- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الرحمة :
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في موضوعٍ متصلٍ أشد الاتصال بـ: "سبل الوصول وعلامات القبول" ألا وهو "الرحمة"، فقد حدثنا مالك قال:
(( أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة ))
شبيبة جمع شاب.
(( متقاربون ))
أي متقاربون في السن:
(( متقاربون، فأقمنا عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ))
هنا الشاهد:
(( رحيماً رفيقاً، فلما ظن أنْ قد اشتهينا أهلينا أو اشتقنا سألنا عما تركنا بعدنا فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، وذكر أشياء أحفظها وأشياءَ أو لا أحفظها، وصلوا كما رأيتموني أُصلي. فإذا حضرت الصلاة فليؤَذن لكم أحدكم وليؤُمّكم أكبركم ))
الشاهد أن سيدنا عمر قال مرةً: كنت خادم رسول الله، وجلواذه، وسيفه المسلول، وتوفي وهو عني راضٍ، وأنا بذلك أسعد، ثم آلت الأمور إلى أبي بكر فكنت سيفه المسلول وجلواذه، وخادمه، وتوفي وهو عني راضٍ، وأنا بذلك أسعد، وقد آلت الأمور إليّ، فاعلموا أيها الناس أن تلك الشدة قد أُضعفت، وإنما تكون على أهل البغي والعدوان، أما أهل التقوى والعفاف فسأضع رأسي لهم ليطؤوه بأقدامهم.
مرة قال: لو يعلم الناس ما في قلبي من الرحمة لأخذوا عباءتي هذه، ولكن هذا الأمر لا يناسبه إلا كما ترى.
الرحمة أصلٌ في القيادة :
نتابع خطابه، قال: أيها الناس لكم عليّ خمس خصالٍ خذوني بهن، لكم عليَّ ألا آخذ من أموالكم شيئاً إلا بحقه، ولكم عليَّ ألا أنفق هذه الأموال إلا بحقها، ولكم عليَّ ألا أجمركم في البعوث، إنسان مقيم في بلد، أن أرسله إلى بلد بعيد، بعيد عن زوجته وأولاده إلى أمد طويل، هذه قسوة، لكم عليَّ ألا أجمركم في البعوث، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم، إن شاء الله تعالى أرفع الرواتب، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا، لذلك الآية الدقيقة جداً:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
أي بسبب رحمةٍ استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك وأحبوك، ولو كنت بعيداً عنهم لامتلأ القلب قسوةً، ولانعكست القسوة غلظةً وفظاظةً فانفضوا من حولك، أصبح هناك معادلة رياضية، اتصال رحمة لين التفاف، انقطاع قسوة غلظة انفضاض.
فأنت كأم، وأنت كمعلم، وأنت كمدير مؤسسة، إذا كنت متصلاً بالله يمتلئ القلب رحمةً، هذه الرحمة تنعكس ليناً، هذا اللين يدعو من حولك أن يلتفوا حولك، فالرحمة أصلٌ في القيادة، لذلك من علامات قيام الساعة أن تنزع الرحمة من قلوب الأمراء، وأن يذهب الحياء من وجوه النساء، وأن تنزع النخوة من رؤوس الرجال، ليس هناك عند الرجال نخوة، يتباهى بأهله بأبهى زينة، وليس في وجوه النساء حياء، وليس في قلوب الأمراء رحمة.
على المؤمن أن تغلب رحمته غضبه :
أيها الأخوة، النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش))
وأنا أقول: والمؤمن الصادق يتخلق بهذا الكمال، يجب أن تغلب رحمته غضبه.
وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ اللهَ خَلَقَ يومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرضِ مئةَ رَحمة، كلُّ رحمةٍ طِبَاقُ ما بَينَ السَّمَاءِ والأرضِ))
أي تغطي ما بين السماء والأرض.
(( فَجَعَلَ مِنْهَا في الأرضِ رَحمة، فبها تَعطِفُ الوَالِدةُ على وَلَدِها، والوَحْشُ والطيرُ بعضُها على بعض، فَإِذا كان يومُ القِيامَةِ أَكمَلَهَا بِهذهِ الرحمة ))
أوضح مثل قلب الأم، إنسانة تريد لابنها كل سعادة، تعرى من أجله، تجوع من أجله، تضحي بالغالي والرخيص من أجله، ولا تنتظر منه شيئاً، هذه الأم.
نظام الأبوة والبنوة من آيات الله الدالة على عظمته :
لذلك قال تعالى:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾
من آيات الله الدالة على عظمته نظام الأبوة والبنوة
﴿ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾
أي إن أردت أن تعرف كمال الله من خلقه فانظر بشكل مصغر جداً، بشكل لا يتساوى مع الأصل، رحمة الأب بأولاده، كم أب في الأزمة الصعبة السكنية يبيع بيته بأرقى أحياء دمشق ويسكن في الريف من أجل أن يزوج أولاده؟ هذه بطولة في الأب، حينما يحمل الأب همّ أولاده، حينما يسعى جاهداً لتأمينهم، لتزويجهم، لتهيئة عملٍ مناسبٍ لهم، هذه بطولة، و الحياة من دون رحمة صحراء، مجتمع غاب، فالتراحم هو ما يميز المؤمنين، المؤمنون يرحم بعضهم بعضاً.
(( إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي ))
يقول عليه الصلاة والسلام:
(( لن تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على ما تحابوا عليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: افشوا السلام بينكم تحابوا، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تراحموا قالوا: يا رسول الله كلنا رحيم، قال: إنه ليس برحمة أحدكم ولكن رحمة العامة))
أي كل أب يرحم أولاده بالفطرة، أكاد أقول: ليس له أجر بذلك لأن الله أودع في قلبك رحمةً لأبنائك، لكن أين بطولتك أيها الأب؟ حينما ترحم شاباً يعمل عندك في المحل التجاري.
والله مرة حدثني إنسان قال لي: عندي موظف فهيم، ذكي جداً، لكنه يتيم، طلب مني أن يغادر المحل قبل ساعة من الدوام ليلتحق بمدرسة ليأخذ شهادة، هو غير متعلم، قال لي: لم أسمح له، أخاف إن تعلم أن يتركني، لكن ابنه بلقاء آخر دفع عليه أكثر من مليون ليرة لدروس خاصة ليكون طبيباً، هذا الشاب الذي في محلك التجاري لا تسمح له أن يتعلم من أجل أن تستغله وابنك تنفق عليه مليون ليرة كي يكون طبيباً؟!.
بطولة الإنسان أن يرحم الآخر :
البطولة أن ترحم الآخر، أن ترحم أولادك شيء طبيعي جداً، البطولة أن ترحم زوجة ابنك في البيت، هل تعامل زوجة ابنك كما تتمنى أن تُعامل ابنتك في بيت أهل زوجها؟ هذه البطولة، البطولة أن ترحم الناس، أما أن ترحم أهلك وأولادك فهذا شيء طبيعي جداً، لا أقول ليس لك أجر إطلاقاً، لكن الله أودع في جبلتك محبة الأولاد، فأن ترحمهم شيء طبيعي جداً، لكن بطولة المؤمن أن يرحم الآخر، أن يرحم شاباً في محله التجاري.
والله مرة ثانية: أنا أتألم أشد الألم، كنت في محل تجاري فحمّل صاحب المحل الموظف الصغير الشاب، رقيق العود، أول ثوب، و ثاني ثوب، و ثالث ثوب، و رابع ثوب، قال له: لا أقدر، قال له: أنت شاب، حمّل ابنه ثوباً واحداً، قال له: بابا احذر ظهرك.
بطولتك أن ترحم الآخرين، البطولة أن ترحم الناس، أن ترحم الذي لا تعرفه، أن ترحم الذي لا ينتمي إليك، هذه بطولتك، المؤمن رحيم.
أية أمة لا ترحم ضعيفها لا تنتصر :
الآن شيء ينقلنا إلى موضوع آخر: الدول الكبرى تعامل شعبها معاملة تفوق حدّ الخيال، لكنها تعامل بقية الشعوب بوحشيةٍ ما بعدها وحشية، هؤلاء لا قيمة لإحسانهم لشعوبهم، وحوشٌ على شعوب العالم، إذا ألغيت المبدأ الإنساني الأمة سقطت.
لما فتح الفرنجة القدس ذبحوا سبعين ألفاً، فلما فتحها صلاح الدين لم يرق قطرة دمٍ واحدة.
((الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ، لا يَفْتِكُ مؤمِن ))
فبطولتك ليست مع أولادك، أن تكون رحيماً بهم شيء طبيعي جداً، وشيء أودع في جبلتك، لكن بطولتك أن ترحم الآخر، أن ترحم إنساناً لا ينتمي لك بقرابة، أن ترحم موظفاً عندك.
أحياناً تجد دخله لا يكفيه أربعة أيام، هذا الحاضر، والإنسان مضطر، فيقبل بهذا العرض، هو ينفق في اليوم مئة ألف، في اليوم الواحد، ويعطي هذا الموظف المضطر أجراً لا يكفيه طعام خمسة أيام، لذلك لا نرقى عند الله.
أخواننا الكرام، كلام دقيق جداً، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم ))
أية أمة لا ترحم ضعيفها، هذا الضعيف ينبغي أن تطعمه إن كان جائعاً، ينبغي أن تكسوه إن كان عارياً، ينبغي أن تؤويه إن كان مشرداً، ينبغي أن تعلمه إن كان جاهلاً، ينبغي أن تعالجه إن كان مريضاً، ينبغي أن تنصفه إن كان مظلوماً، عندئذٍ يتكرم الله علينا فيكافئنا مكافأةً من جنس عملنا فينصرنا على من هو أقوى منا، إن أطعمت من هو أضعف منك أكرمك على من هو أقوى منك.
الإنسان يرحم بقدر إيمانه و يقسو بقدر بعده عن الله :
لذلك أيها الأخوة:
(( من لا يَرحم لا يُرحم ))
(( لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِن شَقيٍّ ))
موضوع دقيق جداً، أقرب قلبٍ إلى الله القلب الرحيم، وأبعد قلبٍ عن الله القلب القاسي.
﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾
أكاد أقول لكم: أحياناً بالمركبة هناك عداد السرعة، وعداد حركة المحرك -دورات المحرك- أحياناً العقربان يتحركان معاً، اسمعوا هذه الكلمة: إذا كان للإيمان عداد وللرحمة عداد عقربا العدادين يتحركان معاً، فأنت ترحم الخلق بقدر إيمانك، وتقسو عليهم بقدر بعدك عن الله عز وجل
﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾
لا يغيب عنكم:
((أن امرأة بَغِيّا رَأَت كَلبا في يومٍ حارٍّ يُطيفُ بِبِئْرٍ، قد أدْلَعَ لِسَانُهُ من العطَشِ فَنزَعَتْ لَهُ مُوقَهَا ، فَغُفِرَ لَهَا ))
لك أجر كبير في إطعام البهائم، لك أجر كبير في معالجة مرضى البهائم.
الإنسان بنيان الله وملعونٌ من هدم بنيان الله :
إذاً:
(( من لا يَرحم لا يُرحم ))
(( لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِن شَقيٍّ ))
(( لَيْسَ مِنا مَن لم يَرحَمْ صغيرَنا، ويُوِّقرْ كَبيرنا ))
الشاهد الدقيق:
(( قالوا: يا رسول الله كلنا رحيم. قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكن رحمة العامة ))
يجب أن ترحم كل من حولك، يجب أن ترحم من لا ينتمي إليك لا بصلة، ولا بقرابة، هذا إنسان، لذلك أقول لكم هذه الكلمة: الإنسان بنيان الله وملعونٌ من هدم بنيان الله، إنسان تبتز ماله، تستغل جهله، ترفع عليه السعر أضعافاً مضاعفة، تلقي في قلبه الروع لتأخذ من ماله، ويلٌ لإنسان يبني مجده على أنقاض الآخرين، يبني غناه على إفقارهم، يبني أمنه على إخافتهم، يبني عزه على إذلالهم، يبني قوته على ضعفهم، الآن بعض أسباب الرحمة يقول عليه الصلاة والسلام:
(( رَحِمَ اللهُ رجلاً سَمْحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقْتَضَى ))
هناك تساهل، هناك رحمة، تأتي امرأة إلى صيدلية تريد دواء معين، المبلغ الذي معها ينقص نصف ليرة، يأخذ الدواء من يدها و يقول لها: ائتِ بالمبلغ الكامل، نصف ليرة! سامحها.
(( رَحِمَ اللهُ رجلاً سَمْحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقْتَضَى ))
الجماعة رحمة والفرقة عذاب :
أيضاً:
(( رحِمَ اللهُ رجلاً قامَ من الليلِ فصلَّى ))
في الآية الكريمة:
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾
(( وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِن أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا الماءَ، رَحِمَ اللهُ امرأة قَامَتْ من الليل فصلتْ وأَيقظتْ زوجَها، فإِنْ أَبَى نضحتْ في وجهه الماءَ ))
حتى يستيقظ، أي التعاون بين الزوجين لأداء العبادات شيء طيب جداً، والجماعة رحمة والفرقة عذاب.
الغنى الحقيقي غنى العمل الصالح :
ثم قال عليه الصلاة و السلام:
(( رَحِمَ الله أبا بكر، زوَّجني ابنتَه، وَحَمَلَني إِلى دار الهجرة، وصحبني في الغار وأَعتَقَ بلالاً من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مُرّاً، تَرَكه الحقُّ وما له من صديق، رحم الله عثمان، تَسْتَحِي منه الملائكة، رحم الله عليّا، اللهم أَدِرِ الحقَّ معه حيث دار ))
أي أنت أيها المؤمن هل لك عمل يصلح للعرض على الله يوم القيامة؟ ربيت أولادك؟ أعنت الفقراء؟ لبيت حاجة الضعيف؟ لك عمل صالح؟ إنسان بلا عمل فقير.
﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾
الغنى والفقر بعد العرض على الله، الغنى الحقيقي غنى العمل الصالح، والفقر الحقيقي فقر العمل الصالح.
(( أن رجلاً من قيس جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: العن حمير؟ فأعرض عنه، فأعاد عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رَحِمَ الله حِمْيَرَ أفْوَاهُهُم سَلام، وأيْدِيهم طَعَام، وهم أهْلُ أمْن وإيمان ))
لم يُبعث النبي الكريم لعاناً، ما بعثه الله لعاناً بعثه رحمةً للعالمين.
طلب السماح ممن ظلمت قبل فوات الأوان من أسباب رحمة الله :
أيضاً من أسباب رحمة الله:
(( رحِمَ الله عبداً كانت لأخيه عنده مظلِمة مِنْ عِرضِهِ أو شيء منه ))
معنى هذا هناك عرض في السمعة، اغتبت إنساناً، اعتديت على عرضه، على سمعته، لكن نحن نتوهم العِرض خاص بالنساء، لا، سمعة الإنسان عرضه.
(( رحِمَ الله عبداً كانت لأخيه عنده مظلِمة مِنْ عِرضِهِ أو شيء منه، فلْيَتَحلَّلَهُ منه اليومَ، من قبلِ أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذَ منه بقدر مَظلِمتِهِ وإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحبه، فَحمِل عليه ))
إتقان الصنعة من الدين :
(( رحم الله امرأً أحسن صنعته ))
إتقان الصنعة من الدين، إنسان باع غرفة جلوس، الذي اشتراها زاره أصدقاءه جلسوا عليها ففسدت، فذهب إلى صاحبها متوتراً جداً، قال له: من أول جلسة؟ قال له: جلستم عليها؟
(( رحم الله امرأً أحسن صنعته ))
إتقان الصنعة من الدين، جزء من دينك أن تتقن صنعتك، مرة ركب صحن ببرغيين من ستة، بأيام الرياح الشديدة طار هذا الصحن و وقع فوق رأس بنت صديقي فقتلها، من أجل أن توفر عشر دقائق أزهقت روحاً بريئة، هناك أخطاء كثيرة جداً، بسبب السرعة والإهمال، فلذلك.
(( رحم الله امرأ أحسن صنعته ))
(( نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فبلغه غيره ))
ما الذي يمنع إذا حضرت خطبة جمعة وتأثرت بها، كتبت بعض النقاط، فإذا جلست مع أصدقائك حدثتهم عنها؟ إن جلست مع جيرانك، مع زملائك، مع زوجتك.
(( بلِّغُوا عني ولو آية ))
(( نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ))
التعاون و التناصح من الأعمال الصالحة التي تستوجب رحمة الله عز وجل :
أيها الأخوة، هذا أيضاً من الأعمال الصالحة التي تستوجب رحمة الله عز وجل:
(( رحم الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ))
ويقول سيدنا عمر: رحم الله من أهدى إلي عيوبي.
أي إذا كان هناك إخلاص بين المؤمنين، و تعاون، وأنت وجدت على أخيك شائبة وهو يحبك وتحبه، وبينك وبينه نصحته، والله الناصح له أجر كبير، والمنصوح إذا قَبِل هذه النصيحة له أجر أكبر، أي التناصح، أنا أقول دائماً: نتعاون فيما اتفقنا ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، هناك تعديل لهذا الرأي: نتعاون فيما اتفقنا وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، أخوك مثلاً إذا ذكر حديثاً ضعيفاً وأنت نبهته، هذا الحديث ضعيف أو شديد الضعف، أتمنى عليك ألا تذكره ثانيةً، بينك وبينه، قدمت له نصيحة طيبة جداً.
فلذلك أيها الأخوة، إن أردت رحمة الله فكن نصوحاً، وهل تصدقون أن النبي صلى الله عليه وسلم ضغط الدين كله بكلمة واحدة فقال:
(( الدِّينُ النصيحة ))
أيها الأخوة، أرجو الله سبحانه وتعالى أن نوفق في تطبيق هذه الآيات والأحاديث:
﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾