- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهمَّ صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
العلم :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ مُتابعةً لموضوعٍ بدأته قبل الأسبوع الماضي - قبل خطبة الحَج - موضوع العِلْم ، لأن الطريق إلى الله عزَّ وجل هي من خلال العلم ، والعلم وحده .
فالعلم أيها الأخوة ليس مقابلاً للإيمان ، فهذا الذي يتوهم أن العلم شيء ، والإيمان شيءٌ آخر وقع في وهمٍ كبير ، ليس العلم مقابلاً للإيمان ، هذا رجلٌ مؤمنٌ ، وهذا رجل عِلْم ، وكأن العلم شيء ، والإيمان شيءٌ آخر ، هذا وهمٌ كبير .
بل أيها الأخوة المؤمنون ؛ لأن هناك شرائع تَدين بها بعض الشعوب ، هذه الشرائع أيَّدت الخُرافة وحاربت العلم ، ناصَرَت الجمود والتقليد ، وقاومت التفكير الحر ، دافعت عن قُوى البغيّ ، ووقفت في وجه المظلومين ، هذه الشرائع حاربت العِلم ، لذلك نشأ تناقضٌ حاد ، ومفارقةٌ كبيرة بين الدين وبين العِلم ، بعض الجُهلاء من المسلمين نقلوا هذا التناقض إلى العالم الإسلامي ، وكأن العلم شيء ، والإيمان شيءٌ آخر ، كأن الإيمان لا يلتقي مع العلم ، كأن العلم له مجاله والإيمان له مجاله ، هذا وهمٌ كبير لا ينطلي إلا على السُذَّج من الناس .
تطابق العلم مع الإيمان تطابقاً تاماً :
أيها الأخوة الأكارم ؛ الإسلام في حقيقته لم يعْرف هذا الصراع أبداً في كل تاريخه بين العِلم والإيمان ، لا نصاً ولا روحاً ، لا من قريبٍ ولا من بعيد ، العلم يتطابق مع الإيمان في إسلامنا تطابقاً تاماً ، ما يقرُّ به العقل جاء به الدين ، ما جاء به الدين أقرَّه العقل ، هذا التطابق العجيب بين مُعْطيات العِلم الحقيقي وبين حقائق الدين هو حقيقةٌ بديهيةٌ في إسلامنا . إذاً لا معنى لهذا التناقض المَزْعوم ، ولا لهذا الوهم المُضْحِك مِنْ أنّ العلم شيء والدين شيءٌ آخر . إليكم بعض المقولات التي قيلت في بعض الشرائع ، التي نشأ فيها هذا التناقض ، يقولون : الإيمان قضيةٌ لا علاقة لها بالفِكر . الإيمان لا يدخل في دائرة العقل والعلم . ليس من شرائط العقائد أن تكون مقبولةً عقلاً بل هي شيءٌ فوق العقل . آمن ثم اعلم . اعتقد وأنت أعمى . أغمض عينيك ثم اتبعني .
هذا كلامٌ مرفوضٌ في الدين الإسلامي رَفْضَاً كُلِّيَاً ، إنما الدين هو العقل ، وإنما العقل هو الدين ، ومن لا عقل له لا دين له ، ومن لا دين له لا عقل له .
أيها الأخوة الأكارم ؛ من أجل أن تعلموا هذه الحقيقة إليكم بعض الحقائق النابعة من كلام الله عزَّ وجل ، ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم تؤكِّد تطابق الإيمان الحَق مع العِلم الصَريح .
رفض التقليد في العقيدة الإسلامية رفضاً كُلِّياً :
بادئ ذي بدء الإسلام أيها الأخوة - وأتمنى أن تكونوا معي تماماً في كل قِواكم- الإسلام يرفض التقليد في العقيدة ، أو التَبَعِيَّة ، فلا تُبْنى العقيدة لا على تقليدٍ ولا على تبعية ، فالتقليد في أصله مرفوضٌ في العقيدة ، ولو رجعتم إلى كُتب التوحيد ، لوجدتم أن الحقيقة الأولى هي أن العقيدة الصحيحة لا يمكن أن تقلِّدها ، ولا يمكن أن تأخذها اتباعاً ، ولا يمكن أن تقتبسها اقتباساً أعمى ، لابدَّ في العقيدة من التحقيق ، لابدَّ في العقيدة من البُرْهان ، لابدَّ في العقيدة من التأمُّل ، لابدَّ في العقيدة من التمحيص ، لأن عقيدة الإنسان ربَّما ترديه إلى أبد الآبدين ، وربما تسعده إلى أبد الآبدين ، أيعقل أن تؤخذ تقليداً ؟ أيعقل أن يكون رجلٌ ضال يَتْبَعه أناسٌ كثيرون على سبيل أنهم قلَّدوه ، التقليد في العقيدة مرفوضٌ رفضاً كُلِّياً في الدين الإسلامي .
أيها الأخوة الأكارم ؛ الدليل على ذلك أن الله عزَّ وجل في القرآن الكريم حينما أراد أن يُقَرِّعَ الكفار ، بماذا قرَّعهم ؟
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾
إذاً الله عزَّ وجل نَعَى عليهم تقليدَهم لآبائهم ، رفض منهم هذه المَقولة ، لم يقبل أن يقولوا :
﴿ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾
في آيةٍ أخرى يقول الله عزَّ وجل :
﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً﴾
ماذا يعني هذا ؟ يعني هذا أن حُجَّةَ الكُفار يوم القيامة أنهم أطاعوا سادتهم وكُبراءهم ، إذاً من خلال هاتَيْن الآيتين يتضح أن الإنسان لا ينجو عند الله عزَّ وجل إذا قلَّد الآخرين من دون وَعْيٍ ، من دون تفهمٍ ، من دون تبصرةٍ ، من دون إدراكٍ ، من دون حُجَّةٍ ، من دون برهانٍ .
ولا يخفى عليكم أيها الأخوة أن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أحاديثه الصحيحة يقول :
((لا يكن أحدكم إمَّعة . . .))
حديثٌ واضحٌ جداً :
((لا يكن أحدكم إمَّعة . . .))
من هو الإمعة ؟ شرح لك النبي ، يقول هذا الإمعة : أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساؤوا أسأت .
هذا هو الإمعة ، فالله سبحانه وتعالى لا في القرآن الكريم ولا في السنة المُطَهَّرة يقبل منك أن تقلِّد تقليداً أعمى ، لا يقبل منك أن تنحاز انحيازاً أعمى ، لا يقبل منك أن تقول :
﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾
العقيدة الإسلامية لا تقبل الظن بل تحتاج إلى اليَقين :
أيها الأخوة الأكارم ؛ شيءٌ آخر وخطير في العقيدة الإسلامية : أن العقيدة الإسلامية لا تقبل الظّن ، تحتاج إلى اليَقين . .
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾
آياتٌ كثيرة لا مجال إلى استقصائها تؤكِّد أنه لا يكفيك أن تعتقد ظاناً ، لا يكفيك أن تُرَجِّح ، تقول : يترجَحُ عندي ، في العقيدة يجب أن توقن يقيناً قَطْعياً ، لذلك يرفض الإسلام الظن ، حيث لا يغني الظن في شأن العقيدة شيئاً ، بل لا يفيد العقيدة إلا اليقين والعِلْم الصحيح، إليكم هذه الآيات التي تؤكِّد هذه الحقيقة الثانية :
﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾
اتباع الظن ذنبٌ كبير ، أن تبني عقيدتك على الظن . .
زعم المُنَجِّم والطبيب كلاهمـــا لا تُبـعَث الأموات قلت : إليكما
إن صحَّ قولكما فلست بخاسرٍ أو صحَّ قولي فالخسار عليكـما
* * *
هذه عقيدةٌ أساسها الظَن ، ولا يمكن لعقيدةٍ أن تُبنى على الظن . .
﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾
﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ﴾
إذاً اتبـاع الظن لا يُنَجِّي من عذاب الله عزَّ وجل .
حاجة العقيدة الإسلامية إلى الحُجَّة والبُرْهان :
التقليد لا ينجي واتباع الظن لا ينجي ، لابدَّ من يقينٍ ، ولابدَّ من بحثٍ ذاتيٍ ، وتدقيقٍ ، وتمحيصٍ ، وتأمُّلٍ ، وطلبٍ للدليل ، وطلبٍ للحُجَّةِ إلى أن تتيقَّن أن هذا هو الحق . آياتٌ أخرى تؤيِّد ما أذهب إليه :
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
أين برهانكم ؟ أين يقينكم ؟ . .
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
وإذا أردت أن تَسْتَقْصي الآيات التي تتحدَّث عن دور العِلم ، وعن دور العَقل ، وعن الدعوة إلى التفكُّر ، وعن الدعوة إلى التدبُّر ، وعن الدعوة إلى التأمُّل ، وعن الدعوة إلى النَظَر وجدت أن هذه الآيات لا تعدُّ ولا تُحصى ، حاولت مرةً أن أجمع الآيات المتعلِّقة بالعلم فوجدتها تقترب من ألف آية ، وحسبنا هذه التعقيبات التي تأتي في نهاية الآيات :
﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾
أفلا يتفكرون . .
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ﴾
﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا﴾
﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾
﴿ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
﴿ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
﴿ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
إذاً لا يُقبَل التقليد ، ولا يُقبل الظن ، بل لابدَّ من الحُجَّة والبُرْهان ، ولابدَّ من الدليل لأن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . .
((ابن عمر دينك دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا))
الدعوة إلى فَحْص هذا الدين و تَقْليب أفكاره :
شيءٌ آخر واضحٌ وضوحَ الشمس : إنها آيةٌ قرآنية تدعو الناس إلى التفكُّر ، يقول الله عزَّ وجل :
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾
أعظكم هذه المَوْعِظَة ، أعظكم بهذه النَصيحة . .
﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّه﴾
قام للأمر أيْ شَمَّرَ له ، قام للأمر أيْ استعدَّ له ، قام للأمر أي رآه أمراً خطيراً جداً ، فوقف لشدة خطورته . .
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾
دعوةٌ إلى فَحْص هذا الدين ، دعوةٌ إلى تَقْليب أفكاره ، دعوةٌ إلى مُتابعة أفكاره ، دعوةٌ إلى اليقين ، دعوةٌ إلى التأمُّل . .
أيها الأخوة الأكارم ؛ من أجل هذه الآية الكريمة ، أحد المُفَكِّرين المُسلمين ألفَّ كتاباً سمَّاه " التفكُّرُ فريضةٌ إسلاميـة " ، كما أنك مأمورٌ أن تصلي ، كما أنك مأمورٌ أن تصوم ، كما أنك مأمورٌ أن تحج البيت ، كما أنك مأمورٌ أن تؤدّي زكاة مالك ، كما أنك مأمورٌ أن تكون صادقاً ، إنك مأمورٌ أن تتفكَّر في خلق السموات والأرض ، وأن تتدبَّر في هذا القرآن الكريم ، وأن تنظر في أفعال الله جلَّ وعلا .
العقيدة الإسلامية تقوم على العِلم لا على التَسْليم الأعْمى :
أيها الأخوة الأكارم ؛ العقيدة الإسلامية تقوم على العِلم ، ولا تقوم على التَسْليم الأعْمى ، والدليل على ذلك آياتٌ كثيرة من أبرزها . .
﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
ما قال الله : قل لا إله إلا الله . ما قال الله : ردِّد لا إله إلا الله . ما قال الله : اكتب لا إله إلا الله ، بل قال :
﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
وقال أيضاً :
﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
وقال أيضاً :
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾
مأمورٌ أن تعلم ، والعِلم أن تتعرَّف إلى مقولةٍ مُطابقة للواقع بالدليل ، تعريف العلم " مقولةٌ مطابقةٌ للواقع عليها دليل " ، فإذا خالفت الواقع فهذا هو الجهل ، إذا افتقرت الحقيقة إلى دليل فهذا هو التقليد ، من هو المُقَلِّد ؟ لو قَلَّدت إنساناً مؤمناً ، ولقَّنك الحق ، ولم تأخذ عنه الدليل فأنت مقلِّد ، إذا افتقرت المقولة إلى الدليل فهذا هو التقليد ، وإذا افتقرت المقولة إلى مطابقة الواقع فهذا هو الجهل ، وإن افتقرت المقولة إلى اليقين فهذا هو الظن ، أو الشك ، أو الوهم .
أنت بين شكٍ ، ووهمٍ ، وظنٍّ ، وتقليدٍ ، وجهلٍ ، لم يبقَ إلا العلم مقولةٌ مطابقةٌ للواقع عليها دليل ، إن لم يكن الدليل فأنت في دائرة التقليد ، وإن لم يكن الواقع فأنت في دائرة الجهل ، وإن لم يكن اليقين فأنت في دائرة الشَك والوهم والظن .
الحق لا يخشى البحث ولا يتهيَّب التدقيق و التأمُّل :
أيها الأخوة الأكارم ؛ الإسلام لا يخشى البحث ؛ لأنه حقٌ من الله تعالى ، والحق من طبيعته أنه لا يخشى البحث ، دقِّق ، وحقق ، وفكِّر ، وتأمَّل ، وفي النهاية لا تجد إلا أن كل شيءٍ يؤيِّد الحق الذي جاء به القرآن ، لا تزيد الأيام الحق إلا نصاعةً ، لا تزيده إلا تألُّقاً ، لا تزيده إلا إشراقاً ، إذا كنت مع الحق فلا تخشَ المفاجآت ، لن تأتي الأيام بوقائع تناقض ما أنت عليه ، لن يزداد الحق مع ازدياد الأيام إلا ثباتاً ورسوخاً ، بعكس الباطل ، الزمن ليس في صالح الباطل ولو امتد الزمن ، ربما يأتي يوم تتهاوى أفكار الباطل ، تتهافت مبادئه ، تتهافت مُنْطَلقاته ، لكن الحق قديمٌ وأبدي ، فإذا كنت مع الحق فلا تخشَ أن تفاجأ في أحد الأيام بأن ما تعتقده كان باطلاً ، لأن الحق له ثبوتٌ وله رسوخٌ ، لا تقوى قوى الأرض مجتمعةً على أن تُزَعْزِعَهُ .
فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ الإسلام لا يخشى عواقب التفكّر ، والتأمّل ، والنظر ، لأن الإسلام حق والحق لا يخشى البحث .
دليلٌ بسيط : لو أعطيت إلى الشاري حقائق ثابتة عن هذه البضاعة ، إذا كنت واثقاً من صِحَّة هذه الحقائق تقول له : اذهب وتجول في الأسواق كلها ، واسأل من شئت ، واعرضها على من شئت . واثق . أما إذا أعطيته معلوماتٍ ليست صحيحة ، فتخشى أن يذهب إلى مكانٍ آخر ، تخشى أن يتصل بإنسانٍ آخر ، عندئذٍ تنكشف الادعاءات المزعومة ، ويتهاوى ما ذكرته له .
أيها الأخوة الأكارم ؛ هذه الحقيقةٌ ، الحق لا يخشى البحث ، ولا يتهيَّب التدقيق ، ولا التأمُّل ، والحق لا يحتاج لا إلى كذبٍ ، ولا إلى مبالغةٍ ، ولا إلى إغفالٍ . لا إغفال ، ولا مبالغة ، ولا كذب ، الحق حق ، والله هو الحق .
العلم و الدين وجهان لشيء واحد :
أيها الأخوة الأكارم ؛ مرةً ثانية : الحق هو ما أيَّده النقل ، وأقرَّه العقل ، وأكَّده الواقع ، واطمأنت إليه الفطرة ، لا يمكن للعلم أن يناقض الدين ، ولا يمكن للدين أن يناقض العلم، بل هما وجهان لشيءٍ واحد ، صحيح المنقول لا يمكن أن يناقض صريح المعقول ، إلا أن التناقض قد يقع مما يأتي ، قد يظن أناسٌ ما ليس من الدين ديناً ، وقد يظن أناسٌ ما ليس من العِلم علماً ، ليس كل ما يعتقده أهل الدين ديناً ، وليس كل نَظريات العلماء التي يتناقَلونها علماً ، الشيء الفصل والدقيق أن صحيح المنقول لا يمكن أن يناقض صريح المعقول ، الحقيقة العلمية الثابتة لا يمكن أن تناقض نصاً قطعيَّ الثبوت ، قطعيَّ الدلالة في الإسلام ، لا في الكتاب ولا في السُنَّة ، لهذا تأتي الطمأنينة ، لهذا يستقر الإنسان إلى أن ما يعتقده هو حقٌ مئةً في المئة .
أيها الأخوة الأكارم ؛ ما قولكم في أن الدين من خلال القرآن بيَّن أن العلم وحده هو طريق الإيمان ، لذلك يقول الله عزَّ وجل :
﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾
تسلسلٌ دقيـق ، تتعلَّم ، تؤمن ، يطمئن قلبك . فالحقيقة تبدأ بذهنك ، وتصل بها إلى الإيمان اليَقيني ، وبعدها تنعكس على قلبك طمأنينةً ، وراحةً ، وسكينةً ، وتوازناً ، وسعادةً . إذاً الإيمان يبدأ بالعلم وينتهي بالسعادة . .
﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾
العلم المادي :
أيها الأخوة الأكارم :
﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ﴾
ولكن وقفة قليلة عند العلم المادي الذي شاع في هذه الأيام . هذا العلم المادي المُتَعَلِّق بالمادة ، والذي يبحث عن العلاقات الثابتة بين المتغيِّرات المادية ، والذي يَهْدِف أول ما يهدف إلى استغلال الثروات ، وإلى التمكن من ثروات الطبيعة ، هذا العلم المادي على أنه قدَّم للإنسانية - في دنياها - خدماتٍ عدة ، على أنه سهَّل الحياة ، قصَّر المسافات ، ألان الحديد ، نقل الصوت إلى أرجاء المعمورة ، نقل معها الصورة ، ركب الإنسان مَتْن الريح ، وصل إلى الفضاء ، غاص في أعماق الماء ، أيْ أنَّ كل المنجزات العلمية من خلال العلوم المادية تنتهي عند الموت .
فالعلوم الماديَّة على عِظَمِ ما قدَّمته للإنسانية لا يمكن أن تقف ، أو أن تقاوم أنانية الإنسان ، ولا يمكن أن تضبط سَيْر البشر ، ولا يمكن أن تُسعد البشر . لا تقاوم أنانية الإنسان ، ولا تستطيع أن تضبط سيرهم ، ولا أن تسعدهم ، لابدَّ من العلم الدينيّ ، لابدَّ من علمٍ يسمو بالنفس ويسعدها ، ولابدَّ من علمٍ يُسْهِم في صلاح الحياة وفي رخائها .
فالعِلم المادي إذا سلَّمنا بأن له مُنْجَزاتٍ تتعلَّق بحياتنا الدنيا ، لكن العلم الديني هو الذي يقينا الزلل والخطأ ، ويقينا الشقاء ، وهو الذي ينفعنا بعد الموت . إذا كان العلم المادي ينفعنا قبل الموت ، فالعلم الديني ينفعنا قبل الموت وبعد الموت ، إذا كان العلم المادي يهيِّئ لنا راحةً ماديةً ، فإن العلم الديني يهيّئ لنا سعادةً نفسية .
أيها الأخوة الأكارم ؛ قال الله عزَّ وجل متحدثاً عن سيدنا سليمان :
﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾
أعطاه الله فهم لُغَة الطير ، سخَّر الله له الريح ، أعطاه أشياء كثيرة تُعَدُّ من الخوارق ، فهذا الإنجاز المادي الذي جعله الله في يد سيدنا سليمان قال :
﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾
في هذه الآية إشارة إلى أن المُنْجَزات المادية إن لم يرافقها علمٌ بالله ، إن لم يرافقها سياجٌ من القيَم ، تغدو سلاحاً خطيراً يُهْلِكُ الحرث والنسل ، وهذا بين أيدينا واضحٌ جداً ، التقدُّم في العلوم المادية من دون تقدم موازنٍ له في العلوم الإنسانية ؛ في علوم الدين ، في علوم تزكية النفس ، يغدو هذا العلم المادي سلاحاً خطيراً في يد الإنسان ، يدمِّر نفسه ، ويدمِّر غيره .
أحد المُفَكِّرين الغَرْبيين سُئل مرةً عن الحرب العالمية الثالثة : ما رأيك فيها هل تقع أم لا تقع ؟ وإذا وقعت ماذا سيكون ؟ فأجاب إجابةً ساخرة قال : لا أعلم عنها شيئاً ، ولكن الحرب العالمية الرابعة فيما أظن بالحجارة فقط ، معنى ذلك أن الحرب العالمية الثالثة في حد رأي هذا المفكِّر ربما دمَّرت الحياة .
أيْ أنَّ العقل وحده من دون سياجٍ من القيَم ، العلم المادي من دون علمٍ ديني ، العلم بالدنيا من دون علمٍ بالآخرة ، العلم بالمادة من دون علمٍ بالنفس يختلُّ التوازن ، وتَطْغَى قٍوى الشر ، وتدمَّر الحياة ، إذاً لابدَّ من أن تجمع بين العلم بالله ، والعلم بأمر الله ، والعلم بخلق الله .
القراءة مفتاح العلم :
أيها الأخوة الأكارم ؛ يكفينا أن الله عزَّ وجل في أول سورةٍ أنزلها على النبي صلى الله عليه وسلم قال :
﴿اقْرَأْ﴾
واقرأ مفهومٌ منها أن تَعَلَّم ، لأن القراءة مفتاح العلم ، أيْ أمرٌ من الله عزَّ وجل بطلب العلم ، ولكن ليس العلم المُطْلَق ؛ اقرأ أيّ شيء ، تعلَّم أيّ شيء ، تعلَّم لتكون غنياً ، تعلم لتتمكن من السيطرة على قوى البشر ، لا . .
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾
اقرأ من أجل أن تهتدي إلى ربك ، اقرأ من أجل أن تسمو نفسك إلى ربك ، اقرأ من أجل أن تتعرَّف إلى ربك ، اقرأ من أجل أن تصل إلى ربك . .
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾
أيها الأخوة الأكارم ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنّى على الله الأماني .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الكبد منطقة صناعية كاملة :
أيها الأخوة الأكارم ؛ لماذا نذهب بعيداً ؟ بين أيدينا جسدٌ فيه آياتٌ لا تنقضي ، فيه حقائق لا تنتهي ، فيه أدلةٌ قاطعةٌ على وجود الله ، وعلى عظمته ، وعلى وحدانيته ليس لها حدود ، أردت أن أضع بين أيديكم حقائق بسيطة يدرسها طلاب الطب في سنواتهم الأولى .
هذا الكبد الذي هو في جسد كل منا ، هذا العضو الذي لا يعلم الإنسان خطورته ، لو أنه تعطَّل ، أي أصابه تَشَمُّعٌ - كما يقولون - وكفَّ عن إنجاز وظائفه ثلاث ساعاتٍ فقط لانتهت حياة الإنسان .
الكبد أيها الأخوة ، قد تشتري من السوق الكبد ، الكبد أيها الأخوة يقوم بخمسمئة وظيفة في جسم الإنسان ، قال بعض العلماء : نحتاج إلى إنجاز هذه الوظائف في حياتنا المادية إلى منطقةٍ صناعية ، لا إلـى معملٍ واحد ، بل إلى منطقة صناعية ، إن منطقة صناعية لا تكفي للقيام بما ينجزه الكبد .
هل تصدقون أيها الأخوة أن في كبد الإنسان ما يزيد عن ثلاثمئة مليار خلية ؟ هذا الكبد الذي في جوفنا جميعاً ، فيه من الخلايا ما يزيد عن ثلاثمئة مليار خلية ، خلايا الدماغ مئة وأربعون مليارًا ، أما خلايا الكيد فثلاثمئة مليار ، وأن وزنه لا يزيد عن ألفٍ وخمسمئة غرام، أيْ كيلو ونصف .
هل تصدقون أيها الأخوة أن الكبد يتجدد تَجَدُّداً تاماً كل أربعة أشهر؟ كل أربعة أشهر كبدك جديد ، طوال العمر المديد ، وذلك لخطورته ، إن أسرع نموٍ للخلايا في جسم الإنسان خلايا الكبد ، لو جاء طبيبٌ جراح ، واستأصل بمبضعه أربعة أخماس الكبد ، لأعاد الكبد بناء نفسه في ستة عشر أسبوعاً ، بالمِبْضَع لو استأصلنا أربعة أخماس الكبد ، ثم فتحنا البطن بعد ستة عشرَ أسبوعاً لوجدنا الكبد قد أعاد بناء ذاته .
والشيء الذي لا يصدَّق أن خُمس الكبد وحده يكفي لأداء الوظائف ، لأنه ليس في خلايا الكبد تخصّص ، كل خليةٍ من خلايا الكبد تقوم بخمسمئة وظيفة ، هناك تجانس في الوظائف ، وليس هناك تَخَصُّص ، إذاً خُمس الكبد يكفي لأداء وظائفه ، وأربعة أخماس الكبد من قبيل الاحتياط ، وهذا من فضل الله علينا .
الحديث عن الكبد يطول ، أولاً : إنه مصنعٌ يُنْتِجُ مواداً كثيرة ، إنه مصنع ينتج هرمونات تحافظ على ضغط الدم في مستوى معين ، فإذا اختل الكبد ، أو تشمع اختل معه ضغط الدم . إنه يصنع بروتينات التجلُّط ، وبروتينات التميُّع ، ومن توازن التميُّع مع التجلُّط يبقى الدم سائلاً في الأوعية والشرايين ، لو زاد هرمون التجلط لأصبح الدم وحلاً ، ولمات الإنسان ، ولو زاد هرمون التميُّع لفقد الإنسان كل دمه من جرحٍ بسيط ، فمن خلال التوازن بين التميّع والتجلّط يبقى الدم بهذا الوضع الراهن .
الكبد يصنع كريات الدم الحمراء للجنين قبل أن تبدأ معامل نقي العظام .
الكبد يحول السكر الزائد إلى نشاء تمهيداً لتخزينه في الجسم . الكبد يصنع السكر الذي هو في حاجةٍ إليه من المواد الدهنية . الكبد يصنع الكولسترول ، مصنع من أعلى درجة .
والكبد يفرز في اليوم الواحد لتراً ونصف من الصفراء ، تعين على هضم المواد الدهنية وامتصاصها .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ والكبد مستودع ، يولِّد الحديد للجنين ما يكفيه مدة ستة أشهر إلى أن يأكل من الطعام الخارجي . والكبد يخزن الحديد والنحاس والفيتامينات ومصادر الطاقة . والكبد يتولَّى طرح السموم ، والتخلُّص من نتائج التمثيل الغذائي ، إذ يحوّل نتائج التمثيل الغذائي إلى حمضٍ للبول تمهيداً لطرحه في الكليتين .
والكبد يتخلَّص من زوائد الهرمونات ، هو خط دفاعٍ ضدَّ السموم ومستودعٌ ، ومصنعٌ ، ويؤدي خمسمئة وظيفة بهذه الطريقة المعجزة ، وفي كل منا كبد تحت جُنْحِهِ الأيمن .
فيا أيها الأخوة المؤمنون ؛ حينما يقول الله عزَّ وجل :
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
لو أننا أمضينا وقتاً طويلاً في درس خصائص الجسد ، وعظمة الأعضاء والأجهزة، لأخذتنا الدهشة أمام عظمة الله عزَّ وجل .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .