- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من آثر الدنيا على الآخرة فالطريق إلى الله عز وجل ليس سالكاً :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الواحد والعشرين من دروس سورة التوبة، ومع الآية الرابعة والعشرين وهي قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24)﴾
صدقوا -ولا أبالغ- أن هذه الآية من الآيات الحاسمة، من الآيات المفصلية، من الآيات الخطيرة، لأنك حينما تؤثر جانباً من هؤلاء، علاقات القربى والنسب، علاقات المال والثروات، علاقات المتعة والسرور، إن آثرت واحدة من هذه على طاعة الله ورسوله، فاعلم يقيناً أن الطريق إلى الله ليس سالكاً، الطريق مسدود.
من آثر طاعة والده الغارق في المعاصي على طاعة الله خسر الدنيا والآخرة :
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ﴾
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ﴾
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ﴾ المقصود هنا الأب القوي الغني، الذي يمكن أن يغرق ابنه بالدنيا بما يحتاج، ما كل أب قوي وغني، لكن هناك آباء يهيئ لابنه مركبة، وبيتاً بأرقى أحياء المدينة، وإنفاقاً كبيراً، لكن هذا الأب غارق في معاصي الله، ولا يرضى عن ابنه إلا إذا وافقه على عمله، أن تعارض هذا الأب خسرت كل شيء، فإذا كنت مؤمناً تؤثر طاعة الله على كل شيء.
الابتلاء قدر كل إنسان :
سُئل الإمام الشافعي: ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال: لن تُمكَّن قبل أن تُبتَلى
﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
الابتلاء قدرنا:
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ(142)﴾
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)﴾
دخول الجنة لا يكون إلا بعد أن يظهر كل إنسان على حقيقته :
إخواننا الكرام، اعتقد يقيناً أن الابتلاء والامتحان قدرنا، وأنه لا سبيل إلى دخول الجنة إلا بعد التمحيص، والتدقيق، ولا بد من أن تظهر على حقيقتك، والله خبير بالنفوس، الله -عز وجل- هو الخبير الذي يضعك في ظرف لا بدّ من أن تعبّر في هذا الظرف عن حقيقتك، فإما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفذ عذابها:
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ﴾
مكانة الأب الكبيرة جداً في المجتمع الإسلامي :
الآن الابن، يمكن أن يكون الأب إنساناً عادياً أما الابن حقق نجاحات في الدنيا كبيرة، هذه النجاحات لا كما يرضى الله عنها، فإذا عارضه الأب أيضاً فقد كل شيء، أنت لاحظ يقول الشاب المتزوج أحياناً: أنا عندي أولاد ثلاثة، الله -عز وجل- قال:
﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أين تسكن يا أخي؟ عند ابني، عندما يكبر تتقدم به السن، يعجز، أنا عند ابني، أما أين تعيش؟ عند أبي، كنت عند أبيك فصار أبوك عندك، هذه الحياة أمامكم، الإنسان في بداياته قوي، أولاده عنده، عندما كبر أصبح أبوه عنده، موضوع ليس له علاقة بالدرس لكن ساقه إلى ذاكرتي سياق الدرس، من فضل الله على المسلمين أن آباءهم المتقدمين بالسن عند أولادهم، هذه حالة صحية عالية جداً، في الغرب مأوى العجزة صدق ولا أبالغ يكون أحياناً من مستوى العشر نجوم، وأي شيء يتخيله الإنسان أمامه طبعاً مقابل أجور عالية جداً، هذا الأب حينما تتقدم به السن وأولاده ليسوا على ما ينبغي، يضعونه في مأوى العجزة، أكبر مشكلة يعاني منها القائمون على هذه المؤسسات للعجزة انتحار هؤلاء، إذا تمكن أن يجلب شفرة ينتحر بها، تمكن أن يجلب حبلاً يموت فيه، أي أداة يمكن أن تنهي حياته، أنا حدثني أخ تابع ندوة مطولة في التلفزيون الفرنسي عن هذه البيوت، بيوت العجزة، المشكلة الأولى الانتحار، ليس لديه أحد، لاحظ هذه المشكلة ليست موجودة عند المسلمين، الأب عند أولاده معه أحفاده، تأتيه بناته ليزوروه، الأب لا يحتاج إلى الطعام والشراب، الأب وصل إلى درجة هذه الأشياء ألفها، وعافت نفسه عنها، ما الذي بقي له فقط؟ أن يكون مع أولاده وأحفاده، نحن في العالم الإسلامي هذه ميزة كبيرة جداً، أن الأب عند أولاده، والأب مع أحفاده، والأب له مكانته الكبيرة جداً، فلذلك اشكروا الله -عز وجل- على هذه الآداب الإسلامية التي تقتضي أن يكون الأب مقبولاً بل ومُرحَّباً به، بل ومعتنى به، بل وإن الأبناء أحياناً يتنافسون على الأب، كل واحد يتمنى أن يكون عنده في البيت، هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها.
قال لي أخ عاش في فرنسا: أكبر مشكلة يعاني منها القائمون على هذه المؤسسات هي انتحار هؤلاء المتقدمين في السن، أما عندنا معزز مكرم، يتقرب أبناؤه إلى الله بخدمته، والعناية به، وقد يكون مشلولاً، ويتحملون خدمته القاسية سنوات طويلة، وكلهم يرى أن هذا مغنم كبير عند الله العزيز الكبير.
من كان ابنه عنده أغلى من الله عز وجل فقد عصى الله و رسوله :
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾
(( إنك لن تدع شيئا لله عز و جل إلا بدّلك الله به ما هو خير لك منه. ))
الابن والزوجة تطعمهم مما تأكل، وتلبسهم مما تلبس، وما كلفك الله أن تمد يدك إلى الحرام من أجلهم، أما عندما تطعمهم طعاماً أنت لا تأكله، لك لقاءاتك مع أصدقائك، ولك طعامك في المطاعم، تطعمهم أردأ الطعام، فأنت محاسب أشد الحساب، لكن ما كلفك الله أن تمد يدك إلى الحرام كي تطعمهم أبداً، هذا شيء مستحيل: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ
وأحياناً الابن مجبنة، مبخلة، يسبب للأب الخوف على المال إلى مستوى البخل: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾
من دفعت زوجها لكسب المال الحرام فقد أغضبت الله و رسوله :
الأصول والفروع، الآباء أي الأصول مهما علوا، والأبناء الفروع مهما نزلوا: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ﴾
﴿وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ﴾
إخواننا الكرام، أحياناً الإنسان من أجل زوجته قد يأكل المال الحرام كي يرضيها، يروى أن صحابياً جليلاً طلبت منه زوجته نفقة لا يملكها وألحّت عليه، فقال لها هذه الكلمة الرائعة: اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك.
الصحابية الجليلة كانت تقول لزوجها: نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام، الآن الزوجة تدفع زوجها إلى كسب المال الحرام.
أسباب العنف في العالم :
لذلك قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ
قال علماء التفسير: هذه عداوة مآل، في النهاية زوجته أرضاها ودخل النار من أجلها، البطولة أن رئيساً فرنسياً -القصة منذ عشر سنوات نقريباً- جمع ثلاثين عالماً من كبار علماء النفس والاجتماع، في منتجع في فرنسا، وطلب منهم إجابة عن سؤال واحد، لماذا العنف في العالم؟ نحن في الخمسينات كل أربع أو خمس سنوات يُحكَم إنسان بالإعدام، تزحف دمشق بأكملها، لترى إعدام إنسان بالخمسينات، الآن كل يوم يوجد مئتي قتيلاً، أليس كذلك؟ يعني النفس غالية جداً فما السبب؟ هذا الرئيس الفرنسي جمع ثلاثين عالماً من كبار علماء النفس والاجتماع، في منتجع وأعطاهم ثلاثين يوماً، وطالبهم بإجابة حاسمة عن سؤال؛ لماذا العنف في العالم؟ فكان الجواب -وقد تستغربون ذلك- إنه مجتمع الاستهلاك، تدخل إلى سوق فيه بضائع، مواد غذائية، ألبسة، أدوات كهربائية، أجهزة شيء يفتن الإنسان، ولا يملك ثمنه، دخلت امرأة إلى سوق من أضخم الأسواق في أوروبا قالت: يا إلهي ما أكثر الحاجات التي لا يحتاجها الإنسان، في هذه الأسواق الحاجة تدعوك إلى شرائها أحياناً بالتقسيط، أحياناً بالائتمان، ببطاقة، ترى أنك مثقل، والحياة بسيطة نحن عقدناها، هؤلاء العلماء قالوا: مجتمع الاستهلاك وراء العنف، ما التفسير؟ قال: هذا الإنسان يرى كل يوم في الإعلانات هذه السيارة، وهذا الجهاز، وهذه الثلاجة، وهذه الأدوات المنزلية، هذه الحاجات الراقية يشتهيها، تُعرض عليه كل يوم، في الطرقات، على الشاشة، في الصحف، في المجلات، الإعلانات مثيرة جداً، وراؤها علماء نفس، يريك هذه الآلة وكأنها سبب سعادتك، يريك هذه المركبة أنك إذا اقتنيتها فأنت أسعد إنسان، الإعلانات اليومية على الشاشات، والصحف، والمجلات، وفي الطرقات، هذه الإعلانات تخلق حاجة عند الإنسان، الآن هذا الإنسان أولاً: قد لا يملك ثمن هذه الحاجة، بماذا يشعر؟ يشعر هو وأهله بحالة اسمها الحرمان، هذه حالة، فإذا مدّ يده إلى الحرام ليغطي هذه الحاجات سقط من عين الواحد الديان، وإذا ألغى وقت فراغه، وعمل عملاً إضافياً لم يعد أباً، يقول لك: ذهبت من البيت قبل أن يستيقظ أولادي، وعدت إلى البيت بعد أن ناموا، الشرفاء هكذا، الإنسان الشريف دينه غالٍ عليه، يخاف الله، له عمل آخر، له عمل بمكان، ومحاسب بمكان، العملان أفقداه وقت فراغه، بالمناسبة الإنسان الذي ليس عنده وقت فراغ يملؤه بحسب مبادئه ليس إنساناً، يقول لك: خرجت من البيت قبل أن يستيقظوا وعدت بعد أن ناموا، أعطاك الله العافية، لكن أنت بهذا ألغيت أبوتك، فأنت حينما ترهق نفسك بعمل يفقدك الأبوة أنت ضيعت أكثر مما أخذت.
هؤلاء العلماء الثلاثون كانت إجابتهم: مجتمع الاستهلاك يلقي صوراً مغرية لكل هذه الحاجات التي قد لا يحتاجها معظم الناس، هذه الصور المغرية أمامها ثلاثة مواقف، موقف الشعور بالحرمان المستمر، موقف آخر موقف أن تمد يدك إلى الحرام لتغطي هذه الحاجات، سقطت من عين الله، أكلت المال الحرام، والوضع الثالث أن تعمل عملاً إضافياً يلغي أبوتك، تقريباً أكثر الشرفاء لا يوجد عندهم وقت أبداً ليجلسوا مع أولادهم، من يربيهم؟ من يأخذ بيدهم؟ من يدلهم على الحق؟ لا يوجد أحد، الأب مشغول، لذلك من تعريفات اليتيم من كان أبوه مشغولاً عنه:
إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا
الأب المشغول أولاده كالأيتام، القضية خطيرة جداً: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ﴾
على التاجر الابتعاد عن العلاقات التجارية التي لا ترضي الله عز وجل :
الآن: ﴿وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾
﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا﴾
مثلاً: عندك بضاعة يمكن أن تعلن عنها بطريقة أو بأخرى، لكن يوجد إعلان بوسائل لا ترضي الله -عز وجل-، امرأة شبه عارية ترتدي هذه الحاجات، هذا إعلان لا يرضي الله -عز وجل-، أحياناً الكساد يدعو التاجر إلى إعلان لا يرضي الله -عز وجل-، أو إلى علاقة مشبوهة، أو إلى علاقات تجارية لا ترضي الله -عز وجل-: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ﴾
أندم الناسِ من دخل أولاده بماله الجنة ودخل هو بماله النار :
لذلك: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ﴾
﴿وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾
بطولة الإنسان لا أن يحتكم لقانون وضعي بل لقانون الله عز وجل :
الآية الكريمة من سورة التوبة: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾
﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا﴾
من كان ماله وتجارته أحبّ إليه من الله و رسوله فقد خسر و خاب :
هنا الشاهد:
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ﴾
﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ﴾
العاقل من تمسك بالشرع و القرآن لا بمصالحه المتعارضة معهما :
أيها الإخوة الكرام، لا تعتد بمادة بالقانون لصالحك، اعتد بأن الشرع لصالحك، أن القرآن الكريم لصالحك، أن منهج الله لصالحك، والله عندي قصص لا تعد ولا تحصى من أناس تركوا بيوتاً هم يحميهم القانون لكنهم خافوا من الله، ترك بيتاً ولا يوجد عنده بيت، الله -عز وجل- أكرمه ببيت، حدثني أخ قال لي: أنا ساكن في بيت بأحد أحياء دمشق الراقية، أجرته بسيطة، عندما استأجره قالت له صاحبة البيت: هل تعدني أنني إذا طلبت منك البيت أن تعطيني إياه؟ قال لها: أعدك، بأصعب أزمة بيوت في هذه البلدة الطيبة، قالت له: أريد البيت، قال لها: حاضر، أقسم لي بالله أنه سلمها البيت، أو وقع عقداً بتسليم البيت ولا يوجد عنده بيت إطلاقاً، وكان تأمين البيت شيء شبه مستحيل، يقول له المحامي بعد أن وقع: أنت مجنون، بقيت في الطريق، قال لي: أنا حسب ما وعدتها، هو يعمل في الألبسة الجاهزة، وفي البناء الذي يعمل به بيت جميل جداً، قال لي: إذا بعت سيارتي، وبعت كل بضاعتي، وأشياء كثيرة، يمكن أن أدفع الدفعة الأولى من ثمن البيت، فبعد أن اتفقوا وبدأ يبيع، لم يوافقوا على متابعة العقد، قال لي: بعد شهر بعت بيعاً ليس طبيعياً، وأنا أنوي أن أسلم البيت، فنوى ونفذ وسلم البيت، قال: بعد أن سلمت البيت، جاءني أصحاب البيت الذي أردت أن أشتريه وعرضوا عليّ أن يبيعوه لي تقسيطاً، ودفعت أول دفعة، وسكنت في البيت ودعاني إلى طعام والله في هذا البيت، هو عندما ترك البيت تركه طاعة لله، المحامي استغرب قال له: أنت مجنون بقيت في الطريق، لكن الله ما تركه في الطريق، ثم انتقل إلى بيت أفضل.
على الإنسان أن يؤثر طاعة الله على كل ما يملك من حقوق وفق القوانين الوضعية :
أيها الإخوة الكرام، أقسم لكم بالله عندي قاعدة، زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، الوعد النبوي: (إنك لن تدع شيئا لله عز و جل إلا بدّلك الله به ما هو خير لك منه)
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
من طاعة الله في قرآنه، وطاعة النبي في سنته:
﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾
أغبى الأغبياء من أكل مالاً حراماً و عدّ نفسه ذكياً :
أيها الإخوة الكرام، الله كبير، لا تعد ذكياً إذا أكلت مالاً حراماً بل تعد أغبى الأغبياء.
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾
عين الفسق من آثر دنياه على آخرته :
أيها الإخوة الكرام، الآية خطيرة جداً: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضِنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
الملف مدقق