- الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
- /
- ٠4البيع
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
البيع والشراء :
أيها الأخوة الكرام، قبل أربعة دروس تكلمت عن موضوع البيوع، وذكرت أن أوسع نشاط للإنسان هو البيع والشراء، ما منا واحد على الإطلاق إلا يشتري ويبيع، ولأن الحرمة في البيع قد تدخل في بيوعنا ونحن لا ندري، فلذلك وقتها أردت أن أبدأ سلسلة دروس حول البيع والشراء ثم بدأت بالدرس الأول، وعرفت البيع، ثم ذكرت أركان البيع الصحيح، ووعدتكم أن أتابع الموضوع ولسبب أو لآخر وجدت موضوع الكبائر مهم جداً فبدأت في موضوع الكبائر ولم أصل إلى كل الكبائر بل إلى الكبائر التي لا تعرف أنها كبائر.
البيوع المحرمة :
1 ـ بيع المكره :
والآن نعود إلى موضوع البيوع ونبدأ بالبيوع المحرمة، هناك أناس كثيرون يبيعون أو يشترون والحرمة واضحة في بيعهم أو شرائهم، ومن هذه البيوع وهي كثيرة جداً - لكن نقف عند أبرزها- بيع المكره، لا يجوز لأحد أن يكره أحداً على بيع شيء، فإن من باب أكل أموال الناس بالباطل، أي هناك سرقة وهناك إكراه على بيع و هذا نوع من السرقة آخر، كما أن السرقة أكل لأموال الناس بالباطل، كما أن الغش في البيع أكل لأموال الناس بالباطل، كذلك أن تكره إنساناً على أن يبيع شيئاً هو في أمس الحاجة إليه هذا نوع من البيوع المحرمة الباطلة بيع المكره، وهو إثم كبير وحرام عظيم، الدليل قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾
من أكل أموال الناس بالباطل أي تلجئهم إلى بيع ما في أيديهم إكراهاً، معنى هذا أنك أنت أقوى، استخدمت قوتك في إجبار الناس على بيع ما في حوزتهم، والتراضي كما تعلمون،
﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾
أي الإنسان عندما يبيع حاجةً يبيعها وهو بأعلى درجات الرضا، وحينما يشتري حاجة يشتريها وهو بأعلى أنواع الرضا، فإذا كان هناك رضاً من البائع مثله بالإيجاب، ورضاً من الشاري مثله بالقبول، إذا تمّ الإيجاب والقبول فالبيع صحيح، إلا أنه لا بد من ملاحظة، هو أن الرضا بحسب ما يسمع، لو سمعت أن هذه السلعة اشتريتها بمئة بعتها له بمئة وعشرة، أما إذا اشتريتها بعشرة وبعتها له بمئة وقلت له: اشتريتها بتسعين، لو كشفت الحقيقة يرضى؟ هناك من يفهم التراضي أنك إذا أعطيته معلومات مغلوطة فرضي، لا، ينبغي أن يرضى فيما لو كشفت الحقيقة، بل إن بعض العلماء يقول: إذا باع أحد سلعة مكرهاً لا ينعقد البيع أصلاً، لأن هذا من باب أكل أموال الناس بالباطل.
تقديم مصلحة المجموع على مصلحة الفرد :
يوجد استثناءات، نريد أن نوسع طريقاً فلابد من أن نجبر صاحب الأرض على أن يبيع هذه الأرض لمصلحة المسلمين العامة، وحينما تقتضي مصلحة المسلمين العامة أن نجبر أحداً من المسلمين على بيع أرضه، أو على بيع بيته، يجب أن نعوض ما يساوي ثمنها حقيقةً، يوجد عندنا استثناء لأن القاعدة الأساسية أن مصلحة المجموع مقدمة على مصلحة الفرد فأحياناً نضطر إلى إنشاء جسر، أو فتح طريق، أو إنشاء مدرسة، أو بناء مسجد، الحاكم هو الذي يقرر المصلحة العامة، عندئذ يجبر صاحب الأرض أو العقار على بيع أرضه ولكن الخطأ ألا نعطيه حقه، يجب أن نعطيه الثمن الحقيقي لهذه الأرض.
تقديم حق الغرماء على مصلحة الفرد :
يوجد حالة أخرى مسموحة؛ إنسان يوجد عليه ديون وقد أعلن إفلاسه، طبعاً نحن نكرهه على أن يبيع دكانه أو مركبته أو بيته في المصيف من أجل أن نسدد عنه الدين للغرماء. على كلٍّ مصلحة المسلمين مقدمة على مصلحة الفرد، وحق الغرماء مقدم على مصلحة الفرد، في مثل هاتين الحالتين يمكن أن نكره إنساناً على أن يبيع ما بحوزته وفاءً لديونه، أو تحقيقاً لمصلحة ثابتة للمسلمين، قلت مصلحة ثابتة، لأنه أحياناً تتخذ المصلحة ذريعةً لمصلحة شخصية، أما الشيء الذي ينبغي ألا ننساه فهو أنك إذا أكرهت إنساناً على أن يبيع شيئاً لمصلحة المسلمين العامة أو سداداً للغرماء ينبغي أن تعطيه حقه كاملاً لا أن تعطيه عشر حقه.
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق :
أحياناً الإنسان يغيب عن ذهنه إذا كنت أنت موظفاً و أوكل إليك تقييم هذه الأرض وقيّمتها بعشر ثمنها نظراً لما تملك من سلطة لا تنجو من عذاب الله، أنت و وظيفتك مسؤولان عند الله عز وجل عن تقييم هذه الأرض بعشر ثمنها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حقوق، وكلكم يعلم أن حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله عز وجل مبنية على المسامحة، وكلكم يعلم أن الحق البشري لا يسقط إلا بالأداء أو المسامحة، هذا بيع الإكراه محرم قطعاً، معنى الإكراه أنه يوجد إنسان قوي والمالك ضعيف والذي أكرهه قوي، ما من قوي إلا وهناك من فوقه أقوى منه، فوق كل قوي أقوى، فوق كل عليم أعلم، والإنسان إذا خاف الله فيمن دونه كفاه الله فيمن فوقه.
أحياناً إنسان يجد أن الطرف الآخر ضعيف لا يملك أن يشتكي، هذا الإكراه على البيع من البيوع المحرمة التي لا تنعقد أصلاً، حتى لو أكرهنا أحداً لمصلحة المسلمين أو أداءً لحقوق الغرماء ينبغي أن نعطيه حقه بالتمام والكمال.
2 ـ بيع التلجئة :
البيع الثاني، بيع التلجئة، قد يجد المرء نفسه مضطراً لبيع صوري خوفاً من ظالم، أحياناً هناك من سيأخذ أمواله كلها مصادرةً بغير حق ظلماً وعدواناً، فإذا باع بيته بيعاً صورياً هذا البيع اسمه بيع التلجئةِ، أي ألجِئ إلى بيع بيته كي ينجو
من المصادرة الظالمة
لو فرضنا إنساناً عليه ديون وباع أملاكه كلها ليفر من أداء الديون هذا بيع غير صحيح، أو هو لا يعتبر عند الفقهاء بيع التلجئة، لأن البيع من أجل أداء الحقوق، أما إذا كان هناك حقوق، إذا كانت أملاكه سوف تصادر ظلماً وعدواناً عندئذ مسموح له أن يبيع بعض ممتلكاته بيع التلجئة، يتفق مع رجل أن يتظاهرا ببيع شيء حتى لا يأخذه الظالم، نقول الظالم لأنه يوجد استملاك ظالم أو مصاردة ظالمة، إلا أنه لو أن الذي سجلته باسمه ادعى أنه له أنت بعته بيعاً شكلياً من أجل أن ينجو هذا البيت من المصادرة الظالمة، والذي اشترى هذا البيت- وهذا والله وقع- أنا حدثني أخ: إنسان اضطر أن يبيع بيته بيع تلجئة لشخص، والبيت ثمين جداً، وهذا الذي باعه إياه قريبه، بعد أن تملّك البيت في السجلات الرسمية قال هو لي ولن أعيده إليك وبقيا في المحاكم ثماني سنوات.
بيع التلجئة أن تبيع بعض ما تملك خوفاً من اغتصاب ظالم، فالذي تملك البيت لا يحق أن يقول هذا البيت بيتي سجل باسمي، وقد حصل أمام القاضي العقاري إيجاب وقبول، الجواب هذا البيع لا يصح ولا ينعقد عند جمهور الفقهاء، ولو كان البيت باسمك، وما أكثر البيوت بأسماء غير صاحبيها، كما قلت قبل قليل: هذا البيع لا يصح ولا ينعقد لأن نية البيع غير موجودة، وإنما الأعمال بالنيات، والتراضي بين البائع والشاري معدوم.
الأمور بمقاصدها :
زارني شخص وحدثني عن إنسان له ابن أخ شقي تاجر بالمخدرات صار عليه ديون كثيرة جداً، فصاحب الدين هدد أقرباءه وأقنع امرأةً ساذجة على أن تطوب بيتاً ثمنه أربعون مليوناً لكن كضمانة من أجل ستة ملايين، بعد أن طوبت له البيت من أجل أن تحفظ ابن أخيها ادعى الذي طوب له البيت أنه ملكه، أنا لا أتكلم من هواء، أتكلم من وقائع، هناك أناس كثيرون يخافون ظلماً ينقلون البيت إلى قريب فإذا بهذا القريب تسول له نفسه أن يغتصب هذا البيت، ما الحكم الشرعي في هذه الحالة؟ قال: هذا البيت لا يصح ولا ينعقد عند جمهور الفقهاء، لأن نية البيع والشراء غير متحققةٍ، والتراضي بين البيع والشاري معدوم، والأمور بمقاصدها، هذه قاعدة أصيلة بالفقه، أنا أقول مثلاً: بعتك هذا المصحف الشريف بلا ثمن، أنا أقول: بعتك هذا عقد هبةٍ عند الفقهاء، أنا أقول: وهبتك هذا المصحف الشريف بألف ليرة مع أن كلمة هبة جعلته بيعاً، وكلمة بيع جعلته هبةً، فالأمور بمقاصدها.
هذا البيع - قال العلماء - من الحيل المباحة شرعاً، أي إذا كان ممكن أن تخسر مالك الذي حصّلته بطريق مشروع وبكد يمينك وعرق جبينك، أن تخسره اغتصاباً من قبل ظالم لك أن تحتال وأن تبيع هذا الشيء لشخص آخر، أما هذا الشخص الذي اشتراه لو أنه ادعى أنه ملكه فالجواب إن البيع في الأصل لن ينعقد ولن يصح، لأن نية البيع في الأصل لم تصح، والتراضي بين البائع والشاري غير موجود قطعاً، هذا بيع التلجئة، أن ينعقد بيع التلجئة انعقاده محرم.
3 ـ بيع الهازل :
قال: ومثله بيع الهازل، ذكرت لكم قبل عدة دروس أن إنساناً يجلس جلسة مسائية مع أصدقاء له في محطة وقود، فقال له أحدهم: أتبيع هذه المحطة؟ قال: أبيعها، قال بكم؟ قال: بستمئة ألف، قال: اشتريتها، والبيع هزل بهزل، لا أحد حرك ساكناً ولا إنسان دفع مبلغاً ولا إنسان سلم، بعد ست أو سبع سنوات لهذا الذي قال: اشتريت محامياً حدثه بالقصة فقال له: هي لك، ودخلا بالقضاء واستطاع تملّك هذه الكازية بعشر ثمنها، أما هو إذا أثبت أن هذا البيع هازل فلا ينعقد، أحياناً الإنسان يتسلى تشتري أنا أبيع، بعتك تسلية فقط، مزاح، تمضية وقت فراغ، لا يوجد نية بيع ولا شراء، قال: هذا بيع الهازل لا ينعقد أصلاً، لو أن الذي قال اشتريت تمسك بهذه الكلمة وقال: هو لي، قال: القاضي مكلف أن يستمع إلى قرائن من قبل البائع تؤكد أنه هازل، وينبغي أن يحلف اليمين حتى يلغى هذا العقد.
ألم يقل مرة سيدنا معاوية لسيدنا عمرو بن العاص وكان عمرو بن العاص من دهاة العرب، قال: يا عمرو ما بلغ من دهائك؟ قال: ما دخلت مدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، فقال له معاوية: لست بداهية أما أنا فما دخلت مدخلاً أحتاج أن أخرج منه، أيهما أهون أن تدخل في مأزق وأن تجهد لتخرج منه أم ألا تدخل أصلاً؟ هذا بيع الهازل، يوجد دعوة ويمين وأدلة وقرائن، فإذا ما أديت الأدلة والقرائن وما حلفت يميناً ينعقد البيع وقد يكون بثمن بخس، فما أحوجك إلى أن تحتاج هذا الموضوع كله؟ فعليك ألا تتحدث عن بيع وشراء إلا جاداً، ثلاثة جدهن جد وهزلهن هزل، منها الطلاق والعتاق والزواج، أحياناً الإنسان وهو يمزح، أريد أن أتزوج فلانة، تكون فلانة إنسانة فاتها قطار الزواج وصلتها هذه الكلمة غرقت في نشوة ما بعدها نشوة، وبدأت تفكر وتحلم طوال الليل، متى سيأتي خاطباً؟ أين سأسكن؟ أسكن مع أهلي، والقصة كلها هو يهزل بها هزلاً، أن تمزح بموضوع الزواج هذا مزاح ممنوع، موضوع الطلاق ممنوع، موضوع العتاق ممنوع، موضوع البيع والشراء ممنوع، عقاب الذي يمزح يقع البيع إذا لم تأت بقرائن، لابد من أن تأتي بقرائن للقاضي حتى لا ينعقد هذا البيع.
تعريف العاقل :
أخواننا الكرام، تعريف العاقل هو إنسان لا يندم، حينما تندم معنى هذا أنه يوجد عمل خطأ أساسه تفكير خطأ، أو عدم تفكير، نتج عن عدم التفكير أو عن التفكير خطأ، عمل خطأ، والعمل الخطأ نتج بعده ندم، حينما تندم أنت عطلت عقلك أو أسأت استخدامه فالعاقل لا يندم لأن العقل في أساسه أن ترى الشيء قبل أن يقع، هذا العقل.
ذكرت قبل يومين في درس الفجر أن البهيمة الحيوان يخاف بعينه والإنسان يخاف بعقله، فأنت انظر متى ترتدع عندما ترى المرض لا سمح الله؟
ضربت مثلاً الدخان أنا أعرف أناساً كثيرين خمسة شرايين بقلبهم مسدودة من الدخان، أعرف أناساً كثيرين أصيبوا بسرطان بالرئة من الدخان بعد أن أصيبوا أقلعوا، ما الذي أخافهم؟ عينهم لا عقلهم، أما لو إنسان قرأ مقالة عن الدخان وكيف أن الدخان يجلط الدم وأن احتمال إصابة الإنسان بالجلطة من بين المدخنين ثمانية أمثال، وأن الدخان يسرع القلب وتضطرب له الأعضاء، واحتمال سرطان الحنجرة والرئة قائم، واحتمال الغر غرين قائم، وهو إتلاف للمال بغير مبرر، وقد قال بعض العلماء: المدخن الغني مبذر والفقير سفيه لأنه ينفق ماله بلا طائل لما يضره، والغني مبذر، ولا يوجد إنسان حينما يبدأ الدخان يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا يوجد إنسان عندما ينتهي يقول: يا ربي لك الحمد، لا تسمي ولا تحمد، لأن أساسه غير صحيح، أنا شاهدي إذا خفت بعقلك فأنت إنسان، أما إذا خفت بعينك فأنت دون مستوى البشر قال تعالى:
﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
عشرات الآيات تبين أن الإنسان لا يرى الحقيقة عندئذ لات ساعة مندم، أما البطل فهو الذي يرى الحقيقة قبل أن تقع، المهندس يقول لك: هذا البناء خطر يجب أن تخليه، الساكن إذا كان غير مثقف لا يستعمل عقله يقول لك: أين أذهب؟ لا يوجد لي مكان آخر، إذا وقع البيت خلال ثوان يشعر أنه كان ينبغي أن يخرج، خاف بعينه.
بيع الهازل يحتاج إلى أن تأتي بقرائن، وأن تحلف اليمين على أنك هازل، وهناك أدلة تقنع القاضي بها لئلا ينعقد البيع، وأنا ذكرت هذا من قبل، الإسلام لا يحتاج إلى ورق بالأساس، زوجتك وقبلت، وبعتك واشتريت، الإسلام شفوي الورق للتأكيد، أما إذا قام شهود على أنك قلت أنك بعت، وشهود على أنك قلت اشتريت، فينعقد البيع والشراء.
4 ـ بيع المضطر :
الآن بيع آخر محرم، البيع الأول بيع المكره، المكره يوجد جهة خارجية أكرهته، وبيع التلجئة باع بيعاً صورياً لينجو من اغتصاب ظالم، وأما بيع الهازل فهو الذي جعل من البيع والشراء موضوعاًً للهزل والسخرية، أما بيع المضطر، قد يضطر الإنسان لبيع شيء مما يمتلكه لسداد دين حل سداده، أو لأي ضرورة من ضرورات الحياة، فيعرض هذا الشيء على بعض من يعلم حاله، فهل يجوز أن يشتريه منه أو لا يجوز؟ الجواب: يقول لك: مضطر أخذناه بنصف قيمة، طبعاً المكره يوجد جهة أكرهتك، والتلجئة أيضاً من داخل نفسك أقمت بيعاً شكلياً، أما بيع المضطر فبيع حقيقي والدافع ذاتي، وأكثر المشترين إذا شعروا بالحاسة السادسة أن هذا البائع مضطر يبخسون بالثمن، والله أعرف إنساناً باع شيئاً بربع قيمته لضرورة قاهرة، لعملية جراحية، فهذا الشاري ظن أنه ذكي جداً، وأنه شاطر جداً، وأنه هكذا الشراء، هذا بيع المضطر، قال: يجوز أن يشتريه منه بالثمن المتعارف عليه، البيع صحيح ولا شيء عليك إذا اشتريت هذا الشيء من مضطر بسعره الحقيقي، أو بسعر لا يشعر البائع أنه غبن به، أحياناً الإنسان سعّره بمئة باعه بتسعين لا يوجد مشكلة، هو مضطر للمال والفرق بسيط، أما سعّره بمئة باعه بخمس أو بعشر فهذه يسمونها بالعلوم الحديثة عقود إذعان، عقود الإذعان غير صحيحة، الشاري مذعن، أكره على أن يبيع بهذا السعر، قال ولا يجوز.
أيها الأخ: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، قبل أن تصلي وقبل أن تحج هل علاقاتك المالية شرعية؟ العلماء قالوا: لا يجوز، بيع حرام أن يشتريه منه بثمن بخسٍ انتهازاً لحاجته للبيع، أو استغلالاً لظروفه المحرجة التي يمر بها، فإن ذلك ليس من الدين في شيء، طبعاً قد تقول أنت: هو عرض بهذا السعر، عرض بسعر وأنا كاسرته لماذا باعني؟ هذا كلام غير مقبول، هو باعك لأن ابنه ينتظر عملية جراحية، يوجد طبيب توقف عن العملية قال: أحضروا لي مئة وخمسين ألفاً، ولما جاؤوا بهذا المبلغ من جهات عدة، عدّ هذا المبلغ ورقة ورقة، أحياناً يوجد حالات تبيع حاجاتك بربع قيمة، بيع المضطر، إذا اشتريت هذه الحاجة بسعرها الحقيقي، أو بسعر أقل بقليل لكن الذي باعها ما شعر أنه غبن قال: هذا بيع صحيح، أما إذا شعر البائع أنه مغبون بشكل غير معقول فهذا البيع لا يجوز أصلاً وهو بيع محرم.
من غبن إنساناً في بيعه عاقبه الله :
يوجد نقطة أحب أن أذكر أخواننا بها، يوجد شيء اسمه إذا إنسان باع عن طيب نفس، باع وهو راض فالذي اشترى هذه الحاجة يهنأ بها، والله عز وجل يبارك له فيها، وهناك آلاف الأمثلة حينما تشتري حاجة اضطراراً تتعطل بيديك،
يصيبها الخلل، قد تضيع منك
أنا أذكر إنساناً يوجد عنده سيارة فيها عيب خطير فباعها، قال لي وهو لا يشعر: بعتها ولبستها لشخص، وظن نفسه ذكياً جداً وحقق إنجازاً عظيماً لأنه خلص منها، وذهب إلى طرطوس، واشترى سيارة من الوكالة، وقال لي: أخذتها كحلي، في اليوم الخامس والله ضربت ضرباً شوهها بكاملها جاءني وهو مضطرب، قلت له: ألم تقل لي قبل يومين أنك لبست السابقة لإنسان؟ الله كبير.
أخواننا الكرام، إذا الإنسان اشترى حاجة من إنسان مضطر بنصف ثمنها الله جل جلاله لا يبارك له فيها، مرة قال لي أخ كلمة وهو صديق عمل، قال لي: لي والد صالح أردت أن أذهب إلى قبرص في العيد لا يوجد مكان في الطائرة، لي أصحاب أقوياء تمكنت عن طريق أصحابي أن ألغي حجز اثنين بتهمة، فقال له والدي: إذا ذهبت إلى هذا المكان للاستجمام لن تسعد، وإن ذهبت إلى هذا المكان لن تربح لأنه مبني على ظلم إنسان، ذهب - القصة طويلة - أصابه خوف، أول ليلة لم يجد فنادق ولا درجة ثانية ولا رابعة ولا بيوت ولا سكن، سائق التاكسي دعاه لعنده في البيت، في منتصف الليل والد سائق التاكسي دخل عليه بشكل مخيف، فظن أنه دخل ليقتله لأن معه مالاً، فقال لي: يجب أن أغير مكاني لأن الفرشة ابتلت من شدة الخوف، فوضع المال بوجاء الحمام، قال: أصابني خوف ما أصبت به بحياتي.
العمل الصالح ثمن رقي الإنسان عند ربه :
يقول له: أبقِ الحاجة عندك وسأقرضك ما يكفيك لهذه الأزمة، هذا أشرف موقف عندئذ ترقى عند الله، أخوك المؤمن عرض لك حاجة بنصف ثمنها لأنه مضطر وأنت معك مبلغ من المال قل له: دع الحاجة عندك وأنا سأقرضك هذا المبلغ لوجه الله، أنت ترتقي عند الله عز وجل، أي حتى لو باعك الشيء بأقل من سعره الحقيقي بقليل أنت الأكمل والأورع أن تترفع عن هذا القليل، وأن تعاونه إما بالشراء بالسعر المساوي للقيمة أو أن تقرضه هذا المبلغ لوجه الله تعالى.
(( حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَوْ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، قَالَ: وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وَيَنْهَدُ الأشْرَارُ، وَيُسْتَذَلُّ الأخْيَارُ، وَيُبَايِعُ الْمُضْطَرُّونَ، قَالَ: وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّينَ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ ))
5 ـ بيع المجنون :
إذاً أول بيع بيع المكره، جهة قوية أكرهت إنساناً على بيع ما في يده.
البيع الثاني: بيع التلجئة، هذا من الحيل المشروعة تلافياً للظلم، وبيع الهازل، وبيع المضطر، وبيع المجنون، قال: في شروط البيع أن يكون البائع عاقلاً، فلا يجوز بحالٍ بيع المجنون، وأقول مرة ثانية: أنا لا أتحدث من فراغ، هناك أناس معهم لوثة جنون، باعوا معظم ممتلكاتهم بأرباع أثمانها، وقد حدثني أخوان كرام عنهم، مشكلة كبيرة هذا أمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان، لأن المسألة لو أن المجنون يفيق في بعض الأوقات ويجن في بعضها فباع أو اشترى في الوقت الذي يفيق فيه صح بيعه وشراؤه، وسائر العقود عند جمهور الفقهاء بشرط أن تقوم على ذلك بينة، مجنون لكن تأتيه نوبات متباعدة، بعيداً عن هذه النوبات المتباعدة باع بيتاً بسعر معقول، ويوجد قرائن على أنه عاقل في وقتها، قال: هذا البيع عند جمهور الفقهاء يصح لأنه الجنون ليس ثابتاً بل نوبياً، والجنون وحالة العقل التي باع بها البيت هناك قرائن تؤكد أنه يشعر بملكاته التامة، لابد أن يشهد على هذا البيع شاهدان من العدول على أنه باع واشترى في وقت كان فيه عاقلاً.
6 ـ بيع من خفّ عقله وضعف رأيه :
آخر موضوع في هذا الدرس، بيع من خف عقله وضعف رأيه، يوجد أشخاص قرارهم في البيع والشراء غير حكيم، سريعو البيع وسريعو الشراء، هذا يقال له خف عقله، أحياناً يشتري بشكل غير معقول من دون تدقيق، من دون فحص البضاعة، وأحياناً يبيع بشكل غير معقول، لا يجوز بيع من خفّ عقله جداً ولا شراؤه، بل يجب الحجر عليه لقوله تعالى:
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾
من تحرى الحلال بارك الله له :
نحن بالدرس الماضي ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
ذكرت أن الإنسان لو اشتغل بالمال عن ذكر الله فقد اشتغل بالخسيس عن النفيس، المعنى المخالف لهذه الآية: لو أن الإنسان لم يشغله ماله عن ذكر الله، طلب المال عمل جيد وضروري لأن المال قوام الحياة، أوضح مثل ترى شاباً الطرق أمامه مسدودة، لا يوجد عنده بيت، ولا أثاث، ولا زوجة، حينما يكسب المال ويتزوج فيحصن نفسه يشتري بيتاً صغيراً، يأوي إلى بيت تطمئن نفسه، يسعد فتاةً أخرى، يشكل أسرة هي أساس المجتمع، هذا الذي سمح له بعمل.
أنا أذكر لكم قول سيدنا عمر حينما سأل أحد الولاة قال له: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده، قال: فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك.
أحد الأخوة الكرام، يوجد عنده معمل وعنده ثمانون عاملاً، قال لي: العمل ضعف كثيراً، أنا أفكر أن أغلق المعمل وأرتاح، عندي مال يكفيني إلى نهاية حياتي، قلت له: وهؤلاء الثمانون عاملاً ماذا تفعل بهم؟ لو أنك لم تربح شيئاً، لو أن الأرباح صفر إلا أن حركة البيع والشراء تغطي المصاريف أنت الآن تقوم بعمل عظيم، ما هو هذا العمل العظيم؟ أنك تمد ثمانين أسرة بحاجاتهم، والسيد المسيح يقول: "ليس بالخبز وحده يحيا به الإنسان"، ما كل ربح مال يوجد أرباح معنوية، أحياناً يكون أخ عنده بيت زائد عن حاجته يؤجره إلى شاب مؤمن وشابة مؤمنة متزوجان، يوجد بيوت تؤجر في الليلة الواحدة بعشرة آلاف ليرة ماذا يجري فيها؟ قيام ليل، وهو يعلم ماذا يجري في هذه الليلة الواحدة، أما إن أجره إلى أسرة شريفة مؤمنة بعشر الأجرة المعقولة، هذا الدخل فيه بركة، ما معنى بركة؟ أي الله عز وجل يعطيك من الشيء القليل شيئاً كثيراً، أنا والله أجد هذا الشيء واضحاً في حياة بعض الأخوة، ترى دخله محدوداً، وصحته جيدة، ولباسه أنيقاً، وأولاده تربيتهم عالية، كيف يدبر نفسه بهذا الدخل؟ يوجد بركة، الله عز وجل يتم عليه الصحة هو وزوجته وأولاده، والأشياء يشتريها من منابعها وفي أوقات محددة، بذخ لا يوجد عنده، تبذير لا يوجد عنده، إسراف لا يوجد عنده، والله عز وجل يحفظ هذه الأسرة، فإذا الإنسان آثر الدخل القليل الحلال على الدخل الكبير الحرام الله عز وجل يبارك له بهذا الدخل القليل، الإنسان عندما يتحرى الحلال الله عز وجل يطرح في رزقه البركة، ترى بشيء قليل فعل الشيء الكثير.
الحكمة من أن الحلال صعب و الحرام سهل :
المال ضروري جداً لكن لحكمة أرادها الله عز وجل بالغةٍ بالغةٍ، جعل الكسب الحلال صعباً، وجعل الكسب الحرام سهلاً، قال لي أخ: والله مقصف يبيع الخمور، فيه رقص، ولحوم، وفنانون وفنانات، قال: أربعة ملايين ونصف ربحه في خمسة وأربعين يوماً أقسم بالله، معنى هذا أن الرزق الحلال صعب والحرام سهل، لو الله عكس الآية لو جعل الحلال سهلاً والحرام صعباً لأقبل الناس جميعاً على الحلال لا حباً بالله ولا تعبداً له ولكن طلباً للوفرة، ولأعرض الناس عن الحرام لا خوفاً من الله ولا كراهيةً له، ولكن تلافياً للخسارة، أما الآية فمعكوسة الله جعلك أمام امتحان صعب، أحياناً يوجد أعمال أرباحها وفيرة لكن فيها شبهات، يوجد أعمال أرباحها قليلة ولكن فيها صلاح المجتمع، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له))
لا تفرح بالكثير الخبيث افرح بالقليل الطيب:
(( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ لا يَفْتِكُ مؤمِن ))
المؤمن مقيد بآلاف القيود، هذه القيود أوسمة شرف.
تعريف السفيه في اللغة :
أخواننا الكرام هذه الآية الكريمة، المؤمن على هدى، ماذا تفيد على؟ تفيد الاستعلاء، الهدى يرفعك، الهدى كله قيود ومع ذلك يرفعك، والضلال كله تفلت ومع ذلك يكون معه مرض نفسي، أو كآبة، أو يدخل السجن، يكون متفلتاً والتفلت يؤدي إلى أن تفقد حريتك، والاستقامة والعفاف تؤدي إلى أن ترتفع عند الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾
السفيه في اللغة من خفّ عقله جداً إلى درجة لا يحسن فيه التصرف، يلحق بالسفيه الصبي غير المميز، أيضاً هذا بيعه لا ينعقد، صبي غير مميز، يوجد صبي ذكي يبيع ويشتري أفضل من والده، الصبي غير المميز بيعه لا ينعقد يلحق بمن خف عقله أو ضعف رأيه.
الصدق و الأمانة يوصلان الإنسان إلى الله :
العلماء قالوا: أما من خفّ عقله بعض الشيء وضعف رأيه إلى حد ما بحيث يدرك شيئاً ويغيب عنه آخر، قال: هذا يجوز بيعه بحيث يقول لمن باعه أو اشترى منه لا تخدعني، أحياناً يكون هناك رجل خبراته محدودة، أنا بذمتك إذا خدعتني، رأيه ضعيف والشاري ورع، اشترى منه وأعطاه سعره الحقيقي.
يوجد رجل من الأغنياء تزوج امرأة دون أن تعلم زوجته الأولى، الزوجة الأولى رأته تغير عليها، وهي حصيفة وذكية، دققت وأرسلت من يعلمها أين يذهب، عرفت أنه تزوج امرأة ثانية، انظروا إلى الورع ثم أن هذا الزوج توفاه الله عز وجل فما كان من زوجته الأولى إلا أن أرسلت بنصيب الزوجة الثانية إلى بيتها، ما كان من الثانية إلا قالت للأولى: والله طلقني قبل أيام وليس لي عنده شيء، هذا مجتمع، مجتمع عظيم، عندما يكون هناك أمانة وصدق نرقى، أساساً سيدنا جعفر ذكر للنجاشي عن الإسلام، قال له: "وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة"، الدين كله أمانة وصدق، أما الصوم والصلاة فمن أجل أن تقطف ثمار الأمانة والصدق، إذا أنت أمين وصادق واتصلت بالله عز وجل ترى الطريق سالكاً، أما إذا لا يوجد أمانة ولا صدق فلن تصل إلى الله عز وجل.
خيار الشرط :
لذلك: ترك دانق من حرام خير من ثماني حجج بعد حجة الإسلام.
((عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ قَالَ هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ رَجُلاً قَدْ أَصَابَتْهُ آمَّةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَسَرَتْ لِسَانَهُ وَكَانَ لا يَدَعُ عَلَى ذَلِكَ التِّجَارَةَ وَكَانَ لا يَزَالُ يُغْبَنُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا))
إذا إنسان لم يتأكد من السعر اشترى بيتاً، لعله مصادر، لعله مرهون، قال له: أعطيني خياراً، الخيار بالبيع موجود، اطلب خياراً ثلاثة أيام هذا بيع شرعي، إما أن تقول وافقت أو لم أوافق، ويوجد حالات يقول فيها العلماء: "من اشترى ولم يرَ فله الخيار إذا رأى" أنت خذ خيار الشرط على أن أبحث في السجلات الرسمية عن وضع هذا البيع، فإذا ظهر أن عليه رهناً، أو ضريبة، أنا في حل من هذا العقد، وأهم هذه الشروط خيار الشرط، أنت يوجد عندك قضية ما بحثتها، أنا عندي هذا الشرط أنا أريد البيت نظيفاً من كل رهن أو مشكلة أو كل ضريبة سابقة، أعطني ثلاثة أيام خيار شرط.
الذي أريد أن أقوله لكم: جزء كبير من عبادتك بيعك وشراؤك، أنت تصلي الصلاة عبادة، تصوم، تحج، لكن إذا في البيع يوجد خطأ اليوم درسنا بيع من ضعف عقله، بيع المجنون، بيع المضطر، بيع الهازل، بيع التلجئة، بيع المكره، هذه كلها بيوع محرمة ولا تنعقد أصلاً إلا بحالات كما ذكرت قبل قليل، وإن شاء الله تعالى في درس قادم نتابع هذه الأنواع المحرمة، وبعد أن ننتهي منها ننتقل إلى الأنواع الجائزة، نكون قد أخذنا فكرة عن حقيقة البيع والشراء، وعن شروط البيع والشراء، وعن أركان البيع والشراء، وعن أنواع البيع المحرم، وأنواع البيع الجائز، حتى الإنسان يبيع ويشتري وهو مطمئن أنه وفق الشرع، يقول سيدنا عمر: "من دخل السوق قبل أن يتفقه أكل الربا شاء أم أبى"، وقع في الربا.