وضع داكن
23-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 362 - الساعة البيولوجية .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

إليكم ما اكتشفه العلماء:

أيها الأخوة الكرام, اكتشف أحد العلماء الفرنسيين أن في مقدور النبات حساب الزمن, إذ أن بعض أوراق بعض النباتات تؤدي حركات معينة في وقت محدد من اليوم، إذاً: هذا النبات عنده ما يسميه العلماء: ساعة بيولوجية، تحسب له الزمن.

واكتشف العلماء أيضاً أن في الحيوان ما يشبه ما في النبات، فهناك حيوانات تعرف بدقة بالغة مرور الزمن، فتتجه إلى مكان سباتها في الشتاء، لو تأخرت قليلاً لماتت، لو بكرت أو تأخرت لماتت، بحساب دقيق تؤوي بعض الحيوانات إلى أوكارها, لترقد طيلة فصل الشتاء, ولولا أنها تعرف كيف يمر الزمن لما أمكنها ذلك، قال تعالى:

﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾

[سورة طه الآية: 49-50]

إليكم تفسير هذه الظاهرة العجيبة والغريبة في جسم الإنسان:

أيها الأخوة, لكن الحديث عن الإنسان، وفي الإنسان ساعة بيولوجية مدهشة، أنت بقواك الإدراكية تعرف أن اليوم نهار، والليل ليل، هذا في القوة الإدراكية، أما الأجهزة المعقدة في الجسم, والغدد الصماء كيف تعرف أن هذا الوقت نهار، من أجل أن تضع برنامج خاص للنهار؟ هذا ما يسميه العلماء: بالساعة البيولوجية.
في جسم الإنسان إحساس بالزمن غير القوة الإدراكية، غير العقل في جسم الإنسان، يعني في خلاياه، في أجهزته إحساس بالزمن، لأن خمسين وظيفة حيوية تتعاقب بحسب الليل والنهار.

بعض العلماء فسر هذه الظاهرة بالشكل التالي: أن سقوط الضوء فوق الشبكية، ينتقل بوساطة سيالات عصبية عبر أعصاب البصر إلى الغدة النخامية، وهي ملكة الغدد، والتي تؤمن التكامل والتكيف بين وظائف الأجهزة الداخلية، والنشاط العام للجسم يرتبط بالغدة الدرقية، فالغدة الدرقية التي فيها الاستقلاب, تحول الغذاء إلى طاقة، فهذا الغذاء يتحول إلى طاقة عالية في النهار، وطاقة متدنية في الليل مع الغدة النخامية تتأثر بالزمن، بل هناك ساعة تحسب تعاقب الليل والنهار.
أوضح شيء في جسم الإنسان؛ أن كميات الهرمونات في الدم تتبدل من النور إلى الظلام, الهرمونات لها نسب في الليل، ولها نسب في النهار, لأن الله جعل النهار معاشاً وجعل الليل لباساً، هذا التبدل يحدد مستوى حيوية وظائف الجسم التي تزداد نهاراً، وتتدنى ليلاً، فالحرارة مثلاً تصل في الجسم الإنساني إلى أدنى مستوى خلال الليل، وتأخذ بالارتفاع إلى أقصى درجة في الساعة السادسة صباحاً، والنبض يتبدل، نبض القلب يتبدل من الليل إلى النهار، والضغط الشرياني يتبدل من الليل إلى النهار، والضغط التنفسي يتبدل من الليل إلى النهار.

قال العلماء: مع الاستيقاظ تتراكم في الدم مادة تؤدي إلى تسارع النبض, وارتفاع ضغط الدم، وهذا يؤدي إلى نشاط الجسم، لذلك هناك عند معظم الناس ذروتان للعمل؛ من التاسعة حتى الثانية عشرة ظهراً, ومن الرابعة حتى السادسة، في هذه الساعات التي هي ذروة النشاط تزداد قدرة الحواس الخمس، ويُنصح ببذل الجهد في هاتين الذروتين والخلود إلى الراحة في أوقات انخفاض مستوى النشاط البشري، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا))

ما تفعله في النهار لن تستطيع أن تفعله في الليل.
قال بعض العلماء: هذا الذي يعمل ليلاً ونهاراً بنوبات سريعة, هذا تضطرب عنده الساعة البيولوجية في جسمه، والمعدة تكون قدراتها الإفرازية، وقدراتها على هضم الطعام قليلة أثناء الليل.

اكتشف العلماء مرضاً عند رجال الأعمال، هؤلاء الذين يتنقلون سريعاً من مدينة إلى أخرى، هؤلاء الذين يتنقلون بهذه السرعة تضطرب عندهم الساعة البيولوجية، هذا من أدق صنعة الله عز وجل:

﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾

[سورة النمل الآية: 88]

عندك ساعة، تبرمج الهرمونات، والنبض، والضغط، والحرارة, والقدرة على الهضم، وهذه الساعة تدرك إذا كنت في النهار أم في الليل دون أن يكون لها علاقة بقوتك الإدراكية، هذا صنع الله الذي أتقن كل شيء, قال تعالى:

﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 20-21]

الدعاء:

اللهمَّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا, اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر, مولانا رب العالمين.
اللهمَّ اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بفعل المسيئين يا رب العالمين, اسق عبادك العطشى يا رب العالمين، اسقنا سُقيا رحمة ولا تجعلها سقيا عذاب يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنه على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

تحميل النص

إخفاء الصور