وضع داكن
28-03-2024
Logo
سبل الوصول - الدرس : 31 - التفكر في خلق السماوات والأرض
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

التفكر في خلق السماوات والأرض :

أيها الأخوة الأكارم، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: " سبل الوصول وعلامات القبول"، هذا الموضوع هو: "التفكر في خلق السماوات والأرض"، الأصل في هذا الموضوع قوله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة آل عمران ]

والسماوات والأرض مصطلحٌ قرآني، أي الكون، والكون ما سوى الله:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

نقف عند كلمة

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾

الفعل الماضي يدل على حدثٍ وقع، والفعل الأمر يدل على حدثٍ لم يقع، يقع بعد الأمر، لكن الفعل الماضي يدل على الاستمرار،

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

فالتفكر هو العبادة الأولى، لأن التفكر طريق معرفة الله، وأصل الدين معرفة الله، إن عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، حينما يعرف المسلمون الأمر، ولم يعرفوا الآمر، يقصرون في طاعة الآمر، وهذه مشكلة العالم الإسلامي الأولى.

 

العقل أكبر عطاء إلهي وأعظم شيءٍ في الكون :

أيها الأخوة، النقطة الدقيقة جداً أن الله سبحانه وتعالى أكرم الإنسان بهذا العقل، والعقل أعقد شيءٍ في الكون، أي هذا العقل عاجزٌ عن فهم ذاته.
من الأبحاث العلمية أن في الدماغ مئة وأربعين مليار خلية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، وعلى القشرة أربعة عشر مليار خلية قشرية، فيها المحاكمة، وفيها التصور، وفيها القرار، وفيها الاستنباط، وفيها التخيل.
العقل البشري أعظم شيءٍ في الكون، بل هو عاجزٌ عن فهم ذاته، بل إن العباقرة الكبار لم يستخدموا من إمكانات العقل البشري إلا الجزء اليسير.
أيها الأخوة، هذا العقل جهاز استشاري جاهز، تصور إنساناً باع بيته بثمنٍ فلكي، ولكن بالعملة الصعبة، وفي جيبه جهاز إلكتروني يكشف له العملة المزورة، يضع الورقة النقدية عليه، هناك لون على الشاشة، إذا كانت العملة أصلية ـ العملة معها معدن ـ يظهر لون معين، و إن كانت العملة مزورة يظهر لون آخر، وفي جيبه الثاني أرقام العملات المزورة، فباع بيته بثمنٍ باهظ، بعملةٍ أجنبية، ولم يستخدم هذا الجهاز، ولم يقرأ أرقام العملات، ففوجئ بعد حين أن العملات كلها مزورة، إذاً الذنب ذنبه، أحياناً الإنسان يمشي مع التيار العريض، يتعامل كما يتعامل الناس، يفعل كما يفعلون، ينحرف كما ينحرفون، يغفل كما يغفلون، ومعه جهاز استشاري يعينه على معرفة الصواب، و معه قرآن، معه منهج، يبين له الخطأ من الصواب، لم يستخدم عقله لمعرفة الخطأ من الصواب، ولم يستخدم الورقة التي في جيبه الأخرى.
فلذلك العقل أكبر عطاء إلهي، لكن مع الأسف الشديد هذا العقل اُستخدم للدنيا فقط.

الحق ما جاء به النقل الصحيح وقبِله العقل الصريح وارتاحت إليه الفطرة السليمة :

لكن بادئ ذي بدء: هناك دائرةٌ تتقاطع فيها أربعة خطوط، خط النقل الصحيح، وخط العقل الصريح، وخط الفطرة السليمة، وخط الواقع الموضوعي.
الحق ما جاء به الوحي من عند الله، أو ما جاء بالنقل الصحيح، إما قرآن، أو حديثٌ صحيح، هذا الحق، ما جاء به النقل الصحيح، وقبله العقل الصريح، معنى الصريح أي العقل المجرد عن الهوى، ليس العقل التبريري.
حينما تأتي دولة قوية إلى بلدٍ في الشرق الأوسط، وتقتل المليون، وتعيق المليون، وتشرد الخمسة ملايين، وتهدم كل شيء، وتقول: جئنا من أجل الحرية والديمقراطية، هذا عقل تبريري ساقط.
لذلك الحق ما جاء به النقل الصحيح، وقبِله العقل الصريح، غير التبريري، وارتاحت إليه الفطرة السليمة، وأيّده الواقع الموضوعي، لأن الواقع خلق الله، ولأن النقل الصحيح وحي الله، ولأن العقل الصريح مقياسٌ أودعه الله فينا، ولأن الفطرة مقياسٌ نفسي، يكشف لك عن خطأك، فالحق في الأصل هو الله، أما الفكرة الصحيحة، الفكرة التي هي حق، ما جاءت عن طريق الوحي، وقبلها العقل، وارتاحت إليها الفطرة، وأيدها الواقع الموضوعي.

العقل طريق الإنسان لمعرفة الله عز وجل :

أيها الأخوة، الفكرة الدقيقة جداً أن هذا العقل أعطاك الله إياه كي تعرفه، فإذا عرفته سعدت، وسلمت في الدنيا الآخرة، فاستخدم الإنسان هذا العقل من أجل دنياه فقط، فلذلك لابد من تقديم مثل: الآن هناك حواسيب معقدة جداً، وغالية جداً، قد يصل ثمنها إلى خمسين مليوناً، هذا الحاسوب تضع عليه قطرة من الدم، يعطيك سبعاً وعشرين تحليلاً فورياً، فلو أن إنساناً اشترى هذا الحاسوب بخمسين مليوناً، واستخدمه كطاولة، ألا تحتقره بهذه الطريقة؟ طاولة بهذا الحجم، وهو بهذا الحجم، حاسوب لتحليل الدم، كل قطرة دم تعطي سبعاً وعشرين تحليلاً فورياً، وإذا كان هناك مئة شخص 

ينتظرون، وكل إنسان يدفع خمسة آلاف، أو عشرة آلاف

هذا العقل أو هذا الحاسوب، يقدم أرباحاً مذهلة فلكية، ثمنه خمسون مليوناً، تستخدمه كطاولة!
شيء آخر: ورقة على الطاولة، طويلة، بيضاء، هي شك بألف مليون، لكنها مقلوبة على ظهرها، فظنها صاحبها ورقة عادية، فكتب عليها بعض الحسابات، ثم مزقها في المهملات، ثم اكتشف بعد حين أن هذه الورقة هي شك بألف مليون دولار، كم يتألم؟.
هذا العقل أودعه الله فينا كي نعرفه، فإذا عرفناه سلمنا وسعدنا في الدنيا والآخرة، أما الإنجازات التي قدمها العقل شيء لا يصدق، تركب طائرة، على ارتفاع أربعين أو خمسين ألف قدم، المقاعد وثيرة، تغدو بعد حين سريراً كاملاً، الجو مكيف، يُقدم لك الطعام، والشراب، أمامك قنوات، أمامك صحف ومجلات، وأنت على ارتفاع أربعين ألف قدم، والسرعة ألف كيلو متر في الساعة هذه الطائرة من إنجاز العقل البشري.

الإنجازات التي نعيشها الآن هي من إنتاج العقل :

أخواننا الكرام، هناك شيء دقيق: الحاسوب رفع الدقة من واحد لمليون، خفض الجهد من مليون لواحد، تطور من دراجة إلى (rose rise )، هبط سعره من (rose rise ) إلى دراجة، أي بالضغط على بعض الأزرار يقدم لك معلومات تفوق حدّ الخيال، أنا عندي شريحة، صدقوا حجمها أقل من أربعة ميلي، تتسع لأربعين ألف صفحة، الآن هناك انجازات، وهذا شيء لا يصدق.
الآن عندي مجلة ألمانية، فيها صورة للأرض من القمر، الأرض كما هي كرة، عليها مربع صغير جداً، المربع كُبر هناك صورة ثانية، فإذا هو أمريكا الشمالية، على هذه الخارطة مربع صغير جداً، كُبر في الصورة الثالثة، فإذا هو فلوريدا، على هذه الصورة مربع صغير جداً كُبر في الصورة الرابعة، فإذا هو ساحل في فلوريدا، عليه مربع صغير، كُبر في الصورة الخامسة، فإذا هو ميناء، وحقل، ومرج، وعليه نقطة، النقطة كُبرت في الصورة السادسة، فإذا إنسان مستلق على قماش، ومعه قصة، يمكن أن تقرأ عنوانها، وهناك صحن تفاح على جانبه، هذه الصورة من القمر، وأحياناً يكتبون: ممنوع التصوير.
هذا العقل البشري الذي صنع هذه الآلات، الآن هناك آلات تريك من سبعة كيلو متر نقطة تتحرك، قبل ثمانية كيلو متر ترى الشخص كما هو، لكن سعر هذه الآلة نصف مليون، هذا العقل البشري قدم أشياء مذهلة.
مثلاً المحمول، إنسان معه قطعة في جيبه، يتصل بأمريكا، بأستراليا، بأي إنسان في العالم، كأنه أمامك، ما هذا الانجاز؟.
أخواننا الكرام، أشعة الليزر، تقيس المسافة بين الأرض والقمر بالمليمترات، تذهب أشعة وتعود، يستخدم المهندسون هذا الجهاز، يقف بمكان يرسل أشعة، تذهب وتعود يقول لك: ثلاثة وأربعون متراً وخمسة وثلاثون مليمتر بالضبط، الإنجازات التي ترونها بأعينكم، ركبت قطار بفرنسا، سرعته تقدر بثلاثمئة وخمسين كيلو متر، قطار من مركز باريس إلى مركز ليون.
إذاً العقل البشري عندما وظّف في شؤون الدنيا قدّم إنجازات مذهلة، وهذه الإنجازات هي واحد بالمليار من طاقاته، وقد أودع الله فيك العقل، كي تسلم، وتسعد في الدنيا والآخرة، فاستخدمه الإنسان من أجل مصالحه فقط.
أيها الأخوة، الآن، أو قديماً، إرسال رسالة من المدينة إلى بغداد يحتاج إلى شهرين، الآن استخدم الفاكس، تكتب الفاكس إلى أقصى مكان في العالم، إلى ألاسكا، بثانية واحدة تكون الرسالة هناك.
أنا أسافر أحياناً معي لاب توب صغير، فيه موسوعة فيها عشرة آلاف كتاب، مئتا كتاب تفسير، كتب الحديث كلها، كتب الفقه كلها، المعاجم كلها، كل الكتب في هذا الكومبيوتر الصغير، أنت تسافر معك عشرة آلاف كتاب، والبحث يتم بدقائق، والنصوص مضبوطة بالشكل.
الإنجازات التي نعيشها الآن العقل لا يصدقها، هي من إنتاج العقل، أما أنا والله حينما أرى إنجازاً عظيماً أسبح الله على هذا الإنجاز، لماذا؟ القرود صنعوا طائرة؟ يقول لك: الإنسان أصله قرد، مع أنني أنا آمنت بهذه النظرية لكن معكوسة، إنه كان إنساناً صار قرداً الآن، القرود صنعوا طائرة؟ ركبوا البحر؟ ذهبوا إلى القمر؟ غاصوا أعماق البحار؟ الآن هناك سفن أو غواصات تصل إلى خليج مريانا في المحيط الهادي، عمق هذا الخليج ـ أعمق نقطة في البحر ـ اثنا عشر كيلو متر، فإنسان يركب مركبة، مصفحة، وفيها شاشات، وفيها نوافذ، وفيها إضاءة، شديدة، يرى قاع البحر.

الإنسان يستطيع أن يصل بالعقل إلى أعلى درجة في الدنيا والآخرة :

أيها الأخوة، طبعاً الحديث عن المنجزات لا ينتهي، أما أنا والله هذه الإنجازات تزيدني تعظيماً لله، لأن الإنسان أعطاه الله عقلاً، تركب طائرة، ركبت رحلة من باريس إلى سان باولو، ثلاث عشرة ساعة بالفضاء، أربعمئة راكب، يأكلون، ويشربون، وينامون، فوق في الجو، فهناك تطور شديد، أنت تفتح القرآن الكريم، تقرأ قوله تعالى:

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل ]

لأنه كلام الله.
لذلك أيها الأخوة، أنت بالإمكان أن تصل بهذا العقل إلى أعلى درجة في الدنيا والآخرة، لو فكرت في خلق السماوات والأرض، وعرفت الله، إنك إن عرفت الله عرفت كل شيء، وإن فاتتك معرفة الله فاتك كل شيء، والله أحب إليك من كل شيء.
لكن قد يقول أحدهم: هؤلاء العلماء الكبار لِمَ لم يؤمنوا؟ والجواب الدقيق: بعضهم آمن، أنشتاين آمن، ماذا قال؟ هناك كتاب أحتفظ به، يقول هذا العالم الذي جاء بالنظرية النسبية: كل إنسان لا يرى من هذا الكون قوةً، هي أقوى ما تكون، عليمةً هي أعلم ما تكون، حكيمةً هي أحكم ما تكون، رحيمةً هي أرحم ما تكون، هو إنسانٌ حي، ولكنه ميت، هذا كلام أنشتاين.
دارون لم يؤمن قال: لا، هذه المخلوقات تطورت، من مخلوقات وحيدة الخلية إلى الإنسان، وجاء بهذه النظرية، والآن ثبت بالدليل القطعي من معظم العلماء الغربيين أنها باطلة، لأنه ادعى أن الفأرة تأتي من الخرق البالية، وأن الضفدع يأتي من الوحل، وأن الدود يأتي من اللحم المتفسخ، إن هذه مادة أصبحت كائناً حياً، والعلم طبعاً أثبت بطلانها، وسخر منها، لكن أقوى دليل على بطلان هذه النظرية، أنه حينما يتوهم أن هناك تطوراً بالمخلوقات إذاً لابد من مخلوق مرحلي، بالمستحاثات وجدوا أن هناك أحافير لحيوانات عاشت قبل خمسمئة وثلاثين مليون عام كما هي الآن تماماً، أحافير في المستحاثات، فيها صور حيوانات، عاشت قبل خمسمئة وثلاثين مليون عام، وهذه الحيوانات أو الطيور كما هي الآن تماماً، هذه النظرية باطلة سقطت، ومع الأسف الشديد هناك بعض الدول الإسلامية تدرس هذه النظرية، وهي مريحة بالنسبة للغرب لأنها تؤكد أنه لا يوجد خالق.
لذلك الطغاة حينما يبيدون الشعوب يرتاحون بهذه النظرية، أما حينما تعلم أن هناك إلهاً سيحاسبك، تعد للمليون قبل أن تؤذي مخلوقاً.

 

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :

أيها الأخوة، وكالة الفضاء ناسا، عرضت صورة بموقعها الإلكتروني لوردة، لا تشك للحظة واحدة أنها وردة جورية، وردة جميلة جداً، بأوراقها الحمراء الداكنة، بوريقاتها الخضراء الزاهية، بكأسها الأزرق في الوسط، مكتوب تحت هذه الصورة، صورة انفجارٍ لنجمٍ اسمه عين القط، يبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية، نحن اتفقنا قبل حين أن أربع سنوات ضوئية لو أن هناك طريقاً إلى هذا النجم، لاحتجنا إلى خمسين مليون عام لنصل إليه، هذا النجم بعده عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية، تفتح القرآن يقول الله عز وجل:

﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾

[ سورة الرحمن ]

يقول رائد الفضاء بعد أن تجاوز طبقة الهواء البالغة خمسة وستين ألف كيلو متر قال: لقد أصبحنا عمياً، لأنه انعدم انتثار الضوء، انتثار الضوء ظاهرة فيزيائية في الضوء لابد من شرحها في وقت آخر إن شاء الله، فقال: لقد أصبحنا عمياً، تفتح القرآن الكريم:

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾

[ سورة الحجر ]

هذا القرآن من عند خالق الأكوان، والدليل الإعجاز العلمي، مثلاً بيننا وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، يقطعها الضوء في مسافة قليلة جداً، هي أربع سنوات ضوئية، لكن لو ترجمنا هذا المصطلح إلى كيلو مترات، يقطع الضوء في الثانية ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، في الساعة ضرب ستين، في اليوم ضرب أربع وعشرين، في العام ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بأربعة أعوام ضرب أربعة، هذا الرقم لو معك مركبة، وسرعتك مئة، قسّم على مئة، كم ساعة تريد؟ قسم على أربع وعشرين، كم يوم؟ قسّم على ثلاثمئة وخمسة وستين، كم سنة؟ من أجل أن تصل إلى أقرب نجم ملتهب تحتاج إلى خمسين مليون عام، هذا النجم أربع سنوات، نجم القطب أربع آلاف سنة، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية، نجم حديث أربع وعشرين مليار سنة ضوئية، هذا الكون يدل على الله، الشمس أكبر من الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي يدخل إلى جوف الشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض، بينهما مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر، وفي برج العقرب نجم اسمه قلب العقرب، يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما، هذا الإله العظيم يعصى؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟.

من لم يُعمل فكره في هذا الكون العظيم يبقى غافلاً عن الله عز وجل :

أيها الأخوة، العين، آلات التصوير هذه احترافية، ورقمية، أي ديجيتال، هذه الآلة فيها بالميليمتر المربع عشرة آلاف مستقبل ضوئي، أما بالعين البشرية بالميليمتر المربع من الشبكية مئة مليون مستقبل ضوئي، وماء العين فيه مادة مضادة للتجمد، حتى إذا كنت بمكان بارد لا تتجمد العين.
الله فتح بين الأذينين ثقباً، كشفه عالم فرنسي اسمه بوتال، هذا الثقب يلغي الدورة الدموية الصغرى، لأن في البطن لا يوجد هواء ولا تنفس، هناك رئتان لكن معطلتين، عند الولادة تأتي جلطة، فتغلق هذا الثقب، يد من؟.
وأنت نائم غارق في النوم، يتجمع اللعاب في فمك، تذهب رسالة من الفم إلى الدماغ أن اللعاب ازداد، يأتي أمر من الدماغ، يأمر لسان المزمار بإغلاق مجرى الهواء، وفتح مجرى المعدة، فتبلع ريقك، وأنت نائم.
يُضغط قسم من جسمك تحت الهيكل العظمي، هناك مراكز ضغط تبلغ الدماغ أن ضغطنا، يأتي أمر من الدماغ فتقلب مرة على اليمين، ومرة على اليسار، حتى لا تقع من على السرير.

﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾

[ سورة الكهف الآية: 18 ]

الطفل الآن يلد، لولا أنه مزود بآلية معقدة جداً تأتيه مع الولادة من دون تعلم هي منعكس المص ما كان هذا الدرس، ولا كان هناك دمشق، ولا سورية، ولا إنسان في الأرض، الآن الطفل يلد فوراً يمص ثدي أمه.
أيها الأخوة، المشكلة أن الإنسان إذا لم يُعمل فكره في هذا الكون العظيم يبقى غافلاً عن الله عز وجل، إنجازات العقل البشري تقدم لك أموالاً طائلة، أو منصباً رفيعاً، أو متعة ساقطة بالغة، والأنبياء استخدموا عقولهم، ثم جاءهم الوحي في معرفة الله، فسعدوا، وأسعدوا، وسلموا.
شيء ثان: الدنيا لها سقف، أي بقدر ما كنت غنياً، على كم سرير تنام؟ كم ثوباً ترتدي؟ تجد الدنيا لها سقف، بقدر ما اغتنيت هناك سقف، أما الآخرة ليس لها سقف، فلو أعملت عقلك في الدنيا، هذه الدنيا تعطيك مالاً، أو مكانة، أو شيئاً آخر، وهذه الأشياء محدودة.
لذلك المؤمن استخدم عقله لمعرفة الله، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة.
آخر حديث يقول عليه الصلاة والسلام:

(( بادِرُوا بالأعمال سبعا: هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا، أو غِني مُطغيا، أو مَرَضا مُفسِدا، أو هَرَما مُفنِدا، أو موتا مُجْهِزا، والدجالَ؟ والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ، والساعةَ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))

[ أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور