البيوع المحرمة بيع النجش :
هناك حالات كثيرة، إنسان يساهم مع إنسان في شراء بيت يقول له: شرط أن تضمن لي المبلغ بالتمام والكمال ثم أعطني أجرة على هذه الحصة، بيت ثمنه أربعة ملايين دفعت معه مليوناً ضمن لك هذا المبلغ لا ينقص ولا يزيد، وفي أثناء بقائه معك عليك أن تؤدي أجرة البيت، قرض ربوي، أما حينما تشتري معه ربع البيت وتأخذ منه أجرة وحينما تريد أن تبيع هذه الحصة بسعر السوق فقد يزيد ثمن البيت، أو قد ينقص، أو قد ينظم، أو قد يهلك، فإذا كان هناك ضمان صار قرضاً ربوياً، مزالق الكسب الحرام أيها الأخوة لا تعد ولا تحصى الآن البيع الأول المحرم:
(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجْشِ ))
الآن ندخل في مناقصة أو مزايدة، أربعة أشخاص أو خمسة يمثلون طرفاً واحداً، وتكون الأرض المعدة للعمار أصحابها أيتام و أرامل، فهؤلاء الخمسة يزيدون بمبالغ قليلة جداً ليستقر السعر على سعر دون سعرها الحقيقي عن طريق هذه التمثيلية، أي أنت تدفع سعراً أنت لا تريد أن تشتري إما أن تدفع سعراً عالياً من أجل أن تمكن الشاري من شراء هذه السلعة، أو تدفع سعراً قليلاً من أجل أن تمكن البائع من بيع هذه السلعة، أنت لست شارٍ ولا بائع ولكنك ممثل، تدخل مع هذه العقود من أجل أن ترفع السعر، أو أن تخفض السعر، فبيع النجش موجود في كل زمان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النجش، هذا أول نوع من أنواع البيع المحرم.
(( مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا فَلْيَحْلُبْهَا فَإِنْ رَضِيَ حِلابَهَا أَمْسَكَهَا وَإِلا رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ ))
أحياناً نحبس الحليب بالضرع يوماً ويومين وثلاثة ثم نأتي بهذه الغنمة إلى السوق أو بقرة نحبس حليبها في ضرعها، فحينما يرى الشاري ما شاء الله الضرع منتفخ هذه كل يوم تعطي أربعين كيلو يدفع ثمنها خمسة وثمانين ألفاً، يحضرها ويحلب الحليب في اليوم الثاني فيحصل على اثني عشر كيلو، هذه شاة أو غنمة أو بقرة مصراة، يقاس على هذا حالات كثيرة جداً مشابهة، فأي حالة مشابهة لهذه الحالة فهي بيع محرم.
أي توهم الإنسان، يوجد حالات كثيرة جداً فيها غش، فهذه البقرة المصراة، أو الغنمة المصراة، أو الشاة المصراة يقاس عليها آلاف الحالات.
حدثني صديق إنسان عنده محل يسمونه سوبر ماركت، أراد أن يبيعها وهذه تشبه البقرة المصراة وضع إعلاناً بالجريدة أنه يستقبل الزبائن بين الساعة الواحدة والنصف والساعة الثانية لا يوجد عنده وقت، يأتي الشاري ليس معقولاً، الزبائن مئة شخص والبيع على أوجه، يطلب سعراً عالياً ويقول له: أنا الآن ليس لدي وقت تعال إلى البيت، ترى بعينك ليس لدينا وقت، هذا يأتي إلى البيت يدفع سعراً عالياً جداً، يأتي في اليوم الثاني لا يوجد أي زبون أول يوم وثاني يوم، هناك مقابل المحل يوجد معمل مياه غازية يعطل بين الساعة الواحدة والنصف والثانية فكل العمال يدخلون إلى هذا المحل ويشترون، متى يستقبل الشارين؟ بين الواحدة والنصف والثانية ظهراً هذا وقت راحة هذا المعمل، فكل الزبائن يدخلون بهذا الوقت، فباع بسعر كبير جداً عن طريق هذا الإيهام كالبقرة المصراة تماماً.
الزكاة تجب لا في عين المحاصيل بل في علتها :
كلام النبي عليه الصلاة والسلام ليس المقصود منه الصفة الضيقة، الصفة الواسعة، لما قال النبي: "تجب الزكاة في القمح والشعير والتمر والزبيب"، الآن يوجد مزارع فريز، تضمن بمئات الألوف، مزارع فاكهة نادرة جداً وغالية جداً، العلماء قالوا: تجب الزكاة لا في عينها بل في علتها، على عهد النبي كان هناك قمح وشعير وزبيب وتمر، أما الآن فيوجد عندنا عشرون نوعاً من الفاكهة وكل نوع غال جداً.
فتجب الزكاة لا في عينها بل في علتها، ما علتها؟ أنه محصول أساسي يباع بثمن كبير، لذلك هذه البقرة المصراة أو الغنمة المصراة هذه تشبه هذا البيع، جاء الشاري بوقت فيه ازدحام شديد، فدفع ثمناً غالياً، فلما اكتشف الحقيقة أنه في اليوم نصف ساعة فقط ازدحام على هذا المحل، هو سأل المفتي في مصر وهذه القصة وقعت في مصر، هل يجوز أن أبيعها ثانيةً في هذه الطريقة؟ هذا كان سؤاله الجواب لا، لا يجوز إذا الإنسان كان مغفلاً لا ينبغي أن يفعل ما فعل به مع الآخرين.
هذه النقطة دقيقة، رجل عنده خمسة آلاف قداحة غاز كاسدة ذهب إلى بعض المحلات التي فتحت جديداً وأعطاهم قطعاً مجاناً مسطرة اعرضها عندك لا أريد ثمنها، صاحب المعمل الذي عنده كساد أرسل شخصاً إلى هذا المحل، قال له: عندك من هذه؟ قال له: نعم، قال: أريد خمسة آلاف، تساوم معه على السعر وأعطاه خمسة وعشرين ألفاً، فهذا الرجل شعر بقوة فذهب إلى المعمل قال: أريد القداحات، فقال صاحب المعمل: نقدي، استدان ودفع ثمن القداحات وأحضرهم بالتمام والكمال، ما جاء صاحبهم في اليوم الثاني ولا الثالث، لأن المعمل أرسل هذا الشخص.
يوجد أساليب اليوم نوع من السرقة، الإنسان يجب أن يكون حذراً، المؤمن كيس فطن حذر، تساوموا ودفع رعبوناً وغاب، طبعاً صاحب المعمل استغنى عن الخمسة آلاف وحمله الخمسة آلاف قداحة ودفع ثمنهم نقداً.
ما نهى عنه النبي الكريم :
1 ـ أن يبيع حاضر لباد :
((عن أَنَس بْنُ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قال: نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ))
أحياناً يأتي الأعرابي معه بضاعة، يأتون يوم الجمعة السعر يهبط قليلاً، يقول له صاحب أحد المحلات: لا تبع اليوم البضاعة دعها عندي أنا أبيعها لك بثمن مرتفع غداً، هذا منهي عنه، أن تمنع السعر المنخفض وتحتكر البضاعة وتبيعها بسعر مرتفع، البادي هو الذي يسكن البادية قد يأتي بصوف، قد يأتي بحليب، بجبن، بسمن، وأغلب الظن يأتون بوقت متقارب، فحينما يأتون جميعاً السعر يهبط، وهناك أناس فضوليون يقول له: لا تبع اجعل البضاعة عندي أنا أبيعها لك بسعر أعلى، معنى ذلك أن كل إنسان ساهم برفع السعر محاسب عند الله عز وجل، المحتكر إذا أرخص الله السلع حزن، وإذا ارتفعت فرح، المؤمن بالعكس.
2 ـ تلقي الركبان :
و:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّلَقِّي لِلرُّكْبَانِ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَأَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا وَعَنِ النَّجْشِ وَالتَّصْرِيَةِ وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ))
يوجد أشخاص يسافر إلى منبع البضاعة ويعتم على البائع السعر الحقيقي بالسوق، لا يوجد سعر بل كساد كم تبيعني؟ يوهمه أنه لا يوجد سعر، كل إنسان يذهب ليشتري الحاجات بأقل من أسعارها الحقيقية ليمنع صاحب البضاعة من أن يعرف الثمن هذا بيع محرم أيضاً، ممنوع أن يبيع حاضر لباد، وممنوع للحاضر أن يتلقى الركبان فيشتري منهم قبل أن يصلوا إلى المدينة، دعه يصل ويعرف السعر ويبيع وهو مرتاح، أما أنت عندما تلقيته قبل أن يصل وعرضت عليه سعراً أقل من السعر الحقيقي فأكلت منه مالاً حراماً.
3 ـ أن تسأل المرأة طلاق أختها :
((... وَأَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا ... ))
يكون هناك حالة معينة، الزوج لا يوجد عنده أولاد فتزوج امرأة ثانية من أجل أن تنجب له أولاداً، والأولى معززة مكرمة تذهب إلى بيت أهلها لا أعود حتى تطلقها، هو لم يرتكب معصية وهو مضطر إلى ولد، وهذه الأولى لا تنجب، ابق معها، لا أعود إلا إذا طلقتها، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام أن تسأل المرأة طلاق أختها.
4 ـ أن يَسْتَام الرَّجل علَى سوم أَخِيه :
ونهى:
((... وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ))
أي إنسان اشترى حاجة تسأل الشاري بكم اشتريتها أنا أبيعك بأقل من هذا الثمن، هذا محرم وهذا يفعله معظم الناس، يوجد نوع من الحشرية إنسان اشترى وانتهى الأمر صار إيجاب وقبول وبيع، يجب أن يعلم بكم اشترى، أو البائع كم باع، من أجل أن يوقع بينهما ويستغل هذا الخلاف لصالحه هذا أيضاً محرم، كل شيء فيه جهالة ممنوع التعامل فيه.
5 ـ شراء ما في بطون الأنعام :
و:
((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ وَعَمَّا فِي ضُرُوعِهَا إِلا بِكَيْلٍ وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ))
أي قد تلد أنثى أو ذكراً، أنا أشتري ما في بطنها بكذا، هذا فيه جهالة قد يأتي ميتاً وقد يكون ذكراً أو أنثى، أو أنا أشتري ما في ضرع هذه البقرة، اشتريه باللتر، توقع صاحبها عشرة كيلو فكانوا خمسة عشر يتضايق:
(( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ وَعَمَّا فِي ضُرُوعِهَا إِلا بِكَيْلٍ ...))
6 ـ ضربة الغائص :
ونهى أيضاً :
(( .... وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ))
يقول إنسان لغواص يصيد اللؤلؤ: هذه الغوصة بألف ليرة، كل شيء تأتي به من أعماق البحر بألف ليرة، قد يأتي بلؤلؤ حقيقي وقد يأتي بمحار كاذب، كل شيء فيه جهالة منهي عنه.
(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ وَعَمَّا فِي ضُرُوعِهَا إِلا بِكَيْلٍ وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ))
آداب المؤمنين :
الشيء الثاني أيها الأخوة من آداب المؤمنين لا يدخل على بيع ولا على خطبة، النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ ))
فلان خاطب أي لم يقل لا ولم يقل نعم، يجب أن ننتظر حتى يعطي رأيه، إذا قال: نعم انتهى الأمر، وإذا قال: لا ندخل، أما إنسان خاطب ولم يبت في أمر هذه الفتاة فلا ينبغي أن تخطب مرة ثانية على خطبة واحد آخر.
7 ـ بيع الماء :
(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ ))
أحياناً يكون إنسان عنده بئر، وهذا البئر غزير، وحاجته من الخمسة إنش إنش واحد، ويوجد عنده أربعة فائض، منهي عن بيع الماء إلا في حالة واحدة أن يكون استخراج الماء ذو كلفة، أما إذا لا يوجد كلفة فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء.
((الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ الْمَاءِ والكلأ وَالنَّارِ))
8 ـ بيع الثمر حتى يبدو صلاحها :
و نهى أيضاً:
(( عن ابْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاحِهَا قَالَ حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ ))
هذا الكلام لمن يضمن الفاكهة، فقبل أن يبدو صلاحها ينبغي ألا تباع وألا تشترى:
(( ... وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاحِهَا قَالَ حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ ))
أخواننا الذين يضمنون يوجد وقت إذا وصلوا إليه انتهى الصقيع، والثمار واضحة وبدا صلاحها عندئذ نشتري ما على الشجر، أما أن نشتري قبل أن تنتهي مدة الخطر، أو قبل أن يبدو صلاحها، فلا يجوز أن نشتري فاكهة على أشجارها.
على الإنسان ألا يكتفي بوزن واحد :
(( عَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ ))
اشتريت طعاماً يجب أن تكيل هذا الطعام إما بالوزن أو بالكيل، ينبغي ألا تبيعه حتى تستوفيه، هذا يحدث في تقبيض المال، رجل قابض خمسة آلاف يقول له: هذه خمسة آلاف ليرة الآن قبضتها، لعلك سحبت منها مئة ونسيت، لا تعطي هذا المبلغ إلا إذا عددته أمامه، خذه وعده فإذا سلمته عده مرة ثانية، هذه قاعدة في التعامل، اشتريت طعاماً يجب أن تزينه أو أن تكيله، هذا يحدث كثيراً، إنسان اشترى حاجة ذهب ليتغدى باع ابنه منها جاء بعد الظهر زبون قال له: اليوم اشتريتها خذها، هؤلاء خمسة وعشرون كيلو، ولكن بيع منهم خمسة كيلو، من أجل دقة العمل ومن أجل سلامة الدخل ينبغي أن تعد أو تزين وحينما تسلم تعد أو تزين، ألا تكتفي بوزن واحد.
على الإنسان ألا يبيع ما لا يملك :
أتمنى على الأخوة الأكارم ألا يظن أن هذه الأشياء غير واقعية، هناك آلاف الحالات بشكل آخر أما الجوهر فواحد، أنا ذكرت قبل قليل أن الغنمة المصراة والآن لا أحد يبيع غنماً، أكثر الأخوان الحاضرون في المدينة، لكن الذي باع المحل التجاري أثناء الازدحام هذه حالة مشابهة تماماً للغنمة المصراة، والآن كذلك أي حديث شريف له تطبيقات عديدة جداً بأساليب أخرى بالعصر الحديث.
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ وَمَا تُزْهِي؟، قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ ))
أي بعت التفاح قبل أن يبدو صلاحها، جاء صقيع ذهب بكل الثمر، تطالب الذي اشترى بهذا المبلغ، تأخذ هذا المبلغ مقابل ماذا؟ لا يوجد شيء، أنت بعت قبل أن يبدو الصلاح، لو أنك أنت بعت بعدما يبدو الصلاح وصار مشكلة أخرى البستان صودر أو استملك هذا موضوع ثان، أما حينما تأتي جائحة سماوية وأنت بعت قبل أن يبدو الصلاح بما تأخذ مال أخيك تأخذه ظلماً.
(( عَنْ عَبْد ِاللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَسَّرَهُ نَافِعٌ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا ))
مثلاً ناقة أو دابة حبلى، تشتري ما في بطنها وما سينجبه بطنها، هذه قضية غير معقولة وكان في الجاهلية من يفعل هذا.
(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ بَيْعٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ ))
لا تبع ما لا يكن في حوزتك.
محاسبة المقصر :
جميع المشكلات التي تتأتى فيما بين الناس سببها أنهم يبيعون ما لا يملكون، وفي القانون المدني هذا البائع اسمه بائع فضولي لا يملك شيئاً، أما من ألصق ما قرأت في قانون الإيجارات، إذا إنسان أجّر بيتاً الذي أجر ليس مالكاً، مؤجر فضولي، والمالك لم يوقع، ولم يلتقِ بالمستأجر، إذا مضى عامان ولم يتدخل المالك الحقيقي فهذا البيع يثبت، أين أنت قاعد؟
هذا الذي يهمل ماله إلى درجة أنه يؤجر لسنتين أو سنة وهو لا يوجد عنده علم هذا العقد الفضولي يثبت لأن الأول مقصر، مرة قال لي أخ وهو شريك مع شخص بمصلحة يغيب عن البلد كثيراً مضى أربع سنوات فوجئ أن هذا المكان الذي هو موضع شراكة بين اثنين يبيع بضاعة محرمة، يبيع خمراً، فقال لي: أنا لا أعلم ما يبيع، أين أنت؟ فكل إنسان مقصر يحاسب.
كل إنسان يبيع ما ليس عنده يدخل بمتاهة كبيرة :
و:
((عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ، قَالَ: لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ))
هذا يحدث كثيراً، يوجد عندك الحاجة الفلانية؟ يقول له: نعم، يتصل بالهاتف أرسل لي هذه الحاجة، إذا أنت بلغت البائع أنك تبيعها له على حسابه لا يوجد مانع، أما أنت حينما تبيع الزبون معنى ذلك أنها ملك لك، وهي ليست ملكاً لك فينشأ مشكلات كثيرة أحياناً تشتريها من البائع والزبون لا يشتريها منك.
قال لي شخص: كسدت عندي أربع سنوات قطعة للسيارة غالية جداً، جاءه زبون قال له: عندك هذه القطعة، قال له: عندي، خبر وأحضرها ولم يتفقوا على سعرها الذي أحضرها من عنده لا يعيدها، وهو أعطاك إياها بيعاً، ما معنى البيع؟ إيجاب وقبول واتفاق صار بيع قطعي، والملكية انتقلت من هذا إلى هذا، وهناك والله آلاف المشاكل من أجل أن يحقق ربحاً يشتري ولا يعلم ماذا يفعل، ليشتري ليبيع تنشأ مشكلة في أثناء البيع هو شار فلذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((... لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ))
حدثني شخص أنه في سفر لعمل دخل إلى بائع جملة رأى مسطرة جيدة قماش أخذ هذه المسطرة ولم يشترِ منه شيئاً، وصل إلى مدينة أخرى عرضها فوجدت رواجاً كبيراً، باع منها كمية كبيرة، جاء حتى يشتري ويسلم البضاعة انتهت، الذي اشترى البضاعة منه ألزمه بكل متر ربحاً خيالياً وإلا له معه مبلغ يخصم من الدين، فقال لي هذا الشخص: خرب بيتي لأني أخذت المسطرة وعرضتها في مكان آخر، فلما عدت بنفس اليوم أو بيوم ثاني لنشتري البضاعة ونسلمها انتهت البضاعة، فرض عليه الشاري بكل متر ربحاً خيالياً وإن لم يدفع له يحسمه من الحساب، فكل إنسان يبيع ما ليس عنده يدخل بمتاهة كبيرة جداً.
النذر :
(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا طَلاقَ إِلا فِيمَا تَمْلِكُ وَلا عِتْقَ إِلا فِيمَا تَمْلِكُ وَلا بَيْعَ إِلا فِيمَا تَمْلِكُ زَادَ ابْنُ الصَّبَّاحِ وَلا وَفَاءَ نَذْرٍ إِلا فِيمَا تَمْلِكُ ))
أحياناً إنسان في ساعة شدة يقول: نذراً علي إن شفى الله لي ابني لأذبح عشرة خراف، ثمنهم خمسون ألفاً وراتبه أربعة آلاف من أين يحضرهم؟ وقع بإشكال كبير، الإنسان يتعقل، وهنا الجواب:
(( ...لا وَفَاءَ نَذْرٍ إِلا فِيمَا تَمْلِكُ ))
ممكن أن تقول: أنا سوف أعطي هذه المروحة إذا نجح ابني وهذه المروحة لأبيك، هذا نوع من الحمق، الإنسان أحياناً يعطي شيئاً ليس له.
من حلف على معصية فلا يمين له :
((... مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَلا يَمِينَ لَهُ.. ))
إذا حلفت أن تعصي الله احنث ولا تعص الله.
((...وَمَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَلا يَمِينَ لَهُ... ))
إنسان حلف ألا يزور أخته لا يمين له، ينبغي أن تزور أختك وأن تكفر عن يمينك.
((... وَلا نَذْرَ إِلا فِيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ))
رجل عنده في المحل بضاعة محرمة يا رب إذا وفقتني سوف أذبح خروفاً، هذا نذر لم يبتغ فيه وجه الله تعالى، فالنذر ينبغي أن يبتغى فيه وجه الله تعالى.
من عمل في التجارة ينبغي أن يتوقع الربح والخسارة :
هناك نقطة مهمة جداً بعض الناس يدفعون أموالهم حتى يستثمروها وهو يريد ربحاً مضموناً لا يخطر في باله الخسارة أبداً، فإذا الذي يعمل في المضاربة خسر لا يقبل، لا يتحمل خسارة، وهذا ظلم شديد، وصار ربا، إذا كان المضارب الذي يعطي ماله ولا يوجد تقصير ولا عدوان و لكن هناك ظروفاً سيئة فإذا أنت رفضت تحمل الخسارة هذا رفض ظالم غير معقول.
(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَعَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ))
ربح مضمون لا يوجد، نقول: نربح إن شاء الله، وكل إنسان أراد أن يعمل في التجارة ينبغي أن يتوقع الربح والخسارة، أما الربح متوقع والخسارة مرفوضة فهذا موقف ظالم.