وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 282 - الفك واللسان وجهاز الهضم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

كيف يتم عمليتا مضغ الطعام وهضمه ؟

أيها الأخوة الكرام, ذكرت لكم مراراً، أن التفكُّر في خلق السموات والأرض، أو أن التفكُّر في ذات الإنسان، التي هي أقرب شيءٍ إليه، يعدُّ أوسع بابٍ للدخول على معرفة الله، وأقرب طريقٍ إليه .

1- الفك :

فمن آيات الله في النفس, قال تعالى:

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

[سورة فصلت الآية: 53]

من آيات الله في النفس، أن هذا الفكَّ المتحرِّك، فيه ستُّ عضلاتٍ، تحرِّكه نحو الأسفل، وستُّ عضلاتٍ تحرِّكه نحو الأعلى، وعضلتان، تحركه يمنةً ويسرةً، وأربع عضلاتٍ ، تحرِّكه أماماً وخلفاً, والإنسان حينما يمضغ الطعام، يبتلع في اليوم اللقم، في حدود ألفين وأربعمئة مرة، هناك جهاز للبلع بالغ الدقة .

أيها الأخوة الكرام, قبل أن ندخل في وصف هذا الجهاز، خلايا الفم تتجدد مئة ألف خلية في كل دقيقة .

2- اللسان :

وفي اللسان، سبعة عشر عضلةً، تمكِّنه من الحركة في كلِّ الاتجاهات، لتحريك الطعام، انظر إلى العجَّانة، كيف أنها تدور، وكيف أن فيها خلاطاً يخلط العجين، كذلك الفم؟

اللسان بمثابة الخلاط، الذي يتحرَّك في كل الاتجاهات، ليخلط مقومات اللقمة .

3- اللهاة ولسان المزمار:

أيها الأخوة الكرام, موضوع البلع موضوع دقيق جداً، هناك اللهاة، وهناك لسان المزمار، فالإنسان حينما يبلع اللقمة، تأتي اللهاة، وتغلق طريق الأنف، ويأتي لسان المزمار، ويغلق الحنجرة، لكن وأنت نائم بالليل، يجتمع اللعاب في فمك، وأنت نائم، تجري عمليةٌ بالغة الدقة، أن هناك تنبيهاتٍ عصبية من الفم، إلى البصلة السيسائية، تجمَّع اللعاب كثيراً، فيأتي الأمر حيث يغلق بلسان المزمار واللهاة طريق الأنف، وطريق الحنجرة، وينتقل اللعاب إلى المري، وأنت نائم، وأنت لا تدري .

أيها الأخوة الكرام, تتحرك اللهاة ولسان المزمار بأمر العصب الوجهي التاسع والعاشر، وهذان العصبان يأتمران بمركزٍ في البصلة السيسائية، فلو أصيب هذا المركز بالعطب، بسببٍ أو لآخر, لارتدَّ الطعام إلى الأنف، لخرج الطعام من أنفك، ولارتدَّ الطعام إلى الحنجرة، وفي هذه الحالة يكون الموت المحقق بالاختناق .

4- المري :

أيها الأخوة الكرام, هذا المري، طوله خمسون سنتيمتر، مزوَّد بعضلات حلقية، تتقلَّص بالتدريج، فلو أن الإنسان كان مضطجعاً في مستشفى، وأعطيناه الطعام، الطعام يسير ، من أول المري إلى المعدة، ولو أننا علقنا إنسان من رجليه، وأطعمناه لقمةً، لذهبت نحو الأعلى، على خلاف الجاذبية، لأن هذا المري فيه عضلات دائرية، تتقلَّص تباعاً، فتنقل اللقمة إلى المعدة، ولو كنت في أي اتجاه .

5- المعدة :

أيها الأخوة الكرام, المعدة لها فؤاد، وهو محكم الإغلاق، لئلا تخرج السوائل الحامضية، فتزعجك، والإنسان حينما يتقيأ، يشعر بحرقةٍ لا تحتمل، إنها حمض كلور الماء الذي في المعدة، فلئلا يخرج هذا الحمض إلى المري، فيزعج الإنسان، كان الفؤاد محكم الإغلاق

فمن أجل أن تدخله اللقمة، لا بدَّ من رفع الضغط، ضغط دفع اللقمة في الفؤاد، أربعة أمثال الضغط في مكانٍ آخر في المري .

 

ما واجبك اتجاه خالقك, والعلم إلى أي طريق يفضي ؟

أيها الأخوة, كلُّ هذا من أجل أن تأكل, وأن تشرب، وأن تتنفَّس، وأن تنام، وأن تزدرد اللعاب في الليل، وأن ينتقل الطعام إلى المعدة، وألا تشعر بحرقة حمض كلور الماء، من رتَّب هذا؟ من صمم هذا؟ من أتقن هذا؟ قال تعالى:

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾

[سورة الطارق الآية: 5-7]

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾

[سورة التين الآية: 4]

ألا يستحقُّ هذا الخالق العظيم أن تتعرَّف إليه؟ ألا يستحقُّ أن تطيعه؟ ألا يستحقُّ أن تصلي له؟ ألا يستحقُّ أن تأتمر بأمره، وأن تنتهي عما عنه نهى؟ .
إذا أردت الدنيا، فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة، فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً، فعليك بالعلم, ولا تكفيك الخطبة، لأن الخطبة إقناعٌ لك بدخول الجامعة، فإذا دخلت الجامعة، ففيها مواد، ومقررات، ومحاضرات، ودراسات، لأنك إذا طلبت العلم، انتهى بك هذا العلم إلى الجنة .

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور