وضع داكن
28-03-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس 096 أ : اسم الله الباسط 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى:(الباسط):

أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الباسط" القابض "الباسط".

ورود اسم الباسط في السنة الصحيحة:

هذا الاسم ورد في السنة الصحيحة في قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]

الباسط في اللغة:

"الباسط" في اللغة اسم فاعل، فعله بسط، يبسط، بسطاً، الآن انبسط الشيء على الأرض اتسع، وامتد، وتبسط في البلاد ؛ أي سار فيها طولاً وعرضاً، وبسيط الوجه يعني متهلل الوجه، مشرق.
والبسيط هو الرجل منبسط اللسان، وبسط إليّ يده بما أحب أو بما أكره، وصل إليّ، بسطها ؛ أي مدها، وفي الآية:

﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 28 )

بسط الكف على أنواع منها:

1 ـ الطلب:

بسط الكف تستعمل على أنواع، تارةً للطلب.

﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ ﴾

( سورة الرعد الآية: 14 )

بمعنى الطلب.  

2 ـ الأخذ:

تارةً للأخذ.

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 93 )

3 ـ الصولة و الضرب:

وتارةً للصولة والضرب.

﴿ وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾

( سورة الممتحنة )

4 ـ البذل و العطاء:

وتارةً للبذل والعطاء.

﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾

( سورة المائدة الآية: 63 )

وبسط اليد في حقنا نحن البشر معلوم المعنى والكيفية، بسط اليد، أما في حق الله جل جلاله معلوم المعنى، مجهول الكيفية، المعنى واضح، أما الكيفية لا نعلمها، هذا في اللغة. 

من معاني الباسط:

1 ـ يبسط الرزق لعباده بجوده و كرمه:

ولكن لو قلنا الله جلّ جلاله هو "الباسط" هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته.
مرة أطلعتُ على سنبلة أصلها حبة قمح واحدة، أنبتت هذه الجبة خمس و ثلاثين سنبلة، عددت إحدى السنابل فإذا فيها خمسون حبة، ضربت خمسة و ثلاثين بخمسين، ألف و سبعمئة و خمسون حبة من حبة، أحياناً يقول لك: الكيس أعطى مئة كيس، أحياناً يعطي الكيس كيسين.
"الباسط" في الرزق الذي يعطي بلا حساب، هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته.
مرة طبيب توفي رحمه الله، كان عضواً في لجنة حوض دمشق، قال لي: انخفاض المياه في حوض دمشق ينبئ بمشكلة كبيرة جداً، ربما اضطر أهل دمشق أن يغادروا دمشق، تكلم كلاماً لم يمكّن الإنسان أن يقف على قدمه، هذه قصة قديمة، في العام الذي يليه نزل 350 مم، والمعدل السنوي 200، هناك ينابيع تفجرت، وقد انتهت من ثلاثين عام، مياه بعض القرى وصلت إلى دمشق، فإذا الله أعطى أدهش.
"الباسط" يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته، فيبتليهم على ما تقتضيه مشيئته وحكمته، فإن شاء وسع، وإن شاء قتر، فهو "الباسط" القابض.

تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز:

لكن يجب أن نعلم

علم اليقين أنه إذا قبض، أو إذا قنن فتقنين تأديب لا تقنين عجز، إذا قبض بما تقتضيه حكمته الباهرة، لا لشيء آخر، لأن خزائن ملكه لا تفنى.

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾

( سورة الحجر الآية: 21 )

ومواد جوده لا تتناهى، كما قال تعالى:

﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

( سورة الشورى )

كنت مرة في العمرة، فاطلعت على مجلة علمية رصينة فإذا فيها بحث لفت نظري، قال: هناك في الفضاء الخارجي سحابة، يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم الواحد بالمياه العذبة.

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

( سورة الحجر )

طبعاً يؤكد أن تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز قوله تعالى:

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾

( سورة الشورى الآية: 27 )

لذلك قالوا: الله سبحانه وتعالى علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
إنسان له دخل محدود، صائم، مصلٍّ، صالح، يا ترى لو كان دخله غير محدود كيف يكون ؟ لا أحد يعلم إلا الله، لذلك في حكمة بالغة أن الحكيم عليم، حكيم عليم.

2 ـ يبسط يده بالتوبة لمن أساء:

و "الباسط" بمعنى آخر، هو الذي يبسط يده بالتوبة لمن أساء، أو هو الذي يملي لهم فيجعلهم بين الخوف والرجاء، فقد قال عليه الصلاة و السلام:

(( إنَّ اللِهَ عزَّ وجلَّ يبْسُطُ يدَهُ باللَّيْلٍ ليَتوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنَّهار ليتُوبَ مُسيء الليلِ، حتى تطْلُعَ الشمسُ من مغرِبِها ))

[ مسلم عن أبي موسى الأشعري]

طلوع الشمس من مغربها من أشراط الساعة، ولكن بعضهم له اجتهاد لطيف أنه حينما نرى أن العلم كله، وأن القيم كلها، وأن الحضارة كلها، وأن التقدم كله في الغرب يغلق باب التوبة، أنت حينما لا تعبأ بدينك، ولا بقيمك، ولا بماضيك المجيد، ولا بهذه الأمة العظيمة التي اختارها الله لتكون وسيطاً بينه وبين خلقه، حينما لا تعبأ بكل هذا التاريخ العظيم، وتلتفت إلى الغرب على حساب دينك وقيمك، ربما في مثل هذه الحالة يغلق باب التوبة.
النمط الغربي في الحياة مع التفلت، مع الإباحية، هو النمط السائد في الأرض الآن، النمط الغربي في الحياة، انعدام الضوابط، الاستمتاع بالحياة إلى أقصى درجة، الصد عن سبيل الله، هذا النمط إذا ساد في العالم الإسلامي الإنسان لن يتوب لأنه يرى هؤلاء هم القادة، هم السادة، هم الراقون.

 

اقتران الباسط مع القابض لأن الاسمين متكاملان:

بعض أهل العلم يرى أنه ينبغي أن نقول القابض "الباسط"، الضار النافع ، المعطي المانع، المعز المذل، لأن كلاً من هذين الاسمين متكاملان، هو يضر لينفع، ويذل أحياناً ليعز، ويأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، فقد ورد:

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء ))

لا تستقيم لأحد نجح في زواجه، ولم ينجح في عمله، نجح في عمله لم ينجح في زواجه، نجح في زواجه وفي عمله ويعاني من صحته.

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها ـ عرف حقيقتها ـ لم يفرح لرخاء ))

لأنه مؤقت، الموت ينهي الرخاء، ينهي القوة، ينهي الغنى، يلغي الوسامة ، يلغي كل شيء.

(( فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))

[ من كنز العمال عن ابن عمر ]

الله عز وجل لا يسلب من مؤمن نعمة ما إلا ليزيده قرباً منه:

هناك ملمح دقيق في الحديث القدسي التالي:

(( يا بنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين ؟ قال: أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ))

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]

يعني الله عز وجل إذا سلب من مؤمن بعض صحته، ليضاعف له القرب أضعافاً مضاعفة.

(( أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ))

(( إنَّ اللِهَ عزَّ وجلَّ يبْسُطُ يدَهُ باللَّيْلٍ ليَتوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنَّهار ليتُوبَ مُسيء الليلِ، حتى تطْلُعَ الشمسُ من مغرِبِها ))

[ رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري]

أسماء الله كلها حسنى وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه:

لابدّ من أن تقول القابض الباسط، والمعطي المانع، والمعز المذل، قال هذا كلام لا بأس به لكن فيه نظر، أي يحتاج إلى تحفظ، ما هو التحفظ ؟ قال: أسماء الله كلها حسنى، الضار من أسمائه الحسنى، لو لم تقرنه بالنافع أسماء الله كلها حسنى، وكلها تدل على الكمال، وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه، من دون اسم آخر، وإن ذُكرا مقترنين زاد الكمال فيهما، في وصف رب العزة والجلال، كما هو الحال عند اقتران الحي القيوم، والرحمن الرحيم، والغني الكريم، والقريب المجيب، هذه كلها من أسماء الله الحسنى.
فالقول بالوجوب ذكر الاسمين معاً قال: وإن كان مستحسناً يعني المستحسن أن تقول الضار النافع، والمعطي المانع، والمعز المذل، والخافض الرافع.

الأعمال الصالحة تجعل عمر الإنسان مديداً من حيث الثمرة:

الآن يقول عليه الصلاة والسلام:

(( مَن سَرّه أن يَبْسُط الله له في رزقه، وأن يَنْسَأ له في أَثَره ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة ]

يعني في أجله، أن يطول عمره، العلماء في شرح يطول عمره لهم آراء لطيفة العمر لا يزيد ولا ينقص.

﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

فكيف يقول النبي الكريم:

(( مَن سَرّه أن يَبْسُط الله له في رزقه، وأن يَنْسَأ له في أَثَره ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة ]

فسر العلماء هذا الكلام، الإنسان فتح محله التجاري ساعة، ربح صفقة بمليون ، وإنسان فتح محله عشر ساعات ربح مئة ليرة، الزمن ليس له قيمة، القيمة بالربح.
فالإمام الشافعي عاش أقل من خمسين عاماً، هناك علماء كبار، ابن باديس بالجزائر عاش أقل من خمسين عاماً، هناك عمالقة في العلم عاشوا أقل منه، وتركوا أثراً لا يمحى، وهناك أناس يعيشون مئة و خمسة و عشرين عاماً، ما قدموا شيئاً.
لذلك معنى

(( يَنْسَأ له في أَثَره ))

يعني يعطي أعمالاً صالحة تجعل عمره مديداً من حيث الثمرة، و هناك حديث:

((إن الله عز وجل يمهل حين يذهب ثلث الليل الأول، ثم ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، حتى ينفجر الفجر))

[ الدار قطني عن أبي هريرة]

وهذه والله نصيحة، حينما تتعقد الأمور، حينما تلوح أشباح المصائب، حينما يضيق الأمر، حينما تغلق الأبواب، استقيظ قبل صلاة الفجر، وصلِّ ركعتين واسأله في السجود حاجتك من خير الدنيا والآخرة.

 

التهنئة الحقيقية حينما يعرف الإنسان ربه و يصطلح معه و يتصل به:

أخوتنا الكرام:

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ﴾

( سورة القصص الآية: 76 )

يعني سبعة رجال أشداء لا يستطيعون حمل مفاتيح كنوزه.

﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ﴾

( سورة القصص الآية: 76 )

الله عز وجل ذم الفرح ومدحه، ذمه حينما تفرح بالدنيا الفانية والزائلة، في حمق، في غباء، ومدحه حينما تفرح بفضل الله، إن فرحت بالهدى، إن فرحت أنك مستقيم، إن فرحت أن الله أجرى على يديك أعمالاً صالحة، هذا فرح حقيقي، لذلك:

(( إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادياً في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

[ ورد في الأثر]

التهنئة الحقيقية حينما تعرفه، وحينما تصطلح معه، وحينما تتصل به، وحينما تعمل لآخرتك.

﴿ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

( سورة القصص )

يعني في الدنيا.

 

وظيفة الإنسان في الدنيا معرفة الله و الاستقامة على أمره:

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾

( سورة القصص الآية: 77 )

آتاك مالاً ابتغِ به الدار الآخرة، آتاك علماً ابتغِ به الدار الآخرة، آتاك جاهاً ابتغِ به الدار الآخرة.

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

( سورة القصص الآية: 77 )

جئت إلى الدنيا كي تعرف الله، كي تستقيم على أمره، كي تعمل الأعمال الصالحة

﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

( سورة القصص )

إظهار الإنسان ما عنده والاستكبار على غيره صفة مذمومة:

فقال قارون:

﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾

( سورة القصص الآية: 78 )

هذا كلام يقوله معظم الناس، بجهدي، بكد يميني وعرق جبيني، بخبراتي المتراكمة، من انتمائي إلى أسرة قوية... إلخ.

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

( سورة القصص )

مرة سألني أخ عن معنى هذه الآية ؟ قلت له: إذا شخص يُساق إلى الإعدام و عليه مخالفة سير يسامح بمخالفة السير

﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾

( سورة القصص الآية: 79 )

هذه حاجة عند ضعاف النفوس، أن يظهر ما عنده، إذا عنده بيت يقول لك هذا أربعمئة متر، شيء جميل ! البلاط استيراد من إيطاليا، هذه اللوحة من إيطاليا، إظهار ما عندك كي تستعلي على الآخر، هذه صفة مذمومة.

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ﴾

( سورة القصص الآية: 79 )

الله عز وجل جعل الآخرة لمن لا يريد علواً و لا فساداً في الأرض:

أحياناً إنسان يقف أمام بيت جميل تذوب نفسه ألماً، هنيئاً لأصحاب هذا البيت.

﴿ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾

( سورة القصص )

أصلاً هو في شرع الله.

﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾

( سورة القصص )

التعقيب:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة القصص )

الشاهد في الآية

﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾

و لما كان يوم أُحد وانكفأ المشركون قال عليه الصلاة والسلام:

(( اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم يوم القيامة والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين ))

[أحمد عن ابن رفاعة الزرقي]

منهج الدعاة يقوم على التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس في آن واحد:

أيها الأخوة، قالوا القابض الذي يكاشفك فيقيك، و "الباسط" الذي بجلاله يكشفك بجماله فيبقيك، فأنت بين أن يقيك، القابض، وبين أن يبقيك، بالقبض يقيك، يمنعك أن تعصيه، يمنعك أن تشقى إلى أبد الآبدين، هو القابض "الباسط"، القابض الذي يقبض الصدقات، يأخذها بيمينه، من أربابها فيربيها.
"الباسط" يبسط النعمة فينميها، إذاً: يقبض الصدقات، ويبسط النعم، والقابض هو الذي يخوفك من فراقه، و "الباسط" يؤمن بعفوه وإطلاقه.
الإمام الغزالي يقول: القابض "الباسط" من العباد من أُلهم بدائع الحكم، وأوتي جوامع الكلم، داعية يخوف ويطمئن، يعبد الله خوفاً وطمعاً، يذكر أحوال أهل النار وأحوال أهل الجنة، يذكر عقاب الله وعدله، يذكر رحمته وفضله، في توازن، هناك دعاة يعتمد التخويف فقط، تخرج محطماً من كلامه، جهنم، والثعابين، غفور رحيم: يكون رحيماً حتى يدعو الناس إلى المعصية، لا، ينبغي أن تكون متوازناً بين التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس.

على الإنسان أن يؤمن بالله العظيم من خلال آياته الكونية ويحبه من خلال نعمه:

طبعاً أختم هذا الاسم "الباسط" بأثر قدسي، أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قال:

(( يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال: أحب عبادي إلي تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي ))

الأثر القدسي قال:

(( يا رب إنك تعلم إني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ـ هذا توجيه للدعاة ـ ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))

ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني، فلابد من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله.

﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

( سورة الحاقة )

معناها يجب أن نؤمن بالله العظيم من خلال آياته الكونية، ومحبة لله من خلال نعمه، وخوف منه من خلال نقمه وبلائه.

(( ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))

هذا منهج للدعاة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور