وضع داكن
22-02-2025
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 029 - أهمية نشر العلم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

مقولة ذكرت سابقاً :

 أيها الأخوة, لا شك أنكم سمعتم مني من قبل قولاً لسيدنا سعد بن أبي وقاص, يقول فيه:

((ثلاثة أنا فيهن رجل, وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس.
-كلمة رجل تعني: أنه بطل- من هذه الثلاثة: أنني ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم, إلا علمت أنه حق من الله تعالى))

 لأن النبي الكريم لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى.

قف عند الخطوة الأولى من هذا الحديث: (بلغوا عني ولو آية) :

 استوقفني في موضوع الكذب في الصحاح التسعة, أحاديث كثيرة, لكن واحداً منها يقتضي: أن نقف عنده ملياً.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((عن عبد الله بن عمر, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بلغوا عني ولو آية, ومن كذب علي متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))

 نقف عند الفقرة الأولى: بلغوا عني: أليس هذا كلام رسول الله؟ فعل بلغوا ما إعرابه؟ فعل أمر, إذا أمرنا النبي بشيء, ألا يقتضي أن نفعله؟ ألم يقل الله عز وجل:

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[سورة الحشر الآية:7]

 ويقول الله عز وجل:

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾

[سورة النساء الآية:80]

 ويقول الله عز وجل:

﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾

[سورة النور الآية:63]

 كم آية؟:

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[سورة الحشر الآية:7]

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾

[سورة النساء الآية:80]

﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾

[سورة الأنفال الآية:1]

 آية ثالثة. الرابعة:

﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

[سورة النور الآية:63]

 ماذا يقول النبي؟ يقول:

((بلغوا عني ولو آية))

 هل نفذت هذا الأمر؟ سأقول لكم ماذا ينبغي أن نفعل؟.
 يعني: القناة الوحيدة الأساسية, بينك وبين العلم كمسلم: صلاة الجمعة, يجب أن تختار مسجداً لا علاقة له بجواره, قد يكون مسجد آخر؛ تثق بمن يقول, تستفيد من علمه, إذا استمعت إلى خطبة أو إلى مجلس علم كهذا المسجد, واستمعت فيه إلى آية كريمة, أو حديث شريف, وجعلت هذا الحديث أو الآية محور حديثك طوال الأسبوع, أليس لك سهرات؟ لقاءات؟ ولائم؟ سفر؟ إقامة؟ ألا تزور أهلك؟ أخواتك؟ أخوتك؟.
 لا يوجد إنسان ليس له عشرة, اثنا عشر لقاء في الأسبوع, أقل إنسان؛ بين زيارة, بين لقاء, بين سهرة, بين سفر, بين ندوة, بين دور, فهذه اللقاءات التي تجري بين الناس, ماذا يتحدثون فيها؟.

 

((ما جلس قوم في مجلس لم يذكروا الله فيه, إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار))

 لم يجلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه, إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار, أما إذا جلسوا مجلساً وذكروا الله فيه, نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة, وحفتهم الملائكة, وذكرهم الله فيمن عنده.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((من لم يحدث نفسه بالجهاد, فهو على ثلمة من النفاق))

 حسناً: ما هو الجهاد المتاح الآن؟ المتاح لنا الآن: قال تعالى:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾

[سورة الفرقان الآية:52]

 الهاء على من تعود؟ من يعرف؟ على القرآن, متاح لك أن تتعلم القرآن, ومتاح لك أن تعلمه, هذا من أكبر أنواع الجهاد.

 

((من لم يحدث نفسه بالجهاد, فهو على ثلمة من النفاق))

 إذا الإنسان لم يخطر في باله أبداً يتعلم ويعلم, فهو منافق, لم يخطر في باله أبداً ينقل العلم.
 حسناً: النبي يقول:

 

((بلغوا عني ولو آية))

 آية واحدة, في أي مسجد حضرت فيه صلاة الجمعة, لا يوجد آية قرآنية شرحت؟ لا يوجد حديث شرح؟ لا يوجد حكم فقهي ذكر؟ لا يوجد موقف للصحابة بُين؟ ما علق شي إطلاقاً؟ معقول!؟.
 إنسان يعقد, يحضر بمجلس علم أو بمسجد, ركع خطبة نصف ساعة, أو درس علم, لا يبقى في ذهنه شيء؟ معنى هنا واد آخر.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((بلغوا عني ولو آية))

ما يجب أن تعتقده :

 أيها الأخوة, يجب أن نعتقد أن التواصي بالحق فرض عين, بل إن التواصي بالحق أحد أركان النجاة, أحد أركان النجاة, لأن الله عز وجل يقول:

﴿وَالْعَصْرِ﴾

[سورة العصر الآية:1]

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾

[سورة العصر الآية:2]

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

[سورة العصر الآية:3]

 أربعة أشياء تنجو بها من الخسارة المحققة: أن تؤمن, وأن تعمل, وأن تتواصى بالحق, وأن تصبر, فالتواصي بالحق أحد أركان النجاة, والتواصي بالحق فرض عين على كل مسلم, فرض عين, الصلاة فرض عين, الزكاة فرض عين, فرض عين على كل مسلم, ولكن هذا الفرض مقيد بشرطين؛ في حدود ما تعلم, ومع من تعرف.

اعلم هذا يا صاحب المسجد :

 لا يوجد إنسان من أخواننا الحاضرين, إلا بالنسبة لمن حوله يعد دين, يزور أخته, أنت صاحب دين, أخي تكلم لنا عن الموضوع الفلاني, يزور أقرباءه.
 يعني: كل شخص يرتاد المساجد, كل شخص يحضر مجالس العلم, في عنده تفكير ديني, استقامة في بيته, هذا صار مظنة صلاح, في حوله أناس يستفيدون منه.
 الواحد منا له أخوات ذكور, له أخوات إناث, له عمة, له خالة, له أصهار, له بنات, له بنات بنات, لا يوجد شخص مقطوع من شجرة, هؤلاء الذين يعرفونك صالحاً وديناً, أنت نافذتهم الوحيدة إلى الله.
 كل واحد منا في حوله مجموعة من الناس, بدءاً من زوجته, وأولاده, وأخوته, وأخواته, وأمه, وأبيه, وأعمامه, وأخواله, وخالاته, وعماته, وجيرانه, زملائه, لا يوجد واحد منكم إلا في حوله مئة شخص, مئة شخص, يظنون به الصلاح, ويعتقدون أنه دين, وأنه يطلب العلم, فأنت مسؤول عن هؤلاء الذين أنت نافذتهم إلى الله وحده؛ ففي حدود ما تعلم, وفي حدود من تعرف, في حدود ما تعلم, وفي حدود من تعرف, الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم, الدعوة إلى الله. الدليل:

﴿وَالْعَصْرِ﴾

[سورة العصر الآية:1]

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾

[سورة العصر الآية:2]

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

[سورة العصر الآية:3]

 في دليل آخر: الإنسان إن لم يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم, ماذا يتبع؟ شيطان.
 حسناً: قال تعالى:

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

[سورة يوسف الآية:108]

 الإنسان إن لم يدع إلى الله على بصيرة, يتبع من؟ يتبع الشيطان.

ما أريد أن أقنعكم به :

 أنا أريد أن أقنعكم: أن أحدنا, نحن مجتمعون؛ أن أحدنا إن لم تحدثه نفسه بنشر الحق, ونقل المعرفة, وهداية الناس, يموت على ثلمة من النفاق, لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:

 

((بلغوا عني ولو آية))

 في حديث آخر:

 

((بلغوا عني ولو آية))

((ألا يا رب مبلغ أوعى من سامع, ألا يا رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه))

 لا تعرف, قد تنقل آية إلى إنسان, تعد هذه الآية منطلقاً له إلى طلب العلم, وكل أعماله في صحيفتك.
 إذاً: عن عبد الله بن عمر, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((بلغوا عني ولو آية))

حل لمشكلة :

 في شخص يحضر درس, يتأثر به تأثراً بالغاً, لكن لا يملك القدرة على أن يعيده, الله عز وجل أعطى كل إنسان اختصاص, ماذا نفعل؟.
 يوجد أخوان كثيرون, يشتري الكاسيت, قدمه هدايا, اسمع الدرس؛ هذا عن حقوق الوالدين, عن حقوق الزوجة, عن بر الوالدين, هذا عن الربا, هذا عن الزكاة, هذا عن مثلاً الاتصال بالله, هذا عن الصلاة, فإذا أنت ما تمكنت تنقل الحق للآخرين, الأمور ميسرة جداً:

﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾

[سورة القمر الآية:17]

 أي درس تحضره مسجل, أي درس أعجبك, يمكن أن تقتنيه بمبلغ يسير جداً, وهذا الشريط دوره.
 يعني: أنا هذا الدرس مخصص, كي تعلموا علم اليقين مع الدليل: أن أحدنا إن لم يحدث نفسه بنقل الحق للآخرين, يموت منافقاً.

 

((من لم يحدث نفسه بالجهاد, مات على ثلمة من النفاق))

 والنبي يقول:

 

((بلغوا عني ولو آية))

 الحل الأخ الكريم: تحضر خطبة جمعة, أينما تشاء احضر, في خطيب لا يشرح آية قرآنية, حديث شريف؟ لا, ينبغي أن تحضر هكذا؛ ماذا قال الخطيب؟ كيف شرح هذه الآية؟ كيف علق عليها؟ ما الاستنباطات التي استنبطها منها؟ حسناً: اكتبها عندك هذه الآية, اجعل هذه الآية, أو ذلك الحديث, أو هذه القصة, أو هذه السيرة, أو هذا الحكم الشرعي, اجعله محوراً لحديثك طوال الأسبوع, كل أسبوع نأخذ درس جديد, نفهمه, نعقله, ننقله للناس, أنت لا تدري, أصبحت داعية إلى الله عز وجل, قال تعالى:

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾

[سورة فصلت الآية:33]

واقعة حدثت :

 أنا مرة ذكرت لكم عن أخ كريم, زار أخته مرة, فإذا هناك خصومة بينها وبين زوجها, والخصومة -القضية قديمة- على ثلاثمئة ليرة في الشهر, تطالبه بها, كي تنفقه على بناتها, هو دخله محدود, ليس معه هذا المبلغ, فهذا الأخ الكريم, هذه أخته, وهذا صهره, قال لها: يا أختي, المبلغ خذيه مني كل شهر, قال لي: أول شهر, واحد بالشهر طرقنا الباب, تفضلي, ابق ..... ثاني شهر, قال لي: سادس شهر, طلبت مني أن ألقي عليها وعلى بناتها درساً في الدين, هي طلبت, حسناً, قال لي: أحضر لهم آية من خطبة جمعة, حديث شريف, هكذا قصة لطيفة عن الصحابة, شيء يتحدث عنه ساعة, جمعت لي بناتها, بنات أخته, وأخته, بعد ذلك انضمت أختها الثانية, أختها الثالثة, بنات أختها الثانية, قال لي: صار يوجد عندنا درس رسمي, أنا تشجعت, وانتعشت, صرت أحضر طوال الجمعة, أحضر هذه الآية, هذا الحديث, دخلت بعالم الدعوة, سبحان الله! بعد حين: أول بنت تحجبت, وخطبها إنسان مؤمن, وزوجها الثانية تحجبت وزوجها, الثالثة تحجبت وزوجها.
 قلت: سبحان الله! خير لا يعلمه إلا الله, بدأ من هذه المساعدة, وهذا العطاء.

ما الجهاد المتاح للمسلم اليوم؟ :

((من مات ولم يحدث نفسه بالجهاد, مات على ثلمة من النفاق))

 ما الجهاد المتاح الآن؟ بشكل واقعي, متاح لنا أن نطلب العلم, وأن نعلم العلم, والدليل:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾

 -بالقرآن-:

﴿جِهَاداً كَبِيراً﴾

[سورة الفرقان الآية:52]

 لم يقل: جهاداً, قال: جهاداً كبيراً, فنحن متاح لنا, والحمد لله بكل بساطة, بكل حرية, بكل طمأنينة, أن نحضر مجلس علم, وأن نتعلم, وأن نعلم, فالواحد منا لا يكون مقبور بتجارته, مقبور, لا يجعل من الدنيا قبراً له, لا يجعل من مشكلات الحياة هماً ساحقاً له, أنت مخلوق لمعرفة الله عز وجل.

 

((ابن آدم, خلقت لك ما في السموات والأرض فلا تتعب, وخلقتك من أجلي فلا تلعب, فبحقي عليك, لا تتشاغل بما ضمنته لك عما افترضته عليك))

 

إليك يا مسلم :

 يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:

((يا أبا ذر, جدد السفينة فإن البحر عميق, وأكثر الزاد فإن السفر بعيد, وخفف الأثقال فإن في الطريق عقبة كؤود, لا يجتازها إلا المخلصون, يا أبا ذر, أخلص النية فإن الناقد بصير))

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((شمروا فإن الأمر جد, وتأهبوا فإن السفر قريب -مدته قريبة- وتزودوا فإن السفر بعيد -المسافة طويلة, أول قريب مدته قريبة, قريباً تسافر- وتأهبوا فإن السفر بعيد))

حديث خطير له منطلقه :

 هذا حديث خطير, يقول عليه الصلاة والسلام:

((بادروا بالأعمال الصالحة, فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا؟ هل تنتظرون إلا فقراً منسياً, أو غنى مطغياً, أو مرضاً مفسداً, أو هرماً مفنداً, أو موتاً مجهزاً, أو الدجال فشر غائب ينتظر, أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟))

 وهذا الحديث يقسم الظهر:

((بادروا بالأعمال الصالحة, فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا؟.

 -لو أنه أقبل على الدنيا, وانكب عليها, وتعلق بها, وجعلها منتهى أحلامه, جعلها مبلغ همه, ومنتهى علمه, ومحط رحاله, ماذا ينتظره منها؟ إن أدبر واستكبر, إن استغنى عن الله, إن استغنى عن رحمته, أقبل على الدنيا والمال بين يديه.
 قال-: هل تنتظرون –منها- إلا فقراً منسياً.
 -أكثركم يعمل في التجارة, ألم يمر معكم إفلاس مفاجىء؟ فقد المال كله دفعة واحدة-, فقراً منسياً أو غنى مطغياً.
 -كان صالح, يصلي بالمسجد, بعد ما صار معه كذا مليون, يريد يغير زوجته؛ الآن: يريد نوادي ليلية, يريد سهر, يريد يسافر, مرة على شرقي آسيا, ومرة على ألبانيا, ومرة على ........ يريد يغير, كل يوم فلافل يقول لك, حينما صار غنياً, يريد أن يزني-.

هل تنتظرون إلا فقراً منسياً, أو غنى مطغياً, أو مرضاً مفسداً, أو هرماً مفنداً, أو موتاً مجهزاً, أو الدجال فشر غائب ينتظر, أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟))

 انطلقنا في كل هذا الكلام, من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-:

((بلغوا عني ولو آية))

 بلغ؛ بلغ زوجتك, بلغ أولادك, بلغ شركاءك بالعمل, بلغ جيرانك, بلغ زملاءك, بلغ أولاد أولادك, بلغ من حولك, بلغ من يثق بك, بلغ من يحبك.

((بلغوا عني ولو آية))

 معنى: تعلم آية, علمها, طلب العلم فريضة على كل مسلم, والإنسان لولا العلم لكان كالبهيمة, وأنتم ترون كيف أن بعض الناس الجهلة يرتكبون حماقات لا تعد ولا تحصى؟ نعم.

ما هو الكذب الذي يوصل صاحبه إلى النار؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((بلغوا عني ولو آية, وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج, ومن كذب علي متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))

 يعني: الكذب أنواع, لكن الكذب الذي يوصل الإنسان إلى النار هو: أن تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, أن تروي عنه حديثاً موضوعياً, أن تروي عنه حديثاً لست متأكداً من صحته.

((من روى عني حديثاً يُرى أنه كذب, فهو أحد الكاذبين))

((من كذب علي متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))

[أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما]

اقرأ :

 أقرأ لكم الأحاديث في هذا المحور:
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((لا تكذبوا علي, فإنَّهُ مَن كَذَبَ عليَّ يلج النَّارَ))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 يعني: أنت مؤمن.
 قال عليه الصلاة والسلام:

((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 لا تقل شيء بلا دليل, لا تقبل حديثاً موضوعاً, لا تقبل حديثاً ضعيفاً, لا تقبل كلمة من إنسان بلا دليل, لولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
 كنت مرة في نماء عال في الشام, مرتفع جداً, والشام كلها كالكف, قال لي أحد الأخوة العلماء, مؤكداً حقيقة, قال: لولا الدليل لقلت لك: كل هذه الأبنية ملكي, لقال من شاء ما شاء, قل ما شئت بلا دليل, أما الدين دليل:

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾

[سورة يوسف الآية:108]

 البصيرة: الدليل, نقبل أن ترفض, اطلب الدليل قبل أن تقبل, اطلب الدليل, لأنه أحياناً الإنسان: يعشش في دماغه آلاف العقائد الفاسدة, هذه كلها تحتاج إلى مراجعة.

((لا تكذبوا علي, فإنَّهُ مَن كَذَبَ عليَّ يلج النَّارَ))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

ضم هذا إلى قراءتك أيضاً :

 وعن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال:

((قلت للزبير: إني لا أسميك تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً كما يحدث فلان وفلان, قال: أما إني لم أفارقه))

 وقد قال علي -رضي الله عنه-:

((إذا حدثتكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلأن أخرَّ من السماء, أحب إلي من أن أكذب عليه, وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم, فإن الحرب خدعة))

 الإنسان مسموح له في الحرب, أن يخدع عدوه.

ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان :

 سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

((يأتي في آخر الزمان, قوم حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, يقولون من قول خير البرية, يمرقون من الإسلام, كما يمرق السهم من الرمية, لا يجاوز إيمانهم حناجرهم))

 يعني: في آخر الزمان؛ الهرج, والمرج, والضلالات, والفتن, والترُّهات, والأباطيل.
 فالإنسان في آخر الزمان: عليه أن يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله, علي أن يعتصم بالحق, عليه أن يعتصم بهذا الكتاب, الذي جعله الله لنا حبلاً متيناً نتمسك به.

واجب عليك :

 وقد قال عليه الصلاة والسلام:

((إن من أعظم الفرق: أن يدعي الرجل إلى غير أبيه, أو يُري عينيه ما لم تر))

 أن يقول لك: رأيت في المنام كذا وكذا, قال: هذا من أعظم الفرق, ويقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل واحد.
 وضع أحاديث كثيرة, من وضعه في فضل القرآن, قيل له: كيف تكذب على النبي؟ قال: أنا أكذب له لا عليه.
 لمصلحته, هذا مرفوض, وما أكثر الأحاديث الموضوعة والضعيفة في الكتب, فالإنسان عليه أن يتحقق:

((إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم))

((ابن عمر, دينك دينك, إنه لحمك ودمك))

لم قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحد ......)؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((إن كذباً علي, ليس ككذب على أحد.

 -ممكن مليون كذبة, لا تساوي كذبة واحدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مشرع, لأنه معصوم, لأنه لا يبغي, لأنه النور, فإذا كذبت عليه ضللت وأضللت-.

إن كذباً علي ليس ككذب على أحد, فمن كذب علي متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

ما حرم في الإسلام :

 سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:

((من نيح عليه, يُعذَّب بما ينح عليه))

 النياحة, واللطم, والصراخ بالويل, وتمزيق الثياب, وشد الشعر, هذا كله حرام في الإسلام.

ما المراد من هذا الدرس؟ :

 أيها الأخوة, أردت من هذا الدرس: أن يكون باعثاً لكم على أن تنقلوا للناس ما سمعتموه؛ إن في مجالس العلم, أو في خطب الجمعة, إنسان تعلم آية, تعلم حديث, تعلم حكم فقهي, تعلم موضوع دين, عليه أن ينشره, لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الطريق الطبيعي لنشر الحق, قال:

((تصنعون ويُصنع منكم, ويصنع من يصنع منكم))

 تكلمت أنت, والذي سمعك تكلم, والذي سمع من تكلم, تكلم, انتشر الحق, إذا نمت دوائر الحق, ضاقت دوائر الباطل, إذا نمت دوائر الحق, تراجعت وتقلصت دوائر الباطل, فالتواصي بالحق فرض عين, في حدود ما تعلم, ومع من تعرف, فرض عين, أما التبحر بالعلم, ومعرفة الأدلة التفصيلية, والرد على كل الشبه التي تطرح على الدين, هذا من اختصاص العلماء الكبار, هذا فرض كفاية, أما أنت كمسلم, كأحد من المسلمين, لا بد من أن تتلقى العلم, وأن تلقيه في حدود معلوماتك, وفي حدود من تعرف, هذه فريضة عين, والحمد لله رب العالمين.
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم, الفاتحة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور