- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (الأكرم):
أيها الأخوة الكرام، الاسم اليوم الأكرم، هذا الاسم ورد في أول سورة أنزلت من القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) ﴾
لكل إنسان حاجات دنيا متعلقة بالأرض وحاجات عليا متعلقة بالسماء:
بادئ ذي بدء الله عز وجل أودع في الإنسان قوة إدراكية يتميز بها على بقية المخلوقات، ولأنه أودع فيه قوة إدراكية أصبحت عند هذا الإنسان حاجة إلى المعرفة، وهذه الحاجة يمكن أن توصف بأنها حاجة عليا، له حاجات دنيا متعلقة بالأرض وله حاجة عليا متعلقة بالسماء، فركّب الملك من عقل بلا شهوة وركب الحيوان من شهوة بلا عقل وركب الإنسان من كليهما فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) ﴾
فوق الملائكة وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فالله عز وجل سخر لهذا الإنسان ما في السماوات، قال تعالى:
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾
طلب العلم فريضة على كل مسلم:
أمره أن يقرأ أي يتعلم وطلب العلم فريضة على كل مسلم، هذا العلم أنواع قال اقرأ باسم ربك، يعني ما لم ينقلك العلم إلى معرفة ربك فليس علماً، العلم ما هداك إلى الله، العلم ما عرفك بهذا الإله العظيم، العلم ما حملك على طاعته، العلم ما دفعك إلى التقرب إليه، العلم ما هداك إلى سرِّ وجودك، العلم ما هداك إلى غاية وجودك، لذلك اقرأ أما المفعول به فهو محذوف وحينما يحذف المفعول يطلق الفعل، يعني اقرأ في الكون، الكون قرآن صامت واقرأ في القرآن فهو كلام الخالق، واقرأ في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فهو قرآن يمشي، يعني اطلب العلم، ما لم يطلب الإنسان العلم لا يؤكد إنسانيته، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، إلا أن العلم له شأن آخر لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ (21) ﴾
الخالق وحده الذي ينبغي أن يعبد، الجهة التي صنعتك ينبغي أن تتبع تعليماتها.
ارتباط العلم بالإيمان:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾
يمكن أن نسمي هذه القراءة الأولى قراءة البحث والإيمان.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾
العلم مرتبط بالإيمان وما لم ينقلك العلم إلى الإيمان فليس علماً، وقد يكون ذكاءً ليس غير، لذلك قالوا: ما كل ذكي بعاقل، إنسان عنده دماغ يمكن أن يفهم دقائق الأشياء فاختص باختصاص نادر وجلب له هذا الاختصاص دخلاً كبيراً فلكياً هذا ذكي جداً، لكن ما لم تعرف سر وجودك، وغاية وجودك، ما لم تعرف الخالق والرب والمسير، ما لم تعرف أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى فلست عاقلاً، العاقل من عرف الله وأرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً.
(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء))
وفي بعض الأدعية: ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
تجاوز الحالات السفلى إلى الحاجة العليا، ابحث عن الحقيقة اعمل بها.
الخاسر من لم يتحرك وفق منهج الله لأن الموت ينهي كل شيء:
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾
يقسم الله بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في حقيقته زمن أنه خاسر:
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾
لو شخص دخله اليومي مليون دولار ولم يتعرف إلى الله عز وجل فهو بنص هذه الآية خاسر، لأن هذه الدنيا تنتهي بالموت والموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وينهي ضعف الضعيف، ينهي غنى الغني، ينهي فقر الفقير، ينهي وسامة الوسيم، ينهي دمامة الدميم، ينهي أمن الآمن، ينهي خوف الخائف، الموت ينهي كل شيء.
لذلك ما لم تتعرف إلى الله، وما لم تتحرك وفق منهجه، وما لم تدعُ إليه فأنت خاسر، وبإمكانك أن تتلافى الخسارة بأن تعمل في هذا الوقت الذي سيمضي عملاً ينفعك بعد الموت، لذلك دائماً اجعل هذا المقياس الدقيق أي حركة، أي نشاط، أي مسعى له أثر بعد الموت هذا ينفعك، وأي نشاط وأي حركة تنتهي عند الموت لا قيمة لها، هذه من الدنيا لذلك دخلوا على سيدنا أبو عبيدة بن الجراح وكان قائد الجيوش الإسلامية في الشام دخلوا على غرفته فيها قدر ماء مغطاة برغيف خبز، وسيفه معلق، قالوا: ما هذا يا أمين هذه الأمة ؟ قال هو للدنيا وعلى الدنيا كثير ألا يبلغنا المقيت ؟ لذلك الدنيا لأنها تنتهي بالموت ليس لها شأن عند الله.
(( لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))
أول قراءة ينبغي أن نقرأها قراءة البحث والإيمان لنبحث عن الحقيقة:
إذاً لا بد من أن نبحث عن الحقيقة، ولا بد من أن تتحرك وفق الحقيقة، ولا بد من أن ندعو إلى هذه الحقيقة، وقد يكون هناك عقبات وقد تكون هناك صوارف فلا بد من الصبر.
﴿ وَالْعَصْر (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
إذاً أول قراءة ينبغي أن تقرأها قراءة البحث والإيمان، ابحث عن الحقيقة، ابحث عن الذي خلقك، تساءل لماذا خُلقت ؟ لماذا أنا في الدنيا ؟ ما العمل العظيم الذي ينبغي أن أفعله ؟ ماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين وإلى أين ولماذا ؟ ابحث.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
العلم الذي أراد الله أن نتعرف إليه هو قراءة البحث والإيمان:
أي العلم ما انتهى بك إلى الإيمان، فإن لم ينتهِ بك إلى الإيمان فهو ذكاء فقط، والذكاء ينتهي عند الموت، هو ذكاء أو ثقافة، أما العلم الذي أراده الله حينما قال الله عز وجل:
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
العلم الذي أراده الله أن تتعرف إليه، وأن تتعرف إلى منهجه، وأن تحمل نفسك على طاعته، وأن تبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس، هذه القراءة الأولى قراءة البحث والإيمان.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
نفسك التي بين جنبيك أقرب آية إليك للتفكر في خلق الله تعالى:
أقرب آية إليك نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) ﴾
يوجد بالشبكية مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط، بالميليمتر مربع في أرقى آلة تصوير رقمية احترافية في عشرة آلاف مستقبل ضوئي، في الميليمتر مربع في شبكية العين مئة مليون مستقبل، لذلك العين تفرق بين ثمانية ملايين لون.
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) ﴾
إكرام الله عز وجل الإنسان بالبيان:
الله أكرم، أكرمك بماذا ؟ بالبيان، قال تعالى:
﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾
بالبيان يتواصل الناس أرقى تواصل، التواصل بيان، بالبيان تتكلم فتعبر عن أفكارك، تعبر عن مشاعرك، بالكلام تنتقل العلوم من إنسان إلى إنسان، بالمعاصرة، ومن جيل إلى جيل بالكتابة، ومن أمة إلى أمة بالترجمة، لذلك:
﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾
هذه القراءة الأولى أكرمك الله بأن منحك نعمة الإيجاد ومنحك نعمة الإمداد ومنحك نعمة الهدى والرشاد، إنه الأكرم، و أكرم اسم تفضيل وهذا الاسم ورد معرفاً بأل، مراداً به العالمية دالاً على كمال الوصفية، الأكرم، لا عطاء يعدل عطاءه.
من خسر الآخرة خسر كل شيء:
منحك نعمة الإيجاد والإيجاد إلى متى ؟ لا إلى الموت، الموت نقطة محطة في الطريق، كل نفس ذائقة الموت لا تموت لكنها تذوق الموت وفرق كبير بين أن تذوق الموت وبين أن تموت، قال تعالى:
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) ﴾
الإنسان خلق ليبقى إلى أبد الآبدين، يبقى في جنة عرضها السماوات والأرض أو في نار لا ينفذ عذابها، البقاء مستمر لكن إما في جنة أو في نار لهذا أيها الأخوة الكرام، أكبر خسارة يمكن أن نتصورها أن تخسر الآخرة، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (15) ﴾
هذه القراءة الأولى، قال تعالى:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
على كل إنسان أن يقرأ ليصل بقراءته إلى معرفة سرّ وجوده وغاية وجوده:
أقرب آية لك نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى:
﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴾
هذا الماء الدافق ثلاثمئة مليون حوين، تحتاج البويضة إلى حوين واحد، قال تعالى:
﴿ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) ﴾
﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾
أمر إلهي لذلك هذه قراءة، اقرأ ولتنتهي قراءتك إلى معرفة ربك، اقرأ ولتنتهي قراءتك إلى معرفة سر وجودك وغاية وجودك.
القراءة الثانية المتعلقة باسم الأكرم قراءة الشكر و العرفان:
في قراءة ثانية متعلقة باسم الأكرم، القراءة الثانية:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾
ماذا منحك ؟ نحن موجودون لو اطلعت على كتاب نضدت حروفه قبل تاريخ ميلادك، أثناء تنضيد حروف هذا الكتاب أنت من ؟ لا شيء، قال تعالى:
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) ﴾
إطلاقاً ما لك وجود، ما لك اسم، ما لك اسم بالنفوس، ليس لك أي اسم بأي مكان، لم يكن لك وجود، إذاً الله عز وجل أكرمك أي منحك أكبر عطاء أنه أوجدك، منحك نعمة الإيجاد أوجدك وأودع فيك حاجات، أودع فيك حاجة إلى الهواء، والهواء موجود بنسب رائعة لو أن هذه النسب تغيرت لاحترق كل ما في الأرض، الأوكسجين إلى الأزوت، منحك نعمة الإيجاد ومنحك نعمة الإمداد وهذا الكون سخره لك بنص قرآني:
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾
ما نوع التسخير ؟ قال تسخيران تسخير تعرف وتسخير تكريم، كل شيء في الأرض مسخر لك تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم.
من آمن و شكر الله عز وجل حقق الغاية من وجوده:
إذا قرأت كتاباً عن العسل ذابت نفسك بهذا الشراب الذي فيه شفاء للناس، وقد لا يتاح لك أن تلعق لعقة عسل واحدة لكنك إذا عرفت الله من خلال العسل حققت الهدف من العسل أنه عرفك بالله، والذي يأكل العسل ليلاً ونهاراً ولم يفكر في هذا الشراب الذي جعل الله فيه شفاء للناس عطلت أكبر هدف من خلق هذه الآية، تأكد أن أي شيء في الأرض له وظيفتان، له مهمتان، سخر لك تسخيرين تسخير تعريف وتكريم، تماماً كما لو قدم لك صديق هاتفاً فيه خصائص مذهلة من اختراعه وقدمه هدية لك أنت دون أن تشعر ينطوي قلبك على شعورين، شعور الإعجاب بهذا الاختراع وشعور الامتنان بأنه هدية، فدقق لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: نظر إلى هلال قال هلال خير ورشد.
هذا الكون مسخر لنا تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم، رد فعل التعريف أن تؤمن، ورد فعل التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت، دقق الآن حققت الهدف من وجودك فإذا حققت الهدف من وجودك توقفت المعالجات الإلهية، الآية:
﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ﴾
لأنه منحك الكون، لأنه سخر لك الكون تسخير تعريف ينبغي أن تؤمن ولأنه سخر لك الكون تسخير تكريم ينبغي أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك إذاً تنتهي المعالجات، طبيب قرر استئصال كلية قبل أن يستأصلها عمل فحصاً تعمل، ألغى العملية، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك لذلك ربك الأكرم ينبغي أن تكون قراءتك للكون قراءة شكر وعرفان.
أول قراءة قراءة بحث وإيمان، القراءة الثانية قراءة شكر وعرفان، منحك نعمة الإيجاد، منحك نعمة الإمداد، يوجد هواء، يوجد ماء عذب زلال، يوجد زوجة، يوجد أولاد، يوجد طعام، شراب، فواكه، معادن، كل شيء، لذلك القراءة الثانية قراءة شكر وعرفان، ما لم يمتلئ قلبك شكراً لله فأنت بعيد عن الإيمان.
أنواع الهدى:
1 ـ هداية المصالح:
لذلك أول كلمة في الفاتحة الحمد لله رب العالمين، منحك نعمة الإيجاد، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهدى والرشاد، أما الهدى أيها الأخوة الكرام، على أنواع أول هدى، هداك إلى مصالحك، يعني لما الإنسان تكسر يده مصممة اليد على أن تلتئم، حينما يجرح الجلد مصمم على أن يلتئم، هداك إلى مصالحك
أنت تمشي أعطاك قدمين لطيفتين لكن يقابلهم جهاز توازن لولا جهاز التوازن لما أمكنك أن تمشي على قدميك، لذلك الميت لا يقف ما في توازن، التوازن ثلاث قنوات متداخلة فيها سائل، فيها أهداب لما تميل السائل يبقى مستوياً يرتفع بمكان دون مكان، بالمكان المرتفع في أهداب يصلح الإنسان، لولا جهاز التوازن ما في إنسان يمشي على قدمين، ما في إنسان يركب دراجة.
إذاً هداك إلى مصالحك، الطعام فيه سم تتقيأه، الجرثوم دخل في جهاز مناعة، تحدثت عنه البارحة هداك إلى مصالحك، الأشياء التي تؤذي تكرهها، الأشياء التي تحبها محببة إليك تنفعك، لو أنه جعل الطعام كريهاً، لن يأكل، الطعام التفاحة مثلاً حجمها مناسب قوامها هش فيك أن تأكلها لا تحتاج إلى آلة طحن أحجار، فيها غذاء، فيها رائحة طيبة، فيها شكل جميل هداك إلى مصالحك هذا أول هدى.
2 ـ هداية الوحي
ثم هداك بالوحي، جاءك وحي من السماء، بيّن لك من أنت، أنت المخلوق الأول، لماذا خلقت ؟
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾
فأول هداية هداية المصالح، ثاني هداية هداية الوحي.
3 ـ هداية التوفيق
ثالث هداية هداية التوفيق، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾
التوفيق هداية، أنت فكرت في خلق السماوات والأرض، تمنيت أن تقدم عملاً بين يديك يمنحك المال، يمنحك القوة، تمنيت أن تكون داعية يطلق لسانك في التعريف به، منحك نعمة الإمداد.
4 ـ هداية الجنة:
آخر هداية إلى الجنة، قال تعالى:
﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) ﴾
هداك إلى مصالحك، الطفل أول ما يولد لو أنه مال يتابع الميل حتى يقع، بعد ثلاثة أشهر يكون جهاز التوازن بدأ يعمل، لو أنت ميلته يجلس، هذه هداية، هداك إلى مصالحك، أحياناً التقيؤ هو إخراج ما في المعدة يكون الطعام فاسداً، إذا في فساد الإنسان يتقيأه، إذا الجنين في تشوه يسقط، السقط هو جنين مشوه، في أشياء بالطب وأشياء بالتشريح وأشياء بالفيزيولوجية مذهلة.
السعال في أشعار هدبية بالقصبة الهوائية تتحرك نحو الأعلى باستمرار، و حتى الآن لم تنجح جراحة الرئتين لأن الذي تزرع رئته لا يسعل، و السعال أساسي في سلامة الرئة، فالسعال هداك إلى مصالحك، التقيؤ هداك إلى مصالحك، التوازن هداك إلى مصالحك، الآن أعراض الأمراض هداك إلى مصالحك، لكل داء دواء، الأمس ذكرت طبيب من إنكلترا، درس بأمريكا، عُين مع شركة عملاقة في الصين، داوى شخص ياباني، هو إنكليزي و درس بأمريكا و عمله بالصين و المريض ياباني، إذا لم يوجد بنية واحدة للبشر، بنية تشريحية واحدة و وظائف فيزيولوجية واحدة، كان لا يوجد طب، هذا التوحد، أما يا رب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع، كل إنسان له شكل وجه، له هوية، قزحيته هوية...
من عبد الله و استعان به وفقه وهداه إلى الجنة:
إذاً منحك نعمة الإيجاد، و منحك نعمة الإمداد، و منحك نعمة الهدى و الرشاد، الهدى هداك على مصالحك، و الهدى هداك إليه بالوحي، و الهدى وفقك، هداية التوفيق، و أوضح شيء:
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾
هذا معنى قوله تعالى:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾
أي لا حول يا رب عن معصيتك إلا بك، و لا قوة على طاعتك إلا بك، و إياك نعبد و إياك نستعين هذه هدى التوفيق، ثم يهديك إلى الجنة:
﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) ﴾