- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
حقيقة الصبر :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات:"سبل الوصول وعلامات القبول"، والموضوع الذي نحن بصدده من أجلَّ الموضوعات، إنه الصبر، أما حقيقة الصبر أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
الأمانة نفسك التي بين جنبيك، جعلها الله عندك أمانة، فإن عرَّفتها بربها، وحمَّلتها على طاعته، وتقربت إلى ربك بالأعمال الصالحة كانت لك:
﴿ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾
إلى أبد الآبدين، إلا أن هذه الجنة ثمنها الصبر.
مقومات التكليف :
الصبر هو الإيمان، كيف؟ الله عز وجل جعل هذا الكون دليلاً عليه، فهذا الكون أحد أكبر مقومات التكليف، مظهراً لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، أعطاك عقلاً هو أداة معرفة الله، مبادئ العقل متوافقة مع مبادئ الكون، السببية، والغائية، وعدم التناقض، الآن أعطاك شهوةً:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾
أعطاك فطرةً متوافقةً توافقاً تاماً مع منهج الله، فكل أمرٍ أمرك الله به ترتاح نفسك إذا طبقته، وأي أمرٍ نهاك الله عنه تتضايق نفسك إذا ارتكبته، أعطاك كوناً، وعقلاً، وفطرةً، وشهوةً، أعطاك اختياراً:
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
ليثمن عملك، أعطاك منهجاً افعل ولا تفعل، أعطاك وقتاً، هذه مقومات التكليف علاقتنا بهذه المقومات أن الله سبحانه وتعالى حينما أعطاك شهوةً، وأعطاك اختياراً، الشهوة ميل إلى جمع المال، أمرك أن تنفقه، سمح لك بوسائل لكسب المال مشروعة، وهناك آلاف الوسائل الغير مشروعة، سمح لك بالمرأة زوجةً فقط، وحرم عليك الزنا، أودع فيك الشهوات لكن المدى الذي تستطيع أن تتحرك به في الشهوة مئة وثمانين درجة، وسمح لك بمئة درجة.
من اتبع هواه وفق هدى الله عز وجل فلا شيء عليه :
مثلاً: هناك حيز مسموح به، ما هو الصبر؟ الإيمان هو الصبر، أن توقع حركتك في الدنيا في الحيز الذي سمح الله به، أن توقع حركتك في الحياة في الحيز الذي سمح الله به، والدليل قوله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
المعنى المعاكس أو المخالف عند علماء الأصول أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، الإنسان لا يخجل إذا تزوج أبداً، وفي الزواج تحقيق شهوة، لا يخجل إذا جمع المال من طريق مشروع، فما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها، بالإسلام لا يوجد حرمان، لكن يوجد تنظيم، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها، فالشهوات سلمٌ نرقى بها، أو دركاتٌ نهوي بها.
عالم جليل دعاني مرةً، قال لي: عندي ثمان وعشرون حفيداً، معظمهم من حفاظ كتاب الله، وعدد كبير منهم أطباء، أنا فكرت بكلامه، أي هذا الجمع الغفير من حفاظ كتاب الله، من الأطباء، والمهندسين، أي له أولاد، والأولاد جلبوا له الكنائن، وله بنات، والبنات جلبوا له الأصهار، ثمان وثلاثون حفيداً غير أولاده وكنائنه، وغير بناته وأصهاره، معنى هذا هناك كم كبير، هذا الكم الكبير من الأشخاص المتفوقين علماً وديناً، أساس هذا الكم علاقةٌ جنسية، أليس كذلك؟ وفي أي بيت دعارة هناك علاقة جنسية، هذه الشهوة سلمٌ ترقى بها إلى أعلى عليين، أو دركات تهوي بها إلى أسفل سافلين.
علاقة الصبر بالإيمان :
ما علاقة الصبر بالإيمان؟ الإيمان هو الصبر، عملية إيقاع الحركة بدافع الشهوة وفق منهج الله، المؤمن يأكل، ويشرب، ويتزوج، ويعمل، ويكسب المال، ويتألق، لكن كل حركته وفق منهج الله، وغير المؤمن يأكل من مالٍ حرام، ويشرب الخمور، ويزني، ويكذب، ويقتل، ويبطش كما ترون وتسمعون كل يوم.
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
يمكن أن يضغط الدين كله بكلمة واحدة إنها الصبر، أوضح مثل بين أيدينا، من أجل أن تكون طبيباً متألقاً، يقول لك: سبع وثلاثون سنة دراسة، سبع وثلاثون سنة وراء الكتاب حتى أصبح طبيباً متألقاً، لو لم يصبر لكان من أولاد الأزقة، المتع الحسية ليس لها أثر مستقبلي، لو إنسان استمتع بالحياة هل يمكن أن يكون عالماً كبيراً؟ طبيباً متألقاً؟ صناعياً كبيراً؟ مستحيل! لابد من الصبر حتى من أجل الدنيا، حتى من أجل أن تكون متألقاً في الدنيا لابد من أن تصبر.
الصبر ثمن الجنة :
لذلك إذا قلنا: إن الدين كله يضغط بكلمة واحدة ما بالغنا، ولا تجاوزنا المعقول، إنه الصبر.
الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ يقول: ورد الصبر في القرآن الكريم في تسعين موضعاً، لأن الإيمان هو الصبر، ولأن الإنسان مخلوقٌ للجنة، وثمن الجنة الصبر أبداً، سيدنا يوسف، ما معنى سيدنا يوسف؟ نبيٌ كريم، قيمته في عفته:
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾
أي صبر على شهوته، سيدنا أيوب:
﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً ﴾
إذاً ثمن الجنة هو الصبر.
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن :
غير المؤمن متفلت يفعل ما يشاء، يأكل ما يشاء، من حلال، من حرام، يجلس مع من يشاء، إنسان صالح، طالح، سيئ، مجرم، يذهب إلى أي مكانٍ يشاء، إلى ملهى، إلى ناد، يأخذ أي مالٍ يشاء، يعتدي على أي مخلوقٍ يشاء، كما ترون وتسمعون في العالم كله، هكذا غير المؤمن، أما المؤمن فمنضبط:
(( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ لا يَفْتِكُ مؤمِن ))
عندما فتح الفرنجة القدس ذبحوا في يومين سبعين ألفاً، الدماء تمشي في الطرقات، فلما فتح صلاح الدين القدس لم ترق قطرة دمٍ واحدة.
(( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ لا يَفْتِكُ مؤمِن ))
والمسلم لا يستطيع أن يقر مبدأ المعاملة بالمثل، لا يقدر، مقيد، وهذا القيد شرفٌ له، وهذا القيد وسام شرفٍ يضعه على صدره، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( الإيمان نصفان نصفٌ صبرٌ ونصفٌ شكرٌ ))
أنت بين حالةٍ تتمناها فكن شاكراً، وبين حالةٍ تؤلمك فكن صابراً:
(( عَجَبا لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيراً له ))
المؤمن يتميز عن غير المؤمن بأنه شاكر صابر.
الإسلام منهج تفصيلي فإذا ضُغط إلى عباداتٍ شعائرية أصبح المسلمون لا وزن لهم:
الحديث الآخر الذي يؤكد هذه المعاني:
(( الإيمان هو الصبر ))
فقط، أن توقع الحركة وفق منهج الله، في طعامك، في التوجيهات، في شرابك، في بيتك، في عملك، في طريقك، في المصائب، في الأفراح، في الحل، في الترحال، في الإقامة، في الغضب، في الرضا، هناك منهج تفصيلي ولا أبالغ قد يقترب من خمسمئة ألف بند، هذا المنهج يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، منهج كامل، مشكلة المسلمين الكبرى أنهم توهموا أن الدين أن تؤدي هذه العبادات الشعائرية، هناك مئات بل ألوف التوجيهات في كل مناحي الحياة، أي أنت تقدر أن تذبح حيواناً وقبل أن يسكن تخرج أحشاءه؟ والله مرة رأيت في سوق يبيع الدجاج، يذبح الدجاجة وبعد ثانية واحدة يغمسها في ماءٍ يغلي حتى يسهل نتف ريشها، هناك توجيهات، إنسان ذبح شاةً أمام أختها فغضب النبي وقال: "هلا حجبتها عن أختها، تريد أن تميتها مرتين".
هناك مئات ألوف التوجيهات في كل شيء بحياتك، الدين منهج كامل، فلما اقتصر المسلمون على فهم الدين أنه عبادات شعائرية أصبحوا في مؤخرة الأمم، ليس أمرهم بيدهم، ليست كلمتهم هي العليا، للطرف الآخر عليهم ألف سبيلٍ وسبيل، ترون وتسمعون، لأنهم فهموا الدين عباداتٍ شعائرية ليس غير، صلى، وصام، وحج، وزكى، أما في كسب أمواله، في بيته، في عمله، في أفراحه، في أتراحه، في حركته اليومية، بناته، زوجته، أهله، والديه، وفق مزاجه، وفق مصالحه، هنا المشكلة، المشكلة أن الإسلام منهج تفصيلي، فإذا ضُغط إلى عباداتٍ شعائرية أصبح المسلمون لا وزن لهم في الأرض.
والله حديثٌ شريف، والله من أعوام طويلة ما عدت ألقيته إطلاقاً خشية ألا أُصدق، الحديث:
(( وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ ))
لكن شاهدنا قبل أيام كيف أن عشرة آلاف مقاتل وقفوا أمام أعتى جيش، هناك مقاييس دينية دقيقة جداً.
الصبر واجب بإجماع الأمة :
أيها الأخوة:
(( الإيمان هو الصبر ))
الآن الصبر واجب بإجماع الأمة، لأن القرآن الكريم حينما يقول:
﴿ اصْبِرْ ﴾
فهذا أمر، وكل أمرٍ يقتضي الوجوب،
﴿ اصْبِرْ ﴾
على تطبيق منهج الله، منهج الله عز وجل سلسلةٌ من الأوامر والنواهي، فأنت بعد أن تؤمن لابد من أن تتحرى الأحكام الشرعية، أن تأتمر بما أمرت، وأن تنتهي عما نهيت، والآية الدقيقة جداً:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ﴾
كلمة مؤمن، أي هناك عقد إيماني مع الله، أنت آمنت بالله رباً، آمنت به خالقاً، أمنت به إلهاً، آمنت به موجوداً، آمنت به واحداً، آمنت به كاملاً، عاهدته على الطاعة، هناك عقد إيماني، فإذا قال الله لك:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
أي يا عبدي بحسب العقد الإيماني بيني وبينك:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
الأوامر والنواهي ليست خاضعةً للبحث، أحياناً بالمعاهدات، بالمؤتمرات، هناك بنود في جدول الأعمال يقال عنها: إنها ليست خاضعةً للبحث هذه مسلمات، فالمؤمن يختار هذه المرأة ليتزوجها أو هذه، مخير، يختار أن يكون تاجراً أو موظفاً، يختار أن يقيم في هذا المكان أو في هذا المكان، أما بالأوامر والنواهي لا يوجد اختيار،
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
الصبر وسيلة لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة :
الآن الصبر وسيلة لتحقيق الهدف الذي خلقت من أجله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ﴾
الآن ما من أمة تتقدم إلا بالصبر، هل تصدقون أن الله عز وجل حينما يقول:
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
ومع ذلك يقول الله عز وجل:
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾
أنت حينما تصبر وتطيع الله تلغي كلّ كيد الكافرين، تلغي كل قوتهم، كل بطشهم، كل أسلحتهم، كل مكرهم، كل أموالهم، كل إعلامهم،
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾
إذاً الصبر وسيلة لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، الصبر وسيلة لتحقيق الهدف الذي خلقت من أجله،
﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ﴾
كلما ازداد علم الإنسان ازداد صبره :
الآن كلما ازداد علمك يزداد صبرك، إنسان راشد جلس على كرسي طبيب الأسنان، قال له: قلبك لا يتحمل المخدر، تحتاج إلى أن تصبر، تجده صابراً، لأنه عرف القصة المخدر يؤذي قلبه، وهناك ألم، عندما عرف القصة صبر، شدّ على الكرسي ولم يتكلم بكلمة، أما الطفل فلا يوجد عنده إمكان أن يدرك الحقيقة، يصيح، وقد يضرب الطبيب إذا كان صغيراً، فالصبر يتناسب مع العلم، كلما ازداد علمك ازداد صبرك .
مرة قال لي طالب: أنا لا أخاف من الله ـ هو يبدو ملحداً ـ، قلت له: أنت معك حق، فلما قلت له: أنت معك حق ازداد غضبه، قال لي: لماذا؟ قلت له: لأن الفلاح أحياناً يأخذ ابنه إلى الحقل إلى الحصيدة، يضعه بين سنابل القمح، يمر ثعبان طوله عشرة أمتار لا يخاف منه، لأنه لا يدرك ، و بالتالي لا يخاف، من يخاف من الثعبان؟ الراشد.
فالخوف متعلق بالإدراك، كلما ضعف إدراكك ضعف خوفك، الطبيب أحياناً يعقم الفاكهة مرات عديدة، حتى أنت تضجر منه، لأنه يرى الجراثيم، والأوبئة، والأمراض العضالة، تأتي بالعدوى، فكلما ازداد علمك ازداد صبرك.
على الإنسان الاستعانة بالله على الصبر :
لكن قال تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾
استعن بالله على الصبر،
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾
والذي رأيناه من صبر أخوتنا والله هناك معونة إلهية، والله الذي أصابهم فوق طاقة البشر، لكن الله سبحانه وتعالى أعانهم على أن يصبروا،
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾
لكن أحياناً الإنسان يكون ضعيفاً، لكنه مضطر أن يصبر، والصبر عنده هو القهر، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾
المؤمن يصبر لله، أما إذا كان هناك تجاوز:
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
يصبر لله، لا عن ضعفٍ، ولا عن قهرٍ، ولا عن ذلةٍ، يصبر وهو قوي، عشرة آلاف سيف متوهجة، مؤتمرة بكلمةٍ من فم النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء))
الصبر وأنت قوي، نحن الضعاف صابرون شئنا أم أبينا، أي مقهورون، ليس هذا هو الصبر، أن تكون قوياً، وأن تعفو عمن ظلمك، و أن تجعل صبرك لله، اجعل صبرك بطولةً، عملاً صالحاً، أما كل إنسان ضعيف يصبر، يصبر شاء أم أبى، رضي أم لم يرضَ، وأنت مهمتك أن تصبر، وأن تصابر، إنسان اشتكى لك همه، أعنه على الصبر، لا تقل له: أنا لو مكانك لانتحرت، هناك إنسان يجعل كلامه يضاعف المصيبة:
﴿ اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ﴾
﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾
من قدوتك في الصبر؟ الأنبياء أما المتفلتون فلا يصبرون.
الوهن والحزن والتولي من الزحف واستعجال العذاب من عدم الصبر :
أيها الأخوة الكرام، يقول الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾
إنسان خدم والدته عشر سنوات ثم ضجر، وغضب، وتكلم كلاماً قبيحاً، فبكت واتصلت بابنها الآخر، وجاء وأخذها، في اليوم الثاني ماتت عند ابنها الثاني، لا تبطل عملك:
﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾
أيها الأخوة، الوهن والحزن من عدم الصبر، والضجر من عدم الصبر، والتولي من الزحف من عدم الصبر، واستعجال العذاب من عدم الصبر:
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
للموضوع تتمة إن شاء الله في لقاءٍ آخر.