وضع داكن
26-04-2024
Logo
الخطبة : 0373 - غض البصر - علاقة ألوان البشر بالميلانين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ، ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ، ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر ، اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الأمر و النهي في القرآن الكريم :

 أيها الأخوة المؤمنون ، آيةٌ قرآنيّة من آيات سورة النور وهي قوله تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة النور: 30]

 أيها الأخوة الأكارم ؛ الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم أمَرَ بِأشياء ، ونهى عن أشياء ، وسكَتَ عن أشياء ، فالذي أمرَ به على مُسْتويات ، منه ما هو أمْرُ وُجوب ، وهو الفرْض ، ومنه ما هو أمْرُ ندْب ، وهو السنّة ، والذي نهى عنه منه ما نهى عنه نَهْيَ تحريم ، وهو الحرام ، ومنه ما نهى عنه نهْيَ كراهة .
 فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ الذي افْترضَهُ الله علينا من أوامره ، تتوقَّفُ عليه سعادتنا في الدنيا والآخرة ، والذي نهانا عنه يقودُنا إلى الهلاك في الدنيا والآخرة ، والذي سكَتَ عنه لا يتعلّق بِمُهِمَّة النفس ، ولا برِسالتها ، ولا بِسَعادتها ، فالذي أمَرَ به لا بدّ من أن نأتَمِرَ به ، والذي نهى عنه لا بدّ من أن ننْتهي عنه ، والذي سكَتَ عنه فَلِحِكمةٍ بالغة سكَتَ عنه ، قال تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾

[ سورة المائدة : 101]

الحكمة من غضّ البصر :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ ما دام قد جاءَ نهْيٌ في القرآن في كلامه عن النَّظَر فهناك أخطارٌ جسيمة ، وهناك حِكَمٌ بالغة ، قال تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 وردَ في أسباب نُزول هذه الآية أنَّ رجلاً على عهْد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مرَّ في طريقٍ من طُرُقات المدينة ، فنَظَرَ إلى امرأةٍ ، ونظرَتْ إليه ، فَوَسْوَسَ لهما الشيطان أنَّه لمْ ينْظُر أحدهما إلى الآخر إلا إعْجابًا به ، فبيْنَما الرجل يمْشي إلى جنْب الحائط ، وهو ينْظر إلى المرأة إذْ اسْتَقْبَلَهُ الحائط فشقّ أنفهُ ، فقال هذا الرّجل : والله لا أغسل الدّم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأُخبرُه أمري ، فأتاهُ فقصَّ عليه قصَّتهُ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : هذه عُقوبة ذنْبِكَ ، وبعدها أنْزَلَ الله قوله تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة النور: 30]

 أيها الأخوة الأكارم ؛ مُباحٌ أن تنظُر إلى ورْدَةٍ جميلةٍ ، وأن تُمْتِعَ بها عَيْنَيْك ، مُباحٌ أن تنظرَ إلى شجرة باسقة ، نَظِرَة اللّون تُمَتِّعُ بها عَيْنَيْك ، مُباحٌ أن تنظر إلى مَنظرٍ طَبيعيّ خلاَّبٍ تُمَتِّعُ به عَيْنَيك ، ولكنّ النَّظَر إلى هذه الأشياء الجميلة ، التي أوْدَعَها الله مَسْحةً من جمالِهِ شيء ، والنَّظَر إلى امرأة لا تَحِلّ لك شيءٌ آخر . إنَّك إن نظرْت إلى غزالٍ وهو متناسقُ الخطوط ، وله لوْنٌ زاهٍ ، قريبٌ من لون الذَّهب ، إنَّك لا تشتهي أنْ تضمّه ، لمْ يودِع فيك غريزة الاقتراب من هذا الغزال ، ولكنّك إذا نظرْتَ إلى امرأةٍ الموضوع موضوعٌ آخر ، فهذا الذي يدَّعي أنَّه ينْظر ليرى آيات الله في خلقِهِ هذه وسْوسةٌ من الشيطان ، لأنّ الله هو الخالق ، وهو الحكيم ، وهو الخبير ، قال :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 أباح لك أن تنظر إلى كلّ المخلوقات ، وقد أوْدَعَ فيها مسْحةً من جماله ، ولمْ يُبِحْ لك أن تنظرَ إلى ما حرَّمَ الله عليك ، لأنّ هذا النَّظر ينتهي إلى الزنا ، وينتهي إلى اختِلاط الأنْساب ، وينتهي إلى تقْويض الأسرة ، وينتهي إلى ضياع المجتمع ، وينتهي إلى الخِيانة ، وينتهي إلى الشّقاء الزّوجي .

 

إطلاق البصر يفسد حياة المؤمن :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ لأنّ إطلاق البصَر فيما حرَّم الله عنه يُفْسِدُ حياة المؤمن ، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله أثابه ايماناً يجد حلاوته في قلبه ))

[الحاكم عن حذيفة ]

 أدقّ ما في الحديث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام وصَفَ السَّهم بأنَّه مَسْموم ، و أنّ النَّظْرة سهْمٌ فقط ، هذا السّهْم إذا انْطَلَقَ ، وغابَ في طرفٍ من أطراف الجِسْم فإنّه يجْرحُ المكان الذي غابَ فيه ، ولكنّ السَّهم المسموم يسْري السمّ في الجسد كلّه ، فيفْسُد الجسد كلّه ، وتفْسُد الحياة كلّها .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ حينما وصف النبي عليه الصلاة والسلام النَّظْرة بأنها سهْمٌ مسموم ، بِمَعنى من نظرَ إلى النّساء الأجنبيّات اللاتي لا يَحِلّ للرّجل أن ينْظر إليهنّ ، إنّ هذه النَّظْرة تُفْسِدُ حياة الإنسان ، وتفْسِدُ حياتهُ الزَّوْجِيّة ، وتُفْسِدُ حياتهُ في عمله ، وتُفْسِدُ طاقاته ، وتفْسِدُ انطلاقهُ .

 

المعاني التي تنطوي عليها كلمة من في قوله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ شيءٌ آخر في هذه الآية ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى أمرَ بِغَضّ البصَر قبل أن يأْمُر بِحِفْظ الفرْج ، قال تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 اسْتنْبطَ العلماء أنّ حِفْظ الفرْج أساسهُ غضّ البصر ، أو أنّ غضّ البصَر طريقٌ إلى حِفْظ الفرْج ، ولكن ماذا تعني كلمة مِنْ في قوله تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 قال علماء التفسير : هذه الكلِمَة ؛ مِنْ تعني التَّبْعيض ، أي الله سبحانه وتعالى ما أمركَ أن تغضّ البصر عن كلّ النّساء ، بل أمركَ أن تغضّ البصَر عن بعض النّساء ، وهنّ الأجنبيّات اللاتي لا يحْللْن لك أن تنظر إليهنّ ، لك أن تنظرَ إلى زوجتك ، وإلى أخْتِكَ ، وإلى أمّك ، وإلى ابْنَتِكَ ، وإلى بنْـت أخيك ، وإلى بنْت أختك ، وإلى عمّتك ، وإلى خالتك ، فهذه المِنْ تعني التبعيض ، قال تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 وهناك معْنى آخر من معاني مِنْ ، المعنى الآخر هو أنّك إذا نظرْت إلى المحارم اللائي يحِللن لك أن تنظر إليهنّ لا ينبغي أن تُدَقِّقَ في التفاصيل ، ولا ينبغي أنْ تُحَمْلِقَ فيهنّ ، ولا ينبغي أن تنظر نظْرة رِيبَةٍ ، اُنْظر إليهنّ ولكن من دون تَدقيق ، ومن دون تأكيد ، ومن دون حمْلقَةٍ ، ومن دون نيّة لا تُرضي الله عز وجل ، حتى إذا سُمِحَ لك أن تنظر إلى أختك ، وإلى أمّك ، وإلى ابنة أخيك ، وإلى ابنة أختك ، وإلى عمّتك ، وإلى خالتك ، عدا زوْجتك ، قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 المعنى الثالث ، هو أنَّك إذا واجهْتَ امرأةً في منعطف ، وقد لَمَحْتها عن غيرِ قصْدٍ فَغُضّ من بصرِك ، أي مباشرةً غضّ بصركَ عنها ، لأنّ الأولى كما قال عليه الصلاة والسلام لكَ ، والثانيَة عليك ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :

((سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَأَمَرَنِي فَقَالَ : اصْرِفْ بَصَرَكَ))

[أحمد عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

 مِنْ هذه تتعلّق بها أحكامٌ ثلاثة ، الحُكْم الأوّل غضّ بصرك عن النّساء اللائي لا يحلّ لك أن تنْظر إليهنّ ، لك أن تنظر إلى محارمك ، وإلى زوجتك ، وليس لك أن تنظر إلى ما سِوَى ذلك ، والمعنى الثاني إنَّك إذا نظرْت إلى محارمِكَ ، ينبغي أن تنظر نظرة إجماليّة ، من دون تدقيق ، ولا حَمْلقةٍ ، ولا تفصيلٍ ، وينبغي للمرأة التي جعلها الله محْرمًا ، أن تخرجَ أمامك بِثِياب الخِدمة ، ومعنى ثياب الخدمة ، ألا تكشف عمّا يجبُ أن يُسْتر حتى عن محارم الله .

 

غض البصر أزكى للقلب و أطهر للنفس :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ قلْ للمؤمنين يغضّوا ، اسْتنبطَ العلماء من فِعْل يغضُّوا وهو مضارع ، وهو أقربُ الأفعال إلى الاسْتَمرار ، الفعل الماضي مضى ، والأمْر لم يقَع بعدُ ، يقعُ بعد الطَّلَب ، ولكن الفعل المضارع يُسايِرُ الزَّمن الحاضر ، وهو أقربُ إلى الاسم من أيّ فعْلٍ آخر ، إذًا يجبُ أن يكون غضّ البصر مسْتمرًّا .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول الله عز وجل :

﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾

[ سورة النور: 30]

 معنى أزْكَى ، أيْ إنْ توهَّمْتَ أنَّ في هذا النَّظَر إلى المرأة الأجنبيّة مغْنَمٌ أو مُتْعةٌ فأنت واهِم ، إنّ زكاتَكَ في غضّ البصر ، وإنّ طُهْر قلبك في غضّ البصر ، وإنّ سعادتك في غضّ البصَر ، ويكفيك أنّ الله رافِعَ السماء بلا عمَد ، خالقَ الإنسان ، صانِعَ الإنسان ينْصحُكَ ، ويؤكِّدُ لك أنّك إذا غضَضْتَ بصرَكَ عن محارم الله فهو أزكى لقلبِكَ ، وأطْهرُ لنفْسِكَ .
أيها الأخوة الأكارم ؛ قال الله تعالى :

﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾

[ سورة طه : 123]

 بِمُجَرَّد أنَّك آمنْتَ بالله عز وجل يجبُ أن تنفّذ أمْرهُ ، لذلك يُخاطَبُ الناس عادةً بِكُلّيات الدِّين ، وبِأُصول الدِّين ، ويُخاطب المؤمنين عادةً بِفُروع الدِّين ، ما دُمْتَ أنَّك آمنْت أنّ لهذا الكون خالقًا عظيمًا ، وربًّا كريماً ، ومُسيِّرًا حكيمًا ، وأنّ هذا القرآن كلامُه ، وأنّ هذا النبي رسوله ، إذا آمنْتَ كذلك وجَبَ أن تلتفتَ إلى فُروع الدِّين ، إلى الأوامر التفصيليّة ، إلى المنهج التفصيلي ، إلى تعليمات الصانع ، مادُمْتَ قد اعْترفْت به صانعًا ، واعْتَرَفْتَ به خالقًا ، واعْترفْت به عليمًا ، هذا أمرُهُ ، لذلك ربّنا سبحانه وتعالى يقول :

﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾

[ سورة النور: 30]

أزكى لنفوسنا وأطهر لها .
 ويا أيها الأخوة الأكارم ؛ يجب أن تعلم علْم اليقين أنَّ التكليف الذي كُلِّفَهُ الإنسان فيه كُلْفةً ، فيه معارضةٌ لِطَبيعة النّفس ، فيه تَوجيهٌ لِمَا لا تحبّ أن تتوجَّه إليه ، هذا الجسَد يميلُ بِطَبْعِهِ إلى النَّظر ، وقد أُمِرْتَ أن تغضّ البصر إذًا أنت ترقى بِغَضّ البصر .

 

غضّ البصَر عبادةٌ تؤكّد إخلاص الإنسان لله عز وجل :

 شيءٌ آخر أيها الأخوة دقيق جدًّا ، هذا الشيء الآخر هو أنّ القوانين تُحَرّم السرقة ، وأنّ الأدْيان تحرّم السّرقة ، فمَن ترك السّرقة لا ندري أهُوَ خوْفٌ من العِقاب الدُّنْيَوي الذي يفرضُه أولو الأمْر أم هو خَوْفٌ من الله عز وجل ومن عِقابهِ الأخرَوِي الذي توعَّدَ الله به ؟ شاءَتْ حِكمة الله أن تتَّفقَ بعض المحرمات في دينه مع بعض المحرّمات في القوانين الوضعيّة، فإذا امْتَنَع الإنسان عن أن يأخذ ما ليس له ، لا ندري أَهُوَ خوْفٌ من الله وطاعةٌ له وعبادة له أم هو خوْفٌ من عِقابٍ ينْزلهُ واضع القانون لهذا الإنسان ؟ وشاءَتْ حِكمة الله أيضًا أن تفترق بعض أوامر الشّرع عن الأوامر الوَضْعيّة ، فغضّ البصر مثلاً ليس في قوانين الأرْض كلّها قانون ينْهى عن النَّظر إلى النِّساء ، بل في القرآن نهْيٌ واضِحٌ بآيةٍ قَطْعيّة الدلالة فإذا غضضْت بصرك عن النّساء فلْتَعْلم علْم اليقين أنّ هذا نابِعٌ من إيمانك بوُجود الله تعالى ، ومن إيمانك بأنّه يعلم ، وبإيمانك أنَّه سَيُحاسِب ، وإذا غضضْتَ بصرك عن محارم الله فهذا يؤكّد إخلاصكَ في طاعته لأنّ أحدًا لا يكشفُ ذلك ، إذًا غضّ البصَر من العبادات التي تؤكِّد إيمانك بالله ، وإيمانك بعِلْمِهِ ، وإيمانك بِجَزائِهِ ، وغضّ البصَر عبادةٌ تؤكّد إخلاصكَ لله عز وجل .

 

الشّهوة التي أوْدَعَها الله في الإنسان يرقى بها مرَّتين :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ ما من شهْوةٍ أوْدَعَها الله في الإنسان إلا وَجَعَلَ لها قناةً نظيفةً تفرّغ فيها ، وحينما أوْدَعَ الله في الرّجال حبّ النّساء سمَح لهم بالزواج ، والزواج هو القناة الوحيدة التي يمكن أن تفرّغ هذه الشّهوة من خلالها ، فلذلك ليس في الإسلام انْحِرافٌ أبدًا ، هذه الشّهوة لها طريق واحد ، وليس طريقان .
 أيها الأخوة الكرام ؛ الشّهوة التي أوْدَعَها الله في الإنسان يرقى بها مرَّتين ؛ يرْقى بها حينما يغضّ بصرَهُ صابرًا ، ويرقى بها حينما يكْرمهُ الله بامرأةٍ صالحة تسرّه إن نظر إليها ، وتحفظُه إن غاب عنها ، وتُطيعُهُ إن أمرها ، يرقى هنا شاكرًا .
 إذاً أيّ شهوةٍ أودَعَها الله في الإنسان يرقى بها إلى الله مرَّتين ، مرَّة حينما تنتهي حينما نهاك الله ، ومرّة حينما تأْتَمِر بما أمرك الله ، مرَّةً ترتقي بها صابرًا ، ومرّة ترقى بها شاكرًا، إذًا الشّهوة قوّة محرّكة إلى الله ، فإن لم تكن كما أراد الله انْقلبَت إلى قوّة مدمّرة .
 أيّها الأخوة الأكارم ؛ ليس مبالغة أن أقول : إنّ سِرّ السعادة الزّوْجِيّة في غضّ البصر ، إنّ غضّ البصر يُعَدُّ سببًا علميًّا للسعادة الزوجيّة ، وسببًا توْفيقيًّا ، فأنْ يكون غضّ البصر سببًا علْميًّا ، إنَّك إن غضضْتَ بصرك عمَّا سوى زوْجتك ازْداد حبّك لها ، وتعلّقك بها ، وإنَّك إنْ أطْلقْت البصَر ، وتشعَّبَتْ بك الأهواء ، واسْتقرّ بصرُك عند غير زوجتك ، أصبح البيتُ جحيمًا لا يُطاق ، وهناك سببٌ توفيقي ، هو أنّك إن غضضْتَ بصرَك خلقَ الله لك حلاوةً ، عرفها من ذاقها ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الحاكم :

((النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله أثابه ايماناً يجد حلاوته في قلبه ))

[الحاكم عن حذيفة ]

 والنَّظْرة سهمٌ مسموم من سِهام إبليس ، فمن تركها خوفًا من الله عز وجل أبْدَلَهُ إيمانًا يجدُ حلاوتهُ في قلبه .

 

الله وحْدهُ يعلم خائنة الأعْيُن :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ قال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾

[ سورة النور: 30]

 هو وحْدهُ يعلم خائنة الأعْيُن ، هو وحْدهُ يعلمُ لماذا نظرْت ، وإلى أين نظرْتَ ، وأوْضَحُ مثلٍ على ذلك الطبيب ، حينما سمَحَ له الشّرْع أن ينظر إلى بعض أعضاء المرأة ، لكنّ الله وحدهُ ، وليس إلا الله يعْلمُ خائنة عيْنِهِ ، فهل نظر إلى المكان الذي ينبغي أن ينظر إليه أم زاغ البصر إلى مكانٍ آخر ؟ هذا معنى قول الله عز وجل :

﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾

[ سورة النور: 30]

 أيْ هذه النَّظْرة يعلمُ الله ما مُؤدَّاها ، وما وراءها ، وما تنْطوي عليه .

 

عظمة الشّرْع لا تتبدَّى للمؤمنين إلا إذا طبّقوه :

 شيءٌ آخر ، أنَّه تنتهي آيات غضّ البصر وآيات إبداء الزّينة بقوله تعالى :

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾

[ سورة النور: 31]

 يُستنبطُ من هذه الآية أنَّ عظمة الشّرْع لا تتبدَّى للمؤمنين إلا إذا طبّقه جميع المؤمنين ، أي إذا لم تبْد نساء المؤمنين من زينتهنّ إلا ما سمح الله أن تُبْدي ، وحينما يطبّق المؤمنون أمْرَ الله بِغَضّ البصر ، يعيشُ المجتمع الإسلامي عندئذٍ حياةً وادعةً هادئةً خاليَةً من كلّ منغّصٍ ، ومن كلّ اضْطرابٍ ، ومن كلّ كبْتٍ ، ومن كلّ شُعورٍ بالحِرمان ، إذًا إذا طبَّقْت الدِّين وحدك تقطفُ ثماره ، ولكن ثماره اليانعة التي تأخذ طابعًا جماعيًّا هذه لا تُقطف إلا إذا طبَّق المجتمع كلّه أمر الله عز وجل ، واجْتنبَ المجتمع كلّه نواهيَ الله عز وجل ، وهذا من قوله تعالى :

﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾

[ سورة النور: 31]

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ الله سبحانه وتعالى - كما يقول العارفون - لا يُجرّب ، ولا يُشارَط ، ولكن الإنسان إذا ألْزَمَ نفْسَهُ أن يطبّق هذه الآية لاشكّ أنَّه سيَجِدُ حلاوةً في قلبه ، ولا شكّ أنَّه سيَجِدُ سعادةً في بيتِهِ ، ولا شكّ في أنّه سيَجِدُ ثمنها مَقْبوضًا في يده ، إذًا حينما يأمرك الله عز وجل فاعْلَم علْم اليقين أنّ سعادتك تتوقّف على هذا الأمر ، وحينما ينْهاك الله عز وجل اعْلم علم اليقين أنّ الهلاك كلّه في هذا الأمْر ، وهذا معنى قول العلماء : هذا فرْضٌ واجب، لا تقوم السعادة التي خلقْت من أجلها إلا عليك ، فإذا رأيْت في القرآن الكريم أمْرًا ، أو رأيْتَ في القرآن الكريم نهيًا ، فهذا شيءٌ خطير مصيريّ يتعلّق بسَعادتك في الدنيا وفي الآخرة .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ أوامر الله عز وجل ، بل إنّ حقائق الدِّين لنْ تضَعَ يدَكَ عليها ، ولن تقطِفَ ثِمارها إلا بالتطبيق ، فلذلك العلم ما عُمِلَ به ، فإن لم يُعْمَل به كان إلى الجهل أقرب .
 أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطّى غيرنا إلينا ، فلنتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأمانيّ ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

علاقة ألوان البشر بالميلانين :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم :

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾

[ سورة الروم : 22]

 نقف وقْفةً سريعة عند قوله تعالى :

﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾

  يقول العلماء أيها الأخوة : إنّ في أدَمَةِ الجِلْد خلايا عنكبوتيّة تمْتدّ على جوانبها زوائد رقيقة ، يصِلُ عدد هذه الخلايا في كلّ بوصَةٍ مربّعة إلى ستِّين ألف خليّة ، في كلّ بوصةٍ مربّعة من أدمة جلد الإنسان خلايا عنكبوتيّة ، تمْتدّ في أدمة الجلد بِعَدد يفوق ستِّين ألف خليّة في البوصة الواحدة . ولا اختلاف في عدد الخلايا بين أبْيضَ وأسْوَد ، إنّ عدد الخلايا في الإنسان الأبْيَض ، والإنسان المُلوَّن عدد ثابتٌ ، ولكنّ اختلاف التلوين في كثافة المادّة الملوّنة ، وهذه المادّة الملوّنة اسمها الميلانين .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ بين إنسانٍ فاقِعِ اللّون ، وإنسانٍ داكن اللّون فرْقٌ في هذه المادّة الملوّنة لا يزيدُ عن واحد غرام ، الشيءُ الذي يُلفِتُ النَّظَر أنّ هذه الخلايا تتناقص بِمُعدّل عشرة إلى عشرين في المئة كلّ عشر سنوات ، لذلك يميلُ جلد الإنسان مع تقدّم العمر إلى أن يصبِحَ أكثر نصاعةً ، وأكثر بياضًا ، ولكن هذا لا يَعْنينَا ، ما الذي يَعْنينَا ؟ يعنينا أنّ ترسّب هذه المادّة الملوّنة في الخلايا العنكبوتيّة التي تحت أدمة الجلد ، والتي يزيدُ عددها في البوصة المربّعة الواحدة عن ستِّين ألفاً ، تُحَدِّدُها المورّثات في نويّة الخليّة .
 ولكن ما العلاقة وما تفسير أنّ الشّعوب التي تعيشُ في خطّ الاسْتِواء ألْوانها داكنة ، وأنّ الشّعوب التي تعيشُ في قطب الكرة الشمالي أو الجنوبي ألوانها فاقعة ؟ هنا حِكمة الله عز وجل .
 قيل أيها الأخوة إنّ المادّة الداكِنَة من خصائصها أنّها تمْتصّ الأشِعّة فوق البنفْسَجِيّة الضارّة ، ولأنّ أشعّة الشمس في خطّ الاستِواء عموديّة وشديدة كانت الشعوب في هذه المنطقة ذات ألوان داكنة . والآن إلى الآيات الكريمة ، قال تعالى :

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾

[ سورة الروم : 22]

 إنّ اختلاف ألـوان البشر آية دالّة على عظمة الله عز وجل ، وينبغي أن نُدَقِّقَ فيها ، وأن نقف عندها ، وأن نبْحث عن السّر الذي تنْطوي عليه ، إنَّك إن نظرْت بِعَيْنِكَ إلى وُجوه الناس ، لا ترى إنسانًا له لونٌ كلوْن الآخرين ، إنَّك لو صوَّرْتهم بآلةٍ لوجَدْت أنّ اللّون موحَّدٌ تقريبًا ، بينما إذا نظرْت بِعَيْنِكَ إليهم لرأيْت كلّ إنسان له لونٌ خاصّ ، بل إنّ العين البشريّة كما تعرفون تفرّق بين ثمانمئة ألف لونٍ أخضر ‍‍‍!! إذًا دِقَّة العين تفرّق بين دِقّة الدّرجات في التّلوين .

 

لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى :

 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ :

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى))

[أحمد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ]

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ))

[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 البيــت مال ، والمركبة مال :

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ))

[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 فلمّا قال أحدُ الأصحاب لِسيّدنا بِلال : يا بن السَّوْداء ، فغضب عليه الصلاة والسلام ، وقال :

((إنّك امرؤٌ فيك جاهليّة))

[ متفق عليه عن الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ]

 فلمْ يرْض هذا الصحابي إلا أنْ يضعَ خدّه على الأرض ليطأهُ بلال بقدمِهِ ، ولمّا جاء سيّدنا الصدّيق ليَشْتريَ بلالاً من سيّده ، قال سيّده صفوان بن أُميّة : والله لو دفعْتَ به درْهمًا واحدًا ، لَبِعْتُكَهُ ! فقال أبو بكر رضي الله عنه : والله لو طلبْت مئة ألف درهم لأعْطَيْتُكَها، فلمّا أخذهُ وضعَ يدهُ تحت إبْطِهِ إشعارًا بالأخوة الإسلاميّة وقال : هذا أخي حقًّا ، وكان أصحابُ رسول الله إذا ذكروا سيّدنا الصّديق قالوا : هو سيّدُنا وأعْتَقَ سيِّدَنا ، يعْنون به بلالاً . إذًا الإسلام سوَّى بين البشر ، الحديث :

((لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا أسود على أبيض ، ولا لأبيض عل أسود إلا بالتقوى ، الناس من آدم وآدم من تراب))

[رواه ابن النجار عن أبي سعيد]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور