وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 4 - سورة التحريم - تفسير الآيتان 10 - 11 ، ولا تزر وازرة وزر أخرى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية العاشرة والتي بعدها من سورة التحريم وهي قوله تعالى:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)﴾

هذه الآية أيها الأخوة:
 تبين أنه ولا تزر وازرة وزر أخرى، أي الوازرة النفس لا تحمل حمل غيرها، كل إنسان محاسب عن عمله، مسؤول عن خطئه من أشد العلاقات متانةً، من أشد اللقاءات قوةً الزوج وزوجته، ومع ذلك الزوج نبي والزوجة لم تؤمن بدعوة النبي، فزوجها، وأقرب الناس إليها، وأشد الناس قرباً منها لا يستطيع أن يمنعها من عذاب الله عز وجل.
 من هنا قال عليه الصلاة والسلام يخاطب فاطمة حبيبته: يقول فاطمة بضعة مني من أكرمها فقد أكرمني، ومن أبغضها فقد أبغضني قال لها يا فاطمة بنت محمد، لو أنه قال يا فاطمة يكفي، يا فاطمة بنت محمد: يعني أبوك محمد، أنا لا أغني عنك من الله شيئاً، يا عباس عم رسول الله، أنا لا أغني عنك من الله شيئاً، لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه يعني كل إنسان وحده محاسب عن أعماله كلها، ولا يتحمل إنسان حمل آخر.

﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾

( سورة الزمر: 7 )

وربنا عز وجل ضرب أمثلة كثيرة لكن هذا من أبلغ الأمثلة يعني ما من علاقة بين اثنين أكثر التصاقاً وقوةً ومتانةً من الزوجين يعني اندماج تقريباً ومع ذلك الزوج نبي والزوجة كافرة، لا يستطيع النبي أن يحول بينها وبين العذاب.
 لو أن الإنسان له أب صالح، بقلك أنا أبي صالح، خير إن شاء الله، لو كان أبوك نبي لا تنجو من عذاب الله، أنا من بيت فلان خير إن شاء الله، لو أن هذه أرقى أسرة في الشام ولم تكن مستقيماً لا تنجو من عذاب الله، فأي اعتزاز بالقرابة، بالنسب، بالعائلة، كلام فارغ.

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾

 الكافر مهما كان علاقته بالمؤمن لن تكون كعلاقة زوجة بزوجها، مرفوعة الكلفة كلياً، لن تكون أفضى إليها وأفضت إليه ومع ذلك هذه العلاقة الحميمة جداً لا تمنع عنها العذاب إن لم تكن مؤمنةً.

 

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾

 طبعاً من الثابت والمؤكد أن هذه خيانة دعوة، وليست خيانة فراش، خيانة دعوة، لا خيانة فراش.

 

 

﴿ فَخَانَتَاهُمَا﴾

 

 أي لم تؤمنا بدعوتهما، لم تؤمنا لهما.

﴿ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)﴾

لذلك:
 عليه الصلاة والسلام قال: سلمان منا آل البيت، سلمان الفارسي قال: سلمان منا آل البيت، والقرآن يقول:

﴿ تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب ﴾

( سورة المسد: 1ـ 2 )

 هذه الآية تقطع أي أمل، وأي وهم، وأي تعلق خرافي، أنه أنا منسوب، أنا من الأشراف، أنا من بيت فلان، أنا والدي فلان مهما يكن أبوك، لا ينفعك إلا عملك، فهذه امرأة نوح، وامرأة لوط كانتا كافرتين، وزوجاهما نبيان، ومع ذلك لم يمنعان عنهما عذاب النار.

 

﴿ وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)﴾

 معنى ذلك ؛ المرأة مسؤولة عن إيمانها، مستقلة بهذه المسئولية عن زوجها هذا أول نسب، الزوج نبي، والزوجة كافرة، هذه العلاقة الحميمة، الوطيدة المتينة التي أفضى بها إليها، وأفضت بها إليه لم تمنع عنها العذاب.
بالمقابل:

 

 

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾

يعني لماذا اختار الله السيدة آسيا وهي واحدة من أربع نساء كملن قال عليه الصلاة والسلام: كمل من الرجال الكثير ولم يكمل من النساء إلا أربع:
السيدة خديجة.. السيدة فاطمة.. السيدة مريم.. السيدة آسيا امرأة فرعون.
 ما الحكمة من جعل هذه المرأة الصديقة، صديقة النساء زوجة أكفر كفار الأرض، بالعكس، يعني المرأة مستقلة بإيمانها عن زوجها ولا يقبل منها عذر أن زوجها كافر، الآن معظم النساء، المسلمات المقصرات، المتبذلات، ماذا يقلن لك إذا عاتبتهن، هيك بدو زوجي إن شاء الله برقبته، لا مو برقبته، برقبتك، هيك بدو زوجي، هذا الكلام عند الله غير مقبول، والدليل مهما كان زوجها قوي الشخصية ليس كفرعون، مهما كان زوجها صعب ليس كفرعون، فرعون قال أنا ربكم الأعلى، فرعون ذبح بني إسرائيل، واستحي نسائهم، جبار مجرم، طاغية، ولم يستطيع أن يحمل امرأته على دينه.

 

 

﴿ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)﴾

 فأقرب علاقة بين اثنين علاقة الزوج بزوجته، فزوجة كافرة وزوجها نبي وزوجة صديقة وزوجها كافر، بعكس بعضهم، لا استطاع النبي أن يحمي امرأته الكافرة من عذاب النار، ولا استطاع فرعون أن يحمل زوجته على دينه الوثني الملخص أنه:

 

 

﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾

الملخص:
أن كل إنسان محاسب عن عمله، دون أن يكون لأحد علاقة بهذه المحاسبة، الحجة هكذا.
 البارحة يعني أخ كريم قال لي أن فلان معه فتوى، يعني أكل الربا على أساس فتوى، في مفتي في مصر أفتى بالربا، قلت له أيهما أعظم قيمة فتوى مفتي مصر أم فتوى رسول الله، لو أنك انتزعت من فم رسول الله فتوى لصالحك ببيان ناصع، وحجة قوية، وطلاقة لسان وانتزعت منه فتوى من فمه الشريف وهو سيد الخلق وحبيب الحق وهو المعصوم الذي يوحي إليه، ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله.
لقول النبي عليه الصلاة والسلام: لعل أحدكم ألحن بحجته من الآخر فإذا قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقضي له بقطعة من النار.
احفظوا هذه النصوص الأربعة:

 

 

﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)﴾

واحفظوا معها الحديثين:
يا فاطمة بنت محمد يا عباس عم رسول الله أنقذا نفسيكما من النار، أنا لا أغني عنكما من الله شيئاً، لا يأتين الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم.
واحفظوا معها هاتين الآيتين، وهذا الحديث: لعل أحدكما ألحن بحجته من الآخر فإذا قضيت له بشيء فإنما أقضي له بقطعة من النار.
 لذلك لا تتعلق بفتوى، استفتي قلبك وإن أفتاك المفتون وأفتوك لا تتعلق بأب صالح، ولا بأسرة راقية، ولا بانتساب إلى أمة محمد نحن أمة محمد مرحومة، هكذا يقول المسلمون وهم ينغمسون بالملذات والمعاصي، إن لم تكن مستجيباً لرسول الله بدعوته فأنت من أمة التبليغ، لا من أمة التشريف.
العلماء قسموا أمة محمد إلى قسمين، أمة التشريف، وأمة التبليغ، فالذي استجاب لرسول الله من أمة التشريف.

 

 

﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ﴾

 

( سورة آل عمران: 110 )

 فعلة هذه الخيرية أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر.
لذلك:

 

﴿ خير أمة أخرجت للناس ﴾

 فإن لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر، ولم تؤمنوا بالله فأنتم من أمة التبليغ، وهذه الأمة ليس لها أية ميزة على الإطلاق استأنسوا بقول الله عز وجل:

 

 

﴿وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ﴾

 

( سورة المائدة: 18 )

 قال لهم كذبتم.

 

﴿ قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق ﴾

أنتم من هؤلاء الناس، إذا هان أمر الله عليكم هنتم على الله طبعاً المسلمون يعذبون أحياناً، في ضعف، في تفرق، في تشتت في تشرذم، في خصومات داخلية، بأسهم بينهم، متخلفون، أمرهم ليس بيدهم، مقهورون، لأن أمر الله هان عليكم فهنتم على الله.
 أنا ركبت طائرة من دمشق إلى أبو ظبي، وشركة خليجية أثناء الطيران وزع الخمر، طيب من بلد مسلم إلى بلد مسلم والشركة خليجية، من الخليج وزع الخمر، ونحن في الجو عددت الذين لم يشربوا فقط، لا الذين شربوا، الذين لم يشربوا عددتهم قلة، قلائل فكيف ننتظر نصر الله عز وجل ؟ ونحن في الجو يشربوا المسلمون الخمر، لو شركة أجنبية ما في مانع، شركة خليجية، الطيران الخليج ومن عاصمة إسلامية إلى عاصمة إسلامية، والركاب يشربون الخمر فكيف ننتظر أن ينصرنا الله عز وجل ؟
لذلك: أمة محمد عليه الصلاة والسلام إن لم تستجب لله ورسوله فهي أمة التبليغ، ولا قيمة لها عند الله بشيء، هي كأية أمة أخرى.

 

 

﴿ بل أنتم بشر ممن خلق ﴾

 أما الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر هؤلاء من أمة التشريف، هؤلاء من خير أمة أخرجت للناس.
آيات اليوم:

 

 

﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾

 

( سورة المدثر: 38 )

وأقوى علاقة بين إنسانين لا تشفع لأحدهما عند الآخر، هذا ملخص الآيات.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور