- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
هجران القرآن الكريم :
أيها الأخوة الكرام ؛ في القرآن الكريم آية كريمة هي قوله تعالى :
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ﴾
فكيف يهجر كتاب الله وهو بين أيدينا نقرؤه صباحاً ومساء ؟
أيها الأخوة : قال بعض العلماء : هجران القرآن أنواع إما بعدم سماعه ، أو بعدم العمل به ، أو بعدم تحكيمه ، أو بعدم التحاكم إليه ، أو بعدم تدبره ، أو بعدم تلاوته ، أو بعدم حفظه ، أو بعدم الاستشفاء به من أمراض النفوس .
أيها الأخوة الكرام ؛ الله عز وجل يقول :
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾
تهجد بالقرآن الكريم ، اقرأ القرآن الكريم في الصلاة وخارج الصلاة ، صباحاً ومساء، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما ورد في الصحيحين :
(( تَعَاهَدُوا هَذَا القُرآنَ ، فَوَ الَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإِبِلِ في عُقُلها ))
أيها الأخوة الكرام ؛ هناك حقائق مؤسفة ، فهناك إنسان - والعياذ بالله - يهجر القرآن لأنه لا يؤمن به ، وهناك إنسان يهجره فلا يسمعه ولا يصغي إليه ، وقد يؤمن به لكن لا يتعلمه ، وقد يتعلمه لكن لا يتلوه ، وقد يتلوه لكن لا يتدبره ، وقد يتدبره لكن لا يعمل به ، فلا يحل حلاله ، ولا يحرم حرامه ، ولا يحكمه ، ولا يتحاكم إليه ، ولا يستشفي به ، وهذا من هجران القرآن الكريم أيها الأخوة ، إنه بين أيدينا .
أيها الأخوة الكرام ؛ من أعرض عن القرآن الكريم فاته خير كثير ، والإنسان يعرض عن القرآن الكريم بقدر ما يعرض عن ربه ، فإذا كان مع الله كان مع القرآن الكريم ، وإذا كان معرضاً عن الله كان معرضاً عن القرآن الكريم .
أهل القرآن هم العاملون به و العاملون بما فيه :
أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله تعالى :
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾
قال بعض السلف : نزل القرآن - ودققوا في هذه الكلمة - ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً ، أي يتلونه فقط ، أما كمنهج فيه أدق التفاصيل - كآيات تحريم ، كأحكام شرعية- فيتلونه، إنما أنزل هذا القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً .
لذلك أيها الأخوة دققوا في هذا التعريف ، من هم أهل القرآن ؟ هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه - وهذا شيء كبير - ولم يفهمه ، ولم يعمل به ، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم ، كلام دقيق .
يقول بعض العلماء : المقصود بقراءة القرآن تدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته ، وحفظه كوسيلة إلى فهم معانيه .
ثمرة القرآن اليانعة العمل بما فيه :
أيها الأخوة الكرام ؛ ثمرة القرآن اليانعة العمل بما فيه ، ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ، وقد قيل : رب تال للقرآن والقرآن يلعنه .
أيها الأخوة : إذا عمل الإنسان بما في القرآن صار القرآن حجة له عند الله تعالى ، أما إذا عطل العمل به فقد صار القرآن حجة عليه ، فالقرآن إن عملت به كان حجة لك ، وإن لم تعمل به كان حجة عليك ، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم في معرض أنه يسأل الناس يوم القيامة :
﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾
فمن اقتصر على تعلم القرآن وتلاوته وتدبره ولم يعمل به فقد أقام الحجة على نفسه، لذلك يقول بعضهم : رب تال للقرآن والقرآن يلعنه ، كيف ؟ يقرأ قول الله سبحانه وتعالى :
﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾
وهو يكذب .
﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾
وهو يظلم ، إذا كان يكذب ويظلم فعليه لعنة الله ولو أنه يتلو كتاب الله ، آن الأوان أيها الأخوة لنبحث عن الخلل ، أين الخلل ؟ هذا الكتاب بين أيدينا ، وهو من فضل الله علينا ، ولكن لا يكفي أن نضعه في صدر البيت ، ولا يكفي أن نضعه في مكان مشرف في البيت ، ولا يكفي أن نعلقه على المركبة ، ولا يكفي أن نتلوه ، لابد من تطبيقه ، ودقق في هذا المثل ، لو أن إنساناً مريضاً ذهب إلى طبيب وصف له وصفة ، لو أنه قرأ الوصفة هل يشفى ؟ لو أنه وضعها في إطار هل يشفى ؟ لو أنه وضعها في مكان مشرف في البيت هل يشفى ؟ لو أنه فهمها هل يشفى ؟ لو أنه اشترى الدواء هل يشفى ؟ لا يشفى إلا إذا استعمل الدواء .
من هجران القرآن :
1 ـ هجران تحكيمه والتحاكم إليه والعدول عنه لغيره :
أيها الأخوة الكرام ؛ من هجران القرآن هجران تحكيمه والتحاكم إليه ، والعدول عنه لغيره ، قد يعدل الإنسان عن القرآن إلى الغناء ، أو إلى الشعر ، أو إلى كلام آخر ، أو إلى الصحافة ، ينشغل بسماع كل شيء ، وبقراءة كل شيء إلا القرآن الكريم الذي هو كتاب الله ، الذي بينه وبين كلام الناس كما بين الله والناس ، فضل كلام الله على خلقه كفضل الله على خلقه .
أيها الأخوة الكرام ؛ كم من مشكلة يعاني منها المسلمون ويختلفون في الحلول فلو عادوا إلى كتاب الله ، وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، لوجدوا الحل الأمثل من عند الخبير، ألم يقل الله عز وجل :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ﴾
مع أمرائكم ، أطيعوا الله استقلالاً ، وأطيعوا الرسول استقلالاً ، فإن تنازعتم مع أمرائكم أو علمائكم لأن أولي الأمر تعني العلماء الذين يعلمون الأمر ، والأمراء الذي يطبقون الأمر ، وهذا فهم الإمام الشافعي .
﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾
علامة إيمانك بالله ، وعلامة إيمانك باليوم الآخر ، أنه إذا اختلف في قضية إن فكرية ، أو عقدية ، أو تطبيقية ، أو اجتماعية ، أو مالية ، إن اختلفنا في مشكلة علامة إيماننا بالله واليوم الآخر أن نرد هذه المشكلة إلى كلام الله وإلى سنة نبيه كما فهم أصحاب القرون الثلاثة .
أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله عز وجل :
﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً﴾
قال بعض المفسرين : الحكم معناه ما فيه من الأحكام ، وقال بعضهم : أراد الله عز وجل بالحكم العربي القرآن كله ، فإنه يفصل بين الحق والباطل ويحكم ، بدليل أن الله عز وجل يقول :
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً﴾
حكم الله في كل التفاصيل في كتاب الله ، وفي بيان رسول الله لهذا الكتاب .
2 ـ ترك تدبره و تفهمه :
أيها الأخوة الكرام ؛ ومن هجران القرآن هجران تدبره وتفهمه ، قال بعض المفسرين : وترك تدبره وتفهمه من هجرانه ، قال تعالى :
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً ﴾
الله عز وجل عاب على هؤلاء الإعراض عن التدبر في القرآن ، والتفكر فيه وفي معانيه ، ودلت على ذلك الآية الكريمة :
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
آيتان في القرآن الأولى :
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً ﴾
والآية الثانية :
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
إذاً الله عز وجل يحضنا على تدبر القرآن الكريم ، يقول الله عز وجل في هاتين الآيتين آمراً عباده بتدبر القرآن وتفهمه ، وينهى أشدّ النهي عن الإعراض عنه وعن القلب المقفل .
لذلك أيها الأخوة قال الإمام الحسن : ما تدبره بحفظ حروفه ، وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : قرأت القرآن ، ما يرى له في قراءة القرآن من خلق ، ولا من عمل يتميز به على من سواه . إذا قرأت القرآن ينبغي أن تكون متميزاً متفوقاً .
أيها الأخوة الكرام ؛ والدليل على ذلك أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : " ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفرطون ، وبورعه إذا الناس يخلطون ، وبتواضعه إذا الناس يختالون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ".
3 ـ هجران سماعه :
أيها الأخوة الكرام ؛ ومن هجران القرآن هجران سماعه فقد قال الله تعالى :
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾
ألغوا فيه أي عيبوه ، أظهروا من خيالكم مسالكه فيما تتوهمون ، أي إذا تلي لا تستمعوا له ، وأناس كثيرون وهو يقلب بالمحطات الإذاعية فإذا وصل إلى القرآن تجاوزه إلى محطة أخرى .
أيها الأخوة : ومن معاني والغوا فيه أي لا تستمعوا له ، بل كما قال : شوشوا على قارئه بالمكاء والتصفيق والتخليط كما كان يجري في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل المشركين ، لكن الله عز وجل يقول :
﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾
أصل الدين معرفة الله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام ؛ ملخص هذا الكلام عن القرآن قوله تعالى :
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا ﴾
نحن ظننا أن الشارع العربي حركته ضعيفة ولاسيما تلقاء الأحداث الكبرى التي ألمت بهذه الأمة ، أحداث كبرى تنهد لها الجبال ، ما تحرك الشارع العربي ، ولكن تحرك لمسابقة في الغناء ، بكى أناس وأناس حطموا زجاج مركباتهم لأن فلانة لم تنجح في المسابقة ، هذه الحركة ترضي أعداء الإسلام ، هذا هو التحرك الذي يتحركه المسلمون للغناء والطرب ، أما لآية تنتهك حرماتها ، أو لحكم لا يطبق ، فلا أحد يتكلم .
أيها الأخوة الكرام ؛ يقول عليه الصلاة والسلام :
(( كِتَابُ الله فِيهِ نَبَأُ مَا كان قَبْلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبّارٍ قَصَمَهُ الله ، وَمَنْ ابَتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلّهُ الله ، وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ ، وَهُوَ الذّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصّرَاطُ المُسْتَقِيم ُ ، هُوَ الّذِي لاَ تَزِيعُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الالْسِنَةُ ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ، وَلاَ َخْلُقُ عَلى كَثْرَةِ الرّدّ ، وَلاَ تَنْقَضَي عَجَائِبُهُ ، هُوَ الّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتّى قالُوا إِنّا سَمِعْنَا قُرْآنَا عَجَبَاً يَهْدِي إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ ، مَنْ قالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم))
أيها الأخوة الكرام ؛ القرآن ربيع القلوب ، القرآن حياة النفوس ، القرآن حبل الله المتين ، وقد قال الله عز وجل :
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً﴾
القرآن أيها الأخوة مصدر رئيس لمعرفة الله عز وجل فهو كلامه ، ومن خلاله نعرف الله عن طريق التدبر . ومصدر آخر وهو خلق السموات والأرض ، فهي خلقه ، ومن خلالهما نتعرف إلى الله عن طريق التفكر ، والحوادث أفعاله ، ومن خلالها نعرف الله عن طريق النظر والتأمل ، وأصل الدين معرفة الله عز وجل .
القرآن الكريم شفاء للنفوس :
أيها الأخوة الكرام ؛ قيل : لا يحزن قارئ القرآن ، وكيف يحزن وقد قال الله عز وجل:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
خالق السموات والأرض وعد كل إنسان يطيع الله عز وجل ، ويتبع منهج كتابه جل جلاله أن يحييه حياة طيبة ، وهذا وعد إلهي فوق المكان والزمان والظروف والأزمات ، وفوق كل شيء ، كيف لا يحزن من أعرض عن القرآن والله تعالى يقول :
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾
كيف لا يسعد الإنسان ولا تطمئن نفسه ولا يستنير عقله وهو يتلو قوله تعالى :
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
لا يضل عقله ولا تشقى نفسه ، كيف يحزن على ما فات ويخشى مما هو آت وهو يتلو قوله تعالى :
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
لو جمعت الآيتين كان الذي يتبع هدى الله عز وجل لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات ، ولا يخشى مما هو آت .
أيها الأخوة الكرام ؛ كيف لا يشفى من قرأ القرآن وتدبره وهو يتلو قوله تعالى :
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
وكيف لا يطمئن والأمن أعظم حاجة للإنسان ؟
﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
وكيف لا يطمئن من قرأ القرآن وطبقه وهو يتلو قول الله تعالى :
﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
لا يحزن قارئ القرآن ، كيف يقلق قارئ القرآن ؟ كيف يشعر بالخوف وهو يتلو قوله تعالى :
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
القرآن الكريم شفاء للنفوس .
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين :
الأحداث التي يعيشها الناس تمرض نفوسهم ، توقعهم في قلق شديد ، توقعهم في قلق شديد ، في خوف ، في تشاؤم ، في ضياع ، في تساؤل ، يأتي القرآن الكريم ويقول :
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
كيف يحزن قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى :
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
كيف يقلق قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى :
﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
كيف لا يطمع قارئ القرآن في معية الله والله عز وجل يقول :
﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ﴾
فإذا كان الله معنا فمن علينا ؟ لو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن ينالوه بأذى لا يستطيعون :
﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ﴾
بشرط :
﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾
كيف نخشى الهزيمة ونحن نتلو قوله تعالى :
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُ﴾
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين :
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُ﴾
بآية أخرى :
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
الله وحده ينصر .
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
القرآن الكريم ربيع القلوب وشفاء الصدور :
أيها الأخوة الكرام ؛ كان أصحاب النبي رضوان الله عليهم كما جاء وصفهم في القرآن الكريم :
﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾
﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
أيها الأخوة الكرام ؛ القرآن الكريم ربيع القلوب ، وشفاء الصدور ، هو حبل الله المتين ، هو منهج الله القويم ، من تمسك به نال الدنيا والآخرة .
خير إنسان من تعلّم القرآن و علّمه :
يا أيها الأخوة الكرام ؛
(( خيركم - أي الخيرية المطلقة - من تعلم القرآن وعلمه ))
يقول الله عز وجل :
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
وفي آية أخرى :
﴿مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع آخرين ، إن الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة .
(( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ؛ ريحها طيب ، وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ))
(( لا حسد إلا في اثنتين ؛ رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه اللَّه مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار))
من قرأ آية و لم يطبقها فهو في حكم من لم يقرأها :
أيها الأخوة الكرام ؛ اقرأ القرآن ما نهاك كما يقول عليه الصلاة والسلام :
(( اقرأ القرآن ما نهاك ، فإن لم ينهك فلست تقرؤه))
إن تقرأ الآية فلا تطبقها فأنت في حكم الذي لم يقرأ القرآن :
(( اقرأ القرآن ما نهاك ، فإن لم ينهك فلست تقرؤه))
أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
تدبر القرآن الكريم :
أيها الأخوة الكرام ؛ روت الكتب قصة الحافظ محمد بن نصر المروزي في جزء قيام الليل عن الأحنف بن قيس أنه كان يوماً جالساً فعرضت له هذه الآية :
﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
فانتبه فقال : عليّ بالمصحف لألتمس ذكري اليوم حتى أعلم من أنا ، ومن أشبه ، أي لما علم أن القرآن الكريم قد ذكر جميع صفات البشر وبيّن طبقاتهم ومراتبهم أراد أن يبحث عن نفسه ، هذا هو التدبر ، كلما قرأت آية في كتاب الله اسأل نفسك هذا السؤال وقد يكون محرجاً أين أنا من هذه الآية ؟
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
أين أنت من هذه الآية ؟ إن الله يحب الصادقين ؟
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾
أين أنت من هذه الآية ؟ فهذا قال : أريد أن أرى من أنا ؟ وفي أي الطبقات ؟ وفي أي المراتب ؟ ففتح المصحف ومرّ بقوم :
﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾
ومرّ بقوم :
﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
ومرّ بقوم :
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
ومرّ بقوم :
﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
فوقف الأحنف ثم قال - لعله قالها تواضعاً - : اللهم لست أعرف نفسي من هؤلاء، أي لم يجد هذه الصفات في نفسه تماماً حتى يعد نفسه من هؤلاء ، ثم أخذ الأحنف السبيل الآخر ، فمرّ بقوم :
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾
ومرّ بقوم :
﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾
فوقف الأحنف وقال : للهم إني أبرأ إليك من هؤلاء ، أنا لست من هؤلاء ، لا من هؤلاء ، ولا من هؤلاء ، فما زال يقلب ورق المصحف ويلتمس في أي الطبقات هو حتى وقع على هذه الآية :
﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
فقال : أنا من هؤلاء ، فإذا قرأ أحدنا القرآن ، هذا هو التدبر ، والفرق بين التدبر وبين التفسير أن تسأل نفسك في التدبر أين أنت من هذه الآية ؟ هل أنت مطبق لها ؟ فإذا طبقت هذه الآية قطفت ثمارها .
العبرة بالتطبيق :
أيها الأخوة : أنا مضطر لهذا المثل : بربكم أن تنطق بلسانك مئة مليون دولار ، ينطقها كل إنسان ، وقد لا يملك قرشاً واحداً ، ما هو الفرق بين أن تنطق بهذه الكلمة وبين أن تملك هذا المبلغ بمقاييس الأرض ؟ ما الفرق بين أن تقول : مليار دولار ، أو تسعون ملياراً - ثروة بلكيت تقدر بتسعين ملياراً - بين أن تنطق بهذه الكلمة وبين أن تملكها ، صدقوا أيها الأخوة هو الفرق نفسه بين أن تقرأ آية قرآنية وأنت لست مطبقاً لها وبين أن تقرأها وأنت مطبق لها . كان عليه الصلاة والسلام قرآناً يمشي ، السيدة عائشة سئلت عن خلقه ؟ فقالت : " كان خلقه القرآن " .
الآن التركيز ينبغي أن يكون على التطبيق ، معلومات وفيرة جداً ، الآن ثورة معلومات ، أي تسأل الحاسوب سؤالاً يأتيك عشرة آلاف جواب ، الأمور الإسلامية ميسورة بشكل يفوق حدّ الخيال ، العبرة بالتطبيق ، كان الصحابة الكرام يحفظون الآيات العشر ويطبقونها ، ولا ينتقلون إلى غيرها إلا إذا طبقوها .
فيا أيها الأخوة الكرام ؛ لا بد من قراءة القرآن يومياً ، وسبب هذه الخطبة أنه في خطبة سابقة تحدثت عن محبة الله عز وجل ، وكان أول بند من بنود أسباب محبة الله تلاوة القرآن ، أردت أن يكون هذا الموضوع تلاوة القرآن ولكن على النحو الذي ينبغي ، أن تتلوه وفق قواعد اللغة العربية ، وأن تتلوه إن أمكن وفق قواعد التجويد ، وأن تفهمه ، وأن تتدبره ، ومندوب أن تحفظه ، لكن مركز الثقل أن تطبقه .
الآن نحن بحاجة إلى مسلم يطبق القرآن يتحرك أمامنا ، إن حدثك فهو صادق ، وإن عاملك فهو أمين ، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف ، نحتاج إلى قرآن يمشي ، نحتاج إلى مسلم متحرك .
أيها الأخوة الكرام إني داعٍ فأمنوا :
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافينا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، انصر الإسلام وأعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين، اجعل تدميرهم في تدبيرهم ، أرنا قدرتك في تدميرهم يا رب العالمين ، اجعل بأسهم بينهم ، اصرف بأسهم عنا يا أرحم الراحمين ، وفق ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لما تحب وترضى ، اجمع بينهم ، ووحد كلمتهم يا أكرم الأكرمين ، إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .