الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الكون خَلْقُ الله والقرآن كلامه:
أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الثاني عشر من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثالثة والعشرين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)﴾
أيها الإخوة الكرام؛ هاتان الآيتان متعلِّقتان بالقرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض، والسماوات والأرض تعبيرٌ قُرْآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، خلق الله جلَّ جلاله السماوات والأرض، وأنزل على عبده الكتاب، فالكون خلقه والقرآن كلامه، بل إن القرآن في آيةٍ أخرى وُضِع في كفةٍ والكون في الكفة الثانية:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)﴾
وقال:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)﴾
فأهم شيءٍ بعد خلق الكون هذا المَنهج الذي أنزله الله على سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أهم شيءٍ بعد خلق الكون هذا المَنهج الذي أنزله الله على سيدنا محمد:
أيها الإخوة الكرام؛ يقول الله عزَّ وجل:
﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)﴾
يواجهنا سؤال عن الترتيب: أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق؟ ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ قال علماء التفسير: هذا ترتيبٌ رُتَبِي، وليس ترتيباً زمنياً، أي لا معنى لوجود الإنسان من دون منهجٍ يسير عليه، لو أنَّك اشتريت حاسوباً بثلاثين مليون ليرة من النوع المُعَقَّد جداً، هناك حواسيب تضع عليها نقطةً من دم تعطيك سبعة وعشرين تحليلاً في كبسة زر واحدة، فإذا كان هناك شخص عنده مئة إنسان، وأجرة كل تحليل ألف ليرة، كان دخله اليومي مئة ألف، فهذا الحاسوب لو أن الشركة الصانعة لم تُرسل لك تعليمات التشغيل، فإن استعملته من دون تعليمات عَطَبْته، وإن خفت عليه ولم تستعمله جَمَّدَت ثمنه، أليست هذه التعليمات في أهمية الجهاز نفسه؟ هل تَقِلّ هذه التعليمات من حيث الأهمية عن الجهاز نفسه؟ فالإنسان أعقد آلة في الكون، هو المخلوق الأول.
الشر مخلوق أودعت فيه الشهوات وتحرَّك من دون منهج الله عزَّ وجل:
إلا أن طبيعة الإنسان فيه شهوات، أودع الله فيه الشهوات، هذه الشهوات قِوى دافعة، حبّ الطعام، حبّ النساء، حبّ العلو في الأرض، حبّ الخلود، هذه كلها شهوات،
هذه الشهوات من دون منهج مدمِّرة، مع المنهج قوى خَيِّرة، كيف أن السيارة حينما يقودها إنسان متمرِّس تنقله إلى أهدافه بيسرٍ وراحة، أما حينما يقودها إنسان مُغْمَى عليه، أو سكران تودي به إلى الهاوية، والمركبة نفسها، فلذلك الإنسان أعقد آلة في الكون أودع الله فيه الشهوات.
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)﴾
تحتاج هذه الشهوات إلى مِقْوَد، تحتاج إلى قناةٍ نظيفة تسري خلالها، فما هو الشر؟ مخلوق أودعت فيه الشهوات لم يعبأ بمنهج الله، يريد المال أخذه عدواناً، يريد المُتعة فعلها اغتصاباً، يريد العلو في الأرض بَنى مجده على أنقاض الآخرين، هذا هو الشر، مخلوق أودعت فيه الشهوات وتحرَّك من دون منهج الله عزَّ وجل.
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾
مهمة العقل البشري أن يكشف المُغَيَّبات من خلال الآثار:
فيا أيها الإخوة؛ هذا الكتاب هو المنهج، لا معنى لوجود الإنسان من دون منهجٍ يسير عليه، لأنه في خطر من دون منهج، مركبة تنطلق بسرعة عالية في طريقٍ كلُّه انعطافات، وعن يمينه وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، فإذا أطفئت المصابيح فالحادث حتمي، وأنت كذلك مركبة، الطريق كله منعطفات وعن يمينك وادٍ وعن يسارك آخر، فهذا المنهج هو النور الذي به تبقى على الطريق،
من دون منهجٍ لابدَّ من أن يقع الإنسان في الوادي، فلذلك:
﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ القضية في هذه الآية: ما الذي يؤكِّد لك أن هذا الكلام كلامُ الله؟ أتمنَّى على كل مؤمن مع أنه مؤمن إيماناً قطعياً أن هذا القرآن كلام الله، لكن أتمنَّى أن تدقق وأن تبحث وأن تتأمل وحتى تمتلئ قناعةً بالدليل والتعليل أن هذا القرآن كلام الله.
بادئ ذي بدء أودع الله جلَّ جلاله في الإنسان عقلاً، مهمة هذا العقل أن يعرف ما غاب عنه من آثاره، هذا ملخص الملخص، مهمة العقل البشري أن يكشف المُغَيَّبات من خلال الآثار، فكل هذا الكون يدلُّ على الله، كل هذا الكون مظهرٌ لأسماء الله الحسنى، كل هذا الكون تجسيدٌ لأسماء الله الحسنى، إذاً طريق معرفة الله من خلال التفكر في خلق السماوات والأرض، وفي القرآن ألفٌ وثلاثمئة آيةٍ تتحدث عن مظاهر الكون، إذاً من خلال الكون تعرف الله عزَّ وجل.
الآن حينما تعرفه، أو حينما تعرف أن لهذا الكون خالقاً، وأن لهذا الكون مُربياً، وأن لهذا الكون مُسيراً، لكن هناك أشياء لا تراها بهذا الكون، لماذا خلقني؟ مهما تفكَّرت في الجبال، في الأمطار، في البحار، لا تعرف لماذا خلقك؟ لابدَّ من اتصالٍ مباشر بين هذا المخلوق الأول وبين خالقِه العظيم، فهذه الصلة بين الخالق العظيم وهذا المخلوق هو هذا القرآن.
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
لا بدَّ من كتابٍ يسير عليه الإنسان مع التفكُّر في خلق السماوات والأرض:
وضح لك:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)﴾
بيَّن لك أصل المخلوقات من آدم، بيَّن لك ما بعد الموت، بيَّن لك مصائر الشعوب، بيَّن لك الجنة والنار، فأنت لابدَّ من كتابٍ تفهم فيه التفاصيل، لو دخلت إلى بناء جامعي تستنبط من خلال التأمُّل بالبناء حقائق كثيرة –الفكرة دقيقة-تقول: المهندسون على أعلى مستوى، كان المهندسون على اتصالٍ وشيج بإدارة الجامعة حتى هيؤوا القاعات، والمدرَّجات، والحدائق، وأبنية الطلاب، وهذه المخابر، والمخابر معها تهوية هواء درجة أولى، والمدرجات بشكل مدرجات، والقاعات واسعة تتناسب مع عدد الطلاب في السنة الواحدة، فأنت من خلال التأمُّل في بناء الجامعة تستنبط أشياء كثيرة، لكن مهما تأمَّلت لن تستطيع أن تستنبط النظام الداخلي للجامعة مهما تأمَّلت في الأقواس، وفي القاعات، وفي المدرجات، وفي الأبنية، وفي الساحات، وفي الحدائق، وفي الملاعب، لن تستطيع أن تستنبط كم كُلية يوجد بالجامعة؟ ولن تستطيع أن تستنبط من هم عمداء الكليات، وما نظام الترفيع، وكيف يُقبل الطلاب في هذه الجامعة؟ لابدَّ من كُتَيِّب، هناك شيء خاضع للتأمُّل، هناك شيء خاضع للإعلام، فأنت تستنتج أن لهذه الجامعة أولاً أموالاً طائلة أنفقت على هذه الأبنية، هذا بالتأمل، تستنبط أن هؤلاء المهندسين من أعلى مستوى، تستنبط أن هؤلاء المهندسين على اتصال شديد بإدارة الجامعة حتى جاءت خططهم متوافقةً مع حاجات الجامعة، هذا كله تستنبطه بالتأمُّل والتفكُّر، أما أن تعرف كم كلية يوجد بالجامعة؟ من هم عمداء الكليَّات؟ ما النظام الداخلي؟ ما شروط القبول؟ هذا لا بدَّ له من كتيب، لا بدَّ له من نظام، إذا تأمل الإنسان في الكون عرف أن لهذا الكون خالقاً فقط، عرف أن لهذا الكون مربياً يُمدُّ مخلوقاته بما يحتاجون، عرف أن لهذا الكون خالقاً عليماً، وخالقاً حكيماً، وخالقاً غنياً، وخالقاً قديراً، وخالقاً رحيماً، هذا كله تستنبطه بالتأمل، أما لماذا خُلقت؟ لا بدَّ من أن تعرف هذا مِن قِبل الله عزَّ وجل، لماذا جاء بك إلى الدنيا؟ ما الطريق الأمثل للسعادة في الدنيا والآخرة؟ هل هناك آخرة؟ من يقول لك هذا؟ الله جلَّ جلاله، فلذلك لا بدَّ من كتابٍ تسير عليه مع التفكُّر في خلق السماوات والأرض، لا بدَّ من منهجٍ يُعَرِّفُك بحقيقة الكون، بحقيقة الحياة الدنيا، بحقيقة الإنسان، بالطريق الموصل إلى السلامة والسعادة، بالطريق الذي يُحقق الهدف من وجودك، هذا كله في الكتاب الكريم.
حينما بعث الله رسولاً ، بإمكان كل إنسان أن يدَّعي أنه رسول الله، كيف يعرف الناس أن هذا الإنسان بالذات هو رسول الله؟ لا بدَّ من معجزة، لا بدَّ من أن يأتي هذا الرسول بعمل لا يستطيعه كل البشر إلا من عند خالق البشر وحده، فالذي يجعل من العصا ثعباناً مبيناً هذا فوق طاقة البشر، والذي يجعل البحر طريقاً يبساً هذا فوق طاقة البشر، والذي يُلْقى في النار فلا يحترق بها هذا إذاً رسول، فربنا عزَّ وجل من أجل أن يعطي هذا الرسول دليلاً على أنَّه رسول أجرى على يديه المُعجزات، أولاً: الكون كله يدل على الله، الله عزَّ وجل الحقيقة الكبرى في الكون، الكون كله يدلُّ على الله، أنبياؤه ورسله معجزاتهم تدل على أنهم رسل وأنبياء، القرآن ما الذي يؤكد لك أنه هذا القرآن كلامه؟ هنا، أنت لو جاءك وارد أن هذا القرآن من صنع محمد، كان عبقرياً، وكان ذكياً، وفصيحاً، وأديباً فنظم هذا الكتاب وأوهمنا أنه كلام الله، هنا ما الدليل القطعي الذي لا يدعُ مجالاً للشك؟ ما الدليل القطعي أي مئة في المئة أن هذا القرآن كلام الله؟ إعجازه ، الإعجاز، الدليل على وجود الله الكون، الدليل على صدق الأنبياء والرسل المعجزات، الدليل على أن هذا القرآن كلامه إعجازه، فالعقل هذه مهماته الثلاثة: أن يعرف الله من خلال الكون، وأن يعرف النبي من خلال المعجزة، وأن يعرف كلام الله من خلال الإعجاز، الآية الكريمة: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ .
المُعجزات شهادة الله للناس جميعاً أن هؤلاء الرسُل هم رسله:
إعجازه دليل أنه كلام الله عزَّ وجل، طبعاً هذه بعض الأدلة، هناك أدلة كثيرة، من هذه الأدلة التي نحن في أشد الحاجة إليها، قبل أن آتي بالدليل أُقدم بدليل آخر: هل شهد الله لرسله أنهم رسله؟
أنت كإنسان تلتقي بشاهد يقول لك: أنا أشهد أن لفلان مع فلان مئة ألف ليرة، لأنه دفعها له أمامي، فأن يشهد لك الإنسان قضية سهلة جداً، تلتقي أمامي وينطق تسمع بأذنك شهادته، أما أن يشهد الله لك أن هذا الإنسان رسوله كيف؟ ما تعريف شهادة الله لرسله أنَّهم رُسُله؟ عن طريق المعجزات، فالمعجزة بحدِّ ذاتها شهادة الله لرسله أنهم رسله، يقول إنسان: أنا رسول الله، ما الدليل؟ يقول: هذه العصا، الآن هي عصا، بعد حين هي ثعبانٌ مبين:
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)﴾
وهو صغير:
﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30)﴾
وقال:
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)﴾
انشق الجبل فخرجت منه النَّاقة، فالمُعجزات شهادة الله للناس جميعاً أن هؤلاء الرسُل هم رسله.
شهادات من الله جلّ جلاله أن هذا القرآن كلامه:
سؤال: هل شهد الله لنا أن هذا القرآن كلامه؟ طبعاً هناك مئات الشهادات، إحدى هذه الشهادات أن في القرآن أمراً ونهياً ووعداً ووعيداً، فإذا طبَّقت الأمر قطفت ثماره، وإن وقعت في النهي دفعت ثمنه، حينما يقول الله عزَّ وجل:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
الحياة الطيِّبة التي يحياها المؤمن شهادة الله له أن هذا القرآن كلامه.
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾
المعيشة الضَنْك التي يحياها المُعرض شهادة الله له أن هذا القرآن كلامه، حينما يأتي المرابي فيخسر ماله كله دفعةً واحدة، دمار ماله كله شهادة الله له أن هذا القرآن كلامه لأن الله يقول:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)﴾
وحينما يأتي المُتَصَدِّق فيدفع الصدقة فيضاعف الله له أمواله أضعافاً كثيرة، مضاعفة المال له شهادة الله له أن هذا القرآن كلامه، هذا أكبر دليل على أن هذا القرآن كلامه.
التيسير حليف من يبني حياته على العطاء ويؤمن بالله:
إذا طَبَّقت الأمر وانتهيت عما نهى الله عنه ترى أن الأحداث كلَّها تجري وفق منهج الله، تحيا حياةً طيبة:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)﴾
متى تجد التيسير؟ تيسير عجيب، كل شيء مُيَسَّر، الإشارات كلها خضراء، أي الطريق سالك، لا تقف أبداً، معنى هذا التيسير حينما تبني حياتك على العطاء، وتؤمن بالله، وتتقي أن تعصي الله، ﴿أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ صار التيسير، الذي ينبغي أن نعرفه أن كل أمر حينما تقطف ثمرته، هذه الثمرة هي في الحقيقة شهادة الله للمؤمن أن هذا القرآن كلامه، وحينما يرتكب الإنسان معصيةً الثمن الذي يدفعه شهادة الله له أن هذا القرآن كلامه، هذا نوع من أنواع الإعجاز.
في هذا القرآن آيات ولو كانت من كلمتين إلا أن دلالتها مؤكدة ومعناها محقق:
أنت في ميناء بحري، وهناك غرفة على الميناء، وقال شخص لك: أنا مدير الميناء، وكل هذه البواخر بإمرتي حتى المُغادِرة،
فرأيت باخرة ضخمة جداً بدأت تُغادر الميناء، من أجل أن تتأكد أنه فعلاً مدير الميناء، تقول له: هل بإمكانك أن توقف هذه الباخرة؟ يقول لك: نعم، يتصل بها فإذا هي تقف، قلت له: أعدها إلى الميناء، قال لك: سأُعيدها، اتصل بها: أعادها إلى الميناء، فلما وقفت هذه الباخرة العملاقة التي حمولتها مليون طن، وقفت ثم عادت، معنى ذلك أن هذا كلامه صحيح، ماذا أردت من هذا المثل؟ أن ترى كلمات في القرآن، آية صغيرة:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ أنت عندما تجد شخصاً معه مئة مليون، غُرِّمَ بمبلغ من المال يقدر بمئة وثمانين مليوناً، لم يبق عنده شيء، بغلطة بسيطة، مثلاً: معقول أن يفقد الإنسان ماله كله دفعة واحدة قال الله تعالى:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ ثلاث كلمات في الآية مطبوعين بحرف صغير:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ معنى ذلك أن الذي دمَّر له ماله هو الذي أنزل هذا الكتاب.
كل وعد في القرآن وكل وعيدٍ وكل أمرٍ وكل نهي حينما تُطَبِّقه تقطف ثماره:
شخص عندما اصطلح مع الله عزَّ وجل، تغيرت أموره بعد أن اصطلح مع ربه، شعر بسعادة، شعر بطمأنينة، شعر بتوفيق، أموره ميَسَّرة، الطرق كلها سالكة، صار بيته جنة، يقرأ الآية: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ هذه الآية الصغيرة، معنى هذا أن هذه الآية من عند الذي جعل له حياته طيبة، جعل له بيته سعيداً، جعل له أولاده أبراراً، جعل له عمله موفقاً، شيء دقيق جداً، فكل وعد في القرآن، وكل وعيدٍ، وكل أمرٍ، وكل نهي، حينما تُطَبِّقه وتقطف ثماره، أحد الناس أشرك بالله فامتلأ قلبه خوفاً:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)﴾
هذا الخوف الذي أكل قلب هذا الخائف دليل على أن هذا القرآن كلامه، هذه شهادة الله لنا أن هذا القرآن كلامه.
إذا قرأت كلام الله آيةً آية تجد أن الأحداث كلها تتحرك وفق منهج الله:
المسلمون في البدايات، عشرات الألوف في الجزيرة، بدو رُحَّل، متخلّفون بالمقياس الحضاري، ليس عندهم علم، ولا جامعات، ولا أجهزة، ولا تطوِّرات، ولا تكنولوجيا، كيف استطاعوا أن يفتحوا المشرقين؟ وأن يصلوا إلى أطراف الدنيا؟ وأن يصلوا إلى مسافة قريبة من باريس؟ وإلى مشارف الصين؟ وأن تدين لهم الدنيا من أطرافها؟ لأن الله قال:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾
معنى ذلك أن هذا القرآن كلامه: ﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي﴾ .
فيا أيها الإخوة؛ إذا قرأت كلام الله آيةً آية تجد أن الأحداث كلها بدءاً من المجرَّات إلى السماوات، إلى الأمطار، إلى البحار، كُلُّها تتحرك وفق هذا المنهج، لذلك وقوع الوعد والوعيد شهادة الله لنا أن هذا القرآن كلامه، قال تعالى:
﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)﴾
قال علماء التفسير: التأويل وقوع الوَعْد والوعيد.
الإيمان والإخلاص سببان رئيسان للنصر:
أيها الإخوة؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون الواحد منا صادقاً، فإذا تعامل مع الله بصدق والله يرى العجب العُجاب، والله يرى الشيء الذي لا يُصَدَّق، لأن هذا القرآن كلامه:
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾
لا يمكن من سابع المستحيلات أن تكون جندياً لله وأن تُهْزَم، مستحيل، فإذا لم تنتصر فاعلم أن جُنْدِيَّتك لله قد اختلت، إن لم تنتصر فاعلم علم اليقين أن جنديتك لله قد اختلت، أبداً، دعا إنسان إلى الله فلم تنجح الدعوة، مُنعت، فيقول: الأمر ليس بيدي، نقول له: لا، اقرأ قوله تعالى:
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾
هل تجد أدق من هذا الكلام؟ ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ معنى ذلك حينما تكون مؤمناً حقاً، وحينما تكون مخلصاً حقاً لا بدَّ من أن تنتصر، ما من إلهٍ إلا الله، ليس في الوجود إلا الله عزَّ وجل.
الله وحده فعّالٌ لما يريد:
الله تعالى هو الفعال وحده:
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)﴾
الله وحده فعالٌ لما يريد، أما الإنسان قد يُريد آلاف الأشياء، وقد يُحال بينه وبين ما يُريد، لكن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً:
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)﴾
إذاً:
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ إخواننا الكرام؛ أحياناً يكون للإنسان قضية في القضاء ومضى عليها ثماني سنوات، ودفع مئات الألوف للمحامي، يقول له المحامي: نجحت الدعوى، كيف؟ يقول له: وجدت اجتهاداً بمحكمة النقض لصالحك، معقول أربع كلمات مطبوعة بمجلة يمتلئ قلب المحامي ثقة أن الدعوى نجحت، اجتهاد لصالحك.
إذا كان القرآن أمامك، كلام رب العالمين، كلام خالق السماوات والأرض، الذي خلق مجرةً تبعد عنا ثلاثمئة ألف بليون سنة ضوئية هو الذي أنزل هذا الكتاب، هذا الكتاب من عند خالق الكون، أيهما أشدُّ مصداقيةً عندك؟!! اجتهاد محكمة النقض امتلأ قلبك سروراً، يقول لك: ربحنا الدعوى، كيف ربحتها؟ هل ظهر الحكم؟ لا، ولكن المحامي طمأنني، المحامي قال لي: هناك اجتهاد في محكمة النقص لمصلحتك، جيد والله.
إذا إنساناً اجتهد اجتهاداً وصار بالمجلة باجتهادات محكمة النقص، واطّلع عليه المحامي، وانتبه له، وبلّغ الموكل، قال له: ربحنا الدعوى، وإذا كان هناك وعد من قِبل الله أيها المؤمن لك من عند خالق السماوات والأرض، من عند الذي لا تستطيع قوة في الأرض أن تمنع أمره.
آيات من القرآن الكريم تؤكِّد أن الأمر بيد الله:
قال تعالى:
﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(2)﴾
بيده ملكوت السماوات والأرض:
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)﴾
وقال:
﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)﴾
وقال:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)﴾
وقال:
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾
وقال: ﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ آياتٌ كثيرة تؤكِّد أن الأمر بيد الله.
قضية القرآن الكريم قضيةٌ مصيرية فهو منهج الله سبحانه:
إذا كان خالق الكون طَمْأنك قال لك: أنت ما دمت مؤمناً ولك عملٌ طيب فلك عندي حياة طيبة، بكل الأحوال، في كل الظروف، في كل المناسبات، في كل الأقاليم، بأي بلد، بأي نظام، ما دُمْتَ مع الله، فالله معك.
كن مع الله تَرَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعـك
وإذا أعطاك من يمنعه؟ ثم من يعطي إذا ما منعك؟
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنـا
ولُذ بحمانا واحتــــــمِ بجنابنـا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
أيها الإخوة الكرام؛ قضية هذا القرآن الكريم قضيةٌ مصيرية، هذا منهج الله، هذه تعليمات الصانع، أنت من أجل آلة بسيطة، لو عندك حاسوب وتعطَّل ولك جار تحبه حباً لا حدود له، يعمل في بيع الخضر مثلاً، هل تكلفه بأن يصلحه لك مع حبك الشديد له؟ هذه ليست مهنته، تبحث عن الخبير، تبحث عن الوكالة، فلماذا في شؤون سعادتك الأبدية لا تبحث عن الخبير؟
﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾
كلَّما تقدَّم العلِم تطابق مع القرآن:
أيها الإخوة الكرام؛
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ لم، ولن، لم لنفي الماضي، ولن لنفي التأبيد أي المستقبل:
﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ لم في الماضي،
ولن تستطيعوا أن تفعلوا، والدليل: مضى على إنزال هذا القرآن أكثر من ألفٍ وأربعمئة عام، هل استطاع العِلم كله في الأرض أن يأتي بشيءٍ يُناقض هذا القرآن؟ كلَّما تقدَّم العلِم تطابق مع القرآن:
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾
أين هذا البرزخ؟ يلتقي البحران البحرُ الأحمر والبحر الأبيض في قناة السويس، وجد عُلَماء البحار أن للبحر الأحمر كثافةً، وله مقومات، وله مكونات، وله درجة ملوحة تختلف عن البحر الأبيض، ويلتقي البحر الأبيض بالمحيط الأطلسي في مضيق جبل طارق، ومكونات المحيط الأطلسي وكثافته وملوحته تختلف اختلافاً بيّناً عن كثافة وملوحة ومكونات البحر الأبيض، ويلتقي البحر الأحمر بالبحر العربي في مضيق باب المَنْدَب.
بعض الأدلة عن إعجاز القرآن الكريم:
﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ هذه الآية لم تُفَسَّر إلا بعد اختراع السفُن الفضائية، فقد وجِدَ عن طريق التصوير الفضائي العالي خط بين كل بحرين، خط وهمي، فرق كثافة، فرق لون، لذلك أسلم أحد علماء البحار أسلم من هذه الآية، هذا من إعجاز القرآن الكريم، الأرض؛ كانت في قناعة الناس مُنْبَسِطة لكن الله عزّ وجل قال:
﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)﴾
لماذا لم يقل بعيد مع أن بعيداً أقرب للذهن؟ كلما ابتعدت عن إحدى نقاط الكرة صار هناك عُمْق: ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ بالنسبة للكرة العمق هو البعد، أما مسافة قصيرة الخط مستقيم، مسافة بعيدة جداً أنت إذا ذهبت إلى دوما مثلاً تجد أن الخط مستقيم، أما إذا ذهبت إلى أمريكا سوف تدور نصف دائرة بالضبط، فصار البعد في الكرة هو العمق، هذا كلام خالق الكون.
أدلة أخرى عن إعجاز القرآن الكريم:
يركب أحدهم الآن سيارة فخمة جداً أو يركب طائرة من أحدث الطائرات تُقِل ستمئة وستين راكباً أو يركب باخرة تُقِل مليون طن، يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)﴾
أين الخيل والبغال والحمير؟ أنا أركب سيارة فخمة جداً، ثمنها أربعة وعشرون مليوناً قال: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ إذاً هو كلام خالق الكون: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وأنت في الطائرة: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وأنت في سيارة فخمة: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وأنت في يختٍ ضخمٍ: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ .
لو أنَّه كلام النبي عليه الصلاة والسلام يقول: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، انتهى، هذا الذي كان في عهد النبي، أما لأنه كلام خالق الكون: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ حينما صعد الإنسان إلى أعالي الطبقات يقلُّ هناك الأوكسجين، لذلك تضخ الطائرات ثمانية أمثال حجمها من الهواء ليكون الضغط عليها كالضغط في الأرض، لو تلاشى هذا الضغط لسبب أو لآخر لابد من هبوط الطائرة في أي مكان في الأرض وإلا يموت الركاب جميعاً، فهذا الضيق الذي يَحْصَل للإنسان إذا ركب طائرةً مُخَلْخَلَة، قال تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)﴾
هل صعد إنسان واحد في عهد النبي إلى السماء؟ الآن صعدنا إلى السماء، هذا من إعجاز القرآن العلمي.
ما كانوا يستطيعون قياس المسافات البعيدة، الآن تُقاس المسافة بين الأرض والقمر بالمليمتر عن طريق أشعة الليزر، تجد الآن أجهزة مع المهندسين يضعُها أمام الحائط يكشف له على الشاشة المسافة بالمليمترات، بعد اختراع هذه الأشعة أشعة الليزر أمكن قياس الأبعاد بدقةٍ متناهية فاكتُشف أن أعمق نقطةٍ في الأرض اليابسة غور فلسطين، وقد جاءت الروايات التاريخية أن المعركة الشهيرة التي جرت بين الروم والفُرس كانت في غَوْر فلسطين، وقد قال الله عزّ وجل:
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ (4)﴾
في الآية إعجازان: إعجاز علمي، إعجاز إخباري، كيف يشهد الله لنا أن هذا القران كلامُه؟ عن طريق الإعجاز.
أدلة أخرى عن الإعجاز العلمي للقرآن:
اكتشف الآن أنه ما من شيءٍ في الكون إلا وهو ذرات، والذرات كهارب تدور في مدارات متعددة حول نويّات، هذا الخشب تراه جامداً، هذا الحجر، كل شيءٍ يدور هذا نظام الذرة، نظام الذرة كالمجرة، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)﴾
﴿كُلٌّ﴾ هذه تفيد الشمول المُطْلَق: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ بعد أن اكتشفت الذرة وجِد أنه ما من عنصر ؛ الحجر البازلتي، الحجر، الخشب، الصخر، الماء، الهواء ذرات وكهارب على مدارات حول نويّات، هذا العنصر صُلب يحوي على مداره الخارجي ثلاثة كهارب، هذا العنصر غاز عليه أربعة كهارب، بين عنصرٍ غازي وعنصر صلب الفرق كهروب واحد، هذا الذي درس فيزياء في الشهادة الثانوية يعرف هذا الشيء، شيء طبيعي، قال: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ .
المرأة لا علاقة لها إطلاقاً بنوع الجنين ونوع الجنين يتحدد من الذكر:
اكتُشف الآن أن جنس الجنين يتحدَدُ من الحوين لا من البويضة، والمرأة لا علاقة لها إطلاقاً بنوع الجنين، فهذا الذي يُطَلِّق امرأته لأنها أنجبت له بنتاً أحمق وهو جاهل، وامرأته لا علاقة لها إطلاقاً بنوع الجنين، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)﴾
من نطفة فقط، كون الجنين ذكر من الزوج، كونه أنثى من الزوج، يوجد بالمورثِّات كروموزونات Y وX .
على كل: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ .
الآية التالية هي النظرية النسبية التي جاء بها أينشتاين وملأت الدنيا صياحاً وضجيجاً:
قال تعالى:
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾
آية في القرآن الكريم، وهناك آية أخرى مشابهة لها تماماً، اكتشف العلماء الآن نحن نعدُّ السنوات عن طريق القمر، يدور القمر حول الأرض دورةً كل شهر، لو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر وقسنا المسافة بينهما لعرفنا نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، عن طريق قانون رياضي نعرف المحيط من نصف القطر، كشفنا محيط الدائرة، يدور القمر حول الأرض دورةً كلَّ شهر × 12 ما يقطعه القمر حول الأرض في سنة× 1000 يعطينا ما يقطعه القمر حول الأرض في ألف عام هذه هي المسافة، لو قسَّمناها على الزمن، ﴿وَإِنَّ يَوْماً﴾ اليوم أربع وعشرون ساعة، والساعة ستون دقيقة، والدقيقة ستون ثانية، لو ضربنا أربعاً وعشرين × ستين × ستين وقسَّمنا المسافات الكيلو مترية التي يقطعها القمر في دورته حول الأرض في ألف عام على عدد ثواني اليوم لوصلنا إلى سرعة الضوء الدقيقة: مئتان وتسعة وتسعون ألفاً وثمانمئة واثنا عشر كيلو متر في الثانية، هذه النظرية التي ملؤوا بها الدنيا صياحاً وضجيجاً النظرية النسبية التي جاء بها أينشتاين في هذه الآية: ﴿وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ .
الإحكام الحسابي من الإعجاز في القرآن:
قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)﴾
السماء كل ما علاك فهو سماء، كيف وصف الله السماء كلَّها بكلمةٍ واحدة؟ ﴿ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ ثبت الآن أن كل كواكب الكون تدور حول بعضها في مساراتٍ مغلقة، ومعنى مسار مغلق أي أن هذا الكوكب يرجِع إلى النقطة النسبية التي انطلق منها، قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ طبعاً آيات إعجاز القرآن الكريم لا تعدُّ ولا تحصى، هذه نماذج، من منكم يصدِّق أننا إذا نسبنا عدد كلمات البر في القرآن إلى عدد كلمات البحر في القرآن لكانت تساوي نسبةَ البرِّ إلى البحر بالتمام والكمال؟ من يصدق أن عدد كلمات الملائكة كعدد كلمات الشياطين؟ وأن كلمات الدنيا بعدد كلمات الآخرة؟ وهذا الإحكام الحسابي شيء لا ينتهي، موضوع ثانٍ.
والله أيُّها الإخوة؛ والله الذي لا إله إلا هو لو تأمَّلت هذا القرآن من خلال إعجازه لآمنَت كلُّ خليّةً في جسمك، كل خليّة، ولآمنت كل قطرةٍ في دمك أن هذا القرآن كلام الله، لذلك قد يقرأ الإنسان في الجريدة خبراً أو تصريحاً لمدير مؤسسة مؤلفاً من خمس كلمات، أن هناك احتمالاً بالسماح باستيراد السيارات، ينخفض سعر كل سيارة مئتي ألف ليرة بسبب خمس كلمات في جريدة وتصريح غير مؤكد، هل من المعقول أن ينخفض السعر مئتي ألف ليرة لكل سيارة لورود تصريح مقداره خمس كلمات في جريدة.
يُهجر القرآن حينما تُهْجَر أحكامه ويبقى تراتيل فقط:
يوجد في القرآن الكريم كم أمر وكم نهي وكم وعد وكم وعيد، والناس في واد وهذا القرآن في واد:
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)﴾
قرؤوه في المناسبات، قرؤوه في التعازي، وضعوه في الإذاعة ولكنهم هجروا أحكامه، المُصْحَف في مقدَّمة المحل التجاري، وتوضع آيات كثيرة:
﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1)﴾
فَهم الفتح المبين أن يربح فقط، وبسم الله الرحمن الرحيم وترى سلوك صاحب المحل في وادٍ والقرآن في واد، يوضع المصحف على السيارة وهذه تنطلق من مكان إلى مكان لا يُرضي الله أبداً، فلذلك يُهجر القرآن حينما تُهْجَر أحكامه، حينما يبقى تراتيل، قرئ القرآن الكريم في باريس على أنه فلكلور شرقي، هكذا: ﴿يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً﴾ لذلك حياتنا بهذا الكتاب، حياتنا في تطبيق هذا الكتاب، القرآن الكريم منهج كامل، اختصر الناس الدين لخمس عبادات شعائرية، يوجد غض بصر، يوجد صدق، يوجد أمانة، يوجد وفاء بالوعد، يوجد إخلاص، اقرؤوا القرآن، ستمئة صفحة من عند خالق الأكوان ألا ينبغي أن نقرأه؟ أن نستمع إلى تفسيره في الحد الأدنى؟
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ هذه في الماضي ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ بالمستقبل: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ النار أيها الإخوة، يوجد شموس حمراء اللون، والنجوم البعيدة بيضاء، انظروا إليها في الليل تجدوها بيضاء، ويوجد الآن ثقوب سوداء، فيمر الكوكب المُلتهب بمرحلة الاحمرار إلى الابيضاض إلى السواد، وكل مرحلة تتضاعف الحرارة ملايين المرَّات، شمسنا حمراء في البدايات، ولكن هناك شموساً بيضاء تنكمش وتصبح بيضاء اللون، وبعد ألف عام تصبح هذه الشمس سوداء، ثقب فيه ضغطٍ عالٍ جداً، لو دخلت الأرض أحد هذه الثقوب لأصبحت بحجم البيضة مع وزنها نفسه:
(( عن أبي هريرة: أُوقِد على النَّارِ ألفَ سنةٍ حتَّى احمرَّت، ثمَّ أُوقِد عليها ألفَ سنةٍ حتَّى ابيضَّت، ثمَّ أُوقِد عليها ألفَ سنةٍ حتَّى اسودَّت، فهي سوداءُ كاللَّيلِ المُظلِمِ. ))
[ الترغيب والترهيب :خلاصة حكم المحدث :إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] | التخريج : أخرجه الديلمي ]
الإنسان يعيش في زمن سينقضي بالموت وبعدها سيُحاسب عن كل حركةٍ وسكنةٍ:
إذا وضعت الحجر البازلتي وهو آخر العناصر انصهاراً يذوب في النار: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ الحجر البازلتي، الآن بالأفران يصنعون أرض الأفران من الحجر الأسود البازلتي، قلَّما ينصهر هذا الحجر، أما في النار فيصبح سائلاً، لو أن الأرض أُلقيت في الشمس لتبخَّرت في ثانيةٍ واحدة، حرارة الشمس في ظاهرها ستة آلاف درجة، في أعماقها عشرون مليون درجة، هذه شمس الأرض الحمراء ليست السوداء، الحمراء عشرون مليون درجة، قال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ الله عزّ وجل يعجب قال:
﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)﴾
هذا كلام خطير يا إخوان، كلام خطير جداً، الكلام الخطير تسمعه فتبدأُ متاعبك، أنت مسؤول، أنت تعيش في زمن سينقضي، وبعدها ستُحاسب على كل حركةٍ وسكنةٍ، وعطاءٍ ومنعٍ، وزواجٍ وطلاقٍ، وغضبٍ وتربيةٍ، كله مُحَاسب عليه، فإذا كان معك دليل أن هذا القرآن ليس كلام الله ائتني به؟ أما إذا كانت الأدلة كلُّها تقول على أنه كلام الله فماذا تفعل؟!
لن يستطيع أعداؤنا أن ينتصروا علينا إلا إذا تركنا هذا القرآن:
لو قرأ أحدهم بلاغاً بمنع التجوّل، وتحت طائلة إطلاق الرصاص، قرأه ثم لم يتحرك، لم يدخل إلى بيته فإنه يكون مجنوناً ، أي إذا خالف هذا البلاغ فإنه يُقتل، فإذا قرأه وقال: والله الخط جميل، والله التوقيع جيد، انظروا إلى الحبر لونه جيد جداً، الورق ثمين جداً، وغير متوفر، من أين أتوا به مثلاً؟
إذا انصرف عن مضمون البلاغ، وتوجَّه إلى جزئياتٍ ليس لها علاقة بمضمون البلاغ إطلاقاً فإنه يكون أحمق، هذا القرآن منهج لكن نقرؤه على الأموات، نقرؤه في المناسبات ، نقتنيه ولكنهه منهج للتطبيق، للعمل به .
رأى سيدنا عمر رجلاً يقرأ القرآن يبدو أنه لا يعمل به، قال : قتلهم الله إنما أنزل هذا القرآن ليُعْمَل به أفاتخذت قراءته عملاً؟ يجب أن تعمل به لا أن ترتزق منه، هذا منهجنا، وهذا كلام ربنا .
وأساساً لن يستطيع أعداؤنا أن ينتصروا علينا إلا إذا تركنا هذا القرآن، هذا ما قاله أحد كبار الوزراء في بريطانيا قال: مادام هذا الكتاب بين أيديهم لن تستطيعوا أن تنتصروا عليهم ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( خيركم من تعلم القرآن وعلمه. ))
خيركم، وقال الله عزّ وجل:
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52)﴾
الجهاد الدعوي من أعظم أنواع الجهاد:
سمَّى ربنا تعلم القرآن وتعليمه جهاداً كبيراً، هذا الجهاد الدعوي من أعظم أنواع الجهاد؛ أن تُرَسِّخ معاني هذا الكتاب، أن تُقنع الناس بأحقية هذا القرآن، أن تحملهم على تطبيقه، أن تحملهم على اتباع أمره ونهيه، هذا هو الذي نريده.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن نوَفَّق في درسٍ قادم إلى متابعة هذه الآية:
﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)﴾
النص مدقق