وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0812 - الاستعداد لشهر رمضان المبارك - التوبة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدا، وأشهد ألاّ إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته، وإرغام لمن جحد به وكفر، وأشهد أنّ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

رمضان فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب :

 أيها الأخوة الكرام، صعد النبي صلى الله عليه وسلم منبره، فلما صعد الدرجة الأولى قال: آمين، فلما صعد الدرجة الثانية قال: آمين، فلما صعد الدرجة الثالثة قال: آمين، بعد أن انتهى من خطبته سأله أصحابه يا رسول الله علامَ أمنت؟ قال: جاءني جبريل فقال لي: رَغِمَ أنف عبد أدرك والديه فلمْ يدخلاه الجنة، فقلت آمين، ثم جاءني، وقال: رَغِمَ أنف عبدٍ ذُكِرتُ عنده فلم يصلِّ علي، فقلت آمين، ثم قال: رَغِمَ أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له.
إن لم يُغفَر له في رمضان فمتى؟.

العبادة بمعناها الشمولي :

 أيها الأخوة الأحباب، نحن على أبواب رمضان ورمضان عبادة، وكلكم يعلم أن الإنسان له مهمة كبرى في حياته الدنيا، ألا وهي العبادة، لأن الله جل جلاله يقول:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56 ]

 لكن هذه العبادة ذات معنى شمولي، من ضيق الأفق ومن الجهل الشديد أن تتوهم أن العبادة هي هذه العبادات الشعائرية فحسب، العبادات ذات مفهوم شمولي، من هذه العبادات ما كان عبادات شعائرية، كالصلاة والصوم، والحج، من هذه العبادات ما هو عبادات مالية كالزكاة، من هذه العبادات ما هي عبادات تعاملية كالصدق والأمانة، الحقيقة الدقيقة أن الإنسان إذا توهم أن الدين عبادات شعائرية ليس غير لم يفقَهْ شيئاً من الدين، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))

[متفق عليه عَنْ ابْنِ عُمَرَ]

 الإسلام بناء شامخ، بني على خمس دعائم، إنها العبادات الشعائرية، النطق بالشهادة، وأداء الصلاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، ولكن أيها الأخوة إليكم بعض النصوص المتعلقة بهذه العبادات.

الإسلام منهج كامل لا تقطف ثماره إلا إذا أخذ بكامله :

 فمن قال: لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها، قال: أن تحجزه عن محارم الله.
 إذاً مهما قلت: لا إله إلا الله، وأنت غارق في المعاصي فلا جدوى من هذا النطق، الأصل أن تلتزم، هذه هي الشهادة، أما الصوم:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))

[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

 الصوم عبادة، لكن تحتاج إلى التزام كي نقطف ثمارها.
 الصلاة: فالإنسان إن لم يستقم على أمر الله لم تنفعه صلاتُه، فصلاته يؤديها، ويسقط عنه الفرض، لكن لم ينتفع بها، ولم يقطف ثمارها، والدليل أن رجالاً لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله يوم القيامة هباء منثوراً:

((عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ]

 تحدثنا عن الصيام، وعن الصلاة، بقي الحج.
 من وضع رجله في الركاب وقال: لبيك اللهم لبيك، وكان ماله حراماً، يناديه منادٍ أن لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك، الزكاة:

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 53 ]

 هذه أركان الإسلام الخمس، إن لم يصحبها التزام، إن لم تصحبها طاعة لله عز وجل، إن لم يصحبها تقيد بدقائق الشرع لا تنفع، إليكم نصوصاً أخرى.

(( عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ المُفْلِسُ؟ قالُوا المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله من لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: المُفْلِسُ مِنْ أَمّتِي مَنْ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةِ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَد شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فيقعُدُ فَيَقْتَصّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمّ طُرِحَ في النّارِ))

[الترمذي عن أَبي هُرَيْرَةَ]

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ ))

[أحمد عن أَبي هُرَيْرَةَ ]

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ قَالَ فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]

 أيها الأخوة الكرام، لو تتبعنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، لوجدنا أن الإسلام كلٌّ لا يتجزأ، وأن الإسلام منهج كامل، ولن نقطف ثماره لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا إذا أخذناه بكامله، أما أن ننتقي من الإسلام ما هو هين لين، وما فيه وجاهة وراحة، وندع ما هو قيد لنا، فهذا ليس من الدين في شيء.

رمضان شهر القرآن و الإنفاق و القرب من الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام، أنا ما ذكرت هذا في مطلع قدوم مطلع شهر رمضان إلا لأنني أعلم من خلال ما يحيط بي من البيئة التي نعيشها، من العادات والتقاليد التي نألفها أن شهر رمضان شهر السهرات، شهر الولائم، شهر المسلسلات، شهر الأعمال الفنية التي تصنع خصيصاً لرمضان، إكراماً لهذا الشهر، وهذا الشهر أراده الناس على غير ما أراده الله عز وجل ، إنه شهر عبادة، إنه شهر إنابة، إنه شهر تقوى، إنه شهر القرآن، إنه شهر الإنفاق، إنه شهر القرب، إنه شهر الحب، هكذا أراده الله عز وجل ، إنه فرصة، فرصة ثانوية، تصطلح فيه مع الله، تفتح مع الله صفحة جديدة.

((عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ أَبي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيْماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

[أبو داود عنْ أَبي هُرَيْرَةَ]

 أيها الأخوة الكرام، هذه العادات تكبِّلُنا، وتعيق انطلاقنا إلى الله عز وجل، أنا ذكرت هذه الخطبة لأنبِّه الأخوة الكرام أنه ينبغي أن تصوم كما أراد الله، ينبغي أن ترقى كما أراد الله، هذا شهر يصوم فيه الناس، واللهِ بعض الناس يصومون أحياناً صوماً لا معنى له، لا يدعون قول الزور ولا العمل به، لا يكفون عن غيبة ولا عن نميمة، لا يغضون أبصارهم عمَّا لا يحل، هم عاديون، إلا أنهم حولوا الوجبات النهارية إلى وجبات ليلية فقط، هُمْ هُمْ، لذلك هذا الشهر شرعه الله لنا كي نتابع الرقي إلى الله، هذا مستوى، وقد شرعه لنا كي ندافع التدني، فإما أن تتابع الترقي، وإما أن تدافع التدني، لكن الشيء الذي لا يعقل أن يصوم الإنسان كالناقة حبسها أهلها، لا تدري لِمَ حبستْ، ولا لِمَ أُطلِقَت، إذاً نحن على أبواب عبادة شعائرية، والعبادات الشعائرية في الإسلام مرتبطة بالعبادات التعاملية، فحينما تضبط لسانك، وحينما تضبط عينيك، وحينما تضبط أذنيك، وحينما تضبط يديك، وحينما تضبط رجليك عن السير إلى مكان لا يرضي الله، وحينما تقيم الإسلام في بيتك وحينما تضبط دخلك وإنفاقك، وحينما تقرأ القرآن، وحينما تؤدي العبادات في إتقان شديد، عندئذٍ يسمح الله لك أن تتصل به، وعندئذٍ تذوق من حلاوة القرب، تذوق معنى التراويح، تذوق معنى قيام الليل، تذوق معنى أن الله معك، تذوق معنى أن الله غفر لك، وأنّ الله طهرك.

العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية :

 أيها الأخوة الكرام، العبادات الشعائرية تشبه ساعات الامتحان الثلاثة، والعبادات التعاملية تشبه العام الدراسي بأكمله، فمَن لم يدرس، ومَن لم يداوم، ومَن لم يحفظ، ماذا يفعل بهذه الساعات الثلاث، لا معنى لها، لقد فقدت معناها، قيمة هذه الساعات الثلاث، ساعات الامتحان التي هي بمثابة العبادات الشعائرية قيمتها مِن قيمةِ العبادات التعاملية، هذا الذي يفتتح شركة ويعيِّن مندوبين للمبيعات، يأتي المندوب صباحاً ليأخذ التعليمات، ويعود مساء بالربح ، ويعطيه أجره كل يوم، أنت حينما تأتي إلى المسجد كان عليه الصلاة والسلام يدعو ويقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أما حينما تخرج من المسجد فتقول: اللهم افتح لي أبواب فضلك.
 على كلٍّ أيها الأخوة، للعبادات الشعائرية شأنٌ خطير، إذا صحبها التزام دقيق، صحبها طاعة لله، صحبها ضبط للأمور، صحبها إقامة الإسلام، صحبها إقبال على الواحد الديان، عندئذٍ تصح هذه العبادات وتقطف ثمارها، ولكن لن أقول ولن أقول ولن أقول لمن يؤدِّي عباداتٍ شعائريةً أداء شكلياً: لا تؤدِّ هذه العبادات، أقول أضف إليها طاعة الله عز وجل، أضف إليها ضبط اللسان، وأن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى.

معاني الصيام :

 أيها الأخوة، رمضان فرصة ذهبية سنوية تصطلح فيه مع الله، بماذا أمرك الله في رمضان؟ أن تَدَع الطعام والشراب، أن تدع ما هو مباح لك في الليل، فأنت حينما - لا سمح الله ولا قدر - تفعل شيئاً من المعاصي يختل توازنك، لقد تركت المباح، فَلَأَنْ تدع المحرَّم من باب أولى، فهذا الذي يغتاب، هذا الذي يشهد شهادة زور، هذا الذي يحلف أيماناً كاذبة، هذا الذي يطلق بصره في رمضان، هو ممتنع عما هو مباح خارج رمضان، فلأَنْ يكون ممتنعًا عن الحرام من باب أولى، يختل توازن الصائم، حينما يدع ما هو مباح، ويقترف ما هو غير مباح.
 أيها الأخوة، شيء آخر: هذا الذي لا يستطيع أن يدع طعامه وشرابه، ولا يستطيع أن يدع معاشرة أهله، ولا أن يدع المعاصي والآثام، هذا منهزم أمام نفسه، ولن يستطيع أن ينتصر على عدو في حياته كلها، لن تستطيع أن تنتصر على عدو إلا إذا كنت منتصراً على نفسك في رمضان، لماذا كان النبي من بني البشر، ولماذا كان يجري عليه كل ما يجري على البشر، لأنه انتصر على نفسه فكان سيد البشر.
 أيها الأخوة الأحباب، معنىً آخر من معاني الصيام: أنت مفتقر إلى الله عز وجل، مفتقر في وجودك إليه، مفتقر إليه في استمرار وجودك، مفتقر في كمال وجودك إليه، مفتقر إلى هذه اللقيمات التي تأكلها، مفتقر إلى كأس الماء الذي تشربه، أنت في الإفطار تأكل وتشرب وتنام، تشعر بقوة وحيوية ونشاط، ولكن حينما تدع الطعام تشعر أنك امرؤٌ ضعيف، أنك امرؤ مفتقر في وجودك إلى لُقَيْمَاتٍ تضعها في فمك، فهذا الذي يقول أنا، ويقول أنا، ويطغى، ويتكبر، وينسى المبتدى والمنتهى، ويعلو على عباد الله هذا ما عرف حقيقة نفسه، فلعل من معاني الصيام أن تكتشف عبوديتك لله عز وجل ، أن تكتشف افتقارك إليه، ودائماً وأبداً حينما تعتد بنفسك يتخلى الله عنك، وحينما تفتقر إليه يتولاك بالحفظ والرعاية والتوفيق، فنحن بين امتحانين، لعل في رمضان كشفاً لافتقارنا إلى الله عز وجل، ولعل في رمضان تقوية لإرادتنا على طاعة الله، لأننا تركنا المباح، فلأَن ندع غير المباح فمِن باب أولى، لعلنا في رمضان نصون كل جوارحنا وكل أعضائنا، وكل ما حولنا عن معصية الله.

العبادة الشعائرية تنبع قيمتها من العبادة التعاملية :

 أيها الأخوة الكرام، مرة ثانية: العبادة الشعائرية تنبع قيمتها من العبادة التعاملية الحديث الشريف:

(( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 يعني لا يستمع إلى شيء إلا وفق الوحيين، لا يقبل شيئاً يتناقض مع الوحي، ولا يرى شيئاً إلا بمقياس الدين، لا يرى الدنيا في أبهى زينتها، بل ويرى ما وراءها كذلك، الموت، لا يرى المعصية وكيف أنها جذابة، بل يرى عقابها فهو يرى بنور الله، ويستمع إلى كلام يتطابق مع وحي الله، ولا يتحرك حركة بيده إلا في طاعة الله، ولا يمشي إلى مكان إلا في مرضاة الله عز وجل:

(( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 أيها الأخوة الكرام، ألم يقل الله عز وجل:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ *إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء: 88 ـ 89 ]

 يعني أثمن شيءٍ تلقى الله به قلبك السليم، فما تعريف القلب السليم؟ هو القلب الذي برئ من شهوة لا ترضي الله، وبرئ من تصديق خبرٍ يتناقض مع وحي الله، وبرئ من أن يفتقر إلى غير الله، وبرئ من أن يحكِّم غير شرع الله، هذا القلب السليم، هذا يحتاج إلى جهد كبير، أنا أنصح إخوتي الكرام: اجعلوا رمضان شهراً خالصاً لله عز وجل، لا تجعلوه شهراً اجتماعياً، شهر زيارات، شهر سهرات، شهر ولائم، شهر فرفشة، كما يقول العوام حتى السحور، ونصلي قبل الفجر العشاء، ثم ننام، اجعل هذا الشهر شهر قُربٍ إلى الله عز وجل، ولا تعبأ بما حولك، ولا تعبأ بالعادات والتقاليد، هذه العادات والتقاليد ينبغي أن تكون تحت قدمك إذا تناقضت مع منهج الله، هذه العادات والتقاليد ينبغي أن تكون تحت قدمك إذا حالت بينك وبين الله، هذه العادات والتقاليد ينبغي ألا تعبأ بها ما دمت راضياً لله عز وجل .

رمضان شهر العتق من النار :

 أيها الأخوة الكرام، هذا الشهر الكريم فيه عتق من النار، فيه رحمة من الله، كان عليه الصلاة والسلام جواداً، وكان أجود ما يكون في رمضان، شهر الإنفاق، أنفق بلال ولا تخشَ مِن ذي العرش إقلالا، عبدي أَنفِقْ أُنفِقْ عليك، درهم تنفقه في حياتك خير من مائة ألف درهم ينفق بعد مماتك، إنه شهر الإنفاق، شهر الجبر بتعبير العامة، شهر العطاء، شهر المواساة شهر صلة الرحم، لا شهر الفسق، لا شهر الانحراف، لا شهر الولائم التي لا ترضي الله، فيها اختلاط، وفيها نساء بأبهى زينة وهنَّ جميعًا في رمضان في تبذُلٍ وقلة احتشامٍ.

الإكثار من قراءة القرآن في شهر رمضان :

 أيها الأخوة الكرام، وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من قراءة القرآن في رمضان يجب أن ترسم برنامجًا لك جديداً في رمضان، دورة مكثفة، دورة من ثلاثين يوماً، لا بد من أن تخرج من رمضان إنساناً آخر.
 وأتمنى على الله عز وجل أن يمكنني من توضيح هذه الحقيقة، هذا الذي يقفز قفزة نوعية في رمضان، ثم يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان هذا ما انتفع من رمضان، هذه القفزة النوعية ينبغي أن تستمر، يوم الفطر تأكل وتشرب وتفعل ما هو مباح، أما ضبطك للسانك، وضبطك لبصرك، وضبطك لعينيك، وضبطك لإنفاقك، هذا الضبط الذي كان في رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان كي يكون لك في كل شهر في العام قفزة نوعية إلى الواحد الديان، أما معظم الناس يضبطون أنفسهم في رمضان فإذا ذهب رمضان فلسان حالهم يقول:

رمضان ولى هاتِها يا ساقي  مشتاقة تسعى إلى مشتاق
***

 هذا النمط الذي لا يرضي الله، أنت مع الله في كل أيام العام ينبغي أن تستقيم في كل أيام السنة، ينبغي أن تكون خاضعًا لمنهج الله في كل الشهور والأعوام، هذا المفهوم الصحيح، أمّا أنْ يقول: أنا في رمضان لا أعصي الله وبعد رمضان الحال حالٌ آخر، إذاً ما انتفعت من رمضان شيئاً.

على المسلم أن يهيئ نفسه لاستقبال هذا الشهر العظيم :

 يا أيها الأخوة الكرام، هناك معانٍ كثيرة في رمضان، ولكني أردت أنْ أوضِّح بمثال؛ كيف أن المركبة أحياناً ينبغي أن يُحمَّى محرِّكُها، كي يكون جاهزاً مع أول انطلاقة إلى هدفها، كذلك نحن قبل أسبوع نهيئ أنفسنا لاستقبال هذا الشهر العظيم، فلعل الله سبحانه وتعالى يجعلنا من عتقاء شهر رمضان.
 أيها الأخوة، ولا بد من أن أذكر لكم أن النبي عليه الصلاة والسلام سنته القولية معرفتها فرض عين، وسيرته العملية معرفتها فرض عين، لماذا؟ لأن الله يأمرك ويقول:

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر: 7 ]

 كيف نأتمر؟ فما أعطانا النبي عليه الصلاة والسلام من أوامر نأتمر به، وكيف ننتهي عما نهانا عنه، إنْ لم نعرف، فلا بد من لزوم مجالس العلم، هذا الوهم: أن يقول: أنا لست بحاجة إلى هذه المجالس، من قال لك ذلك؟ أنت في أمسِّ الحاجة إليها، كيف تعبد الله؟ إنْ لم تعرف أمره ونهيه، كيف تعالج نفسك من ضغط الدم المرتفع لا سمح الله، إنْ لم تَقِسْ ضغطك كل يوم، فلن تعرف هل عندك ضغط مرتفع أم لا؟ كيف تعبد الله؟ كيف تأتمر بما أمر به النبي؟ كيف تنتهي عما نهى عنه النبي؟ إنْ لم تعرف ماذا بأمر، وعن ماذا نهى تبقَ جاهلاً، فأنت حينما تحضر درس تفسيرٍ، أو درس حديث شريفٍ، أو درس فقهٍ، فأنت تفعل شيئاً من صلب الدين، لأنه اتِّباع بلا معرفة، وما مشكلة أهل النار في النار إلاّ مِن قولهم:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

[ سورة الملك: 10 ]

 أزمة أهل النار أزمة علم فقط، لذلك أيها الأخوة كما أنك إذا أديت زكاة مالك حفظ الله لك بقية مالك، ودققوا فيما سأقول: إذا أديت زكاة الوقت بارك الله لك في وقتك، وأداء زكاة الوقت أن تقتطع منه جزءاً لمعرفة الله، ألم يقل الله عز وجل :

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾

[ سورة الفرقان: 63 ]

 ما معنى هوناً؟ يعني عُرِف عن النبي الكريم أنه إذا سار كأنه ينحط من صبب، والسيدة عائشة تقول: "رحم الله عمراً ما رأيت أزهد منه، كان إذا سار أسرع، وإذا أطعم أشبع، وإذا قال أسمع"، كيف يمشون هوناً يمشون هوناً أي لا يسمحون للدنيا أن تصرفهم عن هدفهم، لا يسمحون لمشكلاتهم أن تبعدهم عن تحقيق ذواتهم، لا يسمحون لمعركة جانبية في الدنيا أن تحجبهم عن خالقهم، يمشون هوناً، يقتطعون من وقتهم الثمين وقتًا لمعرفة الله، لحضور مجالس العلم، لتلاوة القرآن، لقراءة السنة النبوية الشريفة، أما ألاّ نعبأ إلا بالعمل الدنيوي، وإلا بكسب المال، فمثل هذا الإنسان يأتيه الموت فجأة، وهو صفر اليدين.

﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾

[ سورة الفجر: 24 ـ 26 ]

أنواع العبادة :

 أيها الأخوة الكرام، في خطب قادمة إن شاء الله نأتي على بعض خصائص الصيام بشكل تفصيلي، أردت من هذه الخطبة أن تكون مقدمة أستنهض بها الهمم، وأحثُّ فيها نفسي قبلكم على أن نستقبل هذا الشهر بأسلوب يرضي الله عز وجل، وبطريقة وفق منهج الله، لا أن نتبع التقاليد والعادات التي ألِفَهَا مجتمعنا، والتي حجبته عن الله عز وجل، وحجبته عن قطف ثمار العبادة.
 هناك عبادة الجُهلاء ترك الطعام والشراب فقط، وهناك عبادة المؤمنين ترك كل مخالفة لا ترضي الله عز وجل، لكن عبادة الأتقياء ترك ما سوى الله، رمضان إما أن تدافع التدني، أو أن تتابع الترقي، وهو فرصة سنوية لا تقدر بثمن لفتح صفحة جديدة مع الله، وفي الحديث الصحيح أنه من صام إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
 أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله .

***

الخطبة الثانية :

 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

من أهم الموضوعات قبل رمضان موضوع التوبة :

 أيها الأخوة، من أنسب الموضوعات قبل رمضان موضوع التوبة، والإمام الغزالي رحمه الله يقول: "التوبة علم، وحال، وعمل"، هي علم لأنك إنْ لم تعرف منهج الله التفصيلي لم تعرف ذنوبك، وبالتالي لا تتوب منها، أنت لا تتوب من ذنب إلا إذا عرفت أنه ذنب، لذلك ما لي أرى الناس يغرقون في المعاصي ويقول ماذا نعمل، ما من إنسان إلا ويقول قائلُهم: أنا مستقيم، والحمد لله، أنا أحب الله، أنا أعمل للجنة، ولا ترى في عمله ما يؤكد ذلك، إما أنه يتجاهل، أو يجهل، على كلٍّ إذا أحسنا الظن به يجهل، إذاً لا بد من أن يكون لك عمل يحملك على التوبة، ثم إذا كان هناك علم لا بد من حال الندم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:

((النَّدَمُ تَوْبَةٌ))

[ابن ماجه وأحمدعن ابن معقل]

 أما الشيء الخطير في التوبة العمل، فهو الذي يتشعب إلى ثلاث شعب... إصلاحٌ لما صدر منك سابقاً... إصلاح تابوا وأصلحوا، وإقلاع في الحاضر... وعزمٌ في المستقبل ألاّ يعود المرءُ إلى هذا الذنب... فعلم وحال وعمل، لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام : لَلَّهُ أفرحُ بتوبة عبده من الضال الواجد والعقيم الوالد والظمآن الوارد ".

مفهوم التوبة :

 وما من حديث فيه شفافية بالغة عن مفهوم التوبة كحديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:

(( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ))

[متفق عليه، واللفظ لمسلم عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ]

 فكل واحد منا عليه أن يعقد العزم على توبة نصوح، وعلى فتح صفحة مع الله ولعل الله سبحانه وتعالى يعتقنا من النار في آخر هذا الشهر.

الدعاء :

 اللَّهُمَّ اهْدِنا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وعَافِنا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلّنا فِيمَن تَوَلَّيْتَ وبَارِكْ لنا فِيما أَعْطَيْتَ، وَقِنا واصرف عنا شَرَّ ما قَضَيْتَ، فإنَّكَ تَقْضِي بالحق وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلا يَعِزّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنا وَتَعالَيْتَ، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك، ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنَّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارْضَ عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بينا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وفي شمالها وجنوبها، وانصر المسلمين على أعدائك أعداء الدين يا رب العالمين، اللهم اجعل تدمير الكفار أعداء الدين في تدبيرهم، واجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، اللهم ثبت عبادك المؤمنين في كل مكان اللهم أعنهم على تحمل الحر و القر يا عزيز يا رحمن، اللهم اكفِنَا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بفعل المسيئين يا رب العالمين، اللهم انصر ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين، اللهم ألف بين قلوبهم ووحد جمعهم يا أكرم الأكرمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور