- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (066) سورة التحريم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
اللهم.. لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
الآية الخامسة من سورة التحريم وهي قوله تعالى:
﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)﴾
أولاً:
هذه الآيات تشير إليها آية كريمة وهي قوله تعالى:
﴿وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ﴾
﴿ يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ﴾
لمجرد أن تتأفف، أو أن تستعلي، يستبدل الله إنسان آخر بك غيرك، ثم لا يكون هذا مثلك، هي قاعدة.
فالإنسان يجب أن يشعر إن الله سبحان وتعالى متفضل عليه بهذا الدين، متفضل عليه بهذه الطاعة، متفضل عليه بهذا الهدى، أما إذا منى على الله أنه مسلم، أو أنه مؤمن، عندئذ يستبدل الله إنسان غيره ثم لا يكون مثله.
نساء النبي عليه الصلاة والسلام ورضوان الله عليهم أجمعين.
﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ﴾
الآن، صفات المرأة الصالحة، في آية تقول:
﴿ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ﴾
يعني أدنى شيء يشير في المرأة إلى أنها مسلمة حجابها، أدنى شيء، كما لو رأيت طالباً يرتدي بدلة الفتوة، تقول هذا طالب، قد يكون مطرود من كل المدارس، قد يكون نال الأصفار كلها في كل المواد، لكن يرتدي هذه البدلة، إذاً هو طالب، فالمرأة التي تتحجب لا يكفي حجابها، ليعبر عن تدينها، قال:
﴿مُسْلِمَاتٍ﴾
والمسلمة هي التي خضعت لأمر الله، الله عز وجل له منهج أمرٌ ونهيٌ فالمسلم الذي انصاع لأمر الله، انصاعت جوارحه لأوامر الله، أما المؤمن هو الذي أقبل على الله، صدق كتابه وأقبل عليه الإيمان تصديق وإقبال، والكفر إعراض ومعصية، تكذيب وإعراض فالإسلام طابعه عملي، والإيمان طابعه نفسي، الإسلام طاعة والإيمان إقبال، اتصال بالله.
﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾
يعني في أمر الله ونهيه، في الحلال والحرام، هذه المرأة منصاعة لأمر الله، إذاً هي مسلمة، طبعاً نشأ الآن مفهوم جديد للإسلام، أن إنسان مكتوب بالهوية مسلم، يعني ولدان في بيئة مسلمة ولدان ببلاد مسلمين، وليس فيه من الإسلام شيء، هذا تقيم جديد، إذا ما في شيء من الإسلام إطلاقاً ليس مسلماً، أما بالمفهوم المعاصر كل من ولد من أبويين مسلمين فهو مسلم، وقد يكون ملحداً، أما الإسلام في القرآن، يعني الانصياع لأمر الله عز وجل.
﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾
الإسلام انصياع ظاهري، انصياع الجوارح والأعضاء لأمر الله ونيهه فغض البصر من الإسلام، النطق بالحق من الإسلام الصدق من الإسلام ، الأمانة من الإسلام، حفظ الفرج من الإسلام تحرير الدخل من المال الحرام من الإسلام، النظر في ملكوت السماوات و الأرض من الإسلام، قل انظروا، في أمر لأنه، فأي أمراً في القرآن يقتضي الوجوب، فالذي انصاع لأمر الله هو عند الله مسلم، أما الذي أقبل عليه، وأتصل به، وسعد بقربه، هذا مؤمن فالإيمان طابعه نفسي، والإسلام طابعه مادي، الإسلام انصياع الجوارح والأعضاء، والإيمان إقبال القلب على الله.
﴿ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾
﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ﴾
القنوت هو الطاعة المستمرة، يعني في أشخاص لهم فورات يعني قد يسير في طريق الإيمان أسبوع أسبوعين شهر ثم يعود إلى ما كان عليه، ليس هذا هو القنوت، القنوت الخضوع المستمر لله، هي قضية مصير، هو عاهد الله على ألا يعصيه إطلاقاً، هي قضية مصير، والإنسان أحياناً يذهب إلى بيت الله الحرام ويقبل الحجر الأسود، ويقول له عهداً يا ربي على طاعتك، اللهم إيماناً بكتابك وتصديقاً لنبيك، وعهداً على طاعتك، والله عز وجل قال:
﴿ وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ﴾
فالإنسان إذا عاهد الله عز وجل ينبغي أن يكون عند عهده، أخ كريم مقيم ببلد غربي يعمل طبيب، متفوق جداً في جراحة العظام أمض ستة وعشرين سنة في هذا البلد الغربي، وهو من أعلى مستوى في الجراحة، وله ثروة طائلة وله مكانة حميدة، وله وله، قال لي أجريت عملية تركيب مفصل، شعرت بتعب قليل، أجرى عملية ثانية لامرأة تبديل مفصل شعر بتعب أشد، أجرى الثالثة شعر بتعب شديد ذهب إلى البيت شعر أن مركبته تميل نحو اليمين، ظن أن في مركبته خللاً، وصل إلى البيت، سألته زوجته ما لك، قال مالي، ليس بي شيء قالت أنظر إلى وجهك، نظر إلى وجهه فإذا هو متورم، فعلم أنها خثره بالدماغ، جلط بالدماغ، أستدع أحد أقاربه طبيب قلب فعرف أنها خثره بالدماغ، قال لي أخذوني إلى المستشفى، في المستشفى ساءت حالتي، شلت يدي ورجلي، وذهب صوتي، قال لي والله أصابني من الألم ما لا يوصف، شعرت بالإحباط وأنا في قمة نجاحي، وأنا في قمة عطائي، وأنا بهذه الحالة الراقية، مكانة، وعلم وثروة، وكل شيء، قال لي أصابني ألم لا يوصف، ضيق، هكذا حالتي أصبحت، طريح الفراش، على كرسي، قال لي في الليل هكذا قال لي، نظرت إلى النافذة فإذا في السماء القمر، قال أقسم بالله وهو صادق، وكأنني أرى الله، ألم يقل النبي الكريم، اعبدوا الله كأنك تراه، قال كأنني أرى الله، ناجيته، قلت يا رب، إن أردت أن ابقى هكذا، فأمتني، وإن أردت أن أعيش فداوني، عالجني، وبكى، الذي أذكره من قصته، أن ما من خلية في جسمه، إلا ناجت ربها، قال لي بعد ساعة أو ساعتين منتصف الليل، قمت من فراشي، كأنني شفيت أمسك الدرابزين بالمستشفى فاندفعت ممرضة وقالت له مجنون يا دكتور أنت، أنت مشلول، قال لها ما بي شيء، أقسم بالله من هذا التاريخ إلى الآن هو في أتم الصحة، أما عاهد الله، قال له والله يا رب لن أعصيك حتى الموت، وسأكون في خدمة عبادك، عاهد الله، إذا واحد منا عاهد الله عهد موثق، الله عز وجل لن يضيعه، يعني مرض خطير، قد يجعل الإنسان مشلول قعيد الفراش، على كرسي طوال حياته، يتنهى دوره المهني، يصبح عاجز، عبئ على الناس، في ساعة إخلاص، صدق، وتوجه وعهد، قال لي والله شفيت تماماً وإلى الآن، أما الآن يسعى جهده إلى خدمة الخلق إكراماً لله عز وجل على هذا العهد، لو كل واحد منا عاهد الله عز وجل ألا يعصيه، ألا يأكل مالاً حرام، ألا يسئ لخلقه يعني هذا الشيء يبعث بالنفس التفاؤل.
﴿ قَانِتَاتٍ﴾
يعني طاعة دائمة، مو طاعة نوبية، تحت الفرش يا كريم نفق.. ما عاد له علاقة مع الله عز وجل، هي مشهوره عند العوام يذكر الله والفرش فوق رأسه والبضاعة كاسدة، فإذا نفقت، ينسى الله عز وجل، كل إنسان عند الشدة يسأل الله لكن بطولتك أن تسأله وأنت صحيح، وأنت معافى، وأنت غني، وأنت قوي وأنت في أوجه نجاحك، وأنت في أوجه عطائك.
﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ﴾
التوبة النصوح، التوبة التي لا تجرح بمعصية، يعني عقد العزم للمستقبل واصلح الماضي، وأقلع من توه، الحاضر إقلاع عن الذنب، والمستقبل عزيمة والماضي ندم وتوبة وإصلاح.
﴿ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ﴾
خاضعات لأمر الله، مع المحبة، لا يسمى عابداً من أطاع الله ولم يحبه، كم أنه تحب ولا تطعه هذا مستحيل.
تعصي الله وأنت تظهر حبه ذاك في المقال شــــــــــنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب يطيع
﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ﴾
سياحة يعني ؟ قال العلماء:
مهاجرات، يعني تركن بلدهن إلى الله ورسوله
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمري ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
﴿ سَائِحَاتٍ﴾
يعني مهاجرات كما قال بعض العلماء.
﴿ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)﴾
فهذا ، هي صفات المرأة المؤمنة.
﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)﴾
والإنسان لا يسعد بزوجته إلا إذا كانت هكذا، والأزواج مقصرون كثيراً في توجيه زوجاتهم إلى الله، بل إنك لن تسعد بزوجتك إلا إذا عرفت الله، لأنها إذا عرفت الله عز وجل عرفت حقك عليها، إن عرفت الله ربت أولادها، إن عرفت الله عز وجل قامت بحقك الذي عليها، ثم يقول الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾
هذه إلى الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..