وضع داكن
26-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 061 - حليب الأبقار.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاًوارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الخصائص التي تجتمع في حليب البقر :

أيها الأخوة المؤمنون, الحليب الذي يستهلكه كل واحد منا بشكلٍ أو بآخر، أو لبنٌ، أو جبنٌ، أو سمنٌ، وما شاكل ذلك، يحوي على سبعٍ وثمانين إلى واحدٍ وتسعين بالمئة منه ماءً، يقول ربنا عزَّ وجل:

﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة الأنبياء الآية: 30]

يحوي الحليب على الدسم، والسكريات، والبروتينات، والمعادن، والفيتامينات، وغازات منحلة، أي هو غذاءٌ كامل فيه غازاتٌ منحلة، كغاز الفحم، والأوكسجين، والنشادر، والفيتامينات, ومن المعادن، الكالسيوم، والفوسفور، والبروتينات، وما شاكل ذلك، والسكريات ، سكر العنب، والدسم، والماء . 

ما رأيكم في هذا المعمل التي تنتجه البقرة, وعلام يدل ؟

الآية التي تذهل، كيف أن هذا اللبن، يخرج من بطونها؟ هذا اللبن الخالص الذي يخرج من بين فرثٍ ودم، أحدث البحوث العلمية, قالت: أن في البقرة غدةً ثديية، هذه الغدة الثديية مقسمةٌ إلى فصوص

وهذه الفصوص مقسمةٌ إلى فصيصفات، وهذه الفصيصفات مقسمةٌ إلى أجواف صغيرة هي الأسناخ، محاطةٌ بغشاءٍ من الخلايا، حول هذه الخلايا شعريَّاتٍ دموية، تأخذ الخلايا من الدم ما تحتاج، وتفرز الحليب في جوف هذا التجويف، ينتهي هذا الجوف بقناةٍ إلى حوض الغدة، ثمَّ إلى حوضِ ثديِ البقرة، ثمَّ إلى حُلمتها، خليةٌ حتى هذه الساعة، لا تعرف طبيعة عملها، خليةٌ تأخذُ من الخارج من الدم ما تحتاج، وتفرز الحليب في باطنها .

قال العلماء: إن ثلاثمئة حجمٍ إلى أربعمئة حجمٍ من الدم، يسير حول هذه الأسناخ, من أجل تحصيل حجمٍ واحدٍ من الحليب، أي كل حجم من الحليب، يجول حول هذه الشعريات، فالبقرة معملٌ بكِّل ما في هذه الكلمة من معنى .الشيء الذي يذهل أنه حتى الآن، لا يعرف كيف تعمل هذه الخلية؟ تأخذ من الجهة الوحشية من شعريات الدم المواد، والفيتامينات، والمعادن، والبروتينات، والسكريات، والدسم، والماء تخلطها، وتفرز من الداخل الحليب، تنتج البقرةٌ الواحدة من ثلاثين إلى أربعين كيلو من الحليب، وكل كيلو هو محصلة دوران ثلاثمئة لتر دم في هذه الشعريات، فلما ربنا عزَّ وجل يقول:

﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾

[ سورة النحل الآية: 66]

هذه آيةٌ عظمى على عظمة الله سبحانه وتعالى .
بحث العلماء من يعطي الأوامر؟ من ينظِّم؟ من ينسِّق؟ من يعطي هذه الخلية أمراً بأخذ البوتاس، والفوسفور، والكالسيوم، والفيتامينات، والمعادن، وأشباه المعادن، والغازات، والسكريات، والمواد الدسمة من الدم؟ كيف تخلط؟ كيف تمزج؟ كيف تصبح حليباً ناصع البياض خالصاً من كلِّ شائبة لا أثر للدم فيه؟ هذه يد الله تعمل في الخفاء، البقرة معملٌ يدلُّ على عظمة الله سبحانه وتعالى . 

ما النتيجة التي يحصل عليها الإنسان لو أنه فكر واعتبر من خلق هذا الكون ؟

 

 أيها الأخوة المؤمنون, لو أن الإنسان فكَّر في خلق السموات والأرض

لو أن الإنسان فكر في الحيوانات التي حوله، لو أنه فكر في النباتات التي يأكلُّ منها، لو أنه فكر في خلقه، لأخذه العجب العجاب، لخرَّ لله ساجداً، لأطاعه حقَّ الطاعة، لعبده حقَّ العبادة، هذا الإله العظيم، الذي يصنع لكَّ الحليب، من هذا الحشيش الذي تأكله البقرة، هل تستطيع أن تحول هذا الحشيش إلى حليب؟ إنك لن تستطيع ذلك، كيف يعدُّ الحليب غذاءً أساسياً في حياتك؟ تصنع منه اللبن، والحليب، والجبن، والقشطة، وما إلى ذلك، إن هذا كله عطاءُ الله عزَّ وجل, قال تعالى:

﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾

[سورة النحل الآية: 5]

﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾

[ سورة يس الآية: 72]

خلقت لنا، وذللت لنا، أفلا نشكره؟ أفلا نعبده؟ أفلا نطيعه؟ أفلا نحبه؟ قال عليه الصلاة والسلام:

((أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ, وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ, وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي))

[أخرجه الدارمي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في سننه]

تحميل النص

إخفاء الصور