- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠3العقيدة من مفهوم القرآن والسنة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من لوازم التوحيد: الإنابة إلى الله :
أيها الأخوة الكرام, مع الدرس السادس والعشرين من دروس العقيدة الإسلامية، ومع موضوع الإنابة, على أنها من لوازم التوحيد .
الشيء الذي أتمنى أن يكون واضحاً لديكم تماماً: أن في كتب تقليدية, العقيدة أن تؤمن بكذا، وكذا، وكذا, لكن يضاف الآن: أن العقيدة أن تؤمن بكذا، وكذا، وأن يكون لك هذه الأحوال؛ أن تكون متوكلاً، أن تكون منيباً، أن تكون تائباً، أن تكون مخلصاً، فمن لوازم التوحيد: أن تكون منيباً إلى الله .
الدليل :
والدليل: أن الله عز وجل يقول:
﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾
﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾
﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾
﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾
يصف جل ثناؤه المؤمنين, بأنهم منيبون إليه، قال تعالى:
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
فالإنابة إلى الله من لوازم التوحيد، الشيء الذي أتمنى أن يكون واضحاً لديكم: شطر العقيدة ما ينبغي أن تعتقد، وشطرها الثاني ما ينبغي أن تكون عليه، فإن كنت تعتقد الصواب، ولم تكن كما ينبغي, فهناك خلل في عقيدتك، لأنك لم تنتفع بهذا الذي اعتقدت به .
هذه الإنابة العامة :
أيها الأخوة الكرام, الإنابة إنابتان، هؤلاء أهل الأرض, ستة آلاف مليون إنسان, كلهم ينيبون إلى الله عند الشدة، فسّاقهم، وكفّارهم، ملحدوهم, ومؤمنوهم، أيّ إنسان إذا ركب في البحر، وكاد يغرق, يلتجئ إلى الله عز وجل .
حدثني أخ, كان في طائرة, تنقلُّه من بلد مسلم إلى بلد كان سابقاً يؤمن بأنه لا إله، وعلى متن هذه الطائرة خبراء ملحدون جميعاً، ودخلت الطائرة في سحابة مكهربة، وأوشكت على السقوط، فإذا بكل هؤلاء الملحدين يرفعون أكفهم إلى الله يستغيثون به، قال تعالى:
﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾
هذه الإنابة الأولى، أيّ إنسان مؤمن أو كافر، ملحد أو مستقيم، عاص, وفاسق, وفاجر, إذا جاءته الشدة، كأنْ أجرى فحصًا لورم خبيث, يقول: يا رب, لا إله ولا شافي غيرك، هذا الضعيف لا يتذكر ربه إلا عند الشدة، هذه إنابة عامة، هذا شيء يذكرنا بقوله تعالى:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾
مع كل عباده، مع مؤمنهم، مع كافرهم، فاسقهم، وعاصيهم، وفاجرهم, وملحدهم، معهم بعلمه .
هذه الإنابة الخاصة :
أيها الأخوة, لكن الله إذا قال: إن الله مع المؤمنين، مع المتقين، مع الصادقين، مع التائبين، معهم بالحفظ، والتأييد، والنصر، والتوفيق، فالإنابة صفة مشتركة بين كل الخلق عند الشدة، لكن المؤمن ينيب إلى الله في الرخاء، يعود إليه مختاراً، يعود إليه وهو قوي، يعود إليه وهو صحيح، وهو في مقتبل الحياة، وهو في أوجه، يعود إليه محبةً، يعود إليه شوقاً، فلذلك ينبغي أن نفرق بين إنابة عامة وإنابة خاصة، كما نفرق بين معية عامة ومعية خاصة .
الدليل من الكتاب على الإنابة العامة :
الدليل على الإنابة العامة قوله تعالى:
﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ﴾
حدثني أخ في بلد إسلامي, أصابه زلزال مخيف، أقسم لي أن المساجد في الصلوات الخمس لا تتسع للمصلين، كانوا يصلون في صحن المسجد، بينما في الرخاء لا تجد صفَّين، أما عقب الزلزال, جاءت الإنابة إلى الله عز وجل .
أنا أقول لكم: أنت حينما تعود إلى الله وأنت صحيح من دون مصيبة, فهذا شوق، وهذا حب، وهذا اختيار، وهذه بطولة، أما عند الشدة فأيّ إنسان يعود إلى الله، قال تعالى:
﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾
ثم يقول الله عز وجل:
﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾
إليكم شرح هذا الحديث :
أيها الأخوة, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وْيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا))
حينما تؤثر الدنيا على حساب دينك، أحياناً الإنسان يبيع دينه بفتوى، يفتي بخلاف ما يعلم، يقول مثلاً: على المسلمات في البلد الفلاني أن يخلعن الحجاب، يفتي بخلاف ما يعلم، ويقول: الذين منعوا الحجاب معهم الحق، باع دينه، باع كل آخرته بفتوى، أنت حينما تؤثر الدنيا على دينك, فقد بعت دينك بعرض من الدنيا قليل، إذاً: نحن في زمن الفتن، فتن كقطع الليل المظلم، ظلمات وراء ظلمات، ظلمات الضلالات، ظلمات الشبهات، ظلمات المعاصي، ظلمات الانحرافات، يوجد انقباض، وتطرح فكرة تتناقض مع الدين، يروج لها أعداء الدين، كل يوم ينتقص من الدين .
هذا زمن الفتن :
صدر كتاب في بلد عربي، هذا الكتاب محوره وعنوانه: مراثي اللات والعزى، الأصنام قبل الإسلام, عاشت حياة ديمقراطية، فكل صنم يؤمن بالصنم الآخر، أي سمح الصنم اللات للعزى أن تكون موجودة, أما صنم محمد فقد ألغى كل الآلهة، قمعي، كتاب لا يصدق، أي إنّ الإله الذي دعا إليه النبي عليه الصلاة والسلام إله قمعي، لم يسمح بإله معه أبداً، أما الآلهة التي كانت قبل البعثة, فعاشت حياة ديمقراطية، وكل صنم اعترف بالصنم الآخر، وتعايشوا، ظلمات بعضها فوق بعض، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا))
أعرف شخصاً, له ابن, توفاه الله في العاشرة من عمره، فترك الأبُ الصلاة كلياً.
أعرف أناساً الآن عقب محن المسلمين، ولاسيما سقوط بغداد, تركوا الصلاة .
((يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا))
طرفة :
كطُرفة لعلي ذكرتها كثيراً: رجل بدوي, له أرض شمالي جدة, فلما توسعت جدة, اقتربت من أرض المدينة الواسعة، وارتفعت أسعارها، فأراد أن يبيعها، اشتراها مكتب خبيث جداً بربع ثمنها، وأنشؤوا بها بناء عالياً, يزيد على عشرة طوابق، لكن هم شركاء ثلاثة؛ أول شريك وقع من سطح البناء فنزل ميتاً، وثاني شريك دهسته سيارة، فانتبه الثالث، فبحث عن صاحب الأرض ستة أشهر حتى عثر عليه، ونقده ثلاثة أضعاف حصته ليسامحه، فقال له هذا البدوي: أنت لحقت حالك .
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا))
قصة :
أنا ذكرت قصة الإمام الذي ركب مركبة في بريطانيا، ودفع للسائق قطعة ورق نقدية كبيرة، ردّ له السائق الباقي، وهذا السائق جلس الإمام في مقعده، عدّ المبلغ الذي رده له, فوجده يزيد على ما يستحق عشرين سنتا، فلما حدث نفسه أنه أنا مسلم, ينبغي أن أردّ الزيادة إلى السائق, جاءه خاطر شيطاني, أنه مبلغ زهيد جداً، والشركة عملاقة، ودخلها فلكي، ولا تتأثر بهذا المبلغ، لعله هبة من الله خصني به، النتيجة: أن كلامه الثاني خطأ، هذا كلام شيطاني، فلما جاء وقت نزوله من المركبة, وقف أمام السائق دون أن يشعر، وأعطاه العشرين سنتاً، قال له: هذه زيادة، فتبسم السائق، وقال له: ألست إمام هذا المسجد؟ قال: بلى، قال له: والله حدثت نفسي أن أزورك في مسجدك, لأتعبد الله عندك، ولكنني أردت أن أمتحنك قبل أن أزورك، فصعق، ووقع على الأرض، فلما استعاد وعيه, قال: يا رب كدت أبيع الإسلام بعشرين سنتاً .
واللهِ كل يوم ملايين المسلمين يبيعون دينهم بالسنتات، أو بالدولارات، أو بالليرة السورية، أو بحصة من محل، أو باغتصاب لإرث، أو باغتصاب لشركة، أو باغتصاب لبيت ، هذا الذي يقيم شعائر الله، ويأخذ حقوق الناس، هذا يعمل عملاً معاكساً للدعاة، هذا منفّر، هذا الذي يسبب أن يكفر الناس بالدين، هذا الذي يسبب أن يقول الرجل: أتعامل مع الشيطان، ولا أتعامل مع إنسان متدَيِّن، هذه المشكلة الكبرى الآن .
ماذا تنتظر من الدنيا؟ :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا؛ هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا, أَوْ غِنًى مُطْغِيًا, أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا, أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا, أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا, أو الدَّجَّالَ, والدجال فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ, أوْ السَّاعَةَ, والسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ؟))
هل ينتظر الإنسان من المستقبل في الدنيا إلى أن يخسر بعض تجارته؟ هذا شيء واقع دائماً، أو أن يأتيه المال فيكون طاغياً به، أو يأتيه مرض يفسد عليه حياته، أو خرف وتقدُّم في السن، يصبح مخرّفاً، أو يأتيه الموت مجهزاً، أو الدجال كما تسمعون، يقتلون، ويقصفون، ويبيدون، وينهبون الثروات، وجئنا من أجل حريتكم، وجئنا من أجل أن تستمتعوا بالديمقراطية التي نستمتع بها، كلام يخرجك من جلدك، هذا الدجال .
أنواع الإنابة :
1-إنابة بالاستغفار :
أيها الأخوة, أنواع الإنابة: إنابة بالاستغفار، المؤمن لا يفتأ يستغفر الله عز و جل، عن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يقُولَ العبد: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي, فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، مَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا, فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ, فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا, فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ, فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))
هكذا يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، سيد الاستغفار أن تقول هذا الدعاء .
بماذا وصف الله المؤمنين في هذه الآية؟ :
وقد وصف الله المؤمنين بأنهم يستغفرون:
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾
مما يؤكد معنى هذه الآية: حديثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:
((ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ لَكُمْ، وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ))
يبدو أن أسوأ المذنبين الذي يرتكب الذنب، ويصر عليه، ويفتخر، الله عز وجل يطمئننا ويبشرنا:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾
من الأحاديث التي وردت بشأن الاستغفار :
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ))
ومن أذكار النبي عليه الصلاة والسلام: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ:
((كَلِمَاتٌ لَا يَتَكَلَّمُ بِهِنَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسِهِ, عِنْدَ قِيَامِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا كُفِّرَ بِهِنَّ عَنْهُ، وَلَا يَقُولُهُنَّ فِي مَجْلِسِ خَيْرٍ, وَمَجْلِسِ ذِكْرٍ إِلَّا خُتِمَ لَهُ بِهِنَّ عَلَيْهِ، كَمَا يُخْتَمُ بِالْخَاتَمِ عَلَى الصَّحِيفَةِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ))
ما معنى هذا الحديث؟ :
الحديث الذي قد يدعو إلى الحيرة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ, فَيَغْفِرُ لَهُمْ))
المعنى هناك: إن لم تشعروا بذنوبكم فأنتم هالكون، لو لم تذنبوا بمعنى لو لم تشعروا بذنوبكم، فالمؤمن ذنبه كالجبل، بينما المنافق ذنبه كالذباب، لا يعبأ به، هذه الإنابة الأولى، إنابة الاستغفار .
2-إنابة القلب بمعاكسة انشغال الإنسان بأحوال الدنيا ومجاهدة النفس والهوى :
الإنابة الثانية: إنابة في القلب بمعاكسة انشغال الإنسان بأحوال الدنيا، أقول دائماً: الشيطان يوسوس للإنسان أن يكفر إن رآه على إيمان، يوسوس له أن يشرك إن رآه على توحيد، يوسوس له أن يبتدع إن رآه على سنة، يوسوس له بكبيرة إن رآه على طاعة، يوسوس له بصغيرة إن رآه على ورع, يوسوس له بالتحريش بين المؤمنين، عي، حوار، مشاكل، فلان يفهم، فلان لا يفهم، فلان ليست هذه نيته، ليس له همّ إلا أن ينتقد من حوله، الورقة قبل الأخيرة بيد الشيطان، أما آخر ورقة فهي المباحات، يغرق في المباحات, إلى أن ينسى الله عز وجل، هذه أوراق الشيطان .
الآن إنابة القلب بمعاكسة انشغاله بأحوال الدنيا، ومجاهدة النفس والهوى، وأنا أرى أن هذه المجاهدة هي الأولى، لا تستطيع أن تجاهد أيَّ جهاد آخر قبل أن تجاهد نفسك وهواك ، إن لم تنتصر على نفسك فلا تستطيع أن تواجه نملة، جهاد النفس والهوى، ثم الجهاد الدعوي ، ثم الجهاد البنائي، ثم الجهاد القتالي إن أتيح للمسلمين .
قال بعض العلماء: خير القلوب قلب رجاع إلى الله، لهاج بذكره، وذكر نعمائه وفضله، متقلل من دنياه، ومن إعمال النظر في زخارف الدنيا، هذا أفضل قلب عند الله .
3-الإنابة إلى الله بالمال :
الإنابة الثالثة: الإنابة إلى الله بالمال، تنيب إليه بالاستغفار، وتنيب إليه بمجاهدة النفس والهوى، وتنيب إليه بإنفاق المال:
﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾
المعنى إن لم تنفقوا، إن لم تنفقوا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، ويوجد معنى آخر:
﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾
نسيتم أهلكم وأولادكم، ومن يلوذ بكم، نسيتم أن هناك حاجات أساسية لأولادك، أولادك من لهم غيرك؟ فإنفاق المال كله بشكل عشوائي أيضاً هذا نوع من الهلاك، لكن المؤمنين ينفقون في السراء والضراء، كما قال الله عز وجل .
من الأحاديث التي وردت عن النبي بشأن إنفاق المال :
أخرج الإمام البخاري في صحيحه, عَنْ عُقْبَةَ قَالَ:
((صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ, فَسَلَّمَ, ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا, يتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ, فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ, فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ, فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ, فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا, فَكَرِهْتُ أَنْ يبيت عندنا, فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ))
وعن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ, تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ, حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ))
البطولة: أن تنفق المال وأنت في أشد الحاجة إليه، أن تنفق المال وأنت صحيح، أن تنفق المال وأنت شحيح .
4-الصبر على المحن :
﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ))
اسلك هذا الطريق :
المؤمن يسيء فهمَ المعصية، المعصية محببة، المعصية أن تجلس في البيت، لا أن تأتي إلى مسجد, فيه درس علم، بيتك مريح دافئ، وفيه كل وسائل الراحة، أما في الجامع فلعله يكون أقلَّ، لكنك سلكت طريق العلم .
عنْ قَيْسِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ:
((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يطلب فِيهِ عِلْمًا, سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا من طرق الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَى لِطَالِبِ الْعِلْمِ))
لم خصصت التكاليف بالأجر الكبير؟ :
أيها الأخوة, هناك تكاليف، والتكاليف تعني أشياء ذات كلفة، غض البصر فيه جهد، أداء الصلوات فيه جهد، ضبط اللسان فيه جهد، الاستيقاظ إلى الصلاة فيه جهد، فالتكاليف تعاكس طبيعة الجسد، وهي ذات كلفة، لذلك لها أجر كبير، يجمعها قوله تعالى:
﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
من علامة الإيمان :
هناك قول لبعض العلماء: لن تفقه كل الفقه, حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون أشد لها مقتاً .
تجد أناساً يكذبون, ويمزحون مزاحاً ساقطاً، ويختلطون مع نساء لا يحللن لهم، ويحتالون، ويتلطفون، يقيمون حفلات جميلة، فأنت منسجم مع الجماعة، مرتاح تماماً، ما دام منسجمًا مع هذا المستوى, فأنت بعيد عن الإيمان، أما حينما يغضبك كذبهم ونفاقهم، حينما تغضبك شهواتهم المحرمة التي يأتونها، حينما يغضبك احتيالهم، حينما يغضبك كسب أموالهم بالحرام، حينما تشعر بغربة، حينما تمقت العصاة في ذات الله, فأنت مؤمن، أما إذا كنت منسجمًا معهم, الناس كلهم خير وبركة، الحمد لله كل الناس جيدون، يرى بعينيه انحرافهم, وكذبهم, ونفاقهم, وشركهم, وتملقهم، فأنت إن لم تمقتهم, معنى ذلك أنت منهم، علامة إيمانك بآخر الزمان: إحساسك بالغربة، لا تركن إلا لمؤمن صادق، ليس فيه كذب، مؤمن ورع، عفيف، أمين، ترتاح له، أما إذا كنت مرتاحاً لكل الناس على فسقهم, وفجورهم, ونفاقهم, وكذبهم, فهذه علامة خطيرة ليست في صالحك .
هناك قول لبعض العلماء: لن تفقه كل الفقه, حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون أشد لها مقتاً .
نقطة دقيقة :
قال بعض العلماء: الخروج من التبعات, والتوجع للعثرات، واستدراك الفائتات، والخلاص من لذة الذنب، وترك الاستهانة بأهل الغفلة تخوفاً عليهم مع الرجاء لنفسك .
النقطة دقيقة جداً: أن تخشى على الناس، ولا تخشى على نفسك، قال لي واحد: سوف أعتمر، وأهبها للنبي، قلت له: انفد بريشك أنت، هو مغفور له كل ذنبه، مبشر بالجنة، فسوف يقدم للنبي هدية عمرة، لم ترد هذه في السنة إطلاقاً، يتوجع على الناس، وهو غارق في أخطائه .
5- إنابة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
من الإنابة أيضاً: إنابة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه سماها العلماء الفريضة السادسة، وهي في القرآن الكريم من علة خيرية هذه الأمة، فإن لم تأمر بالمعروف ولم تنه عن المنكر فقدت خيريتها، وأصبحت كأيّ أمة خلقها الله، قال تعالى:
﴿كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾
فإن لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر فقدنا خيريتنا، لذلك: أهلَك الله بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لا تجامل أحداً، يجب ألاّ تأخذك في الله لومة لائم، من أعان ظالماً سلطه الله عليه، من أعان ظالماً، ولو بشطر كلمة, سلطه الله عليه .
قال تعالى:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾
هذا ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام :
يقول عليه الصلاة والسلام:
((والذي نفسي بيده, لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر, أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم))
بربكم, هذه الثياب التي تصف أعضاء المرأة، هذه الفتاة أليس لها أب، وعم، وأخ، وخال؟ كلهم مسلمون، لا يوجد أحد ينهاها عما تفعل؟ هذا أقرب شيء إلينا، هؤلاء الفتيات في الطرقات بنات من؟ بنات المسلمين، تكون أمها إلى جنبها محجبة حجاباً كاملاً، كيف رضيت من ابنتها أن تخرج هكذا؟ كيف رضي أبوها؟ كيف رضي أخوها، عمها، خالها؟ .
هذا الذي يقول عنه النبي عليه الصلاة والسلام:
((والذي نفسي بيده, لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر, أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم))
الآن في حرب العراق, أنا فيما أعلم: أنّ مساجد العالم الإسلامي بأكملها في كل الصلوات قنتت، وقالت: اللهم دمر أعداء المسلمين، اللهم شتت شملهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم ، اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم، الله ما استجاب، لأن المسلمين لم يتناهوا عن منكر فعلوه.
حديث دقيق :
يقول عليه الصلاة والسلام في حديث دقيق جداً، ونحن في أمس الحاجة إليه:
((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين, وانتحال المبطلين))
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا))
من هم القرون الذين شهد النبي لهم بالخيرية؟ :
قال عبد الله بن مسعود: من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .
أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرّها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على آثارهم .
لذلك:
((إن الله اختارني, واختار لي أصحابي))
هؤلاء شهد لهم النبي بالخيرية، وهم القرون الثلاثة الأولى .
عَنْ عِمْرَان بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
((قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ الناس قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثم إِنَّ بَعْدَهم قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ))
6- الإنابة إلى الله عند الشعور بدنوِّ الأجل
الإنابة إلى الله عند الشعور بدنوِّ الأجل، فيرضى المؤمن عن الله، وعن قضائه، ويستسلم لأمره.
عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ, فَقَالَ:
((كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ, إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ))
بماذا ينهانا النبي في هذا الحديث؟ :
عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَهُوَ يَشْتَكِي، فَتَمَنَّى الْمَوْتَ، فَقَالَ:
((يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ، إِنْ كُنْتَ مُحْسِنًا تَزْدَادُ إِحْسَانًا إِلَى إِحْسَانِكَ خَيْرٌ لَكَ، وَإِنْ كُنْتَ مُسِيئًا فَإِنْ تُؤَخَّرْ تَسْتَعْتِبْ خَيْرٌ لَكَ، فَلَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ))
ينهى النبي عليه الصلاة والسلام عن تمني الموت .
خلاصة القول :
أيها الأخوة, هذه مرتبة من مراتب التوحيد، أن تنيب إلى الله؛ إما بالاستغفار، وإما بمجاهدة النفس والهوى، وإما بإنفاق المال، وإما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإما بالاستعداد للموت، هذه أنواع الإنابة إلى الله عز وجل .
أختم هذا الدرس بالفكرة التي أحرص عليها حرصاً شديداً: ليس علم العقيدة أنك تعتقد ما ينبغي أن تعتقد، ينبغي أن تعتقد ما ينبغي أن تعتقد، وأن تكون على ما ينبغي أن تكون، فالإنابة من لوازم التوحيد، والاستغفار من لوازم التوحيد .
في درس قادم إن شاء الله, نتحدث عن التوبة لأنها من لوازم التوحيد .