وضع داكن
03-10-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 014 أ - اسم الله الشافي 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 

من أسماء الله الحسنى الشافي:


أيها الإخوة الأكارم؛ الاسم اليوم الشافي، ورد هذا الاسم في الحديث الشريف الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري ومسلم، والحديث

(( أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً يدعو له ويقول: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أُتي بالمريضِ يدعو ويقولُ: أذهِبِ الباسَ ربَّ النَّاسِ اشْفِ أنتَ الشَّافي لا شفاءَ إلَّا شفاؤُك شفاءً لا يُغادِرُ سَقمًا. ))

[ صحيح ابن حبان ]

((اشْفِ أنتَ الشَّافي)) هذا الاسم أُريد به العلميّة، ودلّ على كمال الوصفيّة، وجاء معرف بأل، ولكن لابدّ من مقدمة كي يتضح ماذا تعني كلمة الشافي؟ 
 

حياتنا مفعمة بالقوانين الثابتة ولكن لحكمة بالغة حرك الله شيئين الصحة والرزق:


أيها الإخوة؛ بادئ ذي بدء الله سبحانه وتعالى قنن القوانين في الكون، وثبت القوانين، وكأن القانون علاقة ثابتة بين متغيرين، ولولا القوانين ما استقرت الحياة، ولا انتظمت الدنيا، فخصائص المعادن ثابتة، خصائص البذور ثابتة، دورة الأفلاك ثابتة، أقول ولا أبالغ: مليارات القوانين ثابتة لمئات ملايين السنين، أي يمكن أن يُقال لك بحساب فلكي دقيق أن الشمس تشرق في عام ألفين وثمانين في الثالث عشر من شباط الساعة الخامسة وأربع دقائق مثلاً. 
إذاً الله عز وجل ترسيخاً للنظم، وإراحة للناس، وتطميناً لهم ثبت القوانين، تُنشئ بناء ضخماً من الإسمنت المسلح، لو أن الحديد غيّر صفاته لانهار البناء، تشتري سبيكة ذهبية، لو أن الذهب غيّر خصائصه لخسرت ثمنها، تزرع بذرة معينة تُنتج كما زرعت، حياتنا مفعمة بالقوانين الثابتة، وهذه من رحمة الله بنا، ولكن لحكمة بالغة بالغةٍ أرادها الله حرك شيئين؛ حرك الصحة، وحرك الرزق، قد تأتي الأمطار وفيرة وقد تَشحُّ السماء، قد ينعم الإنسان بصحة، وقد يفقد صحته.
 

تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز:


السؤال الآن أنه كان من الممكن ألا يمرض الإنسان إطلاقاً، أوضح مثل: قد تقتني طاولة في بيتك في غرفة الضيوف، مهمتها أن يضع الضيف عليها كأساً من الماء، وقد يقف عليها الإنسان فتحمله، ما معنى ذلك؟ كأس الماء لا يزيد وزنه عن مئتي غرام، وقد يقف عليها إنسان، وإنسانان، وثلاثة، وتحملهم، معنى ذلك أن الاحتياط فيها مئات الأضعاف، لو كان في الإنسان لكل جهاز ألف ضعف احتياطاً أُلغي المرض كلياً، والدليل أن تفجيراً نووياً كان في الصحراء في إفريقيا، التفجير لصالح فرنسا بعد التفجير-والتفجير كما تعلمون ماحق من الضغط، ومحرق من الحرارة-رأوا عقرباً يمشي في أرض التفجير، أُجريت عليه بحوث لعشرات السنين، تبين أن العقرب يستطيع أن يعيش من دون طعام وشراب ثلاث سنوات، ويستطيع إذا غمسته في الماء أن يبقى حياً ثلاثة أيام من دون هواء، ويتحمل من الإشعاع النووي ما يزيد ثلاثمئة ضعف عما يتحمله الإنسان، ولو نقلته من حرارة الصحراء من درجة ستين فوق الصفر إلى عشر درجات تحت الصفر لم يتأثر، كان من الممكن ألا يكون مرض على الإطلاق، وكان من الممكن ألا يكون شحّ السماء على الإطلاق لأن بعض العلماء كشفوا في الفضاء الخارجي البعيد سحابة يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة كل يوم بالمياه العذبة، فإذا قنن الله الأمطار فالتقنين تقنين تأديب لا تقنين عجز.

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)﴾

[ سورة الحجر ]

 

الإنسان حينما يغفل عن الله يدفع ثمن أخطائه باهظة ويؤدبه الله في الدنيا قبل الآخرة:


إذاً كان من الممكن ألا يكون هناك مرض إطلاقاً، وكان من الممكن ألا يكون هناك نقص في الرزق إطلاقاً، ولكن شاءت حكمة الله أن يكون هناك تقنين رزق، وأن يكون هناك تأخر صحة، ولعل الصحة والرزق، والإنسان حريص على صحته وعلى رزقه حرصاً لا حدود له، لعل في هذا تأديباً لنا، لماذا؟ لأن الإنسان خُلق لجنة عرضها السماوات والأرض، وجيء به إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة، جيء به إلى الدنيا ليعبد الله، جيء به إلى الدنيا ليتحرك وفق منهج الله، ما أودع الله فيه شهوة إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمان، ولكن في الإسلام تنظيم، فهذا الإنسان حينما يغفل عن الله، ويتحرك بدوافع شهواته، بعيداً عن منهج الله، يقع في شرّ عمله، يدفع ثمن أخطائه باهظة، ولأن الله رب العالمين، ولأنه خلقه لجنة عرضها السماوات والأرض، يؤدبه في الدنيا، هو رب، سأوضح معنى كلمة رب؛ قد تكون مديراً لمؤسسة، وتُعيّن موظفاً، وتشترط عليه التجريب لستة أشهر، أنت كمدير مؤسسة، وعندك موظف مهمتك في هذا الوقت أن تحصي عليه أخطاءه، فإذا تفاقمت اعتذرت عن تعيينه في المؤسسة، لو أن ابنك في المؤسسة كلما أخطأ نبهته، كان موقفك إحصاء أخطاء صار الموقف مع ابنك تقويم أخطاء.
 

الله عز وجل رحيم بعباده فإذا أخطؤوا يؤدبهم إما برزقهم أو بصحتهم:


لأن الله رحمن رحيم، ولأن الله رب العالمين، فإذا أخطأ العبد أدّبه، أدّبه إما بصحته، أو أدّبه برزقه:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)﴾

[ سورة الأعراف ]

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)﴾

[ سورة الجن  ]

الآيات واضحة جداً. 

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)﴾

[ سورة المائدة ]

إذاً الله عز وجل يؤدب عباده بتقنين الرزق، قد يُحرَم المرء بعض الرزق بالمعصية، وهناك موضوع يُعالج في وقت آخر إن شاء الله كيف يزداد الرزق؟ يزداد بالاستغفار، بإقامة الصلوات، بصلة الرحم، بالتصدق، بالأمانة، إلى آخره. 
 

المرض أحد أكبر أسباب تربية الإنسان:


أيها الإخوة؛ إذاً كان من الممكن ألا نمرض، لو أن الله سبحانه وتعالى جعل في كل جهاز من أجهزتنا، وفي كل عضو من أعضائنا احتياطات كبيرة جداً، الطاولة في البيت تُستخدم لوضع كأس ماء، وقد يقف عليها إنسان وزنه حوالي ثمانين كيلو وتحمله، إذاً كأس الماء مئتا غرام وزن الإنسان ثمانون كيلو، كم احتياط يوجد؟ ثلاثمئة احتياط، لو أن كل عضو في جسم الإنسان أخذ هذا الاحتياط الكبير أُلغي المرض إطلاقاً، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء لنا أن نمرض ليكون المرض أحد أكبر أسباب تربية الإنسان، لأن الإنسان بحسب فطرته حريص على وجوده وعلى رزقه.
 

خلْق الله كامل كمالاً مطلقاً ولكن أخطاء الإنسان تؤدي به إلى المرض:


أيها الإخوة؛ الآن يوجد إشارة ثانية في القرآن دقيقة جداً، متعلقة باسم الشافي، قال تعالى:

﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)﴾

[ سورة الشعراء ]

دقق في السياق: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُو يَهْدِينِ*والَّذِي هُو يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ﴾ الآية الثالثة بحسب السياق وإذا أمرضني فهو يشفين، لا، قال: 

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

[ سورة الشعراء ]

عُزِي المرض إلى الإنسان، بمعنى أن خلق الله كامل كمالاً مطلقاً، ولكن أخطاء الإنسان قد تكون أخطاء فردية، وقد تكون أخطاء في العصر، في عصر الضجيج، في عصر التلوث، في عصر تغيير خلق الله، معظم حياتنا فيها تغيير لخلق الله، نريد أن ينمو هذا الفروج إلى كيلو غرام بأربعين يوماً، إذاً يجب ألا ينام، هذا وضع غير طبيعي.
نريد أن نُطعم البقر طحين الجيف، فجُنّ البقر واضطر الإنسان أن يحرق ثلاثين مليون بقرة، ثمنها ثلاثة وثلاثون مليار جنيه إسترليني، وما جنون البقر إلا من جنون البشر، عندما نُغير خلق الله عز وجل، عندما ننام في النهار ونسهر في الليل، هذا بخلاف منهج الله عز وجل، عندما نحاول أن نأكل كل شيء بكل الأوقات عن طريق زراعة محمية هذه لها أخطار، طبيعة حياتنا فيها أخطار كبيرة جداً، عندما نحاول أن نحفظ الطعام بمعلبات نضع مادة مضادة للفساد بنزوات الصوديوم، والمادة مسرطنة.
عندما استخدمنا المبيدات الكيماوية رفعت ملوحة التربة، عندما استخدمنا الأدوية الكيماوية أيضاً، الدواء الكيماوي يَحُلّ مشكلة من جهة ويخلق مشكلة من جهة ثانية، هناك تغيير بخلق الله، أكثر ما يعانيه الناس من الأمراض من التلوث، من استخدام المبيدات، من استخدام الأسمدة الكيماوية، من استخدام المشتقات البترولية، والآن الخبر الأول في العالم ارتفاع الحرارة، الاحتباس الحراري بسبب ثاني أوكسيد الكربون. 
 

من طبق القواعد الصحية التي جاءت بها رسالات الأنبياء تمتع بصحة جيدة طوال حياته:


إذاً المرض يُعزى إلى الإنسان، الخطأ من الإنسان، لو تصورنا أن الإنسان اتّبع القواعد الصحية التي جاءت بها رسالات الأنبياء لقلّ المرض إلا أن يكون قضاءً وقدراً، أقول كلاماً دقيقاً، أحياناً يأتي المرض قضاء وقدراً، لكن في الأعم الأغلب يكون المرض عقِب تقصير في تطبيق التعليمات التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام.
هناك مستشفى بألمانيا كُتِب عليها: نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع، محمد بن عبد الله، هذا الكلام يُعدّ كلاماً أساسياً في الطب الوقائي، نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع.
إذاً لو أن الإنسان طبق التعليمات لتمتع بصحة جيدة طوال حياته، وقد تلاحظ أحياناً إنسان يحرص على تطبيق التعليمات الصحية حرصاً بالغاً في الأعم الأغلب يتمتع بصحة عالية جداً، وكان هذا العالم الجليل الذي رئي في السادسة والتسعين، منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، إذا سُئل: يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها؟! يقول: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
 

الله عز وجل ثبت أشياء استقراراً للنظام وحرّك شيئين تأديباً لنا:


إذاً الله عز وجل ثبت أشياء استقراراً للنظام، وحرك شيئين، حرك الرزق وحرك الصحة، ليكون هذا التحريك أداة تأديب لنا. 

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)﴾

[ سورة البقرة ]

هذا هو التأديب، وهذه هي التربية. فلذلك:

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾

[ سورة الشورى ]

ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله أكثر.
 

الله عز وجل خلق لكل إنسان جهاز مناعة قوامه الكريات البيضاء وفِرق عدة هي:

 

1 ـ فرقة الاستطلاع:

لكن لو دخلنا في تفاصيل اسم الشافي من الزاوية العلمية، الله عز وجل أودع فينا جهاز المناعة، وجهاز المناعة يكاد يكون جيشاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى، جيش، قِوام هذا الجيش الكريات البيضاء، هذه الكريات مجموعة فِرَق، هناك فرقة الاستطلاع، فرقة معلومات، استخبارات، أو اسمها في بعض الجيوش: الاستطلاع، مهمتها معلوماتية فقط، فإذا دخل إلى الجسم جرثوم تتجه كريات بيضاء من فرقة الاستخبارات، تقترب من هذا الجرثوم وتأخذ شيفرته الكيماوية وتعود، لا تقاتله، إلا أنها تستكشف خصائصه، شيفرته الكيماوية، وتذهب إلى مؤسسة معامل الدفاع. 

2 ـ فرقة تصنيع السلاح:

فرقة ثانية مهمتها تصنيع السلاح، متواجدة في العقد اللمفاوية، فالكريات البيضاء من فرقة الاستطلاع تأخذ شيفرة الجرثوم الكيماوية وتتجه إلى العقد اللمفاوية، في العُقد يُصنّع المصل المضاد للجرثوم، لكن أعظم ما في الفرقة الثانية تصنيع المصول الذاكرة، قد نعطي الطفل مثلاً لقاح الكوليرا، أي جرثوم مضعف، فكما هي العادة الكرات البيضاء الاستطلاعية تأخذ شيفرته الكيماوية وتذهب إلى العقد اللمفاوية في فرقة تصنيع المصل، وتعطى الشيفرة، وتُصنّع المصول المضادة لهذا الجرثوم، وتُحفظ في ذاكرة هذه الفرقة، فإذا عاد الجرثوم بعد سبعين عاماً الملف جاهز، لذلك لولا ذاكرة فرقة تصنيع المصول لما كان من معنى إطلاقاً للقاحات في الأرض، لا قيمة للقاحات أساساً من دون ذاكرة مودعة في فرقة تصنيع المصول. 

3 ـ فرقة المقاتلين:

الفرقة الثالثة فرقة المقاتلين، هذه الفرقة مهمتها أن تأخذ المصل المضاد وتتجه إلى الجرثوم، وتجري معركة بين الكريات البيضاء المقاتلة-هذه الفرقة الثالثة-وبين الجرثوم. 

4 ـ فرقة التنظيف:

أحياناً الإنسان يرى ورماً خفيفاً، ثم بقعة بيضاء من القيح، هذه نتائج المعركة، معركة تجري في الجسم بين الكريات البيضاء المقاتلة وبين الجراثيم، فإذا حُسِمت المعركة لصالح الكريات البيضاء، هناك فرقة الخدمات، هذه تُنظف أرض المعركة، وتزيل آثار العدوان. 

5 ـ فرقة المغاوير:


اكتشف بعض العلماء فرقة خامسة، اكتشفوها في عام 1967 اسمها: فرقة المغاوير، بالتعبير الأجنبي الكوماندوس، هذه الفرقة تستطيع أن تكتشف الخلية السرطانية في وقت مبكر جداً وتلتهمها.
 

الشدة النفسية سببها ضعف التوحيد:


ثبت أن كل إنسان في دمه ملايين الخلايا السرطانية، لكنها غير مُفعّلة، عليها قامع يقمعها، يمنع تفعيلها، فإذا ذهب القامع عن بعضها، الفرقة الخامسة المغاوير تكتشف هذه الخلية السرطانية فتلتهمها، وينجو الإنسان من الورم الخبيث.
قال: هذا القامع ما الذي يفكه؟ الشدة النفسية، الخوف، القلق، الحقد، لذلك قال تعالى:

﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)﴾

[  سورة آل عمران ]

الغيظ مميت، الآن المرض الأول في العالم الشدة النفسية، خوف، تهديد، قد يكون هناك سلامة لكن لا يوجد أمن، الأمن عدم توقع المصيبة، أما السلامة عدم وقوع المصيبة، يوجد فرق كبير، لذلك قالوا: أنت من خوف المرض في مرض، أي أحياناً تأتي أمراض القلب من الخوف من مرض القلب، أنت من خوف المرض في مرض، ومن خوف الفقر في فقر، وتوقّع المصيبة مصيبة أكبر منها، أنت من خوف التهديد في مرض، من خوف شبح الحصار الاقتصادي في مرض، من خوف شبح الاجتياح في مرض، هذه كلها أمراض، الإنسان الآن يتحمل من الضغوط ما لا يحتمله إنسان في عصور سابقة، لذلك لا يوجد حلّ إلا التوحيد، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، لا يوجد حلّ إلا أن ترى أن أمرك بيد الله، وأن الذي خلقك لن يُسلِمك إلى أحد غيره. 

﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)﴾

[ سورة هود ]

 

ارتفاع نسبة السرطان في عصرنا إما لضعف في نفوسنا أو ضعف في إيماننا:


ما لم توقن أن أمرك وسلامتك وأهلك وأولادك ورزقك وصحتك بيد الله، وأنك إذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا عبدت الله أنشأ الله لك حقاً عليه ألا يعذبك، هذه المعاني الناس في أمس الحاجة إليها، قال تعالى:

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

[ سورة الأنعام ]

الفرقة الخامسة إذاً فرقة مغاوير، ما الذي يفك القامع؟ الشدة النفسية، والإشعاع النووي، ووصول مشتقات البترول إلى جوف الإنسان، هذا الذي يغسل المحركات بالبنزين إذا أكل بيديه قل أن يغسلهما جيداً عنده احتمال وصول المشتقات إلى جوفه، وهذه تُسبب الأورام، وشيء آخر كما قال العلماء: التوسع في استخدام البلاستيك، البلاستيك يجب أن نبتعد عن استعماله مع الحرارة الشديدة، أو مع المواد الحامضة، أو أن يدخل إلى جوفنا بعض منه عن طريق التيفال، وعاء التيفال بعد سنتين يصبح حديداً، المادة أين ذهبت؟ أكلناها، فمشتقات البترول، والتوسع في استخدام البلاستيك، والإشعاع النووي، والشدة النفسية تفكّ القامع، لذلك ارتفاع نسب أمراض السرطان أصبحت إلى عشرة أمثال، لخطأ في عصرنا، أو ضعف في نفوسنا، أو ضعف في إيماننا، هذه حقيقة أيها الإخوة. 
 

جهاز المناعة جيش يقويه الأمن والحب ويضعفه الخوف والقلق:


الآن يوجد غدة اسمها التايموس اكتشفت أخيراً أنها غدة لا وظيفة لها هكذا قال الأطباء، ثم اكتُشف أنها أخطر غدة في جسم الإنسان، قال: هذه مدرسة حربية، تدخلها الكريات البيضاء وتبقى فيها سنتين، تتعلم من هو الصديق، ومن هو العدو، كرية بيضاء معها سلاح خطير، الكرية المحاربة الفرقة الثالثة، هذه سموها: الخلية التائية الهمجية، جاهلة، تدخل لهذه الغدة وتبقى سنتين، لما كُبّرت لمئات المرات بدت وكأنها مدرج روماني، وهذه الخلايا التائية الهمجية كأنهم طلاب علم، تبقى الخلية التائية الهمجية سنتين وبعدها تُمتحن، هناك مخرجان امتحانيان، الأول تُعطى هذه الكرية الممتحنة عنصراً صديقاً، فإذا قتلته ترسب وتُقتل، وإذا لم تقتله تنجح وتتخرج، ثم تُمتحن امتحاناً آخر، تُعطى عنصراً عدواً فإذا لم تقتله ترسب وتقتل، وإذا قتلته تنجح وتتخرج.
قال: بعد سنتين تضمر هذه الغدة ضموراً كلياً، الأمر الذي حدا بعض الأطباء أن يقولوا: لا وظيفة لها، تبيّن أن الجيل المتخرِّج يتولّى إلى نهاية الحياة تعليم الأجيال الصاعدة، فصار أول جيل تخرّج من هذه الكلية الحربية يتولّى تعليم الأجيال الصاعدة، لكن بعد الستين أو السبعين يضعُف التعليم، مع ضعف التعليم تنشأ حالة اسمها: الخرف المناعي، منها التهاب المفاصل الرثوي، منها سبعة أمراض تقريباً، أي ما معنى التهاب مفاصل؟ أي ضعف التعليم، صار العنصر القوي الكرية البيضاء تقتل الصديق، أي صار حرب أهلية، معنى التهاب مفاصل رثوي أي حرب أهلية بالجسم. 
أيها الإخوة؛ جهاز المناعة هذا الجهاز يؤكد اسم الشافي، جيش بكل معاني هذه الكلمة، هذا الجيش يقويه الأمن والحبّ والود، يضعفه الخوف والقلق والحقد.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور