الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمد الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.
طاعة رسول الله والاستجابة له عين طاعة الله والاستجابة له:
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الثاني والثلاثين من دروس سورة النساء، ومع الآية الرابعة والستين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(64)﴾
أي أن أيَّ رسول كائناً من كان معه منهج إلهي، ومعه منهج تفصيلي، وما أرسله الله إلا ليكون هذا المنهج مُطبَّقاً في حياة مَن دعاهم إلى الله، فطاعة رسول الله عين طاعة الله، والاستجابة لرسول الله عين الاستجابة لله، وإرضاء رسول الله عين إرضاء الله، قال تعالى:
﴿ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ(62)﴾
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ(50)﴾
أي أن استجابتهم لك هي استجابة لله، والبديل اتباع الهوى:
﴿ مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا(80)﴾
إذاً: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ هذا الأمر الذي يلقيه عليك النبي ليس من عنده، ولا من اجتهاده، ولا من ثقافته، ولا من بيئته، إنه من الوحي، أنت حينما تطيع رسول الله معنى ذلك أنك تطيع الله، لا تأخذ كلام النبي على أنه كلامه، ينبغي أن تأخذه على أنه من عند الله، ولأن الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى(3) إِنْ هُو إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)﴾
أحد أصحاب النبي رضوان الله عليه وهو سيدنا سعد بن أبي وقاص قال: ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس، من هذه الثلاثة أنه ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى.
مقياس نجاح تعاملك مع رسول الله لا في الإعجاب به فحسب ولكن في طاعته:
إذاً علاقتك برسول الله لا أن تُعجَب به فقط، لا أن تثني على عبقريته، لا أن تثني على حكمته، لا أن تجعله فوق المئة الأوائل في الأرض فقط، ينبغي أن تطيعه، أي مقياس نجاح تعاملك مع رسول الله لا في الإعجاب به فحسب، ولكن في طاعته: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ﴾ وهذه (من) تفيد استغراق أفراد النوع، أي ما من رسول على الإطلاق إلا ينبغي أن يطاع، لأن أمره ليس من عنده، بل هو من عند الله: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ فرق كبير بين أن تتوهم أن هذا الأمر من عند النبي وبين أن تعتقد اعتقاداً يقينياً أن هذا الأمر الذي جاء به النبي هو من عند الله، إنك إن أطعته أطعت الله، إن استجبت له استجبت لله، إن أرضيته أرضيت الله، إن أحببته أحببت الله، محبة النبي عليه الصلاة والسلام عين محبة الله، لذلك قال بعض العلماء: هناك حب في الله، وهو عين التوحيد، أنت في الأصل تحب الله، ولأنك تحب الله تحب رسول الله، ولأنك تحب رسول الله تحب أصحاب رسول الله، ولأنك تحب أصحاب رسول الله تحب كل من اتبع رسول الله، ولأنك تحب هؤلاء جميعاً تحب المساجد، وتحب تلاوة القرآن، وتحب العمل الصالح، وتحب العبادات، كل أنواع هذه المحبة هي في الحقيقة محبة واحدة، هذا هو الحب في الله، أما الحب مع الله هو عين الشرك، أن تحب جهة لا تحب الله، أو أن تحب جهة لا يرضى الله عنها، أو أن تحب جهة هي في الأصل ليست مطيعة لله عز وجل لمصلحة تبتغيها، هذا حب مع الله، وهو عين الشرك.
أكبر خسارة على الإطلاق أن يخسر الإنسان نفسه:
قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ﴾ أيها الإخوة، الإنسان قد يظلم الآخرين، ولكن أشد أنواع الظلم، ولكن أقسى أنواع الظلم، ولكن أخطر أنواع الظلم أن يظلم نفسه، قد يخسر بيته بخطأ ارتكبه، وقد يخسر شركة، وقد يخسر رأسماله، أما أكبر خسارة على الإطلاق أن يخسر نفسه:
﴿ فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِۦ ۗ قُلْ إِنَّ ٱلْخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ(15)﴾
قد تخسر شيئاً فتعوضه، أما حينما تخسر نفسك، يُقاس عليها أن الإنسان حينما لا يُعرّف نفسه بالله، ولا يستقيم على أمر الله، ولا يعمل العمل الصالح الذي يرتقي به عند الله، ولا يسعى إلى الجنة، ولا يتّقي النار فقد وقع في ظلم نفسه الظلم الشديد، أرأيت إلى إنسان يُعرِض عن الله، وعن طاعته، وعن طلب العلم، وعن مرضاته، يبحث عن شهوة يقتنصها، أو لذة يمارسها، أو مصلحة يأخذها، إنه يظلم نفسه، ألا يا رُب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً، رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة، ألا يا رُب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة، ألا يا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا يا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم. الغنى والفقر بعد العرض على الله.
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ﴾ ماذا ينبغي أن يفعل من ظلم نفسه؟ أولاً: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ أيها الإخوة، والله لا أبالغ إن من أخطر الآيات في كتاب الله التي تتحدث عن مقام رسول الله هذه الآية، أي أنت حينما تخطئ، حينما تظلم نفسك، ماذا ينبغي أن تفعل؟ ينبغي أن تتجه إلى رسول الله الذي اعتمده الله مبلِّغاً عنه، والذي أمرك أن تأتمر بأمره، وأمرك أن تنتهي عما عنه نهى، ينبغي أن تأتي أولاً إلى رسول الله؛ لأنك إن أهملت مقامه أهملت المرسِل، إن لم تعبأ بمنهجه لم تعبأ بمن أرسله، إن لم تأتمر بما أمرك لا تأتمر بالذي أمره، هذا الذي يقول لا علاقة لي بالأشخاص، أنا علاقتي مع الله مباشرة، أنت بهذا لا تعبأ بالمرسِل، حينما تأتيك رسالة، وتمزقها قبل أن تقرأها أليس هذا كفرٌ بالمرسِل؟
من أخطر الآيات في كتاب الله التي تتحدث عن مقام رسول الله الآية التالية:
أيها الإخوة الكرام: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ يأتونك أولاً ليستطلعوا منك ماذا ينبغي أن يفعلوا؟ ما الأمر الذي يرضي الله؟ ما الأمر الذي يُغضب الله؟ كيف يتوبون؟ كيف يصلحون أنفسهم؟
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ أما حينما يتجاوزونك فهم يتجاوزون من أرسلك، حينما يتجاوزونك لا يعبؤون بالذي أرسلك، هم حينما لا يهتمون بك هم لا يهتمون بقرار الله عز وجل الذي أرسلك، لو وسّعنا الدائرة، لو أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسولاً أتباع الرسول السابق لم يعترفوا به، ولم يُذعِنوا له، ولم يُسلِموا له، كيف؟ أي أنت كمدير مؤسسة تابعة لوزارة، هناك وزارة جديدة تشكلت، أنت كمدير مؤسسة ترفض أن تأخذ أمرك من الوزير الحالي، تقول: لا، أنا أتلقّى أمري من الوزير السابق، أليس هذا تحدياً للملك الذي عيَّن هذه الوزارة؟ شيء واضح جداً، فهذا الذي يرفض أن يتّبع آخر نبي أرسله الله عز وجل إنه يتحدّى مَن أرسله، إنه لا يستسلم لمَن أرسله، إنه لا يُذعِن لمن أرسله، الآن حينما تلغي مقام الرسالة ومقام النبوة، ولا تعبأ بمنهج النبي، وتقول مُدَّعياً: أنا علاقتي مع الله مباشرة، فالله لا يقبلك، ولا يتوب عليك، لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ﴾ بعد أن يأتوك.
أي اعتراض على حديث صحيح ثابت قطعي الدلالة هو اعتراض على رسول الله:
استغفروا الله وفق توجيهاتك، استغفروا الله وفق منهجك، يقول لك أحدهم: أنا إيماني بقلبي، لو لم أصلِ أنا خير ممن يصلي، مرتاح، لا يصلي أبداً، أنا لا أؤذي أحداً، أنت بهذا تجاوزت كلام سيد الخلق:
(( العهد بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن ترك الصلاة فقد كفر. ))
[ رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد ]
لم تعبأ بهذا الكلام، يقول: أنا قلبي نظيف، أنا لا أحقد على أحد، ليس في قلبي غِلٌّ لأحد، إذاً أنا أفضل ممن يعبدون الله، هذا نموذج متكرر، إلغاء الرسالة كلياً، لا يعبأ بكلام رسول الله، هناك دعوة صريحة الآن إلى إلغاء السنة كلها، مع أن الله عز وجل يقول:
﴿ مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةًۢ بَيْنَ ٱلْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ ۚ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ(7)﴾
إذاً لا يقبلنا الله عز وجل، ولا يتوب علينا إلا إذا أتينا رسوله، لأنه معصوم من أن يخطئ في أقواله، وأفعاله، وإقراره، أُمِرنا أن نأخذ عنه، وأن ننتهي عما نهى عنه، أُمِرنا أن نجعله أسوة لنا، فهذا الذي يلغي مقام رسول الله يلغي مقام الرسالة، هو هكذا فعل، أفعاله سنة، أقواله، وأفعاله، وإقراره سنة، فالنبي ما صافح النساء تقول: هذا الحكم لا يصلح لهذه الأيام، إذاً أنت تلغي مقام الرسالة، أي اعتراض على حديث صحيح ثابت قطعي الدلالة والثبوت هو اعتراض على رسول الله، وهو اعتراض على من أرسله، دققوا: إنه اعتراض على من أرسله: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ بدؤوا بك ماذا توجهنا، كيف نتوب؟ أما حينما لا نأتمر بأمر رسول الله، ولا ننتهي عما عنه نهى، وندعي أن علاقتنا بالله مباشرة، نقيم يانصيباً خيرياً، ونقيم حفلة غنائية ساهرة يُرصَد ريعها للأيتام، لماذا السنة؟ أقول لكم هذا الشيء واقع، هناك من يقول: أنا مؤمن بالله، ولا أؤذي أحداً، أما هذا التوجيه الضخم من رسول الله فليس له عنده قيمة إطلاقاً: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ جاءوك يا محمد، جاؤوك أولاً.
النبي بشر مثلنا ولكن يُوحى إليه:
إن جاؤوك هم يحترمون من أرسلك، إن جاؤوك يعظمون من أرسلك، إن جاؤوك يعظمون من كلفك، يعظمون من أنطقك: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ لكنك لست إلا نبيّاً، لا تزيد عن أنك بشر، ولكن يُوحى إليك:
﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا(110)﴾
إذاً أنت لا تُستغفَر، الذي يُستغفَر هو الله: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ الله﴾ أرأيت إلى التوحيد؟ أنا أعتقد أنه ما من إنسانَين على وجه الأرض أحبا بعضهما بعضاً كحب الصِّديق لرسول الله، ومع ذلك يوم توفاه الله قال الصديق رضي الله عنه:
(( من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ))
مقام الألوهية شيء ومقام النبوة شيء آخر:
إخواننا الكرام، مقام الرسالة مقام خطير جداً، يوجد خط أدنى لو نزلت عنه لكفرت بالرسالة، ولو تجاوزت الخط الأعلى لألّهت رسول الله، هناك من يقول: إن الكون كله مخلوق من نور محمد، هذه مبالغة، هذا كلام غير صحيح، إن الخلق خُلِقوا ليكونوا على شاكلة محمد، هو قدوة لنا، لذلك سمح الله جل جلاله لرسوله بهامش اجتهادي ضيق فإن أصاب النبي أقرّه على إصابته، وإن لم يُصِب صحح له:
﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَٰذِبِينَ(43)﴾
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى(1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)﴾
ليكون هذا الهامش الاجتهادي دليلاً على أنّ مقام الألوهية شيء، وأن مقام النبوة شيء آخر، لئلا يُعبَد من دون الله.
إذاً حينما يأتونك لا ليعبدوك من دون الله، لا، ﴿فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ﴾ لكن جاؤوك ليأخذوا المنهج من عندك، جاؤوك ليتعرفوا على أمر الله من خلالك، جاؤوك لترسم لهم الطريق إلى الله من خلال توجيهك، جاؤوك أي احترموا من أرسلك، وعظَّموا من أرسلك، واعتقدوا أنك على حق بأقوالك، وأفعالك، وإقرارك: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ لو توسعتَ في هذا الموضوع قليلاً، النموذج المعاصر الآن يلتقي إنسان مثقف مع مئة شيخ، أنا أقول: ليس على وجه الأرض إنسان مؤهل أن تأخذ منه من دون دليل، لأن هذا دين، قضية مصيرية، إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفد عذابها، لكن حينما تأتي عالماً جليلاً، ويأتيك بالدليل، ولا يُعجبك الدليل، حينما يأتيك بالأمر الإلهي، والدليل على أنه واجب التطبيق، ولا تُذعِن له، حينما يأتيك بالنهي الصريح من كتاب الله، ومن سنة رسول الله، ولا تعبأ به أنت من؟ أنت ممن لم يأتِ رسول الله، القرآن كتاب هداية ليوم القيامة.
حينما نتجاوز كلام النبي فنحن إذاً لا نتبع الله عز وجل:
لا يُعقل أن تغطي هذه الآية الصحابة فقط، هذه الآية تغطي المؤمنين إلى يوم القيامة: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ حينما يأتونك يا محمد هم يعظّمون الذي أرسلك، يُقِرون لك بالعصمة، ينفذون أمر الله عز وجل بطاعتك، لأن طاعتك طاعة الله عز وجل: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ﴾ وفق توجيهك، أي قد يأتي إنسان إلى عالم، والعلماء كما قال عليه الصلاة والسلام: ورثة الأنبياء، لكن لا يمكن أن تُقبَل أقوالهم من دون دليل، لا يوجد في حياة المسلمين إلا إنسان واحد كلامه هو الدليل، إنه رسول الله فقط، ما سوى النبي كلامه يحتاج إلى دليل من كلام النبي، فحينما تأتي عالماً تسأله عن موضوع الربا يقول لك: يا أخي هذا العمل محرم، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾
ولا يعجبه هذا الكلام، أنت لم تعترض على هذا العالم، لا، العالم ما قال لك من عنده شيْئاً، العالم جاءك بالدليل من كتاب الله، أنت بهذا لا تعبأ بكلام الله، ولا تعبأ بحديث رسول الله، لولا أن هذه ظاهرة متفشية، ومتكررة، ومستمرة ما ذكرها الله في القرآن الكريم: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ أي جاؤوا إلى الرسول، إلى من اختاره الله رسولاً، إلى من سمح الله له أن ينطق بالحق، إلى مَن عصمه الله، إلى من أمرك الله أن تلتزم أمره ونهيه، هذا الشيء الطبيعي، أما حينما نتجاوز كلام النبي فنحن إذاً لا نتبع الله عز وجل، وأقوى دليل:
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(31)﴾
استغفار الرسول يدلنا على طريق الاستغفار لله:
قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ﴾ استغفار الرسول دلهم على طريق الاستغفار لله، افعل كذا، إذا أسأت فأحسِن، استغفر، تُب، صم نفلاً، ادفع صدقة، الزم الدرس فرضاً، أي دلّك النبي على طريق الاستغفار لله عز وجل، بعد أن أتيت النبي، واستغفرت الله بتوجيه النبي الآن تجد الله تواباً رحيماً، لذلك فإن احترام الرسالة احترام للمرسل، واحترام الأمر احترام للآمر، وتعظيم النبي تعظيم لمن أرسله، واتباع النبي اتباعٌ لمن أرسله، محبة النبي محبةٌ لمن أرسله، الأدب مع النبي أدبٌ مع من أرسله، أي بالنظام المدني في العالم كله الوالي قديماً أو المحافظ في المصطلح الجديد يمثل رئيس الجمهورية في محافظته، فمن تطاول عليه فهو في الحقيقة تطاول على رأس المجتمع فيعاقَب، هذا في النظام المدني فكيف بقانون الله عز وجل؟ هذه الآية تعني أنه ينبغي أن تأتي البيوت من أبوابها، والنبي عليه الصلاة والسلام باب الله، لا تأتِ البيوت من السطوح، تعال من الباب، والنبي باب الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام:
(( إذا سمعتُمُ المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليَّ، فإنَّهُ من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليْهِ بِها عشرًا، ثمَّ سلوا ليَ الوسيلةَ فإنَّها منزلةٌ لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللَّهِ وأرجو أن أَكونَ أنا هو، ومن سألَ ليَ الوسيلةَ حلَّت عليْهِ الشَّفاعةُ. ))
كما قال عليه الصلاة والسلام، لذلك نحن عقب الأذان نقول: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمداً الفضيلة والوسيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد" لذلك هذا الذي لا يعبأ بالسُّنة لا يعبأ بالدين، هذا الذي لا يعبأ بحديث رسول الله لا يعبأ بالقرآن، هذا الذي لا يتأدب مع رسول الله لا يتأدب مع الله، هذه الآية تبين مقام النبي عليه الصلاة والسلام.
في الآية التالية أقسم الله تعالى بعمر النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الله عز وجل:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ(72)﴾
أقسمَ بعُمر النبي، وتأسيساً على هذه الحقيقة:
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا(65)﴾
حينما تختلف مع أخ، مع صحابي، وأنت صحابي، وتأتيان إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وتحتكمان إليه، ولم يعجبك حكم النبي فأنت لست مؤمناً ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾
حينما نحتكم إلى سنة رسول الله التفصيلية هذا يقوم مقام أن نأتيه في حياته:
أيها الإخوة، الآن موضوع دقيق، في حياة النبي عليه الصلاة والسلام: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ﴾ جاؤوك، وتعلموا منك كيف يستغفرون الله، وبيّنت لهم الطريق إلى الله، وطريق التوبة، وطريق الاتصال، وطريق العمل الصالح، ولكن هذه الآية كيف نفهمها بعد وفاة رسول الله؟ العلماء قالوا: أنت حينما تحتكم إلى سنة رسول الله التفصيلية هذا يقوم مقام أن تأتيه في حياته، يؤكد هذا المعنى الدقيق أن الله جل جلاله يقول: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ﴾ من خلال سنته، يؤكد هذا الكلام:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِى شَىْءٍۢ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59)﴾
توفي الرسول، التحق بالرفيق الأعلى، تطيع أمره ونهيه اللذَين حُفِظا بعد وفاته، إذاً هذه الآية تعني بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحتكم إلى سنته التفصيلية، أن تحتكم إلى الشرع الذي جاء به، أن تحتكم إلى الأحاديث الصحيحة التي نُسِبت إليه، أن تحتكم إلى توجيهاته، إلى إرشاداته، إلى أحكامه:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا(36)﴾
كل أمر موجه للمؤمنين بطاعة الرسول في حياته هو موجه إليهم باتباع سنته بعد مماته:
إذاً في حياته تأتي إليه، وبعد مماته تأتي إلى سنته، هذا معنى.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1)﴾
لا تقترح اقتراحاً خلاف ما في القرآن، وخلاف ما في السنة، لو ألغينا قطع اليد لمَا كنا عند الغرب همجيين، لا، لا تقترح إلغاء حُكمٍ حَكَمَ اللهُ به، ولا تقترح إلغاء حكمٍ حَكَم به رسول الله.
أيها الإخوة، كل أمر موجَّه إلى المؤمنين بطاعة رسول الله في حياته هو موجه إلى عامة المؤمنين باتباع سنته بعد مماته، إذاً حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم.
توفي عليه الصلاة والسلام، وترك سنته بين أيدينا، الآن لا يوجد بيت في العالم الإسلامي إلا ويوجد فيه كتاب سنة، رياض الصالحين، أذكار النووي، صحيح البخاري، صحيح مسلم، كتب الحديث الستة، سنته بين أيدي الناس، والآن مع ثورة المعلومات والاتصالات تنبّأ النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا الأمر أمر الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وأنا العبد الفقير ذهبت إلى أقصى مكان في الأرض، إلى سيدني في أستراليا، فوجدت أن إذاعتين في سيدني تذيعان أقوال النبي وسنته وتفسير القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( لَيَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بلَغَ اللَّيلُ والنَّهارُ. ))
فسنته بين أيدي الناس جميعاً في القارات الخمس، الكتب، والأشرطة، والمحاضرات، والندوات. إذاً أن تأتي النبي بعد مماته يعني أن تأتي إلى سنته فتتبعها.
نفي الإيمان عن إنسان لا يذعن لحكم النبي:
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾ نُفِي الإيمان عن إنسان لا يُذعن لحكم النبي، أضرب لكم هذا المثل: قال النبي الكريم: لا تقتلوا عمي العباس، قُبيل بدر، شخص فكر وقال: أينهانا عن قتل عمه، وأحدنا يقتل أباه وأخاه في الحرب، أي أساء الظن برسول الله، ثم كُشف له أن عمه العباس قد أسلم في مكة، وبقي عين النبي في مكة، لو أنه لم يخرج لكشف أمره، فانتهت مهمته، لو أن النبي ذكر أنه قد أسلم لكشفه، وانتهت مهمته، لو سكت النبي لقتله أصحابه، لا بد من أن يقول: لا تقتلوا عمي العباس، هذا الذي ظن ظنَّ السوء برسول الله يقول عن نفسه: ظللت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله.
(( جاء رجل من بني تميم، يقال له ذو الخويصرة، فوقف عليه وهو يعطي الناس، فقال: يا محمد ، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل، فكيف رأيت؟ فقال: لم أرك عدلت؟ قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، -وكان إذا غضب عليه الصلاة والسلام ينبض عرق له- ثم قال: ويحك إذا لم يكن العدل عندي، فعند من يكون؟ فقال عمر بن الخطاب :يا رسول الله، ألا أقتله؟ فقال لا، دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النصل، فلا يوجد شيء، ثم في الفدح، فلا يوجد شيء، ثم في الفوق، فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدم. ))
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ﴾ نحن لم يتح لنا أن نلتقي برسول الله، تطبيق هذه الآية اليوم كيف؟ أتيت عالماً جليلاً أنت وخصمك فحكم لكما وفق كتاب الله وسنة رسول الله، عملك غير شرعي، وهذا هو الدليل الصحيح قطعي الثبوت والدلالة فلم تعبأ بهذا الحكم، هذا التطبيق المعاصر، أوسع تطبيق أن كل امرأة تختلف مع زوجها في المهجر تحتكم إلى قاض غربي، لأنه يحكم لها بنصف ثروة زوجها، ولم تعبأ بحديث رسول الله أنه إذا طُلِّقت يُحكَم لها بالمهر فقط، أي لولا أن هذه مشكلة كبيرة جداً ما احتلت هذا الحيّز في القرآن الكريم، هناك من لا يعبأ بالسنة، هناك كتب أُلِّفت لإلغاء السنة، هناك محاضرات ألقيت لإلغاء السنة، هناك سلوك يومي مخالف للسنة:
لا تبتعدوا، كم من أسرة في بلاد المسلمين يجتمع الأصهار وزوجاتهم على مائدة واحدة؟ كم أسرة؟ قل لي بالعكس: كم أسرة لا تفعل هذا؟ أسهل، معنى ذلك أن كلام النبي لا يعبأ المسلمون به اليوم، يكفي أن تجمع كل أصهارك وبناتك على مائدة واحدة، لم تعبأ بقول النبي: (الحمو الموت) هذه واحدة.
معظم المسلمين هذه الأيام لا يطبقون سُّنة رسول الله في حياتهم اليومية:
يكفي أن تنمّي مالك ببنك ربوي، أما أن يعدل أكل درهم من الربا أن يزني الإنسان بأمه، فكلام النبي هذا لا يعبأ به أحد، معظم المسلمين يضعون أموالهم في مصارف ربوية، هذا واقع، والنبي نهى عن الغناء، فكم بيتاً مسلماً لا يوجد به غناء؟ مغنية تغني بمعانٍ جنسية، كم بيتاً مسلماً لا يوجد به غناء؟ أين سنة النبي؟ إذا رفض شاب مؤمن أن يدخل يوم عرسه إلى صالة الاحتفال، وفيها مئة امرأة كاسية عارية، وجلس مع عروسه لا يعد هذا لبِقاً، وليس من بني المجتمع، كلهم مسلمون، هذه آية متعلقة بالواقع، لا أحد يعبأ بسنة النبي الآن، لا أحد يأخذها مأخذاً جِدياً، أما من السهل أن تقيم احتفالاً بمولد النبي، وأن تثني على النبي، وأن تأتي بفرقة نشيد رائعة جداً، وأن تتمايل طرباً حينما ينشدون، وأنت لست مطبقاً من سنته شيئاً، أليس كذلك؟
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾ أيها الإخوة الكرام، لعلها من أخطر الآيات المتعلقة بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي درس قادم إن شاء الله نتابع هذه الآيات.
الملف مدقق