الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، يا رب العالمين.

الأذان

لما كان المسلم بحاجة دائمة للاتصال مع الله سبحانه وتعالى، شرع الله عز وجل له خمس اجتماعات في كل يوم، ليتزود المسلم من نور الصلاة ونور القرآن الكريم، ما يعينه على الصبر على الطاعة في حياته، ولقد كان الأذان هو النداء الذي يدل على بِدء هذا الاجتماع.

في بداية الأمر عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يُعلن عن دخول وقت الصلاة بالضرب على الناقوس، ولكنه كره ذلك ؛ لموافقته لأعمال النصارى (وفي هذا ما يدل على أن شخصية المسلم نسيج وحدها لا تقلِّدُ أحداً في عادة أو دِين ؛ لأن لها في دينها ما يغنيها عن كل ذلك، وقد ورد في بعض الأحاديث قولهُ عليه الصلاة والسلام:

(( أُمرت أن أخالف اليهود والنصارى في كل شيء ))

ثم حدث بعد ذلك أن الصحابي عبدَ الله بن زيد رأى في منامه رجلاً يحمل ناقوساً، فقال له: هل تبيعني هذا الناقوس، لنعلن به عن دخول وقت الصلاة ؟
فقال له الرجل: ألا أدلك على خير من ذلك ؟ تقول:

(( الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم علمه كيفية الإقامة، فاستيقظ عبد الله من نومه، وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما رأى، فقال عليه الصلاة والسلام: والله إنها لرؤيا حق))

[أخرجه الترمذي والدارمي وأبو داود]

الله أكبر: تعني أنه يجب على المسلم أن يكون شأن الله عز وجل كبيراً في نفسه، بل أكبر من كل شيء يشغله عن تلبية نداء الله عز جل... فكل شيء يحجبك عن الله هو أكبر في نفسك من الله سبحانه وتعالى إذاً فأنت لم تكبر الله، ولو رددت هذه الكلمة ألف مرة... بل عندما يكون الله عز وجل هو الأكبر في حسك تكون مكبِّراً حقاً، وعندما ترفع شأن دين الله عالياً تكون مكبِّراً حقاً.
الله أكبر تعني: أن ما عند الله من نعيم وجزاء أعدَّه للمؤمنين أعظم وأكبر من كل ما ستجنيه في هذا الوقت الذي تتأخر فيه عن إجابة نداء الله عز وجل، فإذا ما تصادمت جيوش الدنيا مع جيوش الآخرة في نفسك فارفع شأن دين الله عالياً، وعظِّم أمره، قائلاً: الله أكبر، عندها تكون مكبراً حق التكبير.

أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله: هو الميثاق الذي بينك وبين الله عز وجل، لابد من تذكيرك به بشكل مستمر، حتى يكون نقياً دائماً من شوائب الشرك.
حي على الصلاة، حي على الفلاح: يعني تعال واقبل إلى لقاء الله عز وجل، إلى الفلاح والفوز، ودعْ عنك علائق الدنيا التي ستشدك إلى ثقلة الأرض، وارتق إلى الأفق الأعلى حيث المناجاة، والكلام مع ملك الملوك سبحانه وتعالى.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله: عود على بدء، يتكرر كل يوم خمس مرات، ليكون الميثاق بينك وبين الله متجدداً، متكرراً على مرِّ الأيام والأعوام.
إن الأذان هو نداء الله عز وجل لعباده، ليرفع من شأنهم، من هموم الدنيا إلى معارج الرفعة والكمال، كلمات ساحرة، جعل الله جزاءَ من يردِّدها خلف المؤذن ـ مخلصاً بها قلبه ـ الجنة.
اللهم اجعلنا من الذين يكبِّرون الله، ويلبُّون نداءه، ما أبقيتنا على قيد الحياة.
وأجعلك أحب شيء إلينا، وأخشى شيء عندنا يا رب العالمين.