- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى:(الباسط):
أيها الأخوة الأكارم، لا زلنا في اسم "الباسط".
الحالة الداخلية للإنسان لها أثر كبير جداً في سعادته :
بادئ ذي بدء: أثر الإيمان بهذا الاسم "الباسط" في المؤمن هو بسط القلب، هناك شيء يسمى الحالة النفسية، لك جسم، لك بيت، لك أولاد، لك دخل، هذه أشياء في الظاهرة، من الداخل لك حالة نفسية إما أن تكون منبسطاً، مرتاحاً، متفائلاً، تشعر بسعادة، وإما أن تكون متشائماً، منقبضاً، في ضيق، في شدة، تشعر بالسأم، والضجر، والإحباط، الحالة الداخلية للإنسان لها أثر كبير جداً بسعادته.
قد تجد إنساناً بوضع بسيط جداً، دخله قليل، بيته صغير، أثاثه قديم، طعامه خشن، لكنه سعيد سعادة لا توصف، وقد تجد إنساناً دخله فلكي، كل شيء بين يديه، ومع ذلك يقول لك: أنا أشقى الناس، طبعاً هذا يأتي من قوله تعالى:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
فاسم "الباسط" يتجلى عليك، بيت صغير، عنده آلاف المشكلات، لكنه سعيد ، وإنسان آخر أعرض عن ذكر الله، يعيش حياةً ضنكا، يتجلى عليه اسم القابض، فالقابض و "الباسط" من أوضح الدلالات هي الحالة النفسية الداخلية.
فالمؤمن باسم "الباسط" المستقيم على أمره، المقبل عليه، يتجلى الله عليه باسم "الباسط"، ينشرح قلبه بتوحيد الله.
الإنسان يسعد بطاعة ربه ويشقى بمعصيته:
الحقيقة الدقيقة الإنسان يسعد بطاعة ربه، ويشقى بمعصيته، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
الله عز وجل يقبض القلوب بإعراضها عنه، ويبسطها بإقبالها عليه، بالكون حقيقة واحدة، إن تقربت من الله سعدت بأي ظرف تعيشه، وإن ابتعدت عنه تشقى بأي ظرف تعيشه، هذا ملخص ملخصِ الملخص.
فالمؤمن يتقلب بين نوازع الخير، قرينه من الملائكة يأمره بالخير، يهتف له بطاعة ربه، حتى يصبح قلبه مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، وهذا هو البسط الحقيقي.
التهنئة الحقيقية تكون بطاعة الله و امتثال أمره:
والله أيها الأخوة، لا أجد أن كلمة هنيئاً لك يستحقها إلا من عرف الله، نحن ألفنا أن نهنئ إنساناً بشراء بيت، بشراء مركبة، بتأسيس شركة، بالزواج، ألفَ الناس أن يهنئ بعضهم بعضاً بهذه المناسبات، لكن الحقيقة الصارخة أنه لا يمكن أن تكون التهنئة حقيقية وصحيحة إلا بطاعة الله.
(( إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنؤوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))
إن لم تقل بعد أن تبت إليه، وأقبلت عليه، إن لم تقل أنا أسعد الناس إلا أن يكون أحد أتقى مني لا تكون مؤمناً بالمعنى الكامل، أنت حينما تقبل عليه يقذف الله في قلبك نوراً ترى به الحق حقاً، والباطل باطلاً، والخير خيراً، والشر شراً، هذا النور في نصوص قرآنية تؤكده:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾
فقد كان رسول الله يقول في دعائه:
(( اللهم اجعل في بصري نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في لساني نوراً، واجعل في قلبي نوراً، واجعل عن يميني نوراً، واجعل عن شمالي نوراً، واجعل أمامي نوراً، واجعل من خلفي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، واجعل من أسفل مني نوراً، واجعل لي يوم لقاءك نوراً وأعظم لي نوراً ))
المؤمن يرى، له رؤية.
بطولة المؤمن أن تكون رؤيته صحيحة:
أيها الأخوة، ما من عمل تقوم به من دون استثناء إلا قبله رؤية.
مرة أتيت من مدينة في الشمال، في منتصف الليل بمركبة عامة، وصلنا إلى الشام الأمطار لا تحتمل، أمطار كأفواه القرب، وفي أحد الشوارع الكبيرة شارع العدوي إنسان يركض كرياضي، قلت: الشام فيها خمسة ملايين ونصف، كلهم وراء المدافئ يأكلون ويشربون، ما الذي في عقل هذا الإنسان من قناعة بالجري ؟ في رؤية أمامه، رأى أن سلامة قلبه في المستقبل منوطة بهذا الجري اليومي، في رؤية.
ما من إنسان يتحرك حركة، يتكلم كلمة، يبتسم، يمنع، يقطع، يصل، إلا وراء عمله في رؤية، فبطولة المؤمن أن تكون رؤيته صحيحة، أن الله نوّر قلبه، أنه ينظر بنور الله، ينطق بتوفيق الله.
(( في قلبي نوراً، في بصري نوراً ))
إنسان قد يجد بيتاً راقياً جداً، فخماً جداً صاحبه تاجر مخدرات، مثلاً، لا يقول هنيئاً له، يرى هذا البيت بعين المؤمن، هذا يبني رفاهه على دمار الشباب، فينبغي أن ترى رؤية إيمانية، أنا قد أُعجب بإنسان بسيط جداً دخله حلال، مستقيم، ولا أُعجب بإنسان دخله فلكي، لكن جمع هذا المال من حرام.
الفتن في آخر الزمان كقطع الليل المظلم:
أخوانا الكرام، هناك حديث دقيق جداً رواه سيدنا حذيفة بن اليمان قال:
(( كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن ؟ ))
في بعض الأحاديث:
(( أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ))
(( سيدنا عمر قال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن ؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلَّكم تَعْنُون فتنة الرجل في أهل وجاره ؟ قالوا: أجل، قال: لا، تلك يُكَفِّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيُّكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر التي تموج موجَ البحر ؟ قال: حذيفة: فأسكتَ القومُ ، فقلت: أنا ، قال: أنت لله أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير عَودا عَوداً ))
الآن في فتنة المرأة في الطريق، كل مفاتنها ظاهرة، فتنة المحمول، تنقل عبر المحمول أفلام إباحية، ومشاهد ساقطة، فتنة الشاشة، قدروا أنه في ثمانمئة محطة فضائية أربعمئة محطة إباحية، ثلاثة و عشرون مليون موقع إباحي بالانترنيت، الانترنيت فتنة ، الشاشة فتنة، المحمول فتنة، المرأة في الطريق فتنة، المجلة فتنة، الصحيفة فتنة، الجامعة فتنة.
(( الفتن على القلوب كالحصير عَودا عَودا، فأيُّ قلب أُشْربَها ـ تعلق بها ، أعجب بها، ارتاح لها ـ فأيُّ قلب أُشْربَها طرب لها نُكِتَ فيه نُكتة سوداء، وأَي قلب أنكرها ـ أعوذ بالله، معاذ الله، الله الغني ـ وأَي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء ))
تعرض الشباب اليوم إلى تطرفين تطرف تشددي تكفيري وتطرف تفلتي يلغي القيم:
أنا كنت أقول: قبل خمسين عاماً سوف أرمز للحق باللون الأبيض الناصع، وسوف أرمز للباطل باللون الأسود الداكن، وسوف أرمز لما بينهما حق وباطل باللون الرمادي فقبل خمسين عام مساحة الرمادي كبيرة جداً بيئتنا، أهلنا، ليسوا ملتزمين تاماً، وليسوا منحرفين تماماً وسط، معظم الناس هكذا كانوا، لكن الآن الشيء الجديد أن اللون الرمادي اختفى، إما أن تجد إنساناً عقيدته سليمة، سلوكه منضبط، مندفع إلى الدار الآخرة، أو تجد إنساناً إباحياً، أو الشباب أمل الأمة، هؤلاء هم المستقبل، معرضون الآن إلى تطرفين تطرف تشددي التكفير، ثم التفجير، وتطرف تفلتي، إلغاء القيم والإباحية.
فيقول عليه الصلاة والسلام:
(( حتى تصير على قلبين ))
كل هذه الملايين المملينة:
(( تصير على قلبين: أبيضَ مثل الصَّفا، فلا تَضرهِ فتنة، مادامت السماوات والأرضُ، والآخر: أسود مُرْبادا ـ يعني شدة البياض في سواد ـ كالكوزِ مُجَخِّيا ))
الكوز أي الإناء مقلوباً على فمه، الآن إذا كان قلبته على فمه هل يقبل شيء ؟ أي شيء تصبه عليه لا يقبله.
(( كالكوزِ مُجَخِّيا، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أُشرب من هواه ))
أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يصف الفتن الماحقة، الفتن الكبيرة، التي هي كقطع الليل المظلم، أن هذه الفتن تفرز الناس إلى زمرتين، زمرة مثل الصفا، بياض ، وصفاء، وطهر، ونقاء، واستقامة، وورع، وإقبال، وزمرة ثانية والعياذ بالله لا يقيم على خير، لا يفرق بين الحلال والحرام، ولا بين الخير والشر.
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ ـ صُعق الصحابة ـ قالوا: يا رسول الله إن هذا لكائن ؟ قال: نعم وأشد منه كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً ))
على المؤمن أن يشكر الله عند البسط و يصبر عند القبض:
والله يا أخوان هناك مئات القيم الآن، مئات القيم الخيرة أصبحت تهمة، نحن الآن في عصر العمل الخيري متهم بالإرهاب، العمل الخيري الصافي النقي الذي فيه بطولة متهم، الدفاع عن الأمة متهم، يقول لك إرهابي، يدافع عن أرضه، أرضه محتلة، أسير واحد تقوم الدنيا ولا تقعد، واحد، وأحد عشر ألفاً و ثمانمئة أسير لا أحد ينطق بكلمة.
أيها الأخوة، لذلك المؤمن ينبغي أن يشكر عند البسط، وأن يصبر عند القبض، والله عز وجل يقلب حال المؤمن، من بسط إلى قبض، حينما يطيع الله كثيراً، ويقبل عليه ويخطب وده، ويحسن إلى خلقه، ويتقن عباداته، ويتلو كتابه، يتجلى الله عليه باسم "الباسط"، وحينما يتساهل في الاستقامة، ولا يتقن عبادته يؤدبه الله باسم القابض.
لذلك سيدنا علي أدرك هذه الحقيقة قال: إن لنفسي إقبالاً وإدباراً، إن أقبلت فاحملها على النوافل، وإن أدبرت فاحلمها على الفرائض.
أوتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بطعام وكان صائماً فقال:
(( قُتِلَ مُصْعَب بنُ عُمَيرٍ وهو خيرٌ مني، فكُفِّنَ في بُرْدَة: إِن غُطِّيَ رأْسُه بَدَتْ رجلاه ـ كان أهله أغنياء جداً، لكنه لما آمن برسول الله حُرم كل شيء ـ وإِن غُطِّي رجلاه بَدَا رأسُه، وقُتِلَ حمزةُ، وهو خيرٌ مني، ورُوي: أَو رجلٌ آخَرُ شَكَّ إِبراهيم، فلم يُوَجد ما يُكفَّنُ به، إِلا بُرْدَة، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ، أو قال: أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا وقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلَتْ لنا طَيِّبَاتُنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي، حتى ترك الطعام ))
ليست القوة المادية دليل محبة الله عز وجل، أحياناً العكس.
لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( فوالله مَا الْفقْرَ أخْشى عليكم، ولكني أخشي أنْ تُبْسَط الدُّنيا عليكم كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم، فَتَنافَسُوها كما تَنافسوها وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ ))
رحمة الله عز وجل خير للإنسان من كل شيء :
هناك حالة بعد طلب الرزق الجمع، رزقه مُؤَمن، وبيته فخم، ودخله كبير، كل أموره ميسرة، وبالمكان الجميل منتجع، وبالمكان الساحلي منتجع، وعنده ببعض البلاد منتجع، ما عنده مشكلة رزق، مشكلة جمع، يريد أن يتنافس مع الآخرين أنداده بجمع الثروة، قال تعالى:
﴿ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
الجمع غير طلب الرزق.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( كيف بكم إذ فَسَقَ فِتْيانُكم، وطغى نِساؤُكم ؟ ))
الفتيات حينما تبرز أجمل ما عندها لا لزوجها، لمن في الطريق، للشباب، حينما تبرز كل مفاتنها، أو حينما لا يبقى للزوج شيء يختص به، كل مفاتن المرأة الآن في الطريق مبذولة.
(( كيف بكم إذ فَسَقَ فِتْيانُكم، وطغى نِساؤُكم ؟ قالوا: يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: نعم، وأشدُّ، كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر قالوا: يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا ))
علة خيرية الأمة المسلمة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر:
أيها الأخوة، أنا أتمنى ألا يقع الإنسان بوهم، معظم المسلمين يتغنون بقوله تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
كان في خطيب في مصر كلما ذكر الأزهر يقول الأزهر الشريف سابقاً، هكذا كدعابة
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾
ما علة هذه الخيرية ؟ علتها:
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
لو أن هذه الأمة المسلمة لم تأمر بالمعروف، ولم تنهَ عن المنكر، فقدت خيرتها وأصبحت أمة كأي أمة خلقها الله، هؤلاء الذين قالوا:
﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
بماذا ردّ الله عليهم ؟
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
ما لكم ولا ميزة، فإذا قال المسلمون اليوم: نحن أمة التوحيد، نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
أنا أعتقد الجواب جاهز، جواب الذات الإلهية:
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
تقسيم الأمة إلى أمتين ؛ أمة الاستجابة و أمة التبليغ:
هذه المفارقة الحادة بين قوله تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
وبين واقع المسلمين، اضطر العلماء إلى تقسيم الأمة إلى أمتين، أمة الاستجابة، وهي الأمة التي وصفها الله في القرآن الكريم، بأنها خير أمة أخرجت للناس، استجابت لله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
فالأمة التي استجابت وطبقت منهج الله، وطبقت منهج رسول الله، في بيوتها ، وفي أعمالها، وفي كسب أموالها، وفي إنفاق أموالها، وفي مناسباتها، وفي علاقاتها ، الأمة التي طبقت منهج الله هي الأمة التي
﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
أما حينما لا تأمر بالمعروف، ولا تنهى عن المنكر.
مثلاً: رجل مسلم صائم مصلٍّ، تزوره ابنة أخيه، شابة طالبة في الجامعة ثيابها فاضحها، كل خطوط جسمها ظاهرة، كل مفاتنها ظاهرة، يستقبلها، ويرحب بها ويثني على ذكائها، وعلى دراستها، ولا يخطر في باله لثانية واحدة أن يعاتبها على هذا التفلت، ما سبب هلاك بني إسرائيل ؟ قال:
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾
فلذلك الوضع المؤلم للأمة الإسلامية، التي هي الآن لا تأمر بالمعروف، ولا تنهى عن المنكر، بل التي تأمر بالمنكر، وتنهى عن المعروف، بل الأمة أصبح فيها المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، هذه الأمة ليست أمة الاستجابة، وليست من الأمة التي وصفها الله بالخيرية، بل هي أمة التبليغ، وهي أمة كأية أمة خلقها الله عز وجل.
الله عز وجل لا يحابي أحداً و يحاسب كل إنسان على عمله:
لذلك الله عز وجل قل ما تحب أن تقول، لكن الله لا يحابي أحداً، يعامل كل إنسان على عمله.
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
نحن ينبغي أن نصحو من غفلتنا، وأن نعود إلى رشدنا، وأن نطيع ربنا، وأن نعتقد جازمين أننا إذا طبقنا منهج رسول الله لا يمكن أن نُعذب.
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
أي منهجك فيهم مطبق، في احتفالاتنا تجد نساء كاسيات عاريات، في الأعراس بأبهى زينة، بثياب فاضحة، ويدخل العريس ليجلس ويملأ عينيه من محاسن هؤلاء، ثم يصور هذا الحفل بفيلم فيدو ويوزع، فالرجل يرى النساء و كل أقاربه بأبهى زينة، هذه فتنة كبيرة جداً.
أيها الأخوة، لابدّ من أن نرجع إلى ربنا، لابدّ من أن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر، لابدّ من ألا تأخذنا في الله لومة لائم، لعل الله سبحانه وتعالى يتجلى علينا باسم "الباسط".