- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الفرار إلى الله :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول"، ولا أعتقد أن هناك موضوعاً ألصق بهذه السلسلة من الدروس من هذا الموضوع إنه: "الفرار إلى الله"، والأصل في هذا الموضوع قوله تعالى:
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
الحقيقة كيف يكون الفرار إلى الله وليس من الله؟ والفرق كبيرٌ بينهما، كل الناس في حالة فرار، أما السعداء منهم ففرارهم إلى الله عز وجل، إلى رحابه، إلى جنته، وأما الأشقياء ففرارهم منه لا إليه، ينشغلون عنه بملهياتٍ كثيرة تبعدهم عن ربهم جل جلاله، هؤلاء السعداء يفرون صعوداً إلى السماء، وهؤلاء الأشقياء يفرون سقوطاً إلى الأرض.
الله جل جلاله يطالبنا أن نفر إليه لا منه في قوله تعالى:
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
الفرار إلى الله هو العمل بطاعته، والبعد عن معصيته، الفرار إلى الله شوقٌ إلى الجنة، وطلبٌ حثيثٌ لها، وخوفٌ من النار، وفزعٌ كبيرٌ منها، الفرار إلى الله فرارٌ من الجهل إلى العلم، من الشرك إلى التوحيد، الفرار إلى الله فرارٌ من الغفلة إلى اليقظة، من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، الفرار إلى الله فرارٌ من الضيق إلى السعة، من الكدر إلى الصفاء، الفرار إلى الله فرارٌ من الكسل إلى الجد، ومن التخليط إلى الإخلاص، الفرار إلى الله فرارٌ من الخلق إلى الخالق، من الأرض إلى السماء، الفرار إلى الله فرارٌ من ضيق الصدر وانقباضه إلى طمأنينة القلب وانشراحه، من القلق إلى قرة العين، هذا هو الفرار إلى الله، الفرار إلى الله من سجن الدنيا ونكدها إلى نعيم الجنة وعبقها، الفرار إلى الله فرارٌ من ذلّ الشهوة ومرارتها إلى عز الطاعة وحلاوتها، الفرار إلى الله فرارٌ من حور الطين إلى حور العين، من النساء الكاسيات العاريات اللواتي يتلاعب بهن الشيطان إلى الحور العين اللواتي يباركهن الرحمن، الفرار إلى الله فرارٌ من الشقاء إلى السعادة.
الفرار إلى الله فرارٌ من الجهل بكل أنواعه إلى العلم بكل آفاقه :
أيها الأخوة، حينما لا نعلم نكون جهلاء، لكن عندما نعلم ثم لا نعمل يكون جهلنا مركباً، فرقٌ كبير بين الجاهل الذي لا يعلم وبين الذي يعلم ولا يعمل فهذا في جهالةٍ جهلاء، وضلالةٍ عمياء، الجهل مصيبة وعدم العمل بما نعلم كارثة.
أيها الأخوة، من منا يحب أن يوصف بالجهل؟ طبعاً لا أحد، لكن الذي يعلم ولا يعمل هو أجهل الجهلاء.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
الفرار إلى الله فرارٌ من الجهل بكل أنواعه إلى العلم بكل آفاقه، أي علمٍ هذا؟ العلم الذي يستنير به قلبك حتى يتوهج، دع عنك سوف، هلك المسوفون، دع عنك لعل، دع عنك ربما، دع عنك أخوات هذه الكلمات، اذبح عجل التسويف وطول الأمل بسيف العزم، والتشمير، والمبادرة، وارحل طلباً لما عند الله، تعال فما عند الله خيرٌ وأبقى وأحلى وأرقى، اعلم أنك ابن يومك، ولك الساعة التي أنت فيها، ما مضى فات، والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها، ما مضى لا جدوى من الحديث عنه، مضى ولن يعود، والمستقبل لا تملكه، من منا يملك أن يضمن بقاءه لساعةٍ قادمة؟ ما مضى فات، والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها، أنت بين يومٍ مفقود هو الماضي، ويومٍ مشهود هو الحاضر، ويومٍ مورود هو الموت، ويومٍ موعود هو يوم القيامة، ويومٍ ممدود إما في جنةٍ يدوم نعيمها أو في نارٍ لا ينفد عذابها، أخطر هذه الأيام اليوم المشهود، لك الساعة التي أنت فيها، لا تقل سوف أفعل هذا غداً، هلك المسوفون، الليل وانهار يعملان فيك، لو أن كل واحدٍ منا نظر إلى صورةٍ قبل عشرين عاماً لوجد فرقاً واضحاً جداً، هذا من فعل الليل والنهار، هذا أثر مضي الزمن، هذا أثر العمر، فالزمن هو البعد الرابع للأشياء، لكل شيءٍ طولٌ وعرضٌ وارتفاع، والبعد الرابع هو الزمن، الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
على الإنسان أن يفر إلى الله كما طالبه الله عز وجل بهذا :
قرر، اتخذ هذا القرار الخطير أن تفر إلى الله كما يطالبك الله بهذا القرار
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
عاجلاً لا آجلاً، أمرٌ صريح فلماذا يراوغ الإنسان؟ اعرف الطريق وقد بانت لك آماده، وشمر للسير وقد لاحت لك معالمه، وقرر السفر ما دامت أنفاسك تتردد في صدرك، فلعلك تجد نفسك غداً محمولاً على الأعناق لتوضع في حفرةٍ ضيقةٍ، تنقلب على صاحبها إن كان غافلاً نيراناً محرقة، القبر روضةٌ من رياض الجنة أو حفرةٌ من حفر النيران، لئلا يقول الإنسان:
﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾
يا خيبة العمر الذي يقضيه الإنسان في جهلٍ، وحمقٍ، وتنعمٍ، وغفلةٍ عن الله عز وجل.
الفرار إلى الله يقذف الإنسان إلى السماء ليحيا في جنات القرب :
أيها الأخوة الكرام، ما من موضوعٍ فيما أرى أكثر اتصالاً بهذه السلسلة من الدروس سبل الوصول وعلامات القبول كهذا الموضوع
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
ينبغي أن تفر من جهةٍ إلى جهة، من الجهل إلى العلم، من الشقاء إلى السعادة، من المعصية إلى الطاعة، لتكن هذه الآية شعارنا
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
دع هذه الآية تحتل أكبر مساحة من قلبك ومن عقلك ثم انظر ماذا تصنع فيك ولك.
الفرار إلى الله حقاً يقذفك مباشرة إلى السماء لتحيا في جنات القرب الحافلة بكل بهجةٍ ونعيم، وأنا في كل درسٍ أدعو وأقول: اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات، أي ينبغي أن نفر من الوهم والجهل إلى المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من صحّ فراره إلى الله ذاق ألواناً من أسرار العبادات لا تعد و لا تحصى :
كلما صحّ لك هذا الفرار تذوقت ألواناً من أسرار العبادات، تجعل قلبك يهتز وروحك تنتشي، وعقلك يهدأ، وعينك تقر، ونفسك تطمئن، والله الذي لا إله إلا هو بقلب المؤمن من السعادة ما لو وزع على أهل بلدٍ لكفاهم، بقلب المؤمن من الأمن ما لو وزع على أهل بلدٍ لكفاهم، الإيمان مرتبة عالية جداً، مرتبة علمية، مرتبة أخلاقية، مرتبة جمالية، أنت حينما تفر إلى الله تجد نفسك في يسرٍ، وراحةٍ، وطمأنينةٍ، وسعادةٍ، وقربٍ، وأملٍ، وتفاؤلٍ، وإشراقٍ، تستعلي به على كل زخارف الدنيا.
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
تسمو فوق كل فخاخ الشيطان التي يحرص على أن يسوقها بين يديك وعلى عينيك ليفتنك بها، حقيقة الفرار إلى الله أن تشحن قلبك بالنور، أن يمتلئ القلب بالنور حتى يصبح كالكوكب الدري يوقد من شجرةٍ مباركة.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
قلب المؤمن الصادق مستنير يرى الحق حقاً والباطل باطلاً، يمتلئ القلب نوراً من أنوار الوحي حتى يتوهج، أولياء أمتي:
(( خيار أمتي الذين إذا رُؤوا ذُكر الله ))
الفرار إلى الله فرارٌ من حظ النفس والهوى إلى مراد الله ورضوانه :
الفرار إلى الله فرار من حظوظ النفس الظاهرة والخفية التي تقطعك عن الله جل جلاله وتصرفك عن بابه، فرارٌ من حظوظ النفس الظاهرة والخفية، الفرار إلى الله فرارٌ من صحبة سوء تحول بينك وبين مولاك.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
كن مع الصادقين، صاحبهم، اجلس معهم.
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
ابتعد عن أصحاب السوء، عن أهل الدنيا، يا عائشة:
(( إن كنتِ تريدين الإِسراعَ واللُّحوقَ بي فَلْيَكْفِكِ من الدنيا كزاد الرَّاكب، وإِيَّاك ومُجالسةَ الأغنياء، ولا تَسْتَخْلِقي ثَوبا حتى تُرَقِّعيهِ ))
من دخل على الأغنياء خرج من عندهم وهو على الله ساخط، أغنياء أهل الدنيا لا أغنياء أهل الإيمان، والله الغني المؤمن تشتهي أن تكون غنياً مثله من تواضعه، ومن سخائه، الفرار إلى الله فرارٌ من حظ النفس والهوى إلى مراد الله ورضوانه، وتحصيل رضاء الله غاية المنى، إذا رضيت فكل شيءٍ هينٌ، وإذا حصلت فكل شيءٌ حاصلُ .
فليتك تحلو والحياة مــريرةٌ وليتك ترضى والأنام غضــابُ
وليت الذي بيني وبينك عـامرٌ وبيني وبين الـــعالمين خرابُ
إذا صح منك الوصل فالكل هينٌ وكل الذي فوق الــترابِ ترابُ
* * *
فـلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـما وليت عنا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العُجب وجئتنـا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرةً عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
* * *
ولو نسمت من قربنا لك نسمةٌ لمت غريباً واشتياقاً لـــقربنا
ولو لاح من أنوارنا لك لائحٌ تركت جميع الكائنات لأجلنـــا
فما حبنا سهلٌ وكل من ادعى سهولته قلنا له قد جهلتنـــا
* * *
ثمرات الفرار إلى الله :
1 ـ راحة القلب :
أيها الأخوة، ثمرات الفرار إلى الله كثيرةٌ جداً منها: راحة القلب.
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
2 ـ قرة العين :
منها قرة العين.
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾
3 ـ سكينة النفس :
منها سكينة النفس، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، هي جنةٌ معجلة، في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، قال تعالى:
﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾
ذاقوا طعمها في الدنيا، ماذا يفعل أعدائي بي؟ كما قال بعض العلماء: إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي؟
الفرار إلى الله جنةٌ معجلة، نعيمٌ يتجدد رغم المشقات التي يعانيها المؤمن، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾
القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله :
ولكن الله عز وجل كثيراً ما يقول:
﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
لكن سوف يعلمون، هذا كله.
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
قالوا: القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يُحكّم غير شرع الله، ولا يعبد إلا الله، المشكلة أن معظم الناس يفرون من الله إلى الدنيا، من درس علمٍ إلى مجلس غناء، من مجلس حقٍ إلى مجلس غيبة، هل لنا ربٌ سوى الله؟ هل رأينا نور الدنيا إلا بتقديره وكرمه؟ منحنا نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد.
﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾
الفرار إلى الله يكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه :
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾
فروا من صوت الشيطان إلى صوت الرحمن.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
أيها الأخوة، الفرار إلى الله يكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه، والوقوف عند الحلال والحرام، والاهتداء بتعاليم المصطفى المختار، لقد قال الله عز وجل:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
من الأمور التي تعين على الفرار إلى الله :
1 ـ محبة الله :
الآن كخطوات عملية من الأمور التي تعين على الفرار إلى الله من هذه الأمور: أن تحب الله.
(( أحِبُّوا الله لما يَغْذوكم من نعمه ))
محبة الله قارب النجاة من الفتن، عاصم المرء من الخطايا، حب الله ينجي المسلم من الغرق في بحر الدنيا، ينجي المسلم من اللهاث وراء مُتعها وشهواتها، فالذي تعلق قلبه بالله لا يطغى عليه حبٌ آخر، والله تعالى يقول:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾
والله عز وجل يؤكد هذا الحب، حب المؤمن لله.
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾
حب الله عز وجل والتعلق به يصنع المعجزات، إذ يهتدي المسلم بهدى الله، ويسترشد بهدي رسول الله.
2 ـ محبة رسول الله :
من الوسائل المعينة على الفرار إلى الله: أن تحب رسول الله، يقول الله عز وجل:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( لا يُؤمن أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه مِنْ والده وولدِهِ والنَّاس أجمعين ))
3 ـ الورع :
من وسائل الفرار إلى الله: الورع، ورد: ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلط، والمخلط الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
(( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ))
فالمسلم يتقرب إلى الله ولابد لهذا التقرب من الورع، يدقق في الحلال فيأتيه، يدقق في الحرام فيجتنبه، فقد كان الصحابة الكرام يتحرون في هذا الشأن.
4 ـ تجديد التوبة :
من وسائل الفرار من الله: تجديد التوبة، المؤمن كثير التوبة.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾
ويقول عليه الصلاة و السلام:
(( والله إِني لأستغفرُ الله وأَتوبُ إليه في اليومِ سَبعينَ مَرة ))
5 ـ الاستعداد للآخرة وتذكر الموت :
من وسائل الفرار إلى الله الاستعداد للآخرة وتذكر الموت.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
6 ـ التقرب إلى الله بالنوافل :
من وسائل الفرار إلى الله التقرب إلى الله بالنوافل، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:
(( من عادى لي وَلِيّا، فقد آذَنتُه بحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مِنْ أداءِ ما افترضتُ عليه ))
الآن دققوا:
(( ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كُنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألَني أعْطَيتُه، وإن استَعَاذَ بي أعَذْتُه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَساءَتَه))
7 ـ الرفقة الصالحة :
ومن وسائل الفرار إلى الله الرفقة الصالحة.
(( المرءُ على دِين خليله ، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ ))
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
أيها الأخوة الكرام، مرةً ثالثة ما من موضوعٍ ألصق بهذه السلسلة من الدروس من هذا الموضوع؛ الفرار إلى الله.