وضع داكن
22-02-2025
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 012 - 113 ) - أحكام النون الساكنة والتنوين - المحاضرة(2-7) : الإخفاء.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين، أخواننا الكرام، تكلمنا في الحلقة الماضية بالنسبة إلى أحكام الميم الساكنة والتنزين،عن الإظهار وعن الإدغام بنوعيه، إدغام بغنة وإدغام بغير غنة، وتكلمنا أيضاً على حكم القلب.
واليوم نتكلم على الحكم الرابع والأخير وهو حكم الإخفاء.
الإخفاء كان قد مر معنا تعريفه في أحكام الميم الساكنة، ونذكركم به فالإخفاء في اللغة الستر، العرب تقول أخفى فلان يعني ستر، ستر الشيء، أي أخفاه، فالإخفاء في اللغة الستر، أخذ علمائنا هذا المعنى اللغوي وأطلقوه على معنى يقصدونه من حيث نطق القاريء ويعنون به ما يلي:
قالوا: الإخفاء هو نطق بحرف بصفة بين الإظهار والإدغام، عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول، هذا هو تعريف الإخفاء الذي ذكره كبار علماء التجويد ذكروا هذا التعريف.
الإخفاء هو نطق بحرف بصفة بين الإظهار والإدغام، عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول، كنا قد تكلمنا عن الإظهار وقلنا بأن أحرفه هي أحرف الحلق الستة ( الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء )، و تكلمنا عن الإدغام، وقلنا بأن أحرفه أيضا ستة مجموعة بكلمة (يرملون)، وتكلمنا عن القلب وقلنا بأن له حرفا واحداً وهو الباء.
فصار مجموع هذه الأحرف ثلاثة عشر حرفاً، والنون الساكنة يمكن أن يأتي بعدها ثمانية وعشرون احتمالاً، بعدد أحرف الهجاء إلا الألف لأن الألف لا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً، فبقي عندنا من أحرف الهجاء التي يمكن أن تأتي بعد النون الساكنة خمسة عشر حرفاً، هذه الحروف الخمسة عشر سماها العلماء أحرف الإخفاء، لأن لنون الساكنة أو التنوين تخفى عند حرف من هذه الحروف الخمسة عشر، حتى نحفظها ومن باب السهولة نظمها أحد علماءنا في الحروف الأولى من كلمات بيت شعري وهو قوله:

صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سمى دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
* * *

الصاد من كلمة صف، ذا الذل من كلمة ذا، الثاء من كلمة ثنا، الكاف من كلمة كم، الجيم من كلمة جاد، الشين من كلمة شخص، القاف من كلمة قد، والسين من كلمة سمى، هذا هو الشطر الأول من البيت، نشرح الأخرى مع اللوحة التالية والتي تبين لنا الحكم الرابع والأخير من أحكام النون الساكنة والتنوين.
الحكم الرابع: الإخفاء، تخفى النون الساكنة أو التنوين إذا أتى بعدهما حرف من حروف الإخفاء الخمسة عشر المجوعة في أوائل كلمات هذا البيت:

صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سمى دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
* * *

لاحظوا الشطر الثاني دم، الدال أيضاً من أحرف الإخفاء، الطاء من كلمة طيباً، حرف الزاي من كلمة زد، ولا نقول حرف الزين، لا يوجد شيء اسمه حرف الزين بل نقول الزاي، وفي كلمة في حرف الفاء، تقى التاء، ضع فعل أمر من وضع يضع، الضاء من حروف الإخفاء، ظالما الضاء من حروف الإخفاء.
هذا هو تعريف الإخفاء وهذه هي الحروف الخمسة عشر التي تخفى النون الساكنة عندها، ما المطلوب مني عندما يأتي نون ساكنة بعدها حرف من هذه الحروف الخمسة عشر؟
المطلوب من القارئ يا أخوتي، أن ينتقل من الحرف الذي قبل النون في النطق إلى تهيئة الفم على مخرج الحرف الآتي بعد النون، وعند هذه التهيئة يبقى من النون غنتها من الأنف من الخيشوم فقط، أما جسم النون أما الجزء اللساني من النون فلا يعمل بطل التصويت به، في الإظهار عندما نقول ( أن أوصيكم )، ونقرع بألستنا مخرج النون، هذا في الإظهار، ولكن عندما نخفي النون عند الفاء لا نفعل هذا لا نقول ( أنفسكم )، وإنما نذهب من مخرج الهمزة من قولنا ( ءَ )، إلى نهاية الفم مباشرة إلى مخرج الفاء.
الفم مهيأ على مخرج الفاء وينطق القارئ من أنفه غنة فقط، فإذا انتهى زمن هذه الغنة وزمنها غنة كاملة ممطوطة،سنتكلم عنها في الحلقة القادمة بإذن الله، عن أزمنة الغنن، فإذا وصل إلى الفاء نطق الفاء وليس معها غنة.
إذن صار عندي همزة ثم فم مهيأ على مخرج الفاء، مقرون ذلك بغنة من الخيشوم، المقطع الثالث ( فاءٌ )، مضمومة لا يصاحبها غنة، هذا معنى قول أئمتنا في التعريف الذي مر معنا منذ قليل مع بقاء الغنة في الحرف الأول،فلما نقول (فُ) ( أنفسكم )، لا يخرج مع هذه الفاء غنة، بل تبقى الغنة محسورة في الحرف الأول وهو النون.
إذا عندما نخفي النون هذا الذي يحدث في النون عندما يقع بعدها حرف من الأحرف الخمسة عشر، السالفة الذكر، في اللوحة أعددنا بعض الأمثلة، نتدرب من خلالها على كيفية إخفاء النون الساكنة والتنوين عند بعض أحرف الإخفاء، نلاحظ ذلك على الشاشة من خلال اللوحة التالية، أمثلة على إخفاء النون الساكنة والتنوين، ( أنفسكم، تنذرهم، منكم، الأنسان، منصورا، من دون، أن كان، من قبل، من شيء، ماءً ثجاجا، شيءٍ شهيد، تبعاً فهل، كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبة، حليةً تلبسونها ).
هذه أمثلة يا أخوتي على حكم الإخفاء الذي نريد أن نتحدث عنه اليوم، مر معنا في تعريفه أنه نطق بحرف بصفة بين الإظهار والإخفاء، ما معنى هذا الكلام بصفة بين الإظهار و الإدغام؟ معنى هذا الكلام أن في نطقنا لإخفاء النون شبهاً بالإظهار ومخالفة له، وفي نطقنا في إخفاء النون شبه للإدغام ومخالفة له، فالإخفاء يشبه الإظهار ويخالفه ويشبه الإدغام ويخالفه، كيف هذا الأمر؟ لما نقول ( تبعاً فهل )، هل النون الجزء اللساني منها هل يبقى أم انعدم في الإخفاء؟ انعدم وهذا مماثل للإدغام لما نقول: ( من ربكم )، ننتقل من الميم إلى الراء، أين النون أين غنتها؟ لم تبق لا الجزء اللساني من النون ولا غنتها، بينما هنا نقول ( تبعاً ف )، الغنة باقية والجزء اللساني من النون معدوم، هل لاحظتم الشبه مع الإظهار والمخالفة له، أين الشبه مع الإدغام والمخالفة له؟ الشبه أن الجزء اللساني إنعدم في الإخفاء كما انعدم في الإدغام، هذا وجه الشبه، ووجه المخالفة أن الغنة باقية في الإخفاء معدومة في الإدغام وأن الإدغام فيه تشديد والإخفاء لا تشديد معه، هذا الأمر كون الإخفاء حالة بين الإظهار والإدغام، نلاحظه من خلال اللوحة التالية أرجو أن تنتبهوا إليها حتى تتضح الصورة، لاحظوا على الشاشة، فوق عندنا الجزء اللساني، وهو طرف اللسان، أن، الجزء الخيشومي ونقصد به، الغنة، لا حظوا على اليمين عندنا الإظهار، عندنا تحته الإخفاء الإدغام.
ما وضع الجزء اللساني في الإظهار؟ هل الجزء اللساني في الإظهار موجود أم معدوم في الإظهار؟ الشاشة تقول أنه موجود، ما وضع الجزء الخيشومي وهو الغنة؟ أيضا موجود لما نقول ( من آمن )، نقرع بطرف اللسان مخرج النون ونخرج غنة، إذاً كلا جزئي حرف النون موجود في الإظهار.
بالنسبة للإخفاء، ما وضع الجزء اللساني هل هو موجود أو معدوم؟ نلاحظ على الشاشة أنه معدوم، ما وضع الجزء الخيشومي وهو الغنة؟ موجود إذن الغنة موجودة في الإخفاء ولكن الجزء اللساني من النون قد انعدم.
ما وضع الجزء اللساني في الإدغام؟ الجزء اللساني بالنسبة للإدغام معدوم وما الغنة؟ أيضاً الجزء الخيشومي وهو الغنة وهو معدوم لأننا نقول ( من لدنه )، لاحظوا على الشاشة يا أخوتي السطر الذي فيه الإخفاء، الجزء اللساني معدوم في الإخفاء، موجود في الإظهار معدوم في الإدغام، إذن وجه الشبه هنا مع من؟ الإخفاء هنا مشابه للإدغام ومخالف للإظهار، بينما إذا انتقلنا إلى العمود الثاني، نلاحظ أن الجزء الخيشومي وهو الغنة موجود في الإخفاء كما هو موجود في الإظهار، و لكنه معدوم في الإدغام ونعني فيه الإدغام الكامل مثل ( من ربكم ) أو ( من لدنه )، إذاً في الإخفاء شبه للإظهار ومخالفة له وفي الإخفاء شبه للإدغام ومخالفة له من هنا سمى علماءنا الإخفاء حالة بين الإظهار والإدغام.
هل لإخفاء النون الساكنة والتنوين في ضبط المصحف، هل لذلك من علامة؟ نعم إن أئمتنا من المئة الثالثة والرابعة، منذ أكثر من ألف عام، وضعوا لنا علامات تدلنا أن هذه النون مخفاة، فإذا رأينا في المصحف نوناً ليس فوقها سكون، هي ساكنة وليس فوقها سكون، جردت من السكون، والحرف الآتي بعدها ليس فوقه شدة، هذا دليل على إخفاء النون عند ذلك الحرف أو إدغامه إدغاماً ناقصاً، الإدغام الناقص مر معنا،مثل ( من ولي ) أو ( فمن يعمل ).
إذن إما هو دلالة على الإدغام الناقص في الواو والياء وإما هو دلالة على الإخفاء عند الحروف الخمسة عشر التي مرت معنا في البيت السابق:

صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سمى دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
* * *

نلاحظ على الشاشة علامة إخفاء النون الساكنة عند الحروف الخمسة عشر في ضبط المصحف الشريف.
علامة الإخفاء،علامة إخفاء النون الساكنة في ضبط المصحف هي تجريد النون من السكون مع عدم تشديد الحرف التالي: نحو (من دون )، ( أن كان )، ( من قبل )، النون ليس فوقها سكون، فهذا دليل على إخفاء النون عند هذه الحروف.
ما علامة ذلك بالنسبة للتنوين في ضبط المصحف الشريف؟ إذا أتانا تنوين وبعده حرف، نلاحظ على الشاشة علامة إخفاء التنوين في ضبط المصحف، هي تتابع الحركتين مع عدم تشديد الحرف التالي، التتابع كنا قد شرحناه، نراه أمامنا على الشاشة، في كلمة: (ماءً ثجاجا)، لاحظوا التنوين الذي لون باللون الأحمر، كيف أن الحركتين فيه قد تتابعتا، ولم تأتي إحداهما مركبة فوق الأخرى، تماماً، كذلك الكسرتان في كلمة، (شيءٍ شهيد)، لاحظوا الكسرتين جاءتا متتابعتين فهذا دليل على إخفاء التنوين عند الشين، ( عينٌ جارية )، انظروا إلى الضمتين، في كلمة عين، جاءت الضمتان متتابعتان فهذا دليل، أيضاً على إخفاء النون.
إذاً بهذا يا أخوة نكون قد أنهينا بحث الإخفاء بالنسبة لأحكام النون الساكنة والتنوين، بقي علينا أن نتكلم عن أزمنة الغنن، نرجئ هذا البحث بإذن الله تعالى إلى الدرس القادم وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى صحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور