- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى:(الوارث):
أيها الأخوة الأكارم، لا زلنا في اسم "الوارث".
أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها وأشقاهم فيها أرغبهم فيها:
قال ابن عمر:
(( أخَذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكبي، فقال: ' كُنْ في الدنيا كأنك غَريبٌ، أو عابِرُ سَبيلٍ '. وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيتَ فلا تَنتَظِر الصَّباحَ، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ))
إن كنت صحيحاً فاستغل هذه النعمة، وأطع ربك، وبادر إلى الأعمال الصالحة، و املأ وقتك وأنت صحيح بالأعمال التي تنفعك بعد مضي الوقت، وخذ من حياتك لموتك ، عند الموت يقف العمل، ويبدأ الجزاء، ونحن في الدنيا عمل ولا جزاء، وبعد الموت جزاء ولا عمل.
(( وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ))
الحقيقة إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها، وأشقاهم فيها أرغبهم فيها، أنت حينما تعرف حقيقة الدنيا إنها دار التواء لا دار استواء، لا تستقيم لإنسان، منزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، لأنه مؤقت، ولم يحزن لشقاء لأنه مؤقت، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
حينما تعرف حقيقتك في الدنيا تسعد بها، وحينما تظنها حياة مستقرة هي محط الرحال، ومنتهى الآمال، تشقى بها.
كل شيء على سطح الأرض سيؤول إلى الله وهو خير الوارثين:
أيها الأخوة، هذا من معاني اسم "الوارث" كل شيء بيدك سوف يزول، سألوا أعرابياً معه قطيع إبل، سألوه لمن هذه الإبل ؟ قال (أجاب إجابة رائعة): لله في يدي، هي لله لكنها الآن في يدي.
فبيتك لله في يدك، ومركبتك لله بيدك، ومكتبك التجاري لله في يدك، وثروتك لله في يدك:
(( دخل عمر رضوان الله عليه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله ! لو اتخذت فراشا أوثر من هذا، فقال يا عمر: ما لي وللدنيا وما للدنيا ولي ؟ والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها ))
للحديث روايات عديدة، بعض هذه الروايات أن سيدنا عمر بكى قال: رسول الله ينام على الحصير ؟ وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير ؟ وهناك إجابات متعددة قال له: يا عمر ! إنما هي نبوة وليست ملكاً، أنا لست ملك إنما هي نبوة، وليست ملكاً.
هناك رواية ثانية: قال يا عمر ! أفي شك أنت من نبوتي ؟ هكذا النبي قدوة.
وهناك رواية ثالثة: يا عمر ! أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا ؟.
اسم "الوارث" أن كل شيء بيدك ليس لك، سيؤول إلى غيرك، وكل شيء على سطح الأرض سيؤول إلى الله وهو:
﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾
علاقة المؤمن باسم الوارث:
أيها الأخوة، الآن علاقة المؤمن بهذا الاسم، أولاً أن يتقي الله في حقوق الإرث والله أيها الأخوة، هناك حديث يقصم الظهر.
(( إن الرجل ليعمل، وإن المرأة لتعمل بطاعة الله ستين عاماً، ثم يحضرهما الموت، فيضران في الوصية، فتجب لهما النار ))
صائم، مطبق لكل العبادات، لكن حرم البنات، كتب هذا المحل العملاق الضخم لابنه، وعنده أربع بنات، توهم أنه إذا أعطى البنات انتقل المال إلى أسر أصهاره، لا، هل أنت مشرع ؟ قضية توزيع الإرث ما سمح الله للنبي أن يوزعها، تولى الله بذاته توزيع الإرث، والله معظم الأسر المسلمة يحرمون البنات، الأخ الأكبر يأخذ وكالة عامة من أخواته البنات، ويتولى الثروة بأكملها، وتحت سمع الأب وبصره.
(( إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت فَيُضَاران في الوصية، فتجب لهما النار ))
فلذلك علاقتك بهذا الاسم"الوارث" أن تتقي الله في الإرث، أن تعطي كلاً حقه ، الابن البار يأخذ كالابن العاق، والعاق كالبار، شأنهما مع الله، لو حرمت العاق لزدته عقوقاً.
لذلك: "الوارث" أن يتقي الله في حقوق الإرث، ولا يظلم أحداً مما فرضه الله بحسب الآيات الكريمة، ولا سيما إذا كانوا إناثاً، المرأة مظلومة فيما يفعله المسلمون من سلوك لا يرضي الله عز وجل.
تطبيقات اسم الوارث:
أيها الأخوة، هذا أهم تطبيق لهذا الاسم، أن تتقي الله فيما تدع من مال، بين بناتك وبين أولادك.
عندنا تطبيق آخر: علاقة المؤمن بهذا الاسم "الوارث" أن تشعر أن الذي بين يديك ليس لك، بل هو صائر إلى غيرك، يدك عليه يد الأمانة، وأنت مستخلف فيه، وعليك أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً، لأن الله ملكك، ما ملكك لينظر ماذا ستفعل.
أيها الأخوة، كنت في الكويت مكتوب على قصر الأمير عبارة رائعة: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك، اجعل هذا شعاراً، لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.
يدك على ما تملك يد الأمانة، الملكية مؤقتة، أنت ممتحن في هذا المال، ممتحن في هذا المنصب، ممتحن في هذا البيت، ممتحن في هذه المركبة، فالخيل مثلاً إما أن يكون نعمة، أو نقمة، أو ستراً.
ستراً: أي أركبت أهلك بها، والنعمة إذا سخرتها للأعمال الصالحة، والنقمة إذا سخرتها لمعصية الله.
الإرث الحقيقي الذي ينبغي أن تتركه لأولادك هو العلم والأدب:
ينبغي أن يوقن المؤمن من أجل أن تتوضح علاقته بهذا الاسم "الوارث" أن الله هو الذي يقسم الأرزاق، وأن الميراث الحقيقي هو ميراث العلم والأخلاق، أكبر شيء تقدمه لأولادك أنك عرفتهم بالله، وحملتهم على طاعته.
والله في هذه البلدة إنسان ترك أموالاً فلكية، صديق المتوفى رأى ابنه بعد أيام سلم عليه، قال: إلى أين أنت ذاهب ؟ هكذا قال والله ! أنا ذاهب لأشرب الخمر على روح أبي، ترك له أموالاً طائلة، لكن ما ترك له علماً، ولا خُلقاً، ولا ديناً، ولا ورعاً.
لذلك هذا المال الذي بين يديك هل تعلم ما مصيره بعد وفاتك ؟ ماذا سيفعل أولادك به ؟ هل عرفتهم بربهم ؟ هل حملتهم على طاعة الله ؟ هل بثثت فيهم الإيمان والورع.
إذاً ينبغي أن تعلم علم اليقين أن الإرث الحقيقي هو العلم والأدب.
لذلك يكتبون على بعض الأبنية في بلدنا: الملك لله، كلمة طيبة، الملك لله.
عطاء الله عز وجل ابتلاء و حرمانه دواء:
حينما تشعر أن يدك على ممتلكاتك يد الأمانة، وأن يدك على مالك يد الأمانة، هذا الشعور يجعلك بنفسية رائعة، نفسية من سيحاسب، هذا المال وضع بين يدك مؤقتاً لينظر الله كيف تفعل، ماذا تفعل بهذا المال ؟.
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
جاء الجواب ردعاً ونفياً:
﴿ كَلَّا ﴾
أي ليس عطائي إكراماً، ولا منعي حرماناً، عطائي ابتلاء وحرماني دواء.
المال موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه:
قلت لكم أيها الأخوة، أنت حينما تعلم أنه ليس نعمة، وليس نقمة، المال موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه، فإذا كان كسبه حلالاً وإنفاقه حلالاً كان المال نعمة، وإذا كان كسبه حراماً وإنفاقه حراماً كان المال نقمة، أية نعمة تتمتع بها، أي حظ من حظوظ الدنيا مكنك الله منه، ليس نعمة، وليس نقمة، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه، الله عز وجل قال:
﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾
أنت مستخلف، أنت خليفة الله في هذا المال، أنت أمين على هذا المال.
﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾
مرة حدثني أخ: رجل عنده مكتبة ضخمة، وفيها كتاب ثمين، صديق حميم رجاه أن يعيره هذا الكتاب لليلة واحد، اعتذر، أقسم بالله صديق هذا الرجل الذي عنده المكتبة رأى الكتاب بعد موته في الحاوية، عندك مكتبة ضخمة لكن ما علمت أولادك، ما ثقفتهم، فهانت عليهم فألقوها في الحاوية، شيء دقيق.
مرة شخص على فراش الموت عنده مكتبة ضخمة جداً، فقال: يا أولادي إياكم أن تعيروا كتاباً منها، قالوا: لِمَ ؟ قال: لأن كل هذه الكتب استعرتها بزماني، ولم أردها لأصحابها، في إنسان يستعير كتاباً لا يرده أبداً.
أحد أكبر أغنياء بريطانيا، كان يقرض الدولة البريطانية، فخزانة المال عبارة عن غرفة، غرفة كبيرة، هو كثير الأسفار، يتناول طعام الإفطار في باريس، العشاء في لندن، رجل ملياردير، فدخل إلى غرفة أمواله، فأغلق الباب خطأ عليه، وبدأ يصيح، إلى أن وافته المنية، فجرح يده وكتب على الحائط أغنى رجل في العالم يموت جوعاً.
هذا المال الذي بين يديك ليس لك، أنت مستخلف عليه والله ناظر كيف تنفقه.
المؤمن في الدنيا والآخرة يرى أن الأمر بيد الله دائماً:
أيها الأخوة، الآية الدقيقة:
﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾
هناك سؤال دقيق: بيد من كانت حتى آلت إلى الله ؟ العلماء قالوا: هي في يد الله دائماً، لكن العوام عوام الناس يرون هذا المال بيد هذا الطاغية، الذي يقبع في بلاد بعيدة ، ويتحكم في مصائر الشعوب، هذه نظرة ساذجة، الأمر بيد الله أولاً وآخراً، ولكن جميع الخلق يوم القيامة يرون أن الأمر بيد الله، في الدنيا يرونه بيد الطغاة لا بيد الله، لذلك يعبدون الطغاة من دون الله، من ضعف الإيمان، من ضعف التوحيد، يتوهم المتوهم أن بيده الأمر، بيده العطاء والأمر، بيده الحرب والسلم، بيده كل شيء، هذا من ضعف الإيمان ، لذلك عامة الناس يرون الأمر في الدنيا بيد الطغاة، لكن يوم القيامة يرون أن الأمر بيد الله، أما المؤمن في الدنيا وفي الآخرة يرى الأمر بيد الله، الآية الكريمة:
﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
المال بيدك، أنا أقسم لكم أن عندي في مكتبتي عشرات الوصايا من أناس أوصوا بأموالهم بالأعمال الصالحة، والله لم تنفذ ولا وصية، لا تكن تحت رحمة الورثة أنفق المال في حياتك، ولا وصية نفذت، والله ترك لهم أربعة أبنية ضنوا عليه بخمسة وعشرين ألفاً صدقة، وعد بدفعها قبل أن يموت فلم ينفذوها، لا تكن تحت رحمة الورثة، أنفق في حياتك ، درهم تنفقه في حياتك خير من ألف درهم ينفق بعد مماتك، وقد لا ينفق.
الإرث الحقيقي إرث العلم و الحكمة:
الآن المعنى الدقيق أن الإرث الحقيقي إرث العلم، الله عز وجل أعطى الملك لمن لا يحب، ولمن يحب، أعطاه لفرعون وهو لا يحبه، أعطاه لسيدنا سليمان وهو يحبه، إذاً الملك ليس مقياساً، أعطى المال لمن لا يحب أعطاه لقارون، أعطاه لمن يحب لسيدنا عثمان، إذاً المال ليس مقياساً، لكن الذي أحبه ماذا أعطاه ؟ قال:
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾
أنا دائماً أذكر هذا المثل: لو أن طفلاً صغيراً، قال لك عقب العيد (أنت صديق والده)، قال لك: معي مبلغ عظيم، أبوه مدرس، يعني معه مبلغ 200 ليرة، عند الطفل مبلغ عظيم، لو قال مسؤول كبير بالبنتاغون: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، نقدره بمئتي مليار دولار، نفس الكلمة قالها طفل فقدرناها بمئتي ليرة، وقالها مسؤول كبير بالبنتاغون فقدرناها بمئتي مليار دولار.
من تعرف إلى الله استقام على أمره و انصاع له:
إذا قال ملك الملوك:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
أنت حينما تجلس بمجلس علم وتتعرف إلى الله عز وجل هذا أكبر عطاء على الإطلاق، لأن هذا العلم ينعكس استقامة، ينعكس عطاءً، ينعكس تواضعاً، ينعكس حباً لله ينعكس انصياعاً لأمره، ينعكس إحساناً لخلقه.
لذلك يقولون عن العلماء هذا وارث محمدي، وارث أي ورث عن النبي صلى الله عليه وسلم العلم والحكمة والعمل.
لذلك ينبغي لكل واحد منا أن يكون وارث محمدي، يرث عن رسول الله العلم والعمل والأدب والأخلاق، لذلك ورد في أحد الأحاديث:
(( وَإِنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دِينارا ولا دِرْهما، وَرَّثُوا العلم، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظّ وَافِر ))
أكبر عطاء أن تتعرف إلى الله عز وجل:
أكاد أقول لكم أيها الأخوة، إن أكبر عطاء على الإطلاق أن تعرف الله.
(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
مرة كنت في مدينة في الشمال أروني قصراً، أنا أتصور الآن ثمنه قريب من خمسمئة مليون، على النمط الصيني، جيء بمهندسين كبار، فيه بذخ، وفيه مواد بناء بأعلى مستوى، الوصف طويل، وصف لي هذا البناء رأيته من الخارج، صاحبه كان طويل القامة، مات في الثانية والأربعين، ولحكمة أرادها الله القبر كان أقصر من قامته، فلما وضع في القبر دفعه الحفار بصدره فصار رأسه هكذا، يعني زاوية قائمة، قلت: سبحان الله ! القصر الذي كان يسكنه الآن قيمته خمسمئة مليون، ماذا أصبح ؟ أصبح بهذا القبر.
فالله عز وجل هو "الوارث"، لا تقول هذا البيت لي، إنسان جاهد حتى اشترى بيتاً فخماً جداً، وأعاده على الهيكل، كساه كسوة على ذوقة، بقي سنتين يشرف على كسوته من الداخل، ولم يسكن فيه ما سمح الله له أن يسكن به، والله
﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾
بطولة المرء إذا حقق نجاحاً في الدنيا أن يكون هذا النجاح مستمراً بعد وفاته:
الآن هناك معنى دقيق جداً: سيدنا زكريا.
﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾
يعني أنت لو تفكر أن عملك الصالح يستمر بعد وفاتك، تهيئ من ينوب عنك ، هذا يسمونه "عمل مؤسساتي"، هناك أعمال عملاقة إذا مات صاحبها انتهت، هذا عمل شخصي صار، إن كنت في دعوة إلى الله، أسست مشروعاً، أسست ميتماً، أسست عملاً خيرياً، إذا نجحت بعملك بطولتك هذا العمل أن يستمر، عن طريق أن تهيئ من ينوب عنك، أن يحل محلك، أن تربي بعض أولادك على متابعة هذا العمل، فاجعل في ذهنك أن بطولة المرء إذا حقق نجاحاً في الدنيا أن يكون هذا النجاح مستمراً.
أعرف أناساً لهم أعمال كبيرة صالحة جداً، هيؤوا أموالاً جمدوها في حياتهم لتكون سبب الإنفاق على مشاريعهم بعد موتهم، البطولة أنك إذا عملت عملاً ينبغي أن يستمر بعد مماتك.
أيها الأخوة، الدعاء النبوي الشهير:
(( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغها به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا ))
يعني إنسان يعيش عمراً يتمتع بسمعه، وبصره، ونطقه، ولسانه، وقوته.
(( واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ))
اسم "الوارث" يجعل يدك على ما تملك يد أمانة:
أخوانا الكرام، اسم "الوارث" يجعل يدك على ما تملك يد أمانة، و قد قيل " أندم الناس من دخل ورثته بماله الجنة ـ له أولاد صالحون، كسبوا هذا المال من أبيهم حلالاً ـ ودخل هو بماله النار ".
هو كسبه حرام، أولاده دخلوا الجنة بهذا المال، وهو دخل النار بهذا المال ، قضية الأموال، وتوزيع الأموال بين الأولاد، والإرث قضايا دقيقة جداً، أذكركم في نهاية هذا اللقاء:
(( إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله ستين عاماً، ثم يضران في الوصية ثم تجب لهما النار ))
هل عندك استعداد أن تلغي كل عملك، صلاتك، صيامك، حجك، زكاتك استقامتك، من أجل أن تحابي ابنك الذكر.،
والله كنت مرة في بلد عربي، اتصلت بي امرأة قالت: نحن تسع بنات، حرمنا أبونا كل شيء، وأعطى ابنه الوحيد، ترك له كل الثروة، عادات جاهلية، ضيق أفق، جهل فاضح، وزع الإرث كما أمر الله عز وجل.