- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهمَّ صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومَن والاه ومَن تبعه إلى يوم الدين، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنـا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الطّبع و التّكليف :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ لا زلنا في البيت المسلم ، لو أن الإنسان تأمَّل في تلك الطبيعة البشرية التي طُبِعَ الإنسان عليها ، كيــف أن الأب والأم مفطوران علـى حُبِّ الوَلَد ، فإن كل رعايتهما ، وكل عطفهما ، وكل حنانهما ، وكل رحمتهما إنما هي فطرةٌ فُطِرا عليها ، فليس في القرآن الكريم آيةٌ واحدة تدعو الآباء والأمهات إلى أن يرحموا الأبناء ؛ لأن هذا فطرة في طبع الإنسان ، رحمة بهذا الإنسان ، و لأنه استمرار للنوع الإنساني ، وضمان لتربية الصغار ، أودع الله عز وجل في كل أبٍ وفي كل أم دَفْقَةً من العطف ، والحنان ، والرحمة ، والعناية ، والشفقة ، والرأفة بأولادهما .
ولكن بر الآباء تكليف ، والآن نستخدم هذين المصطلحين ؛ طبعٌ وتكليف ، رحمة الآباء بالأبناء طبعٌ ، وبِرُّ الأبناء بالآباء تكليف ، ومن أجل أن تتحقّق العدالة فكل أبٍ كان طِفلاً ، تلقى رحمةً من أبويه ، تلقى عطفاً ، وعليه أن يَرُدَّ هذا الذي تلقَّاه منهما بحكم الفطرة عليه أن يردّه بحكم التكليف .
فيا أيها الأخوة المؤمنون ؛ لو تأمَّلتم في بديع صُنع الله عز وجل ، أية أم ؛ مؤمنةٌ ، غير مؤمنةٍ ، مستقيمة ، غير مستقيمة ، تعرف الله ، لا تعرف الله ، أية أم أودع الله في قلبها العطف والرحمة والحنان ، ضماناً لتربية الأولاد ، استمراراً للنوع البشري ، هذه فطرةٌ في الإنسان ، والشيء الذي فُطِرَ عليه الإنسان لا يُكَلَّفُ به ، فالإنسان مفطورٌ على حب الطعام والشراب ، فإذا أقبل على الطعام والشراب لا يرقى بهذا لأنه مفطورٌ عليه ، مفطورٌ على حب المال ، فإذا أخذ المال لا يرقى ، ولكن دفع المال تكليف ، أن ينظر إلى امرأةٍ في الطريق هذا مما حَبَّب الله إليه. .
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾
ولكن غَضَّ البصر تكليف ، والإنسان لا يرقى إلا بالتكليف ، إذا عاكس فطرته، إذا عاكس ما أودعه الله فيه ابتغاء مرضاة الله عز وجل عندئذٍ يرقى ، يرقى الإنسان بغض البصر ، ويرقى بدفع المال ، ويرقى ببر الوالدين ، ويرقى بالسُكوت عن الغيبة والنميمة ؛ طبيعة النفس تحب أن تسترسل في الحديث عـن الناس ، فإذا ألجمها الإنسان يرقى ، التكاليف في أصلها تُخالف طبيعة النَفْس ، من أجل أن يرقى الإنسان إلى الله عز وجل ، فبر الآباء بالأبناء طبعٌ ، ولكن بر الأبناء بالآباء تكليف . فلذلك لو تأمَّلتم صنع الله عز وجل لوصلتم إليه ، ولو تأمَّلتم طبيعة الإنسان ؛ كيف أن الأب والأم شغلهما الشاغل ، أهدافهما ، طموحاتهما ، أن يكون أبناؤهما في أجمل حال ، في أهدأ حال ، في أرقى حال ، هذا من عجيب صُنْعِ الله عز وجل ، أودع في قلوب الآباء والأمّهات تلك الرحمة ، وأمر الأبناء أن يردّوا على هذه الرحمة ، ببر الآباء والأمهات .
مخالفة النفس و الهوى سبب رقي الإنسان :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ﴾
فالابن محبوب . آيةٌ ثانية :
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾
﴿وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾
هذه نعمةٌ يَستحق الله عليها الشُكر ، والدعاء القرآني :
﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾
لا تقر العين إلا إذا كانت الزوجة صالحةً ، والابن باراً ، هذه طبيعة الإنسان ، هذه فطرة الله التي فطرَ الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله .
إذاً : يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ من خلال هذه المقدمة التي ملخصها أن محبة الآباء للأبناء طبعٌ ، بينما برّ الأبناء بالآباء تكليف ، والطبع لا ترقى به ، إقبالك على الطعام لا يجعلك ترقى عند الله عز وجل ، إطلاق البصر في المُحَرَّمات هذه معصية ولا ترقى بها ، لكنك ترقى بغض البصر ، قبض المال لا ترقى به ، ولكنك ترقى بإنفاق المال ، أن تحب الشيّء الآجل لا ترقى به ، الله سبحانه وتعالى خَلَقَ الإنسان عجولاً ، فإذا آثر العاجلة على الآجلة يرقى، في ملَخَّص الموضوع أن الإنسان لا يرقى إلا إذا خالف نفسه وهواه .
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
ضرورة معرفة حقّ الكبير و رحمة الصغير :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ ما دامت الرحمة بالأولاد شيءٌ فطر لله الناس عليه ، إذاً من لم يجد عنده هذه الرحمة فهذه حالة شاذة ، حالة مرضية ، النبي عليه الصلاة يقول في حديثٍ صحيح ، رواه الإمام الترمذي :
((ليس منا))
أي نفى انتماءه للإسلام ، أيْ ليس مسلماً ، وحيثمـا قرأتم في الأحاديث الشريفة أحاديث كثيرة مفتتحة بقوله عليه الصلاة والسلام :
((ليس منا ))
فهذا شيءٌ من الكبائر الذي ينفي عن المُسلم إسلامه ، وينفي عن المؤمن إيمانه ، بل ينفي أن ينتمي مثل هذا الإنسان الذي يفعل هذا الفِعل إلى مِلَّة النبي عليه الصلاة والسلام :
((من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا فليس منا ))
الكبير يُعرف حقـه ، يحترم ، والصغير يُرْحَم ، هذا مما أراده النبي عليه الصلاة والسلام تقريراً لفطرةٍ فطر الناس عليها .
شعور الأب نموذجٌ مصغرٌ جداً عن رحمة الله سبحانه وتعالى :
شيءٌ آخر . . الإمام البخاري روى عن أبي هريرة رضي الله عنه حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
((أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ - أتى النبي مفعول به مُقَدَّم ، أي أتى رجلٌ النبي عليه الصلاة والسلام - ومعه صبيّ فجعل يَضُمّه إليه - تعبيراً عن رحمته به - فقال عليه الصلاة والسلام : أترحمه ؟ قال : نعم ، فقال : فالله أرحم بك منك به))
حديثٌ دقيق ولا سيما هـذا الحديث موَجـهٌ إلى الآباء والأمهات ، ما شعورك تجاه طفلك الصغير ؟ إنه قطعةٌ مِنك ، إنه فِلْذة كبدك ، تحب أن تجوع ويشبع ، تحب أن تعرى ويكتسي ، تحب أن تخفض ويرتفع ، هذا الشعور ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
((فالله أرحم بك منك به وهو أرحم الراحمين ))
بل إن بعض الأحاديث الشريفة تقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأةً تُقَبّل ابنها ، وهي تخبز على التنور فقال عليه الصلاة والسلام :
((فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها))
فإذا أردت التَعَمُّق كأن الله سبحانه وتعالى جعل من علاقة الآباء بالأبناء درساً بليغاً تعرف به طَرفاً من محبة الله بخلقه ، من رحمته بهم ، شعورك أنت تجاه ابنك العاصي، تجاه ابنك العاق ، تتمنى له كل خير ، تتمنى أن يعود إليك ، لو عاد إليك تنسى كل الماضي ، شعور الأب نموذجٌ مصغرٌ جداً جداً جداً عن رحمة الله سبحانه وتعالى قال :
((أترحمه ؟ قال : نعم ، فقال : فالله أرحم بك منك به وهو أرحم الراحمين ))
العطف البليغ بين الآباء والأبناء فطرة :
ولقد روى الإمام البخاري أيضاً حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبعض من شاهده :
((قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَقَالُوا : لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ )).
أيْ أنَّ هذا العطف البليغ بين الآباء والأبناء فطرة ، فمن خالف الفطرة فهذه حالةٌ مرضية شاذة ، ولا ينتمي إلى هذا الدين بأي أنواع الانتماء . ولقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
((قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس ، فقال الأقرع : يا رسول الله إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً ؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة عجب وقال : من لا يرحم لا يُرحم))
وفي الحديث القدسي :
((إن كنتم ترجون رحمتي فارحموا خلقي))
وقد روى الإمام البخاري أيضاً في حديثٍ صحيح ، قال : جاءت امرأةٌ إلى السيدة عائشة ، أعطتها عائشة ثلاث تمرات ، فأعطت كل صبيٍ لها تمرة ، وأمسكت لنفسها تمرة ، فأكل الصبيانِ التمرتين ونظرا إلى أمّهما ، فعمدت الأم إلى التمرة فشقَّتها نصفين ، فأعطت كل صبيٍ نصف تمرة - وحرمت نفسها نصيبها- فجاء النبي عليها الصلاة والسلام فأخبرته السيدة عائشة بما رأت من هذه المرأة ، فقال : وما يعجبك من ذلك ؟- أي ما المغزى من هذه القصة ؟ ما الذي لفت نظركِ منها ؟ ما موطن العجب ؟ أين كان مركز الثِقل في هذه القصة ؟ - فقال عليه الصلاة والسلام :
(( لقد رحمها الله برحمة صبيّها ))
والحديث الذي أرويه كثيراً مِن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
((أول من يمسك بحلق الجنــة أنا - أيْ أول إنسان يدخـل الجنـة هو النبي عليه الصلاة والسلام - قال : فإذا امرأةٌ تنازعني تريـد أن تدخـل الجنة قبلي ، قلت: من هذه يا جبريل ؟ - طبعاً هي لا تعرفه ، هكذا سياق الحديث - قال : يا رسول الله إنها امرأةٌ مات زوجها ، وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم))
رعايةً لحقهـم ، رحمةً بهـم ، تأليفاً لقلوبهم ، جمعاً لشملهم ، تصفيةً لمشاعرهم، أبت الزواج من أجلهم .
المالك الحقيقي لكل شيء هو الله سبحانه و تعالى :
شيءٌ آخر الإمام البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى رويا معاً حديثاً متفقاً عليه عن أسامة بن زيد نص الحديث :
((أرسلت بنت النبي عليه الصلاة والسلام إلى أبيها أن ابني قد احتضر - أي دخل في مراحل النِزاع - فاشهدنا - أي احضر معنا يا أبتِ يا رسول الله ، يبدو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في أمر شديد الخطورة مع أصحابه - فأرسل النبي عليه الصلاة والسلام إلى ابنتها يقرؤها السلام ويقول لها - وهذا الحديث يحلُّ مشكلات الناس جميعاً - يقول لها : إن لله ما أخذ وله ما أعطى))
هذا يُطَبَّق على الأولاد ، وعلى الزوجة ، وعلى الأموال ، ضاع من مالك شيء، له ما أخذ ، أعطاك شيء له ما أعطى ، كل شيءٍ تنعم به إنما هو مِلْك الله سبحانه وتعالى ،
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾
المالك الحقيقــي لكل شيءٍ هو الله سبحانه وتعالى ، فإذا أعطاك مالاً فهو عارية مستردة .
سُئـِل أعرابيٌ وبيده قطيع من الإبل ، لمن هذه الإبل ؟ - فقال العلماء : أجاب إجابة تعد أبلغ إجابةٍ في اللغة - قال : لله في يدي ، الله هو مالك المُلك وضعها في يدي عارية مستردة ، فالمال الذي معك لله عز وجل ، ومعنى لله أي هو قادرٌ أن يأخذه منك بسببٍ صغير جداً ، أو أن يعطيك أضعافاً مُضاعفة ، فهذا الذي يبخل بمال الله عز وجل من أن ينفقه محدود التفكير ، مُنْطَمِس البصيرة . إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، طبقها على الصِحَّة ، اعتلت الصحة ، استرد الله عز وجل شيئاً ، أعطاك صحةً له ما أعطى ، استرد شيئاً ، له ما أخذ ، طبِّقها على الصحة ، طبقها على الدَخْل ، على المال ، على الزوجة ، على الأولاد ، على كل شيء ، هذا هو التوحيد ، فقال عليه الصلاة والسلام أرسل إلى ابنته من يقرؤها السلام ، ويقول لها :
((إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب))
فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتيَنَّ ، يبدو أنها مُضطربة ، فقام عليه الصلاة والسلام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل ، فرفع النبي عليه الصلاة والسلام الصبيَّ الذي يحتضر ، وأجلسه في حجره ، ونفسه تُقَعْقِع ، أي على وشك الموت ، ففاضت عينا رسول الله بالدموع ، فقال سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ أي أتبكي ؟ فقال :
((يا سعد هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء))
أولادك أولى خلق الله برحمتك :
مرةً ثانية : إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، وأولى خلق الله برحمتك أولادك ، لذلك النبي الكريم يقول :
((ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله))
وفي حديث آخر :
(( درهمٌ تنفقه في سبيل الله ، ودرهم تنفقه كذا وكذا - الحديث طويل - ودرهمٌ تنفقه على أهلك ، أفضلها ذلك الدرهم الذي تنفقه على أهلك))
لماذا ؟ لأن الآخرين أنت لهم ، وغيرك لهم ، أما أولادك فليس لهم غيرك ، من دون أن يُفْهَم من هذا أن تنفق عليهم إسرافاً وتبذيراً ، هذا لا يرضي الله عز وجل ، الوضع الأمثل :
﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾
المساواة بين المرأة و الرجل في التكليف و التشريف :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ موضوعٌ آخر متعلقٌ بالبيت الإسلامي ، من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام ليقضي عليها ؛ كراهية البنات ، فالإسلام لم يُفَرِّق بين ذكرٍ وأنثى ، ولا بين امرأةٍ ورجل . .
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾
لو أن الله قال : " إن المسلمين " لشملت المُسلمات بحكم قواعد الأصول ، أو بحكم التَغْليب ، ولكن أراد الله من هذه الآيات أن يؤكِّد لنا أن المرأة والرجل سواءٌ عند الله ، وأن الطفل والطفلة ، والذكر والأنثى ، والبنت والصبي سواءٌ عند الله عز وجل ، بل إن بعض الفقهاء استنبط أن المرأة والرجل ، أو الصبي والصبية ، أو الصغير والصغيرة ، أو البنت والصبيّ ، أن هؤلاء متساويان في التكليف والتشريف ، ولكن المرأة صُمِّمت بنيتها النَفْسيّة ، بنيتها العقلية ، بنيتها الجسمية تصميماً يتوافق مع خطورة وظيفتها في الحياة ، وإن الرجل صُمِّم تصميماً في بنيته العقلية والجسمية والنفسية يتوافق مع وظيفته في الحياة ، فليس هناك فرقٌ بين المرأة والرجل من حيث التكليف والتشريف .
الائتمار بأمر الله في تربية الأولاد و حسن تنشئتهم :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ الله سبحانه وتعالى يقول :
﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
وهذا الذي جاء النبي يستشهده على أنه نحل ابنه نِحْلَةً فقال عليه الصلاة والسلام:
((أكلهم وهبت مثل هذا ؟ فقال : لا ، قال : أشهد غيري فإني لا أشهد على جور))
والله سبحانه وتعالى يقول :
﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
وأصحاب السُنَن ، والإمام أحمد ، وابن حبان كلهم رووا عن النعمان بن البشير قول النبي عليه الصلاة والسلام :
((اعدلوا بين أولادكم ، اعدلوا بين أولادكم ، اعدلوا بين أولادكم))
رواه النبي ثلاث مرات :
((اعدلوا بين أولادكم ، اعدلوا بين أولادكم ، اعدلوا بين أولادكم))
الله سبحانه وتعالى وصف تفضيل الذكور على الإناث ، أو تفضيل بعض الأبناء على بعض الأبناء بأنها من الجاهلية ، قال تعالى :
﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
جاءت النبي عليه الصلاة والسلام ابنته السيدة فاطمة حينما ولدت ضَمَّها وشمَّها وقال :
((ريحانةٌ أشمها وعلى الله رزقها))
هكذا المؤمن ، هكذا المسلم . ريحانةٌ أشمها وعلى الله رزقها .
في القرآن الكريم آيةٌ دقيقة تردّ على هؤلاء ، قال تعالى :
﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾
أن يَهَبَكَ الله ذكراً أو أنثى ، أو ذكوراً أو إناثاً ، أو ذكوراً وإناثاً ، أو ألا يهبك شيئاً، هذا من تقدير العليم القدير ، ولا حيلة لك بذلك إطلاقاً ، لذلك المؤمن يستسلم ، ويرى أن الذي رزقه هو قسمةٌ له ، وهو راضٍ بهذه القسمة ، وعليه أن يأتمر بأمر الله تعالى في حسن التربية وحسن التنشئة .
أميرٌ من أمراء العرب طمح إلى غلام ، فأنجبت له امرأته بنتاً ، فغضب غضباً شديداً ، وتألَّم ألماً لا حدود له ، وترك بيت الزوجية ، وذهب إلى بيوت أخرى ، بيوت أقربائه ، غاب عن امرأته سَنَةً ، بعد سنة مرّ أمام بيته فسمع امرأته تداعب ابنتها الصغيرة ، التي ولدت منه ، تقول لها :
ما لأبي حمزة لا يأتيـنا أغضبان ألا نلد البنـينا؟
يظل في البيت الذي يلينا تالله ما هـذا بأيـديــنا
ونحن كالأرض لزارعينا وإنما نعطي الذي يعطينا
* * *
وقد أثبت العلم أن تحديد نوع المَوْلود كذكرٍ أو أنثى لا علاقة للأنثى به إطلاقاً ، إن علاقته مع الحوين الذي يقذفه الرجل ، ولا علاقة للبويضة إطلاقاً ، ويأتي القرآن الكريم ليقول:
﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾
لا من بويضةٍ ، أن يكون هذا المولود ذكراً أو أنثى هذا يتحدّد من قِبَلِ الرجل ، لا من قِبَلِ المرأة ، فهذه المرأة بفطرتها أو بحاستها السادسة قالت :
ونحن كالأرض لزارعينا وإنما نعطي الذي يعطينا
* * *
عندئذٍ دخل إلى بيته ، وعطف على امرأته ، وأقام معها بقية حياته .
البنت بابٌ من أبواب الجنة :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ روى الإمام مُسلم عن أنس بن مالك ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
((من عال جاريتيتن - أيْ بنتين صغيرتين- حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين . وضم أصابعه عليه الصلاة والسلام ))
من عال جاريتيتن ، أي ربَّاهما تربية حسنة ، رباهما على حب الله وحب رسوله وقراءة القرآن ، وجعل لباسَهما وفق ما يرضي الله عز وجل ، وعلمهما أمر دينهما .
((من عال جاريتيتن حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ، وضم أصابعه))
وروى الإمام أحمد في مسنده عن عُقبة بن عامر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
((من كان له ثلاث بناتٍ فصبر عليهن ، وسقاهن ، وكساهن من جيدَته - أي من ماله - كن له حجاباً من النار))
وفي حديثٍ آخر :
((من كان له ثلاث بناتٍ أو ثلاث أخواتٍ - هذا الذي عنده أختٌ عانس لا يتبرم بها - أو بنتانِ أو أختان فأحسن صحبتهن ، وصبر عليهن ، واتقى الله فيهن دخل الجنة))
معنى ذلك أن البنت بابٌ من أبواب الجنة ، كيف أن برَّ الوالدين باب من أبواب الجنة ، كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام صَعَدَ المنبر فقال :
((رغم أنف رجلٍ أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة))
معنى ذلك أن بر الوالدين بابٌ من أبواب الجنة ، وأن حسن تربية البنات بابٌ من أبواب الجنة . ورد في بعض الأحاديث أن البنت التي ربَّاها أبوها تربيةً حسنة ، يقال لها : ادخلي الجنة . تقول : لا أدخل الجنة حتى أدخل أبي معي ، فيقال : خذيه وادخلي الجنة ، أما البنت التي ربَّاها تربيةً سيئة وأهملها ؛ فشطت وشردت وانحرفت وفتنت الناس تقول : يا رب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي ، لأنه كان سبباً لي في هذا الفسق والفجور .
بيـت الحمد لمن فقد ابنه صغيراً وصبر واحتسب :
أيها الأخوة الأكارم ؛ بقي موضوعٌ أخير ، الولد غالٍ جداً ، ومع ذلك قد يُقَدِّر لله عز وجل موت أحد الصغار ، ما موقف المسلم ؟ الإمام الترمذي وابن حبّان رويا عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
((إذا مات ولد العبد يقول الله تعالى للملائكة قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ، فيقولون : نعم فيقول الله تعالى : فماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك واسترجع - أي قال الحمد لله أنا لله وإنا إليه راجعون - فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد ))
بيـت الحمد لمن فقد ابنه صغيراً وصبر واحتسب ، والقصة التي تعرفونها جميعاً ؛ قصة الصحابية الجليلة أم سليم ، التي كانت زوجة لأبي طلحة ، والتي رواها الإمام البخاري ومسلم : كان لهما ابنٌ مريض ، خرج أبو طلحة لحاجته وعاد ، فسأل امرأته : كيف حال فلان ابنه ؟ فقالت : يا أبا طلحة إنه في أهدأ حال ، هو قد مات ، ولكن أوهمته أنه مستريح ، صنعت له طعاماً فـأكل ، وتزينت فأصاب منها . وفي الصباح قالـت له : يا أبا طلحة لو أن الجيران أعطونا عاريةً مستردة ، ثم طلبوها منا ، أفي ذلك وجلٌ أو غضب ؟ قال : لا ، إنها حاجتهم ، قال : فكذلك الله عز وجل استرد عاريته ، ابننا فلان .
أبو طلحة غضب غضباً شديداً ؛ لماذا أخفت عنه زوجته هذا الخبر ؟ لماذا جعلته يأكل ويصيب منها وابنه ميّت ؟ فذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : يا رسول الله فعلت زوجتي كذا وكذا ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له :
((بارك الله لك في ليلتك ، وأثنى على زوجتك))
وأنجب منها في هذه الليلة ولداً سماه عبد الله ، ولد له تسعة أولاد ممن حفظوا كتاب الله . هذا معنى إذا الإنسان حضر عقد قِران الدعاء النبوي :
((بارك الله لكما وعليكما وفيكما))
هذه البركـة ، إذا أنعم الله عليك بولدٍ صالح ينفع الناس مِن بعدك فهو استمرارٌ لك ، فهو ذخيرةٌ لك ، فهو العمل الذي لا ينقطع بالموت .
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالهم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .
والحمد لله رب العالمين
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
حنان الأم و حليبها :
أيها الأخوة الأكارم ؛ إتماماً لهذا البحث : الحليب ؛ حليب الأم الذي جعله الله عزَّ وجل هبةً ، ومنحةً لهذا الطفل الصغير . وهب الله سبحانه وتعالى الصغار رحمةً أودعها في قلوب أمهاتهم ، وفضلاً عن رحمة الأمهات بأبنائهن ، التي هي في الحقيقة رحمة الله بهم، جعل المرأة يسيل ثدياها حليباً من نوعٍ خاص . فلبن المرأة - كما يقول العلماء - مبهرٌ ، ومدهش ، تعجز عن تركيبه بخصائصه قِوى البشر ولو اجتمعت ، وتعجز عن صنعه أضخم المعامل ولو تظاهَرَت . تركيبه . . دققوا . . تركيبه في تبدلٍ مستمر ، بحسب حاجات الرضيع، ومتطلباته بحسب احتمال أجهزته ، وأعضائه ، وهو أكثر ملاءمةً ، وأكثر تركيزاً ، وأكثر احتمالاً، وأقلُّ ضرراً ، وهو آمن طرق التغذية ، من حيث الطهارة والتعقيم ، إذ يؤخذ من الحُلمة مباشرةً ، من دون التعرُّض للتلوث الجرثومي ، وحرارته ثابتةٌ ، خلال الرضعة الواحدة ، ويصعب توافر هذا الشرط في الإرضاع الصناعي ، وفوق ذلك فهو لطيف الحرارة في الصيف ، دافئ في الشتاء ، وهو سهل الهضم ، لا تتجاوز فترة هضمه عن الساعة والنصف ، بينما تزيد فترة هضم حليب القوارير عن ثلاث ساعات ، والطفل الذي يرضع من ثدي أمه ، يكتسب مناعةً ضد كلَّ الأمراض ، لأنَّ في حليب الأم موادَّ مضادَّة للالتهابات المعوية ، والتنفسية .
حالات الربو ، ربو الأطفال ، إنتان الأمعاء ، هذه الأمراض الشائعة في الإرضاع الطبيعي ينجو منها الصغير .
وفي حليب الأم مواد تمنع التصاق الجراثيم بجدار الأمعاء ، وفي حليب الأم مواد حامضيّة لقتل الجراثيم ، والإرضاع الوالدي يقي من أمراض الكوليرا ، والزحار ، ومن أمراض شلل الأطفال ، والكزاز ، لأن مناعة الأم كلها في حليبها ، وهو يقي المرضع من أورام الثدي الخبيثة ، هذه الظاهرة المنتشرة في معظم أنحاء العالم ، سرطان الثدي ، وإرضاع الطفل من ثدي أمه يقي الأم من أورام الثدي الخبيثة ، ويقي الرضيع من الآفات القلبية ، والوعائية ، وأمراض التغذية ، والاستقلاب ، بل إن الفطام السريع يحدث رضًّا نفسياً ، وانحرافاتٍ سلوكية . وحليب الأم سهل التحضير ؛ ليلاً ، ونهاراً ، في السفر ، وفي الحضر ، لأنه جاهزٌ دائماً ، بالحرارة المطلوبة ، وبالتعقيم المثالي ، وبالسهولة في الهضم ، ولأن فيه المناعة التي تقي معظم الأمراض ، قال الله تعالى :
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ * أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾
هدية من الله . .
﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾
قال عكرمة وابن المسيِّب : " النجدان هما الثديان " ما الذي يمنعه من أن يطيع الله عزَّ وجل ؟ ما الذي يمنعه من أن يكون مؤمناً ؟ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ، لذلك قال بعض العارفين :
تداركتنا باللطف في ظلمة الحشـــــا و خير كفيلٍ في الحشا قد كفلتنــــــــــا
وأسكنت قلب الأمهات تعطـفـــــــــــــــاً علينا وفـي الثديـيـــــــــن أجريــــت قوتنا
***
وهذا موضوع الخطبة كلها ، أسكن في قلب الأمهات رحمةً ، وأجرى في صدورهن حليباً ، رحمةً معنويةً ، وغذاءً طبيعياً ـ
وأنشأتنا طفلاً وأطلقت ألسناً تترجم بالإقرار أنك ربــنـــــــــــــــا
وعرفتنا إياك فالحمد دائمــــاً لوجهك إذ ألهمتنا منك رشدنا
***
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .