- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى:(المقتدر):
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في اسم "المقتدر".
الله عز وجل خلق كل شيء بقدر لحكمة بالغة:
الله عز وجل يقول:
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾
بتقدير دقيق، "المقتدر" من معانيها التقدير، حاسة البصر لها حساسية معينة فلو زادت هذه الحساسية لرأيت البكتريات في الماء فلم تشرب الماء، لرأيت هذا الجلد أخاديد، ونتوءات، وحفر، وغابات من الشعر، لا تستطيع أن تنظر إلى إنسان،
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾
السمع: لو أن الموجة الصوتية لا تتخامد لكانت الحياة في الأرض لا تحتمل ، أصوات أمواج البحر في كل مكان، كل أصوات الأرض تصل إلى كل أنحاء الأرض، لكن لحكمة بالغةٍ بالغة أن الموجة الصوتية تتخامد، هذا المكان فيه هدوء، الشارع التحتي فيه ضجيج، الضجيج لا يصل إلى هنا، الموجة الصوتية تتخامد، بينما الموجة الكهرطيسية لا تتخامد.
أرسلوا مركبة إلى المشتري، سارت بأسرع سرعة صنعها الإنسان، أربعون ألف مايل في الساعة، بقيت تمشي ست سنين، إلى أن وصلت إلى هناك، وأرسلت رسائل عن طريق الموجات الكهرطيسية، هذه الموجات لا تتخامد، حكمة الله من تخامد الموجة الصوتية الحياة تحتمل في الأرض، ساكن بشارع بعيد عن الشارع الرئيسي، الجو هادئ لأن الموجة الصوتية تتخامد،
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾
أحياناً الإنسان أثناء قص أظافره، يأخذ من مكان ينبغي ألا يأخذ منه، فإذا أكل طعاماً فيه حمض تحرقه يده، فلو كانت حساسية الجلد بأعلى مستوى الحياة لا تحتمل.
فحينما يقول الله عز وجل
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾
هذا من التقدير.
المقتدر من التقدير أو من القدرة:
إذاً "المقتدر" من التقدير، و "المقتدر" من القدرة، إما من التقدير، أو من القدرة.
﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾
الصواعق قديماً، والآن الصواريخ.
﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾
الزلازل قديماً، وحديثاً، والألغام.
﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
الحرب الأهلية، أشد الحروب قساوة في تاريخ البشرية ليست الحرب بين فريقين متعاديين، الحرب في الأمة الواحد، في البلد الواحد، هي الحرب الأهلية،
﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
الإنسان حينما يبطش يبطش بعنف ما بعده عنف، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾
الله عز وجل قادر، وقدير، و "المقتدر" والاقتدار إما من التقدير الدقيق، أو من القدرة.
الإحساس بالقوة من لوازم الإيمان بالمقتدر:
أيها الأخوة، المؤمن إذا كان مع "المقتدر" يشعر بالقوة، المؤمن ضعيف لكن هو يستمد قوته من "المقتدر"، يشعر بقوة إذاً لا ينافق، يشعر بقوة إذاً لا يتضعضع أمام القوي الغني، يشعر بقوة يرفع رأسه عالياً، يشعر بقوة بسبب أن مصيره بيد الله، وأن الله جلّ جلاله لم يسلم الأعمار والأرزاق لبني البشر، العمر والرزق بيد الله.
أحد التابعين قال له الحجاج: سأقتلك، قال له: والله لو علمت أن حياتي بيدك لعبدتك من دون الله، ولكن حياتي بيد الله.
لمجرد أن تؤمن أن حياتك بيد الله، ترفع رأسك عالياً، ولا تنافق، ولا تنبطح ولا تتذلل، ولا تتضعضع.
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
فإذا كنت مع القدير، إذا كنت مع "المقتدر"، إذا كنت مع القادر، قادر، قدير ، مقتدر، شعرت بالقوة، والمؤمن يشعر بقوته التي يستمدها من الله، نظيف، واضح سريرته كعلانيته، وسره كجهره، وخلوته كجلوته.
(( تركتكم على بيضاء نقية، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا ضال ))
الآن تشعر بالقوة إذ كنت مع "المقتدر" وتشعر بالضعف أمام "المقتدر"، شعوران متناقضان، إذا كنت مع "المقتدر" تشعر أنك في حماه، تشعر أن قدرته تحميك، أن قدرته تحول بينك وبين أعدائك، الإحساس بالقوة من لوازم الإيمان بالمقتدر وأنت أمام "المقتدر" ضعيف، الضعف يجعلك متواضعاً.
أغبى الأغبياء من لا يدخل الله في حساباته:
المؤمن له حالان، حالة تواضع لأنه رأى عظمة الله عز وجل، وحالة قوة لأنه استعان بالله، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله.
هذان المعنيان ضروريان جداً، الإنسان أحياناً تغيب عنه قدرة الله فيتحرك بحمق وغباء، فالله عز وجل يؤدبه أشد التأديب.
بالمناسبة: أي إنسان لا يدخل الله في حساباته يكون أغبى الأغبياء، وأحمق الحمقى، المؤمن يتعامل ودائماً وأبداً الله موجود، الله على كل شيء قدير، أنا في قبضة الله، كل شؤوني بيده.
فلذلك المؤمن يستمد قوته من استقامته، هو ضعيف لكنه يستمد قوته من استقامته واتصاله بالله عز وجل، إذا غابت عنك قدرة الله تتعدى على الآخرين.
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾
رأى نفسه قوياً مستغنياً عن الله يطغى.
المؤمن لا ينبطح و لا يتذلل أمام أحد لأنه يرى الله ويرى علاقته بالله عز وجل:
أيها الأخوة، هناك أناس كثيرون لضعف إيمانهم، ولضعف معرفتهم بالله، وهم أقوياء يتحركون بغطرسة، وكبر، واستعلاء، وقد يبطشون، ثم يفاجؤون أن الله يبطش بهم ، كل بطولتك، وكل ذكائك، وكل التفوق، في أية لحظة أن تشعر أن الله موجود.
الآن أحياناً تستمع إلى الأخبار تضعف همتك، تشعر بالإحباط أحياناً، الطرف الآخر قوي جداً، ويفعل ما يقول، ويتفنن أحياناً بإذلال الآخر، ونهب ثرواته، وقهره ، ولكن المؤمن بأية لحظة لا ينسى أن الله موجود، استمع إلى الأخبار، واستمع إلى التحاليل ، ولا تنس لثانية واحدة أن الله موجود، وأن الأمر بيد الله، وأن الله قادر على أن يقلب الموازين بلمح البصر.
(( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن ))
فإذا رأيت قوياً فاعلم أن الله سمح له أن يكون قوياً، لحكمة بالغةٍ بالغة بالغةٍ عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها.
لذلك المؤمن لا يتضعضع، المؤمن لا ييأس، المؤمن لا يخضع، المؤمن لا ينبطح لأنه يرى الله، ويرى علاقته بالله عز وجل .
دعاء الاستخارة دعاء سنّه النبي عليه الصلاة والسلام:
أيها الأخوة، كلما تطاول الإنسان، وكلما نسي الله، وكلما تحرك ولم ينتبه إلى أن الأمر كله بيد الله، يقع في إشكال كبير، إما في تأديب أو في خيبة أمل، لذلك:
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
* * *
فقد ورد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم الاستخارة في الأمور كما علمهم السور من القرآن فقال:
(( إِذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتين من غيرِ الفريضةِ، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرُكَ بعلمكَ، وأسْتَقْدِرُك بقدرتكَ، وأَسأَلكَ من فضلك العظيم، فإنك تقدِر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علامُ الغيوب، اللهم إِن كنتَ تعلم أن هذا الأمْرَ خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبةِ أمري ))
دققوا في الدعاء النبوي:
(( اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ))
إذاً:
((.....إِن كنتَ تعلم أن هذا الأمْرَ خير لي في ديني ومعاشي ـ يعني في دنيانا ـ وعاقبةِ أمري أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِهِ - فاقْدُرْهُ لي، ويسِّرْهُ لي، ثم بارك لي فيه اللهم إن كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمر شَرّ لي في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلهِ - فاصْرِفه عَنِّي، واصرفْني عنه ))
يعني خطب فتاة أعجبته ثم لم يوفق إلى الاقتران بها، السؤال الرابع أن ينزع الله حبها من قلب الإنسان.
(( فاصْرِفه عَنِّي، واصرفْني عنه، واقْدُرْ لِي الخيرَ حيث كان، ثم رَضِّني به قال: ويُسَمِّي حاجَتَه ))
هذا دعاء الاستخارة، هذا سنّه النبي عليه الصلاة والسلام.
على الإنسان أن يستخير ربه بنفسه فالاستخارة في المباحات لا في الفرائض والمحرمات:
لكن هناك أناس يتجاوزن حدود الشرع، يكلف إنساناً آخر أن يجري له الاستخارة، ليس بينك وبين الله حجاب، أو يستخير ويفتعل جواباً من الله، يفتح مصحفاً لا على التعيين.
إنسان أراد أن يشتري حمار فاستخار الله عز وجل، فتح المصحف فقرأ قوله تعالى:
﴿ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ﴾
الإنسان قد يخترع أساليب ليست من الشريعة في شيء، الرد الإلهي التيسير فقط يسره لي، فمادام في تيسير، يقول لك ما انشرحت، هذا كلام غير منضبط، أو يفتح المصحف على آية معينة، لا، الرد الإلهي هو التيسير، الأمر ميسر، السفر ميسر، الجماعة وافقوا، إذا الله سمح بهذا الشيء، طبعاً الاستخارة في المباحات لا في الفرائض ولا في المحرمات، في المباحات فقط.
وروى النسائي من حديث عمار بن ياسر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( اللهمَّ بِعلْمِكَ الغَيبَ، وَقُدرَتِكَ على الخَلقِ، أحيني ما عَلِمْتَ الحيَاةَ خَيْرا لي وتَوَفَّني إذا عَلِمْتَ الوفاةَ خَيرا لي، اللهمَّ وأسألك خشيتك في الغيبِ والشهادة ))
(( من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذاا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله ))
(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثورا قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))
إذاً:
(( اللهمَّ وأسألك خشيتك في الغيبِ والشهادة، وأَسألك كلمة الحقِّ في الرضا والغضب ))
تغضب من إنسان تجعله أسوأ بني البشر، وترضى عن إنسان تجعله تقياً، نقياً، ورعاً، هناك مبالغات.
(( أحْبِبْ حبِيبَك هَوْنا مَّا، عسى أن يكونَ بَغِيضَكَ يوماً مَّا، وأبْغِضْ بغيضَك هَوْنا مَا عسى أن يكونَ حبيبَك يوماً ما ))
بطولة الإنسان أن يعرف الله عز وجل وهو قوي شديد معافى:
(( وأَسألك كلمة الحقِّ في الرضا والغضب، وأسأَلك القَصْدَ في الفقر والغنى ))
الإنسان حينما يغتني ويقوى قد لا يسأل الله شيئاً، لأنه استغنى عن الله.
(( وأسأَلك القَصْدَ في الفقر والغنى ))
البطولة أن تسأله، وأن تتذلل إليه، وأن تمرغ جبهتك في أعتابه، وأنت غني ، وأنت قوي، وأنت صحيح، لكن البشر جميعاً حتى من ضعفت عقيدتهم عند الشدة دعوا الله مخلصين، فالبطولة أن تعرفه وأنت صحيح معافى، شديد، قوي.
(( وأسأَلك القَصْدَ في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا يَنْفَدُ، وأسألك قُرَّة عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرِّضا بعدَ القَضاءِ، وأسأَلك بَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ، وَأَسأْلك لَذَّةَ النظر إلى وَجهِكَ، والشَّوقَ إلى لِقَائِكَ، في غير ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، ولا فِتْنَةٍ مُضِلَّة ))
الإنسان أحياناً بعد شدة لا تحتمل يتوب إلى الله، أو بعد قهر وإذلال يرجع إلى الله، فالبطولة أن تعود إليه من دون شدة ، من دون قهر، من دون إذلال.
(( اللهمَّ زَيِّنَّا بِزِينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُدَاة مَهْدِيِّينَ ))
هذا من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام في التهجد.
أثر اسم المقتدر يظهر حينما يعلق الموحد أفعاله على مشيئة الله:
أيها الأخوة، أثر هذا الاسم في عبودية اللسان يظهر حينما يعلق الموحد أفعاله على مشيئة الله، أفعل هذا إن شاء الله، إن شاء الله الإيمانية، أما المنافق إن أراد أن يأتي يقول لك إن شاء الله سآتي، إن أراد أن لا يدفع ما عليه إن شاء الله أدفع لك، هذه إن شاء الله النفاقية، أما إن شاء الله الإيمانية عازم على التنفيذ لكن ربط مشيئته بمشيئة الله، إن شاء الله سواء في الماضي والحاضر والمستقبل.
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الموحد يقول فيما وقع ومضى من الأحداث:
(( فلا تَقُل: لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل فإن لو تفتحُ عَمَلَ الشيطان ))
لو ممنوعة، ممنوعة في قاموس المؤمن.
(( فلا تَقُل: لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل فإن لو تفتحُ عَمَلَ الشيطان ))
ولكن العلماء استثنوا لو الإيجابية، يعني ما دفع زكاة ماله، فأتلف الله له ماله، لو قلت لو دفعت زكاة مالي لكان مالي محفوظاً، قل هذا الكلام، جيد، لولا أني ظلمت زوجتي، وطلقتها تعسفاً وظلماً ما علقت بهذه الزوجة التي أرتني النجوم ظهراً، قل لو الإيجابية، الإيجابية حينما ترتكب لا سمح الله ولا قدر خطأً فادحاً وتدفع ثمنه باهظاً، قل لو فعلت كذا لكان كذا، هذه لو سماها العلماء الإيجابية، لو السلبية ممنوعة.
لأنه لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا سيما بعد نفاذ التدبير، ووقوع التقدير، لذلك يقول عليه الصلاة:
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
خيارات العمل الصالح للقوي و الغني لا تعد ولا تحصى:
إذا كان طريق القوة، وطريق الغنى سالكاً وفق منهج الله، يجب أن تكون قوياً لأن خيارات العمل الصالح للقوي لا تعد ولا تحصى، ولأن خيارات العمل الصالح للغني لا تعد ولا تحصى.
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
لكن النبي بالتعبير الدارج جبار خواطر.
(( وفي كلّ خير ))
يعني أي مؤمن على العين والرأس.
(( احرِصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزْ، وإن أصابك شيء فلا تَقُل: لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل، فإن ' لو ' تفتحُ عَمَلَ الشيطان ))
على المؤمن ألا ينسب النعم الكبرى إلى فضله و ذكائه بل إلى فضل الله عز وجل ونعمه:
أيها الأخوة، الإنسان:
(( لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))
شظية طائشة عند الله لا يوجد، كل شيء بقدر، أما ردّ الأمر إلى المشيئة والقدرة في الحاضر فالمؤمن يقول دائماً: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أدق ما قرأت عن تفسير هذه الكلمة لا حول عن معصيته إلا به، ولا قوة على طاعته إلا به، يعني:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
لا حول عن معصيته إلا به، الأدب الجم الذي تمتع به سيدنا يوسف:
﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾
لا حول عن معصيته إلا به، ولا قوة على طاعته إلا به،
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
لذلك المؤمن ينسب النعمة إلى المنعم لا إلى ذكائه.
﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾
إذا كنت بنعمة، ببحبوحة، بمنصب رفيع، بشهادة عليا، بأولاد أبرار، لك مأوى، هذه النعم الكبرى لا تنسبها إلى جهدك، وذكائك، وخبرتك، وتعبك، وعرق جبينك ، وكد يمينك، انسبها إلى فضل الله عز وجل.
على المؤمن التخلق بالكمال الإلهي الذي أساسه دقة التقدير والقدرة:
المؤمن يرى فضل الله عليه، وأما رد الأمر إلى مشيئة الله وقدرته في المستقبل فهو كقوله تعالى:
﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً ﴾
الأجانب أحياناً يسخرون من بعض المسلمين المقصرين يسمون الشرقي أي، بي إم، (أي إن شاء الله، إذا أراد ألا يفعل، وبي، بكرة، تأجيل، وإم، معلش، لا يهتم، لا يبالي وإذا بال فمن بال يبول، لا من بال يبالي.)
إذاً الإنسان حينما يرجئ، ويسوف يكون مقصراً، فالمؤمن لفهمه لهذا الاسم العظيم متمكن في عمله، متمكن في بيته، يعلم دقائق الأمور، ومهيمن على كل أطراف الأمور، مؤمن شكلي، صوري، ما في هيمنة، ما في قدرة، ما في معلومات صحيحة ، هذا يتناقض مع تخلق الإنسان المؤمن بهذا الكمال الإلهي الذي أساسه دقة التقدير والقدرة.