- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
كل إنسان جُبل على حبّ وجوده وحبّ كمال وجوده وحبّ استمرار وجوده :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع عشر من دروس سورة التوبة، ومع الآية العشرين وهي قوله تعالى:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ(21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ(22)﴾
أيها الإخوة الكرام، في القرآن الكريم مصطلحات، وتحديد معنى المصطلحات جزء من العلم، لأن هذه المصطلحات مع مضي الزمن تأخذ معانٍ واسعة جداً، هذه المعاني الواسعة تضعف حدّيتها، تضعف مدلولها.
فالله -عز وجل- يقول في نهاية الآية التي هي موضوع هذا الدرس: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
الجهل هو أزمة الإنسان وسبب شقائه :
لماذا الآلام والمصائب؟ هي أزمة علم فقط، الدليل أهل النار في النار:
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ(10)﴾
لا تنسوا أيها الإخوة أن الإنسان يتحرك، ما الذي يسبق حركته؟ التصور، إن صحّ تصورك استقامت حركتك، إن لم يصح تصورك انحرفت حركتك، المتحرك وفق منهج الله هو المؤمن، بالإسلام لا يوجد حرمان، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، الحرمان مستحيل، جميع الشهوات التي أودعها الله فينا لها قنوات نظيفة، والدليل:
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ
عند علماء الأصول المعنى المخالف المعكوس، أي الذي يتبع هواه وفق هدى الله -عز وجل- لا شيء عليه، اشتهى المرأة هدى الله الزواج فقط، تزوج، واختارها جميلة، اشتهى المال كسبه من طريق حلال.
فلذلك المشكلة أيها الإخوة أن أزمة الإنسان وسبب شقائه هو الجهل، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
لذلك: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
على الإنسان أن يأخذ إخبار الله وكأنه يراه :
إذاً: في الإسلام مصطلحات، المؤمن مصطلح، الكافر مصطلح، المنافق، المشرك، الملحد، هذه كلها مصطلحات، أحياناً تضيع معالم هذه الكلمات، كل إنسان يدّعي أنه مؤمن، طبعاً أنت انتبه لهذه النقطة، لا يستطيع إنسان أن يتكلم كلمة بالطب إلا إذا كان مختصاً به، يستطيع فلان أن يفتح عيادة ويكتب الطبيب الفلاني وهو لا يقرأ ولا يكتب؟ ممكن؟ لا يستطيع، الحياة كلها اختصاصات، لكن سبحان الله! الشيء المؤلم إلى أبعد الحدود أن كل إنسان يتكلم بالدين، هذه غير معقولة.
يقولون هذه عندنا غير جائز قال فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ
من أنت؟ إله، آية قرآنية، حديث صحيح، خالق الكون أعطى هذا الأمر.
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
آية دقيقة جداً ﴿مَا كَانَ﴾
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1)﴾
بربكم أنتم جميعاً لا أستثني واحداً منكم، هل واحد منكم رأى هذه الحادثة؟ الله قال: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾
فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه :
إخواننا الكرام، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، كم هي المسافة بين خالق الأكوان وبين الإنسان؟ هي نفسها بين كلام الله وكلام خلقه، إله يقول لك: افعل كذا، أو لا تفعل، لك رأي في الموضوع؟.
أحياناً الدولة القوية بأي مفاوضات تقول: هذه القضايا لا يمكن أن تخضع للمناقشة، وأنت كمؤمن، أي إذا جاء حكمٌ في القرآن أو حكمٌ في الحديث الصحيح أقول لك: عطّل عقلك، هذا كلام خالق الأكوان، عقلك إذا كان كلام بشر توازن بين كلام وكلام، أما كلام خالق البشر، الآية الدقيقة: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
كلمة آمن في القرآن تعني أن الإنسان بذل جهداً كبيراً حتى آمن وتعرف إلى الله :
إخواننا الكرام، الله -عز وجل- يقول: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
بطولة الإنسان أن يعد لآخرته لا لدنياه :
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
إخواننا الكرام، جنة للأبد ألا تستدعي أن تؤمن؟ عفواً نجد الإنسان يعيش كما قال النبي:
(( مُعْتَرَكُ المنايا ما بين الستين إلى السبعين ))
ويقول لك: سبع سنوات بأميركا حتى أخذت البورد، وقبلها سبع سنوات إجازة بالطب، وقبلها دبلومات، وقبلها ماجستيرات، وقبلها ثانوي، وقبلها إعدادي، وقبلها ابتدائي، حتى صار معه بورد، أي الإنسان يعيش ستين أو سبعين سنة، أربعون سنة إعداد بقي عشر سنوات.
أيها الإخوة، حتى تؤمن للأبد من أجل عشر سنوات، عشرين سنة، تجد أكثر الناس يتوفون بعمر 58، 61، 63، 49 عجيب والله ليس بالكبير، والآن هناك جلطات يموت وهو في الثامنة والثلاثين، فأنت ماذا تعد لما بعد الموت، هذا الأبد، معنى الأبد لا أعرف، أقسم لكم بالله: لا يوجد عقل في الإنسان يستطيع أن يتصور الأبد.
مثال بسيط: واحد بالأرض وواحد على هذا الحائط، وثلاثة أصفار جنبه ألف، وثلاثة ثانية مليون، وثلاثة ثالثة ألف مليون، وثلاثة رابعة مليون مليون، واحد على هذا الحائط هكذا إلى الحائط الآخر، كل ميلي صفر، ما هذا الرقم! على الحائط واحد لآخر الجامع، لآخر شيخ محي الدين، لآخر ركن الدين، لتدمر، للعراق، اترك الأرض، اصعد إلى السماء، واحد بالأرض وأصفار للقمر، ما هذا! واحد بالأرض وأصفار للشمس، 156مليون كيلومتر، كل ميلي صفر، هذا الرقم اجعله صورة والمخرج لا نهاية، قيمته صفر، أي رقم ينسب للّانهاية قيمته صفر، الدنيا كلها صفر، عاش مئة و ثلاثين سنة، بيلغيتس يملك تسعين مليار دولار، صفر، لو عشت مئة و ثلاثين سنة – ولم يعش أحد هذا العمر-وتملك تسعين ملياراً صفر، حديث للنبي الكريم:
(( واللَّهِ ما الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هذِه -وأَشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ- في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعُ؟ ))
اذهب إلى الساحل، اركب قارباً، أخرج إبرة و اغمسها في البحر، واحسب كم علق بها من الماء، والبحر المتوسط، والمحيط الهادي، والمحيط الهندي، والأطلسي، والمحيط الشمالي والجنوبي، احسب كم علق بهذه الإبرة من الماء بالنسبة إلى البحار الخمس، المحيطات (واللَّهِ ما الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هذِه -وأَشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ- في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعُ؟)
(( عبادي، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم ، وقفوا على صعيد واحد وسألوني كل واحد منكم مسألتَهُ، ما نقص ذلك في ملكي، إلا كما يأخذ المِخْيَطُ إذا غمس البحرَ ذلك لأن عطائي كلام-كن فيكون- وأخذي كلام، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))
من رجحت عنده كفة الإيمان أصبحت قناعاته أقوى من شهواته :
أيها الأخ الكريم، أنت حينما تحضر درس علم، تتشكل عندك قناعات، درس ودرس ودرس وكل أسبوع درس، بالشهر أربعة دروس، بالفصل تحضر اثني عشر درساً، بالسنة تحضر خمسين درساً، كل درس عمل قناعة.
آتي بمثل آخر: تصور الشهوة التي أودعها الله في الإنسان، لها وزن فرضاً، وزنها طن مثلاً، الدرس جمعت فيه عشر غرامات قناعات، كم درس تحضره حتى تتصور الحق واضحاً؟.
﴿ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ(28)﴾
الأمور واضحة جداً، كل درس تحضره شكلت قناعات، القناعات إذا تراكمت أصبحت قوة كبيرة، هذه تقف أمام الشهوات.
مرة قال لي إنسان: عندما أسمع امرأة تمشي ورائي لا يوجد قوة بالأرض تجعلني أغض بصري عنها، أي ينظر إليها، هذه شهوة مدمرة، فأنت عندما تطلب العلم، صار عندك قناعات، يقينيات، هذه تقف أمام الشهوات، المؤمن مستقيم، استقامته ليست صدفة، استقامته من قناعاته، أحياناً تختلف مع إنسان، وراءه قوة كبيرة جداً، أنت لا ترى حجمه، قد يكون حجمه صغيراً، تنظر إلى من يقف وراءه، الآن دولة ضعيفة جداً وراءها أكبر دولة بالعالم، تهدد وتتوعد تتكلم بمن يدعمها أليس كذلك؟
التفكر في خلق السموات والأرض أحد سبل معرفة الله :
أنت حينما تعرف الله لك شأن كبير عند الله، وعند الناس ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾
أحد سبل معرفة الله التفكر في خلق السموات والأرض، هذا طريق، طريق آخر:
﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
حدثني أخ محام، قال لي: كنت أدافع عن إنسان مرتكب جريمة، طبعاً القاضي أصدر حكماً بالإعدام، وبلغته، قال لي: بلغته وما تحركت فيه شعرة، و هذا شيء نادر جداً إعدام! قال لي: حرصت حرصاً لا حدود له أن أحضر إعدامه، قبل أن توضع الحبل في رقبته، قال هذا الكلام قال: أنا الآن سأُشنَق لأنني متهم بقتل إنسان، قال لي: أنا ما قتلته أبداً، لكنني قتلت إنساناً من ثلاثين سنة، وذكر كيف قتله، إله عظيم.
قال لي قاض: حلف إنسان يميناً كاذباً على المصحف وهو واقف أمام القاضي، أمسك المنصة بيده وحلف اليمين، رفع يده ليحلف اليمين، وحلف اليمين وبقي رافعاً يده، قال له القاضي: أنزل يدك، لم يرد عليه، كان ميتاً، بعد دقيقة سقط، الله كبير، عدله عظيم، لذلك: ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء .
على الإنسان أن يترك البيئة التي تدعوه لمعصية الله و يهاجر منها :
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾
أحياناً يكون هناك بيئة سيئة جداً، كل شيء في هذه البيئة تدعوك للمعصية، يصعب أن تطيع الله في هذه البيئة، لا بدّ من الهجرة، وأحياناً -والعياذ بالله- في المجتمعات الغربية الزنا على قارعة الطريق، لا حياء، ولا خجل، ولا أدب، والشيء مبذول بذلاً عجيباً، في مثل هذه البيئة، هذه لا تناسبك كمؤمن، ينبغي أن تأتي لبلاد المسلمين، هناك مساجد، ودروس علم، وكتب، وبيئة إسلامية، وبقية حياء، وبقية خجل، وبقية رحمة، وبقية إنصاف، هناك فرق كبير جداً.
والله مرة كنت بأستراليا، قارة بأكملها يسكنها 18 مليون، الخيرات لا يعلمها إلا الله، قال لي رئيس الجالية وهو يودعني: قل لإخوتنا في الشام: إن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت له: لِمَ؟ قال لي: بالشام ابنك مسلم، أما عندنا هنا احتمال أن يكون ملحداً 50%، هناك احتمال آخر بالـ 50% الثانية أن يكون له حلقة في أذنه، في اليمين لها معنى سيئاً جداً، وباليسار أسوأ، وبالاثنتين أسوأ وأسوأ، إما ملحد أو شاذ، هنا أين نحن؟ بألف نعمة، عندنا بقية حياء، بقية خجل، الأب أب، والأم أم.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا﴾
من يتعرف إلى الله في وقت مبكر يشكل حياته وفق منهج الله :
لذلك: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا﴾
(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))
أنت تحتاج إلى بيئة مؤمنة، صديق مؤمن، صديق نصوح، صديق محب، صديق وفي، عندما تؤمن بوقت مبكر تشكل حياتك تشكيلاً إسلامياً، تختار زوجة صالحة مؤمنة، أهلها صالحون، هذه تعينك على دينك.
فلذلك أنت حينما تتعرف إلى الله في وقت مبكر تشكل حياتك وفق منهج الله، والله الذي لا إله إلا هو لا أغبط إن أردت أن أغبط إلا شاباً نشأ في طاعة الله، سيتزوج زواجاً إسلامياً، سيختار فرعاً يعينه على أمر آخرته، سيختار حرفة تعينه على أمر دينه.
بطولة الإنسان أن تكون مقاييس الفوز عنده مطابقة لمقاييس الفوز عند الله :
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
والله مرة شيعت أحد إخواننا عندما فتحوا النعش، وحملوه، ووضعوه في القبر، البلاطة أقصر من الفتحة وضع الحفار كم حجرة، وأهال التراب، أنا أعتقد أنه نزل فوق المتوفى خمسة كيلو من التراب، عندك حمام، عندك أثاث فخم، وكله درجة أولى، هذا قبر.
والله توفي والد صديقي، فتحوا القبر فوجدوا مياهاً سوداء، لأن المجاري مفتوحة على القبر، سألوا ابنه، قال: ماذا نفعل؟ ضعوه، يقول لي مدير معمله: أنا شهر لم آكل، أين وضعوا معلمي؟ في قبر فيه مياه سوداء، أين بطولتنا؟ بهذه اللحظة ماذا أعددنا لهذه اللحظة؟.
رحمة الله عز وجل مطلق عطائه :
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ(9)﴾
إذاً: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
أحياناً يتوفى إنسان من أغنياء البلد، تذهب للتعزية تجد بيتاً واسعاً جداً، من اشترى البيت؟ المرحوم، تجد ثريات جمالها غير معقول، من اختار الثريات؟ المرحوم، التزيينات بالبيت من صممها؟ المرحوم، من اشترى البلاط؟ المرحوم، من اشترى الأثاث؟ المرحوم، أين المرحوم؟ في القبر، هذا شيء واقعي، أم غير واقعي؟ إنسان اشترى بيتاً بأحد أحياء دمشق الراقية، ولم تعجبه الكسوة، كسّر كل الكسوة، أعاده على الهيكل وكساه بأذواق مذهلة، بعدما انتهى وسكن، بعد أربعة أيام جاءه ملك الموت، البطولة أن تعد لهذه الساعة، هذه بوابة الخروج ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ﴾
﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
إذا شخص معه 100 مليار دولار، الآية الدقيقة: ﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ﴾
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيعُ
لـو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحـب يطيعُ
والحمد لله رب العالمين