- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (009) سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الواحدة والثمانون، من سورة التوبة، وهي قوله تعالى:
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)﴾
سيدنا الإمام الغزالي رحمه الله تعالى، في حوارٍ مع نفسه، قال يا نفس، لو أن طبيباً حاذقاً منعك من أكلةٍ تحبينها، ماذا تفعلين ؟ لا شك أنك تمتنعين، ولو أن الأكلة محببةٌ إليك، حفاظاً على صحتك.
الإنسان إيام بكون آخذ بيت رابع طابق، مزينه، تعبان فيه يقول له الطبيب لازم تسكن ببيت أرضي، ثاني يوم حطه عند الدلال ثاني يوم، بقلك الصحة ما معها لعبة.
يقول هذا الإمام الجليل: يا نفس لو أن الطبيب منعك من أكلةٍ تحبينها، لاشك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله.
الله ما منعك عن أشياء كثيرة، ما أمرك، ما نهاك، معقول تسمع كلام طبيب، وتتجاهل كلام خالق الأطباء.
أيكون الطبيب أصدق عندك من الله، قال إذاً ما أكفرك.
أيكون وعيد الطبيب، إذا ما بتغير البيت في مشكلة بالقلب، إذا ما الملح تركته يطلع الضغط، إذا كان الضغط طلع يجوز يصير في انفجار بالدماغ، خثرة دماغية، مالا حل هي، أو تنزلق الشبكية. أيكون وعيد الطبيب أصدق عندك من وعيد الله، إذاً ما أجهلك فالإمام الغزالي بحوار منطقي مع نفسه، يتهم كل إنسان لا يطيع الله إما بالكفر، لأن الطبيب عنده أصدق من الله، وإما بالجهل لأن وعيد الطبيب أشد على نفسه، وأخوف من وعيد الله.
فربنا عز وجل يبين هنا:
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾
المعنى الواسع للآية: يعني إذا في احتفال الإنسان يلبي، في مولد في وجاهة، في سيران، في عزيمة، في حفل، في تكريم، أما عند البذل، عند غض البصر، عند إنفاق الأموال، عند تعلم القرآن عند أداء الصلوات، بتلاقي في كسل، إذا موقف في وجاهة، أيام بمجلس عام، يدفع مئات الألوف، بكون له أولاد أخ يموتون من الجوع، ما يعطيهن شي، لأنه هون ما في لوحة، هون في لوحة المحسن الكبير، هون ما في المحسن الكبير، هون ممعوسة هنا، ما يعطي شي.
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾
إذا في وجاهة، يروا أنه أُبي ابن خلف كان زعيم المنافقين، وكان يجلس إلى جنب النبي عليه الصلاة والسلام، فلما توفي، طلب قميص رسول الله قال: أعطوه قميصي، وماذا يغني عنه قميصي من الله ؟ الآن استقر في جهنم حجر، كان يهوي سبعين خريفا.
يعني بتحضر حفلة يكن لك مقعد أول، يكن لك اسم، الناس يبجلوك، لا تقدم ولا تأخر، المطلوب أن تكون علاقتك مع الله صحيحة، المطلوب البذل، التضحية، الالتزام.
هل الولي الذي يمشي على وجه الماء ؟ قال لا: الإمام الجُنيد هل الولي الذي يطير في الهواء ؟ قال لا: الولي كل الولي، الذي تجده عند الحلال والحرام، أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.
أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾
أجمل تعريف وأدق تعريف، وأبسط تعريف:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)﴾
أنت ولي، وزوجتك ولية، وأخوك ولي، وكل مسلم ولي، شو الولي إنسان عرف الله وأطاعه، وانتهى الأمر.
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)﴾
لو كان لبسك عادي، لو مالك مظهر ديني، إنما التقوى هاهنا كما قال عليه الصلاة والسلام:
((إنما التقوى هاهنا ))
قال عليه الصلاة والسلام:
((أشدكم لله خشيةً أنا، أنام وأقوم، أتزوج النساء، آكل اللحم أصوم وأفطر، هذه سنتي، فمن رغب عنها فليس من أمتي.))
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) ﴾
اخترت هذه الآية، لهاتين الكلمتين:
﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً﴾
العبرة لا لمن يضحك أولاً، العبرة لمن يضحك آخراً، الإنسان إذا كان الله أعطاه الدنيا يضحك، _أيام يضحك وينثني نصفين يقصع لوراء، يطلع منه صوت ضحك بسمع الحارة كلها، عما يضحك، لكن لو علم ماذا وراء هذا الضحك ؟.
يعني أيام إنسان بكون راكب سيارة، والطريق انحداره شديد وفي نهاية الطريق منعطف حاد، والهويات عما ينسمو، والسيارة فخمة، بس ما فيها فرام ، عما يضحك، لو عرفان ما فيها فرام، وآخر الطريق رايح يعمل حادث غير ميت، ما كان يضحك، كان يبكي فالبطولة تعرف جاهزية السيارة، ما يكون في هواء رخيم، بس فرام ما في، والطريق منحدر والمنعطف حاد.
فالله قال:
﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً﴾
المهم من يضحك آخراً.
﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)﴾
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾
﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)﴾
في آية أخرى بمكان آخر، يقول الله عز وجل:
﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)﴾
لما الطفل يولد، كل من حوله يضحك وهو عما يبكي، ماشي الحال، لما بيموت، كل من حوله يبكي، فإذا كان بطل، ساعتها يضحك.
وا كربتاه يا أبت، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
اجهد أن يكون الموت عرسك، أن يكون الموت أسعد لحظات وجودك، الصحابة كانوا، مرحباً بلقاء الله، ينتظر هذه الساعة أسعد الناس بهذه الساعة، فبحسب عملك الصالح، من قدم ماله أمامه سره اللحاق به، عملك الصالح هو يلي حدد موقفك من الموت الموت إما القبر حفرة من حفر النيران، أو روضة من رياض الجنان.
﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾
يعني آل فرعون من ست آلاف وخمسمائة سنة كل سنة ثلاث مائة وخمسون وستين يوم، كل يوم مرتين:
﴿غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾
والخير للأمام.
﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾
هكذا الإنسان .
أما إذا عرف الله عز وجل، قبره روضة من رياض الجنة قال:
﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً ﴾
أيام إنسان يغتني فجأةً، يستلم منصب رفيع يشتري بيت فخم، السيارة ثمنها أربع وعشرين مليون بقلك أخذتها.
﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)﴾
فالبطولة، من يضحك آخراً، البطولة موقف الإنسان عند الموت، البطولة أن تلقى الله وأنت راضٍ عنه، وهو راضٍ عنك، البطولة الكيس، شوف هذا الحديث ما أدقه معروف، الكيسُ العاقلُ من دان نفسه، ضبطها ضبط دخله، ضبط إنفاقه، ضبط عينه، إذنه، لسانه، يده بيته عمله، الكيسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
أكثر المسلمين بقلك يا رب نحن عبيد إحسان مالنا عبيد امتحان، يا رب لا تعاملنا بعملنا، هل الكلام ماله معنى.
﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)﴾
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
أنت تدعوا بدعاء خلاف القرآن.
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
لذلك الإنسان إذا دع، قال عليه الصلاة والسلام:
((اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، لا تطلب الرحمة وحدها لها ثمن الرحمة طلوب موجباتها ))
يعني لو فرضنا ابن قال لأبيه: وأبوه ملك، قال له: بدي سيارة، قال له: هي سيارة، قصر، هي قصر، طائرة هي طائرة، يخت هي يخت، قال له: بدي صير رئيس جامعة، قال له: هي بدها شهادات منك هي، الباقي كله مني سهل، أما إذا بدك تصير رئيس جامعة، أستاذ جامعة، هي بدك أنت يكون معك دكتورا، هي ليست علي هي عليك.
فالنبي كان أديب جداً مع الله، ما قال اللهم إني أسألك رحمتك قال لا موجبات رحمتك، اجعلني أهل لرحمتك، رحمتك لها ثمن يا ربي لأنه لها ثمن، رحمة الله لها ثمن، فالنبي سأل الله، موجبات رحمة الله وعزائم مغفرتك، والمغفرة لها ثمن، الرحمة لها ثمن والمغفرة لها ثمن.
والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.