وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0239 - حقوق الجار4 - الأرض والقمر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ، ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر . اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

مساعدة المؤمن و الوقوف معه وقت الشّدة :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ لازلنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي يقول فيه : أتدورن ما حقّ الجار ؟ إذا استعان بك أعنتهُ ، وإذا استقرضكَ أقرضْته ، وإن استنصرَكَ نصرْتَهُ ، وإن أصابه همّ واسَيْتهُ ، وإن أصابتهُ مصيبة عزَّيته ، وإذا مات شيَّعْته ، وإذا مرض عُدْته ، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرّيح إلا بإذنه ، وإذا اشْتريْت فاكهة فأهْدِ له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سرًّا ، و لا يخرج ولدك بها ليَغِيظ ولده ، ولا تؤذِه بقُتار قدرك إلا أن تغرف له منه .
في الخطبة السابقة أيها الأخوة الأكارم تحدَّثنا عن إذا استعان بك أعنْتهُ ، وفي هذه الخطبة ؛ وإذا اسْتقرضَكَ أقرضْتهُ .
 ألا يكفي المؤمنين قول الله سبحانه وتعالى في مُحكم تنزيله :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة: 245 ]

 إذا كان الله سبحانه وتعالى جلَّ في عُلاه يطلبُ منك أن تقرضهُ ، وكيف تقرضُه وهو ربّ العالمين ؟ إذا أقرضْت أخًا لك مؤمنًا وقع في عُسْرٍ ، وقع في مشكلةٍ ، أصابتهُ مصيبة، وقع في ضيقٍ ، يا داود - كما جاء في الحديث القدسي - مرضْتُ فلم تعُدني ؟ قال : يا ربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين ؟ قال : مرِضَ عبدي فلانٌ فلم تعُدهُ ، أما علمْت أنَّك لو عُدْتهُ لوجدتني عندهُ ، واستطعمتك فلم تُطعمني ؟ قال : يا ربّ ، كيف أطعمك وأنت ربّ العالمين ؟ قال : استطعمَكَ عبدي فلانٌ فلم تطعمهُ ، أما علمتَ لو أنَّك أطعمته لوجدْت ذلك عندي ، وفي روايةٍ لوجدتني عندهُ ، استسقيتُك فلم تسقني ، قال : يا ربّ ، كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلَمْ تسقِهِ ، أما علمت أنّك لو فعلت هذا لوجدتني عنده ، قال تعالى :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة : 245 ]

 الله سبحانه وتعالى جلّ في عُلاه ، والغنيّ عن العالمين ، يطلبُ منك أن تقرضهُ قرضًا حسنًا ، بمعنى أن تقرض عباده ، لأنّ الخَلْق كلّهم عيال الله ، وأحبّهم إلى الله أنفعهم لعِيالِهِ ، الخَلْق كلّهم عيال الله .

 

تعريف القرض :

 ما معنى القرْض أيّها الأخوة المؤمنون ؟ وإذا اسْتقرضَكَ أقْرضْتهُ ، استقرضَك ، الألف والسّين والتاء في هذا الفعل تعني الطَّلَب ، استغفر ، استرحم ، اسْتنجدَ ، استودع ، واستقرضَ أيْ طلبَ منك قرضًا ، يقول عليه الصلاة والسلام : " والله لأن أمشيَ مع أخٍ في حاجته خيرٌ لي من صيام شهر ، واعتكافه في مسجدي هذا " ابنُ عبّاس رضي الله عنهما كان معتكفًا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، جاءهُ رجلٌ فشكا إليه مُلِمَّةً ألمَّتْ به ، قال : أفَتُحِبُّ أن أقْضِيَها لك ؟ قال : إذا شئْت ، فخرج من المسجد أيْ خرج من مُعتكفه ، فقيل له : أنسيتَ أنَّك معتكف ؟ فقال : لا ، ولكنِّي سمعتُ صاحب هذا القبر - وأشار إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام والعهد به قريب - من مشى في حاجة أخيه كان خيرًا له من اعتكاف عشْر سِنين ، قال تعالى :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة: 245 ]

 اسْتقْرضَ أيْ طلبَ القرْض ، والقرْض كما جاء في تعريف هذه الكلمة وفي شرحها كلّ ما أسْلفْتَ من عملٍ صالحٍ ، إذا مشيْت مع أخيك لِقَضاء حاجةٍ له عند رجلٍ تعرفهُ أنت ، فهذا قرضٌ حسنٌ ، وإذا عُدْت مريضًا فهذا قرْضٌ حسن ، وإذا أعَنْتَ ضعيفًا فهذا قرْضٌ حسن ، وإذا خدَمْت إنسانًا فهذا قرضٌ حسَن ، وإيّاكم أن تتوهّموا أنّ القرْض الحسَن الذي عنى به الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة : 245 ]

 إنَّه متعلّق بالمال وحده ؛ لا فأيَّةُ خِدمةٍ تقدّمها لأيِّ إنسانٍ اسْتجار بك فهذه الخدمة ، وهذا العمل الصالح هو قرضٌ حسَن ، ففي تعريف هذه الكلمة كلُّ ما أسلفْت من عملٍ صالحٍ ، هذا العمل الصالح أسْلفتهُ أيْ جعلتهُ أمامك جعلتهُ نورًا لك في قبرك ، جعلتهُ زادًا لك في آخرتك ، جعلتهُ حِصْنًا لك من النار .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ آيات القرآن الكريم دقيقة ، يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾

[ سورة الكهف : 110]

 اللِّقاء مع الله سبحانه وتعالى ، اللّقاء مع ملك الملوك ثمنهُ العمل الصالح ، والعمل الصالح يرفعك ، قال تعالى :

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 وقال تعالى :

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 1-3]

 في مِئتي آية أو تزيدُ اقْترَنَ العمل الصالح بالإيمان ، والإيمان من دون عمل كالشَّجر بلا ثمر .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ تعريفٌ آخرُ للقرْض ؛ هو اسْمٌ لكلّ ما تلتمسُ عليه الجزاء من ربّ العباد ، قال تعالى :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة : 245 ]

 ويقول العلماء : إنّ القرْض الحسَن مِن سِمات أهل المروءة ، ومن صفات أهل التقوى .
 أخرج ابن ماجه في سننه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:

(( رأيتُ ليلة أُسْري بي على باب الجنّة مكتوبًا : الصَّدقة بعَشْرة أمثالها ، والقرْض بِثَمانيَة عشر ضِعفًا ، فقلتُ يا جبريل : ما بالُ القرْض أفضلُ من الصّدقة ؟ فقال جبريل : لأنّ السائل يسأل وعندهُ ، والمستقرضُ لا يستقرضُ إلا عن حاجة ))

[ابن ماجه عن أنس بن مالك]

تباعد المسلمين و تدابرهم أبعدهم عن مساعدة بعضهم :


أيها الأخوة المؤمنون ؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما مِن مسلمٍ يقرضُ قرضًا مرَّتين إلا كان كصَدَقَتِهما مرَّةً واحدة " كأنَّك تصدَّقْت بهذا المبلغ مرَّةً واحدة ، كأنّ القرْض يكتبُ عند الله بِمُستوى نصف قيمته صدقةً ، يكتبُ القرْض عند الله عز وجل بنِصْف قيمته صدقةً ، كأنَّك أعْطيتَ هذا المبلغ ولم تأخذهُ.
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ السَّلف الصالح كان يُعينُ بعضهم بعضًا ، كانوا يتفقّدون أحوالهم ، كانوا ينطلقون إلى العمل من دون مسألة ، ومن دون طلب ، ومن دون إلحاح ، لكنّ الناس اليوم في تدابر ، وفي تباعُد ، وفي شِقاق ، كلّهم يقول : نفسي نفسِي .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الناس اليوم يخَطِّطون ، ويحسبون أنّ هذا القرْض إذا أقرضتهُ ، وأخذتهُ بعد عام ، أو بعد سِتّة أشهر ربّما انخفضَت قيمتهُ ، إذًا ليس هناك مصلحة في هذا القرض ، هذه الحِسابات الماديّة مؤدَّاها إلى الهلاك في الآخرة ، هذه الحِسابات الدقيقة تحْمِلُك عن أن تمتنِعَ عن العمل الصالح ، وهل الحياة كلّها مال ؟ هل الحياة كلّها أرقام وحسابات ؟ هل الحياة كلّها أرباحٌ نقديّة أم أن يرضى الله عنك خيرٌ لك من الدّنيا وما فيها ؟ أن يرضى الله عنك خيرٌ لك ممّا طلعَت عليه الشّمس ، أن يرضى الله عنك خيرٌ لك من حُمُر النّعم.
 الشيء الذي يتألّم له المؤمن أنّ القرْض كاد ينقرِض بِسَبب هذه الحسابات الماديّة التي تحملُك في النّهاية على الامتِناع عن إعطاء المال للمحتاج والمسكين .

 

كلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ لكنّ الشيء الذي يجبُ أن ننتبِهَ إليه أنّ كلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا ، أن تقرضَ إنسانًا قرضًا تشترِطَ عليه أن يردّه لك بِزِيادةٍ ماديّة فهذا ربا مثل الشّمس ، ولكن أن تقرضهُ قرضًا ، وأن تكثرَ من زيارته ، وأن يكثر من تقديم الطّعام والشّراب لك ، أن تقرضهُ قرضًا ، وأن تطلب منه بعض الحاجات فيقدّمها لك ، أن تقرضهُ قرضًا ، وأن تطلبَ منه بعض الخدمات ليُقدّمها لك ، أن تقرضهُ قرضًا وتنتظرُ منه أن يقدّم لك هديَّةً ، أن تقرضهُ قرضًا وتنتظرُ منه أن يعْطِيكَ شيئًا مما عنده ، كلّ هذه الأنواع دخَلَت تحت قول النبي عليه الصلاة والسلام :

((كلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا))

[الحارث بن أبي أسامة عن علي]

 كان الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه يمتنع عن الجلوس في ظلّ دارٍ مرهونةٍ عندهُ ، لئلا يستفيد من ظلّها ، وكان يخشى أن تكون الاستفادة من ظلّ هذه الدار نوعاً من الرّبا ، لِمِثل هذا كان ورعُ الصالحين ، لِمِثل هذا كان ورعُ السلف الصالح ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام : "ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلِّط ، ومن لم يكن له ورعٌ يصدُّه عن معصيَة الله إذا خلا ، لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله " .

آداب الإقراض و الاقتراض :

 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ المقترض - هذا من باب آخر - لا ينبغي له أن يقترض إلا لِحاجةٍ ماسَّة ، ولِمَرضٍ عُضال ، ولِعَمليَّةٍ جِراحيّة ، لِنَفقةٍ ضروريّة لا تقوم الحياة إلا بها ، أما أن يقترض لِشِراء بعض الحاجات الكماليّة ، فهذا ليس من الشَّرْع في شيء ، ولقَول النبي عليه الصلاة والسلام :

((لا أشتري حاجةً لا أملكُ ثمنها))

 لا أشتري شيئًا لا أملك ثمنهُ ، يجبُ أن يكون القرْض لأمرٍ خطير ، ولأمر مصيري ، ولحاجةٍ ماسّة ، كأن يكون ثمنًا لعمليَّة طارئة ، لِسَدّ نفقةٍ لا بدّ منها ، لتأمين وقودٍ في الشّتاء ، لمِثْل هذا شُرِعَ القرْض ، أما أن يُشرع القرْض لِشِراءِ مكيِّفٍ ، أو لشراء جهاز تبريد ليس هذا من أجله شُرع القرْض ، والذي يقترضُ منه إذا شعر أنّ هذا الإنسان سيشتري بهذا القرْض حاجةً أساسيّة شعر أنَّه قدَّم خِدمةً كبيرة ، لهذا لا أشتري شيئًا لا أملك ثمنهُ ، هذا توْجيهُ النبي عليه الصلاة والسلام .
 والمقترض ينبغي ألا يُسرف في إنفاقه ، فقد حذَّر الفقهاء المقترض من أن يأكل لَوْنَين في وَجبةٍ واحدة ، أن تقترض مال الناس ، وتأكل في البيت ما لذَّ وطابَ ، حذَّر الفقهاء على المقترض أن يأكل لَوْنين ، وأن يشْتريَ فاكهتين ، يجبُ أن تنفق الحدّ الأدنى من النفقات مراعاةً لهذا الذي أعطاك مالهُ ، هذه آدابُ الإقراض ، وآداب الاقتراض .

طلب الزيادة عند تأدية القرض نوع من الربا :


شيءٌ آخر أيها الأخوة المؤمنون ؛ أن تقرضَ الناس قرضًا على أن يُعطوك زيادةً عمَّا أعْطَيْتهم فهذا من الرّبا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " الكبائر سبْع ، أوَّلهنّ الإشراك بالله عز وجل ، وقتل النفْس بغير حقّها ، وأكل الرّبا ، وأكْل مال اليتيم ، والفِرار من الزّحف ، وقذف المحصنات ، والانتقال إلى الأعراب بعد الهجرة ". بعد أن هاجرْت إلى الله ورسوله ، تعود إلى البادية ، بعد أن عرفْت الحقّ وأهله تعود إلى منعزلك ، وفي حديثٍ آخر ، يرويه البخاري ومسلم ، يقول عليه الصلاة والسلام :

(( اجتنبوا السّبْع الموبقات ؛ فقيل : يا رسول الله ما هنّ ؟ قال : الشِّرْك بالله ، والسِّحْر - من أتى ساحرًا أو كاهنًا فصدّقه فقد كفر - وقتل النّفس التي حرّم الله إلا بالحقّ ، وأكْل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولّي يوم الزّحْف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 ويقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد :

(( درْهم ربا يأكله الرّجل وهو يعلم أشدّ من سِتّة وستّين زنْوَة ))

[ رواه أحمد ]

تشريع كتابة القرض :

 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ لكنّ الله سبحانه وتعالى شرَّع لنا في أطْول آية في القرآن الكريم شرّع للقرْض أن يُكتب ، ومن لمْ يكتب هذا القرْض ووقع في إشكال كبير فهو المسؤول لأنّ المُفرِّط أولى بالخَسارة ، يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾

[ سورة البقرة : 282]

 ثم يقول تعالى :

﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ﴾

[ سورة البقرة : 282]

 ليسَتْ الكتابة معناها أنَّك لسْت واثقًا بهذا الذي أقرضَك ، أو بهذا الذي أقرضته ، لا ، ولكنَّ المسألة تدور حينما يموت الإنسان فجأةً ، ولا يعترفُ الورثة بهذا القرْض ، عندئذٍ تكون قد أطعمتهم مالاً حرامًا ، وساعدْتهم على ذلك ، وضيَّعْت على نفسك هذا المبلغ الذي توانيْتَ عن كتابته ، يا أيها الذين آمنوا أمْرٌ إلهي يقتضي الوُجوب ، قال تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾

[ سورة البقرة : 282]

وجوب أداء القرض بالتمام و الكمال و في وقته المحدد :

 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ شيءٌ دقيق أشار الفقهاء إليه ، وهو أنّه يجبُ أن تعلمَ علْم اليقين أنَّه بإمكانك أن تؤدّيَ هذا القرْض حينما تطلبُ القرْض ، وإلا وقعْتَ في إثْمٍ كبير ، يقول عليه الصلاة والسلام : " روحُ المؤمن محبوسةٌ عن الجنّة حتى يُقضى عنها دَينها " والنبي عليه الصلاة والسلام - كما تعرفون- كان إذا مات رجلٌ في عصره ، إذا مات صحابيّ ، يسأل هذا السؤال دائمًا : أَعَلَيْهِ دَينٌ ؟ فإن قالوا : لا ، يصلِّي عليه ، وإن قالوا : نعم ، أعِنْدهُ ما يفِي دَينهُ؟ فإن قالوا : نعم ، صلَّى عليه ، وإن قالوا : لا ، يقول : صلُّوا على صاحبكم ، كان النبي عليه الصلاة والسلام يمتنعُ عن الصّلاة عن رجلٍ عليه دَينٌ ، ولا يملك طريقة لِسَدِّ هذا الدَّيْن .
في حالات أخرى كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يقول الواحد منهم : يا رسول الله ، عليَّ دَينهُ ، عندئذٍ يُصلِّي عليه ، هذا التوجيه النَّبَوي ، وهذا السُّلوك النبوِيّ ، يؤكِّدُ حُرْمةَ الدَّيْن ، لأنّ الناس إذا قدَّسوا هذا الدَّيْن ، وأدَّوْهُ كما أخذوه ، تشجَّعَ الآخرون ، ما الذي يمنعُ الناس من العمل الصالح ؟ أن يستقرض الإنسانُ مالاً ولا يفي بهذا المال ، هؤلاء ينْضوون تحت قوله تعالى :

﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾

[ سورة الماعون : 7]

 رجلٌ كان يركبُ فرسًا في الصّحراء ، والأرض ملتهبة ، رأى رجلاً فقيرًا ، ينتعل رمال الصّحراء ، فدعا هذا الفارس هذا الرّجل الحافي القدَمَين والأرض تلتهب إلى أن يركبَ وراءهُ ، ولم يدْر أنّ هذا الرّجُل كان لِصًّا من لُصوص الخيل ، فما إن ركب وراء صاحب الفرَس حتى دفعَهُ إلى الأرض ، وعدا بها لا يلوي على شيء ، ناداه صاحبُ الفرَس ، قال له : أيها الرّجل لقد وهبْت لك هذه الفرَس ، ولن أسأل عنها بعد اليوم ، ولكن إيّاك أن تُشيع هذا الخبر في الصّحراء ، فإذا شاع هذا الخبر ذهبت المروءة في الصّحراء ، وبِذَهاب المروءة يذهبُ أجملُ ما فيها ، هذا الذي يأخذُ أموال الناس ولا يؤدِّيها بالتَّمام والكمال ، وفي الوقت المحدّد ، هذا الذي يزهِّدُ الناس بالقرْض ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أبى أن يصلِّي على رجلٍ عليه دَين ، صلُّوا على صاحبكم ، إلى أن يقول أحدهم : يا رسول الله ، عليَّ دَيْنُه .

 

القرْض شيءٌ مهمٌّ جدًّا يخفّف عن الناس مصائبهم :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول بعض الحكماء : العجلَة من الشيطان إلا في خمسة أشياء ؛ إطعام الضَّيف إذا دخل الضيف ، قال تعالى :

﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾

[سورة هود : 69]

 وتجهيزُ الميّت ، وتزويج البِكر ، وقضاء الدَّين ، والتوبة من الذَّنْب ، إنّ في الاستعجال بهذه الأشياء الخمْسة مثوبةٌ ، وأيَّةُ مثوبة .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ رأيْتُم معي كيف أنّ القرْض شيءٌ مهمٌّ جدًّا ، يخفّف عن الناس مصائبهم ، يخفّف عن الناس ما يؤلمهم ، يخفّف عن الناس شغف العيش ، ولكنّ القرْض يجبُ أن يُراعى فيه أن يؤخَذ لشيءٍ مهمّ ، وأن يُؤدَّى بالتّمام والكمال ، وأن يأخذه الإنسان ، ويوثّقه بالكتابة ، وألا يستقرض الإنسان شيئًا ثانويًا أو كماليًا ، عندئذٍ يكون القرض سُلوكًا طيِّبًا ، وعملاً صالحًا يرفعُ من قيمة المقرض ، والمقترض ، وأُذكِّركم مرَّةً ثانية بقول الله عز وجل :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾

[ سورة البقرة: 245 ]

 حينما تقرض لا تُكثر من الحسابات ، ولا تستخدم الآلة الحاسبة ، حينما تقرض اِجْعَل هذا العمل عند الله خالصًا ، وعندئذٍ ربّك سبحانه وتعالى يمْتنّ عليك ، ويكرمُك ، ويُجزلُ لك العطاء .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأرض و القمر :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ القمر ، كلّكم يعرف أنَّه يدور حول الأرض في كلّ شهر قمريّ مرَّةً ، وأنَّه يدور حول نفسه في وقتٍ مساوٍ تمامًا لِدَورته حول الأرض ، لذلك نحن لا نرى من القمر إلا وجهًا واحدًا فقط طوال الحياة ، لأنّه يدور حول الأرض ، وحول نفسه في وقتٍ واحدٍ ، يستكملُ دورتهُ حول نفسه في تسعة وعشرين يومًا ، وثماني ساعات ، ويستكملُ دورتهُ حول الأرض في تسعةٍ وعشرين يومًا وثماني ساعات . لكنّ الشيء الذي يلفتُ النّظر هو أنَّه يقطعُ في كلّ يومٍ من دائرة سيْره من فلكه حول الأرض يقطعُ في كلّ يومٍ ثلاث عشرة درجة ، ويتأخَّرُ عن شُروقه عن اليوم السابق تسعاً وأربعين دقيقة ، ولولا هذا التأخُّر لبدا القمر بدْرًا طوال الحياة ، ولكن بهذا التأخُّر تسعاً وأربعين دقيقة عن شُروقه السابق كلّ يوم ، هو الذي يُرينا القمر في مراتب ، من هلال ، إلى رُبْع ، إلى بدْر ، إلى عرجون ، إلى غيابٍ كامل ، لذلك ربّنا سبحانه وتعالى يقول :

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾

[ سورة يونس : 5]

يدُ مَن ؟ تخطيط مَن ؟ تصميم من ؟ جعل القمر يتأخَّر في شُروقه كلّ يومٍ تسعاً وأربعين دقيقة عن اليوم السابق ، بهذا التأخُّر يبدو في هذه المراتب ، وأصبح القمر تقويمًا في كبد السّماء ؛ لِتَعلموا عدد السِّنين والحساب .
 شيءٌ آخر ، أيها الأخوة الأكارم ؛ كتلة القمر جزءٌ من ثمانين جزءاً من كتلة الأرض ، والجاذبية على سطح القمر تعادل سدْس جاذبيّة الأرض ، فالإنسان الذي يزنُ على الأرض ستِّين كيلو غرامًا يزنُ على القمر عشرة كيلو غرامات ، لذلك الجاذبيّة فيه أقلّ . هناك أقمار تدور حول نفسها في بضع سنوات ، هناك أقمار تبتعدُ كثيراً ، وهناك أقمارٌ تقتربُ كثيرًا ، ولكنّ التفكير السليم ، والتفكير الدقيق ، هو أنَّه لو لم يكن القمر يدور حول نفسه ، وحول الأرض في وقتٍ واحدٍ ، ولو لم يقطع في دورته ثلاث عشْرة درجة ، ولولا تأخُّر شُروقه تسعاً وأربعين درجة لما كان تقويمًا ، ولما استفدنا منه .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ المسافة بين الأرض والقمر ، لو قلَّتْ عمّا هي عليه الآن ، قال تعالى :

﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾

[ سورة الرحمن : 5]

 أي بعْدُ القمر عن الأرض بِحُسبان دقيق ، لو قلَّت هذه المسافة لارتفع البحرُ ، ولغطَّى اليابسة ، هذا سؤال دقيق ، فالمدّ والجزْر يقعان بِتَأثير القمر ، ولكن بِتَأثيرٍ محدود ، لو اقتربَ القمر من الأرض لعلا البحر ، وغمَرَ اليابسة ، ثمّ انْحسرَ عنها ، وكانت الحياة على اليابسة مستحيلةً ، لو اقتربَ أكثر لجذَبَتْهُ الأرض وارتطمَ بها ، لو ابتعدَ القمر عن الأرض أكثر لانعدم المد والجزر ، وللمدّ والجزر في البِحار وظيفةٌ خطيرة ، لو ابتعد أكثر وأكثر لجذبتْهُ كواكب أخرى ، ولدارَتْ الأرض حول نفسها في أربع ساعات !! فيُصبح النهار ساعتين ، والليل ساعتين ، هذا كلُّه منطوٍ في قوله تعالى :

﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾

[ سورة الرحمن : 5]

 أي يقع القمر على بُعْدٍ دقيق من الأرض ، لو قلَّت هذه المسافة لازداد المدّ والجزر ، لو قربَ أكثر لانجذب إلى الأرض ، وتحطّم ، ولو ابتعد أكثر لانعدم المدّ والجزر ، ولو ابتعد أكثر لدارَت الأرض حول نفسها في أربع ساعات ، قال تعالى :

﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾

[ سورة الرحمن : 5]

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾

[ سورة يس : 39]

قدَّرناه منازل ، ثم يقول تعالى :

﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾

[ سورة يس : 40]

 يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ﴾

[ سورة إبراهيم : 33]

 لا يخطر في بال أحدٍ طوال حياته ألا يشرق القمر ، قال تعالى :

﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾

[ سورة لقمان : 29]

 ومن آياته الدالة على عظمته تعالى قوله :

﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً﴾

[سورة الفرقان: 61]

 قال تعالى :

﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً ﴾

[سورة نوح : 15-16]

 أي أيّها الإنسان اُنظر إلى هذه الآيات .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ تربة القمر تربةٌ عاكسةٌ للضّوء ، وهذا من حكمة الله تعالى ، فضَوْء القمر يُعدُّ جزءاً من ثمانية عشر جزءاً من ضوء الشّمس ، وهو تقويمٌ دقيق جعلهُ الله في كبد السّماء ، وجعل الشّمس ساعةً يوميّة ، الشّمس ساعة ، والقمر تقويم ، قال تعالى :

﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ﴾

[ سورة الغاشية: 17-22]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير . 

تحميل النص

إخفاء الصور