وضع داكن
24-12-2024
Logo
العقيدة من مفهوم القرآن والسنة - الدرس : 18 - الذات الإلهية -1
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

لا بد من مراعاة هذه الحقيقة :

 أيها الأخوة الكرام, مع الدرس الثامن عشر من دروس سور العقيدة، وحينما نصل في بحوث علم العقيدة على الذات الإلهية, لا بد من مراعاة حقيقة دقيقة هي سياج لنا, وحصن من أن تذل أقدامنا, في أن نقول على الله ما لا نعلم، لأنكم تعلمون علم اليقين: أن الله جل جلاله حينما صنف المعاصي في القرآن تصنيفاً تصاعدياً, ذكر الفحشاء والمنكر, والإثم والعدوان, والشرك والكفر, وجعل على رأس هذه المعاصي:

﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة الآية: 169]

 فهناك مجموعة حقائق أضعها بين أيديكم في موضوع البحث عن الذات الإلهية، الحديث عن الذات الإلهية له خصوصية دقيقة جداً، وأي خطأ أو ذلل نقع فيما لا تحمد عقباه، لأن الموضوع ليس حكماً شرعياً, فيه اجتهادات عديدة، وليس الخطأ فيه كالخطأ في أي موضوع آخر.

إليكم هذه الحقائق التي تتعلق بالذات الإلهية :

1-ينبغي أن نثبت لله عز وجل ما أثبته لنفسه في كتابه :

 أيها الأخوة, الحقيقة الأولى ينبغي أن نثبت لله عز وجل ما أثبته لنفسه في كتابه، أن نثبت له أسماء وصفات, لم ترد في كتاب الله, ولا في سنة رسوله, هذا انحراف خطير في العقيدة، أن نثبت لله ما أثبته الله تعالى لنفسه، وما أثبته له رسوله المعصوم، ففيما يتعلق بالذات الإلهية الأمر دقيق جداً، محاسبون على الحرف والكلمة والفكرة, من غير تحريف ولا تعطيل, ومن غير تكييف ولا تمثيل.

العقل يعجز عن إدراك الذات الإلهية  :

 إذا قال الله عز وجل: إذا كان ثلث الليل الأخير, نزل ربكم إلى السماء الدنيا، لا يصح أن يقول أحدنا: ينزل الله من درجة إلى درجة, هذا ممنوع، لا تمثيل:

﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾

[سورة الرعد الآية: 2]

 الاستواء معلوم والكيف مجهول، ولا تعطيل, أثبت الله لذاته السمع، أنا أقول: السمع ليس جزءاً مضافاً لذاته، العقل هنا لا يستطيع أن يقول كلمة واحدة.
 أخواننا الكرام, العقل متعلق بالمحسوسات، فالشيء إذا ظهرت آثاره وغابت ذاته, للعقل مجال كبير يصول ويجول، شيء غابت ذاته وبقيت آثاره، المجال عقلي، أما الذات الإلهية: مستحيل وألف ألف مستحيل أن نقترب من معرفة حقيقتها، الدليل:

﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة الآية: 255]

من الأمور التوقيفية :

 يقول الصديق رضي الله عنه: العجز عن إدراك الإدراك إدراك, أنت أمام البحر المتوسط، لو سألك إنسان كم لتر هذا البحر؟ أي رقم تقوله: معنى ذلك أنك جاهل، إذا قلت: لا أدري، فلا أدري هي العلم، فالله عز وجل أثبت لذاته في كتابه أسماء وصفات، وأثبت له النبي في سنته الصحيحة أسماء وصفات، وهذه أمور توقيفية, لا يجوز أن نثبت صفة لم ترد في الكتاب ولا في السنة, نثبت ما أثبت الله لذاته، وما أثبت له نبيه من دون تحريف, ولا تعطيل, ولا تكليف, ولا تمثيل، لأن ليس كمثله شيء.
 درس العقيدة، لا مجال لرأي شخصي إطلاقاً، رأي شخصي مرفوض، الله قال: ليس كمثله شيء، أي من دون تمثيل، قال: ربي أرني أنظر إليك, قال: إنك لن تراني، إذاً: لا تدركه الأبصار؛ فلا تحريف, ولا تعطيل, ولا تمثيل, ولا تكليف، قال: لأن الله أعلم بنفسه من خلقه، ورسوله أعلم الخلق بربه، والحقيقة المطلقة: أنه لا يعرف الله إلا الله، بل إن أعرف الخلق بالله هو رسول الله, وهو معصوم، في موضوع الذات الإلهية لا يوجد ولا كلمة زائدة، نثبت ما أثبت الله لذاته في كتابه.

2- نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو ما نفاه عنه نبيه في كتابه مع اعتقاد كمال ضده

 القاعدة الثانية: نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو ما نفاه عنه نبيه في كتابه, مع اعتقاد كمال ضده لله تعالى. كيف؟
 الله عز وجل نفى عن ذاته الموت, هو الحي الباقي، إذاً: يتضمّن كمال حياته، نفى عن نفسه الظلم، إذاً: يتضمّن كمال عدله، نفى عن نفسه التعب:

﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾

[سورة ق الآية: 38]

 هذا النفي يتضمن كمال قدرته، نفى عن نفسه, أنه لا يعذب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض لكمال علمه، ولا يظلم ربك أحداً، نفى عن نفسه الظلم لكمال عدله:

﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾

[سورة البقرة الآية: 255]

 لكمال حياته وقيّومته، لا تدركه الأبصار لكرامة جلاله وعظمة كبريائه، إذا نفى عن نفسه شيء, يجب أن تعتقد كمال الضد، ليس الضد فقط، نفى عن نفسه الظلم, هناك عبارات يتصدق بها المثقفون إلى حد ما، لا يوجد عند الله إلى حد ما، هذا عند البشر فقط، نفى عن نفسه الظلم عدله مطلق، نفى عن نفسه التعب قدرته مطلقة، نفى عن نفسه الجهل بشيء علمه مطلق، هذه القاعدة الثانية، والحقيقة الثانية:

﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾

[سورة الأنعام الآية: 103]

 هذا نفي:

﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾

[سورة الشورى الآية: 11]

 هذا نفي، فنثبت وننفي ما أثبت ونفى، ونثبت وننفي ما أثبت له النبي ونفى، من دون تحريف, ولا تعطيل, ولا تكليف, ولا تمثيل، لأن الله تعالى أعلم بنفسه من خلقه، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بربه من كل الخلق.
 هناك حقائق أضعها بين أيدي الأخوة المؤمنين, حينما يصلون في بحثهم وتصورهم إلى الذات الإلهية.

3- صفات الله عز وجل توقيفية، لا مجال للاجتهاد فيها :

 صفات الله عز وجل توقيفية، لا مجال للاجتهاد فيها، أكبر عبقري ومجتهد وعالم لا يستطيع أن يضيف ولا يحذف، معنى توقيفي؛ أي محدد تحديد كامل، فلا يثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله, ولا ينفى عن الله عز وجل إلا ما نفاه عن نفسه, ونفاه عنه رسوله، الموضوع ليس اجتهادياً، يقابل الاجتهادي التوقيفي، موضوع منته محدد محصور, ما أثبته الله لنفسه, وما نفاه عن ذاته العلية؛ إضافات, واستدراكات, وحذف, وتعديل, ومداخلة, هذا كله ممنوع، هذه الحقيقة الثالثة.

4- في كلمات تتعلق بالذات الإلهية لكنها مجملة، لم يرد شيء في إثباتها أو نفيها :

 الحقيقة الرابعة: في كلمات تتعلق بالذات الإلهية لكنها مجملة، لم يرد شيء في إثباتها أو نفيها، أما معناها: فإذا كان يقصد بها باطل, تنفى أشد النفي عن ذات الله عز وجل، أما إذا كان المعنى الذي أريد من هذه الصفة المجملة كمال الله عز وجل, نقبلها قبولاً من دون تردد.
 للتقريب: واحد أراد أن يمدح رجال أبطال أقطاب, قال: لله رجال إذا أرادوا أراد، هذا كلام عام مجمل، ماذا تقصد: إذا أرادوا أراد؟ لعلك تقصد أن لهم إرادة مستقلة عن إرادة الله, هو عين الشرك، لعلك تقصد أنهم مستجابو الدعوة لا مشكلة، الكلام المجمل لك أن تلبسه ثوباً صحيحاً فنقبله، أما إذا ألبسته ثوباً لا نقبله بكمال الله نرفضه.
 فمثلاً: كلمة الجهة, الله عز وجل في أي جهة؟ إن أردنا بالجهة المكان, أعوذ بالله هو خالق المكان, لا يحويه مكان، المكان من خلقه، إن أردنا بالجهة مكان يحويه, هذا كفر، أما إن أردنا بالجهة العلو:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾

[سورة الملك الآية: 16]

 إن أردنا بالجهة التعظيم والتقديس والعلو لا مانع، فالكلمات العامة بحسب الثوب الذي نلبسه إياها، فإن ألبست ثوباً لا يليق بكمال الله نرفضها أشد الرفض، أما إذا ألبست ثوباً يليق بكمال الله نقبلها من دون تردد.

5- توافق العقل الصريح مع النقل الصحيح توافق حتمي :

 حقيقة أخرى: هذه الصفات التي ثبتت بالنقل الصريح, العقل الصحيح يقبلها، لأن العقل مقياس أودعه الله فينا، وهذه الصفات ثبتت عن الله عز وجل، توافق العقل الصريح مع النقل الصحيح توافق حتمي.
 يجب أن تقطع أملك في أن تدرك الكيفية، هذا طريق مسدود استرح وأرح, الله كيف يعلم كل مخلوق ماذا في نفسه؟ وجد ستة آلاف مليون إنسان، فليكن مليار المليار، الكيفية مستحيلة.
 لو أتينا بورق دخينة, أرق ورقة صنعها الإنسان, وضعناها في فرن صهر الحديد, حرارته ألف وخمسمائة درجة, بعد عشر ساعات, قلنا: ماذا حل بالورقة؟ أي ورقة؟ هذه الورقة من الوهج تلاشت, في وصف المرجل ألف وخمسمائة درجة، الحديد ينصهر يصبح سائل، أما هذه الورقة ما مصيرها؟ تلاشت من الوهج.

اقطع هذا الأمل لأن الطريق مسدود :

 أيها الأخوة, يجب أن تقطع أملك في إدراك الكيفية، كيف يعلم ما سيكون؟ الله عز وجل أثبت في قرآنه أنه يعلم ما سيكون؛ كيف؟ لا أعلم, وأقولها بملء فمي، وأقولها مفتخراً, وأعد العلم الحقيقي لا أعلم.
 وقد قال بعض العلماء: عين العلم به عين الجهل به، وعين الجهل به عين العلم به, موضوع الكيفية يجب أن تقطع أملك من البحث فيه، شيء فوق طاقة البشر مجتمعين.
 إنك لن تراني, ولكن انظر إلى الجبل, فإذا استقر مكانه, فسوف تراني, فلما تجلّ ربه للجبل, جعله دكاً وخر موسى صعقاً.
 كيف الله عز وجل يعلم في وقت واحد, ما يجول في أذهان كل البشر, وكل المخلوقات؟ وكيف يعلم ما سيكون؟ هذا شيء فوق طاقة العقل البشري، والعقل البشري يجب أن تؤمن أنه محدود.

هذا حدود العقل :

 هذا الميزان ميزان البقالية, ميزان حساس وغال جداً, لكن مصمم من خمسة غرامات لخمسة كيلو، مستحيل أن تزين به شاحنة لأنها ستكسره، لا تتهم المصنع, المصنع دقيق, لكنه خصص حدود من خمسة غرامات لخمسة كيلو، هذه طاقة الميزان.
 يجب أن تؤمن أن العقل محدود، أن تقول أين الجن؟ عقلك لا يستوعب وجود الجن، لكن الله أخبرك أنهم موجودون انتهى الأمر، أين الملائكة؟ عقلك لا يستوعب هؤلاء المخلوقات؛ لكن الله أخبرك بذلك.

قف هنا :

 أيها الأخوة, عندك حيز كبير بالدين, الأدلة شيء منها نقلية أو سمعية أو إخبارية، إن كان إيمانك بالله ضعيفاً, لا مجال للخوض في الإخباريات، أما حينما يقوى إيمانك لدرجة أنك تعلم أن الذي يقوله الله عز وجل حق مائة بالمائة, عندئذ تنفعك الأدلة النقلية, هذا دليل نقلي.
 اقطع طمعك أن تبحث في موضوع الكيفية، كيف يفعل الله كذا؟ لا أعلم، وكلمة لا أعلم في موضوع الذات الإلهية وسام شرف، كلمة لا أعلم في موضوعات أخرى وصمة عار، في موضوع الذات الإلهية كلما كنت متحفظاً, كلما قلت: لا أعلم، فأنت عالم، وكلما خاض عقلك في تعليقات وتأويلات وتفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان, فأنت لا تعلم.

6- من الأدب مع الله عز وجل أن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه تفصيلاً :

 شيء آخر: من الأدب مع الله عز وجل: أن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه تفصيلاً، أثبت لنفسه الرحمة, والعلم, والقدرة, والحياة, و ...... أما ليس كمثله شيء؛ ليس شبحاً, ولا جثة, ولا صورة, ولا دماً, ولا شخصاً, ولا جوهرة, ولا عرضاً, ولا لون له, ولا رائحة له، هذا شيء غير معقول، بالنفي إجمال بالإثبات تفصيل.
 الكمال يقتضي أنك إذا أثبت صفات أثبتها الله لذاته: أن تأتي بها مفصلة.

كل اسم يقتضي صفة، لكن ما كل صفة تقتضي اسم ما معنى هذا الكلام؟

 إذا قال الله عز وجل:

﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾

[سورة الشورى الآية: 11]

 انتهى, لا داعي لأن أحضر مائة ألف شيء, وأن أنفي عن الله هذه الأشياء، نحن عندنا اسم وصفة، كل اسم يقتضي صفة، لكن ما كل صفة تقتضي اسم.
 الله عز وجل قال: وجاء ربك, يستنبط من فعل جاء صفة، لكن هذه الصفة لا يستنبط منها اسم لله عز وجل.

﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾

[سورة الرعد الآية: 2]

 يستنبط أنه رافع, لكن لا يقال: الله اسمه رافع، الله بنى, لا يقال: اسمه باني، كل اسم يتضمن صفة، لكن ما كل صفة يشتق منها اسم، هذه قاعدة أخرى.
 الرحمن يتضمن صفة الرحمة، اسم الكريم يتضمن صفة الكرم، اسم اللطيف يتضمن صفة اللطف وهكذا، أما الاستواء:

﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾

[سورة الرعد الآية: 2]

 لا يوجد عندنا اسم المستوي:

﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾

[سورة الأنفال الآية: 30]

 لا يوجد اسم الماكر، كل اسم يتضمن صفة, وما كل صفة تشتق من فعل تتضمن اسماً.

7- صفات الله تعالى كلها صفات كمال مطلق لا نقص فيها بوجه من الوجوه

 حقيقة أخرى: صفات الله تعالى كلها صفات كمال مطلق, لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لكن لضعف إيمان الإنسان أحياناً, ولضعف لغته وفهمه, الله منتقم، الانتقام من الله عين الكمال، ينتقم؛ أي يعاقب عباده الطغاة، يحجزهم عن إيذاء الخلق, متكبر, مهما تصورت من كرمه فهو أكرم، من قوته فهو أقوى، جبار يجبر الانكسار، فأسماء الله وصفاته متعلقة بكمال الله حتماً.

صفات الله صفات ذات وصفات أفعال :

 صفات الله عز وجل, صفات ذات وصفات أفعال، صفات ذاته الحي القيوم، صفات أفعاله معطي مانع, رافع خافض, معز مذل، لا نهاية لصفات أفعاله, لأن أفعاله لا نهاية لها. الدليل:

﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 37]

 فيوجد أسماء متعلقة بالذات, وأسماء متعلقة بالأفعال، نقول: صفات ذات وصفات أفعال.

من الصفات التي يمكن أن يوصف الله بها جاءت في الكتاب والسنة :

 الآن: الصفات التي يمكن أن يوصف الله بها, جاءت في الكتاب والسنة، ولكن ثبوت هذه الصفات, قد يكون بالتصريح أو بالتضمين، الله أثبت لنفسه صفة الرحمة؛ الرحمن والعزة والقوة, تبارك اسم ربك, يريدون وجهه, أثبت أن له وجه، يد الله فوق أيديهم, قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، الله أثبت لنفسه هذه الصفات؛ لكن أحياناً:
 الله قال: سميع بصير, كلمة بصير: أثبت لنفسه من خلالها صفة البصر، سميع, صفة السمع؛ فإما أن يعطي الإثبات صريحاً أو متضمناً، وصفات الله عز وجل يستعاذ بها ويحلف بها.
 كان عليه الصلاة والسلام يدعو ويقول: أعوذ برضاك من سخطك.
 الرضا صفة لله عز وجل, والسخط صفة, والكلام في صفة الله كالكلام في ذاته تعالى، كما أنه له ذات حقيقية لا تشبه ذواتاً أخرى, له صفات حقيقية لا تشبه الصفات الأخرى, كذلك إثبات الذات إثبات وجود لا كيفية، وكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا كيفية، كيف؟ ما في, في أي موضوع متعلق بذات الله كيف؟ ما في.

سؤال لطيف :

 قال لي واحد البارحة سؤال لطيف: واحد استعصى عليه في هذا الدين قضية، قلت له: ما هي؟ قال: دليل عقلي غير نقلي, أن الله يفي بوعده بوضع المؤمنين في الجنة، خائف أن لا يجد شيء غداً، قال: الدليل عقلي, أنا بدأت معه مداعباً, قلت له: ومن أصدق من الله؟ قال: هذا قرآن، أريد شيء بالعقل, قلت له: واحد تبرع بمائة مليون, لإنشاء جمعيات خيرية, ومعاهد شرعية, ومساجد, قلت له: سرق عشر ليرات, قال: مستحيل, قلت له: هذا الدليل، فإذا كان هذا الكون كله يدل على عظمة الله وليس ضعيف ليعمل وعد كاذب، الله ماذا قال؟:

﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾

[سورة التحريم الآية: 8]

 مستحيل أن يخزي الله النبي، عندما يعدك الله وعداً حسناً كأنه وقع، إخبار الله يجب أن تأخذه, على أنه وقع بدليل:

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾

[سورة الفيل الآية: 1]

 أنت ما رأيت, يجب أن تأخذ هذا الخبر, وكأنك رأيته:

﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾

[سورة النحل الآية: 1]

 يعني: أنه لم يأت لنه أمر الله عز وجل إتيانه حق وكأنه أتى.

 

أسماء الله تثبت من دون كيفية :

 فأسماء الله تثبت من دون كيفية، كيف يعلم؟ أربعمائة راكب بالطيارة واحترقت, كل واحد مات على نيته, كيف جمعهم الله بالطيارة كلهم؟ كيف جمعهم وكل واحد مات على نيته؟ كيف؟ الإجابة عندنا مستحيلة, فوق طاقة العقل البشري.
 واحد أقر بصفات السمع, والبصر, والإرادة، محبة الله؛ كيف يحب الله؟ الإنسان يحب أن يميل, يكون عنده نقص, شيء جميل, إن رأى يحبه, ليس كمثله شيء، الله أثبت لنفسه الحب قال: يحبهم ويحبونه، أما تفهم محبة الله كمحبة إنسان لفتاة, هذا مستحيل, ممنوع التمثيل والتشبيه، لكن كما أثبت الله لنفسه السمع والبصر, أثبت المحبة والكراهية والغضب, غضب الله عليهم ولعنهم.
 فالله كما أثبت لنفسه السمع والبصر, أثبت لنفسه الرضا والغضب, والمحبة والكراهية.

ما ينبغي أن تعتقده :

 إضافة شيء لله عز وجل إما أعيان أو معاني أعيان, قل: يا عبادي, إضافة تشريف, بيت الله إضافة تشريف، ناقة الله، عبد الله, إضافة تشريف، أما معاني؛ سمع الله, بصر الله, رضا الله, سخطه, هذه متعلقة بالصفات، يضاف إلى الله عز وجل شيء عيني كبيت الله, كعبة الله عز وجل, أو شيء معنوي، المعنوي من صفات الله عز وجل، يكفي أن يكون هناك حديث واحد متعلق بذات الله صحيح, فهو مقبول في العقيدة, معاني صفات الله عز وجل ثابتة في الكتاب والسنة، معلومة، أما كيفيتها فمجهولة، الأسماء والصفات معلومة, كيفيتها مجهولة.
 الآن: لو قرأت صفة لله عز وجل لم تفهم حقيقتها، أو أنك ذكرت اسماً لم تفهم حقيقته, يجب أن تعتقد بهذا الاسم, وتلك الصفة, ولو لم تفهم حقيقتها, مع الله لا يوجد حاجة إلى أنني لا أؤمن حتى أفهم, مع الله ما ثبت عن الله وعن رسوله في الكتاب والسنة من صفات وأسماء أؤمن بها من دون قيد أو شرط.

8- صفات الله عز وجل لا يقاس عليها :

 في حقيقة أخرى: أن صفات الله عز وجل لا يقاس عليها، الله عز وجل جواد، سخي, لا، لا تقيس، الله عز وجل قوي جلد, يعني يتحمل, هذا كلام باطل، صفات الله عز وجل لا يقاس عليها، صفات البشر شيء, وصفات الله عز وجل شيء آخر، الله قدير, هل يعني أنه يستطيع كل شيء؟ يستطيع، صفات الله عز وجل لا حصر لها, كل اسم يتضمن صفة، صفات الله عز وجل لا حصر لها, مستحيل أن تحصر, لأن كل اسم يقتضي صفة، وأسماء الله لا حصر لها، قال الله عز وجل في كتابه الكريم:

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾

[سورة الأعراف الآية: 180]

 أي يشركون في أسمائه كاللات من الإله، والعزة من العزيز، إشراك في الأسماء.
 وفي الصحيحين: عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رِوَايَةً- قَالَ:

((لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةٌ, إِلَّا وَاحِدًا لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ, وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

غداً إن شاء الله :

 في درس قادم إن شاء الله نتابع هذا الموضوع، ولكن انتهت الحقائق الأساسية التي هي بين يدي إنسان مؤمن, اقترب في بحثه, في دراسته, في تصوره للذات الإلهية، هذه الحقائق يجب أن تكون واضحة بين أيديكم في الحديث عن الذات الإلهية، وفي درس قادم نتابع هذا الموضوع، والحمد لله رب العالمين.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور