وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 2 - سورة لقمان - تفسير الآيات 13 - 19 الإشراك بالله ذنب لا يغفر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، في سورة لقمان، وَصِيَّة من الوصايا التي ثَبَتَتْ في القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)﴾

[ سورة لقمان ]

 أيُّها الإخوة، أوَّل فقْرةٍ في الوَصِيَّة: لا تُشْرِك بالله، هناك ذَنْبٌ يُغْفر وهو ما كان بين العبْد وربِّه، وذنب لا يُترك ما كان بيت العباد و ذنب لا يُغفَرو هو الإشراك بالله، قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا(48)﴾

 

[سورة النساء]

 لأنَّ الشرك بالله طريق مسدود، الإنسان إذا مرض واتَّجه إلى المستشفى فهناك أملٌ كبير للشفاء، أمَّا لو اتجه إلى السوق فليس فيه شيء يتعلَّق بِمَرضِهِ، فلو توجَّه الإنسان لِغَير الله تعالى لا يجد شيئًا قال تعالى:

 

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(39)﴾

 

[ سورة النور ]

 ضَرَبْتُ مثلاً فقُلْتُ لو أنَّ إنسانًا له بِحَلب مائة مليون وركِب القِطار، قد يرْتَكب عَشرات الأخطاء، وقد يكون القِطار غير مُريح، وركَّابه أغبياء، وقد يكون جائِعًا، ويجْلس في الدرجة الثالثة وهو قطَعَ في الدّرجة الأولى، هذه كُلُّها أخْطاء ولكنَّ القِطار في طريقِهِ إلى حلب وسوف تقْبِضُ هذا المبلغ، إلا أنَّ خطأً واحِدًا لا يُغْفر وهو إذا رَكِبَ قِطار درعا ‍! فهُنا غيَّر الاتِّجاه، فالقصْد من هذا المِثال ؛ إن كُنْتَ مُتَّجِهًا إلى الله فَكُلّ الأغْلاط يغْتَفِرُها الله ويُعالِجُكَ منها، أما إن أشْرَكْتَ بالله فهنا الخطأ لا يُغْتفر ! قال تعالى:

 

﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 الشيء الأوَّل بعد الإيمان بالله وعدم الإشْراك بِرُّ الوالِدَيْن ! وحرْف العَطْف يَقْتضي المُشارَكَة، فأنت لا تقول: اشتريت بيْتًا ومِلْعَقَة ! هذا كلامُ مَجانين، ولكن تقول: اِشْتَريْتُ بيتًا وأرْضًا، بيْتًا ودُكَّانًا، أو تقول: اِشْتريْتُ ملعقةً وشَوْكةً، أو صَحْنًا ومِلْعقَة، فالعَطْف يقْتضي المُشاركة، فالله عز وجل قال:

 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23)﴾

 

[سورة الإسراء]

 رفعَ الإحْسان إلى الوالدَين إلى مرْتبة الإيمان بالله فأوَّل شيء بعد الشِّرك طاعة الوالدَين، قال تعالى:

 

﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 مَن هو الموصِي ؟ هو الله، فهذه التي أمامك أُمُّك وهِيَ سببُ وُجودِكَ في الحياة، وهي التي كانت تَجوعُ لتأْكُلَ، وتسْهَر لِتَنام، وتمْرض لِتَشْفى، فَبَعْدَ أن أصْبَحْتَ قَوِيًّا وتَزَوَّجْتَ امرأةً، تراها عِبئًا عليك وتتمنَّى أن تُخْرِجَها مِن بيْتِك وتتمنَّى أن تموت، فهذا هو مُنْتهى الكُفْر لذلك العاق ليس فيه خير إطلاقًا، والإنسان لا يُشارِك العاق، فلو كان فيه الخَيْر لكان لِوَالِدَيْه.
 قال تعالى:

 

﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾

 

[ سورة لقمان ]

 هذا الطِّفْل الصغير بِحاجَة إلى كِلْس وهو لا يسأل، فإمَّا أن تأكُل أُمُّه طعامًا فيه كالسيوم، وإمَّا أن تشْرب الحليب وتأكل الجُبْن، فإذا لم تفْعَل ذلك أخَذَ مِن عظْمِها، ويكْتَمِلُ نُمُوّ الجنين على حِساب بُنْيَة أُمِّه فإن لم تأخُذ الطَّعام المُغَذِّي امْتصَّ الجنين الكِلْس الذي هو بِحاجَةٍ إليه مِن أسنانِها وعِظامِها، فالذي عندهُ زوْجة، وهي حامِل ؛ موضوع نَوْع الغِذاء مُهِمّ جدًّا، وإلا يدْفَع أربعة أمثالهِ دواء ! فالعِلْم يلْتقي مع الدِّين حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا على وَهْنٍ وفِصالُهُ عامَيْن، قال تعالى:

 

﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 هنا توجَد قاعِدة ؛ إن جاءَكَ خيْرٌ مِن إنسانٍ، فمَن الذي عليك أن تشْكُرَهُ ؟ عليك أن تَشْكُر الواحِدَ الدَّيان، وثانِيًا عليك أن تشْكُر هذا الإنسان لأنَّه مُخَيَّر، ومَن لم يشْكُر الناس لم يشْكُر الله ! هناك مَن يقول: لا فضْل لأحَدٍ عليّ إلا الله فهذا جُحود، فلا ينبغي أن تجْحَدَ أُمَّكَ وأباك، ولا أن تجْحَدَ مَن كان له فضْلٌ عليك، فلا يتناقضُ شُكْر الإنسان مع شُكْر الله تعالى، قال تعالى:

 

﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 لكنَّ الله عز وجل ما أمرَنَا أنْ نعبُدَ الوالِدَين مِن دون الله، فالآية دقيقة قال تعالى:

 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23)﴾

 

[سورة الإسراء]

 فالإحْسان للوالِدَين، والعِبادة لله تعالى أما هذا الذي يُطَلِّق زوْجَتَهُ لأنَّ أُمَّهُ أمرَتْهُ بِهذا ‍ فهذا عبدَها مِن دون الله، فلو أنَّ الزَّوْجة مُسْتقيمة وطاهِرة وعفيفة، ولكنَّ الأمّ تُريد امرأةً أخرى تفْتخِرُ بها، فإن لم يُعْجِبْها هذا الزَّواج، وأمرَتْ ابنها بِتَطْليق زوْجتِهِ، وطلَّقَها ! معنى هذا أنَّهُ عبَدَها مِن دون الله تعالى، لذلك لا طاعة لِمَخلوق في معْصِيَة الخالق، قال تعالى:

 

﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 فالأمّ والأب أحْيانًا يفْرِضان على الابن المُتَزَوِّج سُلوكًا خِلاف السنَّة، هكذا أبي يريدُ، وهكذا نشأنا، وهذه هِيَ تَرْبِيَتنا ! وكأنَّ تَرْبِيَتَهم مِن مصادِر التَّشْريع ! هناك شرْع من القرآن والسنَّة، فَكُلّ إنسانٍ ينْصاع إلى أوامِر والِدَيْهِ فيما يُغْضِبُ الله تعالى، فهذا قد أشْرَكَ وعبَدهُما مِن دون الله تعالى، والله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 قالتْ أمُّ سيِّدنا سَعْد: إمَّا أن تكْفُر بِمُحَمَّد، وإمَّا أن أدَعَ الطَّعامَ حتَّى أموت ‍‍!! خِيارٌ صَعْب، فقال لها: يا أُمِّي لو أنَّ لكِ مائة نفْسٍ فخَرَجَت واحِدَةً واحِدَة، ما كَفَرْتُ بِمُحَمَّد، فَكُلي إن شئْتِ أو لا تأْكُلي ! أمور الدِّين لا يوجد فيها مُجاملات، وأنْصاف حُلول، فإن أمرَتْكَ بِمَعْصِيَةٍ فإنَّهُ لا يُعْتَدُّ بِغَضَبِها إطْلاقًا، وكذا الأب، قال تعالى:

 

﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 أنا لا أتكلَّمُ مِن فراغ، فَعِنْدي مئات القِصص عن آباء وأُمَّهات أجْبروا أولادهم على المَعْصِيَة، فَمن انْصاع لِوَالَدْيه لِيَعْصِيَ الله تعالى فقد أشْرَكَ، وعبَدَ والِدَيه، أما بِأُمور الدنيا، أطْعِمْهُما واكْسوهما مِمَّا تكْتَسي، وأيُّ طلبٍ دُنْيَوي نَفِّذْهُ لهما، وأنت في طاعة الله، أما إذا أمراك بالمَعْصِيَة فلا طاعة لِمَخلوق في معْصِيَة الخالق.
 وبالمناسبة، أنت حينما ترْفض طَلبَهُما، لا تَكُنْ عنيفًا، فَبِكَلامٍ لطيفٍ وأنت ترْفُض طَلبَهُما، فلا تَكُن قاسِيًا معهما، صاحِبْهُما في الدنيا مَعْروفًا، ونحن عِندنا ولاء واتِّباع، قال تعالى:

 

﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 تتَّبِعُ المؤمنين وتُوالي أُمَّك وأباك، فالولاء شيء والاتِّباع شيءٌ آخر قال تعالى:

 

﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 ولاؤُكَ لله ولِرَسوله وللمؤمنين، فالأُمّ والأب لهما ولاء لِفَضْلِهما عليك أما الاتِّباع فَهُوَ لله تعالى ولِرَسولِهِ، ولِمَن أناب إلى الله تعالى، فأنت مع الله ورسوله والمؤمنين تُوالي وتتَّبِعُ، ومعك الوالِدَين ولاءٌ دون اتِّباع.
 الآن تَوحيد وإحْسانٌ للوالِدَين، والآن علاقات عامَّة ؛ قال تعالى:

 

﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(16)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 جاء أحد الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلَّم وقال له: عِظْني ولا تُطِل ! فقال له:

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه(8) ﴾

[سورة الزلزلة]

 فقال عليه الصلاة أو لسلام فقُهَ الرَّجُل ! قال تعالى:

 

﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(16)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 كُلّ شيءٍ مُسَجَّل عليك، لن تسْتطيع أن تُقْبِلَ على الله، ولا أن تُحْسِنَ إلى والِدَيْك، ولا أن تسْتقيم مع الخَلق إلا إذا اتَّصَلْتَ بالله، قال تعالى:

 

﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 الأمْر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فريضة سادِسَة، صَوم وصلاة وحج وزكاة وشَهادة، والأمْر بالمعروف والنَّهي عن المنكر إحْدى فرائِض الإسلام، ونحن ما كُنَّا خَيْر أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس إلا بالأمْر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، أما إذا ترَكْنا الأمْر بالمعروف والنَّهي عن المنكر اسْتَحَقَّيْنا غضب الله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(104)﴾

 

[سورة آل عمران]

 قال تعالى:

 

﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾

 

[ سورة لقمان ]

 طبْعًا هناك مُعالَجات والمُعالجات الإلهِيَّة تقْتضي الألَمَ أحْيانًا، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 أما الذي يُبْعِدُك عن الله، ويقْطعك منه تعالى هو الكِبْرُ قال تعالى:

 

﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 فَمَن فَرِحَ بالدنيا كان عقْلُهُ مَحْدودًا، قال تعالى:

 

﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾

 

[ سورة لقمان ]

 في حركَتِكَ، وفي نُزْهَتِكَ وعملكَ، ووظيفَتِكَ، وتِجارَتِك، وفي إقامَتِك اقْصِدِ في كلّ هذه رِضاء الله قال تعالى:

 

﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)﴾

 

[ سورة لقمان ]

 تواضَع للخَلْق.
 أيها الإخوة الكِرام، هذه الوَصِيَّة جمَعَتْ أطراف الدِّين مِن تَوْحيد وبِرُّ الوالدَين، والاسْتِقامة مع الخلق، والاتِّصال بالحق، ثمَّ بيَّنَتْ الحُجُب مِن كِبْر وفرحٍ، وهذان يحْجُبان عن الحقيقة.
 أيها الإخوة الكرام، نسأل الله أن ينْفعَنا بِهذا الكتاب الكريم، ولكنَّ لي سؤال: أعْتَقِد أنَّهُ مِن عامَيْن نُدَرِّس تفْسير كتاب الله، وقد اقْترح عليَّ أخ أن نُدَرِّس الحديث الصحيح المُبيِّن لِكِتاب الله، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ))

 

[ رواه الترمذي ]

 وسَنَشْرعُ بِبَيان السنَّة المُطَهَّرة المُبيِّنة والمُوضِّحة لِكتاب الله.

 

تحميل النص

إخفاء الصور