وضع داكن
08-11-2024
Logo
الدرس : 14 - سورة المائدة - تفسير الآية 18 ، أمراض بني إسرائيل وقع فيها المسلمون اليوم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الله عز وجل أكثر من الحديث عن بني إسرائيل في القرآن لأنهم أهل كتاب مثلنا :

 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع عشر من دروس سورة المائدة، ومع الآية الثامنة عشرة، وهي قوله تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

 أيها الأخوة، قد يسأل سائل: لماذا يكثر الله جل جلاله من الحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم؟ والجواب واضح جداً: لأنهم أهل كتاب، ونحن أهل كتاب، نحن أهل القرآن، وأمراض أهل الكتاب معرضون لها نحن تماماً، وحينما يحدثنا ربنا عن أمراض أهل الكتاب من قبل فهذا أسلوب تربوي رائع اسمه التوجيه غير المباشر، فالأمراض الذي وقعت بها بنو إسرائيل المؤسف أننا وقعنا فيها، مثلاً: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، ونحن نجامل، ولا نأمر بالمعروف، ولا ننهى عن المنكر، وفي اللحظة التي نكف فيها عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقدنا خيريتنا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران: 110 ]

 علة هذه الخيرية:

﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران: 110 ]

بعض من أمراض بني إسرائيل وقعنا فيها :

 إذا فقدت علة خيريتنا فقدنا خيريتنا، وأصبحنا أمة من الأمم، ليس لنا عند الله شيء، إذاً هذا مرض من أمراض بني إسرائيل، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، نحن فعلنا مثلهم، بل قال عليه الصلاة والسلام:

(( كيف بكم إذا فسق فتيانكم وطغى نساؤكم، قالوا يا رسول وإن ذلك لكائن؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وأشد منه سيكون، قالوا وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر، ونهيُتم عن المعروف؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: نعم، وأَشدُّ منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً ))

[ تاج الأصول في جامع أحاديث الرسول عن علي بن أبي طالب ]

 ونعيش نحن في هذا العصر شيئاً من هذه المصيبة، أن المعروف أصبح منكراً، وأن المنكر أصبح معروفاً، إذاً هذا مرض انتقل إلينا، والحديث عن أمراض أهل الكتاب يعنينا بكل ما فيه. مرض آخر، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:

((أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ))

[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]

 هذا يعبر عنه اليوم بازدواج المعايير، وازدواج المكاييل، فالحد لا يطبق على كل الناس، يطبق على بعضهم، وهذا من أسباب هلاك الأمم، ومن أسباب هلاك الأمم بئر معطلة وقصر مشيد، أي المرافق الأساسية معطلة، وأهل الغنى يتمتعون بحياة تفوق حد الخيال، بيوت فخمة جداً، إنفاق بغير حساب، والمرافق الأساسية للناس، وهو البئر عنده معطلة، وبئر معطلة وقصر مشيد، هذا مرض آخر من أمراض الأمم السابقة التي استحقوا عليها الهلاك موجود عندنا، أي مليون لا يملكون واحداً وواحد يملك مليوناً، هذا المال ليس وفق تصميم الله عز وجل، حينما خلق الله المال خلقه ليكون متداولاً بين كل الناس، فإذا تجمع بين أيدي قليلة، وحرمت منه الكثرة الكثيرة استحق هذا المجتمع الهلاك لأنه مجتمع لا يرحم القوي، هو الغني فقط، والقوي لا يرحم، والغني لا يرحم.

 

أمراض كثيرة ألمت ببني إسرائيل ونحن مرشحون أن نصاب بها :

 أمراض كثيرة ألمت ببني إسرائيل، ونحن مرشحون أن نصاب بها، لذلك هذا مرض من هذه الأمراض ادعاء أننا أمة محمد، ادعاء أننا أمة القرآن الكريم، يا أمة القرآن لسنا مطبقين شيئاً منها، ادعاء أننا أمة خاتم الأنبياء والمرسلين، نحن أمة مختارة، تحدث ما شئت، الله عز وجل لم يقبل منا ذلك، بدليل أنه يعذبنا في شتى بقاع الأرض، هذه آية، أخوتنا والله الذي لا إله إلا هو، أكاد لا أجد آية متعلقة بأهل الكتاب تنطبق على المسلمين كهذه الآية، ادعاء:

وكل يدعي وصلاً بليلى  وليلى لا تقر لهم بذاك
* * *

 كل فئة تدعي أن الله لها وحدها، وأن الجنة لها وحدها، كل فئة، كل فقاعة من فقاعات العالم الإسلامي تدعي أن الله لها، وأنها الفرقة الناجية، وأنها وحدها على حق وما سواها على الباطل وإلى النار، هل بعد هذا التمزق من تمزق؟ هل بعد هذه الشرذمة من شرذمة؟ أمراض أهل الكتاب وقعنا فيها، قال تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ ﴾

 هذا ادعاء:

﴿ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾

الخلق كلهم عند الله سواسية ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له :

 لو أن الله جل جلاله قبل دعواهم لما عذبهم:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ﴾

 هذا الدليل أنه ما قَبِل هذه الدعوة بل ردها، والدليل الموقف العملي، إذا كنت تدعي أن لك علاقةً بفلان حميمة، وأن إشارتك إليه أمر، وأنك إذا دخلت عليه قامت الدنيا ولم تقعد ترحيباً بك، فذهبت مع صديقك إلى مكتبه، فلم يقل لك: اجلس، ولم يلتفت إليك، ولم ينادك باسمك، من أنت؟ ماذا تريد؟ كل الذي قاله من علاقة متينة، وعلاقة وشيجة مع هذا الإنسان باطلة، بدليل أن فعل هذا الإنسان لا ينطبق على دعوى الأول، دعوى باطلة، أنا أسوق لكم قصةً أيها الأخوة. في الحقيقة قصة ذات تعبير كبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلامه حق، ولا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، كان إذا دخل عليه سعد بن أبي وقاص يقول: هذا خالي، مداعباً له، والعظماء إذا داعبوا إنساناً فلمقامه الكبير، هذا خالي، فأروني خالاً مثل خالي، لم يَرِد أن النبي صلى الله عليه وسلم فدا صحابياً بأمه وأبيه إلا سعداً، قال له:

(( ارْمِ فداك أبي وأمِّي ))

[ متفق عليه عن علي بن أبي طالب ]

 ومع كل ذلك قال له عمر بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى قال: يا سعد لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له. هذه حقيقة أيها الأخوة تحل مليون مشكلة، قال تعالى:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

[ سورة الحجرات: 13]

تمايز العباد باستقامتهم وإيمانهم :

 سلمان فارسي ليس عربياً أصيلاً، ليس من أرومة قريش، ليس له نسل عظيم، قال عليه الصلاة والسلام:

((سلمان منا آل البيت))

[لحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده ]

 وقال تعالى عن عم النبي صلى الله عليه وسلم:

﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾

[ سورة المسد: 1-2 ]

 أين النسب؟ عم النبي تبت يدا أبي لهب وتب، وسلمان منا آل البيت، هذا هو الدين، الناس سواسية كأسنان المشط، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، يجب أن تنطلق من أن أي إنسان خلقه الله عز وجل له عند الله مكانة لا تقل عن مكانتك، وإذا تمايز العباد فبعلمهم وباستقامتهم، العباد يتمايزون باستقامتهم وبإيمانهم، لأن قيمة الإيمان والعلم معتمدة في القرآن الكريم، ولأن قيمة العمل معتمدة في القرآن الكريم، أما قيم لا تعد ولا تحصى معتمدة عند أهل الأرض لا قيمة لها عند الله، يقول لك: أنا أبيض، خير إن شاء الله، فلان ملون، قد يكون قلامة ظفر الملون تعدل عند الله مليون أبيض، هذه قيمة جاهلية تحت أقدامنا، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكروا سيدنا الصديق قالوا: هو سيدنا وأعتق سيدنا، أي بلالاً، فقيمة اللون تحت أقدامنا. قيمة المال الله عز وجل أعطى المال لمن لا يحب، أعطاه لقارون، وكان عليه الصلاة والسلام فقيراً، جاءه جبريل قال له: يا محمد، أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً؟ قال: بل نبياً عبداً، أجوع يوماً فأذكره، وأشبع يوماً فأشكره، أي بالمئة فقير قد ينجو ثمانون، لكن بالمئة غني قد لا ينجو عشرة.
 الضعف المادي، وضعف القوة أقرب إلى العبودية من قوة المال وقوة السلطان، فلذلك الله أعطى المال لمن لا يحب، وأعطى القوة لمن لا يحب، هل يحب فرعوناً؟ جعله ملكاً، ليس معنى ذلك أن كل ملك كفرعون، لا سيدنا سليمان آتاه الله الملك، قيمة حيادية، لا تقدم ولا تؤخر، قال تعالى:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

[ سورة الحجرات: 13]

 أما هؤلاء الذين يحبهم الله عز وجل ماذا أعطاهم؟ قال تعالى:

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113 ]

القيم القرآنية المعتمدة قيمة العلم والعمل :

 أيها الأخوة الكرام، مقاييس الأرض المال، أندم الناس غني دخل ورثته بماله الجنة، ودخل هو بماله النار، دخل ورثته بماله الجنة، لأن ورثته ورثوا مالاً حلالاً، أنفقوه في طاعة الله، فدخلوا به الجنة، أما هو فكسب مالاً حراماً، فدخل به النار، لذلك ما من ميت إلا وروح الميت ترفرف فوق النعش، تقول: يا أهلي يا ولدي لا تلعب بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حل وحرم، فأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي. قيمة المال لا قيمة لها:

((رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.))

[الطبراني في المعجم الأوسط من حديث أنس بن مالك]

 الإنسان الذي في الدرجة الدنيا اجتماعياً قد لا يستقبل، قل له: ليس هنا، قد لا يستقبل، مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره، لذلك قال تعالى:

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴾

[ سورة الواقعة: 1-3 ]

 قد تجد المسكين والفقير في أعلى مقام، وقد تجد الغني المترف يوم القيامة في أدنى مقام، إذاً حينما نعتمد قيماً أرضية لا نفلح، قيم أهل الأرض المال، ومع المال القوة، ومع القوة الوسامة، ومع الوسامة الذكاء، ومع الذكاء الحسب والنسب، هذه قيم أهل الأرض لم تعتمد في القرآن الكريم إطلاقاً، إنما الذي اعتمد قيمة العلم، قال تعالى:

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 9 ]

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾

[ سورة المجادلة: 11 ]

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113 ]

 والقيمة القرآنية المعتمدة قيمة العمل، قال تعالى:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[سورة فاطر: 10]

 قيمة العلم والعمل.

 

الذي يؤسف له أن واقعنا ليس في مستوى ماضينا :

 لذلك حينما نعتمد قيم أهل الدنيا لا نفلح، أما إذا اعتمدنا قيم القرآن الكريم نفلح، اسمعوا وأطيعوا ولو تولى عليكم عبد رأسه كالزبيبة، نظام الإسلام عجيب جداً، جيش من كبار الصحابة، وفيهم أبو بكر وعثمان وعلي، قائد الجيش شاب في السابعة عشرة من عمره، أسامة بن زيد، يركب أسامة الناقة، ويمشي أبو بكر خليفة المسلمين، هو أديب جداً، قال: والله يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن، قال: والله لا نزلت ولا ركبت، وما علي أن تغبر قدمي ساعة في سبيل الله، عين قائد جيش، الآن اضطر أبو بكر رضي الله عنه أن يبقي عمر، هذا عمر جندي تحت إمرة أسامة، إذاً لا بد من خليفة المسلمين من أن يستأذن أسامة في عمر، فقال له: أتأذن لي بعمر يا أسامة. هذا هو الإسلام، نظام ما بعده نظام، إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم غلام صغير، جاءت ضيافة، فبحسب ما ألف الصحابة من رسول الله يبدؤون برسول الله، ويثنون بالذي عن يمينه، وعن يسار النبي صلى الله عليه وسلم أشياخ كبار، قال له: يا غلام، أتأذن لي أن أعطي الأشياخ؟ قال: لا والله لا آذن لك، هذا النظام.
 هذه الأمة التي هي الآن تعشش فيها الفوضى، أنا أقول: لعلهم فحصوا دم العربي فوجدوا فيه كرية حمراء وكرية بيضاء وكرية فوضى، لكن أجدادنا السلف الصالح كانوا على مستوى من النظام يفوق حد الخيال، ما فتحوا الأرض بالفوضى، الآن لو ذهبت إلى الحج أو إلى العمرة أنت مع من إنسان سيؤدي أعلى فريضة في الإسلام، يركبون في طائرة، والطائرة لا يمكن أن تقلع من دون واحد من هؤلاء، وهذا الواحد له محل مرقم، لا يمكن أن يجلس بمحل آخر، انظر إليهم على سلم الطائرة كيف يتزاحمون، أين عقلهم؟ لا يمكن أن تقلع الطائرة من دون واحد من هؤلاء، ولا يمكن أن تجلس في مكان غير مكانك، ومع ذلك ترى التدافع والشد، عجيب الأمر، أين العقل؟ فنحن أمة النظام، نحن أمة الحضارة، ولكن الذي يؤسف له أن واقعنا ليس في مستوى ماضينا.

حينما نعتمد قيمة العلم والعمل نرتقي إلى الله :

 إذاً حينما نعتمد قيمة العلم والعمل نرتقي إلى الله، أما إذا اعتمدنا قيماً أخرى كقيمة القوة و المال لا نرتقي إلى الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

 أي تمسكن له، أي شكا له همه لاستعطاف قلبه ذهب ثلثا دينه، والله لو افتتحنا جمعية لتعطي الناس حاجاتهم، والله أول من يأتيك الأغنياء ليأخذوا منك، بينما الصحابة الكرام حينما هاجر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ما من أنصاري إلا وعرض على أخيه المهاجر نصف ماله، ونصف بستانه، وإحدى حانوتيه، وما سجل التاريخ أن مهاجراً أخذ من أنصاري شيئاً، بل كان قولهم: بارك الله لك في مالك، ولكن دلني على السوق.
 الآن إن أعطيت إنساناً عطاء تلبية لحاجته لا يعمل، الأخذ أريح من العمل، كأنك تعلمه الكسل، والله يوجد أمراض في العالم الإسلامي شهد الله كأنها أمراض وبيلة، أمراض عضالة، الرغبة بالكسل، استلقاء، تأمل، متابعة أخبار، تقييم الناس، لا يقدم شيئاً، بالمناسبة أنا من عادتي أنني ـ وهذا حال أي مؤمن، وأرجو أن أكون كذلك ـ أُعَظِّم النبي إلى درجة غير معقولة، لأنه سيد الخلق وحبيب الحق، ولأنه لا يخطئ معصوم، وإنني أحتقر واحداً لا يخطئ، من هو الذي لا يخطئ ويحتقر؟ هو الذي لا يعمل، لم يعمل شيئاً حتى لا يغلط، لا يعمل إذاً لا يخطئ، هذا أحتقره، أما أي إنسان قدم شيئاً، ويوجد مع الشيء خطأ، فالخطأ يُغفَر ونكبر هذا الشيء، فمن لا يعمل لا يخطئ، فأنا أتمنى أن نعود إلى سيرة أصحاب النبي عليهم رضوان الله، ونعود إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كيف عامل أصحابه؟ وكيف أحبه أصحابه؟ وكيف كانوا علماء حكماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء؟ و كيف كانوا رهباناً في الليل، فرساناً في النهار؟ وكيف أعطوا كل شيء؟ وكيف ضحوا بالغالي والرخيص، والنفس والنفيس؟

 

الآية التالية متعلقة بأهل الكتاب ولكنها تنطبق علينا أشد الانطباق :

 أيها الأخوة: هذه آية متعلقة بأهل الكتاب، ولكنها والله الذي لا إله إلا هو تنطبق علينا أشد الانطباق:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾

 هذه دعوى ولك أن تقول ما شئت، الآن قل: أنا أعظم مؤمن بالأرض، كلام فارغ، كلام تلقيه على عواهنه، الآن قل: معي مليار دولار، خير إن شاء الله، مضطر لرغيف خبز، الذي يملك ملياراً لا يطلب نقوداً من أجل رغيف خبز، دائماً السلوك لا يؤكد الدعوى السلوك ضعيف جداً، لذلك ربنا عز وجل متكفل بأن يضع الإنسان في حجمه الصحيح، كيف؟ بعمله، يضع الإنسان في ظرف هذا الظرف دقيق جداً يمتحن دعواه، فإما أن يصمد، وأن يأتي عمله موافقاً لدعواه، وإما أن يسقط فيكون الله قد امتحنه، ويكون قد فرزه، لذلك الآية الكريمة:

﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت: 2 ]

 القضية سهلة، تقول: أنا معي دكتوراه، من أين أخذت هذه الشهادة؟ بمعلوماته ولغته هذا لا يؤكد ذلك. والله مرة قصة طريفة جرت معي، دعيت إلى عزاء، يوجد إنسان بهذا العزاء توهمته أحد علماء الحديث في هذه البلدة، ظننته كذلك، لأن له شكلاً يشبه ذاك مئة في المئة، ألقى كلمة، صدقه أنه رفع المفعول به، فحينما رفع المفعول به أيقنت مئة بالمئة أنه ليس هذا العالم، من كلمة، من ضمة، لأن ذاك العالم مستحيل على سليقته وعلى علمه أن يرفع المفعول به، فلما رفع المفعول به أيقنت أنه ليس هذا الذي توهمته، من كلمة واحدة.

 

الله عز وجل ابتلاءاته عجيبة كل إنسان يضعه في ظرف يكشف على حقيقته :

 أنت تكلم ما شئت، ادّع أنك مؤمن كبير، ادّع، لكنّ تصرفاً واحداً يسقطك:

﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾

[ سورة العنكبوت: 2-3 ]

 الله عز وجل ابتلاءاته عجيبة، كل إنسان يضعه في ظرف يكشف على حقيقته، أي إنسان يقول لأمه ليل نهار: يا أمي حينما أتزوج سأكون أنا وزوجتي في خدمتك، قال هذا الكلام ثلاثين عاماً، ثم تزوج، الله عز وجل يخلق ظرفاً ينشأ شجاراً بين أمه وزوجته، فيأتي، ويسمع من زوجته فقط، ويغضب، ويتوعد، وينظر إلى أمه نظرة قاسية، ويقول: كل البلاء منك، إذاً كل كلامه السابق تحت قدمك، كلام بكلام، أنا أرى الأخ الذي يحلق يستخدم المقص، يمكن عشرين قصة في الهواء، وواحدة على الشعر، وهذا كلام أهل الناس كلام بكلام، أنا مؤمن، وأنا كذا، تأتي عند التطبيق العملي بعيداً عن هذا الذي قاله بُعد الأرض عن السماء، لذلك كلما رأيت من سقوط الناس، ومن تقصير الناس، ومن أن البنية التحتية لا ترضي الله عز وجل، تعلم لماذا تخلى الله عنا؟ والله الذي لا إله إلا هو، وإن شاء الله لا أحنث بهذا القسم أنه لو وجد في العالم الإسلامي اثنا عشر ألف مؤمن كما يريد الله عز وجل لن نهزم في الأرض، ليقل لي أحدكم: من أين جئت بهذا الكلام؟ أقول: جئته من حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفاً مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 مليار ومئتا مليون غثاء كغثاء السيل، واحد كألف من الصحابة، وألف كأف من الناس في آخر الزمان.
 مرة ذهبت إلى العمرة، أكرمني الله بها، لكني اخترت طريقاً قديماً الذي يمر على موقعة بدر، والله وقفت ساعة، وتأثرت تأثراً شديداً، وجدت الناس يجلسون، يمدون ليجلسوا، يأكلون أطيب الطعام، يرتدون أفخر الثياب، فقلت كلمة: والله هذا الطقم الذي أمامي غير الطقم الذي عاش مع النبي، أين الثرى من الثريا؟

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾

[ سورة الفتح: 29]

الإيمان أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء :

 والله بعضنا يقسو على بعض، الآن أنت أمام القوي كالهر، أما أمام أخيك المؤمن تريد أن تذبحه من الوريد إلى الوريد، جرب، يكون لك علاقة مع إنسان مسلم لا يرحمك أبداً، أما أمام القوي فيخضع. ما صفة المؤمنين؟

﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾

[ سورة الفتح: 29]

﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾

[ سورة المائدة: 54]

 الآن بالعكس، أمام الكافر كالهر، أما أمام مؤمن يقوى ويزبد ويرعد ويربي. أيها الأخوة:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾

 أكبر دليل على أن الله لم يقبل دعواهم أنه يعذبهم:

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ﴾

 نعاني ما نعاني من كل لون، من كل ألوان المصائب، الدليل أن الله لم يقبل دعوانا أننا من أمة محمد، أمة خاتم الأنبياء، يا أمة القرآن، أنا أقول لكم كلمة مؤلمة: الحقيقة، وأنا أعتمد الحقيقة المرة لأنني أعتقد أنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح، في حرب العراق هل هناك مسجد في العالم الإسلامي لم يقنت في الصلوات، ويدعو على أعداء الله ليدمرهم، وأن يجعل بأسهم بينهم، وأن يزلزل الأرض تحت أقدامهم، لم يكن كذلك لأن النصر له شروط لم تكن متوافرة عندنا، فالكلام لا يقدم ولا يؤخر، كطالب ما درس أبداً، ودخل إلى الامتحان، يا رب ما لي غيرك، يا رب أنت الموفق، يا رب ألهمني الصواب، ما قرأ ولا كلمة، هذا كلام بكلام، لم تأخذ بالأسباب، الإيمان أن تأخذ بالأسباب، وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء.

 

الله رحيم لم يطالبنا أن نأخذ بالأسباب المكافئة للطرف الآخر بل بالأسباب المتاحة :

 إن لم تأخذ بالأسباب لا تطمع، لكن الله رحيم، لم يطالبنا أن نأخذ بالأسباب المكافئة للطرف الآخر، بل بالأسباب المتاحة، قال تعالى:

﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾

[ سورة الأنفال: 60 ]

 والله أيها الأخوة، أنا أتكلم من ألم، كنت في إحدى الحجات، أقمت خمسة عشر يوماً زيادة عن الوقت المطلوب، وأردت أن أُقَبل الحجر الأسود مرةً في حياتي، فذهبت إلى الحرم المكي في يوم قائظ، ستة وخمسين درجة الحرارة، وقبيل العصر، وهذا أفضل وقت لقلة الزحام، وجدت خمسين شخصاً ليس غير، ولو اصطفوا في نسق لقبلوا جميعاً الحجر الأسود، رأيت زحاماً وتدافعاً، رأيت شدّاً، حتى إن امرأةً خرجت من دون حجاب من بين الرجال، قلت: هؤلاء يخيفون العالم، خمسون إنساناً لا يستطيع أحد أن يقف في نسق، هؤلاء يخيفون العالم؟ الأمر مؤلم جداً.
 أيها الأخوة: أنا لا أتكلم عن الناحية السوداء في حياتنا، لكن هذه الناحية السوداء موجودة، وهي سبب تخلي الله عنا، ليس هناك نظام.
 والله أيها الأخوة: لما عدنا من الحج تأخرنا أكثر من خمس ساعات، أو سبع ساعات، قدموا شطيرة وعلبة عصير، الذي لم يصب شطيرة أو عصيراً سبّ الدين، وقد أنهى حج بيت الله الحرام، هؤلاء الحجاج نماذج، تخرج من جلدك، هؤلاء المسلمون، هؤلاء الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم: علماء حكماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء، طبعاً أنا لا أعمم، حاش لله، والله هنالك حجاج أولياء، لكن كمجموع فينا تقصير كثير جداً، أين هذه الأمة التي أطاعت الله عز وجل؟ أمراض بني إسرائيل عندنا.

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ﴾

هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله :

 أنتم الآن مادمتم لم تستقيموا على أمر الله:

﴿ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

 أحياناً الإنسان يكون رقماً فقط، ما له قيمة إطلاقاً، رقم لا شأن لك عند الله، ما قدمت شيئاً حتى ترتقي إلى الله:

﴿ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

 مرة كنت في الخليج قبيل العدوان، وكان هناك دعوة إلى مقاطعة البضائع الأجنبية، والدول المساندة إلى اليهود، والله إنسان قال لي: أَمّن لي البديل قبل أن تطالبني أن أقاطع البضائع الأجنبية، قلت له: مثل ماذا؟ قال: ليس مستعداً أن يتخلى عن البيبسي من أجل قضية أمته، لما صار اختيار إحدى المغنيتين كم من اتصال صدر من العالم الإسلامي، تسعة وسبعون مليون اتصال، لأن هذه قضية مصيرية، هذه قضية أمة، أي المغنيتين سوف تفوز هذه أمة الإسلام أمة الغناء والطرب، أليس كذلك؟!!

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

 مع هذا الكم الهائل، مع هذا الكم الهائل مع هذه الأمم المعذبة، وأنا أقول: هان أمر الله على المسلمون فهانوا على الله، والله المسلم ما له قيمة، أما إذا وقعت طائرة، وفيها ركاب من الطرف الآخر دية كل راكب خمسمئة مليون، عشرة ملايين دولار سوف ندفعها مرغمين، مئتين وسبعين ملياراً، ملياران وسبعمئة مليون دية مئتين وسبعين راكباً، أما هذه الألوف المؤلفة التي قتلت في حرب الخليج، وبعضهم قتل خطأً خطأً، مات مئة وخمسة وعشرين، هذه لا قيمة لها، صفر، هان أمر الله على المسلمين، فهانوا على الله.

 

من شاء أن يغفر له من دون مصيبة فليتب ومن لم يشأ فلينتظر من الله المصيبة :

 إذا ما فكر الإنسان يبدأ بنفسه، يبدأ ببيته، يبدأ بعمله، يبدأ بأولاده، ما كلفك الله فوق ما تطيق، ابدأ بمن تعول، أقم الإسلام في نفسك، في بيتك، في عملك، ربِّ أولادك حتى تستحق أن تسأل الله النصر.

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

 تتوب إلى الله وأنت معافى يغفر لك، لا تتوب تأتي الشدة كي تحملك على التوبة، تماماً كما يقول الطبيب لمريضه: معك التهاب معدة حاد، إما أن تطبق نظام حمية قاسياً جداً، فلعلك تشفى من هذا المرض، أو تحتاج إلى عملية جراحية، الأمر بيدك، تحب معالجة دوائية من دون عملية جراحية تحتاج إلى حمية عالية جداً، تؤثر الطعام والشراب، انتظر أن تثقب المعدة، وتضطر لإجراء عملية لترقيع المعدة، إما دوائية أو عملية جراحية، هذا معنى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، هذه تعود على الإنسان، من شاء أن يغفر له من دون مصيبة فليتب، ومن لم يشأ أن يغفر له من دون مصيبة، فلينتظر من الله المصيبة، قال تعالى:

﴿ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾

 كل شيء بيد الله عز وجل.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور