- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
لكلّ وقت عمله ولكلّ عمل وقته :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ لا زلنا في موضوع الوقت ، وهو موضوع من أخطر الموضوعات ، لأن الإنسان كما أقول لكم دائماً بضعة أيام ، كلما انقضى منه يوم انقضى بضع منه .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ في خطب الوقت السابقة تحدثنا عن عناية الإسلام قرآنِه وسنتِهِ بالوقت ، وأن شعائر الإسلام تؤكد قيمة الوقت ، وتحدثنا عن سرعة انقضاء الوقت ، وتحدثنا عن أن الوقت إذا مضى لا يعود ، ولا يعوض ، وتحدثنا عن أن الوقت أثمن ما يملكه الإنسان على الإطلاق ، وتحدثنا عن أن المؤمن يغتنم الوقت ، ويبادر فيه إلى العمل الصالح ، وتحدثنا عن تنظيم الوقت ، هذه الموضوعات كلها مرت في الخطب السابقة ، واليوم الحديث عن أن لكل وقت عمله ، ولكل عمل وقته .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ ينبغي للمؤمن أن يعرف ما يتطلبه الوقت ، من عمل القلب ، وعمل اللسان ، وعمل الجوارح ، هذا الوقت الذي أنا فيه ، ما ينبغي لي أن أفعله من عمل اللسان ، من عمل القلب ، من عمل الجوارح ، المؤمن يتحرى أن يتكلم ، وأن يعمل ، وأن يشعر في الوقت المناسب الشعور المناسب ، والنطق المناسب ، والعمل المناسب .
لذلك يبحث في سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، يبحث ماذا كان يفعل ؟ في هذا الموقف ماذا كان يقول ؟ في هذه المشكلة ماذا كان ينطق ؟ في هذا الوضع بماذا كان يشعر ؟ في هذه المناسبة ماذا كان يعمل ؟ لكل وقت عمله ، ولكل عمل وقته ، هذا الموضوع دقيق يجب أن يعيه المسلم وعياً تاماً .
سيدنا الصديق حبيب النبي عليه الصلاة والسلام ، كما قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام :
((لو وُزن إيمان الأمة بإيمان أبي بكر لرَجَح إيمان أبي بكر))
هذا الصحابي الجليل حينما أوصى لسيدنا عمر بالخلافة أوصاه بالوصية التالية قال له : يا عمر اعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وأن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار.
لكل وقت عمله ، ولكل عمل وقته ، القصة التي تعرفونها جميعاً كيف أن رسول عامله على أذربيجان ، وأذربيجان في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تابعة لخلافته في المدينة المنورة . رسول عامله على أذربيجان وصل المدينة في منتصف الليل فكره أن يطرق باب أمير المؤمنين في هذا الوقت المتأخر ، توجه إلى المسجد ، وفيه سمع صوتًا يناجي ربه ، يقول : يا رب هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي أما رددتها فأعاتبها أو فأعزيها ؟ فقال هذا الرسول : من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا عمر ، خشي أن يطرق بابه ليلاً فإذا هو بالمسجد يصلي قيام الليل ، قال : يا أمير المؤمنين ألا تنام الليل ؟ قال : إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي ، وإن نمت نهاري أضعت رعيتي . إن لله عملاً بالليل لا يقبل بالنهار ، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبل بالليل ، لكل وقت عمله ، لكل عمل وقته ، أصحاب النبي عليهم رضوان الله كانوا فرسانًا في النهار ، رهبانًا في الليل .
سيدنا عمر رضي الله عنه رأى رجلاً لا يعمل ، ولكنه يقرأ القرآن قال : إنما أنزل هذا القرآن لتعمل به ، اقرأه بالليل ، واعمل به بالنهار ، أفاتخذت قراءته عملاً ؟ يبدو أنه اقتدى بالنبي عليه الصلاة والسلام حينما رأى رجلاً في النهار يصلي في غير الصلوات المكتوبة ، ولا يعمل ، فأراد النبي أن يعلمنا درس بليغاً ، قال : من يطعمك أيها الشاب ؟ فقال: أخي ، قال : أخوك أعبد منك ، أخوك الذي يعمل أعبد منك ، إن لله عملاً بالليل لا يقبل بالنهار، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبل بالليل .
الوقت شيء مهم جداً في حياة الإنسان :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛
ليس المهم أن يعمل الإنسان كل شيء في أي وقت ، هذا الإنسان الضائع ، هذا الإنسان الجاهل ، هذا الإنسان غير المنضبط ، يعمل على سجيته ، يعمل ما تمليه عليه مصلحته ، ما يمليه عليه الهوى ، هذا الوقت وقت عبادة ، هذا الوقت وقت صلاة الجمعة ، لا وقت النزهة ، هذا الوقت وقت الصلاة المكتوبة ، هذا الوقت وقت أن تجلس مع الأهل ، هذا الذي يفعل ما يشاء في أي وقت شاء ، هذا إنسان متفلت من منهج الله عز وجل ، غير منضبط ، أنت عبد لله ، وقد جاءك من الله خطاب ، هذا الخطاب أمرك بأشياء، ونهاك عن أشياء ، إنها منهج يجب أن تستقيم عليه .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ ألا ترون معي أن الصلاة لها علاقة بالوقت ؟
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾
ألا ترون معي أن الصيام له علاقة بالوقت ؟
﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾
ألا ترون معي أن الحج متعلق بالوقت ؟
﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾
ألا ترون معي أن الزكاة متعلقة بالوقت ؟
﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾
الصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة كلها مرتبطة بالوقت ، إذاً الوقت شيء مهم جداً في حياة الإنسان .
أوقات العبد أربعة :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ قال أحد العارفين : أوقات العبد أربعة ، معنى أوقات هنا في قول أحد العارفين أي أحواله ، أي جاءته مصيبة في هذا الوقت ، فهذا وقت مصيبة ، جاءته نعمة في هذا الوقت ، فهذا وقت نعمة ، زلة قدمه في هذا الوقت ، فهذا وقت معصية ، فعل الطاعات في هذا الوقت ، هذا وقت طاعة . قال أحد العارفين : أوقات العبد أربعة ، لا خامس لها ، النعمة ، والبلية ، والطاعة ، والمعصية ، فمن كان في وقت الطاعة فعليه أن يشهد فضل الله عليه إذا أعانه عليها .
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
إذا كنت في طاعة إياك أن تزكي ، إياك أن تقول : أنا لي إرادة قوية ، الله سبحانه وتعالى تفضل عليك ، وأعانك على نفسك ، ولو شاء لضعف مقاومتك فانهارت قواك ، وزلت قدمك ، ووقعت في المعصية ، إذا كنت في طاعة ، وإذا كنت في مسجد ، وإذا كنت في صلاة ، وإذا صمت رمضان ، وإذا حججت البيت ، وإذا أديت زكاة مالك ، وإذا غضضت بصرك ، وإذا تحريت الحلال ، وإذا أنفقت المال في وجوهه ، اسجد لله سجود الشكر على أن وفقك لطاعته . والآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تؤكد هذا المعنى ، وإذا كنت في نعمة ، جاءك خبر سار ، جاءتك نتيجة تحليل ابنك الطبي سارةً اسجد سجود الشكر ، إذا كنت في طاعة فاشهد لله المنة والفضل ، وإذا كنت في نعمة فاسجد لله سجود الشكر ، هو الذي حفظك ، هو الذي حفظ أهلك ، هو الذي حفظ أولادك .
أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه ؟ قال : يا رب لم أنفق منه شيئاً على أحد مخافة الفقر على أولادي من بعدي ، فقال الله له : ألم تعلم بأني أنا الرزاق ذو القوة المتين ، إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم . والعبد الآخر قال : يا عبدي أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه ؟قال يا ربي أنفقته على كل محتاج مسكين ، لثقتي بأنك خيرٌ حافظاً ، وأنت أرحم الراحمين . قال : يا عبدي أنا الحافظ لأولادك من بعدك ، إذا كنت في طاعة فاشهد لله المنة والفضل ، وإذا كنـت في نعمة فتذكر المنعم ، من هو الكافر ؟ الكافر يتمتع بالنعمة كما يتمتع بها المؤمن ، ولكن البون شاسع ، الكافر يتمتع بالنعمة ، ولا يرى المنعم ، لكن المؤمن يتمتع بالنعمة ويرى من خلالها المنعم ، الكافر مع النعمة والمؤمن مع المنعم ، وبون شاسع بينهما هذه الحالة الثانية .
إذا كنت في طاعة اشهد لله المنة والفضل ، وإذا كنت في نعمة فاسلك سبيل الشكر ، وإذا كنت في معصية فلا تقنط من رحمة الله ، اتلُ قوله تعالى :
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾
لو جئتني بملء الأرض خطايا غفرتها لـك ولا أبالي ، تذكر قول بعضهم : الصلحة بلمحة ، تذكر أن العبد العاصي إذا رجع إلى الله عز وجل ناد مناد في السموات والأرض أن هنؤوا فلانًا فقد اصطلح مع الله عز وجل ، تذكر هذا كله .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ والحالة الرابعة : وإذا كنت في بلية لا سمح الله ولا قدر جاءك خبر لا ترضى عنه ، جاءك خبر سيئ ، اعتلت صحة الإنسان ، فقد جزءًا من ماله ، أصاب أهله بعض مكروه ، إذا كنت في بلية فتذكر أنها بلية من الابتلاء ، أنت في امتحان ، فإذا قلت : الحمد لله رب العالمين فقد نجحت ، والله سبحانه وتعالى بيده كل شيء ، يبدل ويغير، ينسيك هذه البلية لمجرد أن تحمد الله عليها .
لسيدنا عمر هذه الكلمة التي لا أشبع من تردادها ، كان إذا أصابته مصبية قال كرم الله وجهه : " الحمد لله ثلاثاً ، الحمد لله إذ لم تكن في ديني " .
إذا لم تخرق قواعد الشرع ، أنت في خير ، لم تقع في معصية أنت في خير ، لم تأكل مالاً حراماً أنت في خير ، لم تطلق بصرك في الحرام أنت في خير ، لم تفعل كبيرة أنت في خير ، أنت في خير ما دمت مستقيماً ، ولو ألمت بك الملامات ، " الحمد لله إذ لم تكن في ديني ، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها ، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها" ، هذا شأن المؤمن أيها الأخوة ، أتريدون على هذه النقاط دليلاً من كتاب الله ؟ هذا قول أحد العارفين ، وكل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه ، إلا صاحب هذه القبة الخضراء قول أحد العارفين دليل من كتاب الله في موضوع الطاعة قال تعالى :
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
إذا كنت في طاعة فافرح ، لأنه كفاك نصراً على عدوك أنه في معصية الله .
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
وفي آية أخرى :
﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
المسافة الشاسعة بين طاعة الله و بين معصيته :
ثمة شيء أحبّ أن أضعه بين أيديكم ، أن تقول شيئاً ، وأن تعيشه مسافة شاسعة بينهما ، أن تقول : ألف مليون ، هذه كلمة يقولها أي فقير ، وأن تملك هذا المبلغ مسافة كبيرةٌ جداً جداً بين أن تلفظ هذه الكلمة ، وبين أن تملكها ، بين أن تقول : رضيت بالله رباً ، وبين أن ترضى به فعلاً ، بين أن تقول كما يقول عامة المسلمين : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأنت تغلي من شدة الندم ، وأنت تغلي من شدة الألم ، وبين أن تقولها وأنت في مستواها ، لذلك من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي أفضل منه فقد حقر ما عظم الله عز وجل ، لذلك قال الله عز وجل :
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾
فإذا كنت في طاعة الله وترى أنك محروم ، إنك لا تعرف الله عز وجل .
إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق وحبيب الحق ، سيد ولد آدم ، كان إذا أراد أن يصلي صلاة الليل رفعت السيدة عائشة رجليها ، لأن غرفته لا تتسع لصلاته ونومها .
من أنت ومن أنا إذا كان هذا مقام النبي ؟ الدنيا جيفة طلابها كلابها ، الدنيا دار من لا دار له ، ولها يسعى من لا عقل له ، يكفي أنها فانية ، يكفي أنها زائلة ، لو أنك ملكت كل شيء ، لا بد من أن تفقد كل شيء في ثانية واحدة ، يكفي أن يستريح هذا القلب عن النبض، فإذا الأشياء كلها ليست لك ، وإذا أنـت تحت أطباق الثرى ، هكذا الحياة ، فلذلك التعلق بالدنيا نوع من الغباء ، تعلق برحمة الله ، اغتنم هذا الوقت للعمل الصالح ، هذا في الطاعة ، أما في النعمة :
﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾
فكانت تعظم عند النبي عليه الصلاة والسلام النعمة مهما دقت ، إذا شربت كأس ماء ، وهذا الطريق سالك ، شربته وأخرجته فأنت في نعمة كبرى ، الكليتان تعملان بانتظام ، إذا أكلت الطعام الذي خلقه الله لك فأنت في نعمة كبرى ، هناك من يضع السيروم في وريده ، إذا كنت تمشي على قدميك فهذه نعمة لا تقدر بثمن ، إذا كان عقلك في رأسك ، هذه نعمة لا تقدر بثمن ، إذا متعك الله بسمعك وبصرك ، متعك الله بلسان طليق ، متعك الله بنظافة أخلاقية ، أنت في نعم لا تعد ولا تحصى ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ))
وأما في المعصية فتذكر قول الله عز وجل :
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾
إن أرجى آية في كتاب الله هذه الآية ، ليس الخطاب لهؤلاء العصاة ، لا ، الخطاب لمن أسرفوا في المعصية ، لمن فعلوا كل معصية :
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
مالك بن دينار ، كان من قطاع الطريق ، جاءته طفلة صغيرة جميلة ، توفيت في أجمل أوقات حياتها ، رأى في المنام تنيناً يتبعه ، وقد امتلأ قبله فزعاً ، هو يركض والتنين يتبعه، إلى أن رأى ابنته المتوفاة على رابية ، فعملت هكذا فوقف التنين ، قال : من أنت ؟ قالت: أنا عملك الصالح يا أبي ، قال : وما هذا التنين ؟ قالت : هذا عملك السيئ ، فتاب من توه ، وصار من كبار العارفين . الباب مفتوح ، ما دام القلب ينبض فالباب مفتوح على مصراعيه لا لأن تنجو ، لا لأن تكون مؤمناً ، لأن تكون عارفاً بالله ، لأن تكون من كبار المؤمنين ، وأما في البلية فتذكر قوله تعالى :
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ ورد في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول - هذا حديث دقيق جداً تعرفونه أيضاً - :
(( عجبا لأمـر المؤمن ! إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحـد إلا للمؤمِنْ ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ))
في كلا الحالين لأن اليد واحدة ، ربما كان المنع عطاءً ، وربما كان العطاء منعاً، ربما منعك فأعطاك ، وربما أعطاك فمنعك ، والله هذه الآية وحدها ، والله الذي لا إله إلا هو لو أن هذه الآية وعيناها وعقلناها لذابت مشكلتنا ذوباً .
﴿أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
هو الخبير ، هو الرحيم ، هو الحكيم ، العادل ، هو الرب .
تحري الأوقات التي ميزها الله عز وجل بخصائص روحيّة :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ المؤمن عليه أن يتحرى الأوقات الفاضلة ، هناك أوقات فضلها الله على أوقات ، هكذا ، هو رب العالمين ، فعلى المسلم أن يتحرى الأوقات التي ميزها الله عز وجل بخصائص روحية خاصة ، فضلها على غيرها ، والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام ، فيما رواه الطبراني قال :
((إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا له))
هناك نفحات ، هذا التخصيص من شأن الإله وحده ، هو خصص بعض الأوقات ببعض الميزات ، فأنت كمسلم وكمؤمن عليك أن تهتم بهذه الأوقات التي ميزها الله على سواها .
مثلاً في الساعات لماذا فضل الله عز وجل ساعة على ساعة ، الله سبحانه وتعالى فيما رواه النبي عنه في الحديث القدسي ، فضل ساعات السحر في آخر الليل ، هذه الساعات فضلها الله عز وجل ، قال : " إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم - نزولاً يليق بجلاله ، هذا تفسير نزل - نزل ربكم إلى السماء الدنيا ، فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟" عجباً لهذا المؤمن إذا كان الله عز وجل في حديث رواه النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه ، الله سبحانه وتعالى يعرض عليكم هذا العرض ، إذا كنت في مشكلة ، في ضائقة ، تخاف من عدو شرس ، إذا كنت في وهم خطير ، إذا كان لك شبح مشكلة ، هذا قيام الليل في ثلث الليل الأخير ، هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ إذاً وقت السحر هذا وقت ميزه الله بالتجليات ، قال عليه الصلاة والسلام :
((ولو يعلم الناس ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا))
ابن آدم لا تعجز عن ركعتين قبل الشمس أكفك النهار كله ، أي إذا كنت قد صليت الفجر في وقته ، وفي جماعة ، وذكرت الله عز وجل فأنت في هذا النهار في حفظ الله عز وجل ، في رعايته ، في توفيقه ، الله يدافع عنك في هذا اليوم .
شيء آخر : أشار الله عز وجل في القرآن إلى هذه الساعات قال :
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾
هذا دليل من كتاب الله ، على فضل هذا الوقت ، والنبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام الترمذي يقول :
(( أقرب ما يكون الربُّ عز وجل من العبد جَوفُ الليل الآخر فإن استَطعّتَ أن تكونَ ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكُنْ ))
هذا عن الساعات ، أما عن الأيام ، وفضل الله من أيام الأسبوع يوم الجمعة ، وفي هذا اليوم صلاة الجمعة ، وهذا يوم عيد المسلمين ، فيه لقاء الجمعة ، وفيه صلاة الجمعة، وفيه خطبة الجمعة ، وفيه عطلة الجمعة لذلك :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾
هؤلاء الذين يضعون في هذا اليوم كل المشكلات الصعبة ، كل القضايا المزعجة، هؤلاء لا يعرفون قيمة هذا اليوم ، لماذا ؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
((إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً – ساعة إجابة- لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ))
ساعة في هذا اليوم إذا صادفتها تدعو الله عز وجل استجاب لك ، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام :
((مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ))
قيمة هذه الصلاة في خطبتها ، فإذا أدركت صلاتها فقط ، ماذا فعلت ؟ تصلي في البيت إذا شئت ، لكن أهم شيء في الجمعة خطبتها ، لأنها مناسبة أسبوعية للتعلم .
شيء آخر : على مستوى العام ، فضل الله سبحانه وتعالى من أيام العام أيام العشر من ذي الحجة ، وأفضلها على الإطلاق يوم عرفة ، بل إن يوم عرفة من أفضل أيام العام كله على الإطلاق . جاء في الصحيح عن ابن عباس :
((ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام - أي العشرة من ذي الحجة - قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا أن يخرج الرجل بنفسه وماله فلا يرجع من ذلك بشيء))
أي أفضل أيام العام عشرة ذي الحجة ، وأفضل يوم على الإطلاق في كل العام يوم عرفة ، هذا للحاج ولغير الحاج .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ وأما في الشهور فقد فضل الله شهر رمضان ، ونحن على أبواب رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان .
لأنه شهر المؤمنين ، وعند السيوطي في الجامع الكبير :
((أتاكم رمضان ، شهر البركة والغفران ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمـة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً))
صعد النبي المنبر فقال : آمين ، استغرب أصحابه ، أول درجة قال : آمين ، الثانية قال : آمين ، الثالثة قال : آمين ، فلما نزل قالوا : يا رسول الله علام أمنت ؟ قال : جاءني جبريل فقال لي : تعس عبد أدرك أبويه فلم يدخلاه الجنة ، قلت : أمين ، قال : وتعس عبد ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك ، فقلت : أمين ، وقال : تعس عبد أدرك رمضان فلم يغفر له ، إن لم يغفر له فمتى ؟ هذا موسم المؤمنين ، هذا من حيث الشهور ، لكن رمضان - وسوف يأتي معنا هذا بالتفصيل - أفضل ما فيـه العشر الأخير ، لأنه ختام الشهر ، والأمور بخواتيمها، وفيه ليلة القدر ، وليلة القدر لا كيوم عرفة خير أيام العام بل خير من ألف شهر ، أي ليلة القدر خير من ثمانين عامًا ، أي إذا حصلت هذه الليلة ، إذا عرفت الله فيها ، معرفة تليق بجلاله فأفضل من حياتك كلها ، هذا الذي عناه علماء التفسير .
أيها الأخوة الأكارم ؛ وبعد رمضان تأتي الأشهر الحرم ، رجب ، وذي القعدة، وذي الحجة ، ومحرم ، لقول الله عز وجل :
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾
أي عمل فيه عدوان في هذه الأشهر العقاب يضاعف ، لأن هذه الأشهر جعلها الله أشهر أمان وسلم بين الناس .
أيها الأخوة الأكارم ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الحكمة من تحريم الدم المسفوح :
أيها الأخوة الأكارم ؛
ربنا سبحانه وتعالى حرم علينا الدم المسفوح ، وفي كلمة المسفوح إشارة إلى أن هذا الدم فيه الجراثيم ، وهو في الأوردة والشرايين هناك أجهزة بأعلى مستوى للتصفية ، دائماً الكليتان والرئتان ينقيان الدم من الغازات والمواد السامة ، فالكليتان تنقيان من المواد السامة ، والرئتان تنقيان من الغازات السامة ، ولكن إذا ماتت الدابة أصبح الدم موطناً للجراثيم والأوبئة ، فلذلك الشيء الذي يلفت النظر أن العالم الغربي إلى وقت قريب ، وبعد أن اكتشفت الجراثيم صدرت القوانين بتحريم الدم ، وتحريم لحوم الميتة ، بعد أن عرفوا ، ولكن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قبل ألف و أربعمئة عام حرم علينا الدم المسفوح ، وحرم علينا لحم الدابة الميتة .
الشيء الذي يؤكد هذه الحقيقة أن أي سكين جزار فيها آلاف مؤلفة من الجراثيم، وبمجرد أن تلامس هذه الجراثيم الدم تتوالد كل نصف ساعة و تتضاعف ، أي في ثلاث ساعات من ألف جرثوم إلى مئات مئات الألوف من الجراثيم ، فلذلك لما حرم ربنا عز وجل في كتابه الكريم علينا الدم ، وحرم علينا لحم الميتة ، هذا يتطابق مع أحدث النظريات الحديثة المتعلقة بتكاثر الجراثيم وبالعدوى ، حينما تقرأ القرآن يجب أن تعلم أن هذا كلام الصانع .
﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾
ليس من جهة أعظم خبرة ، وأعظم صواباً من خالق الكون .
تعليمات الصانع ليست حداً للحرية و لكنها ضمان للسلامة :
فلذلك إذا أحببت نفسك ، إذا أردت أن تنجو بجلدك من متاعب الحياة ، فطبق تعليمات الصانع ، وهذا القرآن الكريم هو تعليمات الصانع ، هذا الذي ينبغي أن يفهمه المؤمن ، أي ليست أوامر الدين حداً لحريتك هذا فهم ساذج ، إذا رأيت عمود كهرباء كتب عليه : خطر الموت ، تشعر أن المسؤولين وضعوا هذه اللوحة ليحدوا من حريتك ؟ لا والله ، إنما وضعوها ليضمنوا لك سلامتك . يجب أن تفهم الدين هذا الفهم العميق ، إذا رأيت جسراً ، وعليه لوحة كتب عليها : الحمولة القصوى خمسة أطنان ، وأنت تقود شاحنة حمولتها سبعة أطنان ، فإذا أردت أن تسير على هذا الجسر ، هل تقول : هل أخالف ؟ هل هناك من يراقبني؟ لا ، القضية أعمق من ذلك ، إذا مررت على هذا الجسر فلابد من أن تسقط في النهر ، هذه اللوحة التي كتبت على هذا الجسر ليست لحد حريتك ، ولكنها ضمان لسلامتك ، هذا ينبغي أن يفهمه المؤمن ، أي إن هناك علاقة علمية ، بمعنى أن هناك علاقة سبب بنتيجة بين الطاعة ونتائجها ، وبين المعصية ونتائجها ، فلمجرد أن ترتكب المعصية تقطف ثمارها ، ثمارها فيها ، أية طاعة ثمارها فيها ، وأية معصية ثمارها فيها ، وأمر الله عز وجل ليس حداً من حريتك ، إنما هو ضمان لسلامتك ، فربنا عز وجل حدّ حدوداً قال :
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾
أما هناك حدود ، كهذا التيار الكهربائي العالي التوتر ، حول هذا التيار ساحة تجذب إليه ، إذا كانت المعاصي من هذا النوع تنطبق عليك الآية الأخرى :
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
بين فلا تعتدوها ، وبين فلا تقربوها مسافة كبيرة ، الحدود التي من شأنها أن تجذب الإنسان إليها هذه لا تقربوها .
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾
الزنا خطوات .
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
أما أكل المال الحرام :
﴿فَلاَ تَعْتَدُوهَا﴾
هناك لا تقربوها ، وهناك لا تعتدوها ، وعلى كل هـي حدود سلامتك ، إذا قلنا : حدود الله هي حدود سلامتك ، حدود أن يرضى الله عنك ، حدود إقبالك على الله ، حدود أن تستحق عناية الله بك ، حدود أن تستحق حفظ الله لك، إذا كنت في طاعة الله فأنت في ذمة الله ، أنت في حفظ الله ، وفي توفيقه ، ولو أننا بحثنا عن كل طاعة ، وعن كل معصية لعرفنا أن الطاعة تنطوي على خير ليس له حدود ، والمعصية تنطوي على شر ليس له حدود ، ولكن الإنسان عليه أن يفهم ، وعليه أن يسلم فيما لا يفهم .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .