- ندوات إذاعية
- /
- ٠18إذاعة القرآن الكريم - قطر
مقدمة :
المذيع عبد الله البوعينين :
بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المذيع أحمد الجربي :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
المذيع عبد الله البوعينين :
أهلاً بكم مستمعينا الكرام في حلقة اليوم من برنامجكم كيف أصبحت ؟
المذيع أحمد الجربي :
نلتقي وإياكم في حلقة جديدة معكم في تقديم هذه الحلقة عبد الله البوعينين ، وأحمد الجربي ، ومن الإعداد أحمد الشنقيطي ، وفي التنسيق والمتابعة توفيق أسامة ، ومن التنفيذ على الهواء مباشرة أدهم المالح .
المذيع عبد الله البوعينين :
مستمعينا الكرام ، الإيمان والعمل الصالح ، قيمتان آخذتان بمجامع الدين ، من جمع بينهما فعل كل ما ينبغي فعله وترك جميع ما ينبغي تركه .
المذيع أحمد الجربي :
وعندما يجمع المسلم بين الإيمان والعمل الصالح يكون قد قام بين يدي الله صدقاً ووفاءً وثباتاً على الحق .
المذيع عبد الله البوعينين :
ويجد المؤمن لذة ذلك حين يعبد الله طاعةً طوعيةً ، ممزوجةً بمحبةٍ قلبية ، أساسها معرفةٌ يقينية ، عندها يفضي به الإيمان والعمل الصالح إلى سعادة أبدية .
المذيع أحمد الجربي :
إنها السعادة التي وعد الله بها المستقيمين المخلصين من عباده في أكثر من آية .
المذيع عبد الله البوعينين :
مستمعينا الكرام ، الإيمان والعمل الصالح متضمنان إفراد المعبود بالإرادة من الأفعال والأقوال والنيات ، وذلك هو الإخلاص .
المذيع أحمد الجربي :
كما يتضمنان وقوع الأعمال وحصولها وفق الأمر الشرعي لا البدعي ، وتلك هي متابعة السنة ، ويستلزمان الاجتهاد في الطاعة بقدر الوسع ، والاقتصاد في العمل بين الغلو والتفريط ، فلا إفراط ولا تفريط .
المذيع عبد الله البوعينين :
والإيمان والعمل الصالح يتطلبان الوقوف مع ما يرسمه الشرع ويحدده لا مع دواعي النفس وما تطلب .
المذيع أحمد الجربي :
أعزائي المستمعين الكرام ، الأعمال الصالحة تجعل المؤمن مستقيماً في أقواله وأفعاله وأحواله ونياته ، مخلصاً لله ، مستعيناً به ، مطبقاً لأمره كله .
المذيع عبد الله البوعينين :
أعزائي المستمعين الكرام ، في حلقة اليوم من برنامج كيف أصبحت ، نناقش بمشيئة الله عز وجل موضوع الأعمال الصالحة ، وهي اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال ، الظاهرة والباطنة ، يشرفنا في هذه الحلقة من برنامج كيف أصبحت أن نرحب بفضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، الداعي الإسلامي المعروف ، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، والذي يشرفنا في استوديوهات إذاعة القرآن الكريم ، حياكم الله دكتور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، وحفظ لكم بلدكم .
المذيع أحمد الجربي :
اللهم آمين ، دكتور محمد ، نحن أولاً بدايةً نشكرك على قبول هذه الدعوة .
الدكتور راتب :
أقل واجب .
المذيع أحمد الجربي :
بارك الله بك ، وسعدنا بك في هذا الصباح .
الدكتور راتب :
وأنا كذلك .
المذيع عبد الله البوعينين :
وفي بداية حلقة يوم الخميس ، عادةً نطرح سؤالاً على الضيف الكريم ، ونقول له : كيف أصبحت ؟
بعض من نعم الله علينا :
الدكتور راتب :
الحمد لله .
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِناً في سِرْبه ، مُعافى في جَسَدِهِ ، عندهُ قوتُ يومِه ، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها ))
المذيع عبد الله البوعينين :
حياكم الله شيخنا ، ونحن أيضاً في بداية كل لقاء ، نستغل فرصة وجود ضيوفنا الكرام ونبعث من خلال برنامجنا بعض الرسائل لمستمعينا الكرام ، وبعض الفئات العمرية ، نريد اليوم اختيار رسالتكم لكل أب ، ولكل أم يتابعونا الآن على الهواء مباشرةً .
الاعتناء بالأولاد اعتناء بالذات وإسعادهم هو إسعاد الذات :
الدكتور راتب :
الحقيقة ، أولاً : بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .من المسلَّمات أنك لو بلغت أعلى منصبٍ في الأرض ، وجمعت أكبر ثروةٍ فيها ، ووصلت إلى أعلى رتبةٍ في الدنيا ، ولم يكن ابنك كما تتمنى ، فأنت أشقى الناس ، الإنسان لا يسعد إلا إذا رأى أولاده كما يتمنى ، فالاعتناء بالأولاد اعتناء بالذات ، إسعاد الأولاد هو إسعاد الذات .
لذلك الإنسان حريص ، لو أخذنا ثمانية مليارات إنسان في الأرض ، ثمانية مليارات هذا أحدث إحصاء ، ما منهم واحد من كل بني البشر ، على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، وأطيافهم ، كل واحد يتمنى السلامة أولاً ، والسعادة ثانياً ، والاستمرار ثالثاً ، سلامته بما أنه أعقد آلة في الكون ، وهذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة بالغة التعقيد الإعجازي صانعٌ عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، لذلك انطلاقاً من حرصنا على ذواتنا ، وعلى طلب سلامتنا ، وعلى طلب سعادتنا ، ينبغي أن نتبع تعليمات الصانع ، أما استمرارنا بتربية أولادنا ، كنت أقول دائماً وأعيدها دائماً : لو بلغت أعلى منصبٍ في الأرض ، وجمعت أكبر ثروةٍ فيها ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، فانطلاقاً من حرصي على سعادتي ينبغي أن أربي أولادي .
المذيع أحمد الجربي :
شيخنا نحن بدأنا هذه الحلقة بذكر العمل الصالح وما يتعلق بالعمل الصالح ، وجميل أيضاً أن نعرج عليه ببداية هذا الصباح الجميل ، وأن يكون انطلاق الإنسان منذ أن يقرأ الإنسان كلام الله سبحانه وتعالى ، ويجد أن هناك ارتباط وثيق في القرآن الكريم بين هذا الإيمان وبين العمل الصالح ، لماذا هذا الارتباط ؟ ولماذا يجمع الله بينهما دائماً ؟
العبادة علة وجودنا :
الدكتور راتب :
يعني أبٌ كريم ، أرسل ابنه إلى السوربون ، ينال الدكتوراه ، عندنا مصطلح متداول ما علة وجود هذا الشاب في باريس ؟ علة وجوده ، يعني سبب وجوده ، لماذا هو في باريس ؟ علة واحدة ، هي الدراسة ، هذا لا يمنع أن يأكل في مطعم ، أن يقتني مجلة ، أن يجلس في حديقة ، أما علة وجوده الوحيدة ، سبب وجوده الوحيد في باريس الدراسة ، لو وسعنا هذا المثل ، ما علة وجودنا في الدنيا ؟ ما سبب وجودنا في الدنيا ؟ هو العمل الصالح ، الدليل أولاً في الدين رأي شخصي لا يوجد ، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، وأنا أنصح إخوتي المستمعين ، في الدين لا تقبل شيئاً إلا بالدليل ، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، أنا أقول لك : الدوحة كلها ملكي ، لكن بلا دليل ، تقول لي : أين الدليل ؟ أين الأوراق الثبوتية ؟ لولا الدليل لقال من شاء ما شاء .وإن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا . الدليل :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
العبادة علة وجودنا ، إلا أن الناس يتوهمون أن العبادة صلاة ، صيام ، حج ، زكاة، لا هذه عبادة شعائرية ، العبادة الحقيقية هي اتباع تعليمات الصانع ، بدءً من فراش الزوجية ، وانتهاءً بالعلاقات الدولية ، في كل حركةٍ وسكنةٍ ، في كل وقت ، في كل زمان ومكان ، هناك عبادة ، عبادة مع الأهل ، عبادة مع الأقارب ، عبادة مع الأقوياء ، عبادة مع الضعفاء ، عبادة مع الفقراء ، عبادة في أيام الرخاء ، عبادة بأيام الشدة ، عبادة وطنية ، وما إلى ذلك ، فالمنهج التفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، منهج تفصيلي .
المذيع عبد الله البوعينين :
نعم شيخنا ، الله عز وجل في أكثر من موضع يشير إلى اقتران الإيمان بالعمل الصالح ، الله عز وجل أيضاً يبشر المؤمنين .
﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾
اقتران هذا الإيمان بالعمل الصالح في القرآن الكريم يزيد أيضاً باستفاضة حول الدلالة من هذا الاقتران .
العمل الصالح هو عملٌ صالحٌ للعرض على الله :
الدكتور راتب :
أنا يلفت نظري تسمية هذا العمل ، العمل الصالح ، صالح بماذا ؟ أدق جواب : العمل الصالح هو عملٌ صالحٌ للعرض على الله ، يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما أبتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، أنت لك عمل ، هناك عمل لا يصلح ، وهناك عمل تستحي به ، وعمل يحجبك عن الله ، فكلما كان العمل صالحاً كما أراد الله ، كان أداةً للعرض على الله ، وأداةً لقبوله من الله عز وجل ، يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
المذيع أحمد الجربي :
أيضاً شيخنا ، ما يتعلق بالوعد الذي جعله الله سبحانه وتعالى لمن يعمل صالحاً ، لم يجعل الله سبحانه وتعالى الوعد ، هو وعد نهاية الأخير في الجنة ، وعد الله سبحانه وتعالى العبد حتى في الدنيا بعض الوعود التي ربما يستأنس بها حتى يصل إلى الله عز وجل .
الدكتور راتب :
الآية :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
دقق :
﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾
وزوال الكون أهون على الله ، من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
سنكمل :
﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾
هذا قانون ، هذا منهج ، هذه سنة من سنن الله عز وجل .
﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾
اثنين .
﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
الدين توقيفي :
الله وعدنا أن يُمكّن هذا الدين ، لا أن يواجه حرباً عالميةً ثالثة ، كانت من قبل تحت الطاولة ، واليوم فوق الطاولة .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
دين ممكّن ، لا أن يواجه حرب عالمية ثالثة عليه ، كانت تحت الطاولة ، اليوم فوق الطاولة ، لن نسمح بقيام حكمٌ سنيٍ ، أحد أعضاء الكونغرس ، لن نسمح .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
أي دين .
﴿ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
هناك دين طقوس ، عادات وتقاليد أصبحت ديناً ، ليس هذا هو الدين الذي ارتضاه، يمكّن الله الدين الذي ارتضاه ، أي كان خالصاً وصواباً ، ليس فيه تطرف ، ليس فيه شطح ، ليس فيه مبالغة .
مرة سألني أحدهم ، هل يوجد في الدين تجديد ؟ قلت : لا ، الدين توقيفي ، من عند الخالق المطلق ، وأي إضافة على الدين تعني اتهامه بالنقص ، وأي حذفٍ منه تعني اتهامه بالزيادة ، الدين توقيفي ، أما إذا أصررت أن تقول لي : إذاً ما التجديد في الدين ؟ أقول لك : أنت تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه .
عندنا في الشام محطة الحجاز ، أقدم محطة ، للعثمانيين ، هذه المحطة حجرها أسود اللون ، وكان من قبل أبيض اللون ، فالآن هناك ترتيب أن يضرب بالرمل ، يستعيد الحجر لونه الحقيقي ، أصبح أبيض .
التجديد في الدين أن ننزع عنه كل ما علق به مما ليس منه :
التجديد في الدين أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه ، الخرافات ، الكرامات ، الشطحات ، الزيادات ، المنامات ، دين منهجه خالق الأكوان ، فيه افعل ولا تفعل، فالتجديد في الدين إن أصررت عليه أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه ، أو أن التجديد في الدين أن يتنوع الخطاب الديني ، أن تخاطب عقله بالعلم ، وأن تخاطب قلبه بالحب، وأن تخاطب جسمه بطعامٍ وشرابٍ اشتري بمالٍ حلال ، إذا خاطبت عقله بالعلم ، وقلبه بالحب ، وجسمه بطعامٍ حلال تفوّقَ ، أما إذا اكتفى بواحدةٍ تطرف ، وفرقٌ كبير بين التفوق وبين التطرف لكن مع الأسف الشديد الشديد ، أعداء الدين كانوا في ما مضى يحاربون التطرف في الدين لكنهم اليوم يحاربون الوسطية في الدين ، الوسطية أبقى ، ومترسخة ، ومتجذرة ، والوسطية تجمع بين الدنيا والآخرة ، وبين العلم والعمل ، وبين القيم والحاجات ، هذا الجمع الرائع هو الوسطية ، الآن أعداء الدين في العالم الغربي يحاربون التوسط في الدين .
المذيع عبد الله البوعينين :
شيخنا ، الله عز وجل يقول أيضاً في محكم التنزيل :
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً ﴾
نريد أيضاً أن نتحدث عن دور الإيمان والعمل الصالح ، بعيداً عن الخوف من الظلم ونقص الأجر وجهل الساعي .
الدكتور راتب :
الحقيقة أنه : ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، والكلمة الدقيقة والخطيرة : أن الله إذا أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، إذا أسلمك إلى قويٍ ، أو ظالمٍ ، أو طاغيةٍ ، إذا أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، الدليل .
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ﴾
معنى العبادة :
دقق .
﴿ الْأَمْرُ﴾
أل الجنس ، أي أمر في الكون ، في الأرض ، من آدم إلى يوم القيامة ، بالخمس قارات ، هذا الأمر .
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
توكيد .
﴿ فَاعْبُدْهُ ﴾
متى أمرك أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك ، لذلك إذا أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، لكنه طمأنك ، قال لك :
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
والعبادة كما سمعت قبل قليل ، وهي عبارتي : طاعةٌ طوعية ، ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية أساسها معرفةٌ يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
طاعةٌ ليست قسرية ، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، لو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، لو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، هذه هي الطاعة ، طوعية حياتنا بيده ، موتنا بيده ، رزقنا بيده ، صحتنا بيده ، مرضنا بيده ، السعادة بيده ، والشقاء بيده ، ومع كل ذلك ما أراد أن نعبده إكراهاً ، قال :
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
بل أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب .
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
علاقة محبة ، علاقة تقدير ، علاقة سمو ، لذلك هذا الدين ، شيء كبير جداً ، هذا الدين يبدأ من فراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية .
المذيع أحمد الجربي :
أيضاً ما يتعلق دكتور محمد راتب النابلسي في العمل الصالح ، حتى في القرآن الكريم ، وذكر بعض أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، هناك قضية أن هذا العمل الصالح هو حياة الإنسان الحقيقة .
الإنسان في عالم الأزل قَبِل حمل الأمانة فكان إنساناً :
الدكتور راتب :
وعلة وجوده .
المذيع أحمد الجربي :
وعلة وجوده الحقيقة ، ولذلك تجد حتى في القرآن الكريم ، دائماً ما يتعرض القرآن لذكر هذه الحياة .
﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
مثلاً ، وهو عبارة عن عملٍ يطلبه من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، حقيقة هذه الحياة .
الدكتور راتب :
الحقيقة ، السلام عليكم ، أن الله عز وجل خلقنا في عالم الأزل ، هذا قبل عالم الصور ، نحن في عالم الصور ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
الإنسان في عالم الأزل قَبِل حمل الأمانة فكان إنساناً .
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
والسماوات والأرض مصطلحٌ قرآنيٌ ، يعني الكون ، والكون ما سوى الله .
﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
قال : أنا لها يا رب .
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :
قال تعالى :
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
هي الآية دقيقة جداً ، تقرأ بطريقتين ، تقرأ بشكلٍ استفهامي ، هل كان جهولاً حينما قبل حمل الأمانة ؟ لا ، ما كان جهولاً ، كان طموحاً ، أما إذا جاء إلى الدنيا ولم يحمل هذه الأمانة ، ولم يستقم على أمر الله .
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
تقرأ استفهاماً ، وتقرأ إقراراً .
المذيع عبد الله البوعينين :
دكتور محمد أشرتم قبل قليل ، في حديثنا عن الأعمال الصالحة ، أن هي الأعمال التي يكون الإنسان راضٍ في عرضها على الله تبارك وتعالى ، المتأمل في القرآن والسنة ، يجد أن الأعمال الصالحة لا حصر لها ، هناك أبواب مختلفة ، أعمال متنوعة ، أجور عظيمة لهذه الأعمال ، نريد أن نتعرف من خلالكم عن الحكمة الإلهية في جعل هذه الأعمال كثيرة متنوعة ويسيرة أيضاً كما أشرت .
الدكتور راتب :
يوجد جواب جامع مانع : الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، إذا أتقنت عملك فهو عمل صالح ، إذا كنت أباً رحيماً فهذا عملٌ صالح ، زوجاً وفياً عملٌ صالح ، ابناً باراً عملٌ صالح ، بنتاً محتشمةً عملٌ صالح ، صناعةً متقنةً عملٌ صالح ، أبداً .
المذيع أحمد الجربي :
البعض دكتور محمد ، ربما يعني مر عليه في هذه الحياة ، أن يقرن دائماً العمل الصالح ، وما يكون مثلاً بين جدران المسجد ، أو عند مثلاً مسك المصحف وقراءته ، فيذهب بعيداً عن المعنى الحقيقي للعالم .
الدكتور راتب :
أنا رأيي بالعكس والله .
المذيع أحمد الجربي :
لكن أنا أقول أنه يبدأ بالبحث بعيداً ، حتى أحياناً ربما يفاجأ أن العمل الذي يقوم به وهو من الأمور الحياتية العادية ، هو عمل صالح أيضاً يؤجر عليه .
العمل الصالح يدور معنا في كل أحوالنا :
الدكتور راتب :
المسجد له دوران فقط ، فيه تتلقى تعليمات الصانع ، وفيه تقبض جائزة هذه التعليمات ، أما العمل الصالح في البيت ، في العمل ، في المعمل ، في التجارة ، في السفر ، في الحضر ، في العطاء ، في الأخذ ، يعني أنت دائماً تأتي إلى المسجد كي تتلقى تعليمات الصانع وتعود إليه كي تقبض ثمن العمل الصالح ، أما العمل الصالح في البيت .طبعاً النبي كان في بيته صالحاً ، يوجد رحمة ، إتقان العمل ، مثلاً أنت مسموح أن تضع بالمواد الغذائية المعلبة مادة اسمها بنزوات الصوديوم ، ثلاثة بالألف ، لو وضعتهم ثلاثة بالمئة يصبح هناك سرطانات .
فالعمل الصالح يدور معك في كل أحوالك ، في حلك وترحالك ، في قوتك وضعفك، في قبض المال وفي إنفاق المال ، في نزهتك ، مثلاً إنسان أقام في مكان وما تبقى من الطعام أبقاه في المكان نفسه ، هذا عمل سيء .
أذكر مرة أن امرأة بأمريكا تمشي مع ابنها ، أعطته شيء يؤكل لكن له بذرة ، قالت له : أين البذرة ؟ قال لها : ألقيتها ، عادت ثلاثمئة متر ، قالت له : خذها وضعها في القمامة ، هذه هي التربية .
نحن إذا تربينا نجد بلادنا أصبحت جميلة ، نجد فيها انضباطاً ، فكلما كان هناك انضباطٌ أكثر تجد راحة أكثر .
المذيع عبد الله البوعينين :
نعم ، دكتور محمد ، نحن من بداية اللقاء ودائماً نركز على مسألة العمل الصالح واقترانه بالإيمان ، نريد أن نتحدث عن مصير العمل الصالح الآن من دون إيمان ، تحديداً نحكم على بعض الأعمال عند غير المؤمنين الذين قدموا خدمات جليلة للإنسان ، ولكن مع انعدام شرط أساسي ، وجناح أساسي وهي مسألة الإيمان .
التقاء العمل الذكي مع العمل التعبدي بالنتائج واختلافهما بالبواعث :
الدكتور راتب :
والله أنا مضطر أن أقول قولاً لابن تيمية : إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة ، أنت حينما تتقن عملك ، مثلاً حاكم ملحد ، عمل تأميناً صحياً ، عمل تكافؤ فرص ، عمل سيادة للقانون ، هذا الله يكافئه ، يقويه .
الدنيا تصلح بالكفر والعدل ، ولا تصلح بالإيمان والظلم ، وإن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة ، على الأمة المسلمة الظالمة .
ضربت مثلاً : دولة عندها تأمين صحي لكل المواطنين ، أي مواطن يجري أي عمل جراحي مجاناً ، هذه دولة الله يقويها ، دولة فيها تكافؤ فرص ، دولة فيها عدالة ، مثلاً أحياناً يأتي الانضباط من ذكائك ، أو من عبادتك ، العمل الذكي يلتقي مع العمل الديني ، يلتقيان في النتائج يختلفان في البواعث ، المؤمن صادق يبتغي وجه الله ، صادق يبتغي الجنة ، يتقن عمله يبتغي الجنة ، يكون رحيماً بزوجته يبتغي الجنة ، يرحم أولاده يبتغي الجنة ، فالعمل الذكي يلتقي مع العمل التعبدي في النتائج ، يختلفان في البواعث ، عندما تعطي دولة مثل أمريكا حقوقاً للمواطن تفوق حد الخيال ، وتقصف قلعة في أفغانستان ، تقتل خمسة آلاف بيوم واحد ، هذا العمل لا قيمة له عند الله ، لا قيمة له ، المؤمن مؤمن ، الرحيم رحيم مع كل البشر، أما أنا أعامل مواطني معاملة تفوق حد الخيال ، وأنا أبني مجدي على أنقاض الشعوب .
المذيع أحمد الجربي :
دكتور محمد راتب النابلسي ، نحلق معك بإذن الله في سماء الداع والإمتاع ، وبهذا الحديث النافع في هذا الصباح الجميل .
المذيع عبد الله البوعينين :
حياكم الله مستمعينا الكرام ، أهلاً وسهلاً بكم ، ما زلنا على الهواء مباشرةً ، نتواصل مع برنامج كيف أصبحت ، ونجدد الترحيب مرة أخرى بضيفنا الكريم ، فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، الداعية الإسلامي المعروف ، وعضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، حياكم الله من جديد .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وحفظ لكم بلدكم الطيب .
المذيع عبد الله البوعينين :
اللهم آمين يا رب العالمين ، شيخنا نريد أن نتحدث أيضاً عن مسألة سلف الأمة رضوان الله عليهم أجمعين ، كيف فهموا حقيقة ارتباط الإيمان بالعمل الصالح ؟ وكيف كانت ثمار هذا الارتباط وهذا الفهم على الحضارة وتكوين الحضارة ؟
أخطر شيء في الدين العقيدة إن صحت صح العمل وإن فسدت فسد العمل :
الدكتور راتب :
العبد الفقير ، كنت في أمريكا ، أخٌ كريم دعاني إلى أن أزور أكبر معمل سيارات جنرال موتورز ، بقيت فيه سبع ساعات ، قال لي أحد الأدلاء ، طبعاً يوجد مترجم ، قال لي : هذه السيارة فيها ثلاثمئة ألف قطعة ، ثلاثمئة ألف قطعة ، أنا كراكب لم أجدهم ثلاثمئة ألف ، وجدت غلافاً معدنياً ، ومقاعد ، ومحرك ، وعجلات ، وبنزين ، ومقود ، سبعة فقط ، من ثلاثمئة ألف لسبعة .
هذا يعني أن هذا الدين فيه مليون موضوع ، فيه مئة ألف كتاب ، فيه ألف عالم ممكن أضغطه بكليات ، كليات الدين ممكن ، أول كلية العقيدة ، الفكر ، الإيديولوجية ، المنطلقات النظرية ، أي الجانب الفكري العقيدة ، العقيدة إن صحت صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل واضح تماماً ، فإذا أنت فهمت النص خطأً .
(( شفاعتي لأهل الكبائر مِنّ أمَّتي ))
ماذا تقول لنفسك ، دعني أقم بأحد الكبائر ، هذا فهم خاطئ تماماً ، إذاً أخطر شيء في الدين العقيدة ، إن صحت صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، العقيدة تحتاج إلى تعلم لا بد لك من طلب العلم .
﴿ اقْرَأْ ﴾
اطلب العلم .
﴿ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾
اقرأ من أجل أن تؤمن .
تميز الإنسان عن بقية المخلوقات بالقوة الإدراكية :
﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾
كيف أكرم ؟ منحك نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، اقرأ من أجل أن تؤمن .
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾
أكرم أي منحك نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد أمدك بأم وأب ، وطعامٍ وشراب ، ثم تفضل عليك بالهدى والرشاد .
﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾
يوجد عندنا تعليم مشافهةً ، يحتاج إلى تواجد ، ويوجد تعليم بالكتاب ، ممكن أن ينتقل العلم من جيل إلى جيل ، وبالترجمة من أمة إلى أمة .
﴿ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾
بقلم عربي ، أو قلم إنكليزي مترجم للعربي .
﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾
هذا الوحي ، عندك الوحي يحتاج إلى إذعان ، اقرأ قراءة بحثٍ وإيمان ، واقرأ قراءة شكرٍ وعرفان ، واقرأ قراءة وحي وإذعان ، ثم اقرأ قراءة عدوانٍ وطغيان .
يوجد أسلحة جرثومية وأسلحة كيميائية ، وأسلحة القنبلة الخارقة الحارقة ، الأسلحة الحديثة فيها ذكاء مذهل ، لكن هذا ذكاء العدوان والطغيان .
أصبح عندنا قراءة البحث والإيمان ، قراءة الشكر والعرفان ، قراءة الوحي والإذعان، وأخيراً قراءة الكفر والعدوان ، فلا بد من طلب العلم .
هذه الطاولة أمامي ، لها طول ، عرض ، ارتفاع ، وزن ، حجم ، هذا الجماد ، أما النبات طول ، عرض ، ارتفاع ، وزن ، حجم ، إلا أنه ينمو ، زاد النبات على الجماد بالنمو ، والحيوان عرض ، طول ، ارتفاع ، وزن ، حجم ، النبات ينمو ، الحيوان بالحركة يمشي ، الهرة تمشي ، والإنسان له من الجماد الوزن ، والحجم ، والطول ، والعرض ، والارتفاع ، وله من النبات النمو ، كان طفلاً أصبح مئة وثمانين سنتيمتراً ، ويضاف عليه الحركة ، إلا أن الله أودع فيه قوةً إدراكية ، هذه القوة الإدراكية هي ما يميزه بها عن بقية المخلوقات ، هذه القوة الإدراكية تلبى بطلب العلم .
المستويات التي يهبط إليها الإنسان الذي لا يطلب العلم كما وردت في القرآن :
كل إنسان لا يطلب العلم يهبط مستواه إلى مستوى لا يليق به ، اسمع المستويات بالقرآن ، أول وصف .
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
قرآن ، خالق الأكوان ، ميت ، أي له نبض فقط ، ضغطه مثالي ، عند الله ميت ، إن لم تعرف الله فأنت ميت ، إن لم تعرف سر وجودك فأنت ميت ، إن لم تعرف غاية وجودك فأنت ميت ، إن لم يكن لك عمل صالح فأنت ميت .
المذيع أحمد الجربي :
هذا الوصف الأول .
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
الدكتور راتب :
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
خشب ، قرآن ، وصف القرآن ، ثلاثة :
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
أنعام غير مكلفة ، أربعة أقوى وصف :
﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
من دون طلب العلم ، أنعام ، خشب مسندة ، أمواتٌ غير أحياء ، كمثل الحمار يحمل أسفاراً ، وصف القرآن كله هذا ، لذلك خيارك مع طلب العلم ، لا خيار وردة حمراء تزين بها صدرك ، خيار هواء تستنشقه وإلا تموت ، ليس لنا خيار آخر .
فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة ، فيخسرهما معاً .
أكبر عقابٍ يعاقب الله به المؤمن أن يحجبه عنه :
الآية تقول :
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
جنة في الدنيا وجنة في الآخرة ، جنة الدنيا جنة القرب من الله ، والآخرة جنة الخلد .
المذيع عبد الله البوعينين :
هذا بالضبط إذاً ما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
الدكتور راتب :
علة وجودك الوحيدة في الدنيا العمل الصالح ، والعمل الصالح يصلح للعرض على الله . مثلاً : امرأةٌ جاءت تشتري قماشاً ، وهي وضيئة ، فالبائع ملأ عينيه من محاسنها ، بل وتغزل معها أحياناً ، ثم أذن الظهر ، هل بإمكانه أن تنعقد له مع الله صلة قوية ما دام لم يغض بصره عنها ، ما دام خرق منهج الله ، هذا الخرق حجابٌ بينه وبين الله ، أنا اجتهادي المتواضع أكبر عقابٍ يعاقب به المؤمن أن يحجبه عنه ، والآية تقول :
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
المذيع أحمد الجربي :
دكتور محمد ، أنت فتحت باباً كبيراً في قضية ما يتعلق بالعمل الصالح ورؤية ثمار هذا العمل الصالح ، كثير من الناس تجدهم يصلون ، يزكون ، أعمال صالحة يقدمونها ، لكن في المقابل في التعامل لا تجد ذلك التعامل ، تجده يكذب ، يسرق يرتشي ، يخادع ، ومع ذلك هو يقول : أنا أعمل عملاً صالحاً ، رؤية ثمار العمل .
الفرق بين اللذة والسعادة :
الدكتور راتب :
والله لو لك عبادات كجبل أحد ، ولم تكن مستقيماً ، لا تنجو من عذاب الله إطلاقاً .
عفواً؛ الأمة الإسلامية ، تملك نصف ثروات الأرض بالضبط ، الأمة الإسلامية تقف على أخطر موقع استراتيجي في الأرض ، الأمة الإسلامية عندها مقومات مذهلة ، ومع ذلك بأسها بينها ، لأنه لا يوجد استقامة ، هذا الدين عظيم لا يمكن أن تقطف ثماره إلا إذا طبقته كله مثل الكهرباء تماماً ؛ عندك غسالة ، وفرامة ، وجلاية ، وعندك مكرو ويف ، وعندك مكيفات ، وعندك كل الأجهزة ، لكن ليس عندك كهرباء ، كله معطل ، كلها قطع بلاستيك ، والقطع قد تكون ميلي وقد تكون متراً ، لكن الخط مقطوع ، أصبح هناك صلة ، سعدت ، يوجد صلة سعدت بزوجتك ، يوجد صلة سعدت بأولادك ، يوجد صلة سعدت في حرفتك ، يوجد صلة سعدت بمن حولك ، لا يوجد صلة يوجد لذة ، لذة غير السعادة ، والفرق شاسع بينهما ، اللذة حسية ، تحتاج إلى وقت ، وإلى مال ، وإلى صحة ، ولحكمةٍ بالغةٍ دائماً تنقصك واحدة ، في البدايات هناك صحة ووقت لكن لا يوجد مال ، في المنتصف يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت ، مشغول ، بالنهاية المعمل أخذوه أولادك ارتحت ، يوجد وقت ومال لكن لا يوجد صحة ، هذه هي اللذة ، أما السعادة لمجرد أن تنعقد لك مع الله صلة ، أنت أسعد الناس ، وإن لم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ، عندك مع الله مشكلة كبيرة .
المذيع أحمد الجربي :
شيخنا ، ذكرتم قبل قليل أن مواسم الخيرات تضاعف في الأعمال الصالحة ، أو تتضاعف الأعمال الصالحة ، نحن الآن في موسم عظيم إن شاء الله تعالى ، كما تعلم سنقبل إن شاء الله تعالى على الأيام العشر من ذي الحجة ، نريد الحديث عن غير الحاج ، كيف يستطيع أن يكثر من الأعمال الصالحة ، ويتصيد هذه المواسم ؟
الدكتور راتب :
إذا أكثر من ذكر الله ، أتقن صلاته إتقاناً بالغاً ، صلى النوافل ، صام الأيام العشر ، أو صام يوم الوقفة ، مندوب أن يصوم هذه الأيام ، بالغ بغض بصره ، بالغ بضبط لسانه .
((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
المؤمن منضبط بمنهج الله :
والله شيء لا يصدق ، قالت عائشة رضي الله عنها : عن ضرتها قصيرة ، قال : يا عائشة ، لقد قلت كلمةً لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
مرة أستاذ قال : أنت ضعيف لأنك أخلاقي ، أنت أخلاقي لأنك ضعيف هذا السم بعينه ، يوجد كلمات كالسم .
((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
لذلك ضبط اللسان من علامات الإيمان ، ضبط الأخذ من علامات الإيمان ، ضبط العطاء من علامات الإيمان ، ضبط النظر من علامات الإيمان ، ضبط السمع من علامات الإيمان ، المؤمن منضبط في منهج الله .
المذيع أحمد الجربي :
هل هناك أي عبادات معينة دعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام ، في هذه الأيام المباركات ، أيام العشر ؟
الدكتور راتب :
الصيام ، والأذكار ، والنوافل ، الحقيقة مثل هذه الأيام ، رمضان مثلاً ، هذه الأيام دورات تدريبية ، فيها جهد أكبر ، دورة تدريبية .
المذيع أحمد الجربي :
أيضاً دكتور محمد راتب النابلسي أمام هذه الأيام ، بعض الناس ربما يكسل فيها ويتكاسل فيها ، ويجد من نفسه أحياناً إعراضاً ، ربما هو يريد ، يتمنى أن يكون ممن يعمل الصالحات ، لكن يجد في نفسه أحياناً كسلاً في أداء العبادة ، أو أداء الطاعة ، وربما تشغله هذه الدنيا .
حاجة الإنسان دائماً إلى الحاضنة الإيمانية :
الدكتور راتب :
ليس عندنا غير حل واحد .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
هو بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، بحاجة إلى سهرة مع مؤمنين ، نزهة مع مؤمنين ، علاقة مع مؤمنين .
﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
آية ثانية .
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
تحتاج حاضنة إيمانية ، أن تعيش مع مؤمنين ، يكون لك سهرة مع مؤمنين ، رحلة مع مؤمنين ، أما علاقات العمل ليس عليها إشكال ، لو كان رئيس الشركة ملحد ، لا يهمك ، أنت دوامك دقيق ، وعملك دقيق ، أنا أتحدث عن العلاقات الحميمة ، زيارة طويلة ، سهرة ، نزهة ، سفر مشترك .
المذيع عبد الله البوعينين :
شيخنا ، في الأقبال على المواسم ، هناك من ينتظر هذه المواسم ، ويجتهد أمره بأي طاعة من الطاعات ، وهناك من يفضل أن يجد له ، أو يفعل له خطة معينة ، لأنه يريد أن يستغل هذه المواسم ، برأيكم نريد أن نقف عند هذه المسألة .
الدكتور راتب :
والله أنا عندي رأي ، لكن في العادة يكون غير مقبول ، إذا إنسان بعد رمضان عاد إلى ما كان قبل رمضان ، ما انتفع من رمضان ، في رمضان ضبط ، ضبط نفسه .
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقةً تسعى إلى مشتاق
***
ألغى صيامه ، لأن رمضان يجب أن ترتقي فيه ، ارتقاء على مدى العام ، وكل مرة درجة ، أي أن رمضان درج ، وليس صعدنا وعدنا كما كنا عليه ، هذه مشكلة كبيرة جداً .
كلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء :
عفواً ، لو كانت الكلمة قاسية نوعاً ما : إذا انقلب رمضان إلى شهر ولائم وشهر مسلسلات ، ليس هذا الصيام ، أقدس شهر في حياتنا انقلب إلى شهر ولائم ومسلسلات ، والمسلسل فيه شيء خطير ، لا أحد ينتبه له ، يطرح المسلسل أفكاراً بعكس الدين ، يريك شخصاً أنيقاً ، رشيقاً ، بيتاً فخماً ، أربعمئة وخمسين متراً ، ثريات فاخرة ، سجاد إيراني ، عنده سيارتين أو ثلاثة ، ولا يعرف ما هو الدين ، تستقبل زوجته أصدقاء زوجها في غيابه مثلاً ، يريك شيخ القرية أفقه محدود جداً ، أولاده في الحارة ، زوجته عند الجيران ، هو لم يهاجم الدين لكنه أعطاك أبشع صورة عن رجل الدين ، وأجمل صورة عن الفاسق ، هذا الإعلام ، كان يوجد قديماً سلطة تشريعية ، سلطة تنفيذية ، سلطة قضائية ، لقد ألغيت الثلاث سلطات ، وبقي الإعلام فقط . قال أحدهم :
قتل امرئ في غابةٍ جريمةٌ لا تغتفر وقتل شعبٍ آمنٍ مسألة فيها نظر
***
هذا هو الإعلام .
المذيع أحمد الجربي :
شيخنا ، أيضاً عودةً إلى ما كنا نتحدث في قضية العمل الصالح ، وأهمية العمل الصالح ، وخصوصاً نحن نقبل على هذه الأيام المباركات ، في الأجيال السابقة ربما كان الآباء يتعلمون من أجدادهم ، وكانوا يعيشون فعلاً جمال هذه اللحظات ، سواء كان في رمضان وعشر ذي الحجة ، أو تعاطيهم مع الأضحيات ، اليوم ربما هذا الجيل بعيد ، لا نقول الجميع لكن البعض ، بعيد عن رؤية مثل هذه الأعمال الصالحة التي يظهرها الآباء للأبناء في هذه المواسم.
الدكتور راتب :والله أنا سيدي ، هناك كلام أتمنى أن أقوله في الإذاعة : هذه الشاشة إن لم تضبط لن تستطيع أن تقنع أولادك بالدين ، ضبط الشاشة ، لأن الشيء الذي يمكن أن يراه الإنسان بعد عشرين عاماً يراه اليوم بكل تفاصيله ، وإذا كان هناك دين ، فهناك انحراف خطير ، وإذا ما كان هناك دين ، فهناك إجرام خطير ، نحن حياتنا الإعلام فيها خطير جداً ، كل شيء له وقت ، أما إذا وصلت لبعض الأشياء التي قبل وقتها بكثير ، فسيصبح هناك انحراف خطير ، الإعلام يساهم ، فأنا أقول للأخوة المستمعين : هذه الشاشة ينبغي أن تضبط ، وما لم تضبط فهناك مشكلة كبيرة جداً ، هناك كلمة أقولها دائماً : كلما اتسعت الصحون على السطوح ، مئتي محطة، أربعمئة محطة ، ضاقت صحون المائدة ، وكلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن ، وكلما قل ماء الحياء قل ماء السماء .
المذيع عبد الله البوعينين :
ولكن في ظل هذا الفضاء الواسع المفتوح شيخنا ، كيف يستطيع الإنسان أن يضبط الشاشة ؟
البطولة أن تقنع لا أن تقمع :
الدكتور راتب :
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾
هناك ضبط للشاشة ، والله يمكن ضبط الشاشة ، هناك برامج تضع القنوات الإخبارية والدينية فقط ، لو غبت عن البيت ، ممكن ، ليس عندي غير قنوات إخبارية ودينية فقط ، سهل جداً ضبطها .
المذيع :
شيخنا الهاتف الآن ، الهاتف أصبح يجمع العالم كما تقول كله بين يديك .
الدكتور راتب :
أمام الهاتف أنت اعتمد على الوازع لا على الرادع ، عندك وازع ، وعندك رادع ، إذا اعتمدت على الوازع ، فسيصبح هناك انضباط ذاتي ، إذا علمت ابنك ، فهمته ، بابا هذا حرام ، هذا لا يجوز ، أقنع ولا تقمع ، لا تقمع ، إذا قمعته وأخطأ يفعل كل المنكرات ، وإذا مت يفعل كل الجرائم ، فالبطولة أن تقنع لا أن تقمع ، أن تقدم ، انظر ماذا قال الله :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
إله :
﴿ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾
أعط التعليل ، أنت عندما توجه ابنك بابا هذا حرام ، لأن نتيجتها ستكون كذا ، أعط تعليلاً ، أقنع ولا تقمع ، الآن نحن في عصر صعب جداً ، ما لم تستخدم الإقناع لا القمع ، ما لم تستخدم التبني لا الزجر ، لذلك تربية الأولاد الآن أصعب شيء ، لكن أكبر ثمرة فيها أن يكون ابنك قرة عين لك .
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾
الأسرة الصالحة هي خلية المجتمع :
والله شعور الأب لابنته الصالحة المؤمنة المحتشمة أو ابنه البار لا يوصف ، حتى الله عز وجل قال :
﴿ ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ ﴾
رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته ، فالأسرة الصالحة هي خلية المجتمع الأولى ، إن صلحت صلح المجتمع ، وإن فسدت فسد المجتمع ، وكل الأنظمة الغربية عندنا تريد تفكيك الأسرة ، والدين يريد جمع الأسرة ، الدين يجمع ، والحضارة الحالية تفرق .
المذيع أحمد الجربي :
دكتور محمد ، حتى هذا الارتباط ، عفواً ، ليس فقط في الدنيا ، بل هو حتى ارتباطٌ في الآخرة ، حتى في الجنة أيضاً .
الدكتور راتب :
أبداً ، الحقيقة أن الإنسان على ثغر المتقابلين ، أي دائماً بالجنة يوجد لقاء ، هذا يقول لك : أنا كنت مثلاً بالمدينة الفلانية في الدنيا ، والله جمعني مع عالم كبير ، وهذا كنت بالمكان الفلاني ، وتعلمت بالجامع الكبير ، يوجد حوار في الجنة بين المؤمنين .
المذيع أحمد الجربي :
نسأل الله سبحانه وتعالى ، أن يرزقنا جنة النعيم ، وأن يدخلنا الجنة مع الصالحين .
الدكتور راتب :
سيدي أهل الدنيا ، أهل الإيمان إذا وصلوا إلى الجنة ، يقولون : لم نرَ شراً قط ، ينسى كل متاعب الدنيا، وأهل الآخرة ، وأهل الكفر يقولون ، بكون غرق باللذائذ ، والسيارات ، والسفر والانحراف ، لم نرَ خيراً قط .
﴿ ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ﴾
المذيع عبد الله البوعينين :
شيخنا تبقى معنا دقيقة ، أو نصف دقيقة نجيب من خلالكم ، وفي ختام هذا اللقاء رسالة حول موضوعنا بشكلٍ عام ، ولمن يتابع معنا على الهواء .
ضرورة طلب العلم :
الدكتور راتب :
إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً .
خاتمة و توديع :
المذيع أحمد الجربي :
في نهاية هذه الحلقة ، مستمعينا الكرام نشكر فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، الداعية الإسلامية المعروف ، على ما أشجى به مسامعنا من قولٍ نافعٍ ، وحثنا على الأعمال الصالحة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن تزيد في أعمالنا بإذن الله ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك الصلاح والإصلاح.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، وحفظ لكم بلدكم .
المذيع عبد الله البوعينين :
اللهم آمين ، شكراً لكم مستمعينا الكرام على حسن المتابعة والإصغاء ، نلقاكم بمشيئة الله عز وجل الأسبوع المقبل مع مواضيع متجددة مع برنامج "كيف أصبحت" حتى ذلكم الحين لكم تحيات أسرة البرنامج ، في أمان الله .