وضع داكن
22-11-2024
Logo
الدرس : 37 - سورة المائدة - تفسير الآيات 87 - 88 ، حدود الله عز وجل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أمر التحليل والتحريم وأمر الوسع من شأن الله وحده :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ مع الدرس السابع والثلاثين من دروس سورة المائدة، ومع الآية السابعة والثمانين وهي قوله تعالى: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(87) ﴾

[ سورة المائدة ]

 أيها الإخوة الكرام؛ بادئ ذي بدء التحليل والتحريم من شأن الله وحده ولا يستطيع بشر كائناً من كان أن يحلل ولا أن يحرم، لذلك كأن الله سبحانه وتعالى يقول يا أيها الإنسان إياك أن تحلل حراماً أو أن تحرم حلالاً، هذا ليس من شأنك ولكنه من شأن الله وحده. يضاف إلى هذا الاستطاعة أيضاً يحددها الله وحده، إذا قال الله عز وجل: 

﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦ ۖ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ ۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ(286) ﴾

[ سورة البقرة ]

 وسع النفس يحدده الله بالقرآن ويكلف نبيه صلى الله عليه وسلم بتحديده أيضاً من خلال السنة، فأمر التحليل والتحريم وأمر الوسع من شأن الله وحده، ولا يستطيع إنسان كائناً من كان أن يحلل أو أن يحرم.

الإنسان حينما يتدخل بتحريم ما أحل الله وهو الغلو، أو حينما يتدخل بتحليل ما حرم الله وهو التفريط، بتحريم ما أحله الله إفراط، وبتحليل ما حرمه الله التفريط، الإنسان حينما يتدخل فيحرم ما أحل الله، أو يحلل ما حرم الله يفسد الحياة، وقد يعزى الفساد التي تعاني منه البشرية اليوم أن الإنسان تدخل واعتدى فحرم ما أحله الله، أو حلل ما حرمه الله.

من حرم ما أحلّ الله وقع في الغلو :

 أولاً: أيها الإنسان إياك ثم إياك ثم إياك أن تعتقد أن هذا الشيء الذي أحله الله حراماً، لا تعتمد على عقلك، ولا على فلسفتك، ولا على قول إنسان، لأنك لست خالقاً، ولست خبيراً، قال تعالى: 

﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ(14)

[ سورة فاطر ]

 الجهة الوحيدة التي تحلل أو تحرم هي الجهة الخبيرة، ولا خبير كالخالق فالإنسان ينبغي ألا يعتقد أن هذا الشيء الحلال هو حرام، وكل الذين يحرمون ما أحله الله وقعوا في الغلو. 

﴿ قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لَا تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍۢ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ(77) ﴾

[ سورة المائدة ]

 والذي يحرم ما أحله الله كأنه يزاود على الله، وكأنه يزاود على رسول الله، وهذه جرأة على الله ورسوله، وهذا تطاول أيضاً على الله وعلى رسوله، ينبغي ألا تعتقد أن هذا الشيء الحلال هو حرام، وينبغي ألا تقل بلسانك أن هذا الشيء وإن كان حلالاً لكنني أحرمه، من أنت؟ يقولون هذا عندنا غير جائز، فمن أنتم حتى يكون لكم عندي؟ من أنتم؟ لا تعتقد أن هذا الحلال حرام من باب الغلو في الدين، ولا تقل لأحد أن هذا الشيء الذي أحله الله لست قانعاً به ويغلب على ظني أنه محرم، وهذا هو الانحراف في السلوك الديني، أن يعتدي الإنسان على حق الله في التحريم والتحليل، فيحرم أو يحلل.

 والذين يرأسون جماعات إسلامية وليسوا في المستوى الصحيح قد يحلون ما حرمه الله، أو يحللون ما حرم الله، يحلون ما حرمه الله أو يحرمون ما أحله الله فيقع الفساد في الأرض، والمسلمون أعطي أعداءهم مبررات لسحقهم وإبادتهم بسبب أن أناساً أحلوا ما حرم الله وأن أناساً حرموا ما أحل الله.

الله عز وجل يُعلمنا من خلال توجيه النبي عليه الصلاة والسلام :

 أيها الإنسان لا تعتقد أن الشيء الذي أحله الله حراماً كما لا تقل أن الشيء الذي أحله الله حراماً، إن لم تعتقد ولم تقل نقول لك: أنت لا تمتنع عن شيء أحله الله أنه حراماً.

 بلغ إلى علمي أن بعضهم في بلاد أخرى يحرمون الزواج، ينبغي أن تكون منقطعاً لله عز وجل، هذا تحريم لما أحله الله، وهذا غلو في الدين، لا تعتقد، ولا تقول، ولا تمتنع، ولا تفتي للناس لأن هذا الشيء الذي أحله الله هو حرام، لأن التحريم والتحليل من شأن الله وحده، والله عز وجل خبير عليم بشؤون عباده.

الآن: ولا تنذر، من النذر أن تحرم حلالاً، ولا أن تحلل حراماً، لو قال أحدهم: نذرت ألا آكل الطعام، أنت ماذا فعلت؟ حرمت حلالاً، والله عز وجل يعلمنا من خلال توجيه النبي عليه الصلاة والسلام: 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ ۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(1) ﴾

[ سورة التحريم ]

 في شأن غير الطعام، أي كأنها قاعدة لا تحرم ما أحله الله لك.

 مرةً ثانية أن تحلل ما حرمه الله، أو أن تحرم ما أحله الله عدوان على حق الله الخالق الخبير في التحليل والتحريم، والعدوان كما تعلمون تجاوز الحد، رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده.

حدك أن تطيع، حدك أن تعبد الله، حدك أن تأتمر بما أمر الله، وحدك أن تنتهي عما نهى الله عنه، وليس من حدك أن تشرع أمراً أو نهياً، أنت منفذ ولست مشرعاً، إذا كان سيد الخلق وحبيب الحق، الذي أوتي جوامع الكلم، والذي أوتي الوحي والقرآن، والذي أوتي المعجزات، والذي بلغ سدرة المنتهى، يقول إنما أن متبع: 

﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ(50) ﴾

[ سورة الأنعام ]

 أي أن شأن العبد أن يتبع، شأن العبد أن يطبق، شأن العبد أن ينصاع لله عز وجل، شأن العبد أن يخضع لله عز وجل، هذا شأننا، وشأن الله أن يشرع، وأن يقول الله عز وجل هذا حرام اجتنبوه، وهذا حلال اتبعوه.

الذي يمارس أولى خطوات الخطيئة لابدّ من أن يصل إلى نهاية الخطيئة :

 أيها الإخوة؛ في آيتين دقيقتين الآية الأولى تقول: 

﴿ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌۢ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌۢ بِإِحْسَٰنٍۢ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْـًٔا إِلَّآ أَن يَخَافَآ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِۦ ۗ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُون(229) ﴾

[ سورة البقرة ]

 والآية الثانية: 

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(187) ﴾

[ سورة البقرة ]

 في المنهيات لا تقترب، في المباحات لا تتجاوز الحد الذي حده الله لك، في المنهيات لا تقترب لأن المعاصي التي نهى الله عنها بحسب الآيات الكريمة لها قوة جذب، لذلك لم ينهَ الله عن مباشرتها بل نهى عن الاقتراب منها، تماماً كما أنك قرأت على لوحة إلى جانب تيار عالي التوتر: ممنوع الاقتراب، لأن هذا التيار عالي التوتر فيه قوة جذب للإنسان فإذا دخل مسافة معينة جذبه التيار وجعله فحمة سوداء، فالتحذير يكون لا تقترب من التيار (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) الذي لا يهرب من أسباب الخطيئة يقع فيها، والذي يمارس أولى خطوات الخطيئة لا بد من أن يصل إلى نهاية الخطيئة. 

لابدّ من أن تدع هامش أمانٍ بينك وبين المعصية :

 الآيات الكريمة تقول: 

﴿ وَلَا تَقرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَة وَسَآءَ سَبِيلا(32) ﴾

[ سورة الإسراء ]

 ليس في القرآن كله نهي عن الزنى، في نفي: 

﴿ وَٱلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا(68) ﴾

[ سورة الفرقان ]

 لكن ما في نهي، في نهي عن مقدمات الزنى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) لذلك لا بد من أن تدع هامش أمانٍ بينك وبين المعصية، ما لم يكن هذا الهامش بينك وبين المعصية احتمال الوقوع بالمعصية احتمال كبير، تصور نهراً عميقاً جداً، مخيفاً جداً، خطراً، له شاطئ مائل زَلِق ، وله شاطئ مستوٍ جاف، فأن تمشي على الشاطئ المستوي الجاف أنت في أمان، أما إذا مشيت على الشاطئ المائل الزلق أنت في خطر كبير؛ أن تزل قدمك وأن تقع في النهر وأن تغرق.

المسموح لا تعتدوه والممنوع لا تقربوه هذه حدود الله عز وجل :

 أيها الإخوة؛ قوله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) .

﴿ وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُۥ ۖ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(152) ﴾

[ سورة الأنعام ]

 لو أنك خلطت مالك مع مال اليتيم فهناك احتمال كبير في أن تأكل ماله دون أن تشعر، لا تخلط مالك بمال اليتيم (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ) ، (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) بشكل عام: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) أما حينما سمح الله لك بشيء لا تجاوزه إذا ما حرمه عليك، لو أن الله سبحانه وتعالى سمح لك أن تأكل شيئاً محرماً عند الضرورة لكن الضرورة تقدر بقدرها، فإذا كان يجزئك من أجل أن تحافظ على حياتك بلقمتين ينبغي ألا تأكل الثالثة، الذي سمح الله لك به ينبغي ألا تزيد عليه، المسموح فَلَا تَعْتَدُوهَا ، الممنوع فَلَا تَقْرَبُوهَا، هذه حدود الله عز وجل.

الحلال بيّن والحرام بيّن لكن المشكلة في المتشابهات التي بينهما :

 أيها الإخوة : 

(( الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرامُ بَيِّنٌ ، وبيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فمَن تَرَكَ ما شُبِّهَ عليه مِنَ الإثْمِ، كانَ لِما اسْتَبانَ أتْرَكَ، ومَنِ اجْتَرَأَ علَى ما يَشُكُّ فيه مِنَ الإثْمِ، أوْشَكَ أنْ يُواقِعَ ما اسْتَبانَ، والمَعاصِي حِمَى اللَّهِ مَن يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يُواقِعَهُ ))

[ صحيح البخاري ]

وهذه من نعم الله علينا، أي لا أحد يسأل أنني إذا عملت عملاً حلالاً مشروعاً وكسبت مالاً حلالاً مشروعاً واشتريت به طعاماً أيجوز أن آكل هذا الطعام؟! طبعاً يجوز بديهة، فهذا حلال بيِّن، أما أن تأكل مالاً حراماً، أو أن تعتدي على عرض امرأة، أو أن تأخذ ما ليس لك، هذا حرام قطعاً، فالحلال بيّن والحرام بيّن، ولكن المشكلة لا في الحرام لأنه بيّن، ولا في الحلال لأنه بيّن، ولكن المشكلة في الأمور المتشابهة التي تشبه الحلال تارةً وتشبه الحرام تارةً أخرى، كيف؟

إنسان قال لك: هل تعينني على شراء هذا البيت؟ ثمن هذا البيت مليونان معي مليون واحد، فهل تعينني على شراء هذا البيت وأعطيك أجرة شهرية بحسب نسبة مالك في ثمن البيت، هذا قرض حسن، القرض الحسن مشروع، وأن تستأجر نصف بيت، وأن تؤجر نصف بيت، أيضاً هذا مشروع، لكن الذي عاونته بشراء البيت ضمن لك المليون بعد سنتين، وأعطاك على هذا المليون نصف أجرة البيت، البيت ثمنه مليونان، دفعت معه مليون، أولاً أجرة هذه لا شيء فيها، ثانياً المبلغ الذي دفعته له قرض، وإن سميته شراء جائز أيضاً، القرض بلا أجرة، والشراء يستوجب أجرة، فإذا أعددت هذا المليون شراء لنصف البيت لك أجرة، وإذا أعددت هذا المبلغ قرض ليس لك أجرة، والكلام واضح، لكن غاب عنك إذا ضمنت هذا المليون بعد سنتين، وقد تقاضيت عليه أجرة أنك وقعت في الحرام، لأن مبلغك مضمون، لا يكون التأجير حلالاً إلا إذا لم يضمن شريكك في البيت هذا المليون، بعد عامين يقيِّم البيت، فقد تهبط الأسعار وقد ترتفع الأسعار، فإذا قبلت أن تأخذ المليون سبعمئة ألف أو أكثر أو أقل فالأجرة حلال، الآن مشكلتنا في المتشابهات، أجرة أو قرض والقرض بلا أجر، والشراء يحتاج إلى أجرة، لكن لما جمعت الضمان مع الأجرة فهر الربا بعينه، طبعاً هذا مثل.

المشكلة في المتشابهات التي تشبه الحلال تارةً، والحرام تارةً أخرى، لذلك الحديث الشريف الصحيح: 

(( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ))

[ متفق عليه عن النعمان بن البشير ]

 ماذا تعني هذه الفرقة في الحديث؟ (لا يعلمهن كثير من الناس) معنى ذلك أن القليل من الناس يعلمون الحقيقة، لو سألت عالماً مدققاً متحققاً ورعاً أعطاك الجواب. 

(( وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه ))

[ متفق عليه عن النعمان بن البشير ]

حينما تأتمر بما أمر الله وتنتهي عما نهى الله عنه لا تدمر نفسك :

 أيها الإخوة؛ ماذا يعني أن يحرم الله عليك أو أن يحل لك؟ أي أنه أعطاك خبرة الخبير فأنت وفرت الوقت الطويل، والجهد الكبير، والتدمير الشامل، بالضبط، أنت أمام كرة معدنية مقطعة إلى مربعات ولها نتوء، أنت تقول يا ترى قنبلة هذه؟ لعلها قنبلة؟‍‍ أو لعلها كرة؟ أو لعلها جهاز؟ أو لعلها لعبة؟ لو أدرت أن تمتحن هذه القطعة بنفسك، وحركت هذا النتوء فإذا هي قنبلة تنفجر، هل بقي لك من وقتك ما تنتفع بهذه الخبرة، جربت فدمرت، لكن لو قال لك خبير: هذه قنبلة إياك أن تنزع فتيلها، هذا الخبير أنقذ حياتك، طبعاً هذا المثل صارخ وحاد، ولكن أشياء كثيرة الإنسان يدمر بها لأنه جربها بنفسه ولم يسأل الخبير، والله عز وجل يقول (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أشياء كثير تدمر الإنسان، وتنهي سلامته، وتحطم سعادته لأنه جربها بنفسه ولم يصغ إلى الخبير.

لو أنك بعت بيتك وقبضت ثمنه بعملة أجنبية، لو فرضنا أنه معك في هذا الجيب جهاز يكشف زيف العملة، ومعك بهذا الجيب نشرة تبين لك أرقام العملة المزورة، لم تستخدم هذا الجهاز في كشف العملة المزورة، ولم تستخدم هذه النشرة في الكشف عن العملة المزورة، الجهاز هو العقل، والنشرة هي الوحي، لم تستخدم لا هذا ولا ذاك، وقبضت هذا المبلغ ثم اكتشفت بعد فوات الأوان، وبعد أن سافرت إلى بلاد بعيدة، وبعد أن انقطعت الصلة مع البائع أن العملة كلها مزورة، فاللوم على من؟ عليك وحدك، معك جهاز ومعك نشرة، لم تستخدم لا الجهاز ولا النشرة، ولم تستعن بالخبير الذي أعطاك النشرة، ولم تستعن بالجهاز الذي يكشف لك الزيف، فضيعت هذا المال، ولم تنتفع به، هذا الأمر تماماً.

فيا أيها الإخوة؛ حينما تأتمر بما أمر الله، وتنتهي عما نهى الله عنه لا تدمر نفسك، كمثل صارخ: إنسان يركب مركبة، أشارت له امرأة فوقف، إلى أين يا أختي؟ قالت: خذني حيث تريد، فظنها مغنماً كبيراً، ثم اكتشف أنه أصيب بمرض الإيدز، ما الذي حصل؟ إنك لم تصغ إلى كلام الخبير، لم تأتمر بما أمر، ولم تنتهِ عما نهى وزجر فدمرت نفسك، هذا مثل طبعاً، ويقاس على ذلك آلاف الحالات.

من الجهل أن تتوهم أن الذي أحله الله لك لا ينفعك فتحرمه على نفسك :

 أيها الإخوة؛ الصحابة الكرام رأوا عظم مقام النبي عليه الصلاة والسلام فاجتهدوا أنهم كي يبلغوا مرتبةً يرضى الله عنها ينبغي أن يمتنعوا عن الزواج، وبعضهم يمتنع عن تناول اللحم، وبعضهم يمتنع عن الإفطار فيصوم، بلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فجمع أصحابه وخطب بهم وقال: 

(( جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا؟! أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي. ))

[ صحيح البخاري ]

 لذلك لا تحرم ما أحل الله لك، لا تزاود على الله عز وجل، لا تعتقد أن هذا الذي أحله الله لك قد يؤذيك، لا يمكن أن يؤذيك شيء أحله الله لك، لأنه من عند الخبير. مثلاً الذين ابتدعوا الرهبانية قال تعالى: 

﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَٰهُ ٱلْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَٰهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ٱبْتِغَآءَ رِضْوَٰنِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَـَٔاتَيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَ(27) ﴾

[ سورة الحديد ]

 هم كتبوها على أنفسهم من عند أنفسهم، ولم يكتبها الله عليهم، لأنهم كتبوها من عند أنفسهم ولم يعبؤوا بكلام الخبير (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) إذاً الشيء الذي أحله الله ينبغي أن تأخذه وأنت مطمئن، والذي حرمه الله عز وجل ينبغي أن تبتعد عنه وأنت مطمئن، أما أن تحلل أو تحرم، أما أن تتوهم أن الذي أحله الله لك لا ينفعك فتحرمه على نفسك هذا من الجهل الفاضح.

بالمناسبة: أنت حينما تحرم ما أحله الله لك ينبغي ألا تستعمل شيئاً من جهد إنسان أخذ ما أحله الله له، تمتنع عن أن تدرس من أجل أن يبقى لك صفاء، أما إذا أصابك مرض تذهب إلى الطبيب، تمتنع عن فعل شيء أحله الله لك، أما إذا ضاقت بك الدنيا تذهب إلى من بيده الدنيا، هذا موقف غير متوازن، موقف غير صحيح.

تحليل الحرام أو تحريم الحلال عدوان على حق الله في التحريم والتحليل :

 الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) كأن الله سبحانه وتعالى يذكرنا أن اليهود حرموا على أنفسهم ما أحل الله لهم، فيا أيها المؤمنون لا تكونوا مثل هؤلاء الذين حرموا ما أحل الله لهم (وَلَا تَعْتَدُوا) فكأن تحليل الحرام أو تحريم الحلال عدوان على حق الله في التحريم والتحليل (وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) فرحم الله امرأ عرف حده فوقف عنده ، ثم يقول الله عز وجل: 

﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ(88) ﴾

[ سورة المائدة ]

 إخوتنا الكرام؛ بكلمة (وَكُلُوا مِمَّا) تفيد من للتبعيض، أي كلوا بعض ما أحل الله لكم من الطيبات، والباقي أطعموه لمن لا يستطيع شراء هذا الطعام، كُلْ وأطعم، خذ حاجتك من هذه المادة، وما فضل منها أطعم به أخوك في الله، أي كل وأطعم، خذ وأعطِ ، لا تأخذ كل شيء ولا تأكل كل شيء، هذا معنى قوله تعالى (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ) .

الرزق ما انتفعت به والكسب ما لم تنتفع به :

 أول شيء الرزق أيها الإخوة ما تنتفع به، فالطعام الذي أكلته ظهراً هذا رزقك، والشراب الذي شربته هذا رزقك، والثوب الذي تلبسه هذا رزقك، والشهادة التي تحملها وقد وفقك الله إلى حملها هذا رزقك، والخبرة التي تملكها وتعيش بها هذا من رزقك، والمحبة التي أولاك الله إياها، ألقى محبتك في قلوب الخلق هذا أيضاً من رزق الله عز وجل، والمكانة العالية التي وهبك الله إياها هذا أيضاً من رزق الله عز وجل.

من أدق تعريفات الرزق: أن كل شيء تنتفع به، مادياً كان أو معنوياً، آتاك الله طلاقة لسان هذا من رزق الله عز وجل، آتاك الله حكمة هذا من رزق الله عز وجل، آتاك الله يقيناً، آتاك الله سكينة، آتاك الله راحة، آتاك الله طمأنينة، آتاك الله رضاً، هذا أيضاً رزق، فكل شيء آتاك الله إياه فمن الرزق، مادياً كان أو معنوياً، الآن: 

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزَقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ(82) ﴾

[ سورة الواقعة ]

 أي رزقك من الله أنك كذبت بهذا الدين، هذا رزق سلبي، إذاً الرزق ما انتفعت به، والكسب ما لم تنتفع به لكنك محاسب عليه، مثلاً معك مليون ليرة، أكلت طعاماً بمئة ليرة ثم غادرت الدنيا، رزقك هذه المئة ليرة التي أكلت بها، والباقي كسب تحاسب عليه، من أين اكتسبته وفيمَ أنفقته؟ بشكل أو بآخر ضربت هذا المثل مرات عديدة: تفاحة في بستان هي لك، هي رزقك، لك أن تأكلها ضيافة، ولك أن تأكلها هدية، ولك أن تأكلها شراء، ولك أن تتسولها، ولك أن تسرقها، ولك أن تغتصبها، وهي لك. فالرزق ما انتفعت به والكسب ما لم تنتفع به.

ما من مقياس لهذا الدين العظيم أروع من أنك لا تكون مستجاب الدعوة إلا إذا أكلت طيباً :

 لكن الآية الكريمة: (وَكُلُوا مِمَّا) بمعنى إما كلوا بعض الرزق أو استبْقُوا من الرزق لمتابعة كسب هذا الرزق، أي عندك قمح، كُل بعض القمح وأبقِ بعضه ليكون بذاراً لموسم قادم، أم عندك دقيق كُل كلّ الدقيق، الدَّقيق لا يتابع به الإنتاج بعد نفاذه. إذاً: (وَكُلُوا مِمَّا﴾ إما لاستبقاء النوع أو لإطعام الغير، هذه كلمة من: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً﴾ لكن الآية هنا تضيق إلى ما بعد مفهوم الطعام، كل طعاماً حلالاً، ومعنى حلالاً أي كسبته بطريق حلال، ومعنى كسبته بطريق حلال أي ما كذبت، وما دلست، ولا غششت، ولا احتكرت، ولا استغليت، ولا أوهمت، ولا قللت، ولا أخفيت، ولم تستخدم حقك بتعسف: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً﴾ طيباً تطيب به نفسك، أي أيها الأخوة، ما من مقياس لهذا الدين العظيم أروع من أنك لا تكون مستجاب الدعوة إلا إذا أكلت طيباً، أكلت طيباً ليس معنى هذا أنك أكلت طعاماً طيباً، لكن معنى هذا أنك أكلت طعاماً حلالاً بجهد حقيقي من دون كذب، ولا تدليس، ولا احتكار، ولا انحراف، ولا مساومة، ولا إيهام، ولا غش، كل مخالفات البيع والشراء أنت منزه عنها.

الحلال يجب أن يكون حلالاً نوعاً وكسباً :

 قال تعالى: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً﴾ حلالاً نوعاً وكسباً، أي لو أن إنساناً أكل شيئاً محرماً ما أكل حلالاً، لو أكل طعاماً حلالاً ولم يدفع ثمنه ما أكله حلالاً، فحلالاً نوعاً وحلالاً سلوكاً، هناك شيء محرم لذاته أن تأكل لحم خنزير، وشيء محرم لغيره أن تأكل لحم ضأن دون أن تدفع الثمن، هذا حرام وهذا حرام، الأول محرم لذاته، الثاني محرم لغيره، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً﴾ أي حلالاً في أصله، وحلالاً في طريقة كسبه، وطيباً تطيب به النفس لأنك بذلت جهداً، فلم تكذب، ولم تدلس، ولم تغش، ولم تفعل شيئاً حرمه الله عز وجل، وأنت فوق هذا مستجاب الدعوة، يقول العبد: 

(( أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟! ))

[ صحيح مسلم ]

 أما كلمة (من) كما قلت أي استبقِ جزء للزراعة أو استبقي جزء للفقير ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ أي أنت حينما تخضع لله عز وجل ليس في هذا الخضوع غضاضة، أنك تخضع لخالق السماوات والأرض، لكن قد تجد غضاضة حينما تخضع لمشابهك، أو لمثيلك، أو لندك، فأنت حينما تخضع لإنسان مثلك الذي يُخضَع له يشعر بالعزة والذي يَخضَع يشعر بالذل، لكنك إذا خضعت لرب العالمين هو شرف وسمو أن تخضع لله عز وجل وأهل التقوى وأهل المغفرة.


الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور