وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0245 - المعاني الدقيقة للتقوى - صقر البحر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر . وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر . اللهمَّ صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

من يتق الله يجعل له مخرجاً :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في القرآن الكريم آياتٌ لها طبيعةٌ خاصة ، طبيعتها أنها توصَف بأن تكون قانوناً لا يتبدَّل ، ولا يتغيَّر ، ولا يعدَّل ، ولا يجمَّد ، ولا يُلْغَى ، آياتٌ تأخذ طبيعة السُنَن الثابتة ، القوانين القَطْعيّة ، العلاقات الضروريّة ، من هذه الآيات آيةٌ في سورة الطلاق ، وصفها النبي عليه الصلاة والسلام فقال ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( إني لأعلم آيةً لو أخذ الناس بها لكفتهم ))

[ من الجامع لأحكام القرآن عن أبي ذر]

 أيْ لو لمْ يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكفتهم ، وقرأ قوله تعالى :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق : 2-3]

 فما زال يكرّرها ويُعيدها . .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ هذه الآية في سورة الطلاق ، من قوله تعالى :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 معنى ذلك أنه قبل هذا المَخْرَج كانت الأبواب كلها مُغَلَّقة ، غُلِّقَت أبواب العمل ، غُلِّقَت أبواب النجاة ، غُلِّقَت أبواب الخلاص ، غُلِّقَت أبواب الشفاء ، غُلِّقَت أبواب الرزق ، مشكلةٌ نزلت فاسْتَحْكَمَت ، طُرِقَ بابٌ لفتحها فأغلق ، طرق بابٌ آخر فأغلق ، طرق بابٌ ثالث فأغلق ، معنى :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق : 2]

 قبل أن يجعل الله له هذا المخرج ، كانت الأبواب كلها مُغَلَّقَة .

 

من يتق الله عند نزول المصيبة يجعل الله له مخرجاً مِن الشدّة إلى اليسر :

 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ ليس من طبيعة المؤمن اليأس ، ما دام في القرآن الكريم هذه الآية ، ليس من طبيعة المؤمن أن يَقْنَطَ مِن رحمة الله ، لا يقنط من رحمة الله ، ولا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون الذين ما عرفوا الله سبحانه وتعالى . أحياناً تضيق أبواب الرزق ، بل إن أبواب الرزق تُغْلَق وتُرْتَج ، وأحياناً يضعف الأمل في الشفاء ، بل إن أبواب الشفاء تغلق وترتج ، وأحياناً يضعف الأمل بالخلاص ، بل إن أبواب الخلاص تُغْلَق وتُرْتَج ، تأتي هذا الآية لتفتح أبواب الأمل ، تأتي هذه الآية لتفتح أبواب رحمة الله سبحانه وتعالى ، تأتي هذه الآية لتفتح نور الأمل في القلوب :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 صياغَة هذه الآية ليست متعلِّقةً بموضوعٍ دون آخر ، صياغة هذه الآية ذات طابَعٍ عام ، في أي موضوع ؛ في موضوع الرزق ، في موضوع العَمل ، في موضوع الزواج ، في موضوع السعادة البَيْتيّة ، في موضوع علاقاتك الخارجية ، في موضوع مستقبلك ، في موضوع مستقبل أولادك ، في موضوع مستقبل بناتك ، في موضوع صِحَّتك ، أيّ موضوعٍ لو رَكَّبْتَهُ على هذه الآية لانطبقت عليه :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 ماذا قال علماء التفسير في هذه الآية ؟ قال بعض العلماء : ومن يتقِ الله بالصبر عند المصيبة ؛ جاءت مصيبة وأنت مؤمن ، فعرفت أنه لا يقع شيءٌ في الكون إلا بإذن الله ، وبأمر الله ، وبفعل الله ، وبقدرة الله ، والله رحيم ، والله حَليم ، والله مُقْسِط ، والله غَنيّ ، عندئذٍ تستلم . .

﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

[ سورة البقرة : 216]

 المعنى الأول لهذه الآية : ومن يتق الله عند نزول المصيبة ، بالصبر عليها ، يجعل الله له مخرجاً مِن الشدّة إلى اليسر ، من العُسر إلى اليُسر ، من الضيق إلى الفرج ، من النار إلى الجنّة ، المعنى الأول : يجب أن تصبر عند الشدائد ، لأن الإيمان شطران نصفٌ صبرٌ ، ونصفٌ شكرٌ ، والصبر من الإيمان كالرأس مِن الجسد ، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان ، والصبر علامة مَعْرِفة الله سبحانه وتعالى .
 هذا الذي يجلس على كرسي الطبيب - طبيب الأسنان - إن كان راشداً يصبر على الألم ، لأنه يعلم علم اليقين أن هذا الألم لمصلحته ، وأن هذا الألم المؤقّت لدفع الألم المَديد ، أما إذا كان الجالس على هذا الكُرْسِيّ طفلاً لا يعرف حقيقة ما يجري ، فإنه يبكي ، وإنه يصرخ، وقد يسمع الطبيب كلماتٍ قاسية . الصبرُ علامة المَعرفة ، علامة معرفتك بالله عز وجل أنك تصبر على حكمه ، هذا حكم الطبيب ، هذا حكم الرحيم ، هذا حكم الغني ، هذا حكم الذي قدَّر كل شيءٍ فأحسن تقديره .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ المعنى الأول في قوله تعالى :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 أيّ مَن يتقِ الله عند المصيبة بالصبر عليها ، يجعل الله له مخرجاً مِن العُسر إلى اليُسر ، ومن الضيق إلى الفَرَج ، ومن الشدة إلى الرخاء ، ومن إحكام هذه المصيبة إلى إطلاقها مِن أَسْرِ الإحكام .

 

مَن يتقِ الله بأداء الفرائض يجعل الله له مخرجاً مِن الغَيّ الذي يصيب الناس :

 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ معنىً آخر لهذه الآية : ومَن يتقِ الله بأداء الفرائض ، أحبُّ ما تقرَّبت إلى الله أن تؤدي ما افترض عليك من فرائض ، لا تُقبل نافلة قبل أن تؤدّى الفريضة ، فمن أدى الفرائض من صلاةٍ وصيامٍ وحجٍ وزكاة ، من فعل ما ينبغي ، من ترك ما لا ينبغي ، مَن أحل الحلال ، مَن حرم الحرام ، مَن ائتمر بما أمر ، مَن انتهى عما نهي ، مَن أدى الفرائض ، جعل الله له مخرجاً مِن العقوبة التي تنال معظم الناس ، الناس إذا عصوا ، إذا قصروا ، إذا خالفوا ، إذا شَذّوا ، تنالهم عقوبات الله عز وجل ، فمن اتقى الله في أداء ما افترضه عليه ، وفي ترك ما أمره أن ينتهي عنه ، جعل الله له مخرجاً مِن البلاء العام الذي يصيبُ العُصاة .

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾

[ سورة مريم : 59]

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 مِن الغَيّ الذي سيصيب الناس الذين يعصون الله في آخر الزمان .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول الله عز وجل :

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

[ سورة النحل : 97 ]

 هذا هو المَخْرَج . .

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

من يتقِ الله باتباع السنة يجعل الله له مخرجاً مِن عقوبة أهل البِدَع :

 معنىً ثالث من المعاني التي أوردها علماء التفسير في هذه الآية : ومن يتقِ الله باتباع السنة ، ألم يخاطب الله سبحانه وتعالى المؤمنين بآيةٍ مُحْكَمَةٍ صريحةٍ يقول فيها :

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر : 7 ]

 فأنت أيها الأخ المؤمن مُلْزَمٌ باتباع السُنَّة . .

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 31 ]

 فمن اتقى الله باتباع السنة جعل الله له مخرجاً مِن عقوبة أهل البِدَع ، هؤلاء الذين يبتدعون في الدين ما ليس منه ، ويأتون ببدعٍ باطلة ، لابد أن يعاقبهم الله سبحانه وتعالى ، فطوبى لمن وسعته السُنة ولم تستهوه البدعة ، فمن اتقى الله باتباع السنة التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام ، وما السنة عند علماء السنة إلا تبيانٌ وتفصيلٌ لما جاء في القرآن الكريم.

 

مَن يتق الله في كسب رزقه يجعل الله له مخرجاً مِن الضيق المادي :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق :2]

 المعنى الرابع : أنه من اتقى الله في كَسْبِ الرزق ، لم يأكل حراماً ، لم يأكل الربا ، لم يبع بيعاً باطلاً ، لم يخف العيب على الشاري ، لم يدلِّس في البيع ، لم يُغَرر في البيع ، لم يبع بيعاً لا يرضي الله عز وجل ، هذا الذي يبيع ويشتري ؛ يكسب رزقه ، لا يغش ، ولا يحتال، ولا يدلّس ، ولا يحتكِر ، ولا يستغل ، ولا يبالغ في السعر ، ولا يُرهق المسلمين ، هذا الذي يبيعُ ويشتري وفق ما أمر الله عز وجل ، أي ومَن يتق الله في كسب رزقه يجعل الله له مخرجاً مِن الضيق المادي ، بل يجعله في كفايةٍ و راحة ، مَن يتقِ الله في كسب الرزق لن يفاجأ بضرباتٍ قاصمة تنقصم لها الظهور ، لأنه عرف حدود الشرع ، عرف ما ينبغي وما لا ينبغي ، عرف ما يجوز وما لا يجوز ، عرف ما هو الحلال وما هو الحرام . لذلك من دخل السوق قبل أن يتفقَّه أكل الربا شاء أم أبى ، هكذا قال بعض العلماء : أكل الربا شاء أم أبى . فالفقه فرض عينٍ أن تعرف أحكام البيوع ، وأن تعرف البيع الحلال من البيع الحرام ، وأن تعرف ما يجوز وما لا يجوز في علاقاتك المالية ، فهذا شرطٌ أساسي ، بل هو فرض عينٍ ، وليس لك خيارٌ في تعلمه أو عدم تعلُّمه . التبحُّر في بعض العلوم يعد عند العلماء فرض كفاية ، لكن معرفة أساسيات العلوم التي لولاها لوقعت في الحرام ، هذه فرض كفاية لابد مِن أن تتعلمه ، فمن يتق الله في كسب الرزق يجعل الله له مخرجاً من ضيق الدين المادي ، إلى السعة التي توفر له كرامته وراحته .

 

مَن يتق الله في الوقوف عند حدود الشرع يجعل الله له مخرجاً مِن الحرام إلى الحلال :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ والمعنى الخامس لهذه الآية : مَن يتق الله في الوقوف عند حدود الشرع واجتناب المعاصي ، باتباع أوامر الله بشكلٍ عام ، جعل الله له مخرجاً مِن الحرام إلى الحلال ، ومِن الضيق إلى السَعَة ، بل مِن النار إلى الجنة ، له مخرجٌ إلى الجنة ، بابٌ للجنة مفتوح .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في أعمالك اليومية ، في إنجازاتك ، إذا نَسَبْتَ الخبرة إلى ذاتك ، إذا نسبت القُدرة إلى ذاتك ، إذا نسبت العِلم إلى ذاتك ، فأنت لا تعرف الله ، ولا تعرف حدودك ، فمن اتقى الله بأن تبرأ مِن حَوْلِه وقوته ، وعلمه وخبرته ، وماله وجاهه ، وعزاها إلى الله سبحانه وتعالى ، جعل الله له مخرجاً مما كلّفه ، وأعانه عليه ، لو قمت إلى الصلاة فقلت :

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾

[ سورة الفاتحة : 5]

 الله سبحانه وتعالى يعينك على أداء الصلاة الصحيحة ، لو سِرْتَ في الطريق واستعنت بالله على غض البصر ، لجعل الله بينك وبين هذه المناظر حِجاباً حاجزاً ، أليس في قول سيدنا يوسف هذا النبي الكريم النبي الطاهر ، أليس في دعائه تعليماً لنا ؟ قال :

﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾

[ سورة يوسف : 33]

 فلا تخرُج إلى الطريق وأنت مُعْتَدٌ بإرادتك القوية ، واستقامتك التامّة ، استعن بالله على غض البصر ، استعن بالله على أكل المال الحلال ، استعن بالله على أداء العبادات ، استعن بالله على فِعل القُرُبات ، ومن يتق الله بأن تبرّأ من حوله ، وقوته ، وعلمه ، وخبرته ، وجاهه ، أعانه الله على ما يصبو إليه .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ مَن اتقى الله فآثر الحلال ؛ عرضت له الدنيا مع الشبهات ، وجاءه الحلال مع اليَقين ، لكن الحلال قليل والحرام كثير ، الحلال صعبٌ والحرام يسير ، هكذا شاءت حكمة الله عز وجل ، من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له ، لحكمةٍ أرادها الله عز وجل جعل كسب الحلال صعباً ، وجعل كسب الحرام سهلاً ، مَن آثر الحلال على الحرام ، مَن آثر الكسب الصعب على الكسب السهل ، مَن آثر أن يصبر على أن يُفْتَن ، فتح الله عليه إذا كان ذا ضيق ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب .
 هذه المعاني : بعضها في كسب الرزق ، بعضها في أداء العبادات ، بعضها في الوقوف عند حدود الشرع ، بعضها في اتباع السُنَّة ، بعضها في أداء الفريضة ، إن الله سبحانه وتعالى جَلَّت حكمته جعل هذه الآية ذات صياغةٍ عامة ؛ أي موضوعٍ روحيٍ ، نفسي ، مادي ، معنوي ، دنيوي ، أخروي ينطبق على هذه الآية :

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق :2-3]

من يتق الله في تطليق زوجته يجعل الله له مخرجاً في إرجاعها :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يجب أن تعلموا أن هذه الآية جاءت بين آيات الطلاق ، ومن إعجاز القرآن أن الآية في سياقها لها معنى ، فإذا نزعتها مِن السياق لها معنى آخر .
 معناها السياقي : أنه من اتقى الله في الطلاق ، ربنا سبحانه وتعالى قال :

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾

[ سورة الطلاق : 1]

 هذا الطلاق السُنِّيّ ، وأما الطلاق البدعي فأن تطلقها مرةً واحدة من دون عدة تعتَدُّها عليها ، والله سبحانه وتعالى يقول في آيةٍ أخرى :

﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾

[ سورة البقرة : 229]

 فمَن لم يتقِ الله في آيات الطلاق ، لم يكن له مخرجٌ إلى أن يعودَ إلى زوجته إذا كان قد تعلَّق بها ، لذلك إذا جاءت هذه الآية في سورة الطلاق ، فعلى الرجل المسلم العالم أن يطلق وفق السنة ووفق ما أمر الله عز وجل ، لئلا يكون عليه حرجٌ في أن يعود إلى زوجته .

 

من يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ ورد في بعض الأحاديث الشريفة تفسيرٌ لهذه الآية ، لقوله تعالى :

﴿ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

[ سورة الطلاق : 1]

 فقال عليه الصلاة والسلام :

(( يجعل له مخرجاً مِن شبهات الدنيا ، ومِن غمرات الموت ، ومِن شدائد يوم القيامة ))

[ من الجامع لأحكام القرآن عن ابن عباس ]

 فما معنى قوله تعالى :

﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 قال بعض العلماء : يرزقه مِن حيث لا يرجو الرزق ، مِن جهةٍ لا يعتقد أنه تعطيه شيئاً ، مِن بابٍ يظنه مغلقاً ، مِن طريقةٍ يظنّها غير مجدية . .

﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 أي من حيث لا يرجو ، وبعض العلماء قال :

﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 أي يرزقه رزقاً ، ويبارك له فيه فيكفيه ، وهذه حقيقةٌ يعرفها معظم المسلمين ، قد يأتيك رزقٌ قليل مع البركة ، وكيف البركة ؟ أيّ إذا أعفاك الله مِن نفقات العلاج وثمن الدواء ، وبارك لك في رزقك ، ورزقك زوجةً صالحة ، عندها حكمةٌ في إنفاق المال ، فهذا مِن البركة التي وردت في هذه الآية :

﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 إما من حيث لا يرجو ، وإما أن الله سبحانه وتعالى يبارك لك فيما أعطاك ، ألا تدعُو الله سبحانه وتعالى فتقول : اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، هذه هي البركة التي أشارت إليها الآية .

 

الإكثار من لا حول و لا قوة إلا بالله عند نزول المصيبة :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ سبب نزول هذه الآية كما ورد في بعض التفاسير : أن عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابناً له يُسمى سالمة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الفاقة ، وقال : يا رسول الله ، إن العدو قد أسر ابني وجزعت الأم ، فماذا تأمرني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :

((اتقِ الله واصبر - أنت مؤمن - وآمرك وإياها - أي وزوجتك - أن تستكثرا مِن قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ))

 هذه قد أثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول المصيبة ، فعاد إلى بيته وقال لامرأته : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرني وإيّاك أن نستكثر مِن قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، فماذا أجابت ؟ ماذا تجيب امرأةٌ في هذا الزمان تشكو زوجها أو تشكو ضيقاً ألمّ بها ؟ يقول لها زوجها : قولي لا حول ولا قوة إلا بالله ، ماذا قالت هذه المرأة ؟ قالت : نعم ونِعم ما أمرنا به النبي . هكذا ، هكذا المرأة المؤمنة ، نعم ونِعمَ ما أمرنا به النبي ، فجعلا يقولان ، فغَفَلَ العدو عن ابنهما ، فساق غَنَمَهُم ، وجاء به إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة ، نجا من الأسر ، وجاء بغنيمةٍ هي أربعة آلاف شاة . .

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

[ سورة الطلاق :2-3]

 إن الضيق الذي يصيب المؤمن أحياناً ضيقٌ تأديبيّ ، ضيقٌ ليدفعه إلى الله ، ضيقٌ ليدفعه إلى الطاعة ، ليدفعه إلى الصِلَة ، فإذا أحكمت الصلة فقد نجح العلاج .

 

من أكثرَ من الاستغفار جعل الله له مِن كل همّ فرجاً ومَن كل ضيقٍ مخرجاً :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول عليه الصلاة والسلام :

(( مَن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ، ومَن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ، ومَن أكثر الاستغفار جعل الله له مِن كل همّ فرجاً ، ومِن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ))

[ من الجامع لأحكام القرآن عن عمران بن الحصين ]

 جاء رجلٌ إلى الحسن البصري قال : يا إمام إن زوجتي لا تنجب ، فقال : استغفر الله . جاءه رجلٌ آخر قال : يا إمام إن السماء لا تمطر . فقال : استغفر الله ، جاءه رجلٌ ثالث فقال : إن الرزق قليل . فقال : استغفر الله ، عنده رجل فقال : يا إمام ؛ أو كلما جاءك رجل تقول له استغفر الله ؟ هذه وصفة لكل حالة ؟ فقال : ألم تسمع قوله تعالى :

﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾

[ سورة نوح : 10-13]

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ مَن أكثرَ الاستغفار جعل الله له مِن كل هم فرجاً ، ومَن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ، والحديث القدسي الذي تعرفونه جميعاً :

(( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ))

[ من الدر المنثور عن عمر بن الخطاب ]

من يتوكل على الله فهو حسبه :

 بقي قوله تعالى :

﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾

[ سورة الطلاق : 3 ]

 أي من فوض أمره إلى الله كفاه الله ما أهمه ، ومَن اتقى الله وجانب المعاصي ، وتوكل عليه فقد أعطاه الله ثواب الدنيا والآخرة .
 وقيل : إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكّل على الله ، وإذا أردت أن تكون أغنى الناس ، فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك ، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله. وقيل : مَن توكل على الله كفاه ، ومَن آمن به هداه ، ومَن أقرضه جازاه ، ومَن وثق به نَجَّاه ، ومَن دعاه أجابه .
 هذه الفقرات الخمس مأخوذةٌ من خمس آيات . . من توكل على الله كفاه لقوله تعالى :

﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾

[ سورة الطلاق : 3 ]

 أي يكفيه . . ومَن آمن بالله هداه ، لقوله تعالى :

﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾

[ سورة التغابن : 11 ]

 ومَن أقرضه جازاه ، لقوله تعالى :

﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ ﴾

[ سورة التغابن : 17 ]

 ومَن وثق به نَجَّاه ، لقوله تعالى :

﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[ سورة آل عمران : 101]

 ومَن دعاه أجابه ، لقوله تعالى :

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾

[ سورة البقرة : 186 ]

من صبر على أمر الله أتاه الله ثواب الدنيا و الآخرة :

 الفقرة الأخيرة من الآية :

﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 أي أمره نافذ ؛ شئت أم أبيت ، أحببت أم كرهت ، هو الواحد القهّار ، أمره نافذٌ في خَلْقِه ، فلذلك إذا صبرت على أمره أتاك الله ثواب الدنيا والآخرة ، فإن لم تصبر فأمره نافذ .

﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾

[ سورة الطلاق : 3]

 أيْ مَن طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه ، مَن طلب شيئاً فلينتظر ، فلعل الله سبحانه وتعالى جعل له وقتاً مناسباً ، فأنت لا تعرف حكمة الله عز وجل .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

صقر البحر :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ نوعٌ من الطيور اسمه : صقر البحر ، ينفر مِن البَرْد ، لذلك هو يهاجر من شمال آسيا وأمريكا ، إلى المناطق الدافئة في جنوب الكرة الأرضية . كم يقطع في هذه الرحلة ؟ إنه يقطع تسعة عشر ألف كيلو متر . نوعٌ من الطيور اسمه صقر البحر يقطع في رحلة الشتاء ورحلة الصيف تسعة عشر ألف كيلو متر ، لكن هذا الطير لا يحمل زاداً ، ولا يتأثَّر ريشه بالماء ، لأنه لو تأثر ريش الطائر بالماء لما أمكنه أن يطير بعد أن يغوص في الماء ، حيث يتسرَّب الماء في أجنحته ، وفي ريشه فيُثقُلُ ، ولا يمكنه أن يطير .
 هذا الطائر ريشه له خاصَّة ، بل إن كل طيور البحر - كما قال علماء الطيور - لا يتأثَّر ريشها بالماء ، لا يَعْلَق عليها الماء إطلاقاً ، لأنه سوف يتغذَّى بأسماك البحر . يغوص الطائر - صقر البحر - إلى داخل الماء ، ليأكل زاده ، ثم يعود ، فيطير في جو الهواء .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ بل إن هذا الطائر يَتتَبَّعُ بعض الطيور الجارحة ، فإذا صادت هذه الطيور سمكاً مِن الماء ، واعتزمت أن تحمله إلى صغارها ، هاجمها في الهواء ، فخافت مِنْه ، فتركت صيدها ، يسقط إلى الماء ، فيَنْقَضُّ هذا الطير ، ويأخذ هذه السمكة قبل أن تصل إلى الماء ، هل في إمكان طيارٍ أن يفعل هذا ؟ أن يأخذ هذا الصيد بعد أن سقط مِن فم الطير الجارح ؟ يأخذه قبل أن يعود في الماء ، ويطير به في جوِّ السماء .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ نوعٌ آخر من الطيور ، اسمه خطَّاف البحر ، يهاجر من المنطقة المتجمّدة الشمالية ، إلى المنطقة المتجمدة الجنوبية ، ويقطع اثنين وثلاثين ألف كيلو متر في هذه الرحلة ، هذا رقمٌ يفوق حَدَّ التصوّر ، قد يقول قائل : وكيف عرف العلماء ذلك ؟ إن طيوراً تؤخذ مِن أوكارها ، يوضع في أرجلها حلقاتٌ معدنية ، مع رموزٍ مكتوبةٍ على هذه الحلقات ، وتؤخذ مِن المنطقة الجنوبية في الأرض ، يعرف العلماء بهذه الطريقة هجرة الطيور ، ومقدار ما تقطعه في هذه الرحلة الطويلة .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقطع نوعٌ آخر من الطيور مسافة أربعة آلاف كيلو متر ، مِن دون أن يأكل شيئاً في فمه ، ويطير بعض هذه الطيور ستاً وثمانين ساعة ، طيراناً مستمراً .

ضرورة التفكر في خلق الله عز وجل :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ ما علاقة هذه الحقائق بالخطبة ؟ يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة النحل : 79]

 ويقول الله سبحانه وتعالى :

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾

[ سورة النور : 41 ]

 ومعنى " صافَّات " ، أي باسطاتٌ أجنحتهن عند الطيران . .

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾

[ سورة النور : 41]

 وفي آيةٍ ثالثة في سورة الملك :

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾

[ سورة الملك : 19]

 معنى ذلك أن الطير في السماء ، هجرة الطيور ، بُنية الطائر ، هذه آياتٌ دالة على عظمة الله عزَّ وجل .
 وفي القرآن الكريم ثلاث آياتٍ محكماتٍ ، بيِّنات ، واضحات ، تحضُّنا على التفكّر في خَلْق الله عزَّ وجل .

﴿ أَلَمْ يَرَوْا ﴾

 حضٌ على الرؤية :

﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

[ سورة النحل : 79]

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾

[ سورة النور : 41]

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾

[ سورة الملك : 19]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور