وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 7 - سورة ابراهيم - تفسير الآيات 42 - 47 هنيئًا لِمَن كان مع الله وعلى منهج الله ولِمَن خافهُ تعالى.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، الآية الكريمة الثانية والأربعون من سورة إبراهيم عليه السلام، وهي قوله تعالى:

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)﴾

[سورة إبراهيم]

 فالآية فيها نهَي وهي لا، وهذه اللام هي لام النَّهي، فلعلَّ بعض الناس يتوهَّم خطأً أنّ الله غافلٌ عمَّا يعمل الظالمون، حتَّى أنَّ أحدهم يقول لك: أين الله ؟ ولِحِكْمَةٍ أرادها الله، يُمِدُّ الله الظالم بطَريقةٍ تحسب أنَّه لن يضعف، وأحيانًا ترى وُجود الله وعدالتَهُ ظاهِرَةً للعَيان ربُّنا سبحانه وتعالى يَمْتَحِنُ العباد مرَّةً بِإظهار وَحْدانِيَّتِه، ومرَّةً بإمداد الكفار الظالمين، فالمؤمن القويّ وهو في أشَدِّ حالات الضِّيق، ويرى أنَّ الأقوياء الطُّغاة يسيحون ويَمرحون فإيمانُهُ لا يتزَعْزَع، فمثلاً النبي عليه الصلاة والسلام ؛ نَبِيٌّ مُرْسَل، وسيِّد الخلق،وحبيب الحق، ودعا إلى الله هاجَر من مَكّة إلى المدينة، وهو في أعلى درجات القرب، ومعه صحابة كِرام مُخلصون عابِدون وتائِبون وساجِدون، ومع ذلك في معركة الأحزاب جاءَت جُموع الكفرة إلى المدينة وأحاطوا بها، وبقيّ الإسلام مُجَرَّد ساعات، فَمَعْركة الخندق جاءَت لا لِتَنْتَصِر على المسلمين بل لِتُبيدَهم وتستأصِل شأفتَهم ؛ حتَّى أنَّ بعضهم قال: أَيَعِدُنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكِسرى، وأحدُنا لا يأمَن أن يقضي حاجته، قال تعالى:

 

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11)﴾

 

[سورة الأحزاب]

 فالله قد يمُدّ القوي بالطغيان والتجبُّر، كما نرى أحيانًا دُوَل عُظْمى يظنّ الناس أنَّها تمْلك رقاب الشُّعوب كلها، فالإنسان بِساعات ضَعف الإيمان يقول: أين الله ؟ فربنا عز وجل قال:

 

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11)﴾

 

[سورة الأحزاب]

 ولكنَّ الله كذلك قال:

 

﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا(23)﴾

 

[سورة الأحزاب]

 فالله تعالى لما يمُدُّ القوي هو تعالى بِهذا يَمْتَحِن المؤمنين، فالضعيف يسقط والقوي يثبت ولا تضعف ثِقَتُه، وهذه الآية دقيقة جدًا:

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

 

[سورة إبراهيم]

 فلولا أنَّ بعضًا من الناس ظنَّ هذا لما نزل هذا الوحي الإلهي ‍! وهؤلاء لِضَعْف إيمانِهم يظنُّون أنّ الله تعالى غافل عنهم ؛ يقول لك: صُهْيونِيَّة عالمِيَّة، وماسونيَّة، وكأنَّ هذه الحركات بِيَدِها مصير الشُّعوب وهذا كلام فيه ضَعْف إيمان والله تعالى لا يتخلَّى عن دينِهِ والمؤمنين ولكن لِحِكْمَة يُريدُها.
 قال تعالى:

 

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ(4)﴾

 

[سورة القصص]

 إذا عصاني من يعرفني سلَّطتُ عليه من لا يعرفُني ؛ إذًا قال تعالى:
ً

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[سورة إبراهيم]

 أوْضَح مثل لهذه الآية ؛ صاحب محل تِجاري عنده مُوَظَّف، ويفتح المحل صاحِبُه، ويجلس أمام صندوق المال، ويُغلق المحلّ بِيَدِهِ ؛ فهل المُوَظَّف الذي معك أمين أم خائِن ؟! لن يظهر معك صِدْق الموظّف أو خِيانتهُ، متى يظهر ؟ إذا خرج صاحب المحل وترك الموظَّف لِوَحْدِه فأمانة المُوظَّف لن تظهر إلا إذا تغافل عنه، فبرُّنا عز وجل حتَّى يمْتَحِن العِباد يرْخي لهم الحبل، فتجِدُه أنت يشرب الخمر ويزني ويسرق ودخله حرام وليس به شيء ! هنا الله تعالى يمُدّ الإنسان ويرخي الحَبل، لكن بأيّ لحظة هذا الإنسان قد يُحاسب حِسابًا عسيرًا، وكذلك المؤمن يغضّ بصرهُ ويستقيم ويُصلي، ويُعاني مِن مَشاكِل كثيرة ؛ كلّ هذا من أجل أن يُرَى هل هذا إخلاصًا أم يريدُ المَنْفَعَة مَن أحَبَّنا أحْبَبْناه، ومَن طلبَ مِنَّا أعْطَيْناه ومَن اكْتَفى بِنا عمَّا لنا كنَّا له وما لنا، فالمؤمن يُمْتَحن فقد تُحْجَب عنه الدنيا وهو مُستقيم، وقد يُعْطيها الكافر وهو مُنْحَرف، لكنَّ الله تعالى كما قال:
ً

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[سورة إبراهيم]

 فالعِبْرة بالنِّهايَة، ومَن يضحَك آخرًا، قال تعالى:

 

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(83)﴾

 

[ سورة القصص ]

 الإنسان المَحْدود التَّفْكير يعيشُ وَقْتَهُ ؛ يأكل المال الحرام ويعتدي على الناس وعلى أموالهم وأعراضِهم، ويتحرَّك حركة عَشْوائِيَّة، لكنَّه في قَبْضة واحِدة يكون عند الله، إما بِمَرض عُضال أو قَسْمٍ أو حادِث، وينقلب إلى شرّ عمله، لذلك هذه الآية مُهِمَّة لكلّ إنسان، فلو وَجَدْتَ إنسانًا قوِيًّا ومُلْحِدًا وكافِرًا، فلا تعْبأ فإنَّه في امْتِحان والعِبْرة بالنِّهايَة، قال تعالى:
ً

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[سورة إبراهيم]

 والإنسان إذا أيْقَنَ أنَّ الله يُعْطي كلِّ ذي حقٍّ حقَّه يرْتاح، ففي الدنيا هناك فقير وغني وقوي وضعيف ومُعتدي وغير معتدي والأوراق مُخْتلِطَة ويتفَلْسَف ولكن يوم القِيامة هو يوم الفَصْل والجزاء والعَدل والحِساب، ومالك يوم الدِّين، فالبُطولة ان تنْجو من ذاك اليوم، ولذا قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: الغِنَى والفقْر بعد العرض على الله، قال تعالى:
ً

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[سورة إبراهيم]

 أراد أحد المُتَفَلِّتين أن يقطع يد كلب صغير في يوم شَتْويّ كي يُبرْهِنَ مهارتَهُ بالسِّياقَة، فَمَرَّ عليه وقَطَعَ يَدَيْه، وضحِكَ ‍! فهذا الحادث حصل بالسَّبت، وبالسبْت القادِم أصاب العجلة خلل فخرَج هذا السائق لِيُصْحها وأثناء تصْليحه العجلة انحل الكريك وسقطت الدولاب عليه فأُصيبَت يَدَيْه إلى حدِّ الرسْغَين، وإلى حين أخْذِهِ إلى المستشفى اسْوَدَّتْ يداه واضْطرّ الأطباء إلى قَطْع يدَيْه ! قال تعالى:

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

 

[سورة إبراهيم]

 لكن أيها الإخوة هناك نقطة دقيقة، ربنا عز وجل قال:

 

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ(69)﴾

 

[ سورة النمل ]

 وفي آية أخرى فانظروا، وفي أخرى ثمّ انظروا ! آيتين مُتَشابِهَتين، إحداهما بالفاء والأخرى بِثُمَّ، فالفاء تُفيد الترتيب على التعقيب، ولكن حرف ثمّ تفيد الترتيب على التراخي، والله تعالى يُمْهِل ولا يُهْمِل، فالله تعالى يُعطي العبْد فرصة التوبة، وأحيانًا لِعِلْم الله بِعَبْدِهِ يتركُهُ يرتكب معْصِيَة كبيرة يقْصِمُهُ بعدها قَصْمًا، فإذا قُصِمَ بعْدَها سريعًا فالفاء، وإذا قُصِم بعد عَشْر سَنَوات على ثُمَّ فَكِلاهما صحيح، فإما أن يأتي انتقام الله بسرعة فالفاء، وإما أن يأتي انتِقام الله على التراخي، قال تعالى:

 

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(11)﴾

 

[ سورة الأنعام ]

 وكلَّما كبُر عقلك كبر خوفك من الله شديد، دَخَلْتُ مرَّةً لِمَصْنَع فإذا بي أجِد صاحِبُهُ في غمٍّ شديد، فقال لي: أرأَيْت ؟‍ فقلتُ: ماذا أرى ؟‍ قال لي: اُنظر إلى الجسر ذاك، وكان فيه شِق وذاك الشق يُسَبِّب انْهِيار، وجاء بِدُكتور طلب منه خمسمائة ألف ليرة وهذه بِسَنة السبعين، فالإنسان كلَّما كبر عقلُهُ يزْداد خَوْفُهُ من الله، ولذلك رأس الحِكْمة مَخافة الله، وأشَدُّكم لله معرفةً أشدُّكم خوْفًا منه.
 قال تعالى:

 

﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) ﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 مُهطعين خاضِعين، ومُقْنعي رؤوسِهم أي مُطَأطِئي رؤوسِهم، فهم في الخوف والهَلَع والجزع والخُضوع قال تعالى:

 

﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 كل خِطَط الكفار عند الله، ويعلمها، فإذا نسَجُوا منها شيئًا لم تقع، ولأنَّ خطَّة الله تَسْتوْعِب خِطَّة الكافر، ولا يقع شيء في كون الله إلا إذا أراد الله، فلو بدى لك أنَّ الكافر قال لك: سأفْعَل وأفعَل، إذا فعَلَ شيئًا فَفِعْلُه من خُطَّة الله عز وجل، الظالم سوط الله ينتقِمُ به ثمَّ ينتقِمُ منه، قال تعالى:

 

﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(129)﴾

 

[ سورة الأنعام ]

 قال تعالى:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 تسمع أنت أعداء الدِّين والكفار والمُلْحِدين يُخَطِّطون لِتَدْمير الإسلام وإطفاء نور الله لكن هذه نواياهم والله يفعل ما يريد، أنت تريد وأنا أريد فإذا سلَّمْتَ لي فيما أريد أعْطَيْتُكَ ما تُريد، وإذا لم تُسلِّم لي فيما أريد أتْعبتُكَ فيما تُريد قال تعالى:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36)﴾

 

[ سورة الأنفال ]

 فإذا خطَّط هؤلاء فخُطَّتُهم هاوِيَة وإن كانت تهدّ الجبال، قال تعالى:

 

﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 وعَدَ الله المؤمن بالجنَّة والحياة الطَّيِّبَة، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 هنيئًا لِمَن كان مع الله وعلى منهج الله ولِمَن خافهُ تعالى، إنِّي والإنس والجنّ في نبأ عظيم أخلقُ ويُعبَدُ غيري، وأرزق ويُشْكَر سِوَاي، وخيري إلى العباد نازِل وشرُّهم إليَّ صاعِد، أتَحَبَّبُ إليهم بِنِعَمي وأنا الغني عنهم، ويتبغَّضون إلي بالمعاصي وهم أفقَر شيء إليّ، مَن أقبل إليَّ منهم تلقَّيْتُهُ من بعيد، ومن أعرض عنِّي منهم نادَيْتُهُ من قريب، أهل شُكري أهل زِيادتي، وأهل ذِكري أهل مودَّتي، وأهل معصِيَتي لا أُقَنِّطُهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا حبيبهم، أبْتَليهم بالمصائِب لأُطهِّرهم مِن الذُّنوب والمعايِب، الحسنَةُ عندي بِعشرة أمْثالها وأزيد، والسيِّئة بِمِثْلها وأعْفو، وأنا أرأف بِعَبدي من الأم بِوَلَدِها، قال تعالى:

 

﴿قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)﴾

 

[ سورة الزمر ]

 وإذا رَجَعَ العبد إلى الله نادى مُنادٍ بالسماء أن هنئوا فلانًا فقد اصْطَلَحَ مع الله.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور