- ٠05أحكام النون الساكنة والتنوين
- /
- ٠05أحكام النون الساكنة والتنوين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين، قد بدأت بثلاثة أحرف من الحروف المقطعة التي ابتدأ الله عز وجل بعض السور، الله أعلم بمعناها عنده، استأثر بها سبحانه وتعالى، ونحن حظنا منها التلاوة، ولنا على كل حرف عشر حسنات، ونؤمن أنها كلام الله أما كيف نلفظها، هذه الكلمة، فلاحظتم قبل قليل أنني نطقتها هكذا، أما ألف تأملوا من أي شيء هي، ألف هي عبارة عن همزة مفتوحة لام مكسورة، فاء ساكنة، أي ليس فيها حرف مد فلا مد في كلمة ألف، ولكن انتبهوا بعض أخواننا يمطون كسرة اللام قليلاً، من حرصهم الزائد، الآن أحياناً الحرص الزائد يأتي بعكس المفعول، فهي ألف بزنة فعيل، أيضاً بعض إخواننا بإمالة بدل أن ينطقوا اللام مكسورة ينطقون بحركة ممالة، فلا يصح.
وبعض أخواننا يعكسونها يختلسونها، يخطفونها خطفاً وقد مر معي نماذج من هذا، إذاً كل هذا لا يصح أن ننطقها نطقاً معتدلاً، زمن الفتحة في (ء)، مساوي لزمن الكسرة (ل)، مساوي لزمن بقية الحركات.
بعدها كلمة لام، تأملوا لفظها، عبارة عن كلمة تتألف من ثلاثة أحرف لام مفتوحة ألف ساكنة، ميم ساكنة، إذاً هذه الألف التي في الوسط هي حرف مد وجاء بعدها حرف ساكن سكونا أصلياً وهو الميم، فنمد من أجل هذا السكون الأصلي بمقدار ست حركات لأنه مد لازم وحيث أنه وقع في حرف فهو مد لازم حرفي، وحيث إن الميم غير مشددة فهو لازم حرفي مخفف.
لام، ثلاثة أضعاف الطبيعي، إن أردتم أن تقيسوه قيسوه بهذا المقياس، أي بمقدار النطق بثلاث ألفات متواليات، (را)، تتألف من راء مفتوحة، بعدها ألف وليس في آخرها همزة، (را)، هذا مد طبيعي، ألف مسبوقة بفتحة فنمدها مد بمقدار حركتين ونحرص ألا نخرج فى آخرها همزة، فى اللغة يصح أن تكون مهموزة وغير مهموزة، ففي اللغة نقول
با، تا، ثا، جيم، حا، خا، ونقول في اللغة، باء، تاء، ثاء، جيم، حاء، خاء، أما في القرآن فلم ترد مهموزة أبداً، كل الحروف المقطعة التي تتألف من حرفين وهى خمسة (حي طه) أي حرف من هذه الخمسة ينطق على حرفين، ثانيهم حرف مد، فلا يختم بهمزة في القرآن.
نستطيع من خلال اللوحة التالية أن نلاحظ شرحاً لما ذكرته لكم الآن من مقادير مدود هذه الحروف الثلاثة التي ابتدء الله عز وجل بها سورة إبراهيم عليه السلام.
نلاحظ على اللوحة التعليمية، الر، أولاً ألف، ثانياً لام، ثالثاً ر، أما ألف فلا مد فيها، وأما لام، فالمد فيها لازم حرفي مخفف بقدار ست حركات، وأما ر، فمد طبيعي، وهو بمقدار حركتين، هذه هي المدود الموجودة في ألف لام را، في أول سورة إبراهيم.
نواصل مع الدكتور أيمن إنشاء الله بقية أحكام النون الساكنة والتنوين، ونتحدث اليوم عن القلب.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين، أخوانا الكرام قبل أن نبدأ بالحكم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين وهو حكم القلب، أود أن أستدرك عن الدرس الماضي الذي كنا قد أخذناه وهو حكم الإدغام في أحكام النون الساكنة والتنوين، حيث قلنا بأن الإدغام بالنسبة لحروف ينمو، لا بد أن يكون في كلمتين أما إذا كان في كلمة واحدة فلا إدغام، وذكرنا في اللوحة التعليمية، أن هناك ثلاثة مواضع في القرآن، هي قنوان، وصنوان، والدنيا، وفاتني موضع رابع نبهني عليه بعض الأخوة جزاهم الله خيراً، وهو كلمة بنيان، قوله تعالى: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم (بنيان)، مرصوص، لا إدغام في كلمة واحدة، كذلك في قوله تعالى في سورة التوبة( بنيانهم).
تنبيه لا تدغم النون الساكنة في الواو أو الياء، إذا اجتمعا في كلمة واحدة، وذلك في قنوان وصنوان، هذا بالنسبة للواو، الدنيا وبنيان، هذا بالنسبة للياء، إذاً هذا أمر استدركناه على الحلقة الماضية.
أما اليوم فنتحدث بإذن الله تعالىعن الحكم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين وهو حكم القلب، القلب القصد به إبدال حرف بآخر وهذا في أحكام النون الساكنة والتنوين موجود في النون الساكنة إن أتى بعدها باء، الإنسان بفطرته يقلب النون الساكنة إذا أتى بعدها ( باء ) إلى ( ميم )، فالإنسان لو أشممناه عطراً ثم قلنا له ما هذا العطر؟ يقول هذا ( عمبر ) ولا يقول هذا ( عنبر )، لا ينطق النون صريحة ويقول الناس لبعضهم سمعنا في موجز ( الأمباء)، ولا يقولوا ( الأنباء )، إذاً الإنسان بفطرته إذا جاء بكلامه نون ساكنة بعدها ( باء ) قلب تلك النون إلى ميم، هذا أيضا كانت تفعله العرب قبل نزول القرآن وفي زمنه وإلى الآن، وفي تلاوة القرآن هو أيضا موجود ولكم مع تطويلٍ لغنة الميم التي قلبت النون إليها، إذاً عندما يأتينا نون ساكنة بعدها ( باء )، أو يأتينا تنوين بعده ( باء )، ( من بعد ) بدل أن أقول ( من بعد )، أقلب النون إلى ميم ثم أمط غنة تلك الميم المقلوبة فأقول ( ممبعد )، كذلك إن أتى تنوين مثلا ( والله سميعٌ بصير ) نقلب هذا التنوين الذي هو في الحقيقة نون ساكنة نقلبه إلى ميم ثم نمط غنته، فنطبق الشفتين على الميم وعلى الباء إطباقاً واحداً.
هنا انتبهوا يا أخوتي، لماذا سمَّى العلماء هذا الأمر بعد أن قلبوه؟ قالوا لا بد من إخفاء هذه الميم عند الباء، لأن النون لما قلبت إلى ميم صار عندي ميم ساكنة بعدها باء فانتقل الحكم من أحكام النون الساكنة إلى أحكام الميم الساكنة، ومر معنا في أحكام الميم الساكنة أن الميم الساكنة إذا أتى بعدها باء فحكمها الإخفاء، وذلك بأن نطبق الشفتين على الميم والباء إطباقة واحدة من غير أن تتحول الميم إلى باء، لا نقول ( مِبَّعد )، لو قلنا ( مِبَّعد ) لكان إدغاما ولو قلنا ( من بعد ) لكان إظهاراً، فعندما نقول ( ممبعد )، إنطبقت الشفتين على ميم وانفتحتا على باء، فهذا العمل انطباق المخرج على الحرفين انطباقةً واحدة هذا من صفات الإدغام، ولكن حيث أن الميم مفصولة تماماً عن الباء، ( ممب )، لا دمج بين الصوتين ولا خلط بينهما، لذلك هذا الأمر لا نستطيع أن نعتبره إدغاماً كما أنه ليس إظهاراً إذاً ما هو؟
عادة علماءنا أن يسموا كل حالة لا إظهار ولا إدغام يسمونها بالإخفاء، إذاً إن أتى بعد النون الساكنة أو التنوين ( باء )، نقلب النون أو التنوين إلى( ميم ) ثم تخفى تلك الميم عند الباء بتطويل غنتها، وتنطبق الشفتان على الميم وعلى الباء إنطباقةً واحدة.
نلاحظ الحكم الثالث القلب، هو في الغة: تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحاً: قلب النون الساكنة أو التنوين عند الباء ميما مخفاة بغنة نحو:( من بعد )، ( أن بورك )، ( سميعٌ بصير )، ( شيءٍ بصير ).
إذاً هذا هو القلب، وهو الحكم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين، علماء ضبط المصحف جزاهم الله خيراً، وضعوا لنا علامة لهذا العمل الصوتي، ما هو المؤشر في ضبط المصحف على القلب؟ كثير من الناس يقول الإقلاب، الأفصح أن نقول القلب، و الإقلاب، كلمة ليست فصيحة كثيراً.
علامة القلب في ضبط المصحف الشريف بالنسبة للنون الساكنة، أن تجرد النون من حركتها وأن يوضع فوقها ميم صغيرة، إذا جاء نون ليس عليها حركة وفوقها ميم صغيرة بدل أن ننطقها نون ننطقها ميم مع تطويل الغنة، كما أسلفت قبل قليل.
نلاحظ على الشاشة اللوحة التي تبين ذلك، علامة قلب النون الساكنة في ضبط المصحف وضع نون صغيرة فوق النون بدل السكون، هكذا، نحو (ممبعد)، (أنبورك)، إذاً المثالان الأولان جاء ت النون في كلمة والباء في كلمة، أما المثال الأخير النون والباء في الكلمة نفسها.
هذا يا أخوة بالنسبة إلى النون فما الوضع بالنسبة للتنوين؟ كيف نشير بتنوين بعده باء إلى عملية القلب هذه؟ علمائنا فعلوا ما يلي، علامة التنوين مضاعفة الحركة بدل الفتحة فتحتين، وبدل الضمة ضمتين، وبدل الكسرة كسرتين، في عملية القلب بدل أن يضعوا فتحتين يضعون فتحة وميماً، وفي حالة الرفع بدل أن يضعوا ضمتين، يضعون ضمة وميماً، كذلك في حالة الجر يضعون كسرة واحدة وميماً صغيرة، دلالة على أن هذا تنوين مقلوب إلى ميم لأن بعده حرف الباء.
نلاحظ ذلك من خلال اللوحة الآتية علامة قلب التنوين في ضبط المصحف وضع ميم صغيرة بدل الحركة الثانية هكذا، (سميع بصير)، (جزاء بما)، ( شيء بصير)، إذاً هذه هي علامة القلب بالنسبة للنون وبالنسبة للتنوين.
فدرسنا اليوم فيه حكم لحرف واحد إن أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء نقلب النون أو التنوين إلى ميم ونطيل غنتها لأنها عندئذ تصبح ميماً مخفاة عند هذه الباء، بقي علينا الحكم الرابع والأخير من أحكام النون الساكنة أو التنوين وهو حكم الإخفاء نرجئه بإذن الله تعالى إلى الحلقة القادمة وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.