وضع داكن
20-04-2024
Logo
العقيدة من مفهوم القرآن والسنة - الدرس : 15 - الأدلة على صدق رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم 1 معجزة القرآن.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

من مسلمات هذا الدين :

أيها الأخوة الكرام, مع الدرس الخامس عشر من دروس العقيدة، وقد كان الموضوع السابق:

مقتضيات الإيمان بأن محمداً رسول الله, ثم تحدثنا عن نواقض شهادة أن محمداً رسول الله, واليوم ننتقل إلى الأدلة البينة على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .أيها الأخوة الكرام, هناك مسلمات في هذا الدين: المسلمة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى واحد في خلقه, واحد في أفعاله, واحد في صفاته، شهادة أن لا إله إلا الله, وقد تحدثنا عنها كثيراً، المسلمة الثانية: أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله, تحدثنا عن مقتضياتها, وعن نواقضها .

 

هل تقبل دعوة محمد بن عبد الله على أنه رسول الله من دون دليل؟ :

 

اليوم ننتقل إلى أدلتها. الله عز وجل يقول:

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾

[سورة الحديد الآية: 25]

لا يمكن أن يقبل الناس دعوى إنسان, أنه رسول الله, من دون أدلة قطعية جامعة مانعة, فالله عز وجل ما كان له أن يرسل رسولاً بلا بينات, لأن هذه الرسالة مصيرية, تتعلق بها سعادة الإنسان الأبدية, فإنسان يمثل خالق السموات والأرض, مبعوث العناية الإلهية, ما في معه دليل, ما في معه بينة, هذا مستحيل .

من دلائل نبوة محمد عليه الصلاة والسلام :

1-المعجزة القرآنية :

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾

[سورة الحديد الآية: 25]

هذه البينات أولها: المعجزة القرآنية, وأهم شيء في هذه المعجزة: أن الله حفظها من أي تعديل, أو تغيير, أو انتحال, أو تزوير, قال تعالى:

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾

[سورة الحجر الآية: 9]

يعني النبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام, معجزته شيء, وبيانه شيء آخر, حفظت المعجزة, وقعت ولم تقع مرةً ثانية, معجزة حسية, ليس هناك ارتباط بين المعجزة والبيان, كذلك سيدنا موسى معجزته العصا وبيانه التوراة, إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام معجزته تنطبق على بيانه، بيانه القرآن الكريم وحي الله عز وجل, ومعجزته القرآن الكريم, لأن القرآن الكريم معجزة النبي المستمرة، لماذا هي مستمرة؟ لأن النبي خاتم الأنبياء, ولأن رسالته خاتمة الرسالات, إذاً: ينبغي أن تكون معجزته مستمرة, ولم تكن مستمرة إلا إذا كانت علمية بيانية .
وقالوا:

﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة العنكبوت الآية: 50-51]

إليكم أدلة الإيمان بالله وبرسوله :

في ثلاثة أشياء مهمة جداً: يمكن أن تؤمن عن طريق العقل إيماناً قطعياً بوجود الله من خلال الكون؛ بوجود الله ووحدانيته وكماله, ويمكن أن تؤمن إيماناً عقلياً قطعياً, بأن القرآن كلام الله عن طريق إعجازه, ويمكن أن تؤمن إيماناً عقلياً قطعياً, أن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن, هو رسول الله من خلال القرآن، الإيمان بالله من خلال الكون, والإيمان بالقرآن من خلال المعجزات, والإيمان بالرسول من خلال القرآن .
إذا آمنت بأن الله موجود, وواحد, وكامل, وأن كلامه كلام قديم, وحي أوحاه الله إلى النبي, هذا الذي جاء بهذا الوحي المعجز, هو قطعاً رسول الله، انتهى دور العقل, جاء دور النقل الآن, بعد أن آمنت بخالق الكون الواحد والكامل, وبعد أن آمنت بهذا القرآن أن كلام الله, وبعد أن آمنت بهذا الإنسان, أنه جاء بهذا القرآن, أنه رسول الله, وبعد أن آمنت بأن هذا الإنسان الذي جاء بالقرآن هو رسول الله, الآن هذا الإنسان الذي آمنت به رسولاً, سيتكلم, كلامه وحي, آخر كلامه وحي غير متلو, كلامه بيان لهذا القرآن .
إذاً: نحن عندنا وحي متلو من خالق الأكوان, ومعنا وحي يبين الوحي المتلو من سيد الكائنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى دور العقل, أي شيء أخبرك القرآن به, تؤمن به تبعاً, وأي شيء أخبرك النبي عليه الصلاة والسلام, تؤمن به تبعاً .

ما هما الثابتان اللذان لا يصل إليهما الشك في الدين الإسلامي؟ :

فنحن معنا كتاب وسنة, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

((شيئان ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً؛ كتاب الله وسنة رسوله))

الكتاب وحي يوحى, والسنة بيان المعصوم، عصم النبي من أن يخطئ في أقواله, وأفعاله, وإقراره, وصفاته .عندنا ثابتين لا يصل الشك إليهما؛ القرآن والسنة, وعندنا ثابت أول هو الكون، الثابت الأول الذي يخضع له كل الخلق هو الكون, والثابت الثاني القرآن, والثالث السنة, لأن القرآن كلام الله, ولأن القرآن منهج الأمة كلها, ومنهج شعوب الأرض كلهم, يجب أن يكون محفوظاً.

 

اعلم هذا :

من تمام حفظ القرآن حفظ السنة, لذلك قيض الله لهذه الأمة رجالاً, في مستوى من الإدراك, يفوق حد الخيال, واشتغلوا بعلم الحديث, حتى نقحوا أحاديث رسول الله, وأخذوا الصحيح, وأشاروا على الضعيف والموضوع .
لذلك القرآن قطعي الثبوت, بعضه قطعي الدلالة, وبعضه ظني الدلالة, والسنة ظنية الثبوت, لأن بعضها صحيح متواتر, صحيح حسن, وبعضها ضعيف وموضوع, والسنة ظنية الثبوت, وظنية الدلالة .

إليكم هذا الدليل أيضاً من الكتاب يؤكد فيه على أن محمد رسول من عند الله :


آية ثانية الأولى:


﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾

[سورة العنكبوت الآية: 51]

يعني أولم يكفهم دليلاً على أنك رسولي .
الدليل العقلي على أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله القرآن, والدليل العقلي على أن هذا القرآن كلام الله هو الإعجاز, والدليل العقلي على أن الله عز وجل خالق الأكوان الكون, هذه الثوابت, الوحي يكمل الثوابت, أي شيء أخبرك الله به تؤمن به لا تحقيقاً ولكن تصديقاً, أخبرك أن هناك يوماً آخر, أخبرك أن هناك حوضاً, وصراطاً, وميزاناً, أخبرك أن هناك جنةً وناراً, أخبرك أن البشرية بدأت بآدم, فأي شيء عجز العقل عن إدراكه, أخبرك الوحي به .

 

من معاني الميزان في هذه الآية :


قال تعالى:

﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾

[سورة الرحمن الآية: 7]

يعني من معاني كلمة ميزان: أنه العقل، أعطاك ميزان, لكن هذا الميزان استعماله محدود, شاءت حكمة الله أن يكون استعمال هذا الميزان محدوداً, يعني ميزان, في بقالية مكتوب عليه من خمسة غرامات إلى ثلاثة آلاف غرام, ما دمت تستخدمه ضمن هذين الحدين, أعطاك نتائج دقيقة جداً, لكن هذا الميزان محدود الاستعمال, لا تستطيع أن تزن به مركبتك تحطمه, إذاً: المركبة يعجز هذا الميزان عن وزنها, المركبة عليها لوحة, كتب وزنها كذا, فكل شيء عجز العقل عن إدراكه, أخبرك الله به, صار الوحي يتكامل مع العقل، بالعقل آمنت بالله موجوداً وواحداً وكاملاً, بالعقل آمنت بهذا القرآن كلام الله عز وجل, بالعقل آمنت بأن هذا الإنسان هو رسول الله, انتهى العقل .

هذا دور العقل :

مريض يبحث بعقله عن طبيب, يحمل أعلى شهادة, يتمتع بقدرات عالية, له سمعة طيبة, له اتجاه ديني, يخاف الله, يخشى الله, بحثت بحثت إلى أن وصلت إلى هذا الطبيب, وصلت إليه بعقلك, دخلت على عنده, قال لك: ممنوع استعمال الملح, لماذا هنا؟ ما في عقل, عقلك قادك إلى أنه أعلم الأطباء, الآن يتعطل العقل, تتلقى من تلقي, بعد أن آمنت بالله خالقاً, مربياً, مسيراً, واحداً, موجوداً, كاملاً من خلال هذا الكون وعن طريق العقل, بعد أن آمنت بأن هذا القرآن كلامه من خلال إعجازه وعن طريق العقل, بعد أن آمنت بأن هذا الإنسان رسوله من خلال قرآنه, وعن طريق العقل, انتهى دور العقل .

إليك دور النقل :

قال لك: في جن, أين؟ ما في, أين؟ هذا دليل, اسمه دليل إخباري, له اسم ثان: دليل سمعي, دليل نقلي, أو سمعي, أو إخباري, هذا دليل قطعي, لأنه بقدر ثقتك بالمتكلم, ثقتك بكلامه, هذا أخبرك الله به, أخبرك أن هذه البشرية بدأت من آدم، آدم انتهى, قال دارون: قرد أصله، أنا معي دليل نقلي قطعي, أخبرك الله أن الله لا يظلم, إذاً لا يظلم, لو رأيت حرباً أهلية, لو رأيت اجتياحاً, لو رأيت مجاعات في العالم, لو رأيت شعوباً ينكل بها, هناك حكمة لا أعلمها, لكن الله أخبرني, وهو الصادق, أنه لا يظلم أحداً .

ما تميز به النبي عن أخوانه من الأنبياء :

يقول عليه الصلاة والسلام فيما ورد في الصحيحين: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا لَيْثٌ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ, إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ, آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ, وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ, فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

يعني ما في نبي إلا معه أدلة قطعية بينات معجزات, تكون أدلةً كافيةً للناس, ليصدقوا أنهم نبي, وإنما كان الذي أوتي به سيدنا موسى العصا, سيدنا عيسى إكماه الأبره والأبرص, وسيدنا إبراهيم ألقي في النار .

((وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ, فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

يعني بنص حديث رسول الله بتصريح النبي, أنا معجزتي الوحي, والوحي بين أيدينا, وهذه نعمة لا تعدلها نعمة .

 

2-تحدي العرب أن يأتوا بمثل هذا القرآن :

أول شيء في هذا القرآن فصاحته, كما تعلمنا في الجامعة: أفصح كلام في اللغة العربية على الإطلاق, وأفصح كلام بعده كلام سيدنا محمد, هذا الكلام المعجز الفصيح, من حروف بين أيدينا, ألف لام ميم, حروف بين أيدينا, الحروف العربية, ثمانية وعشرين بين أيدي كل العرب, هل يستطيع العرب ولو اجتمعوا أن يأتوا بآية كآيات القرآن الكريم؟ الجواب: لا, ولو كان الوقت يسمح, لقرأت لكم الذين ادعوا النبوة, وكيف نظموا كلاماً يبعث على الضحك ليس غير, ككلام مسيلمة وما إلى ذلك ......

3- كلما قرأته وجدت فيه معاني جديدة لم تكن من قبل :

شيء آخر: هذا بالحقيقة بين أيديكم, تسمع خطبة مرة مرتين ثلاثة حفظتها

تسمع نشيد للمرة الخامسة, طلعت من جلدك منه تسمع, محاضرة تسمع ... لكن تسمع السورة مئة ألف مرة في حياتك لا ترتوي منها, جرب, اسمع قرآن بسيارتك, اقرأ قرآن في بيتك, كل ما تقرأه, تحس أن هناك شيئاً جديداً, أحياناً كلمة لا تنتبه لها, أحياناً حرف أحياناً, وقف معين لا تنتبه له, ينطوي على معنى كبير, لذلك: فضل كلام الله على كلام خلقه, كفضل الله على خلقه لا يبلى على كثرة الرد, لو قرأته ليلاً ونهاراً, وصباحاً ومساءً, كلما قرأته, ازددت قرباً من الله عز وجل .
أول بينة قرآنية: أنه أفصح كلام في هذه اللغة, وثانياً: كلما قرأته وجدت فيه معاني جديدة لم تكن من قبل : 

﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾

[سورة البقرة الآية: 23-24]

فصاحته وجدته .

 

4- إخبار القرآن بالغيب :

الآن: القرآن أخبرك بالغيب, الغيب لا يعلمه إلا الله, قال تعالى:

﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾

[سورة الروم الآية: 2-3]

وقد أجمع المؤرخون على هذه المعركة تمت في غور فلسطين .

 

ما اكتشف أخيراً :

اكتشف أخيراً: أن أدنى نقطة في الأرض إطلاقاً غور فلسطين, قبل أن تحتل الضفة الغربية .
زرتها, اتجهنا من أريحا إلى البحر الميت, في منتصف الطريق لوحة, كتب عليها مستوى سطح البحر، تابعنا إلى ستمئة متر تحت سطح البحر, هذه أعمق نقطة في الأرض, أعمق نقطة يابسة, أما أعمق نقطة تحت البحر, خليج مريانة في المحيط الهادي, اثنا عشر ألف متر تحت سطح البحر, وأعلى نقطة جبال هيمالايا, اثنا عشر ألف متر .
جاؤوا بكرة قطرها متر, مثلوا أعلى نقطة عليها, وأخفض نقطة عليها, فكانت سنتيمتر بسنتيمتر, يعني أعلى نقطة في الأرض جبال هيمالايا, وأخفض نقطة في الأرض خليج مريانة, مثلت على كرة قطرها متر سنتيمتر نحو الأعلى, وسنتيمتر نحو الأسفل .

من الغيبيات :

فالله عز وجل يقول:

﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾

[سورة الروم الآية: 2-3]

وقصة طويلة جرت بين سيدنا الصديق وبين كفار قريش, وتحدى كل منهم الطرف الآخر, وفي العام السابع انتصر الروم على الفرس, هذا اسمه غيب المستقبل .
في القرآن غيب الماضي, وغيب الحاضر, وغيب المستقبل, غيب الماضي بعده زمن, وغيب المستقبل بعده زماني, وغيب الحاضر بعده مكاني .

هذا ما أخبرنا به النبي :

أنا حينما تقول لي: جرى في حلب الساعة الثامنة مساءً كذا وكذا, أنا في دمشق، حلب بالنسبة إلي غيب, هذا غيب الحاضر البعد مكاني, أما غيب المستقبل: وهم من بعد غلبهم سيغلبون، غيب الماضي :

﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ 

[سورة آل عمران الآية: 44]

 فالنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا عن غيب الماضي, وعن غيب الحاضر, وعن غيب المستقبل, إذاً: الدليل الثاني: إخبار القرآن بالغيب . 

 

انظر إلى ثقة النبي بربه :

 

إنسان يدعي النبوة, يتورط مع الخلق جميعاً, أن الروم سيغلبون, وهو فرد مضطهد ملاحق, وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً, لولا أنه واثق أن الله جل جلاله لا يخيبه :

﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾

[سورة الروم الآية: 3-4]

5-حماية الله لنبيه من أن يقتل :

الآن: حماية الله لنبيه من أن يقتل, قال تعالى:

﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾

[سورة الإسراء الآية: 60]

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾

[سورة المائدة الآية: 67]

لأن النبي عليه الصلاة والسلام واثق أشد الثقة أن الله لا يخزيه, صرف حراسه, واعتمد على الله, استثناءً هنا, ما في اعقل وتوكل, هنا معه وحي, والوحي زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعده لنبيه, صرف حراسه, والله يعصمك من الناس, يعني يعصمك من أن تقتل، نبي معه رسالة إذا قتل, أين الله؟ .

سؤال :

قد يقول أحدكم: ماذا نفعل بقوله تعالى:

﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية: 144]

دخل احتمال قتله, كيف نوفق بين هذه الآية وبين هذه الآية؟ :

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾

[سورة المائدة الآية: 67]

في أثناء التبليغ لا يمكن أن يقتل, إذا انتهى التبليغ موضوع ثان، الآية الثانية: لو أن التبليغ قد انتهى:

﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية: 144]

كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرس حتى نزلت هذه الآية, والله يعصمك من الناس, فأخرج النبي عليه الصلاة والسلام رأسه من القبة, فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله .

6-أن الرسل تعاقبوا قبل مجيئه لكن بعد مجيئه لا رسول بعد رسول الله ولا نبي

أيضاً من أدلة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: أن الرسل تعاقبوا قبل مجيئه, لكن بعد مجيئه لا رسول بعد رسول الله, ولا نبي بعد نبي الله :

﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية: 40]

7-الإعجاز العلمي :

أيها الأخوة, ومن أدلة القرآن الكريم على أن هذا القرآن كلام الله, وعلى أن النبي عليه الصلاة والسلام هو رسوله: الإعجاز العلمي, هذا الموضوع موضوع واسع جداً, وأرجو الله سبحانه وتعالى, أن يكون كتب موسوعة العلمي عن قريب بين أيديكم, كتاب واسع جداً, أكثر من ثمانمئة صفحة, إن شاء الله سوف تكون بين أيدي الأخوة بعد حين, يعني:

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾

[سورة فصلت الآية: 53]

أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد؟ .

ما توصل إليه العلماء من الاكتشافات العلمية :

الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة أكثر أن يحصى, بأدنى الأرض واحدة, لم يكن يعرف قبل اكتشاف أشعة الليزر, أن غور فلسطين أخفض مكان في الأرض:

﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ 

[سورة الرحمن الآية: 19-21]

بعد أن اكتشفت سفن الفضاء, أن بين كل بحرين حاجزاً برزخاً, وحجراً محجورا, فسرت هذه الآية .
بعد أن اكتشفت مجرة تبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية وشكلها كالوردة, قال تعالى:

﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾

[سورة الرحمن الآية: 37-38]

عرف أن هذا مما يؤكد كلام الله .
بعد أن قال الله عز وجل:

﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة الأنعام الآية: 125]

بعد أن ركب الإنسان الطائرة ونقص الأوكسجين, شعر بضيق لا يوصف .
بعد أن اكتشف أن الذكر والأنثى لا علاقة للبويضة بهما, وقد قال الله عز وجل:

﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾

[سورة النجم الآية: 45-46]

تبين أن العامل الحاسم في كون المولود ذكراً أو أنثى, هو النطفة وليس البويضة .
بعد أن قال الله عز وجل:

﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾

[سورة يس الآية: 40]

اكتشف أن كل شيء يدور حول نواة من الذرة وإلى المجرة .
بعد أن ثبت أن الأرض تسير حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو متر في الثانية, الآن لنا نصف ساعة تقريباً, ثلاثين بالثانية بالدقيقة ألف, وثمانمئة بعشر دقائق ثمانية عشر ألف, بالعشرين دقيقة ستة وثلاثين ألف, بثلاثين دقيقة ثمانية وأربعين ألف كيلو متر ماشين من أول الدرس وإلى الآن، قال تعالى:

﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾

[سورة النمل الآية: 88]

بعد أن اكتشف أن كل نجم في الكون, يدور حول نجم آخر في مسار مغلق, قال تعالى:

﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾

[سورة الطارق الآية: 11]

من المستحيل :

حديث طويل، آيات الله في المجرات, وفي الشمس والقمر, وفي الليل والنهار, وفي الجبال وفي السهول, وفي الصحارى وفي الوديان, وفي البحار وفي الأنهار, وفي الأسماك, وفي الأطيار, وفي الحيوانات، وفي خلق الإنسان, وفي خلق الطعام والشراب:

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾

[سورة فصلت الآية: 53]

أي مستحيل, وألف ألف مستحيل أن يأتي النبي بحقائق لم تكن معروفة, ولا إلى مئة عام ألف وثلاثمائة عام لم تكن معروفة، الآن عرفت .
إذاً: إعجاز القرآن الكريم أكبر دليل قطعي على أنه كلام الله، هذا موضوع واسع جداً جداً، أنا من فضل الله عز وجل, أي من خمس وعشرين سنة, في كل خطبة القسم الثاني موضوع في الإعجاز العلمي، فهذا موضوع إن شاء الله, سوف ترون تفاصيله في القريب العاجل .

8-الإسراء والمعراج :

الإسراء والمعراج أيضاً مما يؤكد نبوة النبي عليه الصلاة والسلام

ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام انتقل من مكة إلى بيت المقدس, ثم عرج من بيت المقدس إلى السماء, إلى سدرة المنتهى, وعاد إلى بيته في مكة, وكأن الله طوى له المكان والزمان، وحينما قال الله:

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾

[سورة الإسراء الآية: 1]

أي أن هذه القصة, أو أن هذا الإسراء والمعراج, لا يخضع لقوانين الكون, إنما هو استثناء, لأن الذي خلق المكان والزمان, اختصر المكان واختصر الزمان لسيد الأنام، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أكرمه الله بالإسراء والمعراج, وأعلمه أنه سيد الأنبياء والمرسلين ، عقب وقوفه بالطائف, حينما قال: إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي, ولك العتبى حتى ترضى, لكن عافيتك أوسع لي .

غداً إن شاء الله :

أيها الأخوة الكرام, في درس قادم إن شاء الله, نتحدث عن بعض المعجزات الحسية التي أكرم الله بها النبي, ليست معجزته عقلية فقط، هو أكبر معجزاته القرآن الكريم معجزة عقلية علمية بيانية مستمرة إلى يوم القيامة، لكنه كشأن الأنبياء والمرسلين, معه معجزات حسية وعملية, نتحدث عنها إن شاء الله في درس قادم، والحمد لله رب العالمين .

دعاء الختام :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور