وضع داكن
24-12-2024
Logo
المؤلفات - كتاب مقومات التكليف – المقوم الثالث - الفقرة : 5 - من خصائص النفس الإنسانية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

هذا الإنسانُ المخلوقُ المكرَّمُ ينطوي على نفسٍ هي ذاتُه، هي المكلَّفةُ، والمحاسَبَةُ، وهي التي تؤمنُ أو تكفرُ، هي التي تشكرُ وتصبرُ، وتسمو وتنحطُّ، وتخلدُ في جنةٍ يدوم نعيمُها، أو في نارٍ لا ينفدُ عذابُها

هذه النفسُ الإنسانيّةُ لا تموتُ، ولكنها تذوقُ الموتُ، وفرقٌ كبيرٌ بين أنْ تموتَ، وأنْ تذوقَ الموتَ، قال تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾

[ آل عمران: من الآية 185 ]

هذه النفسُ البشريّةُ قد يكونُ خطُّها البيانيُّ صاعداً صعوداً حادًّا، وعند الموتِ تسقطُ سقوطاً مريعاً إلى أسفلِ السافلين، أمّا نفسُ المؤمنِ ففي حركةٍ صاعدةٍ صعوداً مستمرًّا، وما الموتُ إلا نقطةٌ على هذا الخطِّ، والصعودُ مستمرٌّ، هذا الإنسانُ فيه جسدٌ ونفْسٌ، والموتُ انفصالُ هذه النفسِ الخالدةِ عن الوعاءِ الماديِّ الذي هو الجسدُ .
وهناك عنصرٌ ثالثٌ، هو الروحُ، أي القوّةُ المحرِّكةُ، بل إنّ الروحَ إذا انقطعت عن الإنسانِ أصبحَ جثّةً هامدةً، أين رؤيةُ العينِ ؟ أين عملُ الكبدِ ؟ أين أجهزتُه ؟ كلّه تعطّلَ، وأصبحَ جثّةً هامدةً ؟ لكنّ البحثَ في الروحِ عديمُ الجدوى، لقولِه سبحانه:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

[ الإسراء: الآية 85 ]

فالإنسانُ فيه نفسٌ هي ذاتُه، وفيه جسمٌ هو وعاؤُه، وفيه روحٌ هي قوّتُه المحرِّكةُ، لو نظرنا إلى نفسِه لوجَدْنا أنّ لها خصائصَ وسماتٍ وقوانينَ، والعالَمُ كلُّه اليومَ يهتمُّ بالجسمِ لا بالنفسِ، يسعى لرفاهيةِ الجسمِ، وقد غفلَ عن النفسِ،

وقد صدقَ مَن قال:

يا خادِمَ الجسمِ كم تشقى في خدمت ِه أتطلبُ الربحَ فيما فيه خسرانُ
انهض للنفس واستكمِلْ فضائلَهــا فإنك بالروحِ لا بالجسمِ إنسانُ

في الإنسانِ نفسٌ لا يملؤها إلا معرفةُ الله عز وجل، لا تملؤُها إلا طاعتُه، ولا

 

يملؤها إلا أن تكونَ قريرةَ العينِ بربّها، هذه الحاجةُ إلى الإيمانِ باللهِ وطاعته، هذه
حاجةٌ أصيلةٌ، وقد وردت خصائصُ النفسِ الإنسانيةِ في بعضِ الآياتِ القرآنيةِ .

الخصيصةُ الأولى: الإنسانُ هلوعٌ:

اللهُ جل جلاله لحكمةٍ بالغةٍ خَلَقَ هذا الإنسانَ هلوعاً،

 

﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾

[ المعارج: الآية 19 – 22 ]

فمن خصائصِ الإنسانِ أنه شديدُ الهلعِ إذا لاح له شبحُ مصيبةٍ ! وهذا من نقاطِ الضعفِ التي هي في أصلِ خَلقهِ، ولكنها لصالحِه، أوضِّحُ هذا بمثلٍ:
لو أنّ شركةً صنَّعتْ جهازاً غالياً جداً بالغَ التعقيدِ لاضطرَّتْ أنْ تضعَ قطعةً ضعيفةً جداً في طريقِ التيارِ اسمُها ( الفيوز )، هذه القطعةُ رخيصةٌ، لكنها نقطةُ ضعفٍ مدروسةٌ في أصلِ هذا الجهازِ، فإذا جاء التيارُ الكهربائيُّ عالي المستوى ذابتْ هذه القطعةُ، وانقطع التيارُ، فلم يتلف الجهازُ، فهذه نقاطُ الضعفِ التي هي في أصلِ خَلقْ الإنسانِ إنما هي لصالحِه .
كيف يتوبُ إلى اللهِ إنْ لم يكن هلوعاً ؟ كيف يعودُ إليه ؟ وكيف يصطلحُ مع اللهِ ؟ كيف يؤدِّبه الله عز وجل ؟ وكيف يسوقُه إلى بابِه، وبابِ طاعته ؟ كيف يحملُه على التوبةِ إنْ لم يكن هلوعاً ؟
لقد ثبّت الله عز وجل ملياراتِ الأشياءِ في الحياةِ، فالقوانينُ كلُّها ثابتةٌ، قوانينُ المعادنِ وخصائصُها، وخصائصُ البذورِ، حركةُ الكواكبِ ثابتةٌ، بل إنّ هذه الساعةَ المشهورةُ، ساعةُ (بيك بن) ما الذي يضبطها ؟ حركةُ نجمٍ ! فالله سبحانه وتعالى ثبّت أشياءَ لا تعد ولا تحصى، لكنه حرّك الصحةَ والرزقَ، الرزقُ ليس ثابتاً، قد تأتي أمطارٌ غزيرةٌ، وأحياناً تأتي نسبٌ قليلةٌ جداً، فالرزقُ متبدّلٌ، والصحّةُ متبدّلةٌ، ولحكمةٍ أرادها اللهُ عز وجل فإنّ تغيُّرَ الصحةِ والرزقِ يعدُّ أحدَ الوسائلِ الفعّالةِ في تربيةِ الإنسانِ،

﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾

هذا الذي اتّصلَ بالله عز وجل نجا من هذا الضعفِ الخُلقيّ .
شيءٌ آخرُ، هو أنّ خصائصَ النفسِ حياديّةٌ، الإنسانُ يحبّ أنْ يتفوّقَ، فإذا استغلّ هذه الخصيصةَ ليتنافسَ مع أخيه الإنسانِ في عملِ الآخرةِ يرقى، وإذا استغلّ هذه الخصيصةَ ليتنافسَ مع أخيه الإنسانِ على حطامِ الدنيا كان الشقاءُ .

الخصيصةُ الثانيةُ: الإنسانُ مَنُوعٌ:

إنّ الإنسانَ حريصٌ على ما في يديه، ننطلقُ من هنا إلى فكرةٍ دقيقةٍ، هي أن الطبعَ يتناقضُ مع التكليفِ، وهذا التناقضُ هو ثمنُ الجنةِ .
إنّ طبعَ الإنسانِ يدعوه لأخذِ المالِ، والتكليفُ يأمرُه أن ينفقَ المالَ، طبعُ الإنسانِ يقتضي أن يملأَ عينيه من محارمِ النساءِ من دونِ قيدٍ أو شرطٍ، والتكليفُ يقتضي منه أنْ يغضّ البصرَ عمّن لا تحلُ له، طبعُ الإنسانِ يقتضي أن ينامَ وقت صلاةِ الفجرِ، والتكليفُ يأمرُه أن يستيقظَ، طبعُ الإنسانِ يقتضي أن يتحدّثَ في فضائحِ الآخرين، ويمتِّعَ الحاضرين، لكن التكليفَ يقتضي أن يصمتَ، فلذلك من تناقضِ الطبعِ مع التكليفِ يكون ثمنُ الجنّةِ .

 

الخصيصةُ الثالثةُ: الإنسانُ عَجولُ:

من خصائصِ النفسِ البشريّةِ خصيصةٌ وردتْ في قولِه تعالى: 

﴿ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا ﴾

[ الإسراء: من الآية 11]

يصفُ اللهُ عز وجل في سورةِ البقرةِ المؤمنين بصفةِ تَلفتُ النظرَ، قال تعالى:

﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾

[ البقرة: 1 – 3 ]

هناك شهودٌ، وهناك غيبٌ، عالَم الشهادةِ، وعالَمُ الغيبِ، في عالَمِ الشهادةِ الشهواتُ مستعرةٌ، والفتنُ ثائرةٌ، والدنيا خضرةٌ نضرةُ، أما عالَم الغيبِ، عالَمُ ما بعد الموتِ فهناك جنةٌ يدوم نعيمُها، و نارٌ لا ينفدُ عذابُها، لكنّ الآخرةَ خبرٌ، والدنيا محسوسةٌ .
أمامك بيتٌ جميلٌ، ومركبةٌ فارهةٌ، وطعامٌ طيّبٌ، وامرأةٌ جميلةٌ، هذه كلّها محسوسةٌ أمامك، إلاّ أنّ الجنةَ والنارَ خبران في القرآنِ، وفي الكتبِ السماويةِ الأخرى، فلو أن إنساناً يركبُ دراجةً، ووصلَ إلى طريقين ؛ طريقٍ هابطٍ، ـــ
وطريقٍ صاعدٍ، الطريقُ الهابطُ معبَّدٌ تحفُّه الأشجارُ والأزهارُ، وراكبُ الدارجةِ يرتاحُ في الطريقِ الهابطِ قطعاً .
كلُّ معطياتِ البيئةِ والواقعيةِ وخصائصِه الجسميّةِ تدعوه لأنْ يسلكَ الطريقَ الهابطَ، وكلُّ معطياتِ البيئةِ، وكلُّ خصائصِه الجسميّةِ، وكلُّ رغباته تصرِفُه عن الطريقِ الصاعدِ، لأنّ فيه حُفراً، وأكماتٍ، وغباراً، وجهداً عاليًا جداً، فالإنسانُ إذّا تعاملَ مع الواقعِ فقط، ومع خصائصِ جسمِه فقط، ومع معطياتِ البيئةِ فقط لابد من أنْ يسلكَ الطريقَ الهابطَ، لكنْ لو كُتِبَتْ على لوحةٍ عند مفترقِ الطريقين: " هذا الطريقُ الهابطُ ينتهي بحفرةٍ مالها من قرارٍ، فيها وحوشٌ كاسرةٌُ، وأنّ هذا الطريقَ الصاعدَ ينتهي بقصرٍ منيفٍ هو لمَن دخلَه، ألا ينبغي أنْ يتّخذَ راكبُ الدراجةِ قراراً معاكساً ؟
الحقيقةُ أنّ هناك واقعاً محسوساً، وشهواتٍ مستعرةً، منها دنيا خضرةٌ نضرةٌ، وامرأةٌ جميلةٌ، وبيتٌ جميلٌ، ومنصبٌ رفيعٌ، وأشياءُ كثيرةٌ، لكنْ حينما تقرأُ البيانَ الإلهيَّ لابد مِن أن تتّخذَ قراراً معاكساً، وهذه هي القصّةُ كلُّها، هناك دنيا محدودةٌ، وآخرةٌ لا تنتهي،

﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾

[ الضحى: الآية 4 - 5.]

وقال:

﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾

[ الإنسان: الآية 27 ]

آيات كثيرة تبين أن الحقيقة هي الآخرة، وأن السعادة الحقيقية هي الآخرة، وأن أكبر خسارة يخسرها الإنسان حينما يخسر الآخرة،

﴿ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

[ الشورى: من الآية 45 ]

فالدنيا محسوسةٌ، والآخرة خبرٌ، لأنّ الإنسانَ فُطِرَ على أنه عجولٌ يريدُ الأشياءَ المحسوسةَ التي أمامه، يريدُ ما هو قريبٌ منه، وينصرفُ عن الشيءِ البعيدِ، لو أنه اختارَ الأهدافَ البعيدةَ لاختارَ الآخرةَ، ورضوانَ اللهِ عز وجل .
ما معنى أنّ الإنسانَ مخيّرُ ؟ لو أنّ الإنسانَ لمجرّدِ أن يعصيَ اللهَ يعاقبُه الله لم يكن مخيَّراً، يمكنُ أنْ يعصيَه إلى أمدٍ طويلٍ، ولا يحدثُ شيءٌ ! جسمُه في أتمِّ ـــ
صحّةٍ، قلبُه ينبضُ نبضاً طبيعياً، وضغطُه مناسبٌ، ويمكن أنْ يطيعَه إلى أمدٍ بعيدٍ ولا يرى شيئاً استثنائياً

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

[ إبراهيم: الآية 42 ]

الدنيا حولَ المؤمنِ محسوسةٌ، ترقصُ خضرةً نضرةً محبَّبةً، تتناغمُ مع شهواتِه ونزعاتِه وخصائصِ جسمِه، والآخرةُ خبَرٌ في الكتبِ السماويةِ .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

(( حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ))

[ مسلم ( 2822 )، الترمذي ( 2559 )، وأحمد ( 7521 ) من رواية أبي هريرة .]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

(( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا ـ فَأَوْمَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ ـ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، ثَلَاثًا، أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))

[ مسند الإمام أحمد ( 3017 )]

وفي المقابلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

(( قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ))

[ البخاري ( 3072 )، مسلم ( 2824 )، الترمذي ( 3197 ) ]

خُلِقَ الإنسانُ عجولاً، وهي نقطةُ ضَعفٍ فيه .
إذا عاشَ الإنسانُ الماضيَ فقط، وأهملَ حاضرَه فهو غبيٌّ، وإذا عاشَ حاضرَه كانت حياتُه ردودَ أفعالٍ متأخرةً، لكنّ الموفَّقَ يعيشُ المستقبلَ، وأكبرُ حدثٍ في المستقبلِ مغادرةُ الدنيا، ماذا بعدَ الدنيا ؟

الخصيصةُ الرابعةُ في الإنسانِ الضعفُ:

إنّ اللهَ خَلَقه ضعيفاً، قال تعالى:

 

﴿ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾

[ النساء: من الآية 28 ]

هذا من نقاطِ ضعفِ الإنسانِ، فلو أنّ الله خَلَقَ الإنسانَ قوياً لاستغنى بقوّتِه فشقيَ باستغنائِه، ولكنْ لأنّ الإنسانَ خُلِقَ ضعيفاً فإنه يفتقرُ في ضعفِه، فيسعدُ بافتقارِه .
فالإنسانُ حينما يستغني عن اللهِ يميلُ إلى المعصيةِ، والدليلُ:

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾

[ العلق: الآية 6 – 7]

والإنسانُ يتوهّمُ أنه مستغنٍ عن اللهِ، لكنه في قبْضتِه، والحقيقةُ أنّ في القرآنِ ملمحاً رائعاً، هو أنّ كلمة ( العبد ) تُجْمَعُ على عبيدٍ، وعلى عبادٍ، والفرقُ بينهما دقيقٌ، عبدُ القهرِ يُجمَعُ على عبيدٍ

﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾

[ فصلت: من الآية 46 ]

وعبدُ الشكرِ يُجمَع على عبادٍ

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾

[ الحجر: من الآية 42 ]

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾

[ البقرة: من الآية 186 ]

فالإنسان عبد شاء أم أبى لكنه عبد القهر، شريانه التاجي وحركته بيد الله بثانية واحدة يفقد حركته ونطقه، وبخثرة ( جلطة ) لا يزيد حجمها على رأس دبوس تقف في أحد شرايين الدماغ يفقد حركته، فالإنسان في قبضة الله وقد خلق ضعيفاً ليفتقر بضعفه، فيسعد بافتقاره، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه .
النقطة الدقيقة جداً: أن الإنسان أمامه امتحانان يمتحن بهما في اليوم عشرات المرات، في كل مجال في حرفتك وبيتك وتربية أولادك وكسب مالك وإنفاق مالك وأداء مهماتك، إذا قلت: أنا، معتداً بخبرتك وقوّتِك ومالِك تخلى اللهُ عنك، وإذا قلت: الله، تولاّك بحفظِه .
هذان الامتحانان وَردَا في القرآنِ، امتحانا بدرٍ وحُنينٍ

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

[ آل عمران: من الآية 123]

﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ﴾

[ التوبة: من الآية 25]

حينما نفهمُ أنّ أوامرَ الدينِ ضمانٌ لسلامتنا، وليست حداً لحرّيتنا نكونُ قد وصلنا إلى الحقيقةِ .

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور