- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (009) سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة:
الآية الثامنة والثلاثون، والتاسعة والثلاثون، من سورة التوبة وهي قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(39)﴾
الخطاب أيها الأخوة، موجهٌ للذين آمنوا، وعلامة إيمانك، أنه كلما قرأت مثل هذه الآية، شعرت أنك معنيٌ بها، إذا كنت مؤمناً حقاً وقرأت أية آيةٍ تبدأ بقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾
تشعر أنك معنيٌ بهذا الخطاب، وتأخذه مأخذاً جدياً.
يعني مثلاً: لو صدر قرار إلى مالكي العقارات التالية وعقارك ضمن هذه العقارات، في مصادرة أو في استملاك، أو في تنظيم، بتقول كلام جرائد، لما ما بتنام الليل يومها، إذا إنسان وجهلك بالجريدة، إلى مالكي العقارات التالية: لقد تقرر استملاكها بماذا تشعر ؟ هذا الخطاب موجهٌ إليك، وقضية مصيرية.
فحينما تشعر، إذا قرأت آية قرآنية، تتصدره بقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾
حينما تشعر أنك معنيٌ بها، تصغي إليها، الآية الكريمة الرائعة:
﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾
إذا سمعت آية وبادرت إلى تطبيقها، معناها أصغيت لها فإن لم تطبق فما أصغيت لها، ولا عرفتها ولا عقلتها.
﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾
الآية الكريمة:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
طبعاً كل عصر له معطياته، بجوز في هذا العصر.
﴿انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
الزموا مجالس العلم، تعلموا العلم، أمروا بالمعروف، افعلوا الخيرات، اقرأوا القرآن، طبق الإسلام في بيتك، طبقوا في عملك كل عصر له معطيات، لا يكلف الإنسان في هذا العصر أكثر من أن تطلب العلم، هذه المجالس متوافرة، وما أكثرها، أطلب العلم حاول أن تقيم الإسلام في بيتك، في عملك، حاول أن تضبط جوارحك، أن تضبط دخلك، إنفاقك، هذا العصر لا يزيد معنى النفور إلى الله عز وجل، أكثر من هذه المعاني.
﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
يعني آثرت أن تبقى في محلك التجاري، عن صلاة الجماعة آثرت أن تمضي سهرةً مع أهلك عن مجلس علم، آثرت أن تقبع في مكان جميل، تلعب النرد للساعة الوحدة بالليل، عن أن تجلس مع أخوة يقرءون كتاب الله، آثرت أن تغير زخرفت البيت، عن أن تزوج شاب فقير، آثرت أن تقرأ قصص نجيب محفوظ، عن أن تقرأ القرآن مثلاً.
يعني:
﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
واسع الآية طلب العلم، قراءة القرآن، فهم القرآن، الإنفاق في سبيل الله تزويج الشاب المسلم، معاونة المؤمنين على قضاء حوائجهم، خدمة المؤمنين، ارتياد المساجد، هذه كلها مما تعنيه الآية الكريمة.
﴿انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
رد الفعل الكسول.
﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
مقعدك الوثير في غرفة الجلوس، بتابع فلم، لا يرضي الله عز وجل، أغلى عندك من مجلس علم !
﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
تطلعلك بألف ليرة، بتروح صلاة الجمعة مثلاً، تجلس جلسة في مقهى تلعب النرد، أحسن من أن تقرأ القرآن.
﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
الشهوات شدتكم إليه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
الله عز وجل يعجب !
﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾
يعني أنت دنياك عاجبتك، هذا طموحك فقط، شقفة بيت وسيارة وكم سيران وكم عزيمة، هذا كل طموحك، ما بدك مني فوق هذا شي.
﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾
حياة كلها متاعب كلها هموم كلها أحزان، لا تستقيم لإنسان، إن جاءه المال فقد السعادة الزوجية، وإن سعد بأهله فقد المال، وإن جاءه أولاد طيبين زوجته سيئة، وإن كان زوجته مليحا أولاده سيئن، وإن كان أولاده وزوجته جيدين، صحته فيها متاعب كثيرة، وبيته صغير، وعمله قليل وشغل ما في، وعليه دفع مثلاً، هي كل الحياة متاعب، يوم مرض الابن، يوم مرض الزوجة، يوم أسيد أوريك يوم، مثلاً التهاب مفاصل، يوم معه وجع راس دائم، شقيقه، ما هذه الحياة هي كلها متاعب، لاتصفوا لإنسان قبلان فيه أنت هي، قنعان فيها، هذا طموحك فقط، دخلت على ملك قبلان منه قلم رصاص فقط، بس ! مالك طموح أكثر من.
﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾
قبلان فيها الدنيا، قنعان فيها عاجبتك، مالك طموح أكثر منها، الله يعجب !! أعدك لحياة أبدية سرمدية.
الآن ربنا أنبئك
﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
يا مسكين مالك عرفان، مساكين أهل الدنيا، جاءوا إلية وخرجوا منها ولم يذوقوا أطيب ما فيها، ما عرفوا.
﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
إذا واحد راح إلى طرطوس، وركب قارب إلى أرواد، وطالع من جيبته إبرة، غمسها في مياه البحر وسحبها، يا ترى هذه الإبرة ؟ كم أخذت من مياه البحر ؟ قال علية الصلاة والسلام:
((ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كم يأخذ المخيط ))
الإبرة يعني إذا غمست في مياه البحر.
الله عز وجل قال:
﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ﴾
﴿قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)﴾
كل واحد منكن له مشاهدات، هذا قال لك أنا بعرف مصر والأردن ولبنان، بقلك لا أنا بعرف أوربا، رحت إلى هولندا وفرنسا لا أنا بعرف اليابان، هذا يعرف التايون. المشاهدات ؟
النبي الكريم ينقل عن ربه قال:
(( أعدت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت. ))
مشاهدات العين محدودة، كل واحد له مشاهدات، ما بتعرف هي مثلاً جوهنزبورد، تسمع فيها بالأخبار، إذاً لا تعرفها يجوز تعرف عمان تعرف بيروت، تعرف مكة والمدينة يجوز تعرف باريس أما في مائتين دولة في العالم، بتعرف كل دولة وعاصمته، ومقاصفها وريفها، ما تعرف .
قال:
(( أعدت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت ولا أذن سمعت))
أنت سمعان بألف مدينة،سمعان، سمعان كولالامبور، هنالولو، سمعان فيها بالأخبار، بتعرفها لا، معناها دائرة المسموعات أوسع بكثير من دائرة المشاهدات.
أما الخواطر مالها حدود، قد يخطر على بالك، أن إنسان طوله من هون إلى القمر، مثلاً، خاطر هذا ماله قيد.
الحديث القدسي يقول:
((أعدت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلبي بشر. ))
﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
ربنا عز وجل، إذا رأى إنسان رضي بالحياة الدنيا، طموح كل شقفة بيت، وسيارة وزوجة، بيطلع على المصيف، ويتغذى بالمقصف ها هي ما بدو غير هيك، ماذا يفعل الله به ؟
﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ﴾
يبعث لك متاعب، بنزعلك حياتك، أنت تريد وأنا أريد فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإذا لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد بتعبك، بتسب الساعة يلي فتحت فيها المحل التجاري، خسارات ومشاكل ومصادرات، مالنا مسرورين، بتأخذ بيت بتعلق بمشكله مع صاحبه، ومحاكمات، وإذا لم تسلمني فيما أريد، أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد.
﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾
قال لي: واحد كلمة قال لي: فيك تلخص لي كل دروسك، قلت له نعم: بكلمتين، الله ألهمني، قلت له يا أما تأتي ركض، يا أما بيجيبك ركض، هي كل دروسي، يا بتجي ركض لحالك، تائب منيب، مستقيم، مقبل، أو بيعرف هو يجيبك ركض، بستناولك من مليون بند، بتطلع أيام نقطة سوداء بالعين، أعوذ بالله على الطبيب، بتم شهر واقع بمتاهات أخي في ذبابة سوداء، عما شوفها بعيني، من العين مرة، من الدماغ مرة، من الكلية مرة، في ضعف بالكلية ضعف بالمعدة، يقلك عم بلهث زيادة، بطلع درج ما بكمل، من مليون بند الله مستناول الإنسان، ومن زوجته، ومن أولاده، من عمله، من تجارته، من استرداده من كل شي.
﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾
إذا كان أصررتم على الدنيا و ركبتوا رأسكم، و بدكم الدنيا فقط، ساعتها بالتعبير العامي تمحقوا عندئذٍ.
﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً﴾
لا تدلل زيادة، ما بدك راحتك، لا تمن على الله إنك عما تصلي ركعتين.
﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾
بتركض لحالك أهلا وسهلا، ما بدك تصطفل، في غيرك بيجي بروح زاهد بيجي عاشق، أخي أنا ما بدي صعب، طيب بلاها روح افلات على كيفك، طيب إذا واحد فلت شو بدو يطلع معه، اسمعوا هذا الحديث أيها الأخوان، والله يقسم الظهر.
قال:
((بادروا بالأعمال الصالحة، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا، إذا كان ما بدو الله، ولا بدو الآخرة، ))
هذا الدين غيبيات يا أخي ليس لهذا العصر الدين، قيود، عصرنا عصر علم، عصر تفتح، عصر نمارس حاجاتنا الطبيعية، نتعرف على الحياة، كلام فاضي، طيب إذا واحد ما بدو غير الدنيا، شو في قدامه.
قال:
((هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غناً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً أو الدجال، فشر غائبٍ ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر.))
يعني إذا واحد ما بدو الآخرة، ما بدو الله ورسوله، ما بدو هذا الدين، شو في قدامه، في قدامه فقر مفاجئ، وصارت، أو غنى مطغي، كان مستقيم فلت على المصاري، أو مرض مفسد ينزع له كل حياته، أو هرم مفند، بعيد القصة ميت مرة، بصير حشري كرهوا أهله وجوده، هربوا منه، أو موت مجهز، أو الدجال، فشر غائبٍ منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر.
الآية دقيقة جداً:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾
بتعطف، بلطف، بتحبب.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ﴾
شو صاير لكم.
﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾
مالنا فاضين عنا موسم، شغل مثل النار مثلاً، ما في شغل مثل النار كله واقف.
﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾
قبلانين فيها أنتم فيها هي.
﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
غلطانين أنتم.
﴿إِلَّا تَنْفِرُوا﴾
من رحمتنا فيكم.
﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾
إذا أصررتم.
﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)﴾
فاالله عز وجل أخبرنا: أن متاع الحياة الدنيا قليل، والمؤمن لما ينتقل للآخرة، ينتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، كما ينتقل الجنين، من ضيق الرحم، 750 سانتي مكعب إلى سعة الدنيا، هكذا.
فهذه الآية يجب أن تبقى في أذهاننا، الحياة الدنيا زائلة ومتاعها قليل في آيات أخرى.
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
﴿وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)﴾
والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.