وضع داكن
26-04-2024
Logo
الخطبة : 0074 - تفسير سورة الزلزلة - قصة زيد الخير.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكُّلي إلا على الله .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً بمن جحد به وكفر .
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم سيد الخَلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهمَّ صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذُريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهمَّ ارحمنا فإنَّك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير إنك على كل شيءٍ قدير .

الإيجاز بالموعظة من البلاغة

أيها الإخوة الأكارم ؛ سورةٌ قصيرة في الجزء الثلاثين من كتاب الله ، قلَّما يلتفتُ إليها الناس ، مع أنَّ أعرابياً جاء إلى النبيَّ عليه الصلاة والسلام فقال : يا رسول الله عِظْني وأوجز . فقال عليه الصلاة والسلام :

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7-8]

فقال : قد كُفيت . فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال :

(( فَقُهَ الرجل ))

شطرٌ من آية من سورةٍ قصيرة ، من الجزء الأخير من كتاب الله تلاه النبي على هذا الأعرابي وقال : قد كفيت . ومالِ هذا الإنسان في هذه الأيام يقرأ القرآن كلَّه ، ويسمع تفسيره كلَّهُ ، ولا يزال مُنحرفاً عن خَطِّه ، قد كفيت .
أعرابيٌ آخر جاء النبي عليه لصلاة والسلام فقال : يا رسول الله عظني وأوجز ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( قل آمنت بالله ثم استقم ))

فقال : يا رسول الله أريد أخفَّ من ذلك . فقال عليه الصلاة والسلام :

(( إذاً فاستعد للبلاء ))

ما دُمْتَ لا تريد الاستقامة التامَّة استعد لعلاج الله عز وجل ، استعد للبلاء .

 

تفسير سورة الزلزلة .

سورة اليوم سورة الزَلْزَلَة :

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[سورة الزلزلة الآيات:1-8]

لماذا أَقرَّت هذه السورة هذه القاعدة التي سوفَ يُحاسب الناس في ضوئها ؟ لأن اليهود قالوا :

﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾

[سورة البقرة الآيات:80-82]

زاغت عقيدَتُهم ، انحرفوا ، بعُدوا عن الحَق ، ظنّوا أنهم شعبُ الله المختار ، لن تمسَّهم النار إلا أياماً معدودة ، وقالوا :

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[سورة المائدة الآية:18]

أهل الكتاب ..

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:23]

يتولَّون عن كتاب الله ، يديرون له ظهورهم ، ينحرفون عنه ، لماذا انحرفوا عنه ؟

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:24-25]

التمني

واللهُ سبحانه وتعالى يخاطبُ كُفَّار قُرَيْش :

﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾

[سورة النساء الآية:123]

الضلالُ البعيد ، الضلالُ المبين أن تتعلق بأمانٍ لا تتحقق ..

﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً﴾

[سورة النساء الآية:123]

آيةٌ رابعة :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ﴾

[سورة البقرة الآية:254]

هل من آيةٍ أوضح من هذه الآية ؟

﴿ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

[سورة البقرة الآية:254]

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾

[سورة الجاثية الآية:21]

﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

[سورة القصص الآيات 83-84]

﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾

[سورة الأنبياء الآية:47]

كل هذه الآيات التي رَدَّ اللهُ بها على اليهود ، وعلى أهلِ الكتاب ، وعلى الذين آمنوا حينما انحرفوا ، وعلى الذين ظنّوا أن الأمرَ بالأماني والتمنيات ، هذه الآيات كلها ، جاءت سورة الزلزلة لتقرر الحقيقة الأزلية..

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7-8]

عن شداد بن أوس رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :

((الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))

[أخرجه الترمذي]

النبي عليه الصلاة والسلام قال : " يا فاطمة بنت محمد ... " لمَ وصفها بأنها بنت محمد بالذَّات ، محمد أبوها ، سيد الخلق أبوها ، وليس من قرابةٍ أشدَّ من قرابة البِنُوَّة ز

(( فاطمة بضعةٌ مني من أكرمها فقد أكرمني ، ومن أبغضها فقد أبغضني ))

هل من علاقةٍ أمتن من علاقة البنوة ؟

(( يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسكِ من النار أنا لا أغني عنكِ من الله شيئا ، يا عباس عم النبي أنقذ نفسك من النار ، أنا لا أغني عنكِ من الله شيئاً لا يأتيني الناس غداً بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه ))

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7-8]

حقيقة يوم القيامة

أيها الإخوة المؤمنون ؛ متى جاءت هذه الآية ؟ ولماذا قدَّم الله لها؟ قال :

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآية:1]

لا شك أننا في الدنيا نسمع بالزلازل ، ولكن الزلازل الموْضعية في بقعةٍ معينة ، في اليابان ، في الصين ، في الهند ، في بعض الدول ، في بعض القارَّات ، في شمال الأرض ، في جنوب الأرض ، في شرقها ، في غربها ، تبقى الزَلْزَلة التي نراها في الدنيا ، أو نسمع بها محدودة ، ولكن الله سبحانه وتعالى قال :

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآية:1]

فكأن الأرض حينما خُلِقَت وعِدَت بزلزلةٍ عامَّة تضطرب لها اضطراباً ، وتهتزُّ لها اهتزازاً .

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآية:1]

وقد تكون الزلزلة في الدنيا ضعيفةً فلا تنهدم البيوت ، ولا تتداعى الأسقف ، ولكن الزلزلة التي وصفها الله عز وجل قال :

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآية:1]

لك أن تصف زلزالها العظيم ، ولك أن تصف زلزالها الشديد ، ولك أن تصف زلزالها الأخير ، آخرُ زلزلةٍ ، وأعظمُ زلزلةٍ ، وأشدُّ زلزلةٍ ..

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾

[سورة الزلزلة الآية:1-2]

من أثقالها ؟ بنو آدم .

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾

[سورة الأحزاب الآية:72]

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾

[سورة الإسراء الآية:70]

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾

[سورة البقرة الآية:29]

﴿سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾

[سورة لقمان الآية:20]

﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ﴾

[سورة النحل الآية:5]

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾

[سورة يس الآيات:71-72]

أيها الإخوة المؤمنين :

﴿ أثقالها ﴾

أكرم من فيها ، وأكرم من عليها ، والتي خُلِقَت الدنيا لأجلهم ، وسُخِّرَت السماوات والأرض لأجلهم ؛ هم بنو آدم الذين عاهدوا الله في الأزل أن يأتوا إلى الدنيا ويستنيروا بنوره ، ويتعرَّفوا إليه ويطيعوه .

﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآيات:2-3]

ما الذي حصل ؟ لِمَ هذه الزَلْزَلَة ؟ ربنا سبحانه وتعالى في آياتٍ أُخْرَى يقول :

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾

[سورة يس الآيات:51-52]

كان في الدنيا إذا سمع عن الدار الآخرة ، لم يحمل هذا الكلام محمل الجِد ، كان لا يُبالي ، كان يبالي بالدُنيا ، كان يعنيه المال ؛ الدرهم والدينار ، تعس عبد الدرهم والدينار ، تعس عبد الفَرج ، تعس عبد البطن، تعس عبد الخميصة ، كان يعنيه من الدنيا مالُها ، ونساؤها ، وخَيْراتها ، وبُهرجها ، ومنافعها ، ومكاسبها ، ولا يهتم لأمرِ الآخرة ، لذلك :

﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾

[سورة الزلزلة الآيات:2-3]

ما الذي حصل ؟ أهذا الذي وعدنا به من قبل ؟ أهذا الذي ورَدَ في القرآن الكريم ؟ أهذا الذي حدَّث به النبي الكريم ؟ أهذا هو اليومُ الموعود ؟ أهذا هو يوم الدين ؟ أهذا يومُ القارعة ؟ أهذا يومُ الزلزلة ؟

﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾

[سورة الزلزلة الآيات:4]

الأرض ، هذا الذي اقترف السيئات يختم على فمه ربنا سبحانه وتعالى ، والأرضُ تحدثه بما صنع ، يومئذٍ تحدث الأرض أخبار الإنسان ماذا اقترف من آثام ؟ ماذا فعل من شرور ؟ ماذا تركَ من آثارٍ سيئة ؟.

﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾

[سورة الزلزلة الآيات:4-5]

أوحى لها أن تحدَّثي أيَّتها الأرض ، حدثينا عن هذا الإنسان الذي كرَّمناه ، حدثينا عن هذا الإنسان الذي رفعنا شأنه ، حدثينا عن هذا الإنسان وماذا صنع ؟ الذي خلقت السماوات والأرض من أجله ، حدثينا عنه ؛ حدثينا عن معاصيه ، عن جرائمه ، عن موبقاته ، عن انحرافاته ..

﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾

[سورة الزلزلة الآيات:4-5]

أيها الإخوة المؤمنون ...

﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾

[سورة فصلت الآية:21]

أيها الأخُ الكريم ؛ اعْلَم عِلْمَ اليقين أن لك من الأرض في الدنيا حافظٌ ورقيب ، وأنها في الآخرة يوم القيامة ناطقٌ وشهيد ، هي في الدنيا حافظٌ ورقيبٌ على أعمالِك ، وهي في الآخرةِ ناطقةٌ وشهيدةٌ على سوءِ تصرُّفاتك .

﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً﴾

[سورة الزلزلة الآيات:4-6]

متفرقين ، قل لي بربك إذا قُرِعَ جرس الامتحان هل يفكر الطالب وقلبه يخفِقُ بزميله ، أو بأمه وأبيه ، أو بأخيه ؟! يدخل في عالم جديد ، قل لي بربك إذا دُعي المتهم إلى قوس المحكمة هل يأتي في خاطره أولاده ؟ لا، حينما ينطق القاضي بالحكم يرجفُ قلبه ، يغيب عن الناس كلهم ، حينما ينفَّذ فيه الحُكم ، ربنا عز وجل يقول :

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً﴾

[سورة الزلزلة الآية:6]

متفرقين .

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾

[سورة المؤمنون الأية:101]

ينسى الابن أباه ، ينسى الأب ابنه ، لو وقعت عين الابن على أمه لا يعرفها .
السيدة عائشة رضي الله عنها سألت النبي عليه الصلاة والسلام : يا رسول الله أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة ؟ . قال : نعم يا أم المؤمنين إلا في ثلاثة مواضع ؛ إذا نفخ في الصور ، وإذا الصحف نشرت ، وعلى الصراط .
في هذه المواضع الثلاثة لا يعرف بعضنا بعضاً وفيما سوى ذلك قد تلتقي الأم بابنها تقول له : يا بني جعلت لك بطني وعاءً ، وصدري سقاءً ، وحِجري لك غِطاءً ، فهل من حسنةٍ يعود عليها خيرها ؟ أيْ هل تعطيني حسنة من حسناتك ؟ فيقول الابن : ليتني أستطيع ذلك يا أُمَّاه إنني أشكو مما أنتِ منه تشكين .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا ))

[أخرجه الحاكم]

فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله أهكذا يحشرون عراة رجالاً ونساء !! . فقال : يا عائشة الأمر أفظع من أن يعنيهم ذلك .
أن هذه امرأةٌ أمامه لا يستُرها شيء ، أفظع من أن يعنيهم ذلك ..

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً﴾

[سورة الزلزلة الآية:6]

متفرِّقين ، لا أنساب بيْنهم ، لا يعرفُ بعضهم بعضاً .

﴿ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾

[سورة الزلزلة الآية:6]

التي فعلوها في الدنيا ، هل تجاوزوا الحدود ؟ هل ظلموا ؟ هل ظلم الزوج زوجته ؟ هل ظلم صاحب العَمل أجيره ؟ هل ظلم الجار جارَه ؟ هل ظلم الابن أباه ؟ هل ظلم الأخ أخاه ؟ هل اعتدى على حقِّه ؟ هل اعتدى على عِرضه ؟ ماذا فعل ؟ هل بنى مجده على أنقاض الآخرين ؟ هل بنى غناه على فقرِهم ؟ هل بنى أمنه على خوفهم ؟ .

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[سورة الزلزلة الآيات: 6-8]

ما هي الذرة ؟ قال إذا دخلت الشمس على غرفة أحدكم ، لا بد أن ترى في جوّ الغُرفة ذراتٍ متناهيةٍ في الصغر تحلق في جو الغرفة ، لو فعلت خيراً بهذا الحجم لما ضاعَ عليك ولرأيته يوم القيامة ، ولو فعلت شراً بهذا الحجم لما أُعْفيت منه ولرأيته يوم القيامة ، لا يكفي أن تراه بل تُحاسب عليه ..

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[سورة الزلزلة الآيات: 7-8]

شابٌ يركب مركبةً عامة ، صعد إلى المركبة شيخٌ كبير في السن ، فقام هذا الشاب من مجلِسِهِ وأقعد الشيخ الكبير .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ ))

[أخرجه الترمذي]

إذا أطعمت لقمةً واحدة ، إن كان في صحن الطعام قطعة لحم فأطعمتها لزوجتك ، أو أطعمتها لابنك ما قيمتها ؟ هذا العمل سوف تلقاه يوم القيامة ، وأن تضع اللقمة في فمِ زوجك هي لك صدقة ، وأن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ هو لك صدقة ، وأن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة ، وأن تُفرغ دلوك في دلو المُستَسقي هو لك صدقة ، إذا أنقذت فراشةً ، إذا أنقذت نملةً كادت تغرق في ماءِ الحوض ، هذا العمل سوف تلقاه يوم القيامة بنَصِّ الآية ، ألَمْ يَقُل هذا الأعرابي : قد كفيت ، كفيت يا رسول الله ، فقال : فقه الرجل ، قال : عظني وأوجز . قال :

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[سورة الزلزلة الآيات: 7-8]

قال : قد كفيت . قال : فقه الرجل .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ سورة قصيرة في الجُزء الأخير من كتاب الله ، لا يلتفت إليها الناس ، لو فهموها حق الفهم ، لو عرفوا أبعادها ، لو صَدَّقوها ، هم يقولون : صدق الله العظيم ، ولكن أعمالهم لا تصدقها ، لسانهم يُصَدِّقها ، ولكن أعمال الناس اليوم لا تصدِّق هذه الآية ، إن كان مثقال ذرةٍ خيراً يره ، وإن كان مثقال ذرةٍ شراً يره ، فكيف يفعل الإنسان السيئات الكبيرة ؟ كيف يعتدون على الناس ؛ على حقوقهم ، على أموالهم ، على أعراضهم ؟

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[سورة الزلزلة الآيات: 7-8]

أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أَتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
* * *

الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين ، واشهد أن لا إله إلا الله وليّ الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الخُلُق العظيم ، اللهم صلي وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين .

قصة زيد الخير

أيها الإخوة المؤمنون ؛ في الجاهلية رجلٌ اسمه زيد الخيل ، كان ملء السمع والبصر ، وكان من أجمل خَلق الله ، ومن أطولِهِم قامةً ، ومن أصبحهم وجهاً ، هذا الرجل بلغته أخبار النبي عليه الصلاة والسلام ، ماذا فعل ؟ أعدَّ راحلته ودعا كُبراء قومه إلى زيارة المدينة المنورة ، ليلتقي بهذا النبي الذي بلغته من أخباره ما بلغت ، فركب زيد الخيل مع وفدٍ من طيئ ، وفيهم زيد بن سدوس ، ومالك بن جُبَير ، وعامر بن جوَيد ، وانطلقا إلى المدينة المنورة ، ودخلا على المسجد النبوي فإذا النبي عليه الصلاة والسلام يخطبُ في أصحابه .
هالهم استمعاهم إليه ، وأدبهم الشديد ، وإنصاتهم العَميق . وقف زيد الخيل في صدر المسجد ، يستمعُ إلى خطبة النبي عليه الصلاة والسلام ، النبيُّ عليه الصلاة والسلام لَمَحَ أن وفداً جاء إلى المسجد يستمعُ الخُطبة ، فلم ينسَ النبي الكريم أن يَخُصَّ هؤلاء الوفد بكلمةٍ تعنيهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : إني خيرٌ لكم من العزى ، وخيرٌ لكم مما تعبدون ، إني خيرٌ لكم من الجمل الأسود الذي تعبدونه من دون الله .
فيفهم من هذا القول أن الجمل الأسود كان مالاً نفيساً ، وفي كل عصرٍ أموالٌ نفيسة منقولةٌ وغير منقولة ، كأن النبي الكريم كنَّى بالجمل الأسود عن هذه الأموال النفيسة التي يعبدها الناس من دون الله .
فما كان من زيد بن سدوس وقد استمع إلى النبي الكريم إلا أن قال : إني لأرى هذا الرجل يملك رقاب العرب ، والله لا أُمكنه من أن يملك رقبتي . ثم توجه إلى بلاد الشام ، وحلق رأسه ، وتنصَّر .
وأما زيد الخيل ومن معه وكبراء قومه ، فحين انتهى النبي عليه الصلاة والسلام من خُطبته ، وكان كما قُلت قبل قليل من أجمل الناس ، وأتمهم خلقةً ، وأطولهم قامةً ، قال : يا محمد أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .
فقال عليه الصلاة والسلام :

(( من أنت يا رجل ؟ ))

قال : أنا زيد الخيل بن مُهَلْهِل .
فقال :

(( بل أنت زيدُ الخير لا زيد الخيل ، الحمد لله الذي جاء بك من سهلِكَ وجبلِكَ ورَقَّقَ قلبك للإسلام ))

ثم مضى به النبي الكريم إلى بيته إكراماً له ، وطرح له متَّكأً ليتَّكئ عليه ، فعظم عليه ، لم يمضِ على إسلامه ربع ساعة ، عظم عليه أن يتكئ في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام ، فعظم عليه أن يتكئ في حضرة النبي وردَّ المتكئ ، وما زال النبي يعيده ، وهو يردُّه ثلاثاً ثم قال :

(( يا زيد ما وصف لي رجلٌ قط ثم رأيته إلا كان دون ما وصف لي إلا أنت ، إن فيك لخصلتين يحبُّهما الله ورسوله ))

قال : وما هما يا رسول الله ؟
قال :

(( الأناةُ والحلم ))

قال زَيد : الحمد لله الذي جعلني على ما يحبُّ الله ورسوله ، يا رسول الله أعطني ثلاثَ مئة فارس وأنا كفيلٌ لك أن أغير بهم على بلاد الروم وأنال منهم .
فقال عليه الصلاة والسلام :

(( لله درُّك يا زيد أي رجلٍ أنت ؟!! ))

[ من كنز العمال : عن ابن مسعود ]

ثم أسلم مع زيد كل من كان معه ، وتوجَّه إلى قومه ليُسلِمَهُم ومات في الطريق إليهم ، أيْ أنَّه أسلم ولقي الله عز وجل قبل أن يبلغ بلاده ، أو موطن قبيلته .
أيها الإخوة المؤمن ؛ لحظة تفكيرٍ واحدة إذا عرفت الله انتهى كل شيء ، إذا تُبت زال عنك كل شيء ، إذا أخلصت إليه أسعدك كل شيء ، هكذا كان الصحابة .
سيدنا خالد ، رضي الله عن سيدنا خالد ، حينما أسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( عجبت لك يا خالد أرى لك فكراً ))

أنت مفكِّر لماذا تأخَّرت إلى الآن ؟ وكل إنسان وهبه الله فكراً يستطيع به أن يرى الخير من الشر ، ماذا تنتظر؟ كيف تقيم على هذه المعصية ؟ ما الذي يحْجُبُكَ عن الله عز وجل ؟ من الذي يعيقك عنه ؟ .

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ، ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين .
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين .
اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء .
اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب .
اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .
اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين .
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور